خطب ومحاضرات
شرح عمدة الأحكام - كتاب الأيمان والنذور [1]
الحلقة مفرغة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الأيمان والنذور:
عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها، إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها) ].
الشرح:
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [كتاب الأيمان والنذور].
الأيمان: جمع يمين، وهي في اللغة: الحلف، واليمين تطلق على معان، منها: الحلف والقسم، ومنها: القوة، ومنها: اليد الجارحة.. إلى آخره.
وأما في الاصطلاح: فهو تأكيد الأمر بذكر اسم من أسماء الله، أو صفة من صفاته.
والنذور جمع نذر، والنذر في اللغة: الإيجاب.
وأما في الاصطلاح: فهو إيجاب مكلف على نفسه عبادةً غير واجبة.
والأدلة على النذر واليمين القرآن والسنة والإجماع كما سيأتينا إن شاء الله.
قال المؤلف رحمه الله: عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا
هذا الحديث اشتمل على مسائل من هذه المسائل: النهي عن سؤال الإمارة والولايات، والعلماء رحمهم الله ينصون على الكراهة، ففيه النهي عن سؤال الولايات، ويستثنى من ذلك ما إذا قامت المصلحة وعرف الإنسان من نفسه المصلحة في ذلك، وأن المصلحة أن يتولى هو هذه الولاية، وأنه إذا تولاها غيره لحق بذلك مفسدة؛ لأن هذا جائز، ويدل لذلك قول يوسف عليه السلام: اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ [يوسف:55]، وكذلك أيضاً يؤخذ من هذا أن الإنسان إذا جاءته الولاية من غير طلب ولا استشراف فإنه لا بأس أن يدخل بها إذا عرف من نفسه القدرة على ذلك والقوة والأمانة، كما قال الله عز وجل: إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:26] ، وأنه سيعان من الله سبحانه وتعالى.
وكذلك أيضاً يؤخذ من هذا الحديث: أن من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها كفر عن يمينه، يعني: يستحب الحنث إذا كان الحنث خيراً؛ لأن الحنث إما أن يكون خيراً، وإما أن يكون عدم الحنث هو الخير، فإذا كان الحنث خيراً فإنه يستحب الحنث، والحنث هو أن يفعل ما حلف على تركه، أو أن يترك ما حلف على فعله، فإذا رأى غير اليمين خيراً من اليمين، فإنه يحنث بيمينه ويكفر.
وقوله: (فكفر عن يمينك)، الحنث لا يخلو من أمور: قد يكون مستحباً، وقد يكون واجباً، تدور عليه الأحكام التكليفية الخمسة، إن كان الحنث مستحباً فيستحب أن يحنث، وإن كان محرماً حرم، وإن كان مباحاً أبيح، وإن كان واجباً وجب، كما لو حلف ألا يصلي صلاة الجماعة، فهذا يجب عليه أن يحنث، ولو حلف لا يشرب الدخان يحرم عليه أن يحنث.. إلى آخره.
وقوله: (فكفر) فيه وجوب الكفارة؛ لأن هذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، وقوله: (كفر عن يمينك وأت الذي هو خير) فيه دليل للقاعدة وهي: يجوز تقديم العبادة بعد وجود السبب، ولا يجوز تقديمها قبل وجود السبب، وهي هنا الآن وجد سببها وهو اليمين، فلا بأس أن يخرج الكفارة مع أن الكفارة حتى الآن لم تجب، فيجوز أن يخرج الكفارة قبل الحنث، وهذا يسميه العلماء رحمهم الله تحلة، يعني: إخراج الكفارة بعد الحنث يسمى كفارة، وقبل الحنث يسمى تحلة، يعني: أنت حلفت تقول: والله إني لا أكلم زيداً، وقبل أن تكلمه أردت أن تحنث فهذا تخرج الكفارة وهذا يسمى تحلة، ويدل لذلك قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:1-2] ، فإخراج الكفارة قبل الحنث يسمى تحلة.
وفيه: أنه يجوز إخراج الكفارة قبل الحنث، وهذا قول الجمهور خلافاً للحنفية رحمهم الله تعالى.
قال رحمه الله: [ عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها) ].
الشرح:
قوله في الحديث: (إن شاء الله) فيه تعليق اليمين بالمشيئة، وهذا مستحب: أن تعلق يمينك بالمشيئة، ويدل لهذا قول الله عز وجل: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الكهف:23-24]، وتعليق اليمين والنذر والطلاق بالمشيئة، أو نحو ذلك هذا فيه فائدتان مهمتان:
الفائدة الأولى: أنك تستجيب لأمر الله عز وجل، وتقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم.
الفائدة الثانية: أنك لو حلفت فلا يلزمك كفارة وهذا مهم، فمثلاً لو قال: والله إن شاء الله لا أسافر اليوم، ثم بدا له أن يسافر فإنه يسافر ولا شيء عليه، ولو قال: لله علي نذر إن شاء الله أن أعتمر في رمضان، ثم بعد ذلك ما اعتمر فليس عليه شيء، ولو قال لزوجته: أنت طالق إن شاء الله لا يقع عليه الطلاق. فالتعليق بالمشيئة مهم جداً، ينبغي أن يعلق بالمشيئة في أمور المستقبل.
أقسام اليمين
الشرح:
قوله: (إلا أتيت الذي هو خير) هذا يدل على أن اليمين المكفرة هي التي يتصور فيها الحنث، وهي التي تكون على أمر مستقبل، وهذه يخلط فيها كثير من الناس، والأيمان تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: اليمين المكفرة، يعني: اليمين التي تدخلها الكفارة، واليمين المكفرة هي التي يحلفها على أمر مستقبل وليس على أمر ماض، يقول: والله إني لا أذهب، لا أعمل، لا أكلم زيداً إلى آخره، فهذه تسمى باليمين المكفرة.
القسم الثاني: اليمين الغموس، وهي التي يحلفها صاحبها على أمر ماضٍ كاذباً عالماً، مثل أن يقول: والله إني ما ذهبت، والله إني ما كلمت، ومن الغموس ما يحلفه يقتطع به مال امرئ مسلم، والله إن هذه الآلة لي وهو كاذب، فهذه يمين الغموس.
القسم الثالث: اليمين اللغو، واليمين اللغو لها صور:
الصورة الأولى: هي ما يرد على اللسان بغير قصد، مثل أن يقول: لا والله، وبلى والله، ونحو ذلك، كما جاء عن عائشة في البخاري .
الصورة الثانية: أن يحلف على أمر يغلب على ظنه صدق نفسه، فهذه ما فيها كفارة، مثل أن يقول: والله إن الشيء الفلاني حصل وهو يظنه حصل وما حصل، هذه لا كفارة فيها.
الصورة الثالثة: أضاف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن يحلف على شخص يريد أن يكرمه أو أن يدخل يريد أن يكرمه لا أن يلزمه فهذه لا كفارة فيها.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [27] | 2828 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [22] | 2550 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [17] | 2543 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب الحدود [1] | 2444 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب الصيد [1] | 2355 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [3] | 2236 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [28] | 2210 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب الحدود [2] | 2178 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب اللعان [3] | 2149 استماع |
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [23] | 2141 استماع |