مباحث النبوة - معاشرة النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه وتعامله معهن


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعن من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبمحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أخوتي الكرام! كنا نتدارس خلق نبينا عليه الصلاة والسلام مع أهل بيته الكرام، وكنت أقدم لهذا الكلام مقدمة فيما جرنا إلى الكلام على هذا الموضوع من المبحث الثالث في الأمور التي يعرف بها صدق نبينا الرسول عليه الصلاة والسلام، ورأيت أن الأمر يطول في كل موعظة في تكرار تلك المقدمة، لذلك أرى أن ندخل في هذه الموعظة وفي المواعظ التي بعدها في الموضوع مباشرة، ونكمل ما وقفنا عنده إن شاء الله.

إخوتي الكرام! تقدم معنا الكلام على خلق نبينا عليه الصلاة والسلام مع أزواجه أمهاتنا الطيبات الطاهرات، وقد قدمت إخوتي الكرام أن أكمل الناس وأفضل المؤمنين أحسنهم خلقاً، وخير الناس خيرهم لنسائهم، ونبينا عليه الصلاة والسلام هو خير المخلوقات، وهو أحسن الناس أخلاقاً مع الزوجات عليه وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.

وقد قدمت إخوتي الكرام! ما يتعلق بطواف نبينا عليه الصلاة والسلام على جميع زوجاته، وتفقده لأحوالهن في جميع الأوقات، فما من يوم إلا ويطوف على نسائه عليه الصلاة والسلام، ويتفقد أحوالهن كما تقدم معنا هذا، وكان يقسم عليه الصلاة والسلام فيعدل، مع أن الله جل وعلا ما أوجب عليه القسم كما تقدم معنا هذا، بل كان عليه الصلاة والسلام يعدل في القسم في الحضر والسفر كما بينت هذا.

ثم انتقلت إلى أمر آخر ألا وهو رعاية نبينا عليه الصلاة والسلام لأمهاتنا زوجاته الطيبات الطاهرات المباركات على نبينا وأزواجه وصحبه صلوات الله وسلامه، وكيف كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقوم على وجه التمام بالوفاء نحوهن، ويحفظ ودهن في حال حياتهن وبعد مماتهن، كما تقدم معنا تقرير هذا بالأدلة فيما مضى.

ثم انتقلت إلى الأمر الثالث وكنا نتدارسه وما أكملته ألا وهو حسن عشرة نبينا عليه الصلاة والسلام، وكرم معاشرته لزوجاته، وملاطفته لهن، ذكرت حديثاً يتعلق بهذا الأمر الثالث في معاملة نبينا عليه الصلاة والسلام لأزواجه، وكيف كان يعطيها العرق -العظم- لتتعرقه، فإذا تعرقته أخذه النبي عليه الصلاة والسلام فوضع فاه عليه الصلاة والسلام، فمه موضع فيها.

وأما النماذج التي سأذكرها مما كان يجري في بيت نبينا عليه صلوات الله وسلامه، وكيف كان يتحمل التقصير الذي يجري من نسائه فكما قلت: سأحصي ما جرى في بيته مما يعد بأنه سلبيات، لكن كما قلت حوادث فردية لا تصل إلى العشرة، كلها بعد ذلك تعالج على حسب شريعة الله المطهرة، هذا هو حال البشر، وقد كان يجري بين أجلة الصحابة الكرام ما كان يجري، ثم بعد ذلك كل هذا يحسم على حسب شريعة الله والقلوب لا تتأثر.

وتقدم معنا ما كان يجري بين النبي عليه الصلاة والسلام وبين زوجته، دع بعد ذلك ما يجري بين النساء، فيقول: ( أعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت عليّ غضبى )، ثم قالت: أجل، لكن قلبي يخفق بحبك، وهو كذلك، عندما يختصم النساء أحياناً مع بعضهن، ويدبرن أحياناً شيئاً من المؤامرات والمنازعات يحسم بعد ذلك على حسب شريعة الله، ويوضع كل شيء في موضعه، ويصغي الإنسان إلى الحق ويئوب إليه، وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.

ثبت في المسند، والحديث في الصحيحين وسنن الترمذي والنسائي ، من رواية عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله عز وجل: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا [التحريم:4].

وتقدم معنا إخوتي الكرام عند المبحث الثاني من مباحث النبوة عند تعريف النبي والرسول، وتقدم معنا النبي هل هو مشتق من النبأ كما تقدم معنا وهو بمعنى الخبر، أو من نبا ينبو نبواً على قراءة الهمز وعلى ترك الهمز؟ وقلنا: قرأ بالهمز نافع من العشرة: (يا أيها النبيء)، كما تقدم معنا القول أنه مأخوذ من النبأ والخبر، فهو مخبِر ومنبأ عن الله، وهو مخبَر ومنبأ من قبل الله، وأما النبي بترك الهمز، إما أن يكون من باب التسهيل فمعناه بمعنى الخبر، وإما كما قلت: من نبا ينبو نبواً إذا علا وارتفع قدره، وقلت: المعنيان حاصلان في رتبة النبوة، فهو منبَأ من قبل الله ومنبئ عن الله، وهو صاحب مقام عظيم، فرتبة النبوة هي أشرف الرتب عند ربنا الكريم سبحانه وتعالى، والنبي هو أفضل أمته بلا نزاع، ولا يصل ولي إلى رتبة نبي مهما علت رتبة الولي على أنبياء الله ورسله جميعاً صلوات الله وسلامه.

تقدم معنا إخوتي الكرام عند تعريف النبي ذكر هذه الآية التي هي من سورة التحريم: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ [التحريم:1-3]، فهو منبئ عن الله ومنبأ من قبل الله جل وعلا.

اتفاق عائشة وحفصة على منع النبي من إطالة المكث عند زينب وشرب العسل عندها

وتقدم معنا ثلاثة أسباب لنزول هذه الآية الكريمة من كلام ربنا الوهاب، فذكرنا عند المبحث الثاني أن السبب الأول: في تحريم نبينا عليه الصلاة والسلام على نفسه سريته .. جاريته، وهي سيدتنا الطيبة الطاهرة مارية أم سيدنا إبراهيم على نبينا وعلى آل بيته جميعاً صلوات الله وسلامه، وسبب هذا التحريم تظاهر زوجتين من أزواج نبينا عليه الصلاة والسلام عائشة وحفصة رضي الله عنهم أجمعين، ثم نفذت بعد ذلك هذه القضية من قبل حفصة في نهاية الأمر عندما باشر نبينا عليه الصلاة والسلام سريته في بيت حفصة وعلى فراشها وفي ليلتها، فلما علمت بذلك قالت: يا رسول الله! فعلت معي ما لم تفعله مع نسائك في بيتي وعلى فراشي وفي ليلتي، وهي كان بينها في الأصل وبين أمنا عائشة رضي الله عنهم أجمعين كما قلت تظاهر من أجل أن تفارق النبي عليه الصلاة والسلام سريته ليس الزوجة، وأن لا يعاشرها معاشرة الأزواج ليتفرغ لعشرتهن على نبينا وعليهن جميعاً صلوات الله وسلامه.

فلما قالت حفصة ما قالت، أراد نبينا عليه الصلاة والسلام أن يطيب خاطرها، يعني: هي رأت أنه كسر خاطرها وأنه اعتدى على حقها على فراشها وفي بيتها وفي ليلتها، قال: إنني سأحرم مارية عليّ، لكن اكتمي ذلك ولا تخبري أحداً، لكن هي بينها وبين أمنا عائشة في الأصل كما قلت اتفاق على ذلك، فطارت فرحاً وما كتمت السر وذهبت إلى أمنا عائشة وقالت: حصل المراد، والنبي عليه الصلاة والسلام حرم على نفسه سريته، وصلنا إلى ما نريد، هذا السبب الأول.

والسبب الثاني أيضاً تقدم معنا: أن النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي سيذكر هنا، وأنه كان إذا صلى العصر يدخل على نسائه، وسيأتينا أنهن كن يجتمعن عند التي تكون الليلة ليلتها، ثم ينصرفن ويبقى عند التي سيبيت عندها، فكان يطوف على نسائه بعد العصر، وكانت زينب رضي الله عنها وأرضاها تتحف النبي عليه الصلاة والسلام بشراب يحبه وهو العسل، فمن أجل هذا الشراب كان يمكث عندها أكثر مما يمكث عند الأخريات الفضليات على نبينا وعليهن جميعاً صلوات الله وسلامه، فتآمرت أيضاً عائشة مع حفصة على مكيدة من أجل أن لا يبقى النبي عليه الصلاة والسلام كثيراً في بيت زينب.

والمكيدة هي أنهما اتفقتا على أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا جاء إلى نسائه، كل واحدة تقول له: أجد منك ريح مغافير، وتقدم معنا أن المغافير قلنا شراب يسيل كالناطف .. كالعسل، وقلنا: هذا يخرج من شجر العضاه، وهو شجر معروف في البادية، يسيل منه مادة صمغية حلوة، إذا أكلها الإنسان يتلذذ، لكن تتغير رائحة فمه، فقالت له: نجد منك رائحة مغافير، يعني رائحة كريهة، وكان نبينا عليه الصلاة والسلام يتأذى غاية الأذى أن يوجد منه ريح كريهة، فقال عليه الصلاة والسلام: ما يوجد شيء، قالت يعني: ماذا عملت شربت عسلاً؟ قال: لا، ليلة فقط سقتني العسل، قالت: لعل نحله جرفت العرفص -أي: أكلته، فالنحل أكلت من شجر العرفص من هذا المادة الصمغية الحلوة التي لها رائحة كريهة، فخرجت رائحة العسل كريهة.

فجاء لـحفصة فقالت له ذلك، فجاء لأمنا عائشة فقالت له ذلك، تدبير، فقال: ( لن أشرب عسلاً عند زينب بعد ذلك )، هذا الذي حرمه أيضاً على نفسه عليه الصلاة والسلام، لكن كما كانت حفصة تدبر هذا مع عائشة كانت أيضاً عائشة تدبر هذا مع النساء الباقيات نحو حفصة، وهذا سبب ثالث أيضاً.

ورد أيضاً أن النبي عليه الصلاة والسلام أحياناً كان يدخل على حفصة ويطيل المكث عندها وتسقيه عسلاً، فكما هي دبرت ما دبرته نحو زينب ، أمنا عائشة رضي الله عنها اتفقت مع سودة وصفية فقالت لهما: إذا دخل النبي عليه الصلاة والسلام بعد مجيئه من عند حفصة كل واحدة تقول له: أجد منك ريح مغافير، سيقول: أكلت عسلاً، نقول له: لعل نحله جرفت العرفص، لا تشرب عند حفصة عسلاً، فجاء إلى سودة فقالت له ذلك، ثم جاء إلى صفية فقالت له ذلك، ثم جاء لأمنا عائشة عليهن جميعاً رضوان الله وعلى نبينا وآل بيته صلوات الله وسلامه فقالت له ذلك، قال: ( لن أشرب عسلاً عند حفصة )، يعني: كما هي تدبر يدبر لها أيضاً، لكن كما قلت كل ذلك يبقى عند حدود معينة، وهذا قصور حتماً، وهو يوقف بعد ذلك عند حده، ويوجهن إلى الأكمل فيلتزمن.

ذكر عمر لأحداث قصة تظاهر عائشة وحفصة على النبي

يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله عز وجل: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا [التحريم:4]، حتى حج عمر وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق عدل عمر ، أي: عن الطريق من أجل حاجة له، وعدلت معه بالإداوة، وهي الوعاء الذي يحمل فيه الماء، وهذا من باب خدمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليهم أجمعين.

يقول: فتبرز ثم أتاني فسكبت على يديه، وتقدم معنا فعل الصحابة هذا مع النبي عليه الصلاة والسلام، واشتقوا منه واستنبطوا منه كما تقدم معنا خدمة المفضول للفاضل، وأن هذا ليس خاصاً بالنبي عليه الصلاة والسلام، يقول: فسكبت على يديه فتوضأ، فقلت: يا أمير المؤمنين! من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله عز وجل: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا [التحريم:4]؟ يعني: مالت للحق ولانت وانقادت له، وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ [التحريم:4]، ثم نزل التهديد الذي يخلع القلوب، وكل واحدة منهن تتمنى لو ضربت رقبتها وما عوتبت بهذا العتاب: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ [التحريم:5]، إلى آخر الآية الكريمة.

وكان كثير من أئمتنا يقولون: هذه الآية أخوف آية عندنا في القرآن الكريم: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ [التحريم:5]، نساء صالحات طاهرات كريمات مكرمات جرى منهن ما جرى حول تحريم العسل، وحول عدم المكث مع زوجاته يخاطبن بهذا الخطاب، وأنه إذا انفصلتن عن النبي عليه الصلاة والسلام يعوضه من هو خير منكن، فقال عمر: وا عجباً لك يا ابن العباس، وإنما قال: وا عجباً لك! تعجباً كيف خفي عليك هذا وأنت حبر الأمة وبحرها وترجمان القرآن، أو عجباً لك! تعجب عمر من ابن عباس ، سببه حرص ابن عباس رضي الله عنهما على الفهم والبحث عن دقيق العلم ومعرفة المبهم؛ لأن الله أبهم هنا المرأتين وما عينهما: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ [التحريم:4]، فكأنه يقول: لله درك، كم تبحث عن هذه الخفايا، وتريد أن تقف على حقيقة الأمر.

ويمكن وهو الذي استنبطه الزهري وهو الذي معنا الآن في الرواية أنه قال هذا كراهة لقوله، لأن في ذلك شيئاً من المنقصة على ابنته وهي حفصة، كأنه كره سؤاله من أجل أن هذا فيه منقصة على ابنته التي هي بضعة منه، قال الزهري: كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه، يعني كره سؤاله، لكن ما كتم الجواب، فأخبره بأنها حفصة وعائشة رضي الله عنهن أجمعين، فقال: هما عائشة وحفصة .

ثم أخذ عمر رضي الله عنه وأرضاه يسوق الحديث ويبين له ما جرى في تلك القصة، قال: كنا معشر قريش قوماً نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، قوله: نغلب، يعني نحكم على النساء ولا واحدة تتحكم في شأننا، ولا تصدر رأياً في أمرنا، ثم جئنا إلى المدينة وإذ بنساء الأنصار يتحكمن بالرجال، وكل واحد تعطيه الآراء وهو ينفذ، يقول: فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي، فتغضبت يوماً على امرأتي -يعني: اشتد غضبه عليها- فإذا هي تراجعني، يعني: عندما انفعل وكلمها وهو مغضب ردت عليه الكلام، يعني: لم تغضب كل هذا، وقف عند حدك، واتق الله يا عمر ! ومن هذا الكلام، قال: فأنكرت أن تراجعني -يعني: أنت امرأة تراجعيني، وأنا الآن قرشي ونحن نغلب النساء، وأنتِ تردين في وجهي، أمر عجيب فأنكرت أن تراجعني-، فقالت: ما تنكر أن أراجعك، لماذا تستنكر هذا؟ فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل.

وفي رواية مسند أبي داود الطيالسي قال عمر رضي الله عنه لامرأته: متى كنت تتدخلين في أمورنا؟ قالت: يا ابن الخطاب ما يستطيع أحد أن يكلمك، وابنتك تكلم النبي صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان، يعني: أنت إذا كلمناك تغضب، وانظر إلى ابنتك تكلم من هو أفضل منك ومن الخليقة كلها حتى يبقى اليوم غضبان، وأنت تستنكر كلامنا، وفي رواية لـيزيد بن رومان لما كلمته قال: فقمت إليها بقضيب فضربتها به، فقالت: يا عجباً لك يا ابن الخطاب ، ابنتك تراجع رسول الله عليه الصلاة والسلام وأنت تستنكر أن نكلمك وأن نراجعك، يعني عجيب أمرك، فانتبه لحال عمر، قال: فانطلقت حتى دخلت إلى حفصة فقلت: أتراجعين رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ فقالت: نعم، قلت: أتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟ قالت: نعم، قلت: قد خابت من فعل ذلك منكن وخسرت، أنتن تفعلن هذا مع خير خلق الله عليه الصلاة والسلام، التي تفعل هذا في خسران، قال: أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإذا هي هلكت، لا تراجعي رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا تسأليه شيئاً، وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك أن كانت جارتك وهي أمنا عائشة رضي الله عنهن أجمعين هي أوسم -أي: أجمل- وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك.

اعتزال النبي لأزواجه وما ترتب على ذلك وتأديبه لهن بذلك

قال: وكان لي جار من الأنصار فكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل يوماً وينزل يوماً فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وآتيه بمثل ذلك، وكنا نتحدث أن غسان على حدود الشام تنعل الخيل لتغزونا، أي: تجعل له نعالاً، بمعنى أنها تتهيأ بتجهيز الخيل من أجل غزونا وقتالنا في المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه، قال: فنزل صاحبي، يعني من العوالي إلى المدينة المنورة إلى مسجد النبي عليه الصلاة والسلام ليتعلم ثم يأتيني بالخبر، وأنا إذا نزلت هو يبقى وأتعلم وآتيه بالخبر، ثم أتاني عشاء فضرب بابي ثم ناداني فخرجت إليه فقال: حدث أمر عظيم، فقلت: هل جاءت غسان؟ هذا الأمر العظيم الذي نحن ننتظره، جاءت هذه الجحافل من جهة الروم تريد أن تغزو المدينة، قال: لا، بل أعظم من ذلك وأهول، لا إله إلا الله، ووالله إنه أروع، فراق نبينا عليه الصلاة والسلام لأمهاتنا أعظم من مجيء جحافل الكفر لقتال الموحدين، طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، هذا أعظم من مجيء الكفار، قلت: قد خابت حفصة وخسرت، وقد كنت أظن هذا يوشك أن يكون، حتى إذا صليت الصبح شددت عليّ ثيابي ثم نزلت ودخلت على حفصة وهي تبكي، فقلت: أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: لا أدري، هو معتزل في هذه المشربة وهي الغرفة التي يجلس فيها النبي عليه الصلاة والسلام، فأتيت غلاماً له أسود فقلت: استأذن لـعمر، فدخل ثم خرج إلي قال: قد ذكرتك له فصمت عليه الصلاة والسلام، فانطلقت حتى إذا أتيت المنبر فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم، فإذا عنده عند المنبر، فجلست قليلاً ثم غلبني ما أجده فأتيت الغلام فقلت: استأذن لـعمر، فدخل ثم خرج إلي فقال: قد ذكرتك له فصمت، فخرجت فجلست إلى المنبر ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت: استأذن لـعمر، فدخل ثم خرج فقال: قد ذكرتك له فصمت، أي: الثالثة، فوليت مدبراً، فإذا الغلام يدعوني فقال: ادخل فقد أذن لك، فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متكئ على رمال حصير قد أثر في جنبه -رملت الحصير إذا ضفرته ونسجته، ويقصد بذلك أنه لم يكن على سرير النبي عليه الصلاة والسلام وطاء غير الحصير، حصير فقط فوق سريره الخشبي قد أثر هذا الحصير في جنبه-، فقلت: أطلقت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءك؟ فرفع رأسه إلي وقال: لا، فقلت: الله أكبر! لو رأيتنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فتغضبت على امرأتي يوماً فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ما تنكر أن أراجعك، فوالله إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وتهجره أحداهن اليوم إلى الليل، فقلت: قد خابت من فعلت ذلك منهن وخسرت، أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هي قد هلكت؟! فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله قد دخلت على حفصة، فقلت: لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منكِ، فتبسم أخرى، فقلت: أستأنس يا رسول الله عليه الصلاة والسلام -يتمدمد رضي الله عنه وأرضاه ليزيل الغضب عن نبينا عليه الصلاة والسلام، وهو استئذان في الأنس والمحادثة، يعني: أتأذن لي أن أتوسع في الكلام- قال: نعم، قال: فجلست مطمئناً، ورفعت رأسي في البيت فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرد البصر إلا أهباً ثلاثة -جمع إهاب، وهو الجلد الذي لم يدبغ-، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! ادع الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله، فاستوى جالساً ثم قال: ( أفي شك أنت يا ابن الخطاب، أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في هذه الحياة، فقلت: استغفر لي يا رسول الله )، وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهراً من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة، من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله.

قال الزهري: فأخبرني عروة عن عائشة قالت: (لما مضت تسع وعشرون ليلة دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بي، فقلت: يا رسول الله! إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهراً، وإنك دخلت من تسع وعشرين أعدهن)، كل يوم هذا نحسبه كأنه يقطع منا عضواً من أعضائنا، فقال: ( إن الشهر تسع وعشرون )، زاد في رواية: (وكان ذلك الشهر تسعاً وعشرين ليلة، ثم قال: يا عائشة ! إني ذاكر لك أمراً، فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك، ثم قرأ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:28-29]، قالت عائشة رضي الله عنها: قد علم والله أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه، فقلت: أفي هذا أستأمر أبوي، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة)، وفي رواية: (أن عائشة قالت: لا تخبر نساءك أني اخترتك، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: إن الله أرسلني مبلغاً ولم يرسلني متعنتاً ).

إخوتي الكرام! هذه الحادثة كانت قبل فرض الحجاب، والحجاب فرض في العام الخامس من هجرة نبينا عليه الصلاة والسلام، فهذه قبل هذا التاريخ، حصلت ودخل عمر رضي الله عنه على أزواج نبينا عليه الصلاة والسلام، أمهاتنا وكلمهن، ثم بعد ذلك وجه الله أمهاتنا أزواج نبينا عليه الصلاة والسلام هذا التوجيه فاستقمن ورجعن إلى الله جل وعلا، فكان ماذا؟ طبيعة البشر أن يخطئ، ونبينا عليه الصلاة والسلام عندما قابل ذلك الخطأ بأن حرم ما حرمه على نفسه من شرب العسل أو سريته، عاتبه الله جل وعلا، وأمره أن يكفر عما صدر منه، وأن يعود إلى ما كان عليه عليه صلوات الله وسلامه.

وهذا الحديث إخوتي الكرام تقدم معنا ذكره، لكن من رواية مسلم عند بيان معيشة النبي عليه الصلاة والسلام، وماذا يوجد في بيته من أمتعة، وتقدم معنا ضمن تلك الرواية أن عمر رضي الله عنه عندما استأذن كان ذلك الغلام الأسود اسمه رباح ، وقال له: يا رباح ! استأذن لي فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة، والله لئن أمرني أن أضرب عنقها لأضربن عنقها، انظر لهذا الإيمان، انظر لهذه الشدة التي ظهرت مع ما فيها من كره كيف تظهر معادن المؤمنين وحقائقهم، والله لئن أمرني أن أضرب عنقها لأضربن عنقها، وهذا في صحيح مسلم، قال: ورفعت صوتي، وأنه أذن لـعمر بعد ذلك، يعني عندما قال عمر هذا وسمعه النبي عليه الصلاة والسلام أذن له، وأنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يخبر الناس أنه لم يطلق نساءه أيضاً فأذن له، وأنه قام على باب المسجد فنادى بأعلى صوته: لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، وأنه قال له وهو يرى الغضب في وجهه: (يا رسول الله! ما يشق عليك من شأن النساء فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكال وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، قال: وقل ما تكلمت وأحمد الله بكلامي إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، فنزلت آية التخيير: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا [التحريم:5]).

وفي تلك الرواية التي تقدمت معنا في صحيح مسلم أنه قال: ( فلم أزل أحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تحسر الغضب عن وجهه، وحتى كشر فضحك عليه صلوات الله وسلامه، وكان من أحسن الناس ثغراً، قال: ونزلت أتشبث بالجذع، وهو الجذع الذي يرقى كما تقدم معنا عليه من المشربة إلى الغرفة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! إنما كنت في الغرفة تسع وعشرين، فقال: إن الشهر يكون تسعاً وعشرين )، قال: ونزلت هذه الآية: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [النساء:83].

قال: فكنت أنا الذي استنبطت ذلك الأمر، فأنزل الله عز وجل آية التخيير: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب:28، إلى آخر الآيات، وفي رواية للبخاري ومسلم قال: مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية، وهذا هو ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين، فما أستطيع أن أسأله هيبة له، وهذا حقيقة هو إجلال طلبة العلم للعلماء عندما كانت القلوب طاهرة نقية، والسؤال مطلوب، لكن لابد أيضا من الوقوف عند الحد، والإكثار من الأسئلة لاسيما إذا كانت أحياناً أسئلة من باب التعنت هذا كله مذموم شنيع.

قال: مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له حتى خرج حاجاً، قال: فخرجت معه، فلما رجعنا وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له، فوقفت له حتى فرغ، ثم سرت معه فقلت: يا أمير المؤمنين! من اللتان تظاهرتا على النبي عليه الصلاة والسلام من أزواجه؟ فقال: تلك حفصة وعائشة، فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك، قال: فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فسلني، فإن كان لي به علم أخبرتك به، ثم قال عمر رضي الله عنه: والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمراً، وفي رواية: ما نعد النساء شيئاً، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم، قال: فبينا أنا في أمر أتأمره، يريد يعني يخطط لأمر من أموره، إذ قالت امرأتي: لو صنعت كذا وكذا، فقلت لها: ما لك ولما هاهنا، فيما تكلفك في أمر أريده، لم تتكلفين؟ فقالت لي: عجباً لك يا ابن الخطاب ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان، فقام عمر فأخذ رداءه مكانه حتى دخل على حفصة فقال لها: يا بنية! إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان، فقالت حفصة: والله إنا لنراجعه، فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله عليه الصلاة والسلام، يا بنيتي لا يغرنك هذه التي أعجبها حسنها وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها يريد عائشة، قال: ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة لقرابتي منها فكلمتها، انظر لجواب أمنا أم سلمة، فقالت أم سلمة: عجباً لك يا ابن الخطاب دخلت في كل شيء، حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله عليه الصلاة والسلام وبين أزواجه، قال: فأخذتني والله أخذاً كسرتني به عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها، وكان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر، ونحن نتخوف ملكاً من ملوك غسان ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا فقد امتلأت صدورنا منه، فإذا صاحبي الأنصاري يدق الباب فقال: افتح افتح، فقلت: جاء الغساني؟ قال: بل أشد من ذلك، اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه، فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة، فأخذت ثوبي فخرجت حتى جئت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشربة له، وهي الغرفة كما تقدم معنا، يرتقى عليها بعجلة، وهي الدرج من جذع النخيل، وغلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس الدرجة، فقلت: قل هذا عمر بن الخطاب ، فأذن له بعد أن استأذن ثلاثاً كما تقدم، قال عمر: فقصصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، فلما بلغت حديث أم سلمة حين قالت: تريد أن تدخل بين رسول الله عليه الصلاة والسلام وبين أزواجه، ما كفاك أنك تدخل نفسك في كل شيء حتى في هذه القضية الخاصة، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت