فتاوى نور على الدرب [716]


الحلقة مفرغة

السؤال: امرأة ذهبت لأداء العمرة في نهاية شهر رمضان، وفي طريقها إلى مكة نزلت عليها قطرات من الدم، فاعتقدت أنها استحاضة ولم تلتفت لذلك، لأن دورتها جاءتها في بداية الشهر، فكانت تتوضأ لكل فرض وتصلي بالمسجد الحرام، وقد أدت العمرة كاملة، وقد لاحظت أن هذه الاستحاضة استمرت لمدة ثمانية أيام، وهي الآن لا تدري ما إذا كانت استحاضة أو دورة شهرية، ماذا تفعل؟ هل هي آثمة في دخولها المسجد الحرام؟ وماذا عليها؟ وما حكم عمرتها هل هي صحيحة مأجورين؟

الجواب: القطرات لا تعتبر حيضاً، لأن الحيض هو الدم السائل، كما يدل على ذلك الاشتقاق، لأن الحيض مأخوذ من قولهم: حاض الوادي إذا سال، وعلى هذا فعمرة هذه السائلة عمرةٌ صحيحة، وبقاؤها في المسجد الحرام إذا كانت تأمن من نزول الدم إلى المسجد جائز لا إثم فيه، وصلاتها صحيحة أيضاً.

السؤال: امرأة تملكت فقط دون دخول الرجل عليها، وقد فسخت الملكة، هل عليها من عدة، علماً بأن زوجها قد رآها وخلا بها وتحدث معها بأحاديث عامة، وكانت أخت الزوج الصغيرة ثمان سنوات تدخل وتخرج من الغرفة، وإذا كان عليها عدة فما مقدارها؟

الجواب: هذه المرأة التي تزوجت وخلا بها الزوج وتحدث إليها تلزمها العدة، هكذا قضى به الصحابة رضي الله عنهم، وعدتها إن كانت تحيض ثلاث حيض، وإن لم تكن تحيض لصغرها أو بلوغها سن اليأس، أو لعملية استئصال الرحم مثلاً، فإن عدتها ثلاثة أشهر؛ لقول الله تبارك وتعالى وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4]، وقد اشتهر عند كثير من العامة أن العدة -أعني عدة الطلاق- ثلاثة أشهر بكل حال، وهذا غلطٌ عظيم، فأصل عدة التي يأتيها الحيض أن تحيض ثلاث مرات ولو طالت المدة، ولنفرض أن المطلقة كانت ترضع، والعادة أن المرضع لا يأتيها الحيض، فبقيت سنة أو سنتين لم يأتها الحيض، فنقول: عدتها إلى أن يأتيها الحيض ثلاث مرات، وكذلك لو كانت امرأة يكون طهرها طويلاً، بحيث يكون بين الحيضتين شهران، فهنا نقول: تنتظر حتى تحيض ثلاثة حيضات ولو زادت على نصف سنة، نعم من لا تحيض لكونها صغيرة، أو لكونها كبيرة آيسة، أو لقطع رحمها أو لغير ذلك من الأسباب التي نعلم أن الحيض لن يعود إليها، فهذه عدتها ثلاثة أشهر.

السؤال: امرأة طلقت طلاقاً رجعياً في الشهر السابع من الحمل، ولم يراجعها الزوج، فأصبح طلاقاً بائناً، ويلزمها عدة إلى حين وضع الحمل، ولم تكن تعلم أن من شروط العدة عدم الخروج من البيت، فما حكم ذلك؟

الجواب: ليس عليها شيء، والمطلقة لها أن تخرج من البيت كغير المطلقة، أما التي لا تخرج من البيت فهي التي توفي عنها زوجها، فالتي توفي عنها زوجها لا تخرج من البيت إلا لحاجة، كمراجعة المستشفى مثلاً، ويكون ذلك في النهار، أما المطلقة فإنها كغيرها ممن لم يطلقن، أي: تخرج من البيت في ليلٍ أو نهار، ولا حرج.

السؤال: امرأة ذهبت إلى مكة لأداء العمرة، وعندما توضأت من الميقات لبست النقاب بدون أن تخرج عينيها لعدم وجود غطاء الوجه، فهل عليها شيء في ذلك؟ وهل عمرتها صحيحة؟ وماذا يلزمها؟

الجواب: نعم. عمرتها صحيحة ولا يلزمها شيء، لأنها مجتهدة، إن أصابت فلها أجران وإن أخطأت فلها أجر، والنقاب إذا لم تخرج العينان بمعنى أنها وضعت بعض الخمار على بعض حتى تغطت عيناها لا بأس به، والمقصود من النهي عن النقاب: النقاب الذي ينتقب على حسب العادة، يغطى الوجه ويفتح للعينين، هذا هو الذي لا يجوز للمحرمة.

السؤال: طالب في إحدى الكليات الشرعية، وله زميلٌ تخلف عن امتحان من الامتحانات بسبب النوم، والنوم ليس بعذرٍ مقبول لدى الكلية، فنصحته بأن يأتي بعذرٍ طبي لكي يختبر ولا يحمل هذه المادة، علماً بأن حملها سيسبب هبوطاً في معدله التراكمي، لا سيما ونحن على مشارف التخرج، ولكن هذا الزميل رفض ذلك رفضاً قاطعاً على اعتبار أن ذلك غش وكذب ومخالفٌ للنظام، وأنا أقنعته بأن يأتي بالعذر، علماً بأن كثيراً من الطلاب يفعلون ذلك من باب أن النوم عذرٌ مقبول، فما حكم الشرع في نظركم في ذلك؟

الجواب: هذا الاقتراح منك اقتراحٌ محرم، ولقد غششت صاحبك وأوقعته في المهالك، لكن بفضل الله أنه لم يقبل منك، وهنيئاً له برفض هذا الاقتراح المحرم، والواجب على الإنسان أن يكون صدوقاً واضحاً صريحاً حتى يبارك له في عمله، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( البيعان بالخيار، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما )، أي: أن البائع والمشتري بالخيار ما داما في المجلس؛ فإن صدقا وبيننا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما، فالواجب على الطلاب أن يكونوا صرحاء، يقولون الحق سواءٌ كان عليهم أو لهم؛ لقول الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [النساء:135]، وإياك أيها الأخ أن تفعل مثل هذا، بل كان من واجبك أن تنهى عنه من أراد أن يفعل ذلك؛ لئلا يقع في الغش والكذب والدجل.

السؤال: ما الحكم الشرعي في نظركم في الغش في الامتحانات؟

الجواب: الظاهر أن هذا لا يحتاج إلى جواب، لأنه ما دام أقر أنه غش، فكيف يسأل عن حكمه؟! وقد علم عند أكثر الناس واشتهر عند أكثر الناس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من غش فليس منا )، وحينئذٍ يكون الغش في الامتحانات محرماً، بل من كبائر الذنوب، لأنه إذا تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فعل فيعني هذا أنه من كبائر الذنوب، لا سيما وأن هذا الغش يترتب عليه أشياء في المستقبل، يترتب عليه الراتب والمرتبة، وغير ذلك مما هو مقرونٌ بالنجاح.

السؤال: ما الحكم إذا صليت إلى القبلة التي توصلت إليها بعد اجتهادي، مع العلم أنني في منزل، ولكن لا أعلم أين القبلة؟

الجواب: إذا فعلت هذا في البر وليس حولك من تسأله فاجتهدت وأخطأت فإن صلاتك صحيحة؛ لأنك فعلت ما تقدر عليه، وقد قال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، وأما إذا كنت في البلد فإنك غير معذور، لأنك إذا جهلت القبلة سألت صاحب البيت أو الجيران، أو ذهبت إلى المسجد لتنظر اتجاهه أو ما أشبه ذلك، المهم أنه يفرق بين البر والبلد، فالبلد يمكن للإنسان أن يسأل فيعرف القبلة، وأما البر فلا يمكن، فإذا اجتهد واتجه إلى جهةٍ معينة يظنها القبلة، فتبين أنها إلى غير القبلة، فصلاته صحيحة.

السؤال: لدي أخٌ لا يصلي إلا قليلاً، وهو عاقٌ لوالديه، كما أنه يشرب الدخان، وهو بذيء اللسان، بالإضافة إلى أعمال أخرى يقوم بها، فما الحكم في هذا الشخص؟ هل لنا أن نجلس معه في المجلس الذي يكون فيه؟ وهل نأكل معه من طبقٍ واحد أم يأخذ حكم تارك الصلاة؟

الجواب: لا يأخذ حكم تارك الصلاة، لأن بينه وبين تارك الصلاة فرقاً، فتارك الصلاة كافرٌ مرتد ليس من المسلمين وهذا مسلم لكنه ناقص الإيمان، فأرى أن تنظروا للمصلحة، إن كان مشاركتكم إياه في الأكل والشرب والجلوس تؤدي إلى رقة قلبه وميوله إليكم فافعلوا، وهذا وإن كان لا يحصل في أول مرة أو ثاني مرة، لكن ما دمنا نعرف أن الرجل له نوع من الميل إلى الاستقامة، فلنجلس معه، ولنتحدث إليه ولنباسطه، أما إذا عرفتم أن الرجل معاندٌ مكابر، وأن هجره في هذه الأحوال يؤدي إلى خفة استكباره، وإلى رجوعه إلى الحق، فافعلوا، أي: جانبوه في الأكل والشرب والجلوس والتحدث.

السؤال: سمعت أن الرسول صلى الله علية وسلم قال: ( من صلى أربع ركعات قبل العصر دخل الجنة )، فهل هذا صحيح؟ وهل تجوز صلاتها بعد أذان العصر وقبل أداء الفريضة؟

الجواب: هذا الحديث فيه مقال، فقد اختلف العلماء فيه، وعلى تقدير صحته فالمعنى أن من صلى أربع ركعات بسلامين بين الأذان والصلاة، والذي أعرف من الحديث أنه بلفظ: ( رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً )، ولا أعرفه بهذا اللفظ الذي ذكره السائل.

السؤال: نحن نجلس يوم الجمعة للاستماع إلى الخطبة من أحد المسجدين الحرم المكي أو الحرم النبوي عبر التلفاز، فإذا انتهت قمنا لصلاة الظهر، هل هذا صحيح؟ وهل يجب علينا مراعاة آداب الخطبة؟

الجواب: أولاً: أين أنتم؟ لا بد أن نسأل: هل هم في مكة مثلاً؟ وهل هم حول مسجد تقام فيه الجمعة فلا يحل لهم أن يصلوا الظهر، يجب أن يحضروا الجمعة، حتى لو كانوا مسافرين وهم في البلد يجب أن يحضروا الجمعة مع الناس، أما إذا كانوا في مكانٍ لا جمعة فيه، مثل أن يكونوا في البر، واستمعوا إلى الخطبة، ثم قاموا فصلوا الظهر فلا حرج، وهذه الخطبة لا يلزمهم استماعها، يعني لهم أن يتحدثوا ولو كان الإمام يخطب، لأن ذلك ليس إمامهم حتى يجب عليهم الإنصات له.

وبهذه المناسبة أقول: لو أن الإنسان في البلد، والبلد فيه جوامع متعددة، وسمع أحد الجوامع يخطب وهو لا يريد أن يصلي معه وإنما يريد أن يصلي في جامع آخر، فإن الكلام والبيع والشراء لا يحرم عليه حينئذٍ، لأن هذا الخطيب ليس الخطيب الذي يريد أن يصلي خلفه، ولو سمع الخطيب الذي يريد أن يصلي خلفه وجب عليه الإمساك عن الكلام وترك البيع والشراء، وإن كان لم يصل إلى المسجد بعد.

مداخلة: وإذا كانت السائلة امرأة؟

الشيخ: وكذلك إذا كانت السائلة امرأة فالمرأة لا تجب عليها الجمعة، سواءٌ كانت في البلد أو خارج البلد.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3902 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3690 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3640 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3493 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3474 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3432 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3431 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3415 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3337 استماع