فتاوى نور على الدرب [267]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما حكم العمل بالمحاماة هل هو حرام؟

الجواب: العمل بالمحاماة يتبين حكمه بنوع تلك المحماة، فإن كان المقصود بالمحاماة الدفاع عن الحق ومهاجمة أهل الباطل، فإن هذا لا بأس به، بل قد يكون واجباً، لأن الدفاع عن الحق واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وأما إذا كان العمل بالمحاماة من أجل انتصار الإنسان لقوله، وأكله ما يأكله على هذا العمل من الأموال، دون النظر إلى كونه موافقاً للحق أو مخالفاً له، فإن هذا حرام ولا يجوز، وعلى الإنسان أن ينظر في أمره هل هو يريد أن يدافع عن الحق، وأن يحمي حوزة الحق، فليعمل في ذلك، أما إذا كان لا يريد إلا أن يأخذ ما يأخذه من المال من أجل محاماته، ويحرص على أن يكون قوله هو القاطع الفاصل وإن كان باطلاً، فإن ذلك حرام.

السؤال: إذا حلف الرجل بالطلاق على زوجته وهي لا تدري بهذا، فما حكم الشرع في نظركم في هذا؟

الجواب: قبل الإجابة على هذا السؤال، أحب أن أوجه نصيحة إلى إخواننا المسلمين، بأن لا يعتادوا الحلف بالطلاق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )، والحلف بالطلاق اختلف فيه أهل العلم، فمنهم من يرى أن الطلاق يقع به مطلقاً، فإذا قال: إن فعلت كذا فزوجتي طالق، أو إن لم أفعل كذا فزوجتي طالق فخالف، فرأى بعض أهل العلم أن زوجته تطلق بكل حال، لأنه علق الطلاق على شرط فتحقق ذلك الشرط، ورأى بعض أهل العلم أن ذلك يختلف بحسب نيته، فإذا كان قصده وقوع الطلاق على زوجته بالمخالفة وقع الطلاق، وإن كان قصده تأكيد الامتناع من هذا الشيء، أو تأكيد فعل هذا الشيء، أو تهديد زوجته إن كان ذلك موجهاً إليها، فإن ذلك في حكم اليمين ولا يقع به الطلاق بالمخالفة، وإنما يجب عليه كفارة اليمين، وإذا كان هذا خلاف أهل العلم في هذه المسألة، فإن الواجب على المرء أن ينزه لسانه من ذلك، وإذا أراد أن يحلف فليحلف بالله أو ليصمت، والأقرب من أقوال أهل العلم في هذه المسألة أنه على حسب ما نوى هذا الحالف بالطلاق، فإن قصد اليمين فهو يمين، وإن قصد الطلاق فهو طلاق، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ).

السؤال: أنا أعمل في يوم الجمعة لظروف العمل، والمسئول لا يعطيني فرصة لقضاء صلاة الجمعة فما حكم الشرع في نظركم في هذا، وما هو الواجب علي أن أتبعه؟

الجواب: صلاة الجمعة واجبة على كل مسلم إذا سمع النداء أن يجيب، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9]، فإن كان مكانك بعيداً عن المسجد، كما لو كان في مزارع خارج البلد ولا تسمع النداء فإنه ليس عليك صلاة جمعة في هذه الحال، وإنما تصلي ظهراً، أما إذا كنت داخل البلد وتسمع أذان جمعة، وصاحبك يمنعك من حضورها، فإن المرجع في ذلك إلى المحكمة عندكم، وهي بدورها تقوم بما يجب نحو هذا الرجل.

السؤال: ما هي المسافة التي ينبغي أن تكون بين موضع سجود المصلي والمار بين يديه، مع بيان الدليل؟

الجواب: المصلي لا يخلو من حالين: إما أن يتخذ سترة له يضعها أمامه، فتكون هي الحائل بينه وبين المار بين يديه، ولا يحل لأحد أن يمر بينه وبين سترته، فإن حاول أحد أن يمر بينه وبين سترته فإنه يدفعه، فإن أبى فليقاتله فإن معه الشيطان، كما ثبت بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الحال الثانية: أن لا يكون له سترة، فإذا لم يكن له سترة، فإن من أهل العلم من يقول: إن المسافة ثلاثة أذرع من قدميه فما دونها لا يحل لأحد أن يمر منها، وما وراءها فإنه لا حرج بالمرور منه، وقال بعض أهل العلم: إذا لم يكن له سترة فإن حد ذلك موضع سجوده، فما كان من وراء موضع سجوده فلا حرج على الإنسان أن يمر به، وهذا أقرب إلى الصواب، إلا إذا كان للإنسان مصلى خاص يصلي عليه، فإنه لا يحل لأحد أن يمر بينه وبين منتهى هذا المصلى الخاص.

السؤال: هل صحيح بأن الدعاء لا يصعد للسماء ليقبل إلا إذا كان قبله وبعده صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وما الدليل على ذلك؟

الجواب: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء والبداءة بحمد الله والثناء عليه قبل الدعاء، هذا هو الأفضل وهو المشروع، فإذا أراد أحد أن يدعو الله عز وجل فليبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما شاء، ولو دعا بدون ذلك فلا حرج عليه فيه، وليس تركه للحمد والثناء على الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم بمانع من قبول دعوته، بل قد يقبل دعاؤه وإن لم يفعل.

وأما الحديث الذي أشار إليه، فإنه ما يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: ( الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تصلي على نبيك )، فإنه لا يحضرني الآن مدى صحة هذا الحديث.

السؤال: شخص لحق الإمام في التشهد الأخير، فهل يكتفي بقراءة التشهد أم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو كذلك، مع الدليل؟

الجواب: إذا أدرك الإمام في التشهد فإنه يدخل معه ويقرأ التشهد ويستمر حتى ينهيه، لأنه إنما جلس في هذا الموطن متابعة لإمامه، فليكن تابعاً لإمامه في الجلوس وفي الذكر المشروع في هذا الجلوس، هذا هو المشروع له، ولو اقتصر على التشهد الأول فأرجو أن لا يكون به بأس، ولكن الأفضل أن يتابع حتى يكمل.

السؤال: هل يجوز لبس ملابس مطبوع عليها بعض الصور مثل الأسماك والطيور؟

الجواب: لا يجوز للإنسان أن يلبس شيئاً فيه صورة، سواء كان ثوباً أو سروالاً أو غترة أو طاقية أو فنيلة أو غير ذلك، وذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن ( الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة )، وكذلك لا يحل أن تلبس المرأة حلياً على شكل صورة حيوان، سواء كان ذلك الحيوان طيراً أم ثعباناً أم غيره، للحديث الذي أشرنا إليه آنفاً، وهو: ( أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ).

السؤال: عندي كلاب أربيها، وهي ليست من كلاب الصيد المعروفة، فهل عندما تصيد حلال أم حرام، وما حكم تربية مثل هذه الحيوانات؟

الجواب: لا يحل للإنسان أن يقتني كلباً إلا أن يكون كلب صيد أو حرث أو ماشية، كما ثبت بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الكلاب التي أشار إليها السائل إن كان يقتنيها ليمرنها على الصيد حتى تصطاد فإنه لا حرج عليه في ذلك، لقوله تعالى: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [المائدة:4]، وأما إذا كان يقتنيها لمجرد هوايته لها، فإن هذا حرام عليه ولا يجوز، وينتقص من أجره كل يوم قيراط.

وبهذه المناسبة أود أن أنبه على ما يفعله كثير من المترفين باقتناء الكلاب في بيوتهم، بل ربما يشترونها بأثمان باهظة، مع أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ثمن الكلب، يفعلون ذلك تقليداً لغير المسلمين، ومن المعلوم أن تقليد غير المسلمين فيما كان من خصائصهم أمر لا يجوز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من تشبه بقوم فهو منهم )، فنصيحتي لهؤلاء الإخوة أن يتقوا الله عز وجل، وأن يحفظوا فلوسهم، وأن يحفظوا أجورهم وثوابهم من النقص، وأن يدعوا هذه الكلاب، ويتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى، ومن تاب تاب الله عليه.

السؤال: أنا أحد رعاة الأغنام، وأحياناً لا يتوفر لدي الماء عند وقت الصلاة، فهل يجوز لي التيمم، علماً بأنني أقضي حاجتي عند بعض الأوقات؟

الجواب: نعم، إذا كنت راعياً للغنم وحضرت الصلاة وليس عندك ماء فإن الله عز وجل أباح لك التيمم، قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكر من خصائصه التي خصها الله بها وأمته: ( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل )، إذا أدركتك الصلاة فصل، إن كان عندك ماء تطهرت به، وإن لم يكن عندك ماء تطهرت بالتراب، ويجزئك ذلك.

السؤال: هل لحم التمساح والسلحفاة حلال أم حرام، لأن هذه كلها عندنا في السودان؟

الجواب: كل صيد البحر حلال حيه وميته، قال الله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ [المائدة:96]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: صيد البحر ما أخذ حياً وطعامه ما وجد ميتاً، إلا أن بعض أهل العلم استثنى التمساح، وقال: إنه من الحيوان المفترس، فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن كل ذي ناب من السباع من وحوش البر، فإن هذا أيضاً محرم، ولكن ظاهر الآية الكريمة التي تلوتها أن الحل شامل للتمساح.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3916 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3697 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3649 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3503 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3498 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3479 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3445 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3421 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3343 استماع