عنوان الفتوى : الجائز والممنوع في خروج المرأة من بيت زوجها دون إذنه
زوجي كثير الغضب على أبسط الأمور، ويهجرني لأسبوع، وأسبوعين، وأحيانًا لشهر، ويمنعني من الخروج من المنزل فقط، لأنه غاضب.
ونحن على هذا الحال منذ خمس سنوات، وأنا الآن أخرج دون استئذانه، وأحيانًا دون علمه، فهل أنا آثمة؟ ويقول لي من حقي منعك، وعليك الاستئذان، فهل يحق له استغلال حقوقه في الأذيَّة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الزوجين المعاشرة بالمعروف، والتأدب بآداب الشرع؛ فلا يجوز لأحدهما أن يمنع صاحبه حقَّه، أو يلحق به الأذى دون مسوِّغ؛ فليس للزوج أن يهجر زوجته دون موجب شرعي، وليس للزوجة أن تمنع زوجها حقَّه في الفراش، أوتخرج من بيته دون إذنه، لغير ضرورة، وإذا فعلت ذلك كان له تأديبها بالهجر.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فإن أظهرت النشوز، وهو أن تعصيه، وتمتنع من فراشه، أو تخرج من منزله بغير إذنه، فله أن يهجرها في المضجع؛ لقول الله تعالى: واهجروهن في المضاجع {النساء: 34}. انتهى.
فإن كنت تخرجين من بيت زوجك دون رضاه لضرورة؛ فلا إثم عليك، وأمّا إذا كنت تخرجين لغير ضرورة، فأنت آثمة، وهذه بعض أقوال أهل العلم في تحريم خروج الزوجة دون إذن زوجها لغير ضرورة.
قال الباجي -رحمه الله- في المنتقى شرح الموطأ: قَوْلُهُ: لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ ـ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلزَّوْجِ مَنْعُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّ لَا خُرُوجَ لَهُنَّ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ مَنْعُ الْمَرْأَةِ مِنْ ذَلِكَ لَخُوطِبَ النِّسَاءُ بِالْخُرُوجِ، وَلَمْ يُخَاطَبْ الرِّجَالُ بِالْمَنْعِ. انتهى.
وجاء في مواهب الجليل للحطاب -رحمه الله-: وليس له منع زوجته من التجارة، وله منعها من الخروج. انتهى.
وقال الخطيب الشربيني -رحمه الله- في الإقناع: وَالنُّشُوزُ يَحْصُلُ بِخُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، لا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ، وَلا إلَى اكْتِسَابِهَا النَّفَقَةَ إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ، وَلا إلَى اسْتِفْتَاءٍ إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا، وَلَمْ يَسْتَفْتِ لَهَا. انتهى.
وقال الرحيباني -رحمه الله- في مطالب أولي النهى: وَيَحْرُمُ خُرُوجُهَا -أَيْ الزَّوْجَةِ- بِلَا إذْنِهِ أَيْ: الزَّوْجِ، أَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ كَإِتْيَانٍ بِنَحْوِ مَأْكَلٍ، لِعَدَمِ مَنْ يَأْتِيهَا بِهِ. انتهى.
وراجعي الفتوى: 211015.
وننبه إلى أنّ الأصل في علاقة الزوجين المودة، والتفاهم، ولا ينبغي لأحدهما أن يكره الآخر، أو ينفر منه لعيب فيه، أو تقصير منه في بعض الحقوق، بل ينبغي عليه الصبر، والتجاوز عن بعض الأخطاء، والتغاضي عن الزلات والهفوات، والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاقه وصفاته.
والله أعلم.