فقه المواريث - تعريف العول ووقت وقوعه


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً، بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

انتهينا من جزء من مبحث الحساب ألا وهو تأصيل المسائل، وكيف نخرج أصول المسائل، وقبل أن ننتقل إلى التصحيح بقي بحث لا زال متعلقاً أيضاً بتأصيل المسائل، ألا وهو بيان الأصول التي تعول، أو العول.

يأتي العول في اللغة بمعنى: الزيادة، وبمعنى: النقصان، وبمعنى: الارتفاع، وبمعنى: الجور، وبمعنى: الميل، وبمعنى: الغلبة، وبمعنى: القيام بكفاية العيال، والإشراف عليهم والنفقة عليهم، إذاً: زيادة ونقصان وارتفاع وجور وميل وغلبة وقيام بكفاية العيال، هذه كلها معاني العول في لغة العرب، وعليه فلفظ العول مشترك، وهو من الأضداد أيضاً، فلما يأتي بمعنى الزيادة وبمعنى من النقصان صار من الأضداد، ثم هو مشترك لفظي اشتركت فيه معان متعددة.

هذا معنى العول في لغة العرب، ومعناه عند الفرضيين، زيادة في السهام مع نقص من مقاديرها وهي الأنصبة، وهذا المعنى الاصطلاحي يحتوي على المعنى اللغوي، ففيه معنى الارتفاع، وفيه معنى الزيادة كما سأوضح، وفيه معنى الغلبة، وفيه معنى النقصان، وفيه معنى الميل، وفيه معنى الجور، لكن ليس فيه المعنى السابع وهو القيام بكفاية العيال، وبالمثال يتضح الحال.

ماتت عن: زوج، وأخت شقيقة، وأخت لأب، وأخت لأم، وأخ لأم، وأم، الزوج له النصف لعدم الفرع الوارث، والأخت الشقيقة لها النصف لعدم المشارك والمعصب وعدم وجود الفرع الوارث، وعدم وجود أصل وارث من الذكور، الشروط الأربعة، والأخت لأب لها السدس تكملة للثلثين، والأخت لأم مع الأخ لأم الثلث لعدم وجود الفرع الوارث والأصل الوارث من الذكور، والأم لها السدس لوجود جمع من الإخوة.

على حسب التأصيل قلنا: ننظر، فنكتفي بواحد من المتماثلين أو المتماثلات، ونأخذ الأكبر في حالة التداخل، ونضرب وفق أحدهما في كامل الثاني في التوافق ونضرب العددين ببعضهما في التباين.

هنا عندنا اثنان، الاثنان متماثلة نكتفي بواحد، والاثنان بعد ذلك داخلة في الستة، والثلاثة داخلة في الستة نكتفي بالأكبر، وهو ستة، وستة وستة متماثلة نكتفي بواحد، أصل المسألة من ستة، نصفها ثلاثة، ونصفها ثلاثة، وسدسها واحد، وثلثها اثنان، وسدسها واحد للأم، صارت عشرة، فالزوج الآن سيأخذ أقل من الثلث ليس النصف.

قلنا: المعنى الاصطلاحي زيادة في السهام، فأصبحت عشرة بدل ستة، ونقصت مقاديرها، فالثلاثة من عشرة أقل من الثلاثة من ستة؛ لأنه لو أخذ ثلاثة من ستة لأخذ نصف التركة، وهنا أخذ أقل من الثلث، فهنا زيادة في سهام المسألة، نقص من مقاديرها وهي الأنصبة.

قلنا: ويأتي العول بمعنى الجور، وهنا حصل جور ونقص على هؤلاء؛ لأن هذا بدل من أن يأخذ النصف أخذ أقل من الثلث، فكأنه دخل عليه جور، لكن دون أن يكون في هذا الجور إثم، وحصل في ذلك أيضاً الميل، وحصل فيه الغلبة، كل هذه المعاني وجدت في المعنى الاصطلاحي، نعم المعنى السابع اللغوي وهو القيام بكفاية العيال ليس لنا علاقة به في التعريف الاصطلاحي.

الفرائض هي المسائل، والفرائض بالنسبة لفروضها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: عادلة، وهي إذا جُمعت فروضها ساوت أصلها.

مثل: ماتت عن زوج، وأخت لأب فقط، الزوج له النصف، والأخت لأب لها النصف، المسألة من اثنين؛ لأنه تماثل، بين مخرج النصفين، النصف واحد، والنصف الآخر واحد، اجمع الفروض تجدها تساوي أصل المسألة.

القسم الثاني: ناقصة، وهي إذا جمعت فروضها نقصت عن أصلها.

مثل: ماتت عن أم وأخت شقيقة، وأخ لأم، الأم لها السدس لوجود جمع من الإخوة، والأخت الشقيقة لها النصف، والأخ لأم له السدس، بين الستة والستة تماثل نكتفي بواحد منهم، بين الاثنين والستة تداخل نأخذ الأكبر، المسألة من ستة، سدسها واحد، ونصفها ثلاثة، وسدسها للأخ لأم واحد، اجمع السهام: خمسة، يعني: بدل أن تأخذ الأم واحداً من ستة تأخذ واحداً من خمسة، فبدل أن تأخذ سدس المال تأخذ خمسة.

القسم الثالث: عائلة، عائلة بمعنى زائدة، وهي إذا جمعت الفروض زادت على أصل المسألة، كالمسألة السابقة التي أصلها ستة وجمعنا الفروض فصارت عشرة.

إذاً: عادلة جمعت الفروض ساوت أصلها، ناقصة جمعت الفروض نقصت عن أصلها، عائلة جمعت الفروض زادت على أصلها.

والأصول السبعة باعتبار العول والعدل والنقص تنقسم إلى أربعة أقسام:

ما يتصور فيها العدل والنقص والعول

القسم الأول: ما يتصور فيه الأمور الثلاثة: العدل والنقص والعول، يعني: يكون عادلاً وعائلاً وناقصاً، وهذا أصل واحد فقط من الأصول السبعة، وهو أصل ستة فقط، يكون عائلاً، وقد سبق التمثيل على العول والنقص، أما العدل فما أكثره، مثل: مات عن أم، وأخوين لأم، أخ لأم، صارت المسألة من ستة، التركة، لأنه هناك سدساً وهنا ثلثاً، ضع الآن أختاً شقيقة أو أختاً لأب، الأم لها السدس، والأخوان لأم لهما الثلث، والأخت الشقيقة لها النصف، المسألة من ستة؛ لأن بين الاثنين والثلاثة والستة تداخل، نكتفي بالأكبر، سدسها واحد، وثلثها اثنان، ونصفها ثلاثة، اجمع تراها عادلة، ساوت الفروض أصل المسألة.

ما لا يكون إلا ناقصاً

القسم الثاني: لا يكون إلا ناقصاً، وقد مر معنا هذا.

ما يتصور فيها العدل والنقص دون العول

القسم الثالث: يكون عادلاً وناقصاً، ولا يكون عائلاً، وهما: اثنان وثلاثة، يعني: لو مات وترك أختين شقيقتين وأختين لأم، ثلثان وثلث، المسألة عادلة، فإذا حذفت الأختين لأم يصبح معنا ثلثان، وتكون الفروض ناقصة.

ما يتصور في الأصلين المصحين

تنبيه: أصل ثمانية عشر وستة وثلاثين إذا اعتبرنا هذين أصلين لا يمكن أن يكونا إلا ناقصين مثل أربعة وثمانية، لكن بقي معنا من الأصول الثلاثة التي تعول اثنا عشر وأربعة وعشرون؛