فتاوى نور على الدرب [429]


الحلقة مفرغة

السؤال: عن ذكر دعاء دخول المنزل، هل يجب ذكره في كل مرة عند دخول المنزل، مثلاً عند ذهابي لأداء فريضة الصلاة في المسجد، وعند عودتي ثانية إلى المنزل؟ هل يجب عند كل دخول ذكر الدعاء أم لا؟

الجواب: ذكر دخول المنزل مشروع كلما دخل الإنسان إلى منزله، اللهم إلا إذا كان فارقه بنية أنه سيعود عن قرب، كما لو خرج من البيت إلى دكان قريب من البيت ليأخذ منه حاجة ثم يعود، أو خرج من البيت ليكلم صديقاً له عند البيت بنية أن يعود عن قرب، وكما لو كان عند عتبة الباب ونحو ذلك، فإنه لا يحتاج إلى ذكر دخول المنزل، وليعلم السائل أن ذكر دخول المنزل ليس واجباً كما يفهم من عبارة سؤاله، بل هو من الأمور المستحبة، على أن بعض أهل العلم ذكر كلاماً في الحديث الوارد في هذا الباب.

السؤال: عندما أشرع في الوضوء وعند غسل الوجه أشك هل ذكرت البسملة في البداية أم لا، أود معرفة ما إذا كان يتوجب عليّ إعادة الوضوء أم أواصل تكملة الوضوء؟

الجواب: إذا شك الإنسان هل سمى عند الوضوء أم لم يسم؛ فإنه يسمي حينئذٍ ولا يضره ذلك شيئاً، وذلك لأن غاية ما فيه أن يقال: إنه نسي التسمية في أوله، والإنسان إذا نسي التسمية في أول الوضوء ثم ذكرها في أثنائه، فإنه يسمي ويبني على ما مضى من وضوئه، ومع ذلك فإن أهل العلم رحمهم الله اختلفوا هل التسمية في الوضوء واجبة أم سنة؟ والأقرب أنها سنة وليست بواجبة؛ لأن الحديث الوارد فيها قال عنه الإمام أحمد رحمه الله: لا يثبت في هذا الباب شيء، وجميع الواصفين لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكروا التسمية فيما نعلم، وحينئذٍ تكون التسمية سنة، إن أتى بها الإنسان كان ذلك أكمل لوضوئه، وإن لم يأت بها فوضوءه صحيح.

السؤال: امرأة قبل الولادة بثلاثة أيام خرج منها ماء مع شيء من الألم، فهل هذا نفاس؟

الجواب: هذا ليس بنفاس؛ لأن النفاس هو الدم وليس الماء، ولكنه أيضاً لا يكون نفاساً إلا إذا كان مصحوباً بالطلق قبل الولادة بيومين أو ثلاثة، وأما إذا كان قبل الولادة بزمن طويل فإنه ليس نفاساً.

إذاً: فالنفاس هو الدم الخارج مع الولادة أو قبلها بيومين أو ثلاثة مع الطلق، وأما الماء فليس من النفاس.

السؤال: أسأل عن حكم سفر الإنسان لوحده بدون رفيق في سفر طويل، وهل هناك أحاديث واردة تنهى عن السفر للشخص الواحد؟

الجواب: نعم يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب )، وهذا يدل على الحذر من سفر الإنسان وحده، ولكن هذا في الأسفار التي لا يكون طريقها مسلوكاً بكثرة، وأما الأسفار التي يكون طريقها مسلوكاً بكثرة، وكأنك في وسط البلد، مثل طريق القصيم الرياض أو الرياض الدمام، وما أشبه ذلك من الطرق التي يكثر فيها السالكون، ومثل طريق الحجاز في أيام المواسم، فإن هذا لا يعد انفراداً في الحقيقة؛ لأن الناس يمرون به كثيراً، فهو منفرد في سيارته، وليس منفرداً في السفر، بل الناس حوله ووراءه وأمامه في كل لحظة.

السؤال: شخص أمّ جماعة، وفي أثناء الصلاة أحس أنه أحدث، وغلب على ظنه ذلك، إلا أنه لم يخرج حياءً، وبعد الصلاة تبين له أنه محدث فعلاً، فما الحكم في ذلك؟

الجواب: إذا شك الإنسان وهو يصلي هل أحدث أو لا؟ فإن كانت صلاته فرضية فإنه لا يجوز له الخروج منها حتى ولو غلب على ظنه أنه أحدث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك فقال: ( لا يخرج أو قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً )، وإذا كان إماماً فإن الواجب عليه أن يبقى إماماً للجماعة حتى يتيقن أنه أحدث، فإذا تيقن خرج، ووجوب البقاء عليه هنا لوجهين:

الوجه الأول: أن الصلاة فريضة ولا يجوز الخروج من الفريضة بمجرد الظن أو الشك في الحدث.

والوجه الثاني: أنه إمام، وخروجه يؤدي إلى ارتباك المأمومين، وربما يؤدي إلى فساد صلاتهم، ولكن إذا تيقن الإمام أنه أحدث فإنه يجب عليه أن يخرج من الصلاة، ولا يجوز له أن يمنعه الحياء من ذلك؛ لأن الله لا يستحي من الحق، والحياء من فعل الواجب ليس حياءً محموداً، بل هو خورٌ مذموم، وفي هذه الحال، أعني: إذا خرج من صلاته لتيقنِ الحدث، يأمر أحد الذين خلفه أن يتموا بالناس الصلاة، فيقول مثلاً: يا فلان تقدم أكمل بهم الصلاة، ويتمون صلاتهم، فإن لم يفعل فللمأمومين أن يقدموا واحداً منهم ليتم بهم الصلاة، ولهم أن يتموا الصلاة فرادى، ولا تبطل صلاتهم ببطلان صلاة إمامهم.

قد يظن بعض الناس أن هناك فرقاً بينما إذا أحدث الإمام في أثناء الصلاة، وما إذا ابتدأ الصلاة محدثاً وهو ناسي، فيظنون أنه إذا ابتدأ الصلاة محدثاً وهو ناسي، ثم ذكر في أثناء الصلاة، أن صلاته كما أنها لم تنعقد فصلاة المأمومين كذلك لا تصح، بخلاف ما إذا أحدث في أثناء الصلاة فإن صلاة المأمومين تصح، وهذا التفريق لا وجه له، والصورتان كلتاهما سواء، فالإمام إذا أحدث في أثناء الصلاة يفعل ما ذكرته آنفاً، وإذا ذكر في أثناء الصلاة أنه على غير وضوء يفعل ما ذكرتُ أيضاً، فيخرج من الصلاة، ويأمر أحد المصلين خلفه أن يتم الصلاة بالجماعة، فإن لم يفعل فللجماعة الخيار بين أن يقدموا واحداً منهم يتم بهم الصلاة، أو يصلي كل واحد منهم بنفسه، وصلاتهم لا تبطل في كلتا الصورتين.

السؤال: في قريتنا وبالذات في شهر رمضان المبارك وبعد أذان العشاء مباشرة نقوم بقراءة ما يسمى عندنا الوترية، نجلس حوالي نصف ساعة في هذه الوترية بشكل مجلس كبير نذكر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وما شابه ذلك، فهل هذا من البدع؟ وهل علينا إثم في ذلك؟

الجواب: نعم هذا من البدع، أعني: اجتماعكم بعد صلاة التراويح تذكرون الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة أو أئمة الهدى، هذا من البدع التي لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار )، والواجب على آخر هذه الأمة أن يتأسوا بأول هذه الأمة، فإن السلف رضي الله عنهم أقرب إلى الصواب ممن بعدهم، وأشد اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته.

السؤال: في قريتنا الريفية نعتمد كل الاعتماد على مياه الأمطار، وفي قريتنا مجموعة من المساجد وفي نفس المسجد توجد بركة للماء، أي: للوضوء، سؤالي يقول: تجلس هذه البرك أحياناً أكثر من عشر سنوات لم يتبدل الماء فيها، وأحياناً يكون لون الماء أخضر، فهل نتوضأ من هذا، أم ماذا نفعل، علماً بأنه لا يوجد لدينا مياه جارية فاعتمادنا على الأمطار؟

الجواب: هذا الماء الذي يتغير من طول مكثه يجوز الوضوء به والغسل منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الماء طهور لا ينجسه شيء )، وأجمع العلماء على أن الماء إذا تغير بالنجاسة صار نجساً، وهذا التغير الذي يحدث للماء من طول مكثه ليس تغيراً بالنجاسة، حتى وإن اخضر أو صارت له رائحة كريهة، فإنه طهور يجوز التطهر به غسلاً ووضوءاً وإزالة للنجاسة.

السؤال: توفي رجل وخلّف مزرعة كبيرة، وكل عام تدر هذه المزرعة أموالاً طائلة، فيقومون بتقسيمها حسب الإرث الشرعي للذكر مثل حظ الأنثيين، هل عملهم هذا صحيح؟

الجواب: نعم هذا العمل صحيح، وذلك أن الميت إذا مات فإن المال ينتقل من بعده إلى ورثته، ولكن يقدم الدين أولاً ثم الوصية من الثلث فأقل لغير الوارث ثم الإرث، فإذا لم يكن في هذه المزرعة دين فإن محصولها يكون للورثة والوصية، فإن لم يكن وصية فمحصولها للورثة فقط يرثونها حسب الميراث الشرعي، العصبة منهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وأصحاب الفروض لهم ما فرض الله لهم.

السؤال: إخراج زكاة ثمار النخيل، هل يكفي به الخرص فقط؟

الجواب: نعم يكفي الخرص في إخراج زكاة ثمار النخيل، تخرص إذا يبست، وصارت صالحة للجذاذ، فإنها تخرص حينئذٍ، ويخرج منها نصف العشر، إن كانت تسقى بمؤنة، والعشر كاملاً إن كانت تسقى بلا مؤنة.

السؤال: عن بيع الذبيحة وهي حية بالكيلو؟

الجواب: لا أعلم في هذا شيئاً، ولكن الذي يظهر لي أن ذلك لا يجوز؛ لأن بيعها وهي حية فيه غرر، قد يكون بطنها مملوءة من الطعام فتثقل بذلك، وقد يكون ليس في بطنها شيء فتخف، وقد تكون مريضة، وربما يكون المرض سبباً في ثقلها، والصحة نشاط وخفة، على كل حال الذي يظهر لي المنع من ذلك، لكن إذا ذبحت فإنه يبين ما فيها، ويشق بطنها ويزال ما فيه من بقايا الطعام، ثم تباع بالكيلو إذا نظفت.