خطب ومحاضرات
فقه المواريث - كيفية توريث الحمل
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعن من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم! وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: إخوتي الكرام! كنا نتدارس توريث الحمل، وقد تقدم معنا تعريف الحمل وهو: ما في بطن الآدمية من ولد، وتدارسنا شروط إرث الحمل وقلت: لابد من شرطين متفق عليهما:
الشرط الأول: تحقق وجوده في بطن أمه عند موت المورث ولو نطفة.
والشرط الثاني: انفصاله حياً من بطن أمه عند ولادته حياة شرعية مستقرة معتبرة، ثم بعد ذلك دخلنا في المبحث الثالث من مباحث الحمل ألا وهو: أكثر وأقل مدة الحمل.
تقدم معنا إخوتي الكرام! أن أكثر مدة الحمل لعلمائنا الكرام فيها عدة أقوال: وتقدم معنا أن للإمام مالك في ذلك ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن أكثر مدة الحمل لا تحد بمدة معينة، فقد يمكث في بطن أمه خمس سنين أو سبع سنين أو أكثر أو أقل.
والقول الثاني قلت: هو قول الجمهور وقول الشافعية وأحد القولين للإمام أحمد وأحد الأقوال للإمام مالك : أن أكثر مدة الحمل أربع سنوات، وتقدم معنا أدلة هذه الأقوال وتوجيهها، وتقدم معنا أن للإمام مالك قولٌ ثالث وهو: أن أكثر مدة الحمل خمس سنين.
والقول الثالث: وهو قول أبي حنيفة وهو أحد القولين للإمام أحمد أن أكثر مدة الحمل سنتان، ودليلهم في ذلك حديث أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها، قلت: وهو مرويٌ في سنن الدارقطني والبيهقي ورواه سعيد بن منصور في سننه من رواية جميلة بنت سعد عن أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت: لا يمكث الحمل في بطن أمه أكثر من سنتين ولو بمقدار فلتة المغزل، أي: دورانه دورة واحدة.
فإذاً: هذا الأثر عمدة الحنفية وأحد قولي الإمام أحمد عليهم جميعاً رحمة الله أن أكثر مدة الحمل سنتان، وقالوا: هذا الأثر له حكم الرفع.
قلت: أما ثبوته عن أمنا عائشة رضي الله عنها فالذي يظهر أنه ثابت، وطعن الإمام ابن حزم في هذا الأثر لأن جميلة بنت سعد لا تعرف فقلت: إنها تابعية، ولم يعرف فيها جرح، وتقدم معنا أنه لا يوجد في النساء من اتهمت ولا من هي متروكة كما قال الإمام الذهبي ، وذكرت أن الإمام ابن حزم قرر هذا الكلام في الجزء العاشر صفحة ثلاثمائة وستة عشر من المحلى، ونقله عنه الإمام الذهبي في الميزان في ترجمة جميلة بنت سعد رضي الله عنها وأرضاها، والحافظ في اللسان تقدم معنا أنه أسقط ترجمتها مع أنه ينبغي أن تذكر مع أن هذا الحديث أورده الحافظ في الدراية في تخريج أحاديث الهداية للإمام الزيلعي في نصب الراية وهو موجود في نصب الراية كما قلت في الجزء الثالث صفحة ثلاثمائة وست وخمسين على القول بثبوت الأثر والذي يظهر ثبوته والعلم عند الله، وعلى القول بثبوته قلت: للرأي فيه مجال، وما قاله الحنفية من أنه له حكم الرفع ليس كذلك قالت: بناءً على علمها، وعلى عادة النساء في زمنها، فما ثبت عندها أن حملاً بقي في بطن أمه أكثر من سنتين فبقي للرأي فيه مجال وللاجتهاد فيه تقدير، ولا يصح أن يقال: إن هذا الأثر مبناه على التوقيف وهو مأخوذ من نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.
انتهينا من هذا إخوتي الكرام! ووصلنا إلى النقطة الثانية من المبحث الثالث ألا وهو: أقل مدة الحمل.
أكثر مدة الحمل اختلف فيها كما تقدم معنا على ثلاثة أقوال وهناك قول رابع للإمام مالك في المسألة، وأما أقل مدة الحمل فلا خلاف فيها بين أئمتنا وهي: ستة أشهر، وقد حكى الإجماع عدد من أئمتنا منهم: الإمام محمد بن عابدين من أئمة الحنفية وهو محقق المذهب في كتابه رد المحتار على الدر المختار في الجزء الثالث صفحة خمسمائة وأربعين.
ومنهم الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا جميعاً رحمة ربنا في تحفة المودود بأحكام المولود صفحة مائتين وستة، وعبارته: اتفق الفقهاء كلهم على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وهذا أمرٌ تلقاه الفقهاء عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، ولذلك لو تزوج الإنسان امرأة وولدت ولداً لأقل من ستة أشهر بعد زواجه بها لا ينسب إليه، ويعتبر من غيره، وأنها كانت تزاول الحرام قبل زواجه بها؛ لأنه لابد من أن تمضي ستة أشهر على زواجه بها، وهذا الإجماع استند إلى كلام رب الأرض والسماء، وقد أشار الله إلى هذه المدة في كتابه فقال جل وعلا: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا [الأحقاف:15] سنتان وستة أشهر: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا [الأحقاف:15].
ومدة الرضاع التي ينبغي أن يفصل بعدها: سنتان، فبقي ستة أشهر كما قال الله جل وعلا في سورة البقرة: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [البقرة:233] فاطرح سنتين من ثلاثين شهراً يبقى معك ستة أشهر.
وأشار الله إلى هذا المعنى أيضاً في سورة لقمان فقال: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ [لقمان:14] وهنا: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ [البقرة:233] فاطرح السنتين من ثلاثين شهراً كما قلت: يبقى معنا ستة أشهر هي أقل مدة الحمل، وهذا وقع في زمن الصحاب -أعني: هذا الاستنباط- وأقره الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بعد مشورة الخليفة الراشد علي وبعد مشورة حبر الأمة وبحرها عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين.
والقصة ثابتة في السنن الكبرى للبيهقي في الجزء السابع صفحة أربعمائة واثنين واربعين، ورواها عبد الرزاق في مصنفه في الجزء السابع صفحة ثلاثمائة وخمسين، ووضع على الأثر باب: التي تضع لستة أشهر يعني: المرأة تلد لستة أشهر، والأثر رواه سعيد بن منصور في سننه في الجزء الثاني صفحة ستة وستين باب: المرأة تلد لستة أشهر، وخلاصة الأثر: أن رجلاً تزوج امرأة فولدت لستة أشهر بعد زواجها، فشك في هذا الولد ورفع الأمر إلى سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه، فقالت المرأة: والله إنه ابنه، وذاك يرتاب فيه كونه لستة أشهر، فالعادة الغالب أنها لتسعة أشهر، فهم عمر رضي الله عنه برجمها وأنها زاولت العهر وهي محصنة فقال علي رضي الله عنه وأرضاه: لو خاصمتك بكتاب الله لخصمتك يعني: لو استدلت بكتاب الله لظهرت عليك في الحجة، قال الله جل وعلا: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا [الأحقاف:15]، وقال: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [البقرة:233] فإذا نقصت سنتين من ثلاثين شهراً بقي ستة أشهر وهي أقل مدة الحمل، هذا نص الله عليه في كتابه، فقال عمر رضي الله عنه: لولا أبو الحسن لهلك عمر رضي الله عنهم أجمعين، وهذه القصة تكررت أيضاً مع عمر رضي الله عنه وأرضاه لكن المشير كان ابن عباس رضي الله عنهما كما في مصنف عبد الرزاق هناك أشار علي وهنا ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين.
والذي يظهر لي والعلم عند الله: أن القصة واحدة، وأنها بعد أن وقعت وهم عمر برجمها بدأ يستشير الصحابة فأشار عليه علي وأشار عليه ابن عباس ولم يعلم كلٌ منهما بقول الآخر ووافق استنباط أحدهما استنباط صاحبه فقبل عمر هذا رضي الله عنه وأرضاه ورفع الرجم عن المرأة.
وتكررت القصة بعد عمر رضي الله عنه في خلافة عثمان أيضاً رفع إليه امرأة ولدت لستة أشهر بعد زواجها فهم برجمها فأشار عليه ابن عباس رضي الله عنه بما أشار على عمر فقبل عثمان أيضاً هذا، وأثر عثمان ثابتٌ أيضاً في مصنف عبد الرزاق وسنن سعيد بن منصور في الأمكنة التي مر العزو إليها، ولذلك قال الإمام ابن القيم : هذا أمرٌ تلقاه الفقهاء عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
وقد ذكر الإمام ابن قتيبة في كتابه المعارف صفحة مائتين وسبع وخمسين ونقل هذا عنه الإمام ابن قدامة في المغني في الجزء التاسع صفحة مائة وخمسة عشر أن عبد الملك بن مروان ولد لستة أشهر بعد زواج أمه من أبيه وهذا من النوادر.
إذاً: أقل مدة الحمل متفق عليها، وهذه المدة تلزمنا عندما سيأتينا توريث الحمل.
المبحث الرابع: أفراد الحمل كم يتوقع أن يخرج من ولد من ذلك الحمل الذي هو في البطن وهو وارث، كم سنورثه؟ ذكراً أو أنثى، ذكرين، أنثيين، ذكوراً، إناثاً عشرة أو أربعين؟ هذا لابد له من تقدير، لا حد لأكثر أفراد الحمل فلا يعلمها إلا الله.
قال الإمام الألوسي في روح المعاني في الجزء الثالث عشر صفحة مائة وتسع: تفسير الآية المتقدمة آية الرعد: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ [الرعد:8] يقول: قال الإمام الشافعي عليه وعلى أئمتنا جميعاً رحمة ربنا: أخبرني شيخٌ باليمن أن امرأته ولدت بطوناً في كل بطن خمسة أولاد، وهذا وقع في هذا الزمن، يعني: يقع ليس هذا بغريب، وإن كان قليلاً لكن أكثر من هذا سيأتينا وقع لكنه من النوادر، يقول شيخ باليمن: أخبرني أن امرأته ولدت بطوناً في كل بطن خمسة ليس بطناً واحداً كلما تلد تنتج خمسة أولاد، قال الإمام الألوسي : وهذا من النوادر، وما زاد على اثنين لضعفه لا يعيش إلا نادراً، وما يحكى أن امرأة ولدت أربعين ولداً، وأن حجم الواحد منهم بمقدار الأصبع وعاشوا كلهم قال: فالظاهر أنه كذب، ولا دليل على التكذيب وهذا الخبر أورده صاحب العذب الفائض، وأن امرأة كانت تلد إناثاً، فعزم زوجها وأقسم بالله أنها إن ولدت أنثى لا أن يطلقها أن يقتلها، فلجأت إلى ربها فولدت له أربعين ولداً ذكراً في بطن واحد وعاشوا، والله على كل شيء قدير، فالقصة نعم لا يوجد إسناد يثبتها لكنها محكية في كتب أئمتنا فإطلاق القول أن الظاهر كذب لا يصح، فقدرة الله جل وعلا لا يعجزها شيء وهذا أمرٌ ممكن، نعم نقول: هذا ما ثبت عندنا بخبر متصل عن رجال ثقات منقول في الكتب، أما نقول: الظاهر كذب لا داعي للتكذيب، أئمتنا رووا هذا في كتب الفرائض وانظروه في العذب الفائض في الجزء الثاني صفحة واحدة وتسعين.
ومثل هذه الحماقات تقع فنعرف بعض الناس لما كنت في أبها، وهم جيران لنا ووالد المرأة هو الذي أخبرني يقول: لما حانت ولادتها قال زوجها: اذهبي إلى أهلك إن ولدتِ أنثى فأنتِ طالق، وإن ولدتِ ذكراً فعودي فولدت أنثى بتقدير الله فطلقها، وما رآها بعد ولادتها لأنثى، والبنت أنا رأيتها بحدود ثلاث سنين أو أربع.
لعل هؤلاء جاهليتهم زادت بالكثير على الجاهلية التي قبل بعثة نبينا عليه الصلاة والسلام؛ لأن أولئك كان فيهم أحياناً شيء من النخوة والمروءة حول العرض، وهنا لا يقتل البنت والأنثى قتلاً حسياً لكن يقتلها قتلاً معنوياً وهو أشنع ولا يبالي أن تشتغل رقاصة أو مغنية، هذا أشنع مما عند الجاهلية يعني: ذاك كان يقتلها خشية العار، وهذا يربيها للعار فهي هي، لكن اختلفت الصور والأشكال، لا إله إلا الله.
وأورد صاحب العذب الفائض أخباراً في أن بعض النساء ولدن خمسة أولاد، وأن بعضهن ولدت سبعة أولاد، وأن بعضهن ولدت اثني عشر ولداً، وأن بعضهن ولدت سبعة عشر ولداً، والله على كل شيء قدير.
قال الإمام ابن قدامة في المغني في الجزء السابع صفحة أربع وتسعين ومائة: قال الماوردي : أخبرني رجلٌ باليمن ورد طالباً للعلم وهو من أهل الدين والفضل، أن امرأة ألقت شيئاً كالكرش عند ولادتها فظن أنه لا ولد فيه فرمي على قارعة الطريق، فلما ضربته الشمس تحرك فشققت الكرش فخرج سبعة أولاد ذكور، يقول: وعاشوا كلهم، وصارعت واحداً منهم بعد أن كبروا فصرعني، يقول: فكنت أعير في اليمن ويقولون لي: صرعك سبع رجل، الله على كل شيء قدير.
قال ابن قدامة : وأخبرني من أثق به في سنة ثمان أو تسعٍ يعني: بعد الستمائة لأن الإمام ابن قدامة توفي سنة ستمائة وعشرين عليه رحمة الله وسنة ثمان أو تسع يعني: بعد الستمائة عن ضرير بدمشق قال: ولدت امرأتي هذه الأيام سبعة في بطن واحد ذكوراً وإناثاً، هذه في عصر الإمام ابن قدامة عليهم جميعاً رحمة الله.
قال ابن قدامة : وكان بدمشق أم ولدٍ لبعض كبرائها، فبعد أن مات تزوجت بعض تلاميذ الإمام ابن قدامة قال: وكانت تلد ثلاثة في كل بطن، ما تنزل عن هذا المقدار، وهذا أيضاً في المغني.
قال الإمام الألوسي : ويروى أن شريك بن عبد الله النخعي كان رابع أربعة، نعم الغالب في الولادات واحد أو اثنان وما زاد على ذلك قليل، ولذلك اختلفت اجتهادات أئمتنا في كيفية توريث الحمل، وفي تقديره لتوريثه وتوريث من معه، فقالوا: أولاً: إن رضي الورثة بالانتظار حتى يخرج الحمل ليتضح الحال فلا إشكال وهذا أحسن الحلول؛ لأنه إذا ولد سيظهر أنه حي أو ميت، ذكر أو أنثى، أو ذكور أو إناث.
وإن لم يقبلوا وطلبوا نصيبهم فهل يجابون أم لا؟ انقسم أئمتنا إلى قسمين في ذلك:
القسم الأول: قال به الإمام مالك وهو قول للإمام الشافعي : أن الورثة لا يجابون إلى القسمة، ويرغمون على الانتظار وعليه لا يوجد توريث للحمل على الإطلاق عند الإمام مالك ؛ لأن الورثة مرغمون على الانتظار حتى يتضح الحال ويعلم كم مقدار الحمل، فالإمام مالك لا يورث الورثة ولا الحمل ويترك التركة كلها موقوفة ليظهر حال الحمل.
إذاً: لا يجابون ويرغمون على الانتظار للشك في حال الحمل هل سيخرج حياً أو ميتاً؟ وهل سيكون وارثاً أو لا؟ على بعض التقادير إن قدرته ذكراً سيرث وإن قدرته أنثى لا يرث، وهل سيكون واحداً أو متعددا؟، وهل سيكون ذكراً أو أنثى؟ وهكذا كيفية إرث من معه تختلف بناءً على اختلاف حاله، ولذلك لا توريث للحمل والتركة كلها موقوفة.
القول الثاني: هو قول الجمهور: أبي حنيفة ، والإمام أحمد والقول الثاني للشافعي عليهم جميعاً رحمة الله، وهو المعتمد عند الشافعية: أننا نمكن الورثة الأحياء من إرثهم وأخذ نصيبهم، لكننا نحتاط للحمل، وفي كيفية الاحتياط عند أصحاب هذا القول ثلاثة أقوال أيضاً:
القول الأول: هو قول الحنفية قالوا: نعطي الحمل الأحظ من كونه ذكراً أو أنثى ونعتبره فرداً، إذاً نقدره ابنا أو بنتاً فقط، ثم نقسم التركة، ونوقف له نصيبه ونعطي للورثة الأحياء نصيبهم، ونأخذ منه كفيلاً بأن الحمل إذا لم يخرج كما قدرناه، وكان يستحق أكثر إذا لم يخرج كما قدرناه فماذا نعمل؟ ننقضه بالقسمة التي قسمناها ونأخذ استحقاق الحمل من الورثة يعني: افرض أننا قدرناه أنثى وأعطيناه النصف ولو قدرناه ذكراً سيأخذ أقل من النصف سيكون عاصباً، لكن لو قدرنا أنثيين سيأخذ ثلثين، فنحن أعطيناه النصف؛ لأن هذا أكثر من حظ الذكر، وهو خرج كما قلت: بنتين فكيف سنفعل؟ نسترد سدس التركة إلى النصف الذي أوقفناه من الورثة؛ ولأننا أخذنا منهم كفيلاً، هذا قول الحنفية وسيأتينا كيفية حل المسألة عندهم إن شاء الله.
القول الثاني وهو للإمام أحمد: نعطي الحمل الأحظ من نصيب الذكرين أو الأنثيين، أو الذكر والأنثى يعني: سنجعله اثنين، إن كان نصيب الذكرين أكثر أعطيناه نصيب الأنثيين أكثر أعطيناه إن كان ذكراً وأنثى أكثر أعطيناه، نجعل إذاً لذلك كما سيأتينا تقديرات متعددة، ثم من يرث في جميع التقادير ميراثاً واحداً لا يختلف يعطوا له نصيبه كاملاً، ومن لا يرث في بعض التقادير لا يأخذ شيئاً من لا يرث، من يرث في بعض التقادير وفي بعض التقادير نعطيه الأقل والباقي نوقفه للحمل، وسيأتينا أن عند الحنفية سيكون معنا ثلاثة تقادير: ميتٌ، حيٌ ذكر، حيٌ أنثى، وعند الحنابلة سيكون معنا ستة تقادير: ميت، حي ذكر، حي أنثى، حيٌ ذكرين، حيٌ أنثيين، حيٌ ذكر وأنثى، ستة تقادير.
القول الثالث: قول الشافعية: نجيب الورثة إذا طلبوا إرثهم ونصيبهم فالأصح عند الشافعية أن الحمل لا يضبط بعدد، وهناك قول ثاني عندهم أنه يقدر الحمل لأربعة أفراد، كما في السراج الوهاج، إخوتي الكرام! السراج المنير هذا كتاب تفسير للخطيب الشربيني ، والسراج الوهاج لأحد متأخري الشافعية وهو شرح المنهاج للإمام النووي .
جاء في السراج الوهاج صفحة ثلاثمائة وثلاثين قول للشافعية أنه يقدر بأربعة أفراد، ومن معه أي: مع الحمل من الورثة، إن كان عاصباً لا نعطيه شيئاً إن كان الوارث الحي يأخذ إرثه بالتعصيب لا يأخذ شيئاً؛ لأن العاصب يأخذ ما أبقته الفروض وكم سنعطي هذا الحمل؟ ما ندري، إن كان أنثى كم ستأخذ؟ لا نعلم، على حسب التقادير، وإن كان هذا الحمل أولى بالتعصيب منه، فذاك من بابٍ أولى يحجب، فإن كان عاصباً لا يأخذ شيئاً، وإن كان الوارث الحي لا يرث في بعض التقادير لا يأخذ شيئاً، وإن كان يرث في جميع التقادير متفاضلاً نعطيه الأقل، وإن كان إرثه لا يختلف يأخذ في جميع التقادير متساوية، سواء كان ميتاً أو حياً ذكراً أو أنثى ذكرين أنثيين، أربعة ذكور، ذكر وثلاثة إناث، كيفما قدرته سيأخذ النصيب كاملاً سنعطيه كاملاً لم نوقف نصيبه ونمنعه حقه؟ وسيأتينا هذه ليست صور خيالية؛ لأنها صور واقعية ثم سيأتينا عليها أمثلة، يعني: لو قدر أن الإنسان مات وترك زوجة أبيه حاملاً من أبيه وأبوه مات قبله، زوجة أبيه إن ولدت ستلد أخاً لأب، ذكراً أو أنثى، ذكرين أو أنثيين، أربعة ذكور، قدرهم ما شئت، لو قدرنا للميت أخاً لأم لم يتضرر بهذا الحمل مهما كان، لأن الأخ لأب لا يحجب الأخ لأم، وعليه هنا نعطي الأخ لأم نصيبه كاملاً ولا داعي أن ننتظر.
على كل حال: إن كان يرث بالتعصيب لا يأخذ شيئاً، إن كان لا يرث في بعض التقادير لا يأخذ شيئاً، إن كان يرث في جميع التقادير لكن متفاضلة نعطيه الأقل، إن كان يرث في جميع التقادير متساوياً نعطيه نصيبه كاملاً ولا نجعله ينتظر شيئاً؛ لأنه لو خرج الحمل كيفما كان سيأخذ هذا النصيب كما هو.
هذه أقوال المذاهب الثلاثة الذين قالوا بإجابة الورثة الأحياء في توريثهم إذا طلبوا التوريث.
قبل أن ننتقل إلى المسائل في بيان كيفية توريث الحمل ومن معه على حسب هؤلاء الأقوال الثلاثة عندنا موضوع آخر.
لا تخرج حالات الحمل عند ولادته عن ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يولد الحمل قبل مضي أقل مدة الحمل، وهي: ستة أشهر من موت مورثه، فهنا يرث بالإجماع مطلقاً، سواءٌ كانت هذه المرأة التي ولدت زوجها معها أو ميت عنها بالإجماع، هذه لا خلاف فيها، مات مورث وهناك حملٌ وارث، هذا الحمل الذي في بطن أمه سواءٌ كان أبوه حياً ويعاشر أمه عند موت المورث أو ميتاً لا يتأثر، ما دام ولد في أقل من ستة أشهر؛ لأننا تحققنا أنه كان موجوداً عند موت المورث؛ لأنه لو قدر أن هذا حصل من معاشرة بعد موت المورث لما أمكن أن يولد قبل ستة أشهر، فإذا ولد لستة أشهر فما دونها من موت مورثيه يرث مطلقاً سواءٌ كانت هذه المرأة لها زوج يعاشرها أو زوجها ميتٌ عنها، سيأتينا بعض الصور لو ولدت لأكثر من أقل مدة الحمل يعني: زاد مدة الحمل على ستة أشهر، ولم تصل لأكثر مدة الحمل وهي سنتان عند الحنفية، أربعة عند الجمهور، خمسة عند المالكية إلى ما لا حد له عند المالكية في القول الثالث لهم.
إذاً: الحالة الأولى: ترث مطلقاً إذا ولد الحمل لستة أشهر فما دون، هذا بالإجماع يرث وهو وارث من المورث سواءٌ كان زوجها معها أو غائباً عنها أو ميتاً عنها.
الحالة الثانية للحمل: أن يولد الحمل بعد مضي أكثر مدة الحمل المقدرة عند الأئمة، فلا يرث؛ لأنه غير متحقق الوجود عند موت المورث، يعني: عند الحنفية لو ولد بعد سنتين لا يرث الحمل من موت المورث، عند الشافعية وقول تقدم معنا للإمام أحمد وهو المعتمد عندهم، وقول للمالكية من الأقوال الثلاثة لو ولد بعد أربع سنين من موت المورث لا يرث، وقول الإمام مالك بعد خمس سنين لا يرث، والقول الثاني: يرث مطلقاً إذا ثبت وجوده في بطن أمه كما تقدم معنا القول الذي قال به الإمام مالك وبعض السلف رضي الله عنهم أجمعين.
المقصود: أكثر مدة الحمل إن جاوزها الحمل وولد بعد مضي أكثر مدة الحمل فلا يرث على حسب تقدير الأئمة لأكثر مدة الحمل، فكل على قوله، فعند الحنفية لو أن الحمل ولد بعد السنتين بيوم واحد من موت المورث لا يرث، سنقول: هذا حمل طرأ بعد موت المورث، من حلال أو من حرام لعذر، لشبهة، لغير ذلك هذا يحاسب بعد ذلك ما لنا علاقة به الآن، إنما موضوع الإرث عند الحنفية لا يرث، عند الجمهور كما تقدم معنا: لا زال وارثاً إلى أربع سنين، فإن جاوزها لا يرث.
الحالة الثالثة: أن تكون المدة التي ولد فيها الحمل فوق الأدنى يعني: فوق الستة أشهر ودون الأعلى فوق ودون أقل مدة الحمل يعني: لو قدرت أنه ولد لسنة، فهذا فوق الأدنى أي فوق ستة أشهر ودون الأدنى باتفاق الأئمة، يعني: عند الحنفية وعند غيرهم لسنة كاملة بعد اثني عشر شهراً ولد من موت المورث فوق الأدنى ودون الأعلى وتقدم معنا الأكثر على أقل تقدير، فهل يرث أم لا في هذه الحالة؟ لذلك تفصيل:
أولاً: إن كانت المرأة الحامل فراشاً لزوجها أو لسيدٍ يطئان ويعاشران هذه الحامل فلا يرث الحامل في هذه الحالة لاحتمال وجوده وتخلقه وحمله بعد موت المورث؛ لأن ما عندنا يقين أنه كان في بطن أمه عند موت مورثه فما دام هذه الآن يعاشرها زوجها يعاشرها سيدها لعل هذا الحمل طرأ بعد ذلك.
فإذا كان الحمل في بطن امرأة وهي فراش لزوج أو هي فراش لسيد يطئان، ليس المراد هنا امرأة واحدة فنحن نتكلم على حمل، قد يكون عندنا مائة امرأة وينتج عنه مائة حمل، فهنا لا يرث هذا الحمل والسبب: أننا لا نتحقق أن هذا الحمل كان موجوداً عند موت المورث والعلم عند الله جل وعلا.
ثانياً: إذا كانت المرأة فراشاً لزوج أو لسيدٍ لا يطئان عجزاً أو امتناعاً أو من أجل غيابهما، المقصود ما حصل وطء، فيرث الحمل في هذه الحالة.
ثالثاً: إن لم تكن المرأة فراشاً؛ لأن زوجها ميتٍ عنها، فالحمل يرث في هذه الحالة بالاتفاق.
آخر المباحث عندنا في الحمل نذكره وننتقل إلى بعض المسائل إن شاء الله: الحياة التي يثبت بها إرث الحمل، تقدم معنا إخوتي الكرام! أنهم اشترطوا لإرث الحمل شرطين:
الأول: تحقق وجوده في بطن أمه عند موت مورثه ولو نطفة.
والثاني: خروجه عند ولادته حياً حياة شرعية مستقرة وذكرت هناك الأدلة على ذلك، وأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا استهل الحمل ورث) وبينت أن الحديث صحيح كما تقدم معنا، وأن ضابط الحياة التي يرث بها الحمل عند خروجه من بطن أمه اتفق الفقهاء قاطبة على أنه الاستهلال والصياح، ويلحق به كما تقدم معنا آثار البكاء الذي يخرج منه إن خرج هذا من الحمل، فهذا يدل على حياته حياة شرعية يرث بها من مورثه.
إذاً: إذا خرج حياً حياة مستقرة وخرج كاملاً وهو حي واستهل هذا بالاتفاق يرث، فإن خرج ميتاً بالاتفاق لا يرث، لكن قال الحنفية: إن خرج ميتاً بنفسه لا يرث، وإن خرج ميتاً باعتداء معتدٍ فهو وارث، لو أن إنساناً ضرب امرأة حاملاً، فأسقط الجنين فالميت عند الحنفية يرث ويورث بعد ذلك؛ لأن هذا كان هو في بطن أمه حياً فمات بواسطة عدوان كما لو خرج حياً فمات.
أما لو خرج ميتاً بنفسه فلا يرث، ولو خرج بعضه حياً، فلم يكتمل خروجه حتى مات خرج الرأس وهو حي، ثم عندما اكتمل خروجه خرج ميتاً، فهل يرث أم لا؟ عند الجمهور أيضاً لا يرث، وخالف الحنفية فقالوا: للأكثر حكم الكل، إن خرج أكثره حياً ثم مات عند اكتمال خروجه فهو حمل وارث وإلا فلا يرث، فلو خرج الرأس فقط حي وصاح، ولما اكتمل خروجه مات، وأحياناً قد يستغرق خروج بقية الجسم بعد الرأس ربع ساعة وأحياناً ثلث ساعة وأحياناً ساعة وأحياناً يختلف ويموت
والمراد عند الحنفية الأكثر في الحجم يعني: إلى سُرَّة الإنسان منتصف الإنسان ثم بعد ذلك انظر لـما زاد، فإن خرج مثلاً إلى ركبتيه ثم بعد ذلك ما خرجت البقية ومات، وأحياناً يخرج نصفه، تخرج إحدى الرجلين مع خروج الرأس وتبقى الرجل الأخرى معلقة فخرج الأكثر، ولا يكون هذا في الغالب إلا عند استعصاء الولادة وصعوبتها، هذا الذي يظهر، والعلم عند الله جل وعلا.
ثم إن الاستهلال -كما تقدم معنا- هو علامة على الحياة بعد خروجه كاملاً بالاتفاق، وهل يجزئ غير الاستهلال من تنفس، وتحريك الأعضاء، من نصف أصبع .. مما يدل على الحياة، فالإمام مالك وهو رواية عن الإمام أحمد عليهم جميعاً رحمة الله قالوا: لا يعتبر إلا الاستهلال؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أناط الحكم به فقال: (إذا استهل المولود ورث) وهو البكاء والصياح الذي يخرجه منه، وهذا يدل على أن الحياة حياة شرعية مستقرة، أما لو تحرك، لو رضع أصبعه، لو تنفس كل هذا ممكن ألا يكون دالاً على حياته الحياة المستقرة، كحال المخنوق، كحال الذي يفارق الحياة، كحال المذبوح، كحال من يخرج منه الاختلاج وتحرك ومس أصبع لكن بلا صياح فذاك لا يدل على الحياة الكاملة.
وعند الإمام أبي حنيفة والشافعي وهو القول الثاني للإمام أحمد عليهم جميعاً رحمة الله يقولون: تثبت الحياة ويرث الحمل بما يدل على حياته لكن حياة مستقرة، يقول: فإذا رضع أصبعه هذا أقوى مما لو صاح، وكذا لو تنفس تنفساً طويلاً، أما مجرد تحرك واختلاج، فهذا الذي لا تثبت الحياة به ولا يرث.
إخوتي الكرام! كما قلت: هذه أمورٌ نظرية بها يكتمل ما يتعلق بتوريث الحمل، ننتقل بعد ذلك إلى بعض المسائل التي بها إيضاح ما تقدم معنا.
تقدم معنا أن الإمام مالك عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا ليس عنده توريث للحمل مطلقاً وأننا ننتظر حتى يلد، والتركة كلها موقوفة.
وعند أبي حنيفة نقدر الحمل فرداً، ونعطيه الأحظ من ذكرٍ أو أنثى ونأخذ كفيلاً من الورثة الأحياء عندما يطلبون قسمة التركة.
وعند الإمام أحمد نقدره اثنين ونعطيه الأحظ من ذكرين أو أنثيين أو مختلفين من ذكر وأنثى.
وعند الإمام الشافعي المعتمد عند الشافعية أنه يقدر بأربعة أفراد.
وعلى حسب كل مذهب تختلف التقادير:
فعند الحنفية تجعل من الحمل ومن معه ثلاثة تقادير، وعند الحنابلة ستة تقادير، وعند الشافعية خمسة عشر تقديراً في المسألة، ثم تخرج جامعة الحمل كما تقدم معنا في جامعة خمساه الذي يرجى انكشاف حاله، واضح هذا؟ لا نظلمها بأحوال الخمسة، ننظر بين أصول مسائل الحمل النسب الأربع حاصل النظر: هو جامعة الحمل نقسمه على كل مسألة ثم نعطي الورثة الأضر كما تقدم معنا ونوقف الباقي للحامل لينكشف الحال، فمن كان يأخذ نصيباً متساوياً في جميع التقادير أخذه، من كان يأخذ في جميع التقادير متفاضلة أعطيناه الأقل، من كان لا يرث في بعض التقادير لا نعطيه شيئاً، من كان يرث تعصيباً ولا يرث بالفرض لا نعطيه شيئاً وننتظر انكشاف حاله.
نذكر الآن مثالاً على مذهب أبي حنيفة وعلى مذهب الإمام أحمد وأما مذهب الإمام الشافعي فما أظن أن اللوح يتسع له، فأنتم تجربون مسألة وأعطيكم مسألة ونحلها في البيت إن شاء.
نبدأ بمذهب أبي حنيفة ، فسيكون عندنا ثلاثة تقادير، على مذهب أبي حنيفة : أب وأم وزوجة حامل منه، إذاً عندنا حمل منه، على حسب تقدير الحنفية، أول التقادير نجعله ميتاً أول التقادير ميت حي ذكر حي أنثى قلنا: لا يوجد إلا هذا عند الحنفية، إذا كان ميتاً فالأب ليس له السدس لأن الأب بلا فرع وارث، الأم لها ثلث الباقي؛ لأنها غراوية والأب عاصب والزوجة لها الربع، المسألة من أربعة: ربعها واحد بقي ثلاثة، ثلثها واحد بقي معنا اثنان هذا على تقدير موت الحمل، يعني لو خرج الحمل ميتاً ستكون المسألة: الأب له السدس فقط، والأم لها السدس، والزوجة لها الثمن، وهذا عاصب فالمسألة من أربعة وعشرين، بين الستة والستة تماثل، وبين الستة والثمانية توافق، حاصل النظر أربعة وعشرون، سدسها أربعة، ثمنها ثلاثة، بقي معنا ثلاثة عشر أو إحدى عشر، بقي ثلاثة عشر.
الآن قدره أنثى: الأب له السدس والتعصيب، والأم لها السدس، والزوجة لها الثمن، وهذه لها النصف، أيضاً المسألة من أربعة وعشرين، النصف اثنا عشر، والثمن ثلاثة، والسدس أربعة، بقي خمسة، الجامعة كما قلت في النظر بين أصول المسائل بالنسب الأربع دون أن نضربها بعدد الحالات كما تقدم معنا في الخنثى الذي لا يرجى انكشاف حاله، وإذا كان يرجى كما تقدم معنا ،حاصل النظر: هو جامعة الحل بين الأربعة والأربعة والعشرين تناسب اقسم أربعة وعشرين على أربعة: ستة، تعال ننظر الأضر للورثة الأحياء ونترك الباقي للحمل نحتاط له قلنا: من يأخذ في هذه المسائل الثلاث نصيبه كاملاً أخذه، متفاوتاً أعطيناه الأقل، من لا يأخذ في بعض التقادير سقط، فاستمع هنا:
اثنان في ستة: اثني عشر، على هذا التقدير أربعة أربعة، خمسة في واحد خمسة، نعطيه أربعة واحد في ستة ستة، أربعة أربعة، هذا الأضر أنه أربعة، واحد في ستة ستة، انتبه الآن هنا ثلاثة ثلاثة نعطيها ثلاثة، اجمع الآن والباقي اتركه موقوفاً للحمل، بقي معنا ثلاثة عشر موقوفة للحمل، لو خرج ذكراً لأخذ المال كله صحيح، لو خرج أنثى نأتي بهذا الحل، نعطيه اثني عشر ونرد الواحد إلى الأب.
ولو خرج ميتاً كيف سيكون فيها؟ هنا اثنين في ستة: اثني عشر، يعني: بهذا ثمانية سهام صحيح، واحد في ستة: ستة، سهمان زائدان ستأخذ أكثر في هذه الحالة، واحد في ستة ستة لأم، وهنا أخذت سهمان زائدان، وهذه واحد في ستة: ستة، هنا أخذت ثلاثة يزيد لها، اجمع الآن: سيخرج معك ثلاثة عشر، توزيع المسألة بعد ذلك سهل، إنما في البداية تفعل هكذا ثلاثة عشر توقفها تحتاط للحمل، هذا على مذهب أبي حنيفة، وهذا كله -كما قلت- لابد من أخذ الكفيل.. لم؟ افرض أن الحمل خرج بخلاف هذا التقدير، يعني: لو خرج الحمل الآن أنثيين سنعطيه الثلثين، المسألة ستعول، فيضر الأب والأم والزوجة ولا يمكن أن نعطيهم هذا النصيب وهو السدس، ولذلك لابد من أن نأخذ كفيلاً.
نفس المسألة سنحلها عند الإمام أحمد سيختلف الحال فيها، في التي قدر أنثيين سيأخذ الحمل الآن ستة عشر من أربع وعشرين، وهنا أعطيناه ثلاثة عشر، ولذلك عند الحنفية لما قدروه واحداً أخذوا كفيلاً، عند الحنابلة قدروه فردين، لو قدرته ذكرين لم يختلف الأمر، وذكراً وأنثى لم يختلف، إنما لو قدرت أنثيين ستعطيه ثلثين، فالثلثان أكثر من ثلاثة عشر من أربعة وعشرين؛ لأنه ستة عشر، وعليه سينقص نصيب الأب، وسيأخذ أربعة من سبعة وعشرين وليس من أربع المسألة وستعول المسألة، وهكذا الأم أربعة أيضاً من سبعة وعشرين، والزوجة ثلاثة من سبعة وعشرين، وهي تسع وليس ثمناً، نفس المسألة إن شئت أو غيرها لا يضر الواحد يعني نتركها كما هي ونضيف عليها تقدير الحنابلة أيسر علينا، قلنا الآن: نصف، وهنا اثني عشر، هنا وضعنا ثلاثة عشر موقوفاً هذه الجامعة.
إذاً: ذكر أنثى، ذكرين فالأب السدس فقط والأم السدس، وهذه الثمن كما تقدم معنا، المسألة من أربعة وعشرين، هذا عاصب، السدس أربعة والسدس أربعة، والثمن ثلاثة، بقي معنا ثلاثة عشر، نصحح المسألة: اثنين اثنين أربعة عشر ثمانٍ وأربعين ثمانية ثمانية ستة هذه ستة وعشرون لكل واحد ثلاثة عشر.
أنثيين: السدس مع التعصيب والسدس فقط والثمن، وهنا ثلثان، أنت عندك ضابط دائماً: متى ما كانت الفروض التي في المسألة تزيد على ثلث التركة والآن زادت على الثلث سدس وسدس زادت ثلث مع أن الثمن زاد، متى ما كنت الفروض في المسألة تزيد على الثلث، فإذا قدرت الحمل أنثيين أعلى مما لو قدرته ذكراً؛ لأنه سيأخذ الثلثين، وأنت الآن ما بقي ثلثان؛ لأن الفروض زادت على الثلث ولو قدرته عاصباً سيأخذ أقل من الثلثين، وإذا كانت الفروض بمقدار الثلث الحمل يستوي إن قدرته ذكراً أو أنثيين، أما هنا الآن تقديره أنثيين أنفع له، ولذلك سترى بأن هناك، المسألة أيضاً من أربعة وعشرين، سدسها أربعة إن بقي شيء من التعصيب نعطيها، وسدسها أربعة وثمنها ثلاثة، وسدسها ستة عشر، اجمع، عالت إلى سبعة وعشرين، ولا تعول إلا عولاً واحد.
ذكر وأنثى: واحد اثنين ثلاثة أربعة خمسة ستة، هذا آخر التقارير، هنا السدس فقط، وسدس أيضاً الثمن عاصب هذه كما لو كان ذكراً من أربعة وعشرين، ستة أربعة أربعة سدس هنا ثمان، بقي معنا ثلاثة عشر، والرؤوس ثلاثة، يصبح معنا اثنان وسبعون، اثني عشر، ثلاثة في ثلاثة تسعة وهنا يصبح معنا تسعة وثلاثون، للذكر ستة وعشرون، ولذاك ثلاثة عشر، بينها التداخل، ثمانية وأربعون هذه واحدة، وهذه ليست هذه الآن عكرت علينا، العول ما يضر هذه المسألة، هذه كلها تداخل، الأربعة داخلة في أربعة وعشرين، وأربعة وعشرون وأربعة وعشرون متماثلة وداخلة في ثمانية وأربعين، وعندنا هنا اثنان وسبعون.
ثمانية وأربعين ما بينها وبين الاثنين والسبعين تداخل، ما تنقسم عليها، بينهما توافق، ثمان وأربعين عندنا وسبع وعشرون واثنان وسبعون هذه الأعداد الباقية، هذه وهذه: مائتين وستة عشر، هذه وهذه انتهينا منها صحيح ثمانية وأربعين بينها وبين الثمانية عشر توافق.
الآن هذا الذي وجد السهم لكل مسألة ننظر للأضر، اثنان في مائة وثمانية ستة عشر ومائتين، هذا على هذا التقدير، وهنا أربعة في ثمانية عشر؟ أربعة في ثمانية باثنين وثلاثين، معنا ثلاثة، أربعة وثلاثة سبعة، خمسة في ثمانية عشر تسعون، بعده ثمانية في تسعة اثنان وسبعون، أربعة في ستة عشر أربع وعشرون معنا اثنان أربع وستون، اثنا عشر في ستة اثنان وسبعون، انظر أيها الأقل؟ هذه أضرها، وغالب ظني على تقدير أنثيين.
أربعة في ستة عشر اثنان؛ لأن هذه أضر للورثة كل ستعطيه على هذا التقدير والباقي ينتفعون؛ لأن هذه التي عالت معنا أربعة وستون لو عملت البقية كلهم هكذا، فلذلك خذ الآن من هنا لأجل الاختصار، لها أربعٌ وستون، وهذه هي هي؛ لأنها ثمن في جميع الأحوال لكن هنا عالت تصبح معنا ثمان وأربعون، والباقي للحمل كم بقي معنا؟ اجمع هذه: ثمانية وثمانية ستة عشر، ستة عشر، أين سبعة عشر طيب اثني عشر ستة عشر سبعة عشر هذه مجموع: اثنان وثلاثون وأربعة، في اثني عشر معنا ستة، معنا هنا اثني عشر معنا خمسة بقي ثلاثة اثنان، مائتان وستة وخمسون للحمل هذه لو قدر أنه خرج كما تقدم معنا أنثيين لو قدر سيأخذ هذا المقدار الكامل فاضرب وتأكد أين هو؟ ستة عشر في ستة عشر سيخرج معك هذا لتتحقق: ستة في ستة ستة وثلاثون، وستة ستة وتسعون، ستة عشر ستة خمسة عشر ومعنا واحد واثنان هذا لو قدر أنه خرج هذا، ولو خرج غيره المسألة سهلة الاحتياط معنا، لذلك نعطيهم أقل، لكن هنا أخذ أقل من السدس، عند الحل الأول ما نقص عن الثلث لأنه قدرنا ذكراً أو أنثى، فعندما قدرناه نزل، ولذلك ما في داعي أن يأخذ كفيلاً عند الحنابلة، فأخذ أقل من السدس لحصول عول في المسألة.
أحياناً إخوتي الكرام! كما قلت لكم: قد لا يتغير نصيب الوارث مهما قدرت حال الحمل كما لو كان يعني: الوارث أخاً لأم، والحمل أخاً لأب، هذه مسألة مختصرة أيضاً.
مات عن أخٍ لأب وحمل وأخ لأم.
أي حمل حلاً يختلف الآن معنا نختصرها على مذهب الحنفية من أجل أن نبين أن الوارث في الحي لن يتغير نصيبه كيفما قدرت الحمل.
كيفما قدرت حال الحمل الآن على أي مذهب، لن يختلف نصيب الأخ لأم، ولذلك ستعطيه إياها من أقصر طريق وأقربه قدرها مثلاً على مذهب الحنفية لو خرج ميتاً لو هذا عاصب، وهذا ميت، وهذا له السدس لن ينقص عن السدس في جميع أحوال الحمل، المسألة من ستة خمسة، واحد.
لو خرج ذكراً لو عاصبان صحيح ؟ أخ لأب مع أخ لأب، هذا حامل من أبيه وهذا الأخ لأبيه، وهنا الأخ لأم السدس المسألة من ستة، واحد وهنا خمسة صحح المسألة، من اثني عشر خمسة خمسة عندنا اثنان.
خرج أنثى لم يختلف إرث الأخ لأم، له السدس وهذا عاصب مع أخيه للذكر مثل حظ الأنثيين، المسألة من ستة أيضاً هنا واحد وهنا خمسة والرؤوس ثمانية عشر، هذا عشرة وهذا خمسة لأنه أنثى؛ وهذا ثلاثة.
الشاهد الذي أريده: أن هذا الوارث الآن ما اختلف نصيبه فيأخذه كاملاً، وأما هذا اختلف فنعطيه الأقل لأني قلت لكم: أحياناً بعض الورثة لا يتأثرون بالحمل، فنعطيهم نصيبهم كيفما كان حال الحمل كما قلت على مذهب الحنفية للاختصار ثمانية عشر هذا أصل، واثني عشر، عندنا ستة داخلة في ثمانية عشر، بقيت هذه وهذه بينهما توافق في الستة، خذ سدس هذه اثنان في ثمانية عشر ستة وثلاثون، اقسمها على ثمانية عشر: اثنان، على هذه الثلاثة ثلاثة، وعلى ستة ستة، خمسة في ستة ثلاثين هذا يضر الحمل جداً، الآن خمسة في ثلاثة خمسة عشر، خمسة عشر أضر، هذا لن يختلف، واحد في ستة: ستة، اثنان في ثلاثة: ستة، ثلاثة في اثنين: ستة، انتبه! نصيبه أخذه كاملاً كيفما كان حال الحمل، بقي معنا الآن خمسة عشر موقوفة، اجمع الآن: واحد وعشرون بقي خمسة عشر موقوفة، يعني: إن خرج الحمل ذكراً: خمسة في ثلاثة عشر: خمسة عشر، وإن خرج أنثى هذا لن يأخذ شيئاً إذا خرج أنثى لكن إلى هنا خمسة في اثنين عشرة، نعطيه عشرة ونرد على هذا خمسة لهذا أخذ عشرين، إن خرج ميتاً خمسة عشر كلها لهذا، يعني: يصبح له ثلاثين وهذا ستة يعني: بينه وبين أخيه، أما هذا ما طلع عليه زيادة ولا نقصان كيفما كان حال الحمل حياً أو ميتاً ذكراً أو أنثى، وإن شئت أن تقدر لها ما شئت من ذكرين من أنثيين من من النصيب هو هو.
خلاصة الكلام عند من يورث الورثة الأحياء مع الحمل: وهم المذاهب الأربعة إلا الإمام مالك عليهم جميعاً رحمة الله يحتاط للحمل لكن اختلفوا في كيفية الاحتياط، فالحنفية قدروه فرداً وأعطوه الأحظ مما لو كان ذكراً أو أنثى، وأخذوا من الورثة كفيلة، وقالوا: هذا هو الغالب في الولادات أنها فردٌ واحد.
والحنابلة بالغوا في الاحتياط وزادوا وهذا أدق فقالوا: نقدره فردين ذكرين أو أنثيين أو ذكراً وأنثى، أي هذه الأحوال أنفع، نتركها للحمل ونعطي للورثة الأضر.
والشافعية زادوا في الاحتياط أكثر وأكثر فقدوره أربعة أفراد ذكوراً أو إناثاً أو مختلفين ولذلك ستقدر عند الشافعية خمسة عشر حالاً، فنقدر الحمل ميتاً وذكراً وأنثى هذه ثلاثة أحوال، وقبل هذه ميت ذكر أنثى، ذكرين، أنثيين، ذكر وأنثى صار ستة، ثلاثة ذكور ثلاثة إناث ذكر وأنثيين أنثيين عشراً، أربعة ذكور، وهكذا.
وإلى هنا نصل إلى نهاية الدرس والحمد لله رب العالمين.
استمع المزيد من الشيخ عبد الرحيم الطحان - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فقه المواريث - الحجب [1] | 3822 استماع |
فقه المواريث - الرد على الزوجين [1] | 3589 استماع |
فقه المواريث - حقوق تتعلق بالميت | 3573 استماع |
فقه المواريث - ميراث الخنثى [1] | 3539 استماع |
فقه المواريث - توريث ذوي الأرحام | 3484 استماع |
فقه المواريث - المسألة المشتركة | 3438 استماع |
فقه المواريث - أدلة عدم توريث ذوي الأرحام | 3346 استماع |
فقه المواريث - متى يسقط الجدات ومن يحجبهن | 3308 استماع |
فقه المواريث - أصحاب الفروض | 3258 استماع |
فقه المواريث - الجد والإخوة [7] | 3226 استماع |