فتاوى نور على الدرب [713]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل طواف الإفاضة يغني عن طواف القدوم والوداع؟

الجواب: نعم يغني عن طواف القدوم والوداع إذا جعله آخر شيء، لكن في هذه الحال لا نقول: طواف القدوم، لأن طواف القدوم سقط بفعل مناسك الحج، ودليل سقوط طواف القدوم والاكتفاء بطواف الإفاضة حديث عروة بن مضرس رضي الله عنه حين وافى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في صلاة الفجر في مزدلفة، وأخبره أنه قدم من طي، وأنه ما ترك جبلاً إلا وقف عنده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه، وقضى تفثه )، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم طواف القدوم ولا المبيت في منى ليلة التاسع.

وطواف الإفاضة قال العلماء: إذا أخره حتى طاف عند السفر أجزأه عن طواف الوداع.

وهنا يبقى إشكال هل يسعى للحج بعد طواف الإفاضة الذي جعله عند السفر، أو نقول: يسعى أولاً ثم يطوف ثانياً؟

نقول: كل هذا جائز، إن سعى أولاً ثم طاف، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيمن قال له في منى: ( سعيت قبل أن أطوف؟ قال: لا حرج )، وإن طاف أولاً ثم سعى ثانياً فلا حرج أيضاً؛ لأن هذا السعي تابعٌ للطواف فلا يضر الفصل بين الطواف والسفر لهذا السائل.

السؤال: فتاة تبلغ من العمر الثانية والعشرين ولم تتزوج، تقول: لأنني أريد رجلاً صالحاً يحفظ علي ديني، ويساعدني على طاعة الله عز وجل، ولكن والدي أجبرني على الموافقة على رجلٍ يصلي والحمد لله، لكنني غير راضية عليه، وغير مرتاحة إلى الآن، علماً بأنه لم يعقد علي، وأنا في ضيقٍ شديد وحيلتي قليلة، وقد رفضت هذا الرجل لأن فيه بعض المعاصي، وأخاف على نفسي أن أكون عوناً له على ذلك، وأنا مع أهلي متمسكة على ديني كالقابضة على الجمر، لأن أهلي هداهم الله يجاهرون ببعض المعاصي، وحاولت في إقناعهم لكن دون جدوى، وكان لي أمل أن أتزوج من رجلٍ صالح يعينني على الخير وعلى أمور ديني، ويفرج عني كربتي بعد الله عز وجل، لكني فقدت الأمل، ووالدي متسرع لا يتفاهم بصدرٍ رحب، وقلت له: زوج إحدى أخواتي. قال: كلام الناس لا تزوج الصغرى قبل الكبرى، والله المستعان، رغم أنني صليت صلاة الاستخارة عدة مرات، لكن حالي لم يتغير، أرجو النصح والإرشاد التام بما فيه الخير والفائدة، لأنني أقتنع بكلام ورأي فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله؟

