فتاوى نور على الدرب [313]


الحلقة مفرغة

السؤال: منذ دخلت المملكة لم أقدر أصلي صلاة الجمعة، لأنني ليس في إرادة نفسي ولكن في إرادة غيري، ومكان عملي بعيد ليس به مساجد، ولكن من له الإرادة يصلي، وأنا لم أصل صلاة الجمعة، فهل الوزر أو الذنب علي أم على غيري؟

الجواب: إن في الشريعة الإسلامية قاعدةً هامةً نافعة، دلت عليها عدة آيات من كتاب الله، منها قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] ، وقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ، وقوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] ، فإذا كان مكانك بعيداً عن المساجد وليس حولك مسجد يمكنك أن تؤدي صلاة الجمعة فيه، فإنه ليس عليك جمعة في هذه الحال، لأنك معذور بتركها من أجل البعد والمشقة، وإذا كان ليس عليك جمعة فليس عليك إثم ولا على الآخرين إثم، لقول الله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] ، فاحمد الله تعالى على تيسيره وعلى تسهيله لهذا الدين الذي تعبدنا به الله سبحانه وتعالى، ولتكن مطمئناً أنه لا إثم عليك في هذه الحالة.

السؤال: عندما أبدأ في الصلاة وفي منتصفها أشك في نقض الوضوء أحياناً، ولذلك أتوضأ مرتين أو أكثر، وسبب نقض الوضوء هو انحناء في الظهر؟

الجواب: هذا السؤال أجاب عنه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث سئل عن الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: ( لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً ) ، فما دمت في صلاة الفريضة ثم طرأ عليك هذا الشك: هل أحدثت أم لم تحدث؟ فإنه لا يحل لك أن تخرج منها، بل الواجب أن تستمر في صلاتك حتى تنتهي، إلا إذا تيقنت أن شيئاً خرج، فإذا تيقنت ذلك فعليك أن تخرج ولا يحل لك أن تمضي بعد أن أحدثت.

وهذا الحديث الذي أفتانا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعتبر قاعدة عظيمة من قواعد الشرع، وهي: أن اليقين لا يزول بالشك، وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، فما دامت الطهارة متيقنة فإنها لا تزول بالشك، وما دامت باقية فإن الأصل بقاؤها حتى يثبت زوالها، وفي هذا الحديث راحة للإنسان وطمأنينة للنفس، حيث يبقى بعيداً عن الوساوس والشكوك، لأنه بهذا الحديث يطرح الشك ويبني على ما استيقن وهي الطهارة.

أما إذا تيقن الحدث في أثناء الصلاة، فإنه يجب عليه أن يخرج منها، وهذا أمر قد يقع في أثناء الصلاة، وبعض الناس يبقى في صلاته إذا كان في مسجد جماعة، يخجل أن ينصرف من صلاته أمام الناس وهذا خطأ، فإن الله تعالى أحق أن يخشى وأحق أن يستحيى منه، وفي هذه الحال إذا حصل حدث في أثناء الصلاة والإنسان في جماعة فإنه يخرج ويضع يده على أنفه كأنه حصل له رعاف، حتى يزول عنه الخجل والحياء، ثم يتوضأ ويرجع إلى المسجد ليدرك مع الجماعة ما بقي من الصلاة.

السؤال: هل الزكاة تعطى إلى البنت أو الولد أو الأخ، وإذا كانت البنت متزوجة من شخصٍ فقيرٍ، لمن تعطى؟

الجواب: الزكاة فريضة وركن من أركان الإسلام، وصرفها في مستحقها فريضة أيضاً، لقوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60] ، وهذه الأوصاف التي علق بها الاستحقاق عامة في كل أحد، فالأصل أن كل من اتصف بها فإنه يجوز صرف الزكاة إليه، إلا ما قام الدليل على منعه.

وعلى هذا: فصرف الزكاة إلى البنت والابن والأب والأخ وما أشبه ذلك، إن كان في ذلك توفير لمال الإنسان فيما يجب عليه، فإن الزكاة لا يحل دفعها إليهم، وإن لم يكن فيها توفير فلا بأس بدفع الزكاة إليهم، مثال ذلك: إن كان لك ابن فقير، ومن المعلوم أنك إذا كنت غنياً وهو فقير فإنه يجب عليك أن تنفق عليه، فلو أعطيته من الزكاة في هذه الحال لكان مقتضى ذلك أن توفر على نفسك الإنفاق على هذا الابن، وكأنك في الحقيقة لم تدفع الزكاة، وعلى هذا فلا يجوز في هذه الحال أن تعطي ابنك من زكاتك، وهكذا نقول في الأب، وهكذا نقول في الأخ وسائر من تلزمك نفقتهم: إنك إذا دفعت إليهم من الزكاة ما توفر به مالك عن الإنفاق عليهم، فإن ذلك لا يجوز.

أما إذا كان إعطاؤك إياهم من الزكاة لا يقتضي ذلك، فإن إعطاءهم من الزكاة لا بأس به، فلو كان ابنك غريماً - أي: مطلوباً للناس طلباً ليس سببه الإنفاق الواجب عليك - وقضيت دينه من زكاتك فلا حرج عليك، مثال ذلك: أن يفلس ولدك بتجارته، مثل: أن يشتري عقاراً فتنزل القيم ويخسر بذلك، ففي هذه الحال يجوز لك أن تسدد من زكاتك الأقساط التي كانت عليه، سواء كانت كثيرة أم قليلة، لأن وفاء دينه لا يجب عليك، فإذا أوفيته من زكاتك فإنك لم توفر شيئاً واجباً عليك في مالك، وكذلك لو كان على زوجتك دين ولا تستطيع وفاءه، فإنه يجوز أن تقضي دينها من زكاتك، وكذلك والدك لو كان عليه دين لا يستطيع وفاءه لا حرج عليك أن تقضي دينه من زكاتك.

هذا إذا لم يكن الدين الواجب على هؤلاء سببه الضرورة إلى النفقة، فيستدينون بنية الرجوع عليك، ففي هذه الحالة لا يجوز لك أن تقضي دينهم من زكاتك، لأنك توفر مالك في شيء يجب عليك دفعه.

وأظن أن الجواب على هذا السؤال قد فهم من هذا التفصيل، فنقول: يجوز أن تدفع زكاتك لولدك إذا لم توفر شيئاً واجباً عليك في مالك، مثل: أن تقضي دينه الذي لا يستطيع وفاءه من زكاتك، وكذلك الوالد وكذلك الأخ، فكل قريبٍ لا يجب عليك الإنفاق عليه فإنه يجوز أن تدفع الزكاة إليه، سواء كان من أصولك أو فروعك أو من حواشيك.

السؤال: هل ليلة القدر ثابتة في ليلة معينة من كل عام، أم أنها تنتقل من ليلة لأخرى من الليالي العشر من العام الآخر، نرجو توضيح هذه المسألة بالأدلة؟

الجواب: ليلة القدر لا شك أنها في رمضان، لقول الله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر:1] ، وبين الله تعالى في آية أخرى أن الله أنزل القرآن في رمضان، فقال عز وجل: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة:185] ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأول من رمضان يطلب ليلة القدر، ثم اعتكف العشر الأواسط، ثم رآها صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان، ثم تواطأت رؤيا عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنها في السبع الأواخر من رمضان، فقال: ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر من رمضان، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ) ، وهذا أقل ما قيل فيها، أي: في حصرها في زمنٍ معين.

وإذا تأملنا الأدلة الواردة في ليلة القدر تبين لنا أنها تنتقل من ليلة إلى أخرى، وأنها لا تكون في ليلة معينة كل عام، فالنبي عليه الصلاة والسلام أوري ليلة القدر في المنام وأنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، وكانت تلك الليلة ليلة إحدى وعشرين، وقال عليه الصلاة والسلام: ( التمسوها في ليالي متعددة من العشر ) ، وهذا يدل على أنها لا تنحصر في ليلة معينة، وبهذا تجتمع الأدلة، ويكون الإنسان في كل ليلة من ليالي العشر يرجو أن يصادف ليلة القدر.

وثبوت أجر ليلة القدر حاصل لمن قامها إيماناً واحتساباً، سواء علم بها أم لم يعلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، ولم يقل: إذا علم أنه قامها، فلا يشترط في حصول ثواب ليلة القدر أن يكون العامل عالماً بها بعينها، ولكن من قام العشر الأواخر من رمضان كلها، فإننا نجزم بأنه قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، سواء في أول العشر أو في وسطها أو في آخرها.

السؤال: هناك من يقول بجواز المسح على كل خف، سواءً كان مخرقاً أو مفتقًا، وسواءً أمكن متابعة الشيء فيه، أم لا، فلو كان على قدميه لفافة لجاز المسح على ذلك كله، وحجتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للمسلمين في مسح الخفين في أحاديث كثيرة، ليس في شيء منها اشتراط سلامة الخف من الشق، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، نرجو من فضيلة الشيخ بيان مدى صحة هذا القول؟

الجواب: هذا القول الذي أشار إليه السائل وهو: جواز المسح على كل ما لبس على الرجل هو القول الصحيح، وذلك أن النصوص الواردة في المسح على الخفين كانت مطلقة غير مقيدة بشروط، وما ورد عن الشارع مطلقاً فإنه لا يجوز إلحاق شروطٍ به، لأن إلحاق الشروط به تضييق لما وسعه الله عز وجل ورسوله، والأصل بقاء المطلق على إطلاقه والعام على عمومه حتى يرد دليل على التقييد أو التخصيص.

وقد حكى بعض أصحاب الشافعي عن عمر و علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، جواز المسح على الجورب الرقيق، وهذا يعضد القول الذي أشار إليه السائل، وهو جواز المسح على الجوارب الخفيفة الرقيقة، وعلى الجوارب المخرقة وكذلك الخف، وكذلك على القول الراجح المسح على اللفافة، بل إن جواز المسح على اللفافة أولى لمشقة حلها ولفلها، وهذا هو الذي يتمشى مع قوله عز وجل حين ذكر آية الطهارة في الوضوء والغسل والتيمم، قال: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:6] .

السؤال: إذا جاء الشخص إلى مصلى العيد ووجد الإمام في الخطبة وقد أدى الصلاة، فهل يصلي ركعتي العيد أم يجلس لاستماع الخطبة بحجة أن الصلاة قد فاتت؟

الجواب: إذا جاء الإنسان يوم العيد والإمام يخطب فقد انتهت الصلاة كما هو معلوم، ولكن لا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية للمسجد، فإن العلماء - وأعني بذلك: فقهاء الحنابلة رحمهم الله - نصوا على أن مصلى العيد مسجد حكمه حكم المساجد، ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحيض أن تعتزله، وهذا يدل على أن حكمه حكم المساجد، وبناءً عليه فإنه إذا دخله الإنسان لا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية المسجد.

أما قضاء صلاة العيد إذا فاتت فقد اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من قال: إنها تقضى على صفتها، ومنهم من قال: إنها لا تقضى، والقائلون بأنها لا تقضى يقولون لأنها صلاة قد شرعت على وجه الاجتماع، فلا تقضى إذا فاتت كصلاة الجمعة، لكن صلاة الجمعة يجب أن يصلي الإنسان بدلها صلاة الظهر لأنها فريضة الوقت، أما صلاة العيد فليس لها بدل، فإذا فاتت مع الإمام فإنه لا يشرع قضاؤها، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو عندي أقرب إلى الصواب من القول بالقضاء، والله أعلم.

السؤال: عندما حضرت إلى المملكة للعمل، سألت الله سبحانه وتعالى أن يوفقني في عملي وسفري هذا، ونذرت لله سبحانه وتعالى أن أصلي يومياً أربع ركعات حمداً وشكراً له وذلك طول حياتي، وذات يوم نسيت صلاة هذه الأربع ركعات، وقمت بصلاتها في اليوم التالي، فما الحكم في هذا السهو، هل يجوز قضاؤها ثاني يوم، أم الأمر فيه كفارة؟

الجواب: قبل أن أجيب على السؤال أود أن أنبه، وكم نبهت ونبه غيري على أن النذر مكروه، حتى قال بعض العلماء: إنه حرام، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، وفي القرآن ما يشير إليه - أي: إلى النهي عنه - حيث قال الله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ [النور:53] ، أي: أطيعوا الله تعالى بدون أن تقسموا، أو أطيعوا الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أمركم بالخروج بدون أن تقسموا.

والنبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن النذر، وقال: إنه لا يأتي بخير )، والنظر يقتضي النهي عنه أيضاً، لأن كثيراً من الناذرين يصعب عليهم بعد أن يوفوا بنذورهم، فتجدهم يذهبون إلى كل عالم يطرقون بابه لعلهم يجدون الخلاص منه، وبعضهم يتهاون ولا يوفي بنذره، وإذا تهاون الإنسان بنذره الذي يجب عليه الوفاء به فإنه يخشى عليه من النفاق، لقول الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:75-77] .

وبعد هذا نجيب على سؤال السائل، ونقول: إنك نذرت أن تصلي لله تعالى أربع ركعات طول حياتك ما دمت في المملكة كما يظهر لي من سؤالك، والصلاة طاعة لله عز وجل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) ، وعلى هذا فيلزمك أن تصلي كل يوم أربع ركعات كما نذرت، فإذا نسيتها ذات يوم فصلها متى ذكرتها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نام عن صلاةٍ أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ) ، والواجب بالنذر يحذى به حذو الواجب بأصل الشرع.

أما لو تركتها عمداً إلى اليوم الثاني فإنك آثم بذلك، لأنك لم تأت بنذرك، وعندي تردد في كونه يجزئك أن تقضيها في اليوم الثاني أو لا يجزئك، لأنها صلاة مؤقتة بوقت أخرجتها عن وقتها بدون عذرٍ شرعي، فلا تكون مقبولة منك، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ، وأنت مأمور أن توفي بنذرك في وقته الذي عينته، فإذا أخرته عن وقته الذي عينته عمداً فقد فعلت غير ما أمرت، فيكون ذلك مردوداً عليك، وفي هذه الحال تكفر كفارة يمين لفوات النذر عن وقته، وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة.

السؤال: ثلاثة إخوة يعملون في المملكة، وكل منهم له رزقه وظروفه، يقول: ولقد اتفقنا بين أنفسنا على أن نساهم في نفقات الحج لوالدتنا، يقول: ذات يوم أرسلت أمي لي برسالة تطلب فيها أن أشتري لها جنيه ذهب، فأرسلت إليها بالرد، بأنني أفضل شراء قطعة ذهب مكتوب عليها لفظ الجلالة بدلًا من الجنيه الذهب، لأنه مرسوم عليه صورة جورج فأرسلت لي بأنها ترغب الجنيه الذهب، وأضافت بالسلسلة، وبذلك أصبحت التكلفة أكثر بخلاف تصميمها على شراء الجنيه الذهب، فأرسلت إليها بدلًا من هذا وذاك، وأفدتها بأن قيمة الذهب سوف أدفعها لكي تؤدي فريضة الحج بالمساهمة مع أشقائي، ورفضت مبدأ شراء الذهب، علمًا بأن قيمة تكلفة مساهمتي في الحج أكثر من شراء الذهب، ولم يأت الرد منها، ومضى على ذلك حوالي شهرين، وأشعر الآن بضيقٍ نفسيٍ شديد لعدم إرسالها لي أي خطاب. سؤال: هل بتصرفي معها بهذا أصبحت عاقًا لأمي، وماذا أفعل.. نصيحتكم؟

الجواب: فعلك هذا فعل حسن وهو خير لأمك، ولكن مع ذلك لو أنك اشتريت لها ذهباً ليس عليه رسم إنسان، ولا كتب عليه اسم الله عز وجل لكان ذلك أحسن، لأن الذهب الذي كتب عليه اسم الله قد يكون ممتهناً من لابسه، وهذا أمر لا يليق بما كتب عليه اسم الله عز وجل، والذي رسم عليه الصورة لا يحل لبسه، لأن لبس ما فيه الصورة سواءً كان حلياً أم ثياباً محرم لا يجوز، لما فيه من استصحاب الصورة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ).

وأنت لا تقلق على تأخر الجواب، ولكن تابع المسألة واكتب إليها مرةً أخرى، وأشر عليها وخذ رأيها بعد ذلك، لكن إن اختارت شيئاً ممنوعاً فلا تطعها وأقنعها بأن هذا ممنوع، وأن في المباح ما يغني عنه ويسلم به الفاعل من الإثم.