فتاوى نور على الدرب [447]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما حكم البسملة قبل الاستنجاء في الحمام؟ وما الدليل على ذلك؟

الجواب: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم التسمية على الاستنجاء سواء كان داخل الحمام أو خارجه، وإنما يشرع لمن أراد أن يدخل الحمام الذي يقضي فيه حاجته أن يقول: (أعوذ بالله من الخبث والخبائث) وإن قال قبل ذلك: (بسم الله) فهو حسن، أما قوله: أعوذ بالله من الخبث والخبائث فقد ثبت في الصحيحين، وأما: (بسم الله) فقد جاء فيه حديث في السنن لا بأس بالأخذ به والعمل به، ولكن التسمية مشروعة عند الوضوء إما وجوباً على رأي بعض أهل العلم، وإما استحباباً على القول الثاني لأهل العلم وهو الراجح، وعلى هذا فإذا انتهى من الاستنجاء وستر عورته وأراد أن يتوضأ فإنه ينبغي له أن يقول: بسم الله.

السؤال: لقد أقرضت رجلاً مبلغاً من المال بعملة الدولار، وقد اتفقت معه على أن يرد المبلغ بالدولار أيضاً إلا أن ثمن الدولار اختلف عن ذلك اليوم الذي أقرضته فيه وذلك بالزيادة، وأصبح هناك فرق في السعر كبير، هل هذا الفرق يعتبر ربا؟

الجواب: إذا أقرض الإنسان شخصاً دولارات فإنه يثبت في ذمة المقترض دولارات فقط سواء اشترط ذلك أم لم يشترط، وكذلك لو أقرضه دراهم سعودية فإنه يثبت له في ذمته دراهم سعودية سواء اشترط ذلك أم لم يشترط، ولا يلزم المقترض أن يوفي سواها سواء زادت قيمتها أم نقصت أم بقيت على ما هي عليه، فإذا أقرضه الدولار وهو يساوي خمسة ريالات مثلاً ثم زاد سعره حتى صار يبلغ عشرة ريالات فإنه يلزمه أن يوفيه دولارات ولو زادت عليه القيمة بالنسبة للريال السعودي، ولو أقرضه دولارات وهي تساوي وقت القرض الدولار خمسة ريالات ثم نقص الدولار حتى صار لا يساوي إلا ثلاثة فإنه لا يلزمه إلا الدولارات، المهم أن من اقترض شيئاً لم يثبت في ذمته إلا ما اقترضه فقط، ولكن لو أراد المقترض أن يوفي المقرض من عملة أخرى واتفقا على ذلك فلا بأس، ولكن بشرط أن تكون بسعر يومها وألا يتفرقا وبينهما شيء لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كنا نبيع الإبل بالنقيع بالدنانير فنأخذ عنها الدراهم وبالدراهم فنأخذ عنها الدنانير، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء ).

والخلاصة: أنه لا يلزم المقترض الذي اقترض الدولارات إلا الدولارات سواء زادت قيمتها أم نقصت.

هو يقول: هل هذا ربا؟ يعني لو زادت القيمة أقول: ليس هذا بربا؛ وذلك لأن الواجب عليك هو أداء ما اقترضت سواء زاد أو نقص.

السؤال: ما حكم الشرع في عبارة بالرفاء والبنين للعروسين؟

الجواب: الذي أرى أن هذا عدول عما جاءت به السنة في التهنئة بالزواج، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا هنأ إنساناً تزوج قال له: ( بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير )، فلا ينبغي للإنسان العدول عما جاءت به السنة إلى ما كان الناس عليه في الجاهلية، وعلى هذا فنقول لمن رف متزوجاً بهذه العبارة بالرفاء والبنين: لقد أخطأت حين عدلت عما جاءت به السنة إلى ما كان عليه أهل الجاهلية.

السؤال: ما هي الحصون والوقاية من السحر ليتقي الإنسان شرها؟ وما حكم عمل السحر وحكم الذين يذهبون إلى السحرة؟

الجواب: هذا السؤال يتضمن ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: الوقاية من السحر: والوقاية من السحر تكون بقراءة الأوراد التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل: آية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس يقرأه الإنسان وهو موقن بأنها حماية له، فإن ( من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح )، ( ومن قرأ الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه )، وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فيهما الاستعاذة من السحرة من شر النفاثات في العقد، فينبغي للإنسان أن يستعمل هذه الأوراد الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كل يوم وليلة لتقيه من شر أهل الحسد ومن شر السحر.

أما المسألة الثانية: فهي عمل السحر، وعمل السحر إن كان بواسطة الاستعانة بالشياطين فإنه كفر بدليل قوله تعالى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:102]، أما إذا كان السحر بالأدوية وما أشبهها مما لا يكون استعاذة بالشياطين فإنه لا يصل إلى حد الكفر، ولكن يجب على ولي الأمر أن يقوم بما يجب عليه من الحيلولة دون هؤلاء.

وأما المسألة الثالثة: فهي الذهاب إلى السحرة، ونقول في الجواب عنها: إنه لا يجوز للإنسان أن يذهب إلى الساحر من أجل أن ينقض السحر؛ لأن هذا يؤدي إلى مفاسد كثيرة منها إعزاز هؤلاء السحرة وكثرتهم؛ لأنه من المعلوم أن النفوس مجبولة على حب المال، وأن الإنسان إذا كان يأخذ أموالاً ربما تكون أموالاً طائلة على نقض السحر فإن ذلك إغراء للناس بتعلم السحر من أجل نقضه، فيحصل في هذا ضرر كبير وابتزاز لأموال الناس.

وهنا نقول: إن في الأدوية المباحة والأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم والآيات القرآنية ما يغني عن هذا بإذن الله.

السؤال: متى يبدأ قيام الليل فضيلة الشيخ؟

الجواب: قيام الليل يبدأ من حين أن يصلي الإنسان العشاء وسنتها فإنه يدخل وقت قيام الليل، ولكن أفضله يكون بعد منتصف الليل إلى أن يبقى سدس الليل؛ لأن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما لما قال: والله لأقومن الليل ما عشت، أرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أفضل القيام قيام دواد عليه الصلاة والسلام وقال: ( إنه كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ).

السؤال: شعر لحيتي في الجزء الأيمن أكثف من الجزء الأيسر فهل عليّ إثم إذا قمت بتسويتها حتى تتساوى مع الجهة الأخرى أرجو إفادة؟

الجواب: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( خالفوا المجوس، وفروا اللحى وحفوا الشوارب )، وفي رواية أخرى: ( أرخوا اللحى )، وكل هذا لا يدل على أنه لا يجوز للإنسان أن يحلق شيئاً من لحيته، وظاهر الحديث العموم فيشمل حتى هذه الحال التي ذكرها السائل، اللهم إلا أن يكون ذلك مشوهاً لوجهه كثيراً فهذا ربما ينظر فيه، وأما مجرد أنه فوّت الجمال فإن هذا لا يبيح له أن يأخذ شيئاً من لحيته، وهو إذا اتقى الله سبحانه وتعالى وفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً.

السؤال: يقوم بعض الطلبة بالغش في أثناء الاختبارات فما الحكم أيضاً؟

الجواب: لا يحل للطالب أن يغش في أثناء الامتحانات؛ لأن الغش من كبائر الذنوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من غش فليس منا )؛ ولأنه يترتب على غشه أن ينجح أو أن يعطى ورقة النجاح وهو غير جدير بذلك ثم يتولى مناصب في الدولة لا تصلح إلا لمن يحمل الشهادة، وإذا كانت هذه الشهادة مبنية على غش فإنه يخشى أن يكون ما يأخذه من الرواتب حرام عليه؛ لأنه يأخذه وهو غير مستحق له حيث إنه لم ينل حقيقة الدرجة أو بالأصح لم يصل في الحقيقة إلى الدرجة التي تؤهله لهذا المنصب، فيكون أخذه للراتب من أكل المال بالباطل، فليحذر إخوتنا وأبناؤنا من الغش في الامتحان في أي مادة كانت؛ لأن الحكومة لما وضعت المناهج على هذا الوجه ودخل الطالب لهذا المدرسة أو المعهد أو الجامعة على أساس أنه ملتزم بجميع مواده ومناهجه فإنه يجب عليه أن يوفي بهذا، وألا يخون في أي مادة من المواد.

وأما ظن بعضهم إنه لا بأس بالغش في مادة اللغة الإنجليزية والفرنسية أو مادة الرياضيات فإن هذا ظن لا أساس له من الصحة؛ لأن جميع المواد التي في المنهج مطالب بها الدارس ويعطى الشهادة على أنه أتقنها جميعها، فإذا غش في بعضها ونقل من غيره أو لقنه غيره كان ذلك خيانة لأمانته، وأدى إلى أن يكون غير ناجح في الحقيقة.

السؤال: الأدعية والأذكار التي تقال في السجود والركوع لصلاة التهجد؟

الجواب: أولاً ينبغي أن نعلم أن الإنسان إذا قام من الليل فإنه سوف ينظر في الوقت الذي بينه وبين طلوع الفجر، فإذا كان الوقت واسعاً فإنه يطيل الصلاة في قراءتها وركوعها وسجودها وقعودها، ففي الركوع ينبغي الإكثار من تعظيم الله عز وجل، وفي السجود ينبغي الإكثار من الدعاء والاجتهاد فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، أو فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم )، ومن الأدعية الواردة في الركوع والسجود أن يقول: ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي )، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر ذلك في ركوعه وسجوده بعد أن أنزل الله عليه قوله: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا [النصر:1-3]، وإذا دعا بما يريد من أمور الدنيا والآخرة فلا حرج عليه في ذلك؛ لأن الدعاء عبادة سواء في أمور الدنيا أو في أمور الدين، وأما قول بعض أهل العلم: إنه لا يجوز للمصلي أن يدعو بشيء يتعلق بالدنيا وأنه لو فعل ذلك لبطلت صلاته فإنه قول ضعيف مخالف لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه حين علمه التشهد فقال: ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء )، وفي لفظ: ( ما أحب )، فإن هذا يدل على أنه لا حجر على الإنسان في دعائه، وأن له أن يدعو بما شاء من أمور الدنيا والآخرة، وقد ذكر أهل العلم رحمهم الله أن الدعاء عبادة واستدلوا بقوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60] ، فأمر بالدعاء ثم قال: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي فدل ذلك على أن الدعاء من العبادة، وإذا كان من العبادة وقد أذن الشارع بجنسه فإنه يشمل دعاء الإنسان ربه فيما يتعلق بأمور دينه أو أمور دنياه.

السؤال: صلى شخص الجمعة في أحد المساجد وهو مسافر، وبعد الصلاة قام وصلى العصر قصراً بحجة أنه مسافر وأنه سيتوجه إلى بلده قبل أذان العصر؟

الجواب: الجمعة صلاة مستقلة تختلف عن صلاة الظهر في أمور كثيرة معروفة لأهل العلم، ومما تفارق فيه الظهر أنه لا يجوز جمع العصر إليها إذا كان الإنسان مسافراً؛ وذلك لأن الأحاديث الواردة في الجمع ليس فيها إلا الجمع بين الظهر والعصر، وصلاة الجمعة لا تسمى صلاة ظهر بل الظهر بدل عنها إذا فاتت، وعلى هذا فإني أقول لهذا الأخ الذي صلى العصر مع الجمعة: أعدها الآن صلاة عصر مقصورة؛ لأن الرجل إذا نسي صلاة وهو في سفر أو أخل بشيء منها يوجب عليه أن يعيدها فإنه يقضيها كما وجبت، أي: يقضي صلاة السفر إذا كان في الحضر ركعتين والعكس بالعكس، فيقضي صلاة الحضر إذا ذكرها في السفر يقضيها أربعاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نام عن صلاة نسيها فليصلها إذا ذكرها )، فقوله: (فليصلها) الضمير يعود على هذه المنسية أو التي نام عنها يعود إليها بصفتها، فإذا كانت الفائتة مقصورة صلاها قصراً، وإذا كانت تامة صلاها تامة.

السؤال: رجل عنده زوجة تعاني من مرض ملازم، وأراد زوجها إحضار خادمة مسلمة فهل عليه من حرج في ذلك؟

الجواب: أولاً أرى أن الإنسان ينبغي له أن يصبر على التعب دون أن يلجأ إلى إحضار الخادم؛ وذلك لأن إحضار الخادم يتطلب نفقات وربما يحدث مشاكل، وربما يحدث فتنة في الدين، وإذا دعت الحاجة أو الضرورة إلى إحضارها فلا بأس، ولكن يحضرها بمحرم يكون معها يحميها ويحرسها ويحفظها، وهذا المحرم إذا قدم يمكن أن يهيأ له عملاً إذا لم يكن أهل البيت يحتاجونه لأعمالهم، وليحرص على أن تكون الخادم إذا دعت الحاجة إلى إحضارها مسلمة؛ لأن الكافرة يُخشى على الأطفال منها أن تغير عقيدتهم من حيث لا تشعر؛ ولأنه لا ينبغي للإنسان أن يكون في بيته كافر لا يؤمن بالله؛ ولأنه ينبغي أن نعلم بأن جميع الكفار أعداء للمسلمين لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ [الممتحنة:1]، ولهذا قال الله عز وجل: وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ [البقرة:221]، وقال أيضاً: وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221] .