فتاوى نور على الدرب [589]


الحلقة مفرغة

السؤال: شخص بدأ بالسلام ونحن في المسجد، فرد البعض والبعض الآخر لم يرد جهراً، فما حكم هؤلاء الذين ردوا السلام سراً؟

الجواب: لم يبلغني سنة خاصة في أن من دخل المسجد يسلم سلاماً عاماً، لكن وردت السنة بأن من حضر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عليه كما في حديث: ( الرجل الذي دخل إلى المسجد فصلى صلاة لا يطمئن فيها ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فرد عليه السلام، وقال: ارجع فصل فإنك لم تصلِّ )، والحديث مشهور، ويسمى عند العلماء حديث المسيء في صلاته، لكن لو سلم حين دخل المسجد وانتهى إلى الجالسين، فهذا قد يقال: إنه مشروع بناء على العمومات، وفي هذه الحال يجب أن يرد عليه أحد الحاضرين رداً يسمعه؛ لقول الله تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86]، والرد الذي لا يُسمع لا يفيد، ولا تحصل به الكفاية، وعلى هذا فالذين ردوا عليه حصلت بهم الكفاية، فلا حاجة إلى أن يرد الجميع، بل قد نقول: إن رد الجميع غير محبوب؛ لأنه قد يكون بعض الناس يصلي فيشوش عليه الرد من الجميع.

السؤال: ما هي فوائد قراءة آية الكرسي وآخر آية في سورة البقرة عند الخروج من البيت؟

الجواب: ليس في هذا سنة حتى نقول: ما هي الفوائد؟ فلا يسن للإنسان إذا خرج من بيته أن يقرأ آية الكرسي أو الآيتين اللتين في آخر سورة البقرة.

السؤال: شابة معاقة، تقول: انتهيت من المرحلة المتوسطة، وأرغب في العلم الشرعي بأسرع وقت؛ لذلك فإنني أفكر بترك الدراسة؛ وذلك لسببين: الأول: طلب العلم الشرعي، والثاني: لشدة إعاقتي حتى لدرجة أنني أتعب تعباً شديداً في الذهاب إلى المدرسة، وإنني في حيرة من أمري، فالبعض من إخواني يقولون: اتركي الدراسة لترتاحي وتريحي غيرك، والبعض يقول: أكملي لكي تدخلي كلية الشريعة وتحصلين على العلم الشرعي الذي تريديه، فما مشورتكم؟

الجواب: إن مشورتي أن تتفرغي لطلب العلم الشرعي، وهو حاصل والحمد لله اليوم بالاستماع إلى الأشرطة من العلماء الموثوقين في علمهم وأمانتهم، دون أن تكلفي نفسك وتكلفي غيرك، هذا ما أراه، فاستعيني بالله عز وجل، واحرصي على مراجعة العلوم الشرعية من أفواه العلماء بواسطة الهاتف، أو باستماع الأشرطة أو قراءة الرسائل والكتب المفيدة، ونسأل الله تعالى أن يثيبك ويأجرك على ما أصابك، وأن يجعل ذلك رفعة في درجاتك، وتكفيراً لسيئاتك.

السؤال: إنني كثيرة القسم، وقد قرأت في مقرر التوحيد للصف الثالث المتوسط بأن كثرة القسم يؤدي إلى الشرك الذي ينافي كمال التوحيد، فماذا علي؟ فإنني أقسم وفي بعض الأحيان لا أنفذ القسم، وقد كثرت علي الكفارات، فأنا أنسى هل كفرت عن هذا القسم أو لا؟ فما الذي يجب علي في مثل هذه الحالة؟

الجواب: قال الله عز وجل: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89]، وفسرت هذه الآية بأن المراد بذلك: أن لا يكثر الإنسان من الأيمان، ولا شك أن كثرة الأيمان تدل على أن الإنسان لا يهتم بالقسم، مع أن القسم أمر عظيم أوجب الله الكفارة على من لم يتم ما أقسم عليه، وعلى هذا فإننا ننهى هذه السائلة عن كثرة الحلف، ثم نقول: إذا كان كثرة الحلف يجري على اللسان بلا قصد، فإن الإنسان لا يؤاخذ عليه، لا إثماً ولا كفارة؛ وذلك لأنه يجري على اللسان بلا قصد، وقد قال الله عز وجل: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225]، وفي الآية الثانية: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ [المائدة:89]، فدل هذا على أن كثرة اليمين الذي يجري على اللسان بلا قصد مما عفا الله عنه والحمد لله رب العالمين.

وإني أنصح هذه السائلة وغيرها بأن يقرنوا بأيمانهم إن شاء الله -يعني: أن يقول: والله إن شاء الله- حتى يكون ذلك أسهل في حصول مطلوبه، وأسلم من وجوب الكفارة عليه إذا حنث؛ لأن من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فلا حنث عليه، ومن حلف على يمين وقال: إن شاء الله يوشك أن ييسر الله أمره، ودليل هذا قول الله جل وعلا: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الكهف:23-24]، وما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أن نبي الله سليمان بن داود أقسم ليطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل واحدة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله، فقيل له: قل: إن شاء الله، فلم يقل: إن شاء الله ) اعتماداً على ما في نفسه من القوة والعزيمة؛ ولئلا يوجب قوله: إن شاء الله التهاون عن هذا الأمر، حيث يعلم أنه إذا قال: إن شاء الله لا يحنث، ( فطاف على تسعين امرأة، ولكن لم تلد إلا واحدة منهن ولدت شق إنسان )، تبارك الخلاق العليم، ليريه ربه عز وجل أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن الإنسان قد يشاء الشيء ويجزم عليه ولكنه لا يأتيه على ما يريد، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ولو قال: إن شاء الله لم يحنث، ولقاتلوا في سبيل الله )، وهذا يدل على أن الإنسان إذا حلف وقال: إن شاء الله تيسرت أموره.

أما كونه إذا حلف وقال: إن شاء الله فلا يحنث لو خالف ما حلف عليه، فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فلا حنث عليه، أو قال: لم يحنث )، فليعود الإنسان لسانه عند اليمين أن يقول: إن شاء الله، حتى إذا لم يكن الأمر على ما أراد سلم من الكفارة، ولا حرج أن يقولها جهراً كما جهر بيمينه، أو يقولها سراً بحيث لا يسمعه الآخر.

السؤال: كانت لي أمنية أرجو أن تتحقق من الله عز وجل، وقد نذرت لها العديد من النذور لتتحقق، وكنت أذهب إلى مساجد أولياء الله الصالحين وأنذر هناك كذلك، وبعد تحقق هذه الأمنية قمت بالوفاء بما أتذكر من هذه النذور، ولكن كان هناك العديد من النذور نسيتها نظراً لطول المدة على هذه النذور، فهل تسقط هذه النذور التي نسيتها أم ماذا أفعل؟

الجواب: كونها تنذر لله عز وجل ليحصل مقصودها، هذا خطأ عظيم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: ( إنه لا يأتي بخير )، فليس النذر هو الذي يجلب الخير للإنسان، ولا النذر هو الذي يدفع الشر، إذا قضى الله قضاءً فلا مرد له لا بالنذر ولا غيره، ولهذا جاء في حديث آخر: ( أن النذر لا يرد القضاء )، فإن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يظن الظان إذا نذر شيئاً وحصل مقصوده أن هذا من أجل النذر، لأن النذر مكروه منهي عنه، والمكروه لا يكون وسيلة إلى الله عز وجل، وكيف تتوسل إلى الله بما نهى عنه رسول الله؟ هذا فيه مضادة، إنما يتوسل الإنسان إلى الله بما يحب، أي: بما يحبه الله عز وجل حتى يحصل للمتوسل ما يحب.

ثانياً: كونها تذهب إلى مساجد الأولياء والصالحين، أفهم من هذا أن هناك مساجد مبنية على قبور الأولياء والصالحين، وهذه المساجد التي تبنى على قبور الأولياء والصالحين ليست مكان عبادة ولا قربة، والصلاة فيها لا تصح، ويجب أن تهدم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور وقال: ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )، والواجب على ولاة الأمور في البلاد التي فيها مساجد مبنية على القبور أن يهدموها إذا كانوا ناصحين لله ورسوله وكتابه والمسلمين، أما إذا كانت المساجد سابقة على القبور، ودفن الميت في المسجد فإن الواجب نبش قبره وإخراجه؛ لأن المسجد لم يبن على أنه مقبرة، بل بني للصلاة والذكر وقراءة القرآن، فالواجب نبش هذا القبر، وإخراج الميت منه ودفنه مع الناس، ولا يجوز إقرار القبر في المسجد.

فإن قال قائل: كيف تقول هذا وقبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده الآن، والمسجد محيط به من كل جانب، ومازال المسلمون يشاهدون هذا؟

فالجواب: أن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة، وقبر النبي عليه الصلاة والسلام لم يبن عليه المسجد، ولم يدفن الرسول في المسجد، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد، والمسجد لم يبن على قبره؛ لأن المسجد كان قديماً، بناه الرسول عليه الصلاة والسلام من حين قدم المدينة مهاجراً، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقبر فيه، وإنما قبر في بيته في حجرة عائشة رضي الله عنها، ثم لما احتاج المسلمون إلى توسعة المسجد، وسعوه فدخلت فيه بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من جملتها بيت عائشة ، لكنه بيت مستقل لم ينو المسلمون حين وسعوا المسجد أن يكون من المسجد، فهو حجرة في مسجد قائمة قبل بناء المسجد -أعني: الزيادة في المسجد- ثم إنه زيد فيه أن طوق بثلاثة جدران، فهو بناء مستقل سابق على هذه الزيادة، وحين زادوها كانوا يعتقدون أن هذا بناء منفصل عن المسجد متميز بجدرانه، فليس مثل الذي يؤتى بالميت ويدفن في جانب المسجد، أو يبنى المسجد على القبر، وحينئذٍ لا حجة فيه لأصحاب المساجد التي بنيت على القبور، أو التي قبر فيها الأموات إطلاقاً، وما الاحتجاج بهذا إلا شبهة يلقيها أهل الأهواء على البسطاء من الناس؛ ليتخذوا منها وسيلة إلى تبرير مواقفهم في المساجد المبنية على قبورهم، وما أكثر الأمور المتشابهات، بل التي يجعلها ملبسوها متشابهات من أجل أن يضلوا بها عباد الله، هاتان مسألتان مهمتان في الجواب على هذا السؤال.

أما المسألة الثالثة: وهي أنها لا تعلم عدد النذور التي نذرت، فلا يجب عليها إلا ما علمته؛ لأن الأصل براءة الذمة، فما علمته من النذور وجب عليها الوفاء به، وما لم تعلمه فإنه لا يجب عليها؛ لأن الأصل براءة الذمة إلا بيقين، ولكنني أكرر النهي عن النذر، سواء كان نذراً مطلقاً أو معلقاً بشرط، أكرر ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: ( إنه لا يأتي بخير )، هكذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( لا يأتي بخير )، وهو لا يرد قضاءً ولا يرفع بلاءً، وإنما يكلف الإنسان ويلزمه ما ليس بلازم له، وما هو بعافية منه، سواء كان هذا النذر معلق بشرط، مثل أن يقول: إن شفا الله مريضي فلله علي كذا وكذا، أو غير معلق، مثل أن يقول: لله علي نذر أن أصوم من كل شهر عشرة أيام مثلاً، فالبعد البعد عن النذر، نسأل الله السلامة.

السؤال: كنت أقوم بإعطاء الدروس الخصوصية؛ نظراً لأنني مدرسة، وكنت لا أعتقد أنها حرام؛ لأن معظم المدرسين يفعلون ذلك، أما الآن فقد تأكدت بأنها لا تجوز، وندمت على ذلك، ولكن هل المال الذي جمع من هذه الدروس حرام أم لا؟ وما السبيل إلى التوبة؟ وهل تكفي لتطهير المال؟ وإن كان حراماً فكيف أتصرف فيه، خاصة بأن هذا المال وضعت عليه راتبي من الرواتب السابقة مع طول المدة؟ فكيف لي التخلص من ذلك؟

الجواب: من المعلوم أن هذا العمل المحرم ليس محرماً شرعاً في حد ذاته، لكنه محرم لنهي ولاة الأمور عنه، وهذا العوض الذي أخذته السائلة قد أدت مقابله إلى المتعلمين، فهي أعطت عوضاً وأخذت عوضاً، وإذا تبين لها الأمر ثم تابت، فما اكتسبته حلال ولا يلزمها أن تتصدق به؛ لقول الله تبارك وتعالى في المعاملين بالربا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ [البقرة:275]، فلتهنأ بهذا المال الذي اكتسبته، ولتعلم أنه لا شبهة فيه، ولا إثم عليها فيه.

السؤال: كان لزوجي صديق له يعمل سائقاً عند الأثرياء، وكان هذا الرجل الثري يذبح العديد من الذبائح لتوزيعها على الفقراء، فكان هذا السائق يأتي لنا ببعض اللحوم، ويقول بأنه لا يجد من يعطي لهم هذه اللحوم، رغم أن حالتنا المادية ميسرة، فهل هذه اللحوم حرام علينا أم لا؟ وإذا كانت حراماً فماذا يجب علينا مقابل ما أخذناه من اللحوم؟

الجواب: إذا كان هذا المال الذي يتصدق به هذا الغني قد نص على أنه للفقراء، فإنه لا يجوز للغني أن يأخذ منه، لكن لو تصدق به على فقير ثم الفقير تبرع به لغني فلا بأس؛ لأن الفقير لما تصدق به عليه صار ملكاً له يتصرف فيه بما يشاء، أما إذا قال الغني: هذه الذبائح وهذه الأطعمة وهذه الألبسة صدقة، ولم يقل: للفقراء، فإن الغني له أن يأخذ منها، لكنه لا ينبغي أن يأخذ منها، وهناك محتاج لها؛ لأن المحتاج أحق.

السؤال: هل يجوز في صلاة قيام الليل أن أمسك المصحف وأقرأ منه في الصلاة أم لا يجوز؟

الجواب: لا حرج في هذا، فيجوز للإنسان أن يقرأ في الصلاة من المصحف؛ لأنه قد روي عن عائشة رضي الله عنها، ولأن الإنسان محتاج إلى ذلك، ولا فرق في هذا بين الفريضة والنافلة، حتى لو فرض أن الإمام لا يحفظ (ألم تنزيل) السجدة، و(هل أتى على الإنسان)، وأراد أن يقرأ من المصحف في صلاة الفجر يوم الجمعة فلا بأس بهذا، والحركة التي تترتب على ذلك يسيرة، وهي حركة لمصلحة الصلاة أيضاً، لكن نرى أحياناً بعض الناس ولا سيما في صلاة التراويح يأخذ المصحف ليتابع الإمام عن طريق المصحف، وهذا خطأ؛ لأنه يترتب عليه انشغال الفكر والحركة في حمل المصحف ووضعه وتقليب الأوراق، وانسجام الإنسان وراء الحروف والكلمات المكتوبة دون أن يتابع الإمام، ويفوته أيضاً وضع اليدين على الصدر، وتفريج اليدين في الركوع؛ لأنه سوف يضم يديه لأجل إمساك المصحف، لذلك لا ينبغي فعله إلا إذا دعت الحاجة إليه، كما لو كان الإمام غير حافظ فطلب من أحد المأمومين أن يمسك بالمصحف ليرد عليه إذا غلط، فهذا لا بأس به للحاجة، ولكن لا يتعدى واحداً، بل يكفي الواحد لئلا يكثر إمساك المصحف مع الآخرين بدون حاجة.

السؤال: ما حكم ذهاب المرأة إلى طبيب للنساء رجل، نظراً لما عرف عنه من مهارة في تخصصه، أم يجب أن تكون امرأة؟

الجواب: إذا كان هناك طبيبة امرأة فلا تتعدها إلى غيرها من الرجال، وأما إذا لم يكن من النساء طبيبة حاذقة، وخشيت أن تلعب بها هذه الطبيبة، وذهبت إلى طبيب حاذق، فلا بأس، لكن بشرط أن يكون معها محرم؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يخلو بامرأة، لا طبيب ولا غيره.

السؤال: ذهبنا للعمرة في نهاية شهر رمضان الماضي، وأحرمنا من الميقات، ثم توجهنا إلى مدينة جدة لغرض ترك بعض أفراد العائلة هناك، وقبل أن نتوجه لقضاء العمرة وصلنا خبر بوفاة أحد الأقارب لنا بالمنطقة التي قدمنا منها، وعند ذلك لم نتمالك أنفسنا وقمنا بخلع الإحرام والاتجاه فوراً حيث ذهبنا لحضور الدفن والعزاء، لذا نود من فضيلتكم الحكم في ذلك وماذا يجب علينا؟

الجواب: الواقع أن هذا السائل أخطأ خطأً عظيماً، حيث فسخ الإحرام بدون أن يسأل أهل العلم، وقد قال الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، وهذا الرجل فسخ الإحرام بدون ضرورة؛ إذ إنه إذا مات أحد لهم في قريتهم، فهل إذا توجهوا إليه يرجع حياً؟! أبداً لن يرجع حياً، إذاً ما الفائدة؟ والمسألة ساعات، بل دون الساعة، هم سوف يتجهون من جدة إلى مكانهم بل إلى بلادهم مارين بمكة؛ لأنه أتى من المنطقة الجنوبية، والعمرة نقدر أنها استوعبت ساعتين للزحام، فلماذا لا يبقوا على إحرامهم ويمروا بمكة ويطوفوا ويسعوا ويقصروا وهم ماشين؟! فالواجب على هؤلاء أنهم لما بلغهم وفاة قريبهم أو صديقهم أو من يريدون أن يحضروا جنازته، أن يستمروا في نسكهم، وأن يكملوه ويغادروا، وليس إلا طواف وسعي وتقصير.

وأما فسخ العمرة فهم آثمون به، وعليهم الآن أن يلبسوا ثياب الإحرام، وأن يتجنبوا جميع محظورات الإحرام، وأن يذهبوا إلى مكة ويقضوا العمرة طوافاً وسعياً وتقصيراً؛ لأنهم ما زالوا الآن في إحرام، ثم كون هذا السائل يرسل السؤال إلى نور على الدرب غلط أيضاً؛ لأن نور على الدرب عنده من الأسئلة ما لا يحصيه إلا الله، فمتى يأتي دور سؤاله؟! وربما يضيع، فكان من الأوفق والأحسن والأبرأ للذمة أن يسأل أحد العلماء الذين في بلده أو غيرهم حتى ينهي الأمر بسرعة، نحن لا ندري الآن هذا السؤال لا ندري كم مرَّ عليه، وليس فيه ذكر تاريخ، وربما كان أرسله بعد عيد الفطر مباشرة، ولا ندري، ولم يأت الدور عليه إلا الآن، وإني لأرجو أن يكون هذا الرجل الآن قد تخلص من هذه المشكلة، وسأل العلماء وأفتوه بما نرجو الله تعالى أن يقبله.