الجواب: أشكر السائلة على حسن ظنها بي، وأرجو الله تبارك وتعالى أن أكون عند حسن ظن إخواني بي، ثم إني أهنئها على كونها تتحرى الرجل الصالح الذي يعينها على دينها، ويحفظ كرامتها، وأقول: أبشري بالخير، والله سبحانه وتعالى لن يخيب سائله وراجيه أبداً، فعليها بالإلحاح على الله عز وجل تبارك وتعالى، وهو يحب الملحين بالدعاء، أن تلح على ربها تبارك وتعالى أن يرزقها عاجلاً غير آجل زوجاً صالحاً ذا خلقٍ ودين، ولتنتظر الفرج من الله عز وجل، أما بالنسبة لإلزام والدها أن تتزوج بهذا الخاطب فلها أن ترفض، لأن الأمر أمرها، والذي سيعاني من الزوج هي وليس أباها، والمرأة إذا أجبرت على التزوج من شخص فالنكاح غير صحيح، سواء كان المجبر أباها أم غيره؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( لا تنكح البكر حتى تستأذن )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( البكر يستأذنها أبوها، أو قال: يستأمرها أبوها )، فنص على البكر وعلى الأب، ثم كيف يمكن أن نقول: للإنسان أن يجبر ابنته على أن تتزوج بشخص لا ترضاه، وهو لا يملك أن يجبرها على بيع بيضةٍ من مالها؟! هذا لا يمكن أن تأتي به الشريعة، والحمد لله لم تأتِ به الشريعة، وإن كان بعض العلماء يرى أن للأب أن يجبرها، لكنه قولٌ ضعيف، وما دامت هذه المرأة قد استخارت مرتين ولم ينشرح صدرها لهذا الخاطب فلترفضه، وإنها إذا رفضته لا يجوز لأبيها أن يزوجها أبداً، فإن زوجها وهي مكرهة فقد سلط عليها رجلاً ليس بزوجٍ لها، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن تزوج البكر حتى تستأذن، وقال: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )، أي: مردود، فكيف إذا كان عليه نهي الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ألا فليتق الله امرؤٌ زوج أحداً من بناته مع الإكراه، وليعلم أنه سلط عليها من ليس بزوجٍ شرعاً، وبيننا كتاب الله عز وجل وسنة رسوله، فهذا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلن بالنهي عن تزويج البكر حتى تستأذن، وينص على البكر وعلى الأب، فمن المشرع بعده؟!

ومن المعلوم أن طاعة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم طاعةٌ لله، ومعصية رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم معصيةٌ لله، فليتق الله هؤلاء الآباء، ثم إن من البلاء والبلاء أن بعض الناس لا يراعي مصلحة البنت أو الأخت، أو من له ولايةٌ عليها، إنما يراعي مصلحته الشخصية فقط، أو يراعي عصبيةً بائدة، كالذي يقول لبنته: والله لا تفرحين بالزوج إلا من ابن عمك مثلاً، سبحان الله هل البنت أو الأخت، أو من له ولاية عليها هل هي قطعةٌ من ماله يبيعها على من شاء؟! ألا فليتقوا الله، وليعلموا أن هؤلاء البنات اللاتي أجبرن على الزواج بغير إذنهن، أنهن سيكنَّ خصم هؤلاء الذين زوجوهن يوم القيامة.

السؤال: هل إذا بكى الإنسان نتيجة الضغوط النفسية، هل يعتبر ذلك البكاء منافياً للصبر واعتراضاً على القضاء والقدر؟

الجواب: لا يعتبر اعتراضاً على القضاء والقدر، ولا تسخطاً من القضاء والقدر، لأن هذا أمر تمليه الطبيعة، وليس باختيار الإنسان، ولهذا تجد الرجل يمر بالآية من كتاب الله في وقت فيبكي من خشية الله عز وجل، ويقرأ نفس الآية في وقتٍ آخر لا تحرك له ساكناً، فليس باختيار الإنسان، تجد الإنسان صبوراً حازماً قوياً، فإذا نابته نائبة من الدهر جعل يبكي كأنه صبي، مع أنه لا يحب هذا، فإذا بكى الإنسان لضائقةٍ أصابته فلا لوم عليه في هذا، وليس ذلك اعتراضاً على القدر، وإنما هو أمرٌ طبيعيٌ لا يملك الإنسان منعه ولا جلبه.

السؤال: هل القضاء والقدر بمعنى واحد؟ وما معناهما؟

الجواب: إي نعم، القضاء والقدر بمعنى واحد إذا أفرد أحدهما عن الآخر، فيقال مثلاً: يؤمن بقدر الله أو يؤمن بقضاء الله، وأما إذا جمعا فالقضاء ما كتبه الله في الأزل، والقدر ما قدر الله وجوده، أو بالعكس، يعني أنهما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا.

