فتاوى نور على الدرب [493]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما حكم ثقب الأذنين بالنسبة للمرأة لتضع فيها ما يسمى بالخلاخل من الذهب كما هي عادة النساء؟

الجواب: ثقب الأذن جائز على القول الراجح ولا حرج فيه؛ لأن ألمه وأذاه قليل، ولا سيما إذا كان ذلك في أيام الصغر، وما يحصل فيه من التجمل فيه كمال للمرأة؛ لأن المرأة تكمل نفسها بالتحلي والتجمل، كما قال الله تبارك وتعالى: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:17-18] يعني: أيكون من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين، كالكامل في نفسه الذي لا ينشأ في الحلية والذي هو بالخصام مبين؟ يعني: هل تكون المرأة كالرجل؟ الجواب: لا، ليست المرأة كالرجل، فالمرأة محتاجة إلى التزين والتجمل، ومن ذلك ما تضعه في أذنها من الخروص ونحوها، وعلى هذا فلا حرج أن تثقب شحمة أذنها لتعلق بها هذا الحلي.

السؤال: إذا كنت أصلي وحدي وأخطأت في قراءة آية ولم أستطع أن أكملها واختلطت علي بآية أخرى، فماذا علي أن أفعل وأنا في الصلاة؟

الجواب: لكِ أن تفعلي واحداً من أمرين: إما أن تنتقلي إلى الآية التي بعدها، وإما أن تركعي؛ لأن الأمر في هذا واسع.

السؤال: إذا طلبت مني المعلمة تلاوة القرآن الكريم، وأنا في حالة الحيض ففعلت ذلك، علماً بأن ذلك الوقت لم يكن اختباراً، فما حكم ما فعلت؟

الجواب: يرى بعض أهل العلم أن الحائض لها أن تقرأ القرآن؛ لأن الأحاديث الواردة في منع الحائض من قراءة القرآن ضعيفة، ويرى آخرون أن المرأة الحائض لا يحل لها أن تقرأ القرآن ويستدلون بهذه الأحاديث.

والذي أرى أن المرأة الحائض لا حرج عليها أن تقرأ القرآن عند الحاجة لذلك، فمن الحاجة: أن تخاف نسيانه، ومن الحاجة: أن تقرأ الأوراد التي تقرأ في أول النهار وآخره، ومن الحاجة: أن تدرس أولادها، ومن الحاجة: أن تدرس البنات، ومن الحاجة: أن يكون ذلك في زمن الاختبار، المهم أنه مع الحاجة لا شك في الجواز، وأما ما عدا الحاجة فالأولى أن لا تقرأ القرآن، فإذا أمرتها المدرسة أن تقرأ القرآن وعليها العادة، فإنها تقول للمدرسة: أنا في حال أحب أن لا أقرأ القرآن فيها، وتبين للمدرسة عذرها حتى تعذرها في ذلك.

السؤال: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ) متفق عليه. السؤال: هل هذا الحديث صحيح؟ ومن هم أصح الرواة لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: هذا الحديث صحيح وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من قال: سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر )؛ لأن فضل الله واسع وعطاءه جل وعلا أحب إليه من منعه، والحديث متفق عليه كما قاله السائل، أي: رواه البخاري ومسلم .

وأزيد القارئ فائدةً وهي قول الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي ختم به البخاري صحيحه: ( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم ) فأكثر منها أخي المسلم، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، فإنهما كلمتان فيهما هذه الفوائد العظيمة، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان، ولا يشقان على أحد؛ لأنهما خفيفتان على اللسان.

وأما أصح الأحاديث؟ فنقول له: أصح الأحاديث ما اتفق عليه الأئمة الحفاظ كـالبخاري ، ومسلم ، وأبي داود ، والنسائي ، والترمذي ، وابن ماجه ، والإمام أحمد ، والإمام مالك ، وما أشبه ذلك، فالحديث إذا اتفق هؤلاء عليه فهو أصح ما يكون، ثم عند الانفراد نقول: أصحها ما اتفق عليه البخاري ومسلم ، فما اتفقا عليه فهو أصح، ثم ما انفرد به البخاري ، فهو أصح مما انفرد به مسلم ، ثم ما كان على شرطهما، ثم ما كان على شرط البخاري ، ثم ما كان على شرط مسلم ، وهكذا يرتبها أهل العلم في مرتبة القوة والضعف.

السؤال: إذا وجدت شيئاً ضائعاً، أي: لقطة مثل ذهب أو نقود أو سوارة صغيرة أو كبيرة، وصاحب هذا الشيء غير معروف، هل أدفعه عنه صدقة؟

الجواب: إذا وجد الإنسان لقطة من دراهم أو حلي فينظر: إذا كانت شيئاً يسيراً، لا يهتم بها الناس إذا ضاعت منهم فإنها له، ولا يحتاج أن يبحث عن صاحبها، لكن إن علمه وجب عليه أن يدفعها إليه.

مثال ذلك: وجد الإنسان خمسة ريالات، والخمسة ريالات لا يهتم بها الناس ولا يبحثون عنها إذا ضاعت في وقتنا هذا؛ لأن الأمور ولله الحمد واسعة والخير كثير، لكن إذا علمت صاحب هذه الخمسة وجب أن تدفعها له سواء طلبها منك أو لم يطلبها، أما إذا كان الذي وجدته مما يهتم الناس به ويبحثون عنه ويطلبونه، فإن الواجب عليك أن تبحث عن صاحبه سنة كاملة، وتعرف هذه اللقطة في الأسواق وحول المساجد لمدة سنة، في أول الأمر تكرر هذا التعريف كل يوم، ثم في الأسبوع مرتين، ثم في الأسبوع مرة، ثم في الأسبوعين مرة، وهكذا حتى تتم السنة، فإذا تمت السنة ولم يأت صاحبها فهي لك، وإذا كان يبعد وجود صاحبها كالدراهم توجد في الطرق البرية فإن العثور على صاحبها قد يكون مستحيلاً؛ وذلك لأن البلدان حولها كثيرة، ففي أي بلد تعرفها؟ فمثل هذا لو أن الإنسان تصدق به لكان خيراً، أو يعطيه القاضي والقاضي يتصرف فيه بما يراه موافقاً للشرع.

السؤال: بعض الناس يكتبون بالقلم الحبر أو السائل بعضاً من الآيات القرآنية، أو من الأحاديث، أو الأدعية على ورقة، ثم يضعونها بداخل كأس أو إناء ويعطون هذا الماء إلى أي شخص مريض لكي يشربه، هل هذا جائز أم لا؟

الجواب: أولاً: يجب أن نعرف أن تلك الكتابة بهذا الحبر أو بالأقلام الناشفة على ورقة ثم توضع في إناء ويشربها المريض قد يكون في ذلك ضرر على المريض؛ لأن تركيب هذا الحبر وهذه المادة الناشفة لا ندري ما هو، فقد يكون فيه أشياء سامة تضر البدن، لكن العلماء رحمهم الله قالوا: إنه يكتب بالزعفران إما على ورقة ثم تلقى في الماء حتى يظهر أثر الزعفران على الماء، وإما في إناء نظيف يكتب فيه آيات من القران ثم يصب فيه الماء ويمزج ثم يشربه المريض، هذا الذي كان يفعله السلف الصالح، ولا بأس باستعماله، وقد جربه بعض الناس وانتفع به.

ثانياً: أقول: بالنسبة للأقلام وبالنسبة للحبر لا ينبغي أبداً أن يستعمله الإنسان في هذه المسألة؛ لأننا لا ندري ما هي مركبات هذا الحبر سواء أكان ناشفاً أو سائلاً.

السؤال: هل البيع بالتقسيط جائز؟ وصورته أن يقول التاجر: بأن سعر هذه المادة مائة دينار، على أن يدفع المبلغ نقداً، أو مائة وخمسين دينار تقسط على كذا من الأشهر، فما حكم ذلك؟

الجواب: ذلك جائز ولا بأس به؛ لدخوله في عموم قوله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ [البقرة:275]، وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282]، وهذا المشتري عرضت عليه السلعة بثمنين: ثمن النقد وثمن المؤجل، ولنفرض أن ثمن النقد مائة وأن المؤجل مائة وخمسون، فأخذ بالمؤجل في نفس المجلس وذهب بالسلعة فثبت في ذمته مائة وخمسون على وجه التحديد والتعيين فهذا بيع لا بأس به؛ لأن المشتري خير بين هذا أو هذا، وليس هذا من الربا في شيء؛ لأن الربا أن تبيع دراهم بدراهم لا أن تبيع سلعة ثمنها حاضراً بكذا وثمنها مؤجلاً بكذا، وليس هذا من البيعتين في بيعة؛ لأن هذا بيعة واحدة، لكنه خير الإنسان بين بيعتين فاختار واحدة منهما، والبيعتان في بيعة أصح ما قيل في معناهما: أن يبيع الإنسان شيئاً بثمن مؤجل ثم يشتريه ممن اشتراه منه بثمن نقد أقل، مثال ذلك: أن يبيع عليه بيتاً بمائة ألف لمدة سنة ثم يرجع البائع ويشتري البيت ممن اشتراه منه بثمانين نقداً، فهذه هي المحرمة وهي بيعتان في بيعة؛ لأن حقيقة الأمر أن المبيع واحد ورد عليه صفقتان ويراد به التحيل إما من قريب أو من بعيد، على أن يسلم ثمانين ويستلم بدلها مائة، وهذا حيلة على الربا بلا شك.

ولكن في مسألة التقسيط يجب أن يلاحظ أمر هام، وهو: أنه لا بد أن تكون السلعة عند البائع مالكاً لها قبل أن تتفق معه، فإن لم تكن عنده -أي: ليس مالكاً لها- فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( لا تبع ما ليس عندك ).

السؤال: هل في الزيتون أو الزيت زكاة؟ وكذلك الرمان والتين؛ لأننا نقطن في منطقة تكثر فيها هذه الزراعة من هذه الأشجار؟

الجواب: هذه الأشجار ليس فيها زكاة، وإنما الزكاة في التمر والعنب، أما الزيتون والرمان والبرتقال والتفاح والأترج فكلها ليس فيها زكاة، ولكن إذا باعها الإنسان وحصل على ثمن نقد فإنه إذا بقي عنده إلى تمام السنة وجب عليه الزكاة وتكون زكاة نقد لا زكاة ثمار.

السؤال: هل يصل ثواب قراءة القرآن إلى الميت؟ وهل تجوز القراءة من المصحف إذا كان الإنسان بدون وضوء، يعني: محدث حدثاً أصغر؟

الجواب: أما الأول وهو وصول ثواب القراءة إلى الميت فإنه موضع نزاع بين العلماء، فمنهم من قال: إنه لا يصل ثوابها إلى الميت وإن نواه الإنسان؛ لأن العبادات توقيفية، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا.

ومنهم من قال: بل هذا جائز؛ لأنه ورد انتفاع الميت بجنس العبادات كالصدقة والحج والصوم فغيرها مثلها، إذ ليس هناك نص يمنع من إيصال الثواب إلى الميت.

لكن هنا مسألة أحب أن أنبه عليها وهي: أن كثيراً من الناس يحرصون على أن يجعلوا ثواب أعمالهم من قراءة أو صلاة أو صيام أو تسبيح أو تهليل أو تكبير للأموات، ويفعلون هذا كثيراً، وليس هذا من عادة السلف رحمهم الله؛ لأن السلف نظروا إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إما من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له )، فصاروا يدعون لآبائهم وأمهاتهم ومن سبقهم من الناس، لا أن يجعلوا لهم من أعمالهم شيئاً، والذي ينبغي للإنسان أن يجعل القراءة لنفسه، والصلاة لنفسه، والصدقة لنفسه، والصوم لنفسه، وأن يدعو لمن شاء من أبويه أو أحدهما، وكذلك يدعو لمن شاء من أقاربه وأصدقائه وما أشبه ذلك.

أما المسألة الثانية وهي: قراءة القرآن إذا كان محدثاً حدثاً أصغر من المصحف، فنقول: لا بأس أن تقرأ القرآن من المصحف إذا كنت محدثاً حدثاً أصغر، لكن بشرط أن لا تباشر المصحف بالمس، بل تجعل بينك وبينه حائل منديل أو قفاز أو ما أشبه ذلك.

السؤال: السجادة إذا كانت رسومها معكوسة إلى غير القبلة، هل تجوز الصلاة عليها؟

الجواب: الصلاة على السجادة جائزة سواء كان اتجاهها إلى القبلة أو إلى غير القبلة، ما دمت أنت أيها المصلي متجهاً إلى القبلة، ولكن هل يجب على الإنسان أن يصلي على السجادة؟ أو هل يشرع له أن يتخذ سجادة يصلي عليها؟ الجواب: لا، لا يجب عليه أن يصلي على السجادة، ولا يشرع أن يتخذ سجادة يصلي عليها، ولكن إذا كان البيت تكثر فيه النجاسات واتخذ سجادة ليسجد عليها، أو ليصلي على مكان طاهر بيقين فلا بأس، وإلا فالأصل أنك تصلي في أي مكان من البيت، أو في أي ربعة من البيت، سواء كان مفروشاً أو غير مفروش، وسواء كان مفروشاً فرشاً عاماً أو خاصاً، فإن الأصل أنك تصلي في البيت حيثما أردت.