فتاوى نور على الدرب [700]


الحلقة مفرغة

السؤال: زوجة تبلغ من العمر خمسة وعشرين عاماً، وعندها مجموعة من الأطفال، وتحمد الله أنها متدينة، وتلبس الحجاب الشرعي منذ شهرين بعد أن أصبحت تستمع إلى هذا البرنامج المفيد نورٌ على الدرب، وعرفت من فضيلتكم أن الحجاب الشرعي واجب، وكان السبب في لبس الحجاب هو إرشادكم الكريم وهذا البرنامج الطيب، وزوجها شجعها على لبس الحجاب، ولكنها تواجه بعض الصعوبات والضغوطات من قبل الناس والجيران، حيث يقولون: بأن هذا العمل قلة عقل، وأن الحجاب الشرعي غير واجب، وأنه جاء فقط لنساء الرسول صلى الله عليه وسلم، تقول: حاولت أن أفهمهم أن لبس الحجاب واجب دون جدوى، وأنا أعاني من ذلك، وأشعر أحياناً بأنني ضعفت معهم، ووصلت معهم إلى طريقٍ مسدود، إلى أن قالوا لي: اتركي الحجاب، وأنا حزينة؛ لأنه لا يوجد فيهم إنسان يتكلم كلمة خير، فهل من كلمة لهؤلاء الناس؟

الجواب: أشكر الله سبحانه وتعالى أن جعل هذا البرنامج -نورٌ على الدرب- نافعاً لعباد الله، وهذا ما نريده، وتريده الحكومة السعودية وفقها الله عز وجل، وقد سمعنا الثناء عليه من عدة أناس ممن هم في البلاد وخارج البلاد، ثم إني أهنئ هذه الأخت السائلة التي من الله عليها بالاهتداء في ارتداء الحجاب الشرعي الذي منه تغطية الوجه، بل هو أهمه، وأما ما يحصل لها من الأذية من قولهم: إن هذا جنون، فلا تتعجب من هذا، فقد قيل عن الرسل عليهم الصلاة والسلام مثل هذا وأشد، قال الله عز وجل: كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ [الذاريات:52]، فلتصبر ولتحتسب، ولتعلم أن كل شيءٍ أصابها بسبب تمسكها بدين الله، فإن ذلك رفعةٌ في درجاتها وخيرٌ لها في الدنيا والآخرة، ولا تكن كمن قال الله فيهم: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ [الحج:11].

أما أولئك القوم الذين ينهون عن المعروف، فما أعظم خسارتهم! وهم محادون لله ورسوله، لأن كل من نهى عما أمر الله به ورسوله فهو محادٌ لله ورسوله، وأما قولهم: إن هذا الحجاب خاصٌ بزوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فنقول: إذا كانت نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مأموراتٍ بالحجاب وهن أشد النساء عفة وأبعدهن عن الفتنة، فمن دونهن من باب أولى، وعلى هذا فالاستدلال بذلك صحيح، على أننا لا نسلم أن هذا خاصٌ بنساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإنما حجاب نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حجابٌ خاص، ليس هذا الذي نتكلم عنه.

السؤال: هل من شروط قراءة القرآن التوجه إلى القبلة أم لا؟

الجواب: ليس من شروط قراءة القرآن التوجه إلى القبلة، وليس من شروط قراءة القرآن أن يكون الإنسان على طهر، إلا إذا كان يقرأ من المصحف، فإنه لا يمس المصحف إلا وهو طاهر، فإن أراد أن يمس المصحف وهو ليس بطاهر فليجعل بينه وبين المصحف حائلاً من منديلٍ أو غيره وليقرأ، لكن الجنب لا يحل له أن يقرأ القرآن حتى يغتسل.

السؤال: تقول بأنها تصلي التراويح في رمضان وحدها في المنزل، وتقرأ من المصحف، أي: تمسكه في يدها وتقرأ منه، وتجهر في قراءتها، لأنها لا تخشع إلا عندما تجهر في القراءة، فهل الصلاة صحيحة؟

الجواب: نعم الصلاة صحيحة، ولا حرج عليها أن تجهر في صلاة الليل إذا لم يكن عندها من الرجال من يسمعها، وهم غير محارم لها.

السؤال: والدي كان تاجراً كبيراً، وبحكم الثقة كان الكثير من الناس يضعون عنده الأموال كأمانة، وفجأةً تحول كل شيء إلى النقيض، انقلب الحال، وصار والدي فقيراً، وتوفي أحد الأشخاص الذين يطالبون والدي بالأموال، وأنا متأكدٌ أن له أموالاً عند والدي، وطالب الورثة بالأمانة، ورفض والدي، وتحول الأمر إلى المحكمة، وأصر والدي على عدم وجود أي أمانة تخصه -أي: المتوفى- لعدم وجود إثبات في وقتها، يقول: أنا كنت صغيراً، والآن والحمد لله أنا أعمل بالمملكة، ووضعي ممتاز والحمد لله، وأرغب في دفع ما على والدي، وللأسف لا أعلم بمكان وعنوان هؤلاء الورثة، وأريد أن أبرئ ذمة والدي، فماذا توجهونني؟

الجواب: إذا كنت لا تعلم هؤلاء، ولا تعلم مكانهم، فتصدق بذلك عنهم، والله تبارك وتعالى يعلمهم وسيبلغهم حقهم.

السؤال: في الحج العام الماضي، وفي ليلة المبيت في المزدلفة، قام أحد الشباب خطيباً في المسلمين، وهذه بعض كلماته، قال: أيها المسلمون! لقد توصل العلماء بأن الدخان مبطلٌ للحج، وأنتم الآن في المزدلفة، ومزدلفة حكمها حكم المسجد، والذي يصر على تعاطي الدخان فهو مجرمٌ، وعليه لعنة الله، اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد، ما حكم هذا القول؟

الجواب: أولاً: الخطبة في ليلة المزدلفة ليست مشروعة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخطب في المزدلفة بل صلى المغرب والعشاء، ثم نام إلى أن طلع الفجر.

ثانياً: إن قول هذا: إن شرب الدخان مبطلٌ للحج! خطأ، فليس مبطلاً للحج.

وأما قوله: إن مزدلفة مسجد! فهو خطأ أيضاً، فإن مزدلفة كغيرها من الأراضي، ولو كانت مسجداً لحرم أن يبول بها الإنسان، ولحرم أن يكون بها جنباً إلا بوضوء، ولحرم على الحائض أن تبقى فيها، فهي ليست بمسجد إلا كما نصف بقية الأرض بأنها مسجد.

وأما قوله: عليه لعنة الله! فهذا قولٌ كذب إن أراد به الخبر، ومحرم إن أراد به الدعاء، فنصيحتي لهذا -إن صح ما نقل عنه- أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن لا يتكلم إلا بعلم، وأن لا يضل عباد الله، والدخان لا شك عندنا أنه حرام، ولكن فعل المحرم لا يبطل الحج، ولا يفسد الحج إلا ما ذكره العلماء، وهو الجماع قبل التحلل الأول إذا كان الإنسان عالماً، ذاكراً، وما عدا ذلك حتى محظورات الإحرام لا تبطل الحج.

السؤال: امرأة لديها ثلاثة أولاد، كل واحدٍ منهم في بيتٍ مستقل، وهي تعيش مع أكبرهم، وهو بارٌ بها، ويقوم على توفير سبل المعيشة، ويتكفل بطعامها وعلاجها، أما الثاني والثالث فهم يصرفون عليها فقط، يقومون بالسلام عليها، تقول: وأنا أقوم بإعطاء الكبير الذي أعيش معه أكثر نقوداً، وميلاً منهم، حيث إنه يقوم على رعايتي، ويهتم بي، ويحج بي، ويعتمر بي، فهل علي شيء في ذلك؟

الجواب: أما ميلها إلى الكبير لكونه يحسن إليها، فهذا أمرٌ طبيعي، فإن النفوس ميالةٌ إلى من يحسن إليها، وأما تفضيله بدراهم فهذا لا يجوز، لأن بره وثوابه فالأجر عند الله عز وجل، فلا يحل لها أن تخصه بشيء من المال من أجل بره بها، بل تدعو له بالخير والتوفيق والنجاح في الدنيا والآخرة، وفي هذا كفاية.

السؤال: نحن أصحاب شاحنات نسافر عن بلدنا الذي نسكن فيه، وتبلغ مدة سفرنا من شهر إلى شهرين أو أقل من ذلك داخل المملكة وخارجها، وأكثر ما نتواجد في مدينة الرياض، ونمكث في الرياض مدة من يوم إلى ثلاثة أيام أو أكثر من ذلك، السؤال: هل الأفضل لنا القصر أم الجمع أو عدم ذلك؟

الجواب: على كل حال الإنسان المسافر إذا غادر بلده، فإنه يقصر ويجمع إلى أن يعود، لو بقي سنة أو سنتين، لكن إذا كان في بلدٍ تقام فيه الجماعة وهو يسمع النداء، يجب عليه أن يذهب إلى المسجد، ويصلي مع الناس، وإذا صلى مع الناس سيتم، أما بالنسبة للجمع فعلى المسافر أن يجمع، سواءٌ كان سائراً أم مقيماً، لكن الأفضل أن لا يجمع إلا إذا كان سائراً.

السؤال: عند تواجدنا في الرياض، يبعد عنا المسجد أكثر من كيلو، ويفصل بيننا وبين المسجد طريق سريع، وقد حدثت حوادث في هذا الطريق من أصحاب الشاحنات، هل يجوز لنا أن نصلي جماعة عند سياراتنا أم في المسجد؟

الجواب: ما دام الحال كذلك، أنه يبعد عنكم نحو كيلو، وبينكم وبينه خطٌ سريع، فلا بأس أن تصلوا جماعة في مكانكم، وحينئذٍ تقصرون وتجمعون إذا كان أيسر لكم.

السؤال: امرأة ترتدي عباءة على الكتف، وتكون واسعة جداً، وغير مطرزة، وتضع عليها طرحة كبيرة أيضاً، حيث تكون من أعلى الرأس إلى نصف الظهر، والغطاء أيضاً، هل هذا الحجاب جائز، مع العلم بأن بعض المعلمات يقلن: بأن العباءة التي تكون على الكتف محرمة، ولكنني أرتدي غير مطرزة، وواسعة، هل ذلك حرام؟

الجواب: لا أرى في ذلك حراماً إذا كانت قد سترت وجهها وكفيها، لكنني لا أرى أن ذلك حسن، ما الذي يجعلنا نرجع إلى عباءةٍ ليست هي العباءة المعروفة عندنا؟ لماذا؟!

إن العباءات المعروفة عندنا أفضل من هذه، فنحن الآن عدلنا عن العادة المألوفة، وعدلنا عن الأفضل إلى شيء غير مألوف، وإلى شيء مفضول، ما بالنا نفعل هذا؟!

يدل على ضعف الشخصية، وعلى عدم الاعتزاز بالنفس، فأرجو من أخواتنا في هذه البلاد أن يبقين على ما كان معتاداً من لبس العباءات المعروفة التي تكون على الرأس، فلا تبين مدى طول الرقبة ولا حجم الرقبة ولا حجم الكتفين، وكلما كان لباس المرأة أستر كان أفضل.

السؤال: سافرت عن زوجتي ولي سنة عنها، وأريد أن أزيد عن السنة لظروف البلد، فهل علي إثم لغيابي سنة أو أكثر؟

الجواب: ليس عليك إثم في غيابك سنةً أو أكثر إذا كانت راضيةً بذلك، وكانت آمنة في بلادها، لأن الحق لها، فإذا رضيت بهذا فلا حرج، ومع ذلك فأنا أحبذ أن يجعل الموظف شهراً في السنة يكون إجازة حتى يذهب إلى أهله، ويعرف ما هم عليه من الأمور.