سلسلة منهاج المسلم - (100)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وأذكركم ونفسي بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )، ويقول- وقوله صلى الله عليه وسلم حق دائماً وأبداً- ( إنما العلم بالتعلم ).

فيا من يريد أن يكون عالماً فالطريق أن تتعلم، وتعلمك بأن تسأل أهل العلم!

وقد انتهى بنا الدرس إلى [التطوع أو النفل المطلق] فبعد أن عرفنا سنة الوتر ورغيبة الفجر الآن مع النفل المطلق، والنفل ليس له ساعة معينة ولا وقت محدود، فهيا بنا نتأمل ونحفظ ونعمل أيضاً.

أولاً: فضل التطوع

[أولاً: فضله:] أي: فضيلته ومنزلته وأجره [ لنوافل الصلاة فضل عظيم] نوافل الصلاة فضلها أكثر من نوافل الحج والاعتمار [قال صلى الله عليه وسلم: (ما أذن الله لعبد في شيء أفضل من ركعتين يصليهما)] أي: ما استمع منه محباً له أكثر ممن يصلي ركعتين [(وإن البر -أي: الخير- ليذر فوق رأس العبد ما دام في صلاته)] البر الذي هو الخير يذر فوق رأس العبد ما دام في الصلاة [وقال عليه الصلاة والسلام للذي سأله مرافقته في الجنة: (أعني على نفسك بكثرة السجود)] هذا صحابي سأل النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة، فقال له: (أعني على نفسك بكثرة السجود) أي: بصلاة النوافل؛ ولهذا كانوا يصلون المائة ركعة والمائتين.

وهذه الأحاديث الثلاثة دالة على فضل النوافل.

ثانياً: الحكمة من التطوع

[ثانياً: حكمته: ومن الحكمة في النفل: أنه يجبر الفريضة إن نقصت] فمن حكمة نوافل الصلاة: أنها تجبر الفريضة إذا نقصت [فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم: الصلاة )] أول ما نحاسب عليه الصلاة [( يقول ربنا تعالى للملائكة -وهو أعلم-: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئاً قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ )] يعني: من نافلة [( فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك )].

ثالثاً: وقت التطوع

[ثالثاً: وقته] وقت النوافل غير الراتبة [الليل والنهار كلاهما ظرف للنفل المطلق ما عدا خمسة أوقات فلا نفل فيها وهي:] أي هذه الأوقات [أولاً: من بعد الفجر إلى طلوع الشمس] من بعد صلاة الصبح إلى طلوع الفجر لا نافلة [ ثانياً: من طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح] الوقت الثاني: إذا طلعت الشمس حتى ترتفع قيد رمح، أي: قدر مترين مثلاً [ ثالثاً: عندما يقوم قائم الظهيرة إلى الزوال] تأخذ الشمس في الارتفاع حتى تصل وسط السماء ثم تقف، فإذا وقفت فلا نافلة حتى تميل إلى الغرب، وزوالها هو انحدارها أو ميلها إلى الغرب [رابعاً: من بعد زوال العصر إلى الاصفرار] فمن بعد صلاة العصر إلى الاصفرار، هذا وقت [ خامساً: ومن الاصفرار إلى غروب الشمس] هذا وقت ثانٍ، مثل وقت صلاة الصبح من وقت صلاة الصبح إلى طلوع الشمس ومن طلوعها إلى ارتفاعها قيد رمح، فالعصر كذلك، فالنافلة لا تصح من بعد العصر إلى الاصفرار، فإذا اصفرت الشمس فلا تصح الصلاة حتى تغرب، وقت آخر [وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم لـعمرو بن عبسة وقد سأله عن الصلاة: ( صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع، فإنها تطلع بين قرني شيطان )] ولهذا لا يحسن الصلاة في هذا الوقت [( وحينئذ يسجد لها الكفار )] يعبدونها، فلا نصلي نحن في هذا الوقت [( ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة )] أي: تشهدها الملائكة وتحضرها [( حتى يستقل الظل بالرمح )] أي: لما يقف الظل الذي كان يتصاعد لا تصلى النافلة حتى يميل [( ثم أقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم-أي: يوقد عليها- )] عند ارتفاع الشمس في كبد السماء توقد النار على جهنم [( فإذا أقبل الفيء -أي: الظل- فصل )].

أقول: نحن نشاهد الشمس تطلع من المشرق وقد كانت في الأرض، فتأخذ في الارتفاع والارتفاع حتى الثانية عشرة فتقف، فلا يبقى ارتفاع، فإذا وقفت فمنهي عن الصلاة في هذا الوقت، والسبب هو أن جهنم تسجر في هذا الوقت، فإذا مالت إلى الغرب فصل حينئذٍ؛ لقوله: ( فإذا أقبل الفيء فصل ) فلو أنك جعلت عوداً لتشاهد الظل لرأيته ينتقص وينتقص ثم يقف، فلا يزيد ولا ينقص ما دامت الشمس في كبد السماء، فإذا أخذ في الزيادة وظهر دخل وقت الظهر حينئذٍ [( فإذا أقبل الفيء فصلّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفار )].

إذاً: تكره النافلة في خمسة أوقات، ويبقى لدينا تحية المسجد ففيها خلاف بين أهل العلم، ونحن نقول: الوقت الذي تشتد فيه الكراهة لا صلاة فيه؛ للحديث الصحيح: ( لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها في صلاتكم )، فقبل المغرب بربع أو ثلث ساعة لا تصلى النافلة.

رابعاً: الجلوس في النفل أو التطوع

[رابعاً: الجلوس في النفل] أي: تصليها جالساً [يجوز التنفل من قعود] يجوز للرجل والمرأة الصحيحان القويان القادران أن يصليا النافلة جالسين ولهما نصف الأجر فقط [غير أن للمتنفل القاعد نصف ما للمتنفل القائم من الأجر فقط. وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: ( صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة )] والرجل هنا اسم جنس يدخل فيه الرجل والمرأة: والمراد من الصلاة هنا: النافلة، أما الفريضة فلا تصح من قعود إلا لمريض، والنافلة تصح من جلوس سواء بالليل أو النهار، ولكن الأجر نصف الأجر.

[أولاً: فضله:] أي: فضيلته ومنزلته وأجره [ لنوافل الصلاة فضل عظيم] نوافل الصلاة فضلها أكثر من نوافل الحج والاعتمار [قال صلى الله عليه وسلم: (ما أذن الله لعبد في شيء أفضل من ركعتين يصليهما)] أي: ما استمع منه محباً له أكثر ممن يصلي ركعتين [(وإن البر -أي: الخير- ليذر فوق رأس العبد ما دام في صلاته)] البر الذي هو الخير يذر فوق رأس العبد ما دام في الصلاة [وقال عليه الصلاة والسلام للذي سأله مرافقته في الجنة: (أعني على نفسك بكثرة السجود)] هذا صحابي سأل النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة، فقال له: (أعني على نفسك بكثرة السجود) أي: بصلاة النوافل؛ ولهذا كانوا يصلون المائة ركعة والمائتين.

وهذه الأحاديث الثلاثة دالة على فضل النوافل.

[ثانياً: حكمته: ومن الحكمة في النفل: أنه يجبر الفريضة إن نقصت] فمن حكمة نوافل الصلاة: أنها تجبر الفريضة إذا نقصت [فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم: الصلاة )] أول ما نحاسب عليه الصلاة [( يقول ربنا تعالى للملائكة -وهو أعلم-: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئاً قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ )] يعني: من نافلة [( فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك )].