أرشيف المقالات

ترجي من تشاء منهن و تؤوي إليك من تشاء - مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أبو الهيثم محمد درويش

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} :
من رحمة الله بنبيه صلى الله عليه وسلم ولأن زواجه كان بتشريع من السماء كان الحكم بالرفق بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في القسم بين زوجاته بالتخيير ورفع حرج الوجوب عنه , مراعاة لبشرية الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى لا يكلفه الله ما فوق الطاقة البشرية , وبالرغم من ذلك كان حريصاً عليه الصلاة والسلام على العدل بينهن بل وكان مشفقاً وجلاً من الله ويتجلى ذلك بوضوح في قوله صلى الله عليه وسلم : "اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك".
و طيب الله خاطر زوجاته بكلمات من نور خلدت عبر التاريخ إلى أن يأذن الله برفع القرآن من الأرض قبل يوم القيامة .
قال تعالى :
 {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا }   [الأحزاب51]
قال السعدي في تفسيره:
وهذا أيضًا من توسعة اللّه على رسوله ورحمته به، أن أباح له ترك القسم بين زوجاته، على وجه الوجوب، وأنه إن فعل ذلك، فهو تبرع منه، ومع ذلك، فقد كان صلى اللّه عليه وسلم يجتهد في القسم بينهن في كل شيء، ويقول "اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك" .
فقال هنا: { { تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ } } [أي: تؤخر من أردت من زوجاتك فلا تؤويها إليك، ولا تبيت عندها] { {وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} } أي: تضمها وتبيت عندها.
{ {و} } مع ذلك لا يتعين هذا الأمر { {مَنِ ابْتَغَيْتَ} } أي: أن تؤويها { {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} } والمعنى أن الخيرة بيدك في ذلك كله وقال كثير من المفسرين: إن هذا خاص بالواهبات، له أن يرجي من يشاء، ويؤوي من يشاء، أي: إن شاء قبل من وهبت نفسها له، وإن شاء لم يقبلها، واللّه أعلم.
ثم بين الحكمة في ذلك فقال: { { ذَلِكَ } } أي: التوسعة عليك، وكون الأمر راجعًا إليك وبيدك، وكون ما جاء منك إليهن تبرعًا منك { {أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} } لعلمهن أنك لم تترك واجبًا، ولم تفرط في حق لازم.
{ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} } أي: ما يعرض لها عند أداء الحقوق الواجبة والمستحبة، وعند المزاحمة في الحقوق، فلذلك شرع لك التوسعة يا رسول اللّه، لتطمئن قلوب زوجاتك.
{ {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} } أي: واسع العلم ، كثير الحلم.
ومن علمه، أن شرع لكم ما هو أصلح لأموركم، وأكثر لأجوركم.
ومن حلمه، أن لم يعاقبكم بما صدر منكم، وما أصرت عليه قلوبكم من الشر.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