شرح الترمذي - باب النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول وباب الرخصة في ذلك [4]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الرحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً، بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فلقد شرعنا في مدارسة الباب السادس والسابع من أبواب الطهارة من جامع الإمام أبي عيسى الترمذي عليه وعلى جميع المسلمين رحمة رب العالمين، وعنوان الباب السادس: باب في النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول.

والباب السابع مرتبط بهذا: باب ما جاء من الرخصة في ذلك.

وقد أورد الإمام الترمذي في هذين البابين أربعة أحاديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام من رواية أبي أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين، ولفظ الحديث الأول من رواية أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا)، فقال أبو أيوب : فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت مستقبل القبلة فننحرف عنها ونستغفر الله، قال الإمام أبو عيسى : حديث أبي أيوب أحسن شيء في هذا الباب وأصح.

وبقية الأحاديث مر ذكرها ويأتي الكلام عليها مع هذا الحديث إن شاء الله ضمن فقه الحديث بعون الله.

إخوتي الله! كنا في المبحث الأول نتدارس رجال إسناد هذه الأحاديث الشريفة الصحيحة، ووصلنا إلى ترجمة الإمام الزهري عليه وعلى جميع المسلمين رحمة رب العالمين، وبقي شيء يحتاج إلى تعليق عليه، قبل أن أتكلم عليه أحب أن أجيب على ورقتين أرسلهما الإخوة الكرام في موعظة البارحة.

الأحاديث الواردة في النهي عن التفل نحو القبلة وتخريجها

أحد الإخوة الكرام أورد ثلاثة أحاديث أخذها من كتاب الدر المنثور والفتح الكبير تتعلق بتعظيم القبلة، ويسأل عن توجيهها وعن درجة صحتها، سبق وقلنا: إنه يحرم على الإنسان أن يبصق أو يبزق أو يتفل تجاه القبلة، سواء كان في صلاة أو في غيرها، وهذا يقرر ما تقدم معنا أن هذه الجهة جهة مباركة مكرمة لا ينبغي أن نوجه إليها شيئاً يمتهن من بول أو غائط أو بصاق أو مد رجل، أو غير ذلك كما تقدم معنا.

هذه الأحاديث الثلاثة تقرر ما تقدم معنا من مبحث الأدب الذي كنا نتدارسه وهي:

الحديث الأول: رواه أبو داود في سننه، وابن حبان في صحيحه، وابن خزيمة في صحيحه أيضاً، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف، والبيهقي في السنن، والإمام المقدسي في الأحاديث الجياد المختارة، والحديث إسناده صحيح كالشمس من رواية حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله)، وفي رواية: (وتفلته بين عينيه)؛ لأنه حقر ما عظمه الله جل وعلا، ولم يكرم ما كرمه الله، بل امتهن هذه الجهة المباركة، فمن بصق إلى جهة القبلة في صلاة أو في غيرها يأتي يوم القيامة وهذا البصاق بين عينيه وفي جبينه وهو بين الناس على رءوس الأشهاد؛ ليظهر الله قلة أدبه في ذلك الجمع العظيم، والحديث ذكره الحافظ في الفتح في الجزء الأول صفحة ثمان وخمسمائة، وهو أيضاً في الترغيب والترهيب، وهو صحيح، والأخ ذكره ونسبه إلى ابن حبان فقط، وقد رواه هو وغيره، فلينظر في موارد الظمآن على صحيح ابن حبان في صفحة ثلاث ومائة، وفي صحيح ابن خزيمة في الجزء الثاني صفحة اثنتين وستين، وهو في مصنف ابن أبي شيبة في الجزء الثاني صفحة خمس وستين ومائتين.

فالحديث صحيح ولا كلام عليه، وهذا يقرر ما سبق أن ذكر البول والغائط هو من باب الإنكار لكل ما يمتهن، يعني: لا ينبغي أن تستقبل تلك الجهات بشيء يمتهن، من بول أو غائط أو تفل، وكذا من مد رجل.. وغيره، كل هذا ينبغي أن تنزه جهة القبلة عنه، فهي جهة مكرمة مباركة.

وقلت: إذا كان هذا للقبلة فيثبت للمصحف أيضاً من باب أولى، فما ينبغي أيضاً أن توجه تفلاً إلى جهة المصحف، ولا تمد رجلاً، فينبغي أن نتعامل مع شعائر الله بالأدب، فهذا علامة تعظيم الرب وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32].

والحديث الثاني بمعنى الحديث الأول، نقله الأخ من الدر المنثور في الجزء الخامس كما حدد وراجعته هناك فوجدته في صفحة واحدة وخمسين، ولكن الحديث رواه غير البزار ، فقد رواه ابن حبان أيضاً في صحيحه في المكان المشار إليه، ورواه ابن خزيمة ، ورواه البزار ، وإسناد الحديث حسن، وهو في الفتح في المكان المتقدم، وفي الترغيب والترهيب في الجزء الأول صفحة مائتين وواحدة، وفي مجمع الزوائد في الجزء الثاني صفحة عشرين، وعزاه للإمام البزار كما هنا، ولفظ الحديث: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يبعث صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهي في وجهه)، يعني: الذي بصق جهة القبلة يبعث يوم القيامة (وهي) أي: نخامته (في وجهه) في أشرف أعضائه امتهاناً له.

وفي رواية: (تبعث النخامة يوم القيامة في القبلة وهي في وجه صاحبها)، يعني: النخامة التي توجه جهة القبلة في هذه الحياة تبعث يوم القيامة وتكون في وجه صاحبها، وفي جبينه بعد الممات يوم القيامة، والحديث -كما قلت- صحيح.

والحديث الثالث ذكره الأخ وهو تابع لهذا الحديث، لكنه من رواية أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه وأرضاه، وفي إسنادها ضعف، وهي في المجمع في المكان المشار إليه، رواها الإمام الطبراني في معجمه الكبير، والإمام المنذري ألحقها برواية ابن عمر، قال: وفي رواية أبي أمامة -دون أن يذكر الرواية بكاملها- (من بزق في جهة القبلة جاءت يوم القيامة أحمى ما تكون حتى تقع بين عينيه)، (أحمى ما تكون) أي: فيها حرارة زائدة تحرق جبينه؛ لأن البصاق والتفال الذي يخرج منك فيه حرارة، فهي يوم القيامة تكون حارة أكثر من الحرارة التي انبعثت من نفسك عندما تفلت وبصقت بسخونة، فتأتي يوم القيامة أحمى ما تكون، وتكون بين عيني صاحبها. هذه رواية أبي أمامة في معجم الطبراني الكبير، ورواية حذيفة الأولى، ورواية عبد الله بن عمر الثانية تشهدان لرواية أبي أمامة، ورواية أبي أمامة رواها أيضاً ابن أبي شيبة في المصنف مع رواية عبد الله بن عمر موقوفةً عليه من كلامه.

نعم إخوتي الكرام! إن البصاق تجاه القبلة حرام، سواء كان الإنسان في الصلاة أو في غيرها كما قرر هذا الإمام النووي وابن حجر وأئمة المسلمين حيث قالوا: لا يجوز أن يتفل الإنسان جهة القبلة سواء كان في صلاة أو في غيرها، والبصاق تجاه القبلة حرام، ومن فعل هذا فقد آذى الله ورسوله عليه الصلاة والسلام وملائكته، وقد ثبت في سنن أبي داود وصحيح ابن حبان ، والحديث إسناده حسن من رواية السائب بن خلاد رضي الله عنه: (أن رجلاً أمّ قومه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فبصق في القبلة، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إليه، ثم بعد أن انتهى من صلاته قال: لا يصل لكم هذا، وما سمع هذا الرجل كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فلما حانت الصلاة الأخرى أراد أن يتقدم بقومه وأن يصلي بهم فمنعوه وأخروه وقدموا غيره، وقالوا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يصل لكم هذا. فجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام مستفسراً عن سبب ذلك، فأخبره أنه بصق تجاه القبلة، وقال له النبي عليه الصلاة والسلام: إنك آذيت الله ورسوله).

والحديث رواه الإمام الطبراني بسند رجاله ثقات من رواية عبد الله بن عمر ، ولفظ الحديث: (إنك آذيت الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام- وملائكته)، أي: عندما بصقت تجاه القبلة.

ولذلك أثر عن عدد من السلف رضوان الله عليهم أجمعين أنهم ما بصقوا تجاه القبلة، ولا جهة اليمين منذ أن هداهم الله إلى هذا الدين القويم، وهذا هو الأدب الذي كان يتصف به سلفنا الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، فكما لا ينبغي أن تبصق تجاه القبلة كذلك لا يجوز أن تبصق جهة اليمين في الصلاة أو في غيرها؛ لأن جهة اليمين أيضاً مكرمة، لأن الملك الذي يكتب الحسنات في تلك الجهة، فإن قيل في جهة الشمال أيضاً: ملك يكتب السيئات، فنقول: هذا لم يشرعه لنا خير البرية عليه الصلاة والسلام، وجهة الشمال إن كان فيها ملك فإنه لا يتأذى ذلك الملك وإن كان فيها، لكن لا يجوز أن نبصق جهة اليمين؛ لأنها جهة مكرمة، وقد قال بعض أئمتنا: إن مقعد الملك الذي في جهة الشمال أيضاً في جهة اليمين، وإن كان ينسب إليه أنه الشمال، أي: هو من باب كتابة السيئات فقط تنسب إلى الشمال، لكن مقعده مع مقعد الملك الذي يكتب الحسنات بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها في جهة اليمين، هذا قرره أئمتنا، وهذا فعله سلفنا الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.

وهذا المنع -كما قلت- من البصاق تجاه القبلة وفي جهة اليمين مطلقاً، سواء كنت في مسجد أم لا، في الصلاة أم لا، لا ينبغي أن تبصق إلى هاتين الجهتين، والبصاق إما إلى جهة الشمال، وإما إلى تحت رجليك وقدميك، وإما أن تبصق بثيابك وأن تحكه ببعضه أو بمنديل معك.

الآثار الواردة في التفل والبصاق نحو القبلة

وفي مصنف عبد الرزاق في المجلد الأول صفحة خمس وثلاثين ومائتين باب يشير إلى هذا، فقال: باب الرجل يبصق عن يمينه في غير الصلاة، يعني هل يجوز؟ وهل يرخص للإنسان أن يبصق عن يمينه في غير الصلاة؟ ثم أورد ثلاثة آثار عن سلفنا الأبرار رضوان الله عليهم أجمعين.

أول هذه الآثار رواه أيضاً الطبراني في معجمه الكبير بسند رجاله ثقات كما في مجمع الزوائد في الجزء الثاني صفحة عشرين، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كنا مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، فأراد أن يبصق وما عن يمينه فارغ، يعني: لا يوجد أحد يمشي بجواره من جهة اليمين، فكره أن يبصق عن يمينه وليس في الصلاة، لعله كان أحد يمشي معه في جهة الشمال وعن يمينه فارغ، فكره أن يبصق جهة اليمين، وجهة الشمال يوجد فيها أحد بجواره فبصق تحت قدمه أي: تحت رجليه، أو أن يبصق في خرقة معه أو في ثيابه ويدلك الثياب ببعضها.

والأثر الثاني: الذي رواه عبد الرزاق عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: ما بصقت عن يميني منذ أسلمت.

والأثر الثالث: الذي رواه عبد الرزاق عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم أجمعين: أنه كان معه ولده في السفر فبصق عن يمينه فنهاه وزجره وقال: إنك تؤذي صاحبك. يعني: الملك الذي في هذه الجهة المباركة، إنك تؤذي صاحبك، ابصق عن شمالك.

فهذه ثلاثة آثار: أثران عن صحابيين، وأثر عن هذا التابعي الخليفة الراشد رضوان الله عليهم أجمعين.

وقد أورد أيضاً الإمام ابن أبي شيبة في المصنف في الجزء الثاني صفحة خمس وستين وثلاثمائة آثاراً متعددة عن السلف الكرام في كراهة البصاق تجاه القبلة وجهة اليمين فلتراجع في مصنفه، قال أئمتنا: فإن تعذر أن يبصق تحت رجليه؛ إما لأنه في مسجد أو بلاط أو سجاد، وجهة الشمال مفروشة أو يوجد فيها أناس، قال الحافظ ابن حجر : فعليه أن يبصق في ثوبه، قال: فلو فقد الثوب؟ أي لو قدرنا أنه لا يملك خرقة أو ثوبه لا يطاوعه أن يبصق فيه، إما لكونه لا يملك إلا ثوباً واحداً ضيقاً وليس معه عباءة ليبصق فيها، فإن تعذر أن يبصق في ثوبه؟ قال: فلعل بلعه أولى من ارتكاب المنهي عنه، ثم قال: والبصاق تجاه القبلة حرام سواء كان في المسجد أو لا.

فهذه الآثار التي ذكرها هذا الأخ الكريم تدلنا على هذا الأدب الذي ينبغي أن نتأدب به نحو هذه الجهة المباركة، وأن هذا ليس في خصوص البول والغائط، وإنما كل ما يمتهن لا ينبغي أن نتوجه به إلى جهة القبلة، تعظيماً لهذه الجهة المباركة، وكذلك جهة اليمين.

أحد الإخوة الكرام أورد ثلاثة أحاديث أخذها من كتاب الدر المنثور والفتح الكبير تتعلق بتعظيم القبلة، ويسأل عن توجيهها وعن درجة صحتها، سبق وقلنا: إنه يحرم على الإنسان أن يبصق أو يبزق أو يتفل تجاه القبلة، سواء كان في صلاة أو في غيرها، وهذا يقرر ما تقدم معنا أن هذه الجهة جهة مباركة مكرمة لا ينبغي أن نوجه إليها شيئاً يمتهن من بول أو غائط أو بصاق أو مد رجل، أو غير ذلك كما تقدم معنا.

هذه الأحاديث الثلاثة تقرر ما تقدم معنا من مبحث الأدب الذي كنا نتدارسه وهي:

الحديث الأول: رواه أبو داود في سننه، وابن حبان في صحيحه، وابن خزيمة في صحيحه أيضاً، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف، والبيهقي في السنن، والإمام المقدسي في الأحاديث الجياد المختارة، والحديث إسناده صحيح كالشمس من رواية حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله)، وفي رواية: (وتفلته بين عينيه)؛ لأنه حقر ما عظمه الله جل وعلا، ولم يكرم ما كرمه الله، بل امتهن هذه الجهة المباركة، فمن بصق إلى جهة القبلة في صلاة أو في غيرها يأتي يوم القيامة وهذا البصاق بين عينيه وفي جبينه وهو بين الناس على رءوس الأشهاد؛ ليظهر الله قلة أدبه في ذلك الجمع العظيم، والحديث ذكره الحافظ في الفتح في الجزء الأول صفحة ثمان وخمسمائة، وهو أيضاً في الترغيب والترهيب، وهو صحيح، والأخ ذكره ونسبه إلى ابن حبان فقط، وقد رواه هو وغيره، فلينظر في موارد الظمآن على صحيح ابن حبان في صفحة ثلاث ومائة، وفي صحيح ابن خزيمة في الجزء الثاني صفحة اثنتين وستين، وهو في مصنف ابن أبي شيبة في الجزء الثاني صفحة خمس وستين ومائتين.

فالحديث صحيح ولا كلام عليه، وهذا يقرر ما سبق أن ذكر البول والغائط هو من باب الإنكار لكل ما يمتهن، يعني: لا ينبغي أن تستقبل تلك الجهات بشيء يمتهن، من بول أو غائط أو تفل، وكذا من مد رجل.. وغيره، كل هذا ينبغي أن تنزه جهة القبلة عنه، فهي جهة مكرمة مباركة.

وقلت: إذا كان هذا للقبلة فيثبت للمصحف أيضاً من باب أولى، فما ينبغي أيضاً أن توجه تفلاً إلى جهة المصحف، ولا تمد رجلاً، فينبغي أن نتعامل مع شعائر الله بالأدب، فهذا علامة تعظيم الرب وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32].

والحديث الثاني بمعنى الحديث الأول، نقله الأخ من الدر المنثور في الجزء الخامس كما حدد وراجعته هناك فوجدته في صفحة واحدة وخمسين، ولكن الحديث رواه غير البزار ، فقد رواه ابن حبان أيضاً في صحيحه في المكان المشار إليه، ورواه ابن خزيمة ، ورواه البزار ، وإسناد الحديث حسن، وهو في الفتح في المكان المتقدم، وفي الترغيب والترهيب في الجزء الأول صفحة مائتين وواحدة، وفي مجمع الزوائد في الجزء الثاني صفحة عشرين، وعزاه للإمام البزار كما هنا، ولفظ الحديث: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يبعث صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهي في وجهه)، يعني: الذي بصق جهة القبلة يبعث يوم القيامة (وهي) أي: نخامته (في وجهه) في أشرف أعضائه امتهاناً له.

وفي رواية: (تبعث النخامة يوم القيامة في القبلة وهي في وجه صاحبها)، يعني: النخامة التي توجه جهة القبلة في هذه الحياة تبعث يوم القيامة وتكون في وجه صاحبها، وفي جبينه بعد الممات يوم القيامة، والحديث -كما قلت- صحيح.

والحديث الثالث ذكره الأخ وهو تابع لهذا الحديث، لكنه من رواية أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه وأرضاه، وفي إسنادها ضعف، وهي في المجمع في المكان المشار إليه، رواها الإمام الطبراني في معجمه الكبير، والإمام المنذري ألحقها برواية ابن عمر، قال: وفي رواية أبي أمامة -دون أن يذكر الرواية بكاملها- (من بزق في جهة القبلة جاءت يوم القيامة أحمى ما تكون حتى تقع بين عينيه)، (أحمى ما تكون) أي: فيها حرارة زائدة تحرق جبينه؛ لأن البصاق والتفال الذي يخرج منك فيه حرارة، فهي يوم القيامة تكون حارة أكثر من الحرارة التي انبعثت من نفسك عندما تفلت وبصقت بسخونة، فتأتي يوم القيامة أحمى ما تكون، وتكون بين عيني صاحبها. هذه رواية أبي أمامة في معجم الطبراني الكبير، ورواية حذيفة الأولى، ورواية عبد الله بن عمر الثانية تشهدان لرواية أبي أمامة، ورواية أبي أمامة رواها أيضاً ابن أبي شيبة في المصنف مع رواية عبد الله بن عمر موقوفةً عليه من كلامه.

نعم إخوتي الكرام! إن البصاق تجاه القبلة حرام، سواء كان الإنسان في الصلاة أو في غيرها كما قرر هذا الإمام النووي وابن حجر وأئمة المسلمين حيث قالوا: لا يجوز أن يتفل الإنسان جهة القبلة سواء كان في صلاة أو في غيرها، والبصاق تجاه القبلة حرام، ومن فعل هذا فقد آذى الله ورسوله عليه الصلاة والسلام وملائكته، وقد ثبت في سنن أبي داود وصحيح ابن حبان ، والحديث إسناده حسن من رواية السائب بن خلاد رضي الله عنه: (أن رجلاً أمّ قومه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فبصق في القبلة، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إليه، ثم بعد أن انتهى من صلاته قال: لا يصل لكم هذا، وما سمع هذا الرجل كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فلما حانت الصلاة الأخرى أراد أن يتقدم بقومه وأن يصلي بهم فمنعوه وأخروه وقدموا غيره، وقالوا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يصل لكم هذا. فجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام مستفسراً عن سبب ذلك، فأخبره أنه بصق تجاه القبلة، وقال له النبي عليه الصلاة والسلام: إنك آذيت الله ورسوله).

والحديث رواه الإمام الطبراني بسند رجاله ثقات من رواية عبد الله بن عمر ، ولفظ الحديث: (إنك آذيت الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام- وملائكته)، أي: عندما بصقت تجاه القبلة.

ولذلك أثر عن عدد من السلف رضوان الله عليهم أجمعين أنهم ما بصقوا تجاه القبلة، ولا جهة اليمين منذ أن هداهم الله إلى هذا الدين القويم، وهذا هو الأدب الذي كان يتصف به سلفنا الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، فكما لا ينبغي أن تبصق تجاه القبلة كذلك لا يجوز أن تبصق جهة اليمين في الصلاة أو في غيرها؛ لأن جهة اليمين أيضاً مكرمة، لأن الملك الذي يكتب الحسنات في تلك الجهة، فإن قيل في جهة الشمال أيضاً: ملك يكتب السيئات، فنقول: هذا لم يشرعه لنا خير البرية عليه الصلاة والسلام، وجهة الشمال إن كان فيها ملك فإنه لا يتأذى ذلك الملك وإن كان فيها، لكن لا يجوز أن نبصق جهة اليمين؛ لأنها جهة مكرمة، وقد قال بعض أئمتنا: إن مقعد الملك الذي في جهة الشمال أيضاً في جهة اليمين، وإن كان ينسب إليه أنه الشمال، أي: هو من باب كتابة السيئات فقط تنسب إلى الشمال، لكن مقعده مع مقعد الملك الذي يكتب الحسنات بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها في جهة اليمين، هذا قرره أئمتنا، وهذا فعله سلفنا الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.

وهذا المنع -كما قلت- من البصاق تجاه القبلة وفي جهة اليمين مطلقاً، سواء كنت في مسجد أم لا، في الصلاة أم لا، لا ينبغي أن تبصق إلى هاتين الجهتين، والبصاق إما إلى جهة الشمال، وإما إلى تحت رجليك وقدميك، وإما أن تبصق بثيابك وأن تحكه ببعضه أو بمنديل معك.

وفي مصنف عبد الرزاق في المجلد الأول صفحة خمس وثلاثين ومائتين باب يشير إلى هذا، فقال: باب الرجل يبصق عن يمينه في غير الصلاة، يعني هل يجوز؟ وهل يرخص للإنسان أن يبصق عن يمينه في غير الصلاة؟ ثم أورد ثلاثة آثار عن سلفنا الأبرار رضوان الله عليهم أجمعين.

أول هذه الآثار رواه أيضاً الطبراني في معجمه الكبير بسند رجاله ثقات كما في مجمع الزوائد في الجزء الثاني صفحة عشرين، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كنا مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، فأراد أن يبصق وما عن يمينه فارغ، يعني: لا يوجد أحد يمشي بجواره من جهة اليمين، فكره أن يبصق عن يمينه وليس في الصلاة، لعله كان أحد يمشي معه في جهة الشمال وعن يمينه فارغ، فكره أن يبصق جهة اليمين، وجهة الشمال يوجد فيها أحد بجواره فبصق تحت قدمه أي: تحت رجليه، أو أن يبصق في خرقة معه أو في ثيابه ويدلك الثياب ببعضها.

والأثر الثاني: الذي رواه عبد الرزاق عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: ما بصقت عن يميني منذ أسلمت.

والأثر الثالث: الذي رواه عبد الرزاق عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم أجمعين: أنه كان معه ولده في السفر فبصق عن يمينه فنهاه وزجره وقال: إنك تؤذي صاحبك. يعني: الملك الذي في هذه الجهة المباركة، إنك تؤذي صاحبك، ابصق عن شمالك.

فهذه ثلاثة آثار: أثران عن صحابيين، وأثر عن هذا التابعي الخليفة الراشد رضوان الله عليهم أجمعين.

وقد أورد أيضاً الإمام ابن أبي شيبة في المصنف في الجزء الثاني صفحة خمس وستين وثلاثمائة آثاراً متعددة عن السلف الكرام في كراهة البصاق تجاه القبلة وجهة اليمين فلتراجع في مصنفه، قال أئمتنا: فإن تعذر أن يبصق تحت رجليه؛ إما لأنه في مسجد أو بلاط أو سجاد، وجهة الشمال مفروشة أو يوجد فيها أناس، قال الحافظ ابن حجر : فعليه أن يبصق في ثوبه، قال: فلو فقد الثوب؟ أي لو قدرنا أنه لا يملك خرقة أو ثوبه لا يطاوعه أن يبصق فيه، إما لكونه لا يملك إلا ثوباً واحداً ضيقاً وليس معه عباءة ليبصق فيها، فإن تعذر أن يبصق في ثوبه؟ قال: فلعل بلعه أولى من ارتكاب المنهي عنه، ثم قال: والبصاق تجاه القبلة حرام سواء كان في المسجد أو لا.

فهذه الآثار التي ذكرها هذا الأخ الكريم تدلنا على هذا الأدب الذي ينبغي أن نتأدب به نحو هذه الجهة المباركة، وأن هذا ليس في خصوص البول والغائط، وإنما كل ما يمتهن لا ينبغي أن نتوجه به إلى جهة القبلة، تعظيماً لهذه الجهة المباركة، وكذلك جهة اليمين.

تعليق القرآن على الجدران

هنا ثلاثة أسئلة ورد سؤال يقول صاحبه: هل يجوز كتابة بعض الآيات مثل آية الكرسي وتعليقها في البيوت؟

تقدم معنا أن هذا لا يجوز، وأن هذا ليس من تعظيم كلام الرحمن، فلا تعلق آية الكرسي ولا غيرها، وقد نص أئمتنا على ذلك، ففي كتاب المصاحف لـابن أبي داود صفحة أربعين ومائتين قال: كره الثوري تعليق المصاحف على الجدران، وقال الإمام النووي في التبيان في آداب حملة القرآن في صفحة سبع وثلاثين ومائة وصفحة خمسين ومائة: مذهبنا يكره نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله جل وعلا، ويلحق بالنقش تعليق شيء منقوش، أي: مكتوب بخرقة أو ورقة أو ما شاكل هذا، فهذا ليس من تعظيم القرآن، ولا ينبغي أن يعلق الإنسان شيئاً من آيات القرآن على الجدران، وأما إذا نقش على الجدران فالكراهة تزداد؛ لأن مآل هذا إلى السقوط.

النوم في مكان فيه المصحف

والسؤال الثاني: هل يجوز النوم في مكان فيه المصحف؟

الجواب: لا حرج؛ ولكن لا تمد رجليك إلى جهة المصحف، وأما إذا كان المصحف في الحجرة، أو كنت تقرأ به على سريرك وفراشك، ثم وضعته بجوارك ونمت وهو بجوارك فلا حرج، بحيث لا يوضع في مكان ممتهن بل يوضع على درج معين في الحجرة، في مكتبة أو على رفٍ فوق السرير، وفي كتاب المصاحف لـابن أبي داود صفحة ست عشرة ومائتين قال: سئلت أمنا عائشة رضي الله عنها قيل لها: أرأيت المقرمة؟ وهي ستر فيه نقوش توضع على الفراش، يقال له: شرشف، قيل لها: أرأيت المقرمة التي يجامع عليها أقرأ وعليها المصحف؟ قالت: وما يمنع؟ إن رأيت شيئاً فاغسله وإن شئت فحكه، يعني: إذا كان هناك شيء على هذه الستارة فاغسله أو حكه، ثم يوضع عليه المصحف وأنت تقرأ فلا حرج، وليس في ذلك امتهان له.

وسأل رجل عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين فقال: أقرأ والمصحف على الفراش الذي أجامع عليه؟ قال: نعم، لا حرج في ذلك، وعليه لو وضع المصحف -كما قلت- معه على السرير أو في الحجرة ونام فلا حرج، بشرط ألا يكون في تلك الهيئة امتهاناً لكلام الله جل وعلا، وقد بوب على هذا بعنوان: المصحف يوضع على المقرمة.

وضع المصحف على الأرض

وأما إذا وضع على الأرض ففي الحقيقة إن هذا منقصة، وفي ذلك امتهان لكلام الله جل وعلا، ثم بوب بعده بعنوان آخر: باب وضع المصحف على الأرض، ولو ثبت هذا الأثر لخلع القلب، ولكن بعد دراسة إسناده تبين أن فيه متروك، ولفظ الحديث -كما قلت- في كتاب المصاحف لـعبد الله بن أبي داود ، قال: حدثنا أبو الطاهر ، قال: أنبأنا ابن وهب ، قال: أخبرني سفيان الثوري ، عن محمد بن الزبير ، عن عمر بن عبد العزيز (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى كتاباً من ذكر الله في الأرض، فقال: من صنع هذا؟ لعن الله من فعل هذا، لا تضعوا ذكر الله في غير موضعه).

قال محمد بن الزبير: ورأى عمر بن عبد العزيز ابناً له يكتب في حائط فضربه.

ورجال الإسناد كلهم ثقات أثبات إلا محمد بن الزبير ، فقد أخرج حديثه الإمام النسائي ، والإمام أبو داود لكن في كتاب فضائل الأنصار لا في السنن، وهو كما قال الحافظ في التقريب: محمد بن الزبير الحنظلي البصري متروك من الثالثة، وأما جميع رجال الإسناد فثقات. أبو الطاهر هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح أبو الطاهر المصري ثقة من العاشرة، وحديثه في صحيح مسلم وسنن أبي داود والنسائي والبيهقي.

قال: أنبأنا ابن وهب وهو عبد الله بن وهب المصري شيخ لـأبي الطاهر ، ويعتبر شيخ الإسلام في زمنه والفقيه، ثقة حافظ عابد، حديثه في الكتب الستة، أخبرني سفيان الثوري، وتقدم معنا ترجمة حديثه في الكتب الستة، وهو شيخ الإسلام توفي سنة إحدى وستين ومائة، وهو شيخ عبد الله بن وهب.

قال: عن محمد بن الزبير روى عنه الثوري ، ومحمد بن الزبير روى عن عمر بن عبد العزيز ، لكن محمد بن الزبير الحنظلي البصري متروك، مع أن الأثر لو صح لكان مرسلاً، والمرسل يحتج به لولا ما في محمد بن الزبير من ترك، حكم عليه أئمتنا بالترك -كما قلت لكم- وهو من رجال سنن النسائي ، وكتاب فضائل الأنصار للإمام أبي داود .

والحديث وإن لم يثبت فقد تقدم معنا أنه لا ينبغي أن يوضع المصحف على الأرض؛ لأنه ليس من تعظيم كلام الله عز وجل.

هنا ثلاثة أسئلة ورد سؤال يقول صاحبه: هل يجوز كتابة بعض الآيات مثل آية الكرسي وتعليقها في البيوت؟

تقدم معنا أن هذا لا يجوز، وأن هذا ليس من تعظيم كلام الرحمن، فلا تعلق آية الكرسي ولا غيرها، وقد نص أئمتنا على ذلك، ففي كتاب المصاحف لـابن أبي داود صفحة أربعين ومائتين قال: كره الثوري تعليق المصاحف على الجدران، وقال الإمام النووي في التبيان في آداب حملة القرآن في صفحة سبع وثلاثين ومائة وصفحة خمسين ومائة: مذهبنا يكره نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله جل وعلا، ويلحق بالنقش تعليق شيء منقوش، أي: مكتوب بخرقة أو ورقة أو ما شاكل هذا، فهذا ليس من تعظيم القرآن، ولا ينبغي أن يعلق الإنسان شيئاً من آيات القرآن على الجدران، وأما إذا نقش على الجدران فالكراهة تزداد؛ لأن مآل هذا إلى السقوط.

والسؤال الثاني: هل يجوز النوم في مكان فيه المصحف؟

الجواب: لا حرج؛ ولكن لا تمد رجليك إلى جهة المصحف، وأما إذا كان المصحف في الحجرة، أو كنت تقرأ به على سريرك وفراشك، ثم وضعته بجوارك ونمت وهو بجوارك فلا حرج، بحيث لا يوضع في مكان ممتهن بل يوضع على درج معين في الحجرة، في مكتبة أو على رفٍ فوق السرير، وفي كتاب المصاحف لـابن أبي داود صفحة ست عشرة ومائتين قال: سئلت أمنا عائشة رضي الله عنها قيل لها: أرأيت المقرمة؟ وهي ستر فيه نقوش توضع على الفراش، يقال له: شرشف، قيل لها: أرأيت المقرمة التي يجامع عليها أقرأ وعليها المصحف؟ قالت: وما يمنع؟ إن رأيت شيئاً فاغسله وإن شئت فحكه، يعني: إذا كان هناك شيء على هذه الستارة فاغسله أو حكه، ثم يوضع عليه المصحف وأنت تقرأ فلا حرج، وليس في ذلك امتهان له.

وسأل رجل عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين فقال: أقرأ والمصحف على الفراش الذي أجامع عليه؟ قال: نعم، لا حرج في ذلك، وعليه لو وضع المصحف -كما قلت- معه على السرير أو في الحجرة ونام فلا حرج، بشرط ألا يكون في تلك الهيئة امتهاناً لكلام الله جل وعلا، وقد بوب على هذا بعنوان: المصحف يوضع على المقرمة.




استمع المزيد من الشيخ عبد الرحيم الطحان - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح الترمذي - باب الاستتار عند الحاجة، والاستنجاء باليمين، والاستنجاء بالحجارة [4] 4049 استماع
شرح الترمذي - باب ما جاء في فضل الطهور [6] 3989 استماع
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [9] 3913 استماع
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [46] 3799 استماع
شرح الترمذي - مقدمات [8] 3794 استماع
شرح الترمذي - باب مفتاح الصلاة الطهور [2] 3777 استماع
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [18] 3578 استماع
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [24] 3490 استماع
شرح الترمذي - باب ما يقول إذا خرج من الخلاء [10] 3472 استماع
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [6] 3426 استماع