شرح ألفية ابن مالك [15]


الحلقة مفرغة

قال: [المعرف بأداة التعريف].

ولم يقل: المعرف بأل؛ لأن من العرب من يعرف بأم، وهي لغة حميرية، إذ يجعلون بدل أل أم، فيقول: انظر إلى امقمر، أي: انظر إلى القمر.

المعرف بأداة التعريف هو الخامس من أنواع المعرفة؛ لأن أنواع المعرفة: الضمير، العلم، الإشارة، الموصول، المعرف بأل، والمضاف إلى واحد مما ذكر هو السادس.

لكن المضاف إلى واحد مما ذكر يكون معرفة بغيره، وأما هذه الخمسة الأنواع فهي معرفة بذاتها.

قال المؤلف رحمه الله:

[أل حرف تعريف أو اللام فقط فنمط عرفت قل فيه النمط]

(أل حرف تعريف أو اللام فقط) أو هنا تنويع الخلاف، يعني: أن النحويين اختلفوا: هل المعرِّف هي أل، أو اللام فقط؟

فمنهم من قال: إنها أل.

ومنهم من قال: إنها اللام فقط.

أما من قال: إنها أل، فقالوا: إن الإنسان ينطق بأل: القمر، الليل، الشمس، النهار.. وما أشبه ذلك.

والذين قالوا: إنها اللام فقط، قالوا: إن الهمزة هنا لم يؤت بها على أنها من أصل الأداة، لكن أتي بها لإمكان النطق بأل؛ لأن أل إذا كانت ساكنة فلا يمكن أن ينطق بها إلا بواسطة همزة الوصل.

وعلى هذا فإذا قلت: جئت من المسجد، هل نقول: إن الهمزة حذفت لالتقاء الساكنين، أو نقول: إن أصل الهمزة غير موجودة؛ لأنا لا نأتي بها إلا للضرورة، وهنا لا ضرورة.

وفي الكتابة: إذا أردت أن أكتب: من المسجد، إن جعلنا الهمزة من الأداة نأتي بها. وإذا قلنا: الهمزة ليست من الأداة، وإنها تسقط إذا لم نحتج إليها، فلا نكتبها.

والخلاف في هذا ليس له كبير فائدة، والمتبع الآن هو أن نأتي بالهمزة ونكتبها رسماً، وإن لم تكن محتاجاً إليها.

قال: (فنمط عرفت قل فيه النمط) معنى (عرفت) أردت تعريفه.

وقوله: (نمط عرفت) قد يشكل، لماذا لم ينصبه مع أن (عرف) لم تنصب مفعولها؟

نقول: لأن (عرف) ليست منصبة على (نمط)، وإنما المعنى: فنمط أردت تعريفه، فيكون المراد بالتعريف هنا الإرادة، ومفعولها محذوف والتقدير: أردت تعريفه، ولهذا جاءت (نمط) مرفوعة.

والنمط نوع من البسط، وجمعه أنماط، كسبب وأسباب، يعني: فإذا أردت أن تعرف (نمط) فقل: النمط، وإذا أردت أن تعرف (بعيد) فقل: البعيد.

ولهذا تجد الفرق بين قولك لابنك: أعطني نمطاً، أو أعطني النمط، إذا قلت: أعطني نمطاً، أعطاك أي نمط، وإذا قلت: النمط، أعطاك النمط المعروف.

وإذا قلت: أعطني سجادة أريد أن أصلي، وفي البيت عدة سجادات، سيعطيك أي سجادة، وإذا قلت: أعطني السجادة، أتى إليك بالسجادة التي كنت تعتاد أن تصلي عليها.

فأل تعرف وتعين المراد.

زيادة أل في بعض الكلمات وجوباً

ثم قال:

[وقد تزاد لازماً كاللاتي والآن والذين ثم اللات

ولاضطرار كبنات الأوبر كذا وطبت النفس يا قيس السري]

قد تزاد أل ولا يحصل بها التعريف، بل التعريف بغيرها، لكن لا بد من الإتيان بها.

(كاللاتي) هو اسم موصول، جمع التي، فلا بد من أن تأتي بأل فيها، مع أنها معرفة بدونها، لأنها اسم موصول.

(والآن) الآن هو للزمن الحاضر، وغداً للمستقبل، وأمس للماضي، فتقاسمت الزمان.

(والذين) اسم موصول.

(ثم اللات) اللات هذه غير اللات الأولى، إنما هذه اسم لصنم تعبده قريش.

والمؤلف رحمه الله قال: (ثم اللات)، لتأخر رتبته؛ لأنه صنم ليس من حقه أن يساوي غيره، ولا أن يكون قبل غيره، فأتى بثم الدالة على التراخي.

فاللام في هذه الأمثلة لا يمكن أن تسقط إطلاقاً؛ لأنها من بنية الكلمة، فلا يمكن أن تقول في (اللاتي) التي هي اسم موصول لجماعة الإناث: جاء لاتي.

ولا يمكن أن تقول: حضر زيد أن بمعنى: الآن.

وكذلك لا يمكن أن تقول: جاء لذين قاموا، لأن أل هنا من بنية الكلمة، فزيادتها لازمة.

زيادة أل في ضرورة الشعر

ثم قال: (ولاضطرار) أي: تزاد لاضطرار، والاضطرار هو اضطرار الشعر؛ لأن النظم يضطر الناظم إلى أن يخرج عن القواعد، والحريري في الملحة يقول:

وجائز في صنعة الشعر الصلف أن يصرف الشاعر ما لا ينصرف

الشاهد من هذا قوله: (الشعر الصلف) وهو الذي يرغمك على أن تزيد كلمة، أو تحذف كلمة، أو تغير صيغة وما أشبه ذلك.

(كبنات الأوبر) بنات الأوبر أصلها بنات أوبر، وهي اسم لنوع من الكمأة.

والكمأة هي التي يسميها العامة عندنا الفقع، وسميت فقعاً لأنها تفقع الأرض، وهي نبات معروف يخرج في أيام الأمطار الكثيرة، وهو ثلاثة أقسام: أردؤها بنات أوبر.

ولهذا يقول الشاعر:

ولقد جنيتك أكمؤاً وعساقلاً ولقد نهيتك عن بنات الأوبر

لأن بنات الأوبر طعمها رديء، وترابها كثير، وهي أيضاً صغيرة، فهي لا تجمع لأنها تتعب الإنسان، وفائدتها قليلة.

فالشاهد قوله: (بنات الأوبر) حيث زيدت أل لزوماً لضرورة الشعر، وهي بدون ضرورة: بنات أوبر.

ولو أراد إنسان الآن أن يزيدها لقلنا: لا؛ لأنك لست بعربي، وهي ليست لغة حتى نقول: لك أن تختار ما شئت من لغات العرب، إنما هي للضرورة، والضرورة تتقدر بقدرها.

قوله: (كذا وطبت النفس يا قيس السري) يشير إلى بيت يقول فيه الشاعر:

رأيتك لما أن عرفت وجوهنا صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو

(النفس) هنا تمييز محول عن الفاعل، وأصله: وطابت نفسك، والتمييز عند جمهور النحويين لا بد أن يكون نكرة، ولا يجوز أن يكون معرفة.

فإذا أورد عليهم هذا البيت قالوا: هذه ضرورة، فأل زائدة؛ لأنها دخلت على كلمة يجب أن تكون نكرة.

والغرض من هذا البيت الذم. لكن هل يقال: إن هؤلاء يطلبون العتب منه كأنهم يقولون: ما الذي فعلنا حتى تصد عنا، وأنه رجل إذا صد عن أحد فله قيمته.

الذي يظهر -والله أعلم- أن ابن مالك فهم هذا؛ ولهذا قال: يا قيس السري، والسري: الشريف كما قال ابن مالك في باب المبتدأ: (كهم سراة شعراء) أي: شرفاء.

إذاً علامة كونها زائدة اضطراراً نقول: إذا دخلت على ما يجب أن يكون خالياً منها في الشعر فهي زائدة للضرورة.

فيشترط في التمييز أن يكون نكرة، فإن جيء به معرفة؛ قلنا: هذا خطأ إذا كان اختياراً. إما إذا كان للضرورة؛ فالضرورة تبيح المحظور.

زيادة أل للمح الأصل

تقدم أن (أل) تزاد أحياناً زيادة لازمة مثل: اللات، والذين، واللاتي وما أشبهها.

وقد تزاد للاضطرار مثل: بنات الأوبر، وطبت النفس يا قيس، وهذا في ضرورة الشعر.

الموضع الثالث: تزاد للمح الأصل، ولهذا قال:

[وبعض الأعلام عليه دخلا للمح ما قد كان عنه نقلا]

قوله: (بعض الأعلام) يدل على أنه ليس كل الأعلام بل بعضها.

(عليه دخلا) أي: الألف واللام إذا جعلنا الألف في قوله: دخلا للتثنية؛ فإن جعلنا الألف لإطلاق الروي؛ فإن المراد (دخل) أي: أداة التعريف.

والمعنى: بعض الأعلام تدخل عليه أل ونقول: إنها زائدة؛ لأنها دخلت على علم ولم تفد تعريفاً، فوجودها وعدمها سواء.

قال: (للمح ما قد كان عنه نقلا) يعني: أنهم يدخلونها لأجل أن يلمح السامع ما نقل عنه هذا العلم، مثاله: (الفضل) لو حذفت (أل) وقيل: (فضل) لصح الكلام، ولم نحتج إلى أل؛ لأنه علم، فحصلت معرفته بالعلمية؛ فتكون أل زائدة.

لكن زادوها لأجل لمح الأصل الذي هو المصدر؛ لأن (فضل) مصدر فَضَل يَفضُل فضلاً؛ فإذا سمع السامع الفضل ذهب ذهنه إلى المصدر الذي هو المعنى الذي يرغب فيه فيكون تفاؤلاً بأن هذا الرجل المسمى بالفضل يكون ذا فضل وشرف.

و(الحارث)، هذه أل زائدة؛ ووجه زيادتها أنه لا يحتاج إليها في تعريف مدخولها؛ لأن مدخولها علم.

فأدخلت للمح الأصل؛ فالحارث اسم فاعل من الحرث، فكأن الذي وضع هذا الاسم له أراد التفاؤل بأن هذا المسمى يكبر ويكون حارثاً عاملاً كما جاء في الحديث (أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها: حارث وهمام).

و(النعمان) من أسماء الدم، والدم أحمر فيسمي الإنسان ولده النعمان تفاؤلاً بأن يظهر أحمر، والغالب أن الحمرة تدل على الصحة والنشاط.

ولهذا يقال للإنسان إذا رئي وجهه أصفر: لا بأس عليك، هل أنت مريض؟

لكن الأحمر يضرب به المثل في القوة والنشاط.

[كالفضل والحارث والنعمان فذكر ذا وحذفه سيان]

(ذكر ذا وحذفه سيان) أي من حيث التعريف، أما من حيث المعنى فيختلف؛ لأن الذي يضع أل للمح الأصل ليس كالذي لا يضعه.

أل الداخلة على العلم بالغلبة

قال المؤلف: [ وقد يصير علماً بالغلبة مضاف أو مصحوب أل كالعقبة)

أي: قد يكون المحلى بأل علماً بالغلبة، وكذا المضاف، وقد يقول قائل: إن الأولى أن يذكر في باب العلم، لكن كأنه استطرد لما ذكر أل التي تدخل على الأعلام للمح الأصل فذكر شيئاً يستعمل أيضاً وهو المضاف، فقد يكون المضاف علماً بالغلبة بمعنى: أنه لا يعرف إلا لهذا الرجل مع أنه صالح له ولغيره، مثال ذلك: ابن عمر ؛ إذا قيل: وعن ابن عمر رضي الله عنه صار علماً بالغلبة لا بالتسمية على عبد الله بن عمر .

وابن عباس على عبد الله .

فالغالب أنه إذا قيل ابن عباس فهو عبد الله ، وإذا قيل ابن الزبير فهو عبد الله وهلم جرا.

فمعنى الكلام أنه قد تصير الكلمة علماً لا بوضع الأصل إنما بالغلبة.

وقوله: (أو مصحوب أل كالعقبة) العقبة اسم لكل عقبة في جبل تحتاج إلى صعود، لكنها صارت علماً بالغلبة على عقبة منى؛ ولهذا إذا قيل: جمرة العقبة؛ ذهب ولهك إلى أنها عقبة منى.

فكلمة العقبة الآن اسم لعقبة معينة لا بالتسمية ولكن بالغلبة؛ لأن العقبة تصلح لها ولغيرها.

والمدينة علم على مدينة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالغلبة، وإلا فهو صالح لكل مدينة كما قال تعالى: وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى [القصص:20]، فليست هي مدينة الرسول، لكن صارت المدينة علماً على المدينة النبوية بالغلبة، فكلما ذكرت في الكتب الإسلامية المدينة انصرف الذهن إلى المدينة النبوية.

وبهذه المناسبة ينبغي أن نصفها بالمدينة النبوية دون المدينة المنورة؛ لأن المنورة لا نعلم لها أصلاً، لكن المدينة النبوية بالنسبة للنبي واضح.

قد يقول قائل: إن المدينة المنورة لها أصل، وهو حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فاستنار منها كل شيء، فلما مات أظلم منها كل شيء)، فقد يقول: لها أصل، لكنها مع ذلك لم يسمها الصحابة المنورة، والعلماء السابقون يسمونها المدينة النبوية، أو يقولون: المدينة ويسكتون.

وكذلك مكة المكرمة أيضاً ما علمنا في السابق أنها توصف بهذا الوصف.

والكتاب عند النحويين كتاب سيبويه مع أن الكتاب صالح لكل كتاب. وممكن أن نقول: حتى قوله تعالى: حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ [الدخان:1-2] أن الكتاب المبين يعني: القرآن، وهو علم بالغلبة.

حذف أل الداخلة على العلم بالغلبة

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

[وحذف أل ذى إن تناد أو تضف أوجب وفي غيرهما قد تنحذف]

قوله: (حذف أل ذي) المشار إليه أقرب ما ذكر من أقسام أل.

و(حذف): مفعول به مقدم للفعل أوجب.

(أل): مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها سكون الحرف الأصلية.

(ذي): اسم إشارة مبني على السكون في محل جر صفة من أل.

(إن) حرف شرط جازم.

(تناد): فعل مضارع مجزوم بإن لأنه فعل الشرط، وعلامة جزمه حذف حرف العلة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت.

(أوجب): فعل أمر مبني على السكون، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت، والجملة استئنافية لا محل لها من الإعراب، وجواب شرط (إن) محذوف دل عليه أوجب.

ومعنى البيت: وحكم الألف واللام التي للغلبة أنها لا تحذف إلا في النداء أو الإضافة، نحو: يا صعق للصعق، وهذه مدينة الرسول.

وقد تحذف في غيرهما شذوذاً، وسمع من كلامهم: هذا عيوق طالعاً، والأصل: العيوق، وهو اسم نجم.

وبهذا انتهى الكلام على المفردات، ومن الابتداء فما بعد نبتدئ بالمركبات.

والفائدة من معرفة المفردات: معرفة ما يعرب وما يبنى وما يتعلق بذلك، لا معرفة أن هذا مرفوع أو منصوب.

معاني أل

انتهى المحلى بأل، لكن المؤلف رحمه الله لم يبين لنا أل المعرفة من حيث المعنى، وهو مهم، فنقول: إن أل جنسية وعهدية.

والجنسية: إما أن تكون لبيان حقيقة الجنس، أو لبيان استغراق الجنس.

والعهدية إما ذكرية أو ذهنية أو حضورية.

فالأقسام خمسة: اثنان للجنسية، وثلاثة للعهدية.

أولاً: التي للجنس: هي التي يقصد بها بيان حقيقة الجنس، مثل: الرجل خير من المرأة، يعني: جنس الرجال خير من النساء، وكذلك (الرجال قوامون) يعني: جنس الرجال قوامون على النساء.

ومثل أن تقول: الإنسان مكون من لحم وعظم ودم وعصب وما أشبه ذلك، يعني: حقيقة الإنسان.

وقد تكون لاستغراق الجنس، وعلامتها أن يحل محلها كل، مثل قوله تعالى: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر:1-2]، أي: إن كل إنسان.

ومثل قوله تعالى: وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا [النساء:28]، أي: خلق كل إنسان.

والتي للعهد الذهني: وهو ما كان معهوداً بين الناس بأذهانهم، مثل: (قال النبي صلى الله عليه وسلم) فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتقول: قضى القاضي بكذا وكذا، فالقاضي معلوم، لأن أل للعهد الذهني.

وتكون للعهد الذكري وهي: التي تعود إلى شيء سابق، مثل قوله تعالى: كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ [المزمل:15-16].

ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [الشرح:5-6]، فأل في العسر الثاني للعهد الذكري؛ ولهذا كان العسر الثاني هو العسر الأول، وصار المذكور في الآية عسراً واحداً ويسرين.

الثالث العهد الحضوري: ويكون ذلك في كل محلى بأل يأتي بعد اسم الإشارة، مثاله: ذاك الرجل، ذلك الكتاب؛ وإنما قلنا: إنه عهد حضوري لأن الإشارة تكون إلى شيء حاضر.

ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3]، اليوم يعني: هذا اليوم الحاضر، وتقول: قدم فلان اليوم، أي: اليوم الحاضر.

وابن مالك رحمه الله لم يتكلم على هذه المعاني، ولكن غيره تكلم عليها، وفيها فائدة، فالتي لبيان الحقيقة لا تقتضي الشمول، فإذا قلنا: الرجل خير من المرأة، لا يستلزم أن كل واحد من الرجال خير من المرأة، والرجال قوامون، لا يقتضي أن كل واحد من الرجال قوام على كل امرأة من النساء.

أما التي للاستغراق فهي تفيد أن هذا الحكم ثابت لجميع أفراد مدخول أل، فقوله تعالى: خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ [الأنبياء:37]، أي: خلق كل إنسان.