شرح ألفية ابن مالك [2]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

[كلامنا لفظ مفيد كاستقم واسم وفعل ثم حرف الكلم

واحده كلمة والقول عم وكلمة بها كلام قد يؤم]

تعريف الكلام عند النحاة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [الكلام وما يتألف منه]

هذه ترجمة، وأصلها: هذا باب الكلام وما يتألف منه، ففيها محذوفان: المحذوف الأول: المبتدأ، والثاني: الخبر الذي هو المضاف، حذف وأقيم المضاف إليه مقامه، فصار: الكلام وما يتألف منه. أي: ما يجتمع منه الكلام.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [كلامنا لفظ مفيد كاستقم]

قوله: (كلامنا):

ابن مالك رحمه الله من أئمة النحو، فإذا قال: (كلامنا) وأضاف الكلام إلى نفسه ومن كان على شاكلته صار المراد: (كلامنا نحن النحويين) احترازاً من الكلام في اللغة؛ لأن الكلام في اللغة أعم مما قاله رحمه الله.

الكلام في اللغة يطلق على ما تكلم به الإنسان من مفيد وغير مفيد؛ أما عند النحويين فهو كما سيأتي: لفظ مفيد.

لفظ: وهو ما ينطق به اللسان. فخرج بهذا القيد الكتابة والإشارة والعلامات التي تفيد، والعقد بالأصابع، فإنها تفيد ما يفيده الكلام وليست كلاماً، وكذلك النصب.

الإشارة مثل أن أشير لشخص أن يذهب.

والكتابة معروفة، فالكتابة تفيد ما يفيده الكلام لكنها ليست لفظاً.

والعقد: في حديث صفة الصلاة أنه عقد في التشهد ثلاثاً وخمسين، يعني أن العرب تعقد بأصابعها عقوداً تدل على عدد معين.

وهذا أيضاً مفيد لاشك ويقوم مقام الكلام؛ لكنه ليس لفظاً فلا يكون كلاماً عند النحويين.

والنصب: العلامات، مثل علامات الطريق، بأن توضع علامات في الطريق من أحجار أو أخشاب منصوبة أو غيرها بدون أن يكتب عليها شيء، وكأنها تقول لك: الطريق من هنا، فهي قائمة مقام النطق لكنها ليست لفظاً فلا تكون كلاماً.

إذاً خرج بكلمة (لفظ) أربعة أشياء.

اشتراط الفائدة في تعريف الكلام

وقوله: (مفيد) ما معنى الفائدة؟

يقولون: هي أن يفيد الكلام فائدة يحسن السكوت عليها من قبل المتكلم ومن قبل المخاطب، بمعنى أن المخاطب لا يترقب شيئاً سوى ذلك.

فإذا قلت: أذن المؤذن، تمت الجملة، فلا تترقب شيئاً آخر.

إذاً هو لفظ مفيد.

وإذا قلت: (إن أذن المؤذن) فهنا لا يحسن أن تسكت، لأن المخاطب يترقب شيئاً يستفيد به، لأنك علقته بهذا الشرط، وسيكون في ذهنه كل الاحتمالات: إن أذن المؤذن قامت القيامة، إن أذن المؤذن خرج من المسجد، إن أذن المؤذن صار كذا وكذا.

إذاً: هل أفدته بهذا؟

والكلام هنا لما زاد نقص، فقد كان قولنا: (أذن المؤذن) تامّاً، فلما زدنا (إن) نقص، ويلغز بها فيقال: ما شيء إذا زدته نقص؟

نقول: هو الكلام المفيد إذا دخلت عليه أداة الشرط جعلته ناقصاً غير مفيد.

وقول المؤلف رحمه الله تعالى: (كلامنا لفظ مفيد) لم يذكر أن تكون الفائدة جديدة أو غير جديدة، بل أطلق.

فإذا كان مفيداً فسواء كانت الفائدة جديدة أو معلومة من قبل فإنه يكون كلاماً عند النحويين، فإذا قلت: السماء فوقنا، فهذا كلام؛ لأنه أفاد.

ويرى بعض النحويين أنه إذا لم يأت بفائدة جديدة فإنه ليس بكلام، ولكن الصحيح بلا شك أنه كلام، صحيح أن المخاطب لم يحصل الفائدة المطلوبة؛ لكنه كلام لو خاطبت به من لا يعلم لاستفاد فائدة جديدة.

وقوله: (كاستقم) الكاف هنا للتمثيل، يعني: مثاله استقم.

استقم: هذا لفظ مفيد؛ لكن كيف أفاد وهو كلمة واحدة؟

نقول: هو كلمة واحدة لكن في ضمنها كلمة أخرى؛ لأن قولك (استقم) أي أنت، ففيها ضمير مستتر وجوباً فهو في حكم الظاهر، وعليه فلا يحتاج أن يكون الكلام مركباً من كلمتين فأكثر تركيباً محسوساً، بل إذا ركب ولو تركيباً تقديرياً فإنه يعتبر كلاماً.

إذاً يشترط في الكلام أن يكون لفظاً، وخرج به أربعة أشياء: الإشارة، والكتابة، والعلامات، والعقد. مفيداً: خرج به ما لا يفيد فإنه لا يسمى كلاماً.

والمراد بالفائدة ما يحسن السكوت عليها، سواء كانت متجددة أو غير متجددة، فإذا قلت: ربنا الله فهو كلام؛ لأنه مفيد. نبينا محمد، كلام لأنه مفيد. النار حارة؛ كلام لأنه مفيد وإن كانت الفائدة معلومة. الماء جوهر سيال، كلام لأنه مفيد.

وإذا قلت: (إن قام محمد؟) فليس بكلام؛ لأن المخاطب يترقب إذا قام محمد ماذا يكون؟

تعريف الكلم

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [واسم وفعل ثم حرف الكلم]

الكلم سيأتي أن واحده كلمة، فالكلم جمع كلمة، والمراد به أن كلام الناس ينقسم إلى ثلاثة أقسام: اسم وفعل وحرف.

فبدأ بالاسم لأنه أشرف الأقسام الثلاثة، ثم ثنى بالفعل وعطفه بالواو دون ثم، إما لضيق النظم وضرورة الشعر، وإما لأن الاسم والفعل ليس بينهما كما بين الاسم والفعل وبين الحرف.

وأخر الحرف لقصوره؛ ولأنه لا يمكن أن يكون له معنى في نفسه، فمثلاً (من) حرف جر، لو تأتي بها وحدها ما استفدت منها شيئاً أبداً، لأنه لا يعرف معنى الحرف إلا بغيره.

أما الفعل فيعرف معناه بنفسه وإن كان ليس كلاماً، فلو قلت: قام، استفدت معنى القيام.

والاسم كذلك، فإذا قلت: (البيت) فله معنى معروف، لكن (من) وجميع الحروف لا يعرف معناها بنفسها، ولذا فالحرف متأخر رتبة.

إذا قال قائل: ما هو الدليل على أن الكلام ينقسم إلى ثلاثة أقسام؟

قلنا: التتبع والاستقراء، وذلك أن العلماء الذين اعتنوا باللغة العربية تتبعوا كلام العرب ووجدوه لا يخرج عن هذه الثلاثة: الاسم والفعل والحرف.

فإن قال قائل: ما تقولون في أسماء الأفعال، مثل: مه وصه وما أشبهه؛ هل تجعلونها قسماً رابعاً أو تجعلونها من الأقسام الثلاثة؟

نقول: هي من الأقسام الثلاثة، ولهذا نقول: اسم فعل، مثل (صه) بمعنى اسكت، كما تقول (محمد) تسمي به شخصاً، فأنا سميت اسكت بكلمة (صه)، ولهذا نقول: (اسم فعل) يعني اسماً دالاً على فعل كما يدل العلم على الشخص.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [واسم وفعل ثم حرف الكلم واحده كلمة].

يعني أن واحد الكلم الذي ينقسم إلى ثلاثة أقسام كلمة، وعلى هذا فهو اسم جنس جمعي أو اسم جمع.

واسم الجنس الجمعي هو الذي يفرق بينه وبين مفرده بالتاء، مثل شجرة وشجر، وبالياء مثل رومي وروم وإنس وإنسي.

تعريف القول

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والقول عم]

كلمة (عم) تحتمل أن تكون فعلاً ماضياً، يعني أن القول عم الكلام والكلمة.

وتحتمل أن تكون اسم تفضيل، أي أن القول أعم من الكلمة وأعم من الكلم.

وتحتمل أن تكون اسم فاعل حذفت منه الألف تخفيفاً، والتقدير: والقول عام.

ولكن أحسن التقديرات أن نجعلها فعلاً ماضياً؛ لأنا إذا جعلناها فعلاً ماضياً لم نحتج إلى شيء، أما إذا قلنا إنها اسم تفضيل فمعناه أنه حذف منها شيء، وهو الهمزة، وإن جعلناها اسم فاعل فقد حذف منها شيء وهو الألف، وإذا جعلناها فعلاً ماضياً لم يحذف منها شيء وحصل المقصود بذلك.

إذاً القول يعم الكلام والكلمة، فالكلام وهو اللفظ المفيد يسمى قولاً، والكلمة تسمى قولاً.

إذا قلنا: قام محمد. نسميه كلاماً ونسميه قولاً، ولا نسميه كلمة.

وإذا قلنا: محمد. نسميه كلمة ونسميه قولاً، ولا نسميه كلاماً.

تعريف الكلمة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وكلمة بها كلام قد يؤم]

يؤم: بمعنى يقصد، يعني قد يراد بالكلمة الكلام.

والمعنى أن الكلمة التي هي قول مفرد قد يراد بها الكلام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وهذا هو المراد بها في القرآن والسنة، يعني: كلما وجدت (كلمة) في القرآن أو في السنة فالمراد بها الكلام، وليس المراد بها القول المفرد.

ومن ذلك قوله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا [المؤمنون:99-100] الكلمة هنا يعني بها: (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ).

وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل)

إذاً قول ابن مالك : (قد يؤم) نقول: إن (قد) هنا للتحقيق وليست للتقليل، ويجوز أن نجعلها للتقليل باعتبار اصطلاح النحويين؛ لأن النحويين لا يريدون بالكلمة الكلام، إنما يريدون بالكلمة القول المفرد، فيجعلون مثل (قام محمد) كلمتين.

فعلى هذا نقول: إن (قد) في كلام ابن مالك إما للتحقيق وإما للتقليل، لكن للتحقيق باعتبار اللغة العربية، فإن اللغة العربية تعني بالكلمة الكلام، حتى لو كانت خطبة مؤلفة من ثلاث صفحات فهي في اللغة العربية كلمة.

أو للتقليل بناء على اصطلاح النحويين؛ لأن الكلام في اصطلاح النحويين لابد أن يتركب من كلمتين فأكثر.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [الكلام وما يتألف منه]

هذه ترجمة، وأصلها: هذا باب الكلام وما يتألف منه، ففيها محذوفان: المحذوف الأول: المبتدأ، والثاني: الخبر الذي هو المضاف، حذف وأقيم المضاف إليه مقامه، فصار: الكلام وما يتألف منه. أي: ما يجتمع منه الكلام.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [كلامنا لفظ مفيد كاستقم]

قوله: (كلامنا):

ابن مالك رحمه الله من أئمة النحو، فإذا قال: (كلامنا) وأضاف الكلام إلى نفسه ومن كان على شاكلته صار المراد: (كلامنا نحن النحويين) احترازاً من الكلام في اللغة؛ لأن الكلام في اللغة أعم مما قاله رحمه الله.

الكلام في اللغة يطلق على ما تكلم به الإنسان من مفيد وغير مفيد؛ أما عند النحويين فهو كما سيأتي: لفظ مفيد.

لفظ: وهو ما ينطق به اللسان. فخرج بهذا القيد الكتابة والإشارة والعلامات التي تفيد، والعقد بالأصابع، فإنها تفيد ما يفيده الكلام وليست كلاماً، وكذلك النصب.

الإشارة مثل أن أشير لشخص أن يذهب.

والكتابة معروفة، فالكتابة تفيد ما يفيده الكلام لكنها ليست لفظاً.

والعقد: في حديث صفة الصلاة أنه عقد في التشهد ثلاثاً وخمسين، يعني أن العرب تعقد بأصابعها عقوداً تدل على عدد معين.

وهذا أيضاً مفيد لاشك ويقوم مقام الكلام؛ لكنه ليس لفظاً فلا يكون كلاماً عند النحويين.

والنصب: العلامات، مثل علامات الطريق، بأن توضع علامات في الطريق من أحجار أو أخشاب منصوبة أو غيرها بدون أن يكتب عليها شيء، وكأنها تقول لك: الطريق من هنا، فهي قائمة مقام النطق لكنها ليست لفظاً فلا تكون كلاماً.

إذاً خرج بكلمة (لفظ) أربعة أشياء.

وقوله: (مفيد) ما معنى الفائدة؟

يقولون: هي أن يفيد الكلام فائدة يحسن السكوت عليها من قبل المتكلم ومن قبل المخاطب، بمعنى أن المخاطب لا يترقب شيئاً سوى ذلك.

فإذا قلت: أذن المؤذن، تمت الجملة، فلا تترقب شيئاً آخر.

إذاً هو لفظ مفيد.

وإذا قلت: (إن أذن المؤذن) فهنا لا يحسن أن تسكت، لأن المخاطب يترقب شيئاً يستفيد به، لأنك علقته بهذا الشرط، وسيكون في ذهنه كل الاحتمالات: إن أذن المؤذن قامت القيامة، إن أذن المؤذن خرج من المسجد، إن أذن المؤذن صار كذا وكذا.

إذاً: هل أفدته بهذا؟

والكلام هنا لما زاد نقص، فقد كان قولنا: (أذن المؤذن) تامّاً، فلما زدنا (إن) نقص، ويلغز بها فيقال: ما شيء إذا زدته نقص؟

نقول: هو الكلام المفيد إذا دخلت عليه أداة الشرط جعلته ناقصاً غير مفيد.

وقول المؤلف رحمه الله تعالى: (كلامنا لفظ مفيد) لم يذكر أن تكون الفائدة جديدة أو غير جديدة، بل أطلق.

فإذا كان مفيداً فسواء كانت الفائدة جديدة أو معلومة من قبل فإنه يكون كلاماً عند النحويين، فإذا قلت: السماء فوقنا، فهذا كلام؛ لأنه أفاد.

ويرى بعض النحويين أنه إذا لم يأت بفائدة جديدة فإنه ليس بكلام، ولكن الصحيح بلا شك أنه كلام، صحيح أن المخاطب لم يحصل الفائدة المطلوبة؛ لكنه كلام لو خاطبت به من لا يعلم لاستفاد فائدة جديدة.

وقوله: (كاستقم) الكاف هنا للتمثيل، يعني: مثاله استقم.

استقم: هذا لفظ مفيد؛ لكن كيف أفاد وهو كلمة واحدة؟

نقول: هو كلمة واحدة لكن في ضمنها كلمة أخرى؛ لأن قولك (استقم) أي أنت، ففيها ضمير مستتر وجوباً فهو في حكم الظاهر، وعليه فلا يحتاج أن يكون الكلام مركباً من كلمتين فأكثر تركيباً محسوساً، بل إذا ركب ولو تركيباً تقديرياً فإنه يعتبر كلاماً.

إذاً يشترط في الكلام أن يكون لفظاً، وخرج به أربعة أشياء: الإشارة، والكتابة، والعلامات، والعقد. مفيداً: خرج به ما لا يفيد فإنه لا يسمى كلاماً.

والمراد بالفائدة ما يحسن السكوت عليها، سواء كانت متجددة أو غير متجددة، فإذا قلت: ربنا الله فهو كلام؛ لأنه مفيد. نبينا محمد، كلام لأنه مفيد. النار حارة؛ كلام لأنه مفيد وإن كانت الفائدة معلومة. الماء جوهر سيال، كلام لأنه مفيد.

وإذا قلت: (إن قام محمد؟) فليس بكلام؛ لأن المخاطب يترقب إذا قام محمد ماذا يكون؟

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [واسم وفعل ثم حرف الكلم]

الكلم سيأتي أن واحده كلمة، فالكلم جمع كلمة، والمراد به أن كلام الناس ينقسم إلى ثلاثة أقسام: اسم وفعل وحرف.

فبدأ بالاسم لأنه أشرف الأقسام الثلاثة، ثم ثنى بالفعل وعطفه بالواو دون ثم، إما لضيق النظم وضرورة الشعر، وإما لأن الاسم والفعل ليس بينهما كما بين الاسم والفعل وبين الحرف.

وأخر الحرف لقصوره؛ ولأنه لا يمكن أن يكون له معنى في نفسه، فمثلاً (من) حرف جر، لو تأتي بها وحدها ما استفدت منها شيئاً أبداً، لأنه لا يعرف معنى الحرف إلا بغيره.

أما الفعل فيعرف معناه بنفسه وإن كان ليس كلاماً، فلو قلت: قام، استفدت معنى القيام.

والاسم كذلك، فإذا قلت: (البيت) فله معنى معروف، لكن (من) وجميع الحروف لا يعرف معناها بنفسها، ولذا فالحرف متأخر رتبة.

إذا قال قائل: ما هو الدليل على أن الكلام ينقسم إلى ثلاثة أقسام؟

قلنا: التتبع والاستقراء، وذلك أن العلماء الذين اعتنوا باللغة العربية تتبعوا كلام العرب ووجدوه لا يخرج عن هذه الثلاثة: الاسم والفعل والحرف.

فإن قال قائل: ما تقولون في أسماء الأفعال، مثل: مه وصه وما أشبهه؛ هل تجعلونها قسماً رابعاً أو تجعلونها من الأقسام الثلاثة؟

نقول: هي من الأقسام الثلاثة، ولهذا نقول: اسم فعل، مثل (صه) بمعنى اسكت، كما تقول (محمد) تسمي به شخصاً، فأنا سميت اسكت بكلمة (صه)، ولهذا نقول: (اسم فعل) يعني اسماً دالاً على فعل كما يدل العلم على الشخص.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [واسم وفعل ثم حرف الكلم واحده كلمة].

يعني أن واحد الكلم الذي ينقسم إلى ثلاثة أقسام كلمة، وعلى هذا فهو اسم جنس جمعي أو اسم جمع.

واسم الجنس الجمعي هو الذي يفرق بينه وبين مفرده بالتاء، مثل شجرة وشجر، وبالياء مثل رومي وروم وإنس وإنسي.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والقول عم]

كلمة (عم) تحتمل أن تكون فعلاً ماضياً، يعني أن القول عم الكلام والكلمة.

وتحتمل أن تكون اسم تفضيل، أي أن القول أعم من الكلمة وأعم من الكلم.

وتحتمل أن تكون اسم فاعل حذفت منه الألف تخفيفاً، والتقدير: والقول عام.

ولكن أحسن التقديرات أن نجعلها فعلاً ماضياً؛ لأنا إذا جعلناها فعلاً ماضياً لم نحتج إلى شيء، أما إذا قلنا إنها اسم تفضيل فمعناه أنه حذف منها شيء، وهو الهمزة، وإن جعلناها اسم فاعل فقد حذف منها شيء وهو الألف، وإذا جعلناها فعلاً ماضياً لم يحذف منها شيء وحصل المقصود بذلك.

إذاً القول يعم الكلام والكلمة، فالكلام وهو اللفظ المفيد يسمى قولاً، والكلمة تسمى قولاً.

إذا قلنا: قام محمد. نسميه كلاماً ونسميه قولاً، ولا نسميه كلمة.

وإذا قلنا: محمد. نسميه كلمة ونسميه قولاً، ولا نسميه كلاماً.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وكلمة بها كلام قد يؤم]

يؤم: بمعنى يقصد، يعني قد يراد بالكلمة الكلام.

والمعنى أن الكلمة التي هي قول مفرد قد يراد بها الكلام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وهذا هو المراد بها في القرآن والسنة، يعني: كلما وجدت (كلمة) في القرآن أو في السنة فالمراد بها الكلام، وليس المراد بها القول المفرد.

ومن ذلك قوله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا [المؤمنون:99-100] الكلمة هنا يعني بها: (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ).

وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل)

إذاً قول ابن مالك : (قد يؤم) نقول: إن (قد) هنا للتحقيق وليست للتقليل، ويجوز أن نجعلها للتقليل باعتبار اصطلاح النحويين؛ لأن النحويين لا يريدون بالكلمة الكلام، إنما يريدون بالكلمة القول المفرد، فيجعلون مثل (قام محمد) كلمتين.

فعلى هذا نقول: إن (قد) في كلام ابن مالك إما للتحقيق وإما للتقليل، لكن للتحقيق باعتبار اللغة العربية، فإن اللغة العربية تعني بالكلمة الكلام، حتى لو كانت خطبة مؤلفة من ثلاث صفحات فهي في اللغة العربية كلمة.

أو للتقليل بناء على اصطلاح النحويين؛ لأن الكلام في اصطلاح النحويين لابد أن يتركب من كلمتين فأكثر.