فتاوى نور على الدرب [131]


الحلقة مفرغة

السؤال: يلاحظ على كثير من الناس أنهم يكثرون التثاؤب في المسجد أثناء جلوسهم وأثناء الصلاة، ما أسباب ذلك حفظكم الله؟ وما الحل أو العلاج لذلك؟

الجواب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( التثاؤب من الشيطان)، وهو دليل على الكسل والخمول والنوم، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكظم الإنسان ما استطاع، بمعنى أن يمنعه ما استطاع، فإن لم يستطع فليضع يده على فيه، وإذا كان كذلك من الشيطان، فإنه ينبغي للإنسان أن يحضر قلبه، وأن يتجه إلى ما كان بصدده من عبادة أو قراءة أو استماع لذكر أو لخطبة أو غير ذلك، وبهذا يكون زواله والقضاء عليه.

السؤال: هل يجوز الأكل من الذبيحة التي يذبحها الإنسان تقرباً إلى الله؟ وما هي الكيفية التي تذكر عند الذبح؟

الجواب: الذبيحة التي يذبحها الإنسان تقرباً إلى الله، تارة تكون فدية يفدي بها الإنسان نفسه من ارتكاب محظور أو ترك مأمور، وذلك في الحج والعمرة، فالذبيحة التي هذه سبيلها لا يجوز أن يأكل منها، لأنها بمنزلة الصدقة والكفارة، فيطعمها كلها للفقراء، وأما ما يقع قربة في غير هذه الحال، كهدي المتعة والقران، وكذلك الأضحية، وكذلك العقيقة، فإنه لا بأس، بل الأفضل أن يأكل الإنسان منها ويُهدي ويتصدق، لأن الله يقول: كُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28]، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل من هديه كما أكل من هديه صلى الله عليه وسلم في مكة حين ذبح مائة بعير، فأمر من كل بدنه ببضعة، فجعلت في قدر فطبخت، فأكل من لحمها وشرب من مرقها، وقال في الأضحية: ( كلوا وادخروا وتصدقوا)، فالحاصل أن الذبيحة التي يؤكل منها، كل ما كان قربة لله سبحانه وتعالى ليس سببه ترك واجب أو فعل محظور.

وأما كيف يذبح فنقول: كيفية الذبح إما فعلية وإما قولية، فأما القولية فأن يقول الإنسان عند الذبح: باسم الله، وفي الأضحية يقول: باسم الله والله أكبر، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سمىَّ على أضحيته وكبر، فيقول عند ذلك: ( اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عني وعن أهل بيتي)، هذه الصفة القولية.

مداخلة: هذا في الأضحية يقول: عني وعن أهل بيتي، لكن في الفدية لا يقول؟

الشيخ: لا، في الفدية لا يقول هكذا، وكذلك في العقيقة، إن قال: هذه عقيقة ابني فلان أو ابنتي فلانة فلا حرج، وأما الكيفية الفعلية فهو الذبح في غير الإبل والنحر في الإبل، وكلاهما في الرقبة، لكن النحر في أسفلها مما يلي الصدر، والذبح في أعلاها مما يلي الرأس، ولابد في الذبح من انهار الدم، وذلك بقطع الودجين، وهما العرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما أنهر الدُم وذُكر اسم الله عليه فُكل)، ولأن احتقان الدم في الذبيحة مضر، فلابد من إخراجه بقطع الودجين، وهما كما قلت: العرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم.

وإذا كان في الإبل نحراً وفي غيرها ذبحاً، فإنه إذا تمكن من أن ينحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى فيأتيها من الجانب الأيمن، ويطعنها بالحربة أو السكين حتى تسقط وتموت، فهذا أولى، وإن لم يستطع فعل ذلك فإنه ينحرها باركة، أما غير الإبل فإنه يذبح ويضجع على الجنب الأيسر إذا كان الذابح يذبح باليمين، لأن ذلك أسهل للذبيحة، أما إذا كان لا يعرف أن يذبح باليمين، وإنما يذبح باليسار، فإنه يضجعها على الجنب الأيمن، لأن ذلك أيسر لذبحه، وأقرب إلى إراحة الذبيحة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته).

وقوائمها في هذه الحال قال أهل العلم: إنه ينبغي أن تكون طليقة لا تمسك ولا تربط، لأن ذلك أريح لها حيث تعطى حريتها، ولأن ذلك أبلغ في خروج الدم منها، والنبي عليه الصلاة والسلام لما ذبح أضحيته لم يرد عنه أنه أمسك بقوائمها، ولا أمر أحداً بإمساكها، وإنما وضع رجله على صفاحها لأجل أن يتمكن من السيطرة عليها عند الذبح حينما ضحى بكبشين عليه الصلاة والسلام.

مداخلة: ما المقصود بالصفاح؟

الشيخ: صفحة الرقبة يعني جانب الرقبة.

السؤال: بعض الناس يقرأ بعد الجمعة بالفاتحة والإخلاص والمعوذتين سبع مرات، هل ورد في السنة هذا جزاكم الله عنا خيراً؟

الجواب: لم يرد في السنة تكرار قراءة هذه السور والآيات، بل إنما ورد في السنة وفي الأحاديث الواردة الترغيب في قراءة آية الكرسي، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، لكن مرة واحدة خلف الجمعة وغيرها من الصلوات المفروضة.

