خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [555]
الحلقة مفرغة
السؤال: فقد حلفت: علي اليمين القسم كاذباً، لاستخراج جواز جديد، مع العلم بأنه لدي جواز سابق ولكن لا يصلح للسفر، فماذا أعمل أفيدوني، وجزاكم الله خيرا؟
الجواب: قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أنبه على هذه المسألة الخطيرة، وهي تحيل المواطنين على النظام بالكذب والخداع، فإن هذا محرم ولا يحل، ولا يحل للإنسان أن يكذب على ولاة الأمور، أو يخدعهم بالتحيل على الأنظمة التي سنوها، اللهم إلا أن تكون أنظمة فيها معصية الله عز وجل، فإن كل نظام فيه معصية الله ورسوله فإنه لا يجب علينا أن نطيع ولاة الأمور فيه، يعني لو أمرونا بمعصية أو نهونا عن طاعة، فإننا لا نوافقهم في ذلك؛ لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]، فجعل طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله ورسوله، ولهذا لم يعد الفعل عندها، بل قال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ [النساء:59]، ولم يقل: أطيعوا أولي الأمر؛ لأن طاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إنما الطاعة في المعروف )، أما في المنكر فلا طاعة، وقد فهم بعض الناس إن طاعة ولاة الأمور إنما تجب في طاعة الله، يعني إذا أمروا بطاعة وجب علينا طاعتهم، وإذا نهوا عن معصية وجب علينا طاعتهم، وهذا غلط؛ لأن طاعة الله لو أمرك بها أي واحد من الناس لكان عليك أن تقوم بهذه الطاعة أما وجوباً فيما يجب أو استحباباً فيما يستحب، ولو كان هذا هو المراد لم يكن بين ولاة الأمور وغيرهم فرق، لكن ولاة الأمور إذا أمروا بشيء فلا يخلو من ثلاث حالات: إما أن يكون الله ورسوله قد أمر به، فهذا يطاع طاعة لله ورسوله قبل كل شيء، ثم طاعة لولي الأمر، كما لو أمروا بصلاة الاستسقاء عند الجدب وقحوط المطر، فإن صلاة الاستسقاء تكون هنا متأكدة؛ لأنها من شريعة الله من وجه؛ ولأن ولاة الأمور أمروا بها.
الحال الثانية: أن يأمروا بمعصية، أي: بشيء طاعة يتضمن ترك الواجب أو فعل المحرم، فهذا لا طاعة فيه لمخلوق، لا ولي أمر ولا أم ولا أب ولا غيرهم، لا يحل أحد أن يعصي الله بطاعة مخلوق من المخلوقين، ( فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )، وبهذا أي: بطاعة ولاة الأمور في غير المعصية يتحقق النظام والأمن وتنسجم الأمور؛ لأن الناس لو تركوا فوضى وصار كل واحد يأخذ بما يرى لتشتت الأمة، وتفرقت قلوبها، وتفرق دينها، واختل نظامها وأمنها، ولكن من رحمة الله ونعمته أن أوجب علينا طاعة ولاة أمورنا في غير معصيته، حتى يستتب الأمن، ويستمر النظام، ويحصل الالتئام، ومن ذلك تنظيم بعض الأمور كالتنظيمات المرورية مثلاً، وغيرها من تنظيمات أمور السفر، فإن امتثال أمر ولي الأمر في ذلك من طاعة الله عز وجل؛ لأن الله تعالى قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]، ولو كان الذي لا يروق له هذا النظام يجوز له أن يخالفه، لكان النظام لا ينظر فيه، لابد أن يختلف الناس، وحينئذ تختل الأمور، وتحصل الفوضى، وهذه كلمة أوجهها لهذا السائل وغيره.
أما الأمر الثاني: فهو الجواب على سؤال هذا الرجل، فأقول له: إنه أخطأ خطأً عظيماً، حيث خدع ولاة الأمر والمسئولين بتزويره، فعليه أن يتوب إلى الله من هذا الخطأ، ثم إنه حلف على ذلك فتكون يمينه هذه يميناً محرمة يزداد بها إثماً، بل قال بعض العلماء: إنها من اليمين الغموس، التي تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار، فإنه حلف على أمر هو فيه كاذب، وهو يعلم أنه كاذب، فعليه التوبة إلى الله من أمرين؛ الأمر الأول: الحلف على الكذب وهو يعلم، والثاني: خداع ولاة الأمور.
السؤال: اشتريت سيارة بالتقسيط ثم بعتها أقساطاً على شخص آخر، على أن يتقبل الشخص الذي يطالبني بالتقسيط فوافق، ثم باع السيارة في نفس المجلس على شخص يعرفه هو مقابل دين له عنده، فوافق على ذلك، ولكن تمت المكاتبة على هذه السيارة بيني وبين الشخص الآخر الذي يعرفه هو، ولم يذكر له السعر في ورقة المبايعة؛ لأنه لا يملك مصاريف المكاتبة والمعرض والمرور، هل هذه البيعة جائزة؟ وإذا كان ذلك داخل في الربا ماذا علي أن أفعل، وجهوني مأجورين؟
الجواب: أوجهك أيها الأخ السائل أن تتوجه وخصومك إلى المحكمة.
السؤال: لي جار وهو لا يصلي، ولا ينتفع بالكلام، وعمره ما يقارب الخمسة وأربعين سنة، ولا يزال لا يصلي، ما الحكم في مجاورة هذا الجار، هل أمنعه من المنزل؟ وبماذا توجهونني مأجورين؟
الجواب: أولاً: أوجه النصيحة إلى هذا الجار إن كان كما قلت فيه، فأقول له: اتق الله في نفسك، تب إلى ربك عز وجل، فما دمت في زمن الإمكان فإن التوبة تهدم ما قبلها، وإنك إذا أصررت على هذا العمل فربما يختم لك بسوء الخاتمة، فتخسر نفسك في الدنيا والآخرة، وتخسر أهليك، فتب إلى الله عز وجل. أقوله للجار الذي ذكر عنه السائل ما ذكر: تب إلى ربك قبل فوات الأوان.
ثانياً: أقول لهذا السائل: لا يلزمك أن ترتحل من بيتك من أجل سوء المجاورة، وأنت إذا أديت النصيحة، ونصحته عدة مرات، فإن اهتدى فلنفسه، وإن ضل فعليها، وعلى سائر الناس إذا كان حولهم من هذه حاله في ترك الصلاة وعدم المبالاة، عليهم بذل النصيحة؛ لأن الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، عليهم بذل النصيحة فإن حصل المقصود فهذا هو المطلوب، وإن لم يحصل فالواجب أن يرفع بهم إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحينئذ يسلم من المسئولية وتكون المسئولية على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
السؤال: عندي أرض بناء بين مقبرتين مقبرة قديمة ومقبرة حديثة، هل يجوز البناء فيها؟
الجواب: يجوز البناء ما دامت الأرض ملكاً لك، يجوز لك أن تبني فيها، ولكن إذا لم تكن الأرض كبيرة، وكان يمكن أن تقدر قيمتها لك، وتدخل في المقبرتين، ففي رأي أن هذا أحسن، حتى تتصل المقبرتان جميعاً، وحتى لا يحصل بناء بين المقابر، فلا ندري في ساكن هذا البناء، فلعلهم يلقون القمامة على القبور، أو على الأقل يقسو القلب فلا يتعظ، لأنه مع كثرة المساس يقل الإحساس، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة )، وفي لفظ: ( فإنها تذكر الموت )، فأخشى مع الممارسة وكون الإنسان يدخل ويخرج، والمقابر على يمينه وعلى يساره، فيقسو قلبه ولا يهتم بهذا الأمر، فلذلك أكرر للأخ السائل أنه إذا كانت أرضه ليست واسعة أي بحيث يمكن أن تدخل في المقبرتين، فإني أرى أن يسعى في ذلك ليكون له أجر عند الله عز وجل، ويسلم مما يخشى أن يقع من الوزر في البناء بين المقبرتين.
السؤال: في السجود أدعو بهذا الدعاء: رب اجعل قبري نوراً، رب اجعل قبري روضة من رياض الجنة، وكذلك بعد التحيات عند التسليم، أقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال، هل هذا صحيح؟
الجواب: أما ما ذكره من الدعاء بعد التشهد وقبل التسليم، فهذا دعاء وارد عن النبي عليه الصلاة والسلام، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخرة فليقل: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال )، وأما ما يدعو به في سجوده: اللهم اجعل قبري نورا، اللهم اجعله روضة من رياض الجنة، اللهم افسح لي فيها، وما أشبه ذلك من الكلام فهذا لا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء؛ فقمن أن يستجاب لكم )، وأطلق النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء ولم يقيده بشيء معين، فيجوز أن تدعو بأمر يتعلق بالآخرة، أو بأمر يتعلق بالدنيا، حتى لو دعوت الله في سجودك أن ييسر لك بيتاً واسعاً نظيفاً، أو سيارة مريحة وما أشبه ذلك، فلا بأس به؛ لأن الدعاء عبادة لله عز وجل، سواء دعوت في شيء من أمور الدنيا أو في شيء من أمور الآخرة، فإن مجرد دعائك الله عز وجل عبادة تقربك إلى الله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60]، وأما من قال من أهل العلم: إن الإنسان لا يدعو في صلاته بأمر يتعلق في الدنيا، فإن قوله ضعيف؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في التشهد: ( إذا فرغ الإنسان منه ثم ليتخير من الدعاء ما شاء )، ثم إن مجرد الدعاء عبادة حتى في أمور الدنيا، فلذلك نقول: ادع الله تعالى بما شئت في سجودك وبعد التشهد، ولكن لا تدعُ الله تعالى بإثم أو قطيعة رحم، لقوله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55]، فلا تعتد في دعائك بإثم، بأن تدعو على شخص بما لا يستحق أو قطيعة رحم.
السؤال: ما هي كيفية التيمم؟
الجواب: أولاً لابد أن نعلم أن التيمم لا يجوز، إلا إذا تعذر استعمال الماء بفقد الماء أو تضرر باستعماله، فإذا جاز التيمم فصفته أن يضرب الأرض بيديه ضربة واحدة، ثم يمسح وجهه كله، وكفيه يمسح براحة كل يد على ظهر الأخرى، وكذلك يمسح الراحتين بعضهما ببعض.
السؤال: ما هي سنن رواتب الصلاة في المسجد وخارج المسجد؟
الجواب: السنن الرواتب التابعة للصلاة اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل صلاة الظهر، أي: بين الأذان وصلاة الظهر بتسليمتين، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، فهذه اثنتا عشرة، ست في الظهر، واثنتان في المغرب، واثنتان في العشاء، واثنتان في الفجر، وأوكد هذه الرواتب سنة الفجر، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يكن يتركها حضراً ولا سفراً، بل لما نام عن صلاة الفجر في السفر ولم يستيقظ هو وأصحابه إلا بعد أن ارتفعت الشمس، وارتحلوا من مكانهم الذي أدركهم النوم فيه ثم نزلوا، فأمر بلالاً فأذن ثم صلى الناس راتبة الفجر، ثم صلى بهم الفجر كما كان يصليها كل يوم، فقضاها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد فوتها وفي السفر، فدل ذلك على أهميتها وآكديتها، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها )، يعني بذلك سنة الفجر، فإن أدركتها قبل صلاة الفجر فهذا هو المطلوب، وإن دخلت والإمام قد شرع في صلاة الفجر فاقضها بعد الصلاة، أو أخرها حتى ترتفع الشمس، أي: حتى تطلع وترتفع قيد رمح، هذه هي السنن الرواتب التابعة للمكتوبات.
وأما قول السائل: (في المسجد أو غيره)، فإننا نقول: الأفضل أن تصلي هذه الرواتب في بيتك؛ لأن جميع التطوعات الأفضل أن يصليها الإنسان في بيته، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة )، وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي صلاة الليل في بيته والوتر في بيته والرواتب في بيته، ولا يحضر للصلاة المكتوبة إلا عند الإقامة، ولهذا كان المشروع في حق الإمام أن يبقى في بيته يصلي الرواتب، ولا يحضر للمسجد إلا عند إقامة الصلاة، وكذلك في الجمعة، لا يحضر لصلاة الجمعة إلا إذا جاء ليخطب، وأما ظن بعض الناس أنه يسن للإمام في يوم الجمعة أن يتقدم لينال فضيلة التقدم، فإن هذا ليس بصحيح، فهذا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يأتي إلا للخطبة فقط لا يتقدم.
فإن قال قائل: أليس يسن في قيام رمضان أن تكون في المساجد؟ قلنا: بلى، ولكن هذا مستثنى، ولذلك أنا أقول: يستثنى من النوافل هذه المسألة، أي: قيام رمضان، فإن الأفضل أن يكون في المساجد، ثانياً: صلاة الكسوف، على القول بأنها سنة الأفضل أن تكون في المسجد، والأفضل أيضاً في صلاة الكسوف أن تقام في الجوامع لا في كل مسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع الناس في مكان واحد، لكن إذا علمنا أنه قد يشق على الناس أو كان من عادة الناس أن يصلي كل حي في حيه، فلا حرج أن يصلي كل حي في حيه، ولا يتركون صلاة الكسوف، ثالثاً: صلاة الاستسقاء سنة، ومع ذلك يسن الاجتماع إليها في مصلى العيد، فهذه مستثنيات.
فإن قال قائل: هل الأفضل التطوع في البيت حتى في مكة؟ قلنا: نعم، حتى في مكة، الأفضل أن تصلي النوافل في بيتك، وحتى في المدينة؟ نعم، وحتى في المدينة، الأفضل أن تصلي النوافل في البيت؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة )، مع أنه قال: ( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام مسجد الكعبة )، وما ظنه بعض الناس من أن الأفضل في مكة أن تصلي النوافل في المسجد الحرام فهذا خطأ؛ لأن حديث الرسول عليه الصلاة والسلام عام، لكن إذا تقدمت للصلاة مثلاً في مكة، وصليت تحية المسجد، وأحببت أن تصلي ما أحببت من النوافل فهذا طيب، وفيه خير كثير.
السؤال: تزوجت أختي من رجل بخيل جداً وغليظ القلب، وأنجبت منه ثلاث بنات ما زلن في سن التكوين صغاراً، وراتبه الشهري لا بأس به، ولكن يرسل لزوجته القليل القليل الذي لا يسد حاجتها الضرورية وحاجة البنات الثلاث، ولا ندري لماذا، ودائماً على خلاف معها بسبب بخله الشديد ومعاملته الجافة القاسية، وعدم الصرف عليهم كأي رب أسرة، السؤال فضيلة الشيخ: هل يجوز أن أعطي أختي من زكاة مالي؟ علماً بأن زوجي موافق وأنا موظفة، وإذا كان الرد لا، هل يجوز إعطاؤها من زكاة مال زوجي؟ علماً بأن أختي عفيفة النفس، فإذا علمت بأن المال المرسل لها من زكاة سوف ترفضه، فما هو الحل في نظركم؟
الجواب: الجواب على هذا السؤال يتطلب شيئين؛ الأول: النصيحة لهذا الزوج البخيل الذي لا يقوم بواجب النفقة، فأقول له: اتق الله في نفسك، ولا تبخل بما أعطاك الله من فضله، فإن البخل بالواجب يخشى أن يحق على فاعله العذاب، وإذا كان بخيلاً فإنه لا ينفعه بخله؛ لأن البخل إذا ادخر المال من أجل هذا الخلق الذميم، فإن المال سيورث بعده شاء أم أبى، فلماذا يبخل عن نفسه، هو الآن إذا بخل بماله فقد بخل عن نفسه في الواقع؛ لأن هذا المال لابد أن ينتقل إلى غيره بعد موته.
أما الشيء الثاني: فأقول للمرأة التي يبخل زوجها عليها بالنفقة الواجبة: لها أن تأخذ من ماله ولو بغير علمه، بقدر ما يكفيها ويكفي ولدها؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أذن لـهند بنت عتبة أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وولدها بالمعروف، لما ذكرت أنه شحيح لا يعطيها النفقة، فإذا قدرت المرأة هذه على أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وولدها فلتفعل، فإذا لم تقدر على شيء من ذلك وصارت محتاجة، فإنه يجوز أن تعطى من الزكاة، ولا حرج على أختها إذا أعطتها من زكاتها، أو أعطتها من زكاة زوجها بإذنه.
لكن في السؤال: ما يوجب الإشكال حيث قالت: إن أختها عزيزة النفس، وأنها لو علمت أنها زكاة لم تقبلها، فنقول في هذه الحال: لابد أن تعلم أنها زكاة، فإن قبلت وإلا لا تعطى، لأنه لا يمكن أن يدخل في ملك الإنسان فيما لا يريده، وإعطاؤها الزكاة يعني أن الزكاة تدخل ملكها، فإذا كانت لا تريدها لم يصح إدخال ملكها من هذه الزكاة إلا ما رضيته.
وهكذا يقال في كل شخص فقير تعرفه، فتعطيه من زكاتك إذا كنت تعلم أنه لا يقبل الزكاة فإنه لا يجزئك ذلك، حتى تعلمه ويقبلها زكاة، أما إذا كنت تعلم أنه فقير ولا تدري هل يقبل أو لا يقبل، فلا بأس أن تعطيه بدون أن تعلمه أنها زكاة.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |