فتاوى نور على الدرب [220]


الحلقة مفرغة

السؤال: قدمت إلى مكة المكرمة من أجل العمل، وأديت فريضة الحج عن نفسي، وفي السنة الثانية أردت أن أحج عن والدتي المتوفاة، وقد سألت البعض عن كيفية الإحرام، فقالوا لي أن أذهب إلى جدة وأحرم من هناك، وفعلاً ذهبت إلى جدة وأحرمت من هناك وأتممت مناسك الحج فهل حجتي هذه صحيحة؟ أم يلزمني شيء آخر أفعله؟

الجواب: إذا كنت في مكة فإن إحرامك للحج يكون من مكانك الذي أنت فيه في مكة، ولا حاجة إلى أن تخرج إلى جدة ولا إلى غيرها؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت، ثم قال: ( ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة )، وأما إذا كنت تريد أن تحرم بعمرة وأنت في مكة، فإنه لابد أن تخرج إلى أدنى الحل، يعني: إلى خارج حدود الحرم حتى تهل بها، ولهذا لما طلبت عائشة رضي الله عنها من النبي صلى الله عليه وسلم أن تأتي بعمرة، أمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها إلى التنعيم حتى تهل منه.

وعلى هذا فالذي قال لك: لابد أن تخرج إلى جدة لا وجه لقوله، وحجك بكل تقدير صحيح إن شاء الله تعالى، ما دام متمشياً على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأنت مخلص في دين الله ويكون لأمك كما أردت.

السؤال: خرجت من بيتي قاصداً الديار المقدسة لأداء فريضة الحج، وبعد أن قطعت حوالي ستمائة ميل منعت من السفر، وليس بيدي شيء أفعله فرجعت إلى بلدي فهل يلزمني شيء في هذه الحالة؟

الجواب: لا يلزمك شيء في هذه الحال ما دمت لم تتلبس بالإحرام؛ لأن الإنسان إذا لم يتلبس بالإحرام فإن شاء مضى في سبيله وإن شاء رجع إلى أهله، إلا أنه إذا كان الحج فرضاً فإنه يجب عليه أن يبادر به، ولكن إذا حصل مانع كما ذكر السائل فإنه لا شيء عليه، أما إذا كان هذا المانع بعد التلبس بالإحرام، فإن له حكماً آخر، ولكن ظاهر السؤال أنه مُنع قبل أن يتلبس بالإحرام.

مداخلة: نعم مجرد نية العزم على الحج لا يؤثر؟

الشيخ: نعم مجرد النية لا يعتبر ملزماً.

السؤال: هل يجوز للمرأة المحرمة للحج أن تغير ملابسها متى شاءت؟ وهل للإحرام ملابس معينة؟

الجواب: نعم يجوز للمرأة المحرمة أن تغير ثيابها إلى ثياب أخرى سواء كان ذلك لحاجة أم لغير حاجة، لكن بشرط أن تكون الثياب الأخرى ليست ثياب تبرج وجمال أمام الرجال.

وعلى هذا فإذا أرادت أن تغير شيئاً من ثيابها التي أحرمت بها فلا حرج عليها، وليس للإحرام ثياب تخصه بالنسبة للمرأة، فلتلبس ما شاءت إلا أنها لا تلبس النقاب ولا تلبس القفازين، والنقاب معروف: وهو الذي يوضع على الوجه ويكون فيه نقب للعينين، وأما القفازان فهما اللذان يلبسان في اليد ويسميان شراب اليدين، وأما الرجل فإن له لباساً خاصاً في الإحرام وهو الإزار والرداء فلا يلبس القميص ولا السراويل ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف.

السؤال: هل يجوز للمرأة أن تلبس الكفوف والجوارب في الحج؟

الجواب: أما الجوارب فلها أن تلبسها في الحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهَ عنها المرأة، وأما الكفوف -وهما القفازان- فإنها لا تلبسها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى المرأة أن تلبس القفازين في حالة الإحرام.

السؤال: من كان يصوم عشر ذي الحجة، وأراد أن يحج فهل يصومهن أم لا؟ وهل يشترط أن تصام جميع أيام العشر، أو يجوز صيام بعضها لمن أراد التطوع؟

الجواب: صيام عشر ذي الحجة ليس بفرض، فإن شاء الإنسان صامها وإن شاء لم يصمها، وسواء سافر إلى الحج أم بقي في بلده؛ لأن كل صوم يكون تطوعاً فالإنسان فيه مخير، وعلى هذا فإذا كانت في بلدها وتحب أن تصوم فلتصم، ثم إذا سافرت ورأت مشقة في الصوم فإنها لا تصوم؛ لأنه لا ينبغي على من شق عليه الصوم في السفر أن يصوم لا فرضاً ولا نفلاً، ولكن في يوم عرفة لا تصوم؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان مفطراً في يوم عرفة، وقد روي عنه حديث في صحته نظر أنه: ( نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة).

السؤال: ما المراد بالآية الكريمة وهي قوله تعالى: وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:33]؟

الجواب: معنى الآية الكريمة أنه كان أناس في الجاهلية يكرهون فتياتهم -أي: مملوكاتهم من الإماء- على الزنا؛ من أجل الاكتساب من ورائهن، فنهاهم الله عن ذلك، وقال: وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [النور:33] وفي قوله: (أَرَدْنَ تَحَصُّنًا) إظهار اللوم والتوبيخ لهؤلاء الأسياد الذين يكرهون إماءهم على الزنا، فإنه قال: كيف تكون هذه الأمة وهي تريد التحصن ثم تكرهها أنت على الزنا من أجل عرض الدنيا، ففيه من اللوم والتوبيخ ما هو ظاهر، وليس شرطاً في الحكم، بمعنى: أنها لو لم ترد التحصن فلك أن تكرهها لا، ولكن المقصود به إظهار اللوم والتوبيخ لهؤلاء الأسياد بالنسبة لإكراههم فتياتهم على البغاء، وفي قوله: وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:33]، أي: أن من أكرهت على هذا الأمر فإن الله تعالى يغفر لها إذا ثبت الإكراه، ولهذا قال: (فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، فإن المكره لا إثم عليه سواء أكره على قول أو على فعل إذا لم يفعله بعد الإكراه رغبة منه.

مداخلة: إذاً: المغفرة والرحمة هنا عائدة على الفتيات؟

الشيخ: نعم المغفرة والرحمة عائدة على الفتيات.

السؤال: ما هو الدعاء المستحب قوله في سجود التلاوة؟

الجواب: سجود التلاوة يقال فيه ما يقال في سجود الصلاة، تقول: سبحان ربي الأعلى، وتقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، وتقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، وتقول أيضاً ما ذكر في سجود التلاوة: اللهم لك سجدت وبك آمنت وعليك توكلت، سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين، اللهم اكتب لي بها أجراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود، وإن دعا الإنسان بغير ذلك إذا لم يكن حافظاً له فلا حرج.

السؤال: أديت فريضة الحج في عام مضى، ولكن حينما دخلنا الحرم بقصد الطواف والسعي بالعمرة، كان معنا أحد إخواننا ممن سبقونا بأداء الفريضة، وبعد أن بدأنا بالطواف وطفنا أربعة أشواط اعترض طريقنا، وقال: يكفي هذا الطواف فقلت له: الذي أعرف أن الطواف سبعة أشواط قال: الطواف حول الكعبة أربعة أشواط والباقي في المسعى، وفعلاً اتجهنا إلى المسعى وسعينا سبعة أشواط وأكملنا بقية مناسك الحج فما الحكم في عملنا هذا؟ وهل يلزمنا شيء لتصحيحه الآن؟

الجواب: هذه الفتوى التي أفتاكم بها هذا الرجل غلط وخطأ وهو بهذا آثم؛ لأنه قال على الله ما لا يعلم، ولا أدري كيف يجرؤ هذا على مثل هذه الفتيا بدون علم ولا برهان، وعليه أن يتوب إلى الله في هذا الأمر وأن لا يفتي إلا عن علم، إما بإدراكه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إن كان أهلاً لذلك، وإما بتقليده من يثق به من العلماء، أما الفتوى هكذا فلا ينبغي بل لا يجوز أن يفتي بغير علم، لقوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]، وقال سبحانه وبحمده: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36]، وما أكثر الذين يخطئون في الفتوى ولا سيما في الحج، ولكن عليهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل، وأن لا يجرءوا على الفتوى إلا بعلم؛ لأن المفتي يعبر عن حكم الله عز وجل ويقول عن الله وفي دينه، فعليه أن يتقي الله تعالى في نفسه وفي عباد الله وفي دين الله تبارك وتعالى، وكان ينبغي عليكم حين قال لكم: إن أربعة أشواط تكفي، أن لا تعتدوا بقوله وقد كان عندكم شبهة في أنه لابد من سبعة أشواط، ولو أنكم سألتم في ذلك الوقت لأجبتم بالصواب، ولكن مع الأسف أن كثيراً من الناس يتهاون في هذه الأمور، ثم إذا مضى الوقت وانفلت الأمر جاء يسأل.

وأما الجواب عن مسألتكم هذه فإن عمرتكم لم تصح؛ لأنكم لم تكملوا الواجب في طوافها، فيكون حلكم منها في غير محله وإحرامكم بالحج هو إحرام بحج قبل تمام العمرة، وتكونون في هذه الحال قارنين بمعنى أن حكمكم حكم القارن؛ لأنكم أدخلتم الحج على العمرة وإن كان إدخالكم هذا بعد السعي في الطواف، لكن هذا الطواف لم يكن صحيحاً حينما قطعتموه قبل إكماله، فيكون حجكم الآن حج قران بعد أن أردتم التمتع، ويكون الهدي الذي ذبحتموه هدياً عن القران لا عن التمتع ويكون عملكم هذا مجزئاً ومؤدياً لفريضة الحج وفريضة العمرة، وأما ما فعلتموه بعد التحلل من العمرة فإنه لا شيء عليكم فيه؛ لأنكم فعلتموه عن جهل والجاهل لا شيء عليه إذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام، لقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، ولقوله: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5]، إلا أنني ألومكم حيث قصرتم في عدم السؤال في حينه، ولو أنكم سألتم حين أنهيتم عناء العمرة حتى يتبين لكان هذا هو الأوجب عليكم.

السؤال: ما معنى قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الممتحنة:10]؟

الجواب: هذه الآية نزلت بعد صلح الحديبية، وكان من جملة الصلح الذي جرى بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش: أن من جاء من قريش مؤمناً رده النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فأنزل الله هذه الآية استثناءً من ذلك الصلح؛ لأنها إذا جاءت المرأة مؤمنة مهاجرة، فإنها لا ترد إلى الكفار بعد أن تمتحن وتختبر ليتبين صدق هجرتها من زيفها فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10]، هذا بالنسبة للمتزوجات، فإنها لا تحل لزوجها بعد أن أسلمت وهو لا يزال باقياً على الكفر فلا تحل له؛ لأن الكافرة لا تحل للمؤمن وكذلك المؤمنة لا تحل للكافر، إلا أنه يستثنى من الكافرة في حلها للمؤمن إن كانت من أهل كتاب، لقوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [المائدة:5]، وقوله: (وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا) أي: آتوا أزواجهن ما أنفقوا عليهن؛ لأنه خرج بغير اختيار منهم فعوضوا بالنفقة، ثم بين الله عز وجل أنه يحل للمؤمنين أن يتزوجوا هؤلاء النساء اللاتي خرجن مهاجرات من أزواجهن، فقال: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [الممتحنة:10] والمراد بالأجور هنا: الصداق، وسماه الله أجراً؛ لأنه عوض عن استمتاع الرجل بالمرأة فكأنه عوض في الإجارة.

السؤال: لقد نويت الحج والعمرة في عام مضى، وعندما وصلت الميقات أحرمت ولبيت بعمرة؛ لأن الحج بقي عليه خمسة عشر يوماً، وعندما اعتمرت سافرت إلى جدة ومكثت فيها حتى جاء الحج وأحرمت للحج من هناك، وأديت فريضة الحج ولكني لم أُهدِ عن التمتع، وسألت عن ذلك فقيل لي: إن سفرك من مكة إلى جدة يسقط عنك فدية التمتع فهل هذا صحيح أم لا؟ وإذا كان يلزمني شيء بعد هذه المدة فماذا علي أن أفعل؟

الجواب: المتمتع هو الذي يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويحل منها ثم يحرم بالحج من عامه، وهذا يلزمه هدي بنص القرآن، لقوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [البقرة:196]، واختلف أهل العلم: هل يسقط هذا الهدي إذا سافر بين العمرة والحج مسافة قصر أو لا يسقط؟ والصحيح أنه لا يسقط لعدم وجود دليل صحيح يسقطه، والهدي قد ثبت بالتمتع بمقتضى الدليل الشرعي فلا يسقط إلا بمقتضى دليل شرعي آخر، ولكن إذا رجع الإنسان إلى بلده وليس غرضه إسقاط الهدي ثم رجع من بلده فأحرم بالحج فإن الصحيح أنه لا هدي عليه في هذه الحالة؛ لأنه أنشأ سفراً جديداً للحج من بلده فكأنه مفرد، وأما بالنسبة لما جرى منك وقولك: إنه قيل لك: إن سفرك إلى جدة يسقط الهدي، فإن كان قاله لك أحد من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم فلا شيء عليك؛ لأن هذا قد قال به بعض أهل العلم ولعل هذا المفتي ممن يرى ذلك، والعامي فرضه أن يسأل أهل العلم، لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، فإذا سألهم وأفتوه فإن الفتوى إذا كانت خطأً كانت على من أفتاه، أما إذا كان الذي قال لك أنه ليس عليك شيء من عامة الناس الذين لا يفهمون، فإنه لا يجوز لك الاعتماد على قولهم، والواجب عليك أن تسأل أهل العلم، وحينئذٍ -أي: في هذه الحال- يلزمك أن تذبح هدياً عن تمتعك في العام الماضي، تذبحه في مكة وتأكل منه وتهدي وتتصدق.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3916 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3697 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3649 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3503 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3498 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3479 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3445 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3421 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3343 استماع