السؤال: حصل نقاش بين جماعة حول رجل جاء متأخراً إلى المسجد، ووجد أن الصلاة قد أقيمت، والصف مكتمل، وليس له محل بالصف، فهل يجوز له أن يسحب رجلاً من ذلك الصف المكتمل كي تقبل صلاته أم يصلي خلف الصف لوحده وفقكم الله؟

الجواب: هذه المسألة لها ثلاثة أوجه، إذا جاء الإنسان ووجد أن الصف قد تم، فإما أن يصلي وحده خلف الصف، وإما أن يجذب أحداً من الصف فيصلي معه، وإما أن يتقدم فيصلي إلى جنب الإمام الأيمن، وهذه الصفات الثلاث إذا دخل في الصلاة، وإما أن يدع الصلاة مع هذه الجماعة، فما هو المختار من هذه الأمور الأربعة؟ نقول: المختار من هذه الأمور الأربعة أن يصف وحده خلف الصف، ويصلي مع الإمام، وذلك لأن الواجب الصلاة مع الجماعة وفي الصف، فهذان واجبان، فإذا تعذر أحدهما وهو المقام في الصف، بقي الآخر واجباً وهو صلاة الجماعة، فحينئذ نقول: صل وحدك خلف الصف لتدرك فضيلة الجماعة، والوقوف في الصف في هذه الحال لا يجب عليك للعجز عنه، وقد قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ، ويشهد لهذا أن المرأة تقف خلف الصف وحدها إذا لم يكن معها نساء، وذلك لأنه ليس لها مكان شرعاً في صف الرجال، فلما تعذر مكانها الشرعي في صف الرجال صلت وحدها، كذلك هذا الرجل لما جاء والصف قد تم، لم يكن له مكان حسي في الصف، فسقطت عنه المصافة حينئذٍ، ووجبت عليه الجماعة فيصلي خلف الصف.

وأما أن يجذب أحداً فيصلي معه، فهذا لا ينبغي، لأنه يترتب عليه ثلاثة محاذير: المحذور الأول: فتح فرجة في الصف، وهذا خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من المراصة وسد الخلل، والثاني: نقل هذا المجذوب من المكان الفاضل إلى المكان المفضول، وهو نوع من الجناية عليه، والثالث: تشويش صلاته عليه، فإن هذا المصلي إذا جُذب لابد أن يكون في قلبه حركة، وهذا أيضاً من الجناية عليه.

أما المسألة الثالثة وهي أن يقف مع الإمام فلا ينبغي له أيضاً أن يقف، لأن الإمام لابد أن يكون متميزاً عن المأمومين بالمكان، كما أنه متميز عنهم بالسبق بالأقوال والأفعال، فيكبر قبلهم ويركع قبلهم ويسجد قبلهم، فينبغي أن يكون متميزاً عنهم في المكان، وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه -أي: الإمام- يتقدم المأمومين، وهذه مناسبة ظاهرة في كونه متميزاً عنهم منفرداً بمكانه، فإذا وقف معه بعض المأمومين زالت هذه الخاصية التي ينبغي أن ينفرد بها الإمام.

أما المسألة الرابعة وهي أن يدع الجماعة رأساً، فهذا لا وجه له أيضاً، لأن الجماعة واجبة والمصافة واجبة، فإذا عجز عن أحدهما لم يسقط الآخر لعجزه عنه.

مداخلة: إذاً الأولى أن يصف خلف الجماعة بمفرده ويعتد بما أدى مع الإمام ولو كان منفرداً؟

الشيخ: إي نعم ولو كان منفرداً، لأننا نقول في هذه الحالة: سقط عنه وجوب المصافة لعجزه عنه.

السؤال: أنا دائماً أسرح وأفكر دائماً حتى في الصلاة وقراءة القرآن أحياناً، وفي بعض المرات تمضي نصف خطبة الجمعة وأنا أفكر ولا أدري ما الذي قاله الإمام في الخطبة، وأنا لا أدري ماذا أفعل، هل علي إثم أم لا أفيدوني جزاكم الله كل خير؟

الجواب: نقول: إن الواجب على من حضر الجمعة أن يستمع إلى خطبة الإمام، ولا يجوز له أن يتشاغل عن استماعها بكلام ولا غيره، وهذه الوسواس والهواجيس والتفكيرات التي تحدث لك في هذه الحال هي من الشيطان ليصدك عن ذكر الله، فإن الله تعالى يقول: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9] ، والواجب عليك أن تحاول بقدر ما تستطيع التخلص من هذا الأمر حتى تُقبل على عبادتك وأنت مستريح غير مشوش، وتستمع إلى الخطبة وتنتفع بها، ولا تكن كالذين قال الله تعالى فيهم: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا [محمد:16] ، بل استمع وانتبه، وتأمل وتفكر في معاني ما يقوله الخطيب حتى تنتفع من هذه الخطبة الأسبوعية التي أوجبها الله تعالى، وأوجب السعي إليها.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3647 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3478 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3438 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3342 استماع