خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [561]
الحلقة مفرغة
السؤال: لقد تركت والدي ووالدتي منذ زمن، وذلك للأسباب التالية؛ أولاً -وهو المهم- لأن إخواني جميعهم شباب بالغين، ولكنهم لا يصلون، وكل أمور اللهو المفسدة عندهم موجودة، وقد نصحهم أبي وأمي ونصحت لهم أنا ولكن لا فائدة من ذلك، ثانياً: إنني أريد أن أتزوج إن شاء الله قريباً، والبيت صغير جداً، يقولون كما تعلمون: لا يجوز أن تكشف زوجتي لإخواني، هل أنا آثم حين تركت والدي ووالدتي؟ وإذا كنت آثماً ماذا علي أن أفعل؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: قبل الإجابة على هذا السؤال أوجه نصيحة إلى إخوان السائل، الذين وصفهم بأنهم لا يصلون، وأن جميع آلات اللهو الفاسدة عندهم، أقول لهم: هداهم الله، إنكم لم تخلقوا في هذه الدنيا عبثاً تتمتعون كما تتمتع الأنعام، وإنما خلقتم لعبادة الله سبحانه وتعالى، وأجل العبادات بعد التوحيد والشهادة بالرسالة الصلاة، فإنها عمود الإسلام، ومن أقامها وحفظها حفظ الله عليه دينه، وكانت سبباً في حفظه من الفحشاء والمنكر، لقول الله تبارك وتعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45]، وإضاعتها من أسباب الغي والهلاك والشقاء، وإضاعتها كفر مخرج من الملة على القول الراجح من أقوال أهل العلم، لدلالة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، وإضاعتها سبب لضيق النفس وضيق الصدر وضيق الرزق، ولهذا قال الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132]، وإضاعتها سبب لإضاعة غيرها من العبادات؛ لأن من أضاع صلاته مع أهميتها وخفتها وقلتها، فهو لما سواها أضيع، وإضاعتها بتركها بالكلية سبب لرد الأعمال الصالحة سواها، وذلك أن الكافر لا يقبل له عمل صالح حتى يؤمن، فلو قدر أن هذا الرجل التارك للصلاة صام أو تصدق أو حج أو اعتمر، فإن صيامه وصدقته وحجه وعمرته لا تقبل منه، لقول الله تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة:54]، فأقول لهؤلاء الذين ذكر عنهم أخوهم ما ذكر: اتقوا الله في أنفسكم، واتقوا الله في أمكم وأبيكم وأخيكم، اتقوا الله في مجتمعكم؛ لأن معاصيكم قد تكون شؤماً على المجتمع كله، لقول الله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال:25].
ثم بعد ذلك أقول للسائل: إذا كان لا يمكنك تغيير المنكر في البيت، ولا التخلص منه، بحيث يكون البيت صغيراً ولا يمكنك أن تنفرد بحجرة أو غرفة، فإن الواجب عليك أن تخرج من البيت، سواء تزوجت أم لم تتزوج، وأما إذا كان بقاؤك في البيت يمكنك أن تتخلص من المنكر، ويكون بقاؤك تخفيفاً وتوسعة لصدر أبيك وأمك فابق في البيت، وخفف المنكر ما استطعت، وربما يكون في مداومة نصيحتك لإخوانك ما يزول به المنكر.
السؤال: يقوم بعض التجار بشراء الثمار قبل النضوج لمدة عام أو عامين، فهل هذا جائز؟
الجواب: شراء الثمار قبل نضوجها بعام أو عامين، ينقسم إلى قسمين:
الأول: أن يشتري موصوفاً في ذمة البائع، بأن يشتري منه مائة صاع من البر، تحل بعد سنة أو سنتين، بثمن مقبوض في مجلس العقد، فهذا جائز، وهذا هو السلم الذي كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلونه في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ( كان الناس يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من أسلف في شيء فليسلف كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ).
والثاني: أن يشتري ثمر هذا النخل بعينه لمدة سنة أو سنتين فهذا حرام ولا يجوز، لأنه بيع معدوم ومجهول، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أنه نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها )، نهى البائع والمبتاع، فهذا هو حكم هذه المسألة.
السؤال: يوجد في بعض القرى إذا توفي أحد يقوم أهل المتوفى بتوزيع صدقة على المقابر عبارة عن خبز أو فواكه، ولكن أحد الأئمة منعهم من ذلك، وقال لهم: الأفضل أن توزعوا ذلك في المسجد فهل هذا جائز؟
الجواب: كل هذا بدعة، أعني الصدقة على الميت حين موته من البدع، سواء تصدق بها في المقبرة على الفقراء الموجودين هناك، أو في المسجد، وإنما قلت بدعة؛ لأن الصدقة قربة إلى الله عز وجل، والقربة إلى الله عبادة، والعبادة لا يمكن للإنسان أن يقوم بها إلا بإذن من الشرع، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يتصدق عن الميت حين موته، ولا عن الصحابة فيما أعلم لا في المسجد ولا في المقبرة ولا في بيت المتوفى، ونحن إنما أمرنا باتباع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومنهج السلف الصالح، قال الله تبارك وتعالى: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ [الأعراف:3]، وقال الله تبارك وتعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام:153]، وقال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ [الأعراف:158]، وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31]، وليست الشريعة والقربة إلى الله تعالى تكون بالذوق والهوى، وإنما تكون بالشريعة الإسلامية التي جاء بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلى هذا فنصيحتي لمن اعتادوا ذلك، أي: الصدقة عن الميت حين موته في المقبرة أو في المسجد، أن يدعوا هذا، وأن يبدلوه بالدعاء للميت في الصلاة عليه في المسجد، وفي الدعاء له بعد دفنه، فقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا فرغ الناس من دفن الميت وقف عليه وقال: ( استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ).
السؤال: نحن نقيم على بعد أربعين كيلو عن الحرم، ويوجد بعض العمال يقدمون لنا الحمام الموجود في المنطقة للأكل، وبعض الناس يقولون بأن هذا الحمام تابع للحرم، هل أكل هذا الحمام حلال أم حرام، أفيدونا مأجورين؟
الجواب: ما دمتم تبعدون عن حدود الحرم أربعين كيلو فإنكم في مكان الحلال، وصيد مكان الحلال حلال، وعلى هذا فما يقدمه العمال لكم من هذا الحمام يكون حلالاً؛ لأنه لم يصد في الحرم، نعم، لو قال لك العامل أنه صاده في الحرم فإنه حرام عليك وعلى العامل أيضاً، وينبغي درءاً للشبهة وطرداً للشك، ينبغي أن تخبروا العمال بأنه لا يجوز الصيد داخل حدود الحرم، حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم.
السؤال: يقوم بعض الحجاج الذين قدموا من مصر لأداء فريضة الحج بالمبيت في مكة أيام التشريق، وتوكيل أحد الأقارب للرجم مكانهم، فهل هذا جائز أفيدونا جزاكم الله خيرا؟
الجواب: رمي الجمرات من أعمال الحج، وهو من واجبات الحج، فلا يجوز لأحد أن يوكل من يرمي عنه، كما لا يجوز له أن يوكل من يطوف عنه، أو يسعى عنه، أو يقف بعرفة عنه، أو يبيت في مزدلفة عنه؛ لأن الله تعالى قال: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، وإتمام الحج والعمرة أن يأتي بجميع أفعالهما وأقوالهما، وجوباً في الواجب، وندباً في المستحب، نعم، لو فرض أن الإنسان لا يستطيع الوصول إلى الجمرات لمرض أو غيره، فله أن ينيب من يرمي عنه؛ لأنه ورد عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يرمون عن الصغار، ولولا أنه ورد عن الصحابة أنهم يرمون عن الصغار، لقلنا أن من عجز عن الرمي فليس عليه شيء؛ لأن الواجبات تسقط بالعجز، لكن لما كان الصحابة يرمون عن الصغار، قلنا: أن من عجز عن الرمي فإنه يوكل من يرمي عنه، لكن لو قال: أنا قادر إلا إني أخشى من الزحام، قلنا له: أجِّل الرمي إلى وقت لا يكون فيه الزحام، فإذا قدرنا أن الزحام يشتد في رمي الجمرات الثلاث بعد الزوال وبعد العصر، فليؤجله إلى الليل؛ لأن الرمي بالليل جائز ولاسيما عند الحاجة.
السؤال: فتاة مخطوبة لولد عمها، تقول: ولكن عمي أبو الولد غير موافق لزواج ابنه مني، ولكن ابنه مصر على ذلك، فهل يجوز له أن يعصي والده رغم أن والده يحلف ويقول: إنها تحرم عليك، إنها تحرم عليك، فهل يجوز لها هي أن توافق على الزواج من هذا الولد؟
الجواب: أقول أولاً: أني أوجه نصيحة لهذا العم الذي يحاول منع ابنه من أن يتزوج بامرأة يرغبها، إنه ليس له الحق في أن يمنع ابنه مما يريد، إلا أن يرى مانعاً شرعياً يقتضي أن يمنعه، فهذا فيه نظر آخر، وقد يسلط بعض الناس على أبناءه، فيلزمهم أن يتزوجوا من بنات أخيه أو من بنات قبيلته، ويحول بينه وبين من يرغب من النساء الأخريات، وهذا خطأ وغلط، فكأنما أنه ليس من حقه أن يجبره على أكل طعام معين لا يشتهيه، فليس من حقه أن يضطره إلى أن يتزوج من امرأة لا يريد الزواج منها، وليتصور هذا العم أنه هو الذي يريد أن يتزوج، وأبوه يمنعه من أن يتزوج من يريدها، كيف تكون حاله وكيف تكون نفسه، كما أن بعض الناس -بعض الآباء أو الأمهات- يحاول إجبار ابنه أن يطلق امرأته وهو يريدها، فإن هذا حرام عليهم، وهم في ذلك متشبهون بمن قال الله عنهم: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة:102]، ولا يلزم الابن طاعة أبيه أو أمه إذا أمره أن يطلق امرأته، إلا أن يكون هناك سبب شرعي فهذا ينظر فيه، وقد سأل أحد الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عن هذه المسألة، وقال: إن أباه يقول: طلق امرأتك، فقال أحمد : لا تطلقها، قال: أرأيت حديث عمر أنه أمر ابنه أن يطلق امرأته، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلقها، فقال له الإمام أحمد : وهل أبوك عمر ؟! مشيراً رحمه الله إلى الفرق بين أمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأمر غيره، لأن عمر لا يمكن أن يأمر ابنه أن يطلق امرأته إلا لسبب شرعي، أما غيره فقد يكون كذلك وقد يكون بينه وبين امرأة ابنه شيء في النفوس، وقد يكون ذلك غيرة إذا رأى ابنه يحبها، فالمهم أنه لا يلزم الإنسان أن يطلق امرأته إذا أمره أبوه أو أمه بطلاقها، إلا أن يكون هناك سبب شرعي فينظر فيه، كما أنه لا يلزمه أن يطيع والده أو أمه في أن يتزوج امرأة وهو لا يريد الزواج منها، وكذلك أيضاً ليس له الحق أن يمنعه من أن يتزوج امرأة يريدها، إلا أن يكون هناك سبب شرعي فينظر فيه، وبناء على هذا فإني أقول للسائل: تزوج هذه المرأة التي تريدها، وإن منعك أبوك منها؛ لأنه لا حق له في ذلك.
السؤال: عندما يتذكر الإمام الذي شرع في الصلاة بأنه على غير وضوء أو متطهر من الحدث الأصغر، فماذا يفعل جزاكم الله خيرا؟
الجواب: إذا تذكر الإمام أنه ليس على وضوء فإنه لا يحل له أن يستمر في صلاته، بل عليه أن يخرج منها، ثم يقول لمن خلفه: يا فلان! أتم بهم الصلاة، فإن أنصرف من صلاته ولم يقل لأحد أتم بهم الصلاة، فلهم أن يقدموا واحداً منهم ليتم بهم الصلاة، أو أن يتموا فرادى كل يصلي لنفسه، ولا تبطل صلاة المأمومين بذلك على القول الراجح، وكذلك لو أحدث في أثناء الصلاة، فإنه لا يحل له أن يستمر في صلاته، بل عليه أن ينصرف، ثم يقول لمن خلفه أتم بهم الصلاة، فإن لم يقل فلهم أن يقدموا من يتم بهم الصلاة منهم، أو أن يتموا فرادى كل يصلي لنفسه.
السؤال: هل التفكير بالذنب أو المعصية دون عملها يعتبر ذنباً أو محرماً؟
الجواب: التفكير في المعصية لا يعتبر ذنباً ولا محرماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم )، لكن إذا هم به وعزم على أن يفعل ثم راجع نفسه، وخاف الله عز وجل وتركه، ترك المعصية التي هم بها فإنه يكتب له بذلك حسنة كاملة، كما ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أن الله تعالى يكتبها حسنة كاملة ويقول: إنما تركها من جرائي )، أي: من أجلي، ولكن ينبغي للإنسان من حين أن يفكر في المعصية، ينبغي له أن يحبس نفسه عن هذا التفكير؛ لأن هذا التفكير ربما نما وزاد حتى صار هما، ثم عزماً، ثم فعلاً، إلا من عصم الله عز وجل.
السؤال: ما حكم الصلاة بالثوب الطويل، هل تبطل الصلاة أم لا؟ علماً بأن كثيراً من الناس يصلون بثياب طويلة، ويتجاهلون حكم لبس الثوب الطويل فيما أسفل الكعبين، جزاكم الله خيرا؟
الجواب: هذا السؤال يقتضي الجواب عليه أن نتكلم على مسألتين؛ المسألة الأولى: إطالة الثوب أو السروال أو المشلح حتى ينزل عن الكعبين، فنقول: هذه الإطالة من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( ما أسفل من الكعبين ففي النار )، ولا وعيد إلا على معصية من الكبائر، ولا فرق بين أن ينزل عن الكعبين خيلاء وتيهاً، أو رغبة بدون خيلاء، وقد ظن بعض الناس أن هذا الوعيد لا يكون إلا إذا كان خيلاء، وقال: أنا لم أصنعه خيلاء ولكن رغبة في ذلك، وهذا ظن خطأ، فإن الوعيد في الخيلاء أشد وأعظم من الوعيد على من نزل ثوبه أو سرواله أو مشلحه عن الكعبين؛ لأن الوعيد على الخيلاء: ( ألا يكلمه الله يوم القيامة، ولا ينظر إليه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم )، كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، قالوا: خابوا وخسروا يا رسول الله من هم؟ قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب )، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه )، فلما اختلف العقاب امتنع أن يلحق أحدهما بالآخر، لأنه لو ألحق أحدهما بالآخر لزم من ذلك تكذيب أحد الخبرين بالثاني؛ لأنه إذا كان العمل واحداً لم تختلف عقوبته.
على كل حال أقول لهؤلاء الذين ابتلوا بتنزيل ثيابهم أو سراويلهم أو مشالحهم إلى أسفل من الكعبين: اتقوا الله في أنفسكم، واعلموا أن ما قاله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو حق، وأنكم إذا فعلتم أسبابه وموجباته فقد تعرضتم له، وظلمتم أنفسكم.
أما بالنسبة للصلاة فقد اختلف العلماء رحمهم الله فيمن صلى في ثوب محرم عليه، هل تصح صلاته أو لا تصح، فمنهم من قال: إن الصلاة صحيحة، لأن النهي عن لبس الثوب المحرم عام لا يختص بالصلاة، والنهي العام الذي يتناول ما إذا كان الإنسان في عبادة أو غير عبادة لا يبطل العبادة، ولهذا لا تبطل الغيبة الصيام مع أنها محرمة في الصيام وغيره حيث إن تحريمها عام، وأما إذا كان التحريم خاصاً فإنه يبطل العبادة، ولهذا بطل الصيام بالأكل والشرب؛ لأن تحريمهما خاص بالصيام، ومعلوم أن إنزال الثوب إلى ما تحت الكعب محرم في الصلاة وخارج الصلاة، فتكون الصلاة في الثوب المحرم صحيحة، لكن اللابس آثم بهذا اللبس، فالذي ينزل ثوبه أو سرواله أو مشلحه إلى أسفل من الكعبين على خطر عظيم في صلاته، حيث إن بعض أهل العلم، بل كثيراً من العلماء قال: إن صلاته غير صحيحة.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |