فتاوى نور على الدرب [42]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل يجوز بناء القبر؟ وإذا لم يجز أفيدوني ماذا أفعل؟

الجواب: لا أدري هل يريد ببناء القبر اتخاذ مكان للإنسان يدفن فيه مبنياً، أو أنه يريد ببناء القبر البناء عليه، فإن كان الأول وهو أن يتخذ مكاناً يدفن فيه فإن السنة أن يكون القبر ملحداً، أي: أن تحفر حفرة ويجعل في مقدمة القبر مما يلي القبلة حفرة أخرى بمقدار جسم الميت يدفن فيها، فهذه هي السنة التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا؛ فمن اتخذ قبراً مبنياً ببناء فإنه يكون مخالفاً للسنة.

وإما إذا كان يريد البناء على القبور فإن هذا محرم وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما فيه من تعظيم أهل القبور، وكونه وسيلة وذريعة إلى أن تعبد هذه القبور وتتخذ آلهة مع الله، كما هو الشأن في كثير من الأبنية التي بنيت على القبور، فأصبح الناس يشركون بأصحاب هذه القبور مع الله سبحانه وتعالى.

السؤال: منذ سنتين قضيت فرض الحج والحمد لله، ولكن عندما كنت في الليلة الثالثة في منى استنومت -وهو يقصد أنه احتلم- وأصبحت اليوم الثالث جنباً، وقبل الشمس تيممت وصليت حتى المساء ورجمت الشيطان، وعند عودتي إلى مكة المكرمة اغتسلت وصليت المغرب والعشاء وطفت طواف الإفاضة ومضيت، يقول: حتى الآن لم أذبح، أرجو إعلامي هل كان حجي صحيحاً؟ وهل الذبح واجب أم لا؟

الجواب: لم يذكر تفاصيل الحج وكيفيته من أوله إلى آخره، لكن الذي ذكر الآن لا يوجب بطلان حجه، فحجه لا يفسد بما ذكره، ولكن يجب عليه إذا احتلم في منى أو غيرها من المشاعر أن يغتسل، فإن تعذر عليه ذلك وخاف فوات الوقت فإنه يتيمم، ولكن إذا تيمم لصلاة الفجر مثلاً التي خاف فوات وقتها فإنه يتعين عليه أن يطلب الماء في النهار ليغتسل ويصلي بغسل، وأما هل يجب عليه الهدي.

مداخلة: قبل أن نذهب عن هذه المسألة، إذن ألا يكفي التيمم عن أن الإنسان يغتسل بماء؟

الشيخ: ما يكفي إلا إذا تعذر استعمال الماء، فإن الواجب التطهر بالماء، فإذا تعذر إما لعدم وجود الماء، وإما لخوف الضرر باستعماله جاز أن يتيمم.

مداخلة: بالنسبة للبادية الذين يقيمون في البر يكون عليهم عدة جنابات ويتيممون عنها، هل يلزمهم إذا وردوا بالبلد أن..؟

الشيخ: نعم يلزمهم إذا وردوا إلى البلد وقدروا على الماء أن يغتسلوا. عن الأشياء الماضية؛ لأن الجنابة بالتيمم لا ترتفع ارتفاعاً مطلقاً، وإنما ارتفاع حتى يوجد الماء، وهكذا أيضاً في الوضوء إذا تيمم عن حدث أصغر ووجد الماء وجب عليه أن يتوضأ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الصعيد الطيب طهور المسلم -أو قال: وضوء المسلم- وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجده فليتق الله وليمسه بشرته ) فلابد من هذا.

وعوداً على سؤال الأخ نقول: وأما الهدي فلا ندري هل يجب عليه أم لا؛ لأنه إن كان متمتعاً وهو قادر على الهدي وقت حجه وجب عليه أن يهدي، وكذلك إن كان قارناً، أما إذا كان غير قارن ولا متمتع وهو مفرد فإنه لا يجب عليه الهدي.

السؤال: إن والدي بائع، وأنا بعض الأوقات أساعده في البيع، ولكن إذا جاء محتاج مسكين وأنا في الدكان فإنني أعطيه ما أستطيع عليه بدون إذن والدي، مع العلم أنني أقول في نفسي: اللهم اجعلها على نية أبي، فهل هذه الصدقة جائزة أم لا؟

الجواب: هذه الصدقة جائزة إذا علمت أن والدك لا يمانع فيها، أما إذا علمت أن والدك يمانع فيها ولا يرضى أن تتصدق فإنه لا يحل لك أن تتصدق بشيء من ماله؛ لأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.

فهذه المسألة وأشباهها لا تخلو من ثلاث حالات: إما أن نعلم رضا صاحب المال فهذا لا بأس به، أو نعلم عدم رضاه وأنه رجل شحيح لا يرضى أن يتصدق بشيء من ماله، فهذا لا يجوز، وإما أن نشك فالأصل احترام المال وأن لا يتصدق به الإنسان إلا إذا علم رضا صاحبه أو غلب على ظنه.

مداخلة: إذا كان الولد مثلاً مشاركاً لأبيه في المال، الولد مثلاً يدفع إذا كان عنده راتب أو دخل يدفعه لوالده؟

الشيخ: إذا كانا متشاركين فإن نواه من ماله الخاص بحيث يخصم عليه وينزل من الربح الذي يخصه فلا حرج، هو ماله، وإذا كان يريد أنه من الجميع فحكمه كما سبق.

السؤال: إنني بعض الأوقات آخذ من الدكان فلوس وليست بالكثير مثل عشرة أو عشرين أو ما يشابهها لكي أشتري به ما احتاجه إذا نزلت السوق، ولكن آخذها من غير أن يراني والدي، ولست أقصد سرقتها، ولكن أخاف إذا أخبرته أن يقول ماذا تشتري وأنا لا أريد أن أخبره، فهل هذه الفلوس تعتبر بالنسبة لي حرام؟ أفتوني جزاكم الله خيراً.

الجواب: نعم. لا يجوز لك أن تأخذ شيئاً من ماله بغير رضاه كما أسلفنا، لكن نرى في مثل هذه الحال أن تطلب من والدك أن يجعل لك أجراً معلوماً في الشهر لقاء تعبك في ماله، هذا الأجر المعلوم يمكنك أن تتصرف فيه كما شئت من صدقة ونفقة، ويكون بذلك سلامة دينك، وكذلك أيضاً يكون فيه عونك على أن تبذل ما تريد.

السؤال: إنني أسمع بعض الناس وخصوصاً المصريين يقول: اللهم إني نويت أن أصلي لك صلاة كذا وكذا -ويذكر الصلاة- فرضاً حاضراً أربع ركعات أو ثلاث ركعات إذا كان في صلاة المغرب، فهل هذا القول صحيح أم لا؟

الجواب: هذا القول ليس بصحيح، فالتكلم بالنية لم يكن معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد السلف الصالح، فهو مما أحدثه الناس ولا داعي له؛ لأن النية محلها القلب، والله سبحانه وتعالى عليم بما في قلوب عباده، ولست تريد أن تقوم بين يدي من لا يعلم حتى تقول أتكلم بما أنوي ليعلم، إنما تريد أن تقف بين يدي من يعلم ما توسوس به نفسك ويعلم مستقبلك وماضيك وحاضرك، فالتكلم بالنية من الأمور التي لم تكن معروفة عند السلف الصالح، ولو كانت خيراً لسبقونا إليه، فلا ينبغي للإنسان التكلم بنيته لا في الصلاة ولا في غيرها من العبادات لا سراً ولا جهراً.

السؤال: رجل حج إلى بيت الله الحرام وأكمل جميع المناسك وطاف طواف الوداع، ثم سعى بين الصفا والمروة، يعني: بعد طواف الوداع، سبعة أشواط اعتقاداً منه أن الحج هكذا، وهي عن طريقة الجهل، فهل حجهُ جائز؟ وهل يلحقه إثم؟ وماذا يجب عليه أن يفعل؟

الشيخ: متى تاريخ هذا الكلام؟

مداخلة: هذا تاريخه في شهر 4/ 1401هـ؟

الجواب: الواقع أنه يؤسفني أن يكون هذا الكتاب يسأل فيه مقدمه عن أمر وقع قبل أربعة شهور، فالواجب على المسلم أولاً إذا أراد أن يفعل عبادة أن يسأل عن أحكامها من يثق به من أهل العلم؛ لأجل أن يعبد الله على بصيرة، والإنسان لو أراد أن يسافر إلى بلد وهو لا يعرف طريقها تجده يسأل عن هذا الطريق وكيف يصل وأي الطرق أقرب وأيسر، فكيف بطريق الجنة وهو الأعمال الصالحة؟! فالواجب على المرء إذا أراد أن يفعل عبادة أن يتعلم أحكامها قبل فعلها، هذا واحد.

ثانياً: إذا قدر أنه فعلها وحصل له إشكال فيها فليبادر به، لا يأتي بعد أربعة أشهر يسأل؛ لأنه إذا بادر حصل بذلك مصلحة وهي العلم ومصلحة أخرى وهو المبادرة بالإصلاح إذا كان قد أخطأ في شيء.

أما بالنسبة للجواب على هذا السؤال فنقول: إن سعيه بعد طواف الوداع ظناً منه أن عليه سعياً لا يؤثر على حجه شيئاً ولا على طواف الوداع شيئاً، فهو أتى بفعل غير مشروع له، لكنه جاهل، فلا يجب عليه شيء.

مداخلة: طبعاً الوقت الذي مضى على السائل ربما أنه يدخل فيه وقت البريد ويدخل فيه ترتيب البرنامج أيضاً لأن الأسئلة كثيرة جداً، فربما أنه تأخر، لكن ينبغي له أن ..

الشيخ: لا نريد تاريخ وصوله، أنا أقول: متى تاريخ الكتاب؟

مداخلة: نعم، أحسنتم.

الشيخ: وقلت أنه في أربعة، وهذا العذر الذي قلت أصبح غير مقبول.

السؤال: تخفيف المرأة شعر الحاجب ما حكمه؟

الجواب: تخفيف شعر الحاجب إن كان بطريق النتف فهو حرام؛ لأنه من النمص الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعله، وإذا كان بطريق القص أو الحلق فهذا كرهه بعض أهل العلم، ومنعه بعضهم وجعله من النمص، وقال: إن النمص ليس خاصاً بالنتف بل هو عام لكل تغيير في الشعر لم يأذن الله به، إذا كان في الوجه، ولكن الذي نرى أنه ينبغي للمرأة حتى وإن قلنا بجواز أو بكراهة تخفيفها بطريق القص أو الحلق أن لا تفعل ذلك إلا إذا كان الشعر كثيراً على الحواجب بحيث ينزل إلى العين فيؤثر على النظر فلا بأس بإزالة ما يؤذي منه.

السؤال: ما حكم السنتيانة (الحمالات)؟

الجواب: الحمالات لا بأس بها؛ لأنها نوع من التجمل، فإذا كانت المرأة ذات زوج وأرادت أن تفعل هذا لزوجها فليس فيه بأس، أما إذا كانت صغيرة لم تتزوج فأنا لا أحب أن تفعل ذلك؛ لأني لا أود من البنت الشابة التي لم تتزوج أن تجعل لها شغفاً بهذه الأمور وتهيئاً بما يكون سبباً لفتنتها أو الفتنة بها.

السؤال: ما حكم جدل الشعر جديلة واحدة أو ضفيرة واحدة؟

الجواب: إذا جدلتها جديلة واحدة لا أعلم في ذلك بأساً، والأصل الحل، ومن رأى شيئاً من السنة يمنع ذلك وجب اتباعه فيه.

السؤال: ما الحكم إذا نزل على ثيابي بول طفل ذكر عمره عدة شهور؟

الجواب: الصحيح في هذه المسألة أن بول الذكر الذي يتغذى باللبن أن بوله خفيف النجاسة، وأنه يكفي في تطهيره النضح، وهو أن يغمره بالماء يصب عليه الماء حتى يشمله بدون فرك وبدون عصر.

مداخلة: حتى لو لم ينزل الماء على الأرض من الغسل؟

الشيخ: أي نعم؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جيء بابن صغير له فوضعه في حجره فبال عليه، فدعا بماء فأتبعه إياه ولم يغسله.

مداخلة: وبالنسبة للأنثى؟

الشيخ: الأنثى لابد من الغسل؛ لأن الأصل أن البول نجس ويجب غسله، لكن استثني الولد بدلالة السنة عليه، أقصد: الولد الذكر.