شرح ألفية ابن مالك [17]


الحلقة مفرغة

يقول ابن مالك : (حاوية معنى الذي سيقت له).

يعني: لابد أن تكون الجملة الواقعة خبراً حاوية معنى المبتدأ، ومعنى (حاوية معناه): أن نعلم أن لها اتصالاً به؛ ولذلك لابد من وجود رابط بين هذه الجملة والمبتدأ.

فلو قلت: الرجل قام زيد، لا يصح أن تكون خبراً؛ لأنه ليس هناك رابط.

وإذا قلت: الرجل قام أبوه، صح لوجود الرابط وهو الضمير، إذاً لابد من رابط يربط الجملة بالمبتدأ حتى نعرف أن هذه الجملة حاوية له، وأنها وصف له؛ لأن الخبر كما نعلم وصف للمبتدأ، فإذا لم تكن مشتملة على شيء يربطها به؛ فإنها لا تكون وصفاً له.

وفي قوله تعالى: وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26].

(لباس) مبتدأ و(التقوى) مضاف إليه، و(ذا) مبتدأ ثان و(خير) خبر المبتدأ الثاني، والرابط اسم الإشارة (ذا)؛ لأن قوله: ذَلِكَ أي: لباس التقوى.

وقوله تعالى: الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة:1-2].

(الحاقة) مبتدأ وخبره جملة: (ما الحاقة)، والرابط إعادة المبتدأ بلفظه؛ لأن إعادة المبتدأ بلفظه أقوى ربطاً من إعادة المبتدأ بضمير.

فالحاقة الثانية هي الحاقة الأولى.

وقوله تعالى: الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ [القارعة:1-2]، (القارعة) مبتدأ، وجملة مَا الْقَارِعَةُ خبره، والرابط إعادة المبتدأ بلفظه.

فإذا قيل: كيف كانت إعادة المبتدأ بلفظه ربطاً؟

قلنا: لأن ارتباط الجملة بإعادة لفظ المبتدأ بالمبتدأ أقوى من ارتباطها بإعادة الضمير؛ لأن الضمير يدل على المرجع وليس هو المرجع.

وإذا قلنا: طالب العلم نعم الرجل، فالجملة الثانية: نعم الرجل لها ارتباط بالمبتدأ لأن هذا اللفظ عام يدخل فيه بالأولوية المبتدأ، الذي هو طالب العلم.

والربط هو: أنه لا يشك أي مخاطب أن المراد بقولك: نعم الرجل، هو طالب العلم.

فإن قال قائل: أفلا يمكن أن ندعي أن الربط هنا إعادة المبتدأ بلفظه؟

فالجواب: لا؛ لأن الرجل غير طالب، لكنه إعادة المبتدأ بمعناه لعموم الأفراد في قولك نعم الرجل.

فصارت الروابط الآن أربعة: الضمير، والإشارة، وإعادة المبتدأ بلفظه، وبالعموم.

قال رحمه الله تعالى:

[ ومفرداً يأتي ويأتي جملة حاوية معنى الذي سيقت له

وإن تكن إياه معنى اكتفى بها كنطقي الله حسبي وكفى

والمفرد الجامد فارغ وإن يشتق فهو ذو ضمير مستكن

وأبرزنه مطلقاً حيث تلا ما ليس معناه له محصلاً

وأخبروا بظرف أو بحرف جر ناوين معنى كائن أو استقر

ولا يكون اسم زمان خبـراً عن جثة وإن يفد فأخبرا ].

قوله: (وإن تكن إياه معنى اكتفى بها كنطقي الله حسبي وكفى).

قوله: (وإن تكن): الضمير يعود على الجملة التي أخبر بها عن المبتدأ.

إياه: أي المبتدأ.

معنى: أي في المعنى.

اكتفى بها: أي بدون رابط.

ومعنى ذلك: أنه إذا كانت الجملة هي معنى المبتدأ؛ فإنه يكتفى بها عن الرابط، مثاله: كنطقي الله حسبي.

فنطق: مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، و(نطق) مضاف، و(الياء) مضاف إليه مبني على السكون في محل جر.

الله: مبتدأ ثان مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعة ضمة ظاهرة في آخره.

حسبي: خبر المبتدأ الثاني مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، و(حسب) مضاف والياء مضاف إليه مبني على السكون في محل جر، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول.

فلا حاجة للرابط هنا؛ لأن هذه الجملة هي معنى المبتدأ.

فإذا قيل: هل هناك ضابط يقربها؟

قلنا: الضابط لذلك هو: أن تحل محل اسم الإشارة ، فإذا حلت محل اسم الإشارة صارت هي معنى المبتدأ، فمثلاً: نطقي الله حسبي، لو حذفنا (الله حسبي) تكون: نطقي هذا، يعني: هذا القول.

على أن من المعربين من قال: إن الإخبار هنا ليس من باب الإخبار بالجملة بل هو من باب الإخبار بالمفرد؛ لأن هذه الجملة أريد لفظها، وهذا القول أسهل.

وبناء على هذا القول نقول في قوله: نطقي الله حسبي، (نطق) مبتدأ، و(الله حسبي) كلها: خبر المبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية.

وهذا هو الحقيقة والواقع؛ لأن قولك: نطقي الله حسبي، يعني: أن (نطق) مبتدأ، و(الله حسبي) الخبر، فهي جملة واحدة في الحقيقة، ونظير ذلك ما سبق لنا عند أول الألفية وهو:

( قال محمد ابن مالك أحمد ربي الله خير مالك).

وقلنا: إن قوله: (أحمد ربي... إلى آخر حرف في الألفية) في محل نصب مقول القول.

وفي الحديث الصحيح: (خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله)، فخير: مبتدأ وهو مضاف إلى ما الموصولة، يعني: خير الذي قلت، ولا إله إلا الله، هي الخبر، وإعرابها بالتفصيل: (لا) نافية للجنس، و(إله) اسمها، وخبرها محذوف، والاسم الكريم بدل منه.

أو نقول: لا إله إلا الله خبر (خير) مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية.

والأول هو رأي ابن مالك وأكثر النحويين.

أما قوله: (وكفى) فليس له دخل في الجملة، ويعني: هو كاف، مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3].

حكم ربط الخبر المفرد بالمبتدأ

قال المؤلف: (والمفرد الجامد فارغ)

الجامد هو ما ليس بمشتق؛ لأنه قال: (وإن يشتق) والمعنى: إذا كان الخبر مفرداً جامداً فهو فارغ من الضمير بدليل قوله: وإن يشتق فهو ذو ضمير مستكن.

وقد أورد بعض الناس إشكالاً على كلام ابن مالك في قوله: (فارغ) أنه ليس فيه بيان.

فنقول: فيه بيان؛ لأنه لما جاء بقسيمه (وإن يشتق فهو ذو ضمير) عرفنا أن المراد أنه فارغ من الضمير.

قوله: (وإن يشتق فهو ذو ضمير مستكن) وهذا الضمير لابد أن يكون مستكناً، أي: مستتراً وجوباً.

ومثال ذلك: زيد رجل، فرجل ليس فيه ضمير؛ لأنه غير مشتق.

وزيد أخوك، كذلك جامد وليس فيه ضمير.

ومثله: زيد أسد، وقولنا: زيد مفتاح كل خير، هذا مشتق من الفتح لكن لا يتحمل الضمير؛ والمقصود بالمشتق هو اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة، وليس معنى المشتق ما اشتق من مصدر، وذلك لأن المفتاح لا يتحمل ضميراً.

فإذا كان الخبر مشتقاً فلابد أن يتحمل الضمير، ويكون الضمير مستتراً وجوباً.

وإذا كان الخبر غير مشتق؛ فإنه فارغ لا يتحمل الضمير.

وقال بعضهم: إنه يتحمل الضمير مطلقاً، وإن قولك: زيد أخوك، أي: زيد منسوب إليك، فيؤلون الأخوة إلى مشتق.

وزيد أسد، يقولون: التقدير: زيد شجاع، والشجاع مشتق من الشجاعة، لكن الذي ذكره المؤلف أقرب إلى الصواب؛ لأن ذاك فيه شيء من التكلف.

وإذا قيل: فلان قرطاس، فقرطاس جامد، لكن على رأي من يرى أن المؤول يمكن أن يكون بمعنى المشتق، والقرطاس هو الريشة التي في الجدار.

يقول المؤلف: (وأبرزنه مطلقاً) أي: أبرزن الضمير المستتر. مطلقاً، والإطلاق، يقول العلماء: يفهم معناه من قيد سابق أو قيد لاحق، فإذا قلت: أكرم زيداً إن اجتهد، وعمراً مطلقاً؛ يعني: إن اجتهد أو لم يجتهد.

وإذا قلت: أكرم عمراً مطلقاً، وأكرم زيداً إن اجتهد، فمطلقاً يعني: اجتهد أو لا، لكن الإطلاق فهمناه في المثال الثاني من قيد لاحق.

وفي المثال الأول من قيد سابق.

هنا يقول:

[وأبرزنه مطلقاً حيث تلا ما ليس معناه له محصلاً]

فالواقع أنه ليس هناك قيد سابق ولا لاحق، لكن المراد هنا بالإطلاق: أبرزنه على كل حال، سواء اتضح المعنى أو لم يتضح.

(حيث تلا) الضمير يعود على المشتق. ومعنى (تلا) أي: تبع.

(ما ليس معناه) أي: معنى الخبر، (له) أي للمبتدأ (محصلاً).

وقوله: (ما) تعود على المبتدأ؛ ولهذا يمكن ألا نعربها موصولاً، بل نعربها على أنها نكرة موصوفة. فيكون معنى البيت: أبرز الضمير المستتر في الخبر مطلقاً حيث تلا الخبر مبتدأ ليس معنى الخبر للمبتدأ محصلاً.

وهذا البيت فيه تشتيت للضمائر؛ ولهذا يعتبر بعيداً عن البلاغة.

يعني: أن الوصف إذا تلا المبتدأ وهو لا يعود معناه عليه؛ فإنه يجب أن يبرز الضمير.

مثاله: زيد عمرو ضاربه، فضاربه خبر عن عمرو، إذا اقتصرنا على هذا، فليس فيه إشكال فقد تمت الجملة، فالمتصف بالضرب هو عمرو؛ لكن إذا أردت أن تخبر أن الضارب زيد، فقلت: زيد عمرو ضاربه، إذا قلت: الضارب هو زيد، فيجب أن تقول: ضاربه هو؛ لأن الوصف الآن تلا ما ليس معناه له، فلما تلا ما ليس معناه له، وجب أن يبرز الضمير.

فالقاعدة: أنه إذا كان الوصف خبراً لما لا يعود معناه إليه وجب إبراز الضمير مطلقاً.

وفي قولنا: زيد هند ضاربها يجب إبراز الضمير إذا كنت أريد أن زيداً هو الضارب.

وابن مالك يقول: مطلقاً، ونحن الآن نقرر ما قال ابن مالك .

وذهب بعض النحويين إلى أنه لا يجب إبرازه إلا إذا خيف اللبس، بحيث لا ندري من الضارب، أو إذا كان يوهم خلاف المقصود، وعلى هذا فإذا قلت: زيد عمرو ضاربها، فلا يجب إبراز الضمير؛ لأن الضارب معلوم وهو زيد، فاللبس هنا مأمون.

وهذا هو القول الراجح؛ بناء على القاعدة النحوية القوية وهي: أنه متى دار الأمر بين التسهيل والتعسير فعليك بالتيسير.

ولو قلت: زيد هند ضاربته؛ فلا يحتاج إلى أن أقول: هي؛ لأن الخبر وقع وصفاً لمن هو له، فضاربته خبر هند، فلا يحتاج إلى إبراز الضمير حتى على رأي ابن مالك .

قال المؤلف: (والمفرد الجامد فارغ)

الجامد هو ما ليس بمشتق؛ لأنه قال: (وإن يشتق) والمعنى: إذا كان الخبر مفرداً جامداً فهو فارغ من الضمير بدليل قوله: وإن يشتق فهو ذو ضمير مستكن.

وقد أورد بعض الناس إشكالاً على كلام ابن مالك في قوله: (فارغ) أنه ليس فيه بيان.

فنقول: فيه بيان؛ لأنه لما جاء بقسيمه (وإن يشتق فهو ذو ضمير) عرفنا أن المراد أنه فارغ من الضمير.

قوله: (وإن يشتق فهو ذو ضمير مستكن) وهذا الضمير لابد أن يكون مستكناً، أي: مستتراً وجوباً.

ومثال ذلك: زيد رجل، فرجل ليس فيه ضمير؛ لأنه غير مشتق.

وزيد أخوك، كذلك جامد وليس فيه ضمير.

ومثله: زيد أسد، وقولنا: زيد مفتاح كل خير، هذا مشتق من الفتح لكن لا يتحمل الضمير؛ والمقصود بالمشتق هو اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة، وليس معنى المشتق ما اشتق من مصدر، وذلك لأن المفتاح لا يتحمل ضميراً.

فإذا كان الخبر مشتقاً فلابد أن يتحمل الضمير، ويكون الضمير مستتراً وجوباً.

وإذا كان الخبر غير مشتق؛ فإنه فارغ لا يتحمل الضمير.

وقال بعضهم: إنه يتحمل الضمير مطلقاً، وإن قولك: زيد أخوك، أي: زيد منسوب إليك، فيؤلون الأخوة إلى مشتق.

وزيد أسد، يقولون: التقدير: زيد شجاع، والشجاع مشتق من الشجاعة، لكن الذي ذكره المؤلف أقرب إلى الصواب؛ لأن ذاك فيه شيء من التكلف.

وإذا قيل: فلان قرطاس، فقرطاس جامد، لكن على رأي من يرى أن المؤول يمكن أن يكون بمعنى المشتق، والقرطاس هو الريشة التي في الجدار.

يقول المؤلف: (وأبرزنه مطلقاً) أي: أبرزن الضمير المستتر. مطلقاً، والإطلاق، يقول العلماء: يفهم معناه من قيد سابق أو قيد لاحق، فإذا قلت: أكرم زيداً إن اجتهد، وعمراً مطلقاً؛ يعني: إن اجتهد أو لم يجتهد.

وإذا قلت: أكرم عمراً مطلقاً، وأكرم زيداً إن اجتهد، فمطلقاً يعني: اجتهد أو لا، لكن الإطلاق فهمناه في المثال الثاني من قيد لاحق.

وفي المثال الأول من قيد سابق.

هنا يقول:

[وأبرزنه مطلقاً حيث تلا ما ليس معناه له محصلاً]

فالواقع أنه ليس هناك قيد سابق ولا لاحق، لكن المراد هنا بالإطلاق: أبرزنه على كل حال، سواء اتضح المعنى أو لم يتضح.

(حيث تلا) الضمير يعود على المشتق. ومعنى (تلا) أي: تبع.

(ما ليس معناه) أي: معنى الخبر، (له) أي للمبتدأ (محصلاً).

وقوله: (ما) تعود على المبتدأ؛ ولهذا يمكن ألا نعربها موصولاً، بل نعربها على أنها نكرة موصوفة. فيكون معنى البيت: أبرز الضمير المستتر في الخبر مطلقاً حيث تلا الخبر مبتدأ ليس معنى الخبر للمبتدأ محصلاً.

وهذا البيت فيه تشتيت للضمائر؛ ولهذا يعتبر بعيداً عن البلاغة.

يعني: أن الوصف إذا تلا المبتدأ وهو لا يعود معناه عليه؛ فإنه يجب أن يبرز الضمير.

مثاله: زيد عمرو ضاربه، فضاربه خبر عن عمرو، إذا اقتصرنا على هذا، فليس فيه إشكال فقد تمت الجملة، فالمتصف بالضرب هو عمرو؛ لكن إذا أردت أن تخبر أن الضارب زيد، فقلت: زيد عمرو ضاربه، إذا قلت: الضارب هو زيد، فيجب أن تقول: ضاربه هو؛ لأن الوصف الآن تلا ما ليس معناه له، فلما تلا ما ليس معناه له، وجب أن يبرز الضمير.

فالقاعدة: أنه إذا كان الوصف خبراً لما لا يعود معناه إليه وجب إبراز الضمير مطلقاً.

وفي قولنا: زيد هند ضاربها يجب إبراز الضمير إذا كنت أريد أن زيداً هو الضارب.

وابن مالك يقول: مطلقاً، ونحن الآن نقرر ما قال ابن مالك .

وذهب بعض النحويين إلى أنه لا يجب إبرازه إلا إذا خيف اللبس، بحيث لا ندري من الضارب، أو إذا كان يوهم خلاف المقصود، وعلى هذا فإذا قلت: زيد عمرو ضاربها، فلا يجب إبراز الضمير؛ لأن الضارب معلوم وهو زيد، فاللبس هنا مأمون.

وهذا هو القول الراجح؛ بناء على القاعدة النحوية القوية وهي: أنه متى دار الأمر بين التسهيل والتعسير فعليك بالتيسير.

ولو قلت: زيد هند ضاربته؛ فلا يحتاج إلى أن أقول: هي؛ لأن الخبر وقع وصفاً لمن هو له، فضاربته خبر هند، فلا يحتاج إلى إبراز الضمير حتى على رأي ابن مالك .

قال المؤلف:

[وأخبروا بظرف أو بحرف جر ناوين معنى كائناً أو استقر]

كأن أحداً قال لـابن مالك : أنت قسمت الخبر إلى مفرد وجملة فقط، فماذا تقول: فيما إذا قال القائل: محمد في البيت، محمد عندك؟ وهذا شيء مشتهر في اللغة العربية، فالعرب يخبرون بالظرف ويخبرون بحرف جر.

واستغنى بقوله: بحرف جر عن قول: جار ومجرور، وإلا فالحرف وحده ليس بشيء، لكن بحرف جر مع مجروره.

فقال: (ناوين معنى كائن) وهذا مفرد، أو (استقر) وهذا جملة، فكأنه يقول: حتى الظرف والجار والمجرور لا يخرجان عن كونهما مفرداً أو جملة، إن قدرنا معنى كائن فالخبر مفرد، وإن قدرنا (استقر)، فالخبر جملة؛ ولهذا نقول: محمد في البيت، (في البيت) جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره (كائن) خبر المبتدأ، أو نقول: (في البيت) جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره (استقر)، فالخبر في الأول مفرد وفي الثاني جملة.

والأولى أن نقدر (كائن)؛ لأن الأصل في الخبر أن يكون مفرداً؛ ولأنا لو قدرنا الخبر جملة لكان مركباً، والأصل عدم التركيب، ويحتاج أن تقول: الجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ، والرابط الضمير المستتر وما أشبه ذلك، فإذا قدرته مفرداً لم تحتج إلى هذا؛ ولهذا: قدم (كائن) على (استقر).

وقال بعض العلماء: إن الجار والمجرور والظرف نفسه هو الخبر، فيقولون: زيد في البيت، (في البيت) جار ومجرور خبر المبتدأ، ولا حاجة إلى التقدير.

وعلى هذا يكون الخبر ثلاثة أقسام: مفرد وجملة وشبه جملة، وهذا القول هو الراجح بناء على القاعدة الراجحة الصحيحة الواضحة: وهو أن الأصل التسهيل وعدم التقدير، فنقول: الجار والمجرور هو الخبر، وكذلك الظرف هو الخبر.