السؤال: فتاة لها صديقة لم ترها منذ سنوات، وتريد أن تزور هذه الصديقة، هل يجوز لها أن تذهب إليها دون علم والدها، علماً بأن أمي تأذن لي في الذهاب، والذي يذهب بي ويرجع هو أخي، ولكن إذا علم أبي سوف يغضب، هل من الأفضل أن أستأذن الوالد أو أذهب بغير علمه، أفتونا مأجورين؟

الجواب: الذي أرى أن تستأذن من أبيها، لأن أباها أعلم بمصالحها، ولولا أنه يرى أن ذهابها إلى هذه الصديقة فيه مضرة على ابنته ما غضب إذا ذهبت، فلهذا أقول: من بر الوالد أن لا تذهب هذه المرأة إلى صديقتها إلا بإذن والدها.

السؤال: هل الشخص الذي يرفع صوته على والديه في وقت الغضب الشديد، ثم بعد الهدوء من ذلك الغضب يندم على ذلك الفعل أشد الندم، هل يعتبر هذا من عقوق الوالدين؟

الجواب: إذا كان الإنسان لا يملك نفسه حال الغضب حتى رفع صوته على أبيه أو أمه فإنه لا يؤاخذ بهذا، لكن عليه إذا زال الغضب أن يتحلل من والديه، وعلى والديه أن يقدرا هذه الحال، وأن يحللاه لا سيما إذا جاء معتذراً، ولكني أنصح هذا وغيره من أولئك القوم العصبيين أن يتداووا بما وصفه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو:

أولاً: أن لا يغضبوا، وأن يحاولوا منع الغضب، فيفرجوا على أنفسهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له رجل: ( يا رسول الله! أوصني. قال: لا تغضب، فردد مراراً فقال: لا تغضب )، لعلمه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن هذا الرجل كان غضوباً، وإلا لأوصاه بتقوى الله عز وجل التي أوصى الله بها الأولين والآخرين، هذا أولاً: يمنع الغضب أصلاً، ويحاول أن لا يغضب، وأن يكون بارد الطبع.

ثانياً: إن غضب فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، ( فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً غاضباً فقال: إني لأعلم كلمةٌ لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )، وذلك لأن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان فتنتفخ أوداجه، وتحمر عيناه، ويفور.

ثالثاً: إذا كان قائماً فليقعد، وإذا كان قاعداً فليضطجع؛ لأنه بتغيير حاله يبرد الغضب عنه.

رابعاً: أن يتوضأ وضوءه للصلاة الوضوء المعتاد، فيغسل وجهه، ويتمضمض، ويستنشق، ويغسل يديه إلى المرفقين، وما أشبه ذلك، وبهذا يسلم من الغضب.

السؤال: شراء وتجديد أثاث المنزل وأدواته الكهربائية متوسطة الثمن هل يعتبر من الإسراف، علماً أن الذي سوف يشتري ذلك بحاجة إليه؟ وما أمثلة الإسراف وما حدوده؟

الجواب: التجديد نوعان: تجديد ما فسد، فهذا أمر لا بد منه، لو احترقت اللمبة سآتي ببدلها، أو انكسر المفتاح سآتي ببدله، هذا ليس فيه إسراف قطعاً، إلا إذا أتى بشيء لا يقتنيه مثله، بأن أتى بمقبض الباب مثلاً من المقابض الفخمة التي لا يستعملها إلا كبار الناس، وهو من سطة الناس، فإنه مسرف، وضابط الإسراف تجاوز الحد، هذا الضابط، فمتوسط الحال لا يأتي بما يأتي به الغني الكبير أو ما أشبه ذلك، والفقير لا يأتي بما يأتي به متوسط الحال، فإذا أخذت هذا الضابط أن الإسراف تجاوز الحد في المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمراكب عرفت.

فمثلاً لو قدرنا امرأة تريد أن تجعل على ذراعها أكثر من سوار، ومثلها لا يلبس إلا سواراً واحداً، فهذه إذا زادت عن الواحد قلنا: إنها مسرفة، لكن لو أن امرأةً أخرى غنية لبست سوارين أو ثلاثة مما يلبسه مثلها، قلنا: هذا ليس بإسراف، وما يفعله بعض الشباب المساكين تجده لا أقول متوسط الحال، بل هو ضعيف ما عنده مال، ويذهب يشتري سيارة من أفخم السيارات، ويجعل ثمنها ديناً عليه، وهو لا بد أن يكون مضاعفاً أكثر مما لو اشتراها نقداً، فيكون مسرفاً، ويكون ظالماً لنفسه بإلزام الدين على نفسه، كل شيء يؤدي إلى الدين فإنه لا ينبغي إلا للضرورة، وانظر في قصة الرجل التي ذكرها سهل بن سعد رضي الله عنه أخرجها البخاري في صحيحه وغيره، ( أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت: يا رسول الله! إني وهبت نفسي لك -وهذا جائز أن تهب المرأة نفسها للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فكأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرغب فيها، فجلست، فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله! إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا يصدقها؟ قال: أصدقها إزاري -ولم يكن عليه رداء ما عليه إلا إزار- فقال: كيف تصدقها إزارك؟ إن أعطيته إياها بقيت بلا إزار، وإن بقي عليك بقيت بلا صداق، هذا معناه، اذهب فتش هل تجد لها مهراً، قال: ليس عندي شيء. قال: التمس ولو خاتماً من حديد. لم يجد الرجل شيئاً، فقال: هل معك شيء من القرآن؟ قال: نعم. قال: زوجتكها بما معك من القرآن )، يعني علمها ما معك من القرآن، ولم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام: استقرض من أصحابك، اسأل من الزكاة، ما قال هكذا، فدل ذلك على أنه لا ينبغي للإنسان أن يستقرض حتى في مثل هذه المسألة حتى للزواج، فكيف بهؤلاء المساكين يستقرضون لمجرد أن يحصلوا على سيارةٍ أفخم من السيارة التي يعتادها مثلهم.

فنصيحتي لهؤلاء سواءٌ كانوا شباباً أو أكبر من الشباب أن لا يتساهلوا في الدين، وأن يعلموا خطر الدين، فإن الدين خطره عظيم، حتى ( إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن الشهادة هل تكفر يعني الذنوب؟ قال: نعم تكفر الذنوب، فلما ولى الرجل دعاه وقال له -أي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: إلا الدين -يعني فإنها لا تكفره- أخبرني بذلك جبريل آنفاً )، فتأمل فإن الشهادة -أن يقتل الإنسان في سبيل الله- لا تكفر الدين، ( وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا قدم إليه رجل ليصلي عليه سأل هل عليه دين أم لا؟ إن قالوا: لا دين عليه تقدم وصلى، وإن قالوا: عليه دين لم يصلِ عليه ).

( قدم إليه رجلٌ من الأنصار، فلما خطى خطواتٍ ليصلي عليه قال: هل عليه دين؟ قالوا: نعم عليه ديناران. فقال: صلوا على صاحبكم، فتغيرت وجوه القوم، فقام رجل وهو أبو قتادة رضي الله عنه قال: يا رسول الله! الديناران علي. قال: حق الغريم وبرئ منه الميت؟ قال: نعم، فتقدم وصلى )، فلما فتح الله عليه عليه الصلاة والسلام صار يلتزم بالدين على من مات وعليه الدين ويصلي عليه.

قصدي من هذا أن يعرف الناس قدر الدين، وأنه أمرٌ ليس بالهين، فلا يتدين الإنسان إلا للضرورة، حتى لو استقرض من شخص قرضاً فإنه دين، فلا يستقرض إلا عند الحاجة، لكن إذا كان هناك حاجة فلا بأس أن يستقرض، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقرض، وكان يشتري أيضاً بدون قبض الثمن، لكن لحاجة.

السؤال: عند حمل الميت إلى المقبرة يرددون: لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله بصوتٍ جماعي، وفي المساء يجتمعون في بيت الميت ويهللون لا إله إلا الله خمساً وسبعين مرة، بزعمهم أن عملهم هذا يخفف عن الميت الذنوب، فما حكم الشرع في نظركم في عملهم هذا؟ وما هي السنة في ذلك؟

الجواب: هذا من البدع التي ابتدعها مبتدعوها، وقد حذر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من البدع تحذيراً بالغاً حتى قال: ( كل بدعةٍ ضلالة )، فالواجب الكف عن هذا، والميت لا ينتفع بهذا الشيء الذي يعملونه وهو بدعة؛ لأن البدعة ليس فيها أجر، فإذا لم يكن فيها أجر للفاعل فكيف يكون فيها أجر للمفعول له؟!

وكذلك اجتماعهم في بيت الميت، وقولهم: لا إله إلا الله خمساً وسبعين مرة، هذا أيضاً من البدع، هذا من البدع في ذاته، وفي عدده، فعليهم أن ينتهوا.

وأحسن ما يفعل للميت أنه إذا فرغ من دفنه وقف على القبر واستغفر له، وسئل الله عز وجل أن يثبته، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: ( استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل )، فيقف الإنسان عند القبر، ويقول: اللهم اغفر له، اللهم اغفر له، اللهم اغفر له، اللهم ثبته بالقول الثابت، اللهم ثبته بالقول الثابت، اللهم ثبته بالقول الثابت، أو يقتصر على قوله: اللهم ثبته، اللهم ثبته، اللهم ثبته، ثم ينصرف، هذه هي السنة.

السؤال: قرأت في بعض الكتيبات الصغيرة عن نواقض الوضوء، وكان من ضمن نواقض الوضوء النجاسة الفاحشة الخارجة من الجسد، أفيدونا عن معرفة هذا؟

الجواب: مراد القائل بذلك الخارج النجس من البدن، يعني من غير الدبر والقبل، كما لو جرح الإنسان فخرج منه دم، وكان هذا الدم كثيراً، أو تقيأ الإنسان وخرج منه قيء كثير، فإنه نجس ينقض الوضوء، والصحيح أنه لا ينقض الوضوء، لأنه لا دليل على نقض الوضوء، وإذا لم يكن فيه دليل على نقض الوضوء بذلك، فإنه لا يجوز أن نفسد عبادة الخلق بما لا دليل فيه؛ لأن الوضوء ثبت بدليلٍ شرعي، وما ثبت بدليلٍ شرعي فإنه لا يجوز رفعه إلا بدليلٍ شرعي، كيف نجسر على أن نفسد عبادة عباد الله بشيء ليس فيه دليل من الله عز وجل، وسوف يسأله الله عن ذلك يوم القيامة، كل من ادعى مفسداً لأي عبادةٍ من العبادات؛ من صلاة أو صيام أو وضوء أو غيرها بلا دليل، فليستعد للمساءلة يوم القيامة؛ لأنه كما لا يجوز أن نثبت عبادةً إلا بدليل، فلا يجوز أن نفسد عبادة إلا بدليل، فالقول الراجح في هذه المسألة أن الخارج من غير السبيلين لا ينقض الوضوء، الخارج من السبيلين إذا كان دائماً لا يمكن للإنسان دفعه، ولا إمساكه كسلس البول، فإنه لا ينقض الوضوء، يتوضأ الإنسان أول مرة، ثم لا يلزمه إعادة الوضوء إلا إذا وجد ناقضاً غير هذا البول الذي يخرج، قال بهذا طائفةٌ من أهل العلم رحمهم الله، وقال آخرون: بل إنه لا ينقض الوضوء، ولكن عليه أن يتوضأ لوقت كل صلاة.