فتاوى نور على الدرب [370]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما هي الشروط التي يجب أن تتوافر في القاضي المسلم؟ وهل الإسلام يحرم على القاضي قبول الهدية؟ وهل تعتبر رشوة؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الجواب على هذا السؤال أن يعلم أن كل ولايةٍ فلا بد فيها من شرطين أساسيين وهما: القوة، والأمانة، وهذان الشرطان لا بد منهما في كل عمل، قال الله تعالى: إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:26]، وقَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل:39].

والقوة في القاضي تتركز على العلم بالشريعة الإسلامية حتى يقضي بها بين الناس، والعلم بأحوال الناس وأعرافهم ومصطلحاتهم حتى يتمكن من تطبيقها على الأحكام الشرعية؛ لأنه لا بد لكل حكمٍ من محلٍ قابلٍ له، فيشترط في القاضي أن يكون عالماً بالأحكام الشرعية، وعالماً بأحوال الناس وأعرافهم ومصطلحاتهم، وهذه هي القوة.

ولا بد أن يكون أميناً، والأمانة لا تتحقق إلا إذا كان القاضي مسلماً عدلاً، فغير المسلم لا ينفذ حكمه على المسلمين لأنه غير مأمونٍ في قضائه، وإذا كان الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نتبين في خبر الفاسق فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ [الحجرات:6]، فإن التبين في خبر الكافر من باب أولى، ولهذا لم تجز شهادة الكافر إلا في حال الضرورة في الوصية إذا مات المسلم في السفر، ولم يكن عنده مسلم، وأوصى وأشهد كافرين، فإن الشهادة حينئذٍ تقبل، ويقسمان بالله إن حصل ارتيابٌ في شهادتهما.

المهم لا بد أن يكون القاضي مسلماً، ولا بد أن يكون عدلاً، والعدل هو الذي استقام دينه واستقامت مروءته، فمن ترك الواجبات أو فعل الكبائر أو أصر على الصغائر، فليس بعدل، فلا يكون حاكماً؛ لأن الحكم يتضمن في الواقع ثلاثة أمور: شهادة وبيان وفصل، فالحاكم يبين الحكم الشرعي ويوضحه، ويحكم لفلان على فلان، وهذا الحكم يقتضي أنه يشهد بأن الحكم لفلان على فلان، ويفصل بين الناس، فلا بد أن يكون عدلاً لنثق بحكمه وخبره.

والشرط الرابع: أن يكون ذكراً، فلا يمكن أن يتولى القضاء امرأة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة )، وهناك شروطٌ أخرى اختلف فيها أهل العلم، ولا حاجة لذكرها حينئذٍ، لأن المقام لا يقتضي.

أما قبول الهدية بالنسبة للقاضي فإن أهل العلم يقولون: لا يجوز له أن يقبل الهدية إلا بشرطين:

أحدهما: أن تكون ممن يهاديه قبل ولايته.

والثاني: أن لا يكون لهذا المهدي حكومة.

فإن كان ممن لا يهاديه قبل ولايته فإنه لا يجوز له أن يقبل هديته؛ لأن هذا إنما أهداه لتوليه القضاء، فهو كالعامل الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عبد الله بن اللتبية على الصدقة، فلما رجع قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا

وإذا كان للمهدي قضية حاضرة وحكومة عند هذا القاضي الذي أهدى إليه، فإنه يخشى أن تكون رشوة ليحكم له بما يريد، ومن المعلوم أن الهدية توجب الميل، أي: ميل المهدى إليه إلى المهدي، وعدم التحقق والنظر في دعواه وفي أمره.

إذاً: لا يجوز للقاضي أن يقبل هدية إلا بهذين الشرطين:

الشرط الأول: أن تكون من شخصٍ يهاديه من قبل ولايته.

والشرط الثاني: أن لا يكون لهذا المهدي قضيةٌ حاضرة.

السؤال: هل يصح أن يدخل المسلم دورة المياه وهو يحمل أوراقاً فيها اسم الله تعالى؟

الجواب: يجوز له أن يدخل بهذه الأوراق إذا كانت في جيبه ومستورةً فيه؛ لأن هذا أمرٌ تدعو الحاجة إليه، بل قد تدعو الضرورة إليه أحياناً، بحيث يكون الإنسان في حمامات عامة لا يمكنه أن يخرج ما في جيبه من هذه الأوراق؛ لأنه يخشى عليها، وهو مضطرٌ لأن تكون معه، والمسلم إذا دخل بمثل هذه الأشياء في بيت الخلاء فإنه لا يمكن أن يريد بذلك امتهانها أبداً.

السؤال: فضيلة الشيخ! هل إعطاء الصدقات للمتسولين يعتبر زكاة؟

الجواب: المتسولون الذين يمرون بالناس ويسألونهم الأموال لا تخلو أحوالهم من أمرين:

الأمر الأول: أن يغلب على الظن صدقهم، وأنهم في حاجة، فهؤلاء يعطون من الزكاة ومن صدقة التطوع، ولا حرج على الإنسان في إعطائهم، ولكن لا ينبغي أن يتخذوا المساجد مكاناً للسؤال، بل تكون أماكن سؤالهم عند أبواب المساجد من خارجها.

والأمر الثاني: أن يغلب على الظن أنهم غير صادقين فيما ادعوه من الفقر والحاجة، بل يغلب على الظن أنهم كاذبون، وأنهم يسألون الناس أموالهم تكثراً، فهؤلاء لا ينبغي أن يعطوا لا من الزكاة ولا من الصدقة الواجبة؛ لأن في ذلك تشجيعاً لهم على السؤال المحرم، والإنسان يحرم عليه أن يسأل الناس أموالهم تكثراً، بل سؤال الناس أموالهم تكثراً من كبائر الذنوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمراً، فليستقل أو ليستكثر ).

ولقد سمعنا كثيراً عن بعض هؤلاء المتسولين أنهم إذا ماتوا وجدت عندهم أموالٌ كثيرة، حتى من الذهب ومن الفضة ومن النقود، وهذا يدل على أن بعضهم يسأل الناس تكثراً؛ لا لدفع حاجةٍ أو ضرورة.

السؤال: ما رأيكم -يا فضيلة الشيخ- فيمن يوصي إذا مات أن يدفن في المكان الفلاني؟ هل تنفذ هذه الوصية؟

الجواب: أولاً: لا بد أن يسأل: لماذا اختار هذا المكان؟ فلعله اختاره إلى جنب ضريحٍ مكذوب، أو إلى جنب ضريحٍ يشرك به مع الله، أو لغير ذلك من الأسباب المحرمة، فهذا لا يجوز تنفيذ وصيته، ويدفن مع المسلمين إن كان مسلماً.

أما إذا كان أوصى لغير هذا الغرض، بل أوصى أن ينقل إلى بلده الذي عاش فيه، فهذا لا حرج في أن تنفذ وصيته إذا لم يكن في ذلك إتلافٌ للمال، فإن كان في ذلك إتلافٌ للمال بحيث لا ينقل إلا بدراهم كثيرة، فإنها لا تنفذ وصيته حينئذٍ، وأرض الله تعالى واحدة ما دامت الأرض أرض المسلمين.

السؤال: المستمع من اليمن يقول: هل صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى لا يرى له ظل؟

الجواب: هذا غير صحيح، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كغيره من البشر له ظل، ويحتاج ما يحتاج إليه البشر من الأكل والشرب واللباس والدفء والبرودة وغير ذلك، وقد ثبت في الصحيح من حديث المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان لابساً جبةً شامية في غزوة تبوك )، وكذلك (كان يصب على رأسه الماء في أيام الصيف وهو صائم من العطش ليتبرد )، وكذلك كان يجوع ويعطش عليه الصلاة والسلام، ويروى ويشبع، ويحتاج إلى النوم فينام، ويمرض ويبول ويتغوط، وكل ما يعتري البشر من الأحكام البشرية فهو ثابتٌ له عليه الصلاة والسلام.

وقد ذكر الله تعالى ذلك بقوله: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ [الكهف:110]، فقال: قل: إنما أنا بشر.

وقال: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ [يوسف:109]، فوصفهم بالرجال، فلهم ما للرجال وعليهم ما على الرجال.

أما الخصائص النبوية التي خص الله بها الأنبياء فلنبينا محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم أكملها وأتمها.

السؤال: سمعنا أن كل إنسانٍ بمشيئة الله تعالى يدفن في المكان الذي خلق منه، هل هذا صحيح يا فضيلة الشيخ؟

الجواب: لا أعلم لهذا أصلاً من الكتاب والسنة، أن الإنسان يدفن في المكان الذي خلق منه، لكن على سبيل العموم قال الله تعالى في الأرض: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [طه:55].

والإنسان لا يدري بأي أرض يموت؛ لقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [لقمان:34].

السؤال: درج على كثير من ألسنة الناس عبارة: شورك وهداية الله، تقال هذه العبارة عندما يتشاور بعض الناس في شيء، ماذا تقولون في هذا فضيلة الشيخ؟

الجواب: أقول في هذا: إن مقصود السائل أنه يستشير هذا الرجل، ويسأل الله الهداية، فكأنه قال: أنا أنتظر مشورتك وآمل هداية الله عز وجل، وهذا المعنى لا بأس فيه ولا حرج فيه، فالإنسان يستهدي ربه ويسأله الهداية، ويشاور إخوانه بما يشكل عليه، ولكن الذي ينبغي أن يبدأ بهداية الله أولاً، فيقول: هداية الله وشورك، أي: مشورتك، وإن فصل بثم فهو أولى وأحسن، فيقول: هدى الله ثم مشورتك!

السؤال: بعض الناس إذا سكن منزل جديد لا بد وأن يذبح بداخله ذبيحة أو ذبيحتين خوفاً من مس الجن اعتقاداً منهم ذلك، نرجو بهذا إفادة؟

الجواب: هذا -أعني ذبح الإنسان عند نزوله للمنزل أول مرة اتقاء الجن وحذراً منهم- محرم لا يجوز، بل أخاف أن يكون من الشرك الأكبر، ولا يزيد الإنسان إلا شراً ورعباً ورهباً، قال الله تعالى: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا [الجن:6].

والإنسان إذا نزل منزلاً ينبغي أن يقول ما جاءت به السنة: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق )، فإن (من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لن يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك ).

أما إذا ذبح الذبائح ودعا الأقارب والجيران والأصحاب من باب إظهار الفرح والسرور بهذا المنزل الجديد، فإن هذا لا بأس به ولا حرج فيه، وله أن يدعو من شاء ممن يرى أنهم يفرحون بفرحه، ويسرون بسروره.

السؤال: هل يلزم المرأة المعتدة المتوفى عنها زوجها أن تلتزم بلباسٍ أسود، أم يجوز أي لون؟ حيث نسمع أن المرأة التي في الحداد وخاصةً العاميات تلبس أسود وتجلس على أسود وتصلي على أسود، وهناك اعتقادات لديهن ما أنزل الله بها من سلطان، نأمل توضيح ما يجب على المرأة المتوفى عنها زوجها من لباسٍ وغيره؟

الجواب: المتوفى عنها زوجها يلزمها الإحداد مدة العدة، ومدة العدة محددة بالزمن، ومحددة بالحال، فإن كانت المتوفى عنها زوجها حائلاً ليس فيها حمل، فعدتها أربعة أشهرٍ وعشرة أيام منذ مات، سواءٌ علمت بوفاته حين وفاته أو لم تعلم إلا بعد، ابتداء المدة من حين الموت، فلو قدر أنه مات ولم تعلم بموته إلا بعد مضي شهرين، فإنه لم يبقَ عليها من العدة والإحداد إلا شهران وعشرة أيام، فالحائل عدتها محددةٌ بزمن، وهو أربعة أشهر وعشرة أيام من موته.

وأما الحامل فعدتها إلى أن تضع الحمل، سواءٌ طالت المدة أو قصرت، ربما تكون العدة ساعةً أو ساعتين أو أقل، وربما تكون سنةً أو سنتين أو أكثر؛ لقوله تعالى في الأولى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234] ، ولقوله تعالى في الثانية: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] ، وقد ثبت في الصحيحين أن سبيعة الأسلمية رضي الله عنها وضعت بعد موت زوجها بليالٍ، فأذن لها الرسول صلى الله عليه وسلم أن تتزوج.

وفي عدة الموت يجب على المرأة أن تحد، والإحداد يتضمن أموراً:

الأول: أن لا تخرج من البيت إلا لحاجة.

والثاني: أن لا تتجمل بالثياب، فلا تلبس ثياباً تعد ثياب زينة، ولها أن تلبس ما شاءت مما سواها، فتلبس الأسود والأحمر والأخضر، وغير ذلك مما يجوز لبسه غير متقيدة باللون الأسود.

والثالث: أن لا تتجمل بالحلي بجميع أنواعه، سواء كان أسورةٌ أم قلائد أم خروصاً أو خلاخيل أم غير ذلك، يجب عليها أن تزيل الحلي، فإن لم تتمكن بإزالته إلا بقصه وجب عليها قصه.

الرابع: أن لا تتزين بتجميل عين أو خد أو شفه، فإنه لا يجوز لها أن تكتحل ولا أن تتورس ولا أن تضع محمر الشفاه.

والخامس: أن لا تتطيب بأي نوعٍ من أنواع الطيب، سواءٌ كان بخوراً أم دهناً، إلا إذا طهرت من الحيض فلها أن تستعمل التطيب بالبخور في المحل الذي فيه الرائحة المنتنة.

وأما ما يذكره بعض العامة من كونها لا تكلم أحداً، ولا يشاهدها أحدٌ، ولا تخرج إلى حوش البيت، ولا تخرج إلى السطح، ولا تقابل القمر، ولا تغتسل إلا يوم الجمعة، ولا تؤخر الصلاة عن وقت الأذان، بل تبادر بها من حين الأذان، كل هذه أشياء ليس لها أصل في الشريعة، فالمرأة المحدة في مكالمة الرجال كغير المحدة، وكذلك في نظرها للرجال ونظر الرجال إليها كغير المحدة، يجب عليها أن تستر الوجه وما يكون سبباً للفتنة، ويجوز لها أن تخاطب الرجل ولو من غير محارمها إذا لم يكن هناك فتنة، وكذلك أيضاً من جملة مكالمة الرجال أن ترد على التلفون، وعلى باب البيت إذا قرع وما أشبه ذلك.

السؤال: ما هي الأشياء التي تحبط العمل؟ وهل تحبط جميع الأعمال منذ التكليف؟

الجواب: محبطات الأعمال تنقسم إلى قسمين: قسمٌ عام، وقسمٌ خاص يبطل كل عملٍ بعينه.

أما القسم العام المبطل لجميع الأعمال فهو الردة، فإذا ارتد الإنسان والعياذ بالله عن دين الله، ومات على الكفر، حبط جميع عمله؛ لقوله تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:217].

أما إذا ارتد ثم منَّ الله عليه فرجع إلى الإسلام، فإن عمله لا يحبط، ولهذا يسأل كثيرٌ من الناس يقول عن نفسه: إنه حج الفريضة وهو يصلي كما يصلي الناس، وقائمٌ بشعائر الإسلام، ثم أتاه وقت وارتد فيه عن الإسلام فترك الصلاة، ثم منَّ الله عليه برجوعه إلى الإسلام، فأقام الصلاة، وقام بشعائر الإسلام، فيسأل: هل بطل حجه الذي كان قبل ردته فوجب عليه أن يعيده أم لا؟

فنقول: لا، لم يبطل حجك، وليس عليك إعادته؛ لأن الله تعالى اشترط لحبوط العمل بالردة أن يموت الإنسان على الردة، هذا المبطل العام الذي يبطل جميع العبادات.

أما المبطلات الخاصة فهي تختص في كل عملٍ بحسبه، فالوضوء مثلاً يبطله الحدث، والصلاة يبطلها ما تبطل به كالضحك والكلام وشبهه، والصدقة يبطلها المن والأذى، والصوم يبطله الأكل والشرب، والحج يفسده الجماع قبل التحلل الأول، فالمهم أن محبط الأعمال الخاص كثيرٌ لا حصر له، ويختلف باختلاف العبادات التي أبطلها.