فتاوى نور على الدرب [572]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل الذي لا يصلي ومات هل يجوز أن نتصدق عليه؟

الجواب: لا يحل لنا أن نتصدق صدقة للميت الذي لا يصلي؛ وذلك لأنه كافر لا تنفعه الصدقة، ولا يحل لنا أن نفعل ما يكون سبباً للمغفرة والرحمة بالنسبة له؛ لأن هذا من الاعتداء على الله عز وجل، فإن هذا الرجل الذي مات على غير صلاة لا يغفر الله له لكونه كافراً، وقد قال الله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التوبة:113-114] ، وهذا يشمل الاستغفار لهم في حياتهم وبعد مماتهم، وقال الله تبارك وتعالى: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة:84] فلا يحل لنا أن نستغفر لمن مات وهو لا يصلي ولا أن نسأل الله له الرحمة ولا أن نتصدق عنه بل نحن منه برءآء يجب علينا أن نتبرأ منه.

السؤال: يوجد في بلدي أناس يصلون ويصومون ويزكون ويحجون، ولكن في كل ليلة اثنين وليلة جمعة بعد صلاة العشاء يعملون دائرة وهم وقوف وهي ما تسمى بالحضرة ويعملون فيها أربعة أشواط، وبين كل شوط يقوم رجل منهم يمدح الرسول صلى الله عليه وسلم، والشوط الأول يقولون فيه: لا إله إلا الله محمد رسول الله، والشوط الثاني يقولون فيه: الله دائم باقي حي، الثالث يقولون فيه: صل وسلم يا الله على النبي ومن والاه، والرابع يقولون فيه: يا لطيف الطف بنا، فما حكم الإسلام في ذلك مأجورين؟

الجواب: هؤلاء مبتدعون ضالون فيما يحدثونه كل ليلة اثنين وجمعة؛ لأن هذا العمل الذي يقومون به عمل منكر لم يكن عليه الصحابة رضي الله عنهم ولا التابعون لهم بإحسان، وإذا كانوا يعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم يأتي إليهم ويحضرهم كان هذا أشد ضلالاً، وإن اعتقدوا في طوافهم هذا أنهم يطوفون على كعبة فهذا أشد وأنكر؛ لأنه لا طواف إلا على بيت الله الحرام في مكة، والواجب عليهم أن يتوبوا إلى الله تعالى من هذا العمل وأن يأخذوا بما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور )، فقد حذر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن محدثات الأمور أي: ما يحدثه الإنسان يتعبد به لله، ومحدثات الأمور: هي كل عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله عز وجل لم يكن عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء كان ذلك في العقيدة أو في القول أو في العمل وقولي: كل عبادة هذا باعتبار المبتدع حيث يظنها عبادة وإلا فإنها ليست بعبادة؛ لأن البدعة ضلالة والضلالة ليست عبادة.

السؤال: أعيش أنا ووالدي ووالدتي وامرأتي وإخوتي في بيت واحد أحياناً أحضر لزوجتي شيئاً من الأكل دون علم والدي ووالدتي ونأكل دون أن يرانا أحد فما حكم ذلك؟

الجواب: لا حرج عليك أن تخص زوجتك بشيء من الطعام بشرط أن تكون قائما بما يجب عليك نحو عائلتك إي: نحو أبيك وأمك وأخواتك لكن في هذه الحال ينبغي أن يكون ذلك سراً لا يعلمون به لئلا يؤزهم الشيطان فيلقي بينك وبينهم العداوة.

السؤال: أعمل في رعي الأغنام وأحياناً يكون البرد شديدا جداً فأصلي بعض الصلوات في غير أوقاتها كأن أجمع الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء فوجهوني جزاكم الله خيراً؟

الجواب: لا حرج عليك أن تصلي جمعا، فتجمع الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء إذا كان في صلاتك كل صلاة في وقتها حرج عليك لقول ابن عباس رضي الله عنهما: ( جمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر )، قالوا: ما أراد إلى ذلك يعني ما السبب أنه فعل هذا قال: أراد ألا يحرج أمته فيؤخذ من هذا الحديث أن كل ما فيه حرج على الإنسان فإنه يجوز أن يجمع من أجله بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء، فإذا كان البرد شديداً ويشق عليكم أيها الرعاة أن تتوضئوا لكل صلاة فاجمعوا بين الظهر والعصر إما جمع تقديم أو جمع تأخير حسب الأيسر، واجمعوا بين المغرب والعشاء إما جمع تقديم وإما جمع تأخير حسب الأيسر، ولا حرج عليكم في هذا بل هذا مما يحبه الله عز وجل؛ لأنه لكرمه وفضله يحب أن يأتي عباده ما رخص لهم فيه.

السؤال: ما حكم من يتشاجر مع والده كلما رآه ينتهك حدود الله أو يستهزئ بأمور الدين ولكنه بار به ويكفيه جميع ما يعينه فنرجو منكم الإفادة؟

الجواب: أقول: إن كونه يعتب على أبيه ما يحصل منه من المعاصي التي ربما تؤدي إلى الكفر كسب الدين فإنه من بره بوالده؛ لأنه أمر بمعروف ونهي عن منكر، وأحق الناس أن تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر هو أبوك وأمك؛ لأنهم أقرب الناس إليك، ولأنك بضعة منهم، وقد كان الرسل عليهم الصلاة والسلام يتكلمون مع آبائهم في ترك المنكر وفعل المعروف، لكن ينبغي أن يكون بالأسلوب الحسن الذي لا ينجرح به قلب واحد منهم، واستمع إلى المحاورة التي جرت بين إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام وبين والده في سورة مريم حيث قال: إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شيئاً * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا [مريم:42-45] إلى آخر القصة تجد كلاما ليناً من إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأبيه، فأنت بالنسبة لأبيك إذا أردت أن تنصحه عما كان عليه من المعاصي فليكن ذلك باحترام ورفق ولين؛ لأن الأب يرى أن له حقاً عليك وأنه أكبر منك وهو فعلاً أكبر منك وله حق عليك حتى أن الله تعالى قال: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا [لقمان:15] يعني: إن بذلا جهداً على أن تشرك بالله فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا، وقال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا [الإسراء:23] فأنت لا تلام إذا نصحت والدك لكن ليكن ذلك بالرفق واللين حتى يحصل المقصود، وليس هذا من العقوق بل هذا من البر فإن أعظم هدية يهديها الإنسان إلى أبيه وأمه أن يأمرهما بالمعروف وينهاهم عن المنكر ولكن بأدب واحترام.

السؤال: تنازعت أنا ورجل وتحاكمنا بالمحكمة وطُلب منه اليمين فحلف اليمين وهو كاذب فما حساب من يحلف على القرآن وهو كاذب؟

الجواب: إذا حلف الإنسان في الدعوى على أمر هو كاذب فيه فإن ذلك هو اليمين الغموس، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من حلف على يمين هو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان، وسميت غموساً لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ثم تغمسه في النار، وسواء حلف على المصحف أو بدون ذلك، مع أن الحلف على المصحف أمر لم يكن معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيما نعلم، لكن بعض الناس يتخذون ذلك من باب التأكيد والتخويف، وعلى كل حال فكل من ادعى دعوى ليست له أو أنكر شيئاً هو عليه وحلف على ذلك وهو كاذب فإن جزاءه هذا الجزاء الذي سمعت وهو أنه يلقى الله تعالى وهو عليه غضبان، أعاذنا الله وإخواننا المسلمين من غضبه وعقابه.

السؤال: في حديث تحريم إسبال الثوب إلا لغير الخيلاء ما المقصود بالخيلاء؟

الجواب: أولاً قول السائل تحريم إسبال الثوب إلا لغير الخيلاء هذا غلط، فإن إسبال الثوب محرم سواء كان لخيلاء أو لغير خيلاء، لكن إن كان للخيلاء فإن وعيده شديد جداً قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب )، وهذا وعيد عظيم، وأما الإسبال بدون خيلاء فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ما أسفل من الكعبين ففي النار ) فهو يعذب بالنار عذاباً جزئياً على قدر ما حصل منه من المعصية والفرق بين الوعيدين عظيم، فيكون قول السائل: إذا لم يكن خيلاء يكون غلطاً بل نقول: إنه إذا أسبل فقد أتى منكراً وكبيرة من كبائر الذنوب لكن تختلف العقوبة فيما إذا كان ذلك خيلاء أو غير خيلاء، والخيلاء معناه: التكبر والتعاظم، أن الإنسان يفعل ذلك تكبراً وتعاظماً وفخراً وما أشبه ذلك من المعاني.

السؤال: البائع الذي يخطئ في الحساب قد يعطي للزبون بالزيادة وبالأقل وبدون قصد هل يدفع الخسارة ويأخذ الزيادة نرجو بهذا إفادة؟

الجواب: نعم يجب على البائع إذا علم بأن المشتري أعطاه أكثر مما له يجب عليه أن يرده إليه إن علمه، فإن كان قد مات رده إلى ورثته، فإن لم يعلمه وأيس من رجوعه فإنه يتصدق به عنه، وأما إذا تبين أن المشتري أعطاه أنقص مما له فله أن يبحث عن هذا المشتري ويطالبه بالناقص لكن هل يقبل أو لا يقبل هذا أمر يرجع على المحكمة.

السؤال: من لحق بصلاة العشاء في جماعة في الركعة الثالثة فصلى معهم ركعتين الثالثة والرابعة فهل يتم الصلاة بقراءة سرية أم بجهرية؟

الجواب: يتم الصلاة بقراءة سرية؛ وذلك لأن القول الراجح أن ما يقضيه المسبوق هو آخر صلاته وليس أولها لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا )، وعلى هذا سيكون ما أدركه المسبوق أول صلاته وما يقضيه آخر صلاته يقتصر فيه على الفاتحة ويقرأ قراءة سرية إلا إذا كان لم يدرك من الرباعية إلا ركعة فإنه في الركعة الأولى من الركعات التي يقضيها يقرأ الفاتحة وسورة معها.

السؤال: أعمل حارساً في شركة لذلك لا أستطيع أن أصلي الأوقات في جماعة بالمسجد حيث إنني لا أستطيع ترك مكان الحراسة؛ لأنه لا يوجد أحد معي، ولا أذهب للمسجد إلا يوم الجمعة مع أنني أبقى طول الخطبة مشغول على الأشياء التي أقوم بحراستها خوفا عليها من السرقة؛ لأن هذه الأشياء أمانة في عنقي ولكنني أقوم بالصلاة بمجرد سماع الآذان للأوقات في غير يوم الجمعة بمكان الحراسة، وجهوني بسؤالي هذا مأجورين؟

الجواب: لا حرج عليك أن تبقى في مكان الحراسة ولو لم تدرك صلاة الجماعة؛ لأنك معذور، وأما الجمعة فقد ذكر في سؤاله أنه يحضرها وهذا من تسهيل الله عز وجل له.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3904 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3691 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3641 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3498 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3494 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3476 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3435 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3435 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3417 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3338 استماع