عنوان الفتوى : فضح الأب الذي يفعل المنكرات أمام الأقارب
أنا فتاة عزباء، وعمري 27 سنة، وليس لديّ أخوات، وأعيش مع أمّي وأبي، ولديّ مشكلة، وهي أن أبي يبلغ من العمر 62 عامًا، ومنذ أكثر من عشر سنوات وهو يكلم نساءً، ويفعل العادة السرية معهنّ، وقد اكتشفت ذلك، وواجهته، ووعدني بترك ذلك، ولكنه لم يفعل، وعندما فضحته عند أقاربه؛ قام بأذيّتي، وافترى عليّ، ودمّر حياتي، وحياة أمّي، وجعلنا مرضى نفسيين، مع أنه يصلي كل الصلوات، ويقرأ القرآن، ولا أدري كيف ذلك، وقد تطوّر معه أمر النساء إلى الزنى، ومقابلتهنّ في شقق، وفعل العادة السرية كثيرًا، والامتناع عن أمّي كثيرًا، ولديّ دليل على ما أقول، فهل يصحّ لي أن أجعله يمضي توكيلًا عامًّا بما يملك من غير أن يعرف، ثم أحوّل ملكية البيت الذي أعيش فيه أنا وأمّي، والسيارة، وجزء من المال باسمي؛ لكي أضمن حقّي، وحقّ والدتي؛ لأنه ليس لنا أقارب، ولا مسكن آخر؟ على أني أخاف أن يفعل أولادي فيّ ذلك، أو يكون سرقة.
ووالدي لا يكفيني بالمال أنا وأمّي، مع أنه مقتدر ماديًّا، فهل يحرم عليّ إذا حولت بعض الأشياء باسمي، بقدر ما يكفيني، ويكفي والدتي، وأترك الباقي له؟ وهل يصحّ لي أن أفضحه إذا عرفت موعد مقابلته مع امرأة، وأواجهه؛ لأنه الآن لا يعرف أنني أعرف أنه يزني؟ وشكرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك الاستيلاء على شيء من أملاك والدك بالحيلة المذكورة، ولا ريب في كون ذلك خيانة، وعدوانًا، وظلمًا محرمًا.
وإذا كان والدك لا ينفق على زوجته وعليك بالمعروف؛ ففي هذه الحال يجوز لكما أن تأخذا من ماله دون علمه ما تحتاجانه للنفقة الواجبة فقط، جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: وَلِمُسْتَحِقِّهَا، أَيْ: النَّفَقَةِ، الْأَخْذُ مِنْ مَالِ مُنْفِقٍ بِلَا إذْنِهِ، مَعَ امْتِنَاعِهِ مِنْ دَفْعِهَا، كَمَا يَجُوزُ لِزَوْجَتِهِ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا النَّفَقَةَ؛ لِحَدِيثِ هِنْدَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ»، وَقِيسَ عَلَيْهِ سَائِرُ مَنْ تَجِبُ لَهُ. انتهى.
وإذا كنت علمت ما يقع فيه والدك من المنكرات عن طريق التجسس؛ فقد فعلت محرمًا.
وقيامك بعد ذلك بفضحه عند الأقارب محرم أيضًا، والواجب عليك التوبة إلى الله تعالى، وراجعي الفتوى: 30115.
وعلى أية حال؛ فإنّ لأبيك عليك حقًّا عظيمًا، ووقوعه في المعصية لا يسقط حقّه عليك، ولا يبيح لك الإساءة إليه، أو العدوان على ماله.
واعلمي أنّ أمر الوالد بالمعروف، ونهيه عن المنكر؛ ليس كأمر ونهي غيره، قال ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله-: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ، وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. انتهى من الآداب الشرعية.
والأصل أن تستري على أبيك، ولا تفضحيه، ولا تخبري أحدًا بمعصيته إلا لمصلحة راجحة، كالاستعانة على منع منكر. وراجعي الفتوى: 438166.
والله أعلم.