فتاوى نور على الدرب [244]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما حكم جمع الأوراق المتناثرة من المصاحف والممزقة وحرقها حتى لا تتعرض للامتهان؟ وهل الأفضل في ذلك حرقها أم دفنها كما هي؟

الجواب: لا أحد من المسلمين يشك أن القرآن الكريم يجب على المسلم احترامه وتعظيمه ومنع تعرضه للإهانة، وهذه الأوراق الممزقة التي سأل عنها السائل والتي لا يمكن أن ينتفع بها بقراءة، له فيها طريقتان:

الطريقة الأولى: أن يدفنها في مكان نظيف طاهر لا يتعرض للإهانة في المستقبل حسب ظن الفاعل.

الطريقة الثانية: أن يحرقها وإحراقها جائز لا بأس به، فإن الصحابة رضي الله عنهم لما وحدوا المصاحف على حرف قريش في عهد عثمان رضي الله عنه أحرقوا ما سوى هذا الموحد، وهذا دليل على جواز إحراق المصحف الذي لا يمكن الانتفاع به، ولكني أرى أنه إن أحرقها فليدقها حتى تتفتت وتكون رماداً؛ ذلك لأن المحرق من المطبوع تبقى فيه الحروف ظاهرة بعد إحراقه ولا تزول إلا بدقه حتى يكون كالرماد.

مداخلة: وإذا مزقت؟

الشيخ: إذا مزقت تبقى هناك طريقة ثالثة لكنها صعبة؛ لأن التمزيق لابد أن يأتي على جميع الكلمات والحروف، وهذه صعبة إلا أن توجد آلة تمزق تمزيقاً دقيقاً جداً بحيث لا تبقى صورة الحرف، فتكون هذه طريقة ثالثة.

السؤال: ما حكم قضاء الرجل الحاجة قائماً وهل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك؟

الجواب: حكم قضاء الرجل الحاجة خاصة البول قائماً لا بأس به، لكن بشرطين:

الشرط الأول: أن يأمن من التلوث بالبول.

والشرط الثاني: أن يأمن من ناظر ينظر إليه، وقد ثبت من حديث حذيفة رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم -السباطة: الزبالة- فبال قائماً)، وعلى هذا فلا يكون البول قائماً محرماً كما يفهمه كثير من العامة، ومن العجائب أن العامة -كما قيل: إن العوام هوام- أنهم ينكرون إنكاراً بالغاً أن يبول الإنسان قائماً، ولكنه يهون عليهم أن يبول الإنسان والناس ينظرون إلى عورته، ولهذا تجدهم لا يهتمون بهذا الأمر اهتماماً كبيراً، والذي ينبغي للإنسان أن يستتر عن الأعين حتى ببدنه، أما بعورته فيجب أن يكون ساتراً لها عن الأعين، فإذا كان الإنسان يبول في صحراء أو يتغوط في صحراء فمن الأفضل أن يبعد حتى يتوارى عن الناس إما بشجرة أو أكمة أو وادٍ أو نحو ذلك فهذا من الآداب الشرعية، وأما الاستتار عن الأعين بالنسبة للعورة فهو أمر واجب لا بد منه، وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: ( لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا )، وهذا عام في الصحراء والبنيان، ولهذا قال أبو أيوب : فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله عز وجل، وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: ( ولكن شرقوا أو غربوا) هذا خاص بأهل المدينة، ومن كان على سمتهم ممن إذا شرقوا أو غربوا لا يستقبلون القبلة، وهو من حسن تعليم الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه كان من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم أنه إذا ذكر شيئاً ممنوعاً فتح للأمة الباب الجائز حتى لا توصد الأبواب أمامها، وهذا أيضاً هو طريقة القرآن، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا [البقرة:104]، لما نهاهم أن يقولوا: (راعنا) فتح لهم القول الجائز وَقُولُوا انظُرْنَا، وكذلك ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام في قصة التمر الذي جاء به بلال إليه، وكان تمراً جيداً فقال له: ( أكل تمر خيبر هكذا؟ قال: لا؛ ولكننا نأخذ الصاع من هنا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: لا تفعل ولكن بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم ... )، فلما ذكر له الممنوع فتح له الجائز، وهكذا ينبغي لكل داعية يدعو إلى الله عز وجل، يأمر الناس وينهاهم، إذا نهاهم عن أمر منكر أن يفتح لهم الباب الجائز من نوعه حتى يلج الناس منه. عوداً على الحديث الذي أشرت إليه، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( ولكن شرقوا أو غربوا )، ولكن قد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر أنه قال: رقيت يوماً على بيت حفصة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة، وهذا يدل على أنه إذا كان في البنيان فإنه يجوز استدبار الكعبة، فيبقى النهي عن استقبالها قائماً غير مخصص؛ وعلى هذا فإذا بنى الإنسان له بيتاً فإنه يجب أن يلاحظ هذه المسألة بحيث لا تكون وجوه الجالسين على قضاء الحاجة مستقبلة القبلة، بل تكون القبلة عن أيمانهم أو عن شمائلهم أو عن أدبارهم وهذا هو الأفضل، أما استقبالها فلا يجوز لا في الفضاء ولا في البنيان.

السؤال: يقوم بعض مدراء المدارس بجمع مبالغ نقدية من الطلبة للمساهمة في فتح ما يسمى بالمقصف لتقديم بعض المأكولات الخفيفة والمشروبات، وبعض اللوازم المدرسية للطلاب، على أن يوزع الأرباح في آخر العام بين الطلبة، لكن ما يثير شكي في هذا الموضوع أن بعضهم يحدد للطلاب ربحاً معيناً فيقول مثلاً: الذي يدفع عشرة ريالات يأخذ آخر العام خمسة عشر أو عشرين فما الحكم في هذا؟

الجواب: الحكم في هذا أنه لا يجوز أن يحدد الربح؛ لأن هذا المال يجب أن يكون ربحه قليلاً كان أم كثيراً للذين بذلوه وساهموا في ذلك، ولا حرج أن يُجعل شيء من الربح للقائمين على ذلك، ولكنه يكون شيئاً مشاعاً، فيقال مثلاً: للقائمين على هذا المقصف لهم نصف الربح أو لهم الثلثان أو لهم الثلث أو الربع حسب ما يراه مدير المدرسة ملائماً للعدل، أو يجعل الربح كله للمساهمين، ويجعل للقائمين على هذا المقصف أجرة شهرية معينة، وأما أن يجعل ربح معلوم بالتعيين لا بالإشاعة للمساهمين فإن هذا لا يجوز؛ وذلك لأن المقصف قد يربح بقدر هذا الجزء المعين وقد يربح أكثر وقد يربح أقل، وهذه معاملة مبنية على الخطر، وكل معاملة مبنية على الخطر فإنها تكون من الميسر الذي قال الله تعالى فيه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90] .

السؤال: ما حكم البدء بالأعضاء الشمال قبل اليمين في الوضوء؟ وهل الصلاة التي أديت على هذا النحو صحيحة أم تجب إعادتها؟

الجواب: البداءة بالشمال قبل اليمين في الوضوء في غسل اليدين والرجلين خلاف السنة فإن السنة أن يبدأ الإنسان باليمين؛ لقول عائشة رضي الله عنها: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله )، ولقوله عليه الصلاة والسلام: ( ألا فيمنوا، ألا فيمنوا، ألا فيمنوا )، فالبداءة باليمين أفضل، ولكن لو بدأ بالشمال فإنه يكون مخالفاً للسنة ووضوءه صحيح؛ لأنه لم يدع شيئاً واجباً في الوضوء، وترك السنن في العبادات لا يوجب فسادها وإنما يوجب نقصها، وكلما كانت العبادة أكمل كان أجرها أعظم، والحاصل أن وضوء هذا الرجل الذي بدأ بشماله قبل يمينه في وضوئه صحيح وصلاته التي صلاها بهذا الوضوء صحيحة.

مداخلة: حتى لو كان متعمداً لم يكن ناسياً؟

الشيخ: نعم ولو كان متعمداً؛ لأنه كما قلت: سنة وليس بواجب.

السؤال: نحن نعلم علم اليقين أن الإسلام حرم الشعوذة وحاربها ولكن يحدث أحياناً أن يصاب شخص ما بأحد الأمراض فيراجع كل الأطباء المختصين بذلك المرض ولكن دون جدوى، وأخيراً يقال له: إننا لم نعرف هذا الداء من قبل وليس عندنا له دواء إلى أن يزداد عليه المرض أكثر فأكثر، وأخيراً يقرر أن يذهب لأحد المنجمين مع أنه يعلم أن ذلك حرام ففعلاً ذهب وما هي إلا أيام حتى بريء بحمد الله فما رأيكم في مثل هذه الأحوال؟

الجواب: رأينا في هذه الأحوال أن السائل حكم على نفسه بأنه فعل محرماً؛ لأنه ذكر أنه يعلم أنه حرام وأن الإتيان إلى الكهان والمنجمين محرم، وإذا كان محرماً فإنه لا يجوز للإنسان أن يذهب إليهم؛ لأن الله تعالى لم يجعل شفاء هذه الأمة فيما حرم عليها، والواجب على هذا الذي فعل ما فعل، أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من هذا العمل وأن يكثر من الاستغفار والتوبة والعمل الصالح لعل الله سبحانه وتعالى أن يعفو عنه، ومن أصيب بمثل هذه الأمور فإن له طريقاً مفيداً جداً بل هو أفيد الأشياء لمن وفق له، وهو القراءة على هذا المصاب بالآيات القرآنية وبما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث النبوية التي يستشفى بها ففيها الشفاء وفيها الكفاية وفيها العافية.

السؤال: أحياناً يساور الإنسان الشك في صلاته عندما يصلي فيظن أنه قد صلى ركعتين أو أكثر فماذا يجب عليه أن يعمل؟ هل يعيد صلاته أم يواصلها؟

الجواب: الشك في عدد الركعات لا يخلو من حالين:

الحال الأولى: أن يكون شكاً متردداً فيه تردداً كاملاً لا يترجح فيه أحد الطرفين عنده، ففي هذه الحال يبني على الأقل؛ لأنه متيقن، وما زاد عليه مشكوك فيه والأصل عدم وجوده، فيبني على الأقل ويتم عليه ويسجد سجدتين قبل أن يسلم، مثال ذلك: إذا شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، ولم يترجح عنده أنها أربع ولا أنها ثلاث فإنه يجعلها ثلاثاً ويأتي بركعة ويسجد للسهو قبل أن يسلم، وكذلك لو شك هل صلى ركعتين أم ثلاثاً ولم يترجح عنده شيء فإنه يجعلها ركعتين ويتم عليها ويسجد للسهو قبل السلام، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أما إذا ترجح عنده أحد الطرفين فإنه يبني على ما ترجح عنده سواء كان هو الأقل أم الزائد ثم يتم عليه ويسلم ويسجد سجدتين بعد السلام مثاله: إذا شك هل كانت صلاته ثلاثاً أم أربعاً وترجح عنده أنها أربع فإنه يعتبر هذه الركعة التي حصل فيها الشك يعتبرها الرابعة؛ لأنه هو الذي يغلب على ظنه فيتم عليها ويسلم ثم يسجد سجدتين للسهو ويسلم، وإذا شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً ولكن ترجح عنده أنها ثلاث فإنه يبني على أنها ثلاث ويأتي برابعة ويسلم ويسجد للسهو ويسلم، هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه فتبين بهذا أن للشك حالين:

الحال الأولى: ألا يترجح عنده شيء فيبني على اليقين وهو الأقل ويتم عليه ويسجد قبل السلام.

والحال الثانية: أن يكون عنده ترجيح إما للزيادة أو للنقص وفي هذه الحال يبني على ما ترجح عنده ويسلم ثم يسجد سجدتين لسهو ويسلم، هكذا جاءت السنة بالتفريق بينهما، فعلى المرء أن يكون منتبهاً لهذه المسألة لأنها مهمة وكثيرة الوقوع، وأما صلاته فإنها لا تبطل بل صلاته صحيحة ولا يجب عليه إعادتها.

السؤال: توفيت امرأة وتركت زوجاً وأماً وأختاً شقيقة وأربع أخوات لأب فما ميراث كل منهم؟

الجواب: المسألة أن امرأة ماتت عن زوج وأم وأخت شقيقة وأربع أخوات لأب فنقول: إن المسألة تكون من ستة للزوج النصف ثلاثة، وللأم السدس واحد، وللأخت الشقيقة النصف ثلاثة، وللأخوات لأب السدس تكملة الثلثين واحد، وتعول إلى ثمانية، ثلاثة للزوج وواحد للأم، وثلاثة للأخت الشقيقة، وواحد للأخوات من الأب، وعلى هذا فتقسم التركة على ما عالت عليه المسألة إلى ثمانية أقسام وتوزع كما سمعت.

السؤال: شخص أعرج لا يقدر أن يصلي قائماً إلا أن يكون مستنداً على شيء كجدار أو عصا، فهل يصلي في هذه الحالة قائماً أم قاعداً؟ وهذا الشخص إذا قام في الركعة الأولى بمساندة الجدار أو العصا أو نحوها لم يستطع القيام للركعة الثانية إلاَّ بمساعدة المصلي المجاور له أو عصاه، فهل يجب عليه القيام في الصلاة في غير الركعة الأولى أو يجوز له الصلاة قعوداً فيها؟ وهل يجوز لمثل هذا الشخص أن يصلي كل صلاته قعوداً أم لا؟ وكيف نحدد المشقة التي تبيح للرجل الصلاة قاعداً؟

الجواب: الجواب على هذا السؤال ينبني على ما علم من القاعدة الشرعية العظيمة الأصيلة في هذه الشريعة: وهي اليسر والسماحة والسهولة المبني على قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] ، وعلى قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ، وعلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )، والقيام في الصلاة فرض في صلاة الفريضة دون النافلة، وإذا كان فرضاً وجب على المرء أن يقوم به ما استطاع، وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لـ عمران بن حصين : ( صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب )، فنقول لهذا الرجل: إذا كنت تستطيع أن تصلي قائماً ولو معتمداً على عصا أو جدار فإنه يجب عليك أن تصلي قائماً في الركعة الأولى، وكذلك في الركعة الثانية يجب عليك أن تصلي قائماً ولو كنت معتمداً على العصا حين القيام؛ لأن ذلك باستطاعتك، وكذلك في الركعات التي بعد الثانية إذا كانت الصلاة أكثر من ركعتين، وأما القدر الذي يبيح أن يصلي الرجل قاعداً فهو المشقة مثل: أن يتعب تعباً شديداً يذهب به الخشوع وحضور القلب إذا صلى قائماً أو مثل أن يكون فيه دوخة إذا قام داخ وسقط وما أشبه ذلك فإنه حينئذٍ يكون معذوراً يسوغ له أن يصلي قاعداً، وإذا صلى قاعداً فإنه يكون متربعاً في حال القيام وفي حال الركوع، ويومئ بالركوع وإذا سجد فإنه يسجد على الأرض ويجلس بين السجدتين وفي التشهد، كما يجلس في العادة، لكن في حال القيام، أعني: القعود في حال القيام أو في حال الركوع يكون متربعاً فإن لم يتيسر له التربع صلى بحسب حاله.

السؤال: ما الأفضل لمسافر القصر الذي سوف يصل إلى مكان إقامته قبل انتهاء وقت صلاة الظهر مثلاً؟ هل الأفضل له أن يصلي صلاة الظهر في سفره بقصر أم يصليها مكان إقامته بإتمام؟ وأيضاً فالأفضل لمسافر القصر الذي سوف يصل إلى مكان إقامته قبل انتهاء وقت العصر هل الأفضل له أن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر في سفره، أم الأفضل أن يصلي صلاة الظهر في سفره قصراً ويصلي العصر في مكان إقامته؟

الجواب: هاتان المسألتان: المسألة إذا دخل وقت الصلاة؛ صلاة الظهر على هذا المسافر وهو في السفر ولكنه يغلب على ظنه أن يصل إلى بلده قبل أن يخرج وقت صلاة الظهر، فهل الأفضل أن يصلي صلاة الظهر أو الأفضل أن يؤخرها حتى يصل إلى بلده؟ نقول: إذا كان ذلك في شدة الحر فإن الأفضل أن يؤخرها حتى يصل إلى بلده؛ لأن الأفضل في شدة الحر تأخير صلاة الظهر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة -يعني: صلاة الظهر- فإن شدة الحر من فيح جهنم )، وأما إذا لم يكن ذلك في شدة الحر فإن الأفضل أن يصلي صلاة الظهر إذا دخل وقتها ولو كانت قصراً في السفر؛ لأن تقديم صلاة الظهر في غير شدة الحر أفضل، هذا هو الجواب عن المسألة الأولى.

أما المسألة الثانية: وهي إذا دخل عليه وقت الظهر وهو في السفر فهل يجوز أن يجمع إليها صلاة العصر وقد غلب على ظنه أنه يقدم بلده قبل أن يخرج وقت صلاة العصر؟ فجواب هذه المسألة: أنه لا حرج عليه أن يجمع صلاة العصر إلى صلاة الظهر؛ لأنه دخل عليه وقت صلاة الظهر في حال يجوز له الجمع بينها وبين صلاة العصر ولكن الأفضل في مثل هذه الحال ألا يصلي العصر؛ لأن الجمع هنا لا حاجة إليه وإذا لم يكن حاجة إلى الجمع في السفر فإن الأفضل ألا يجمع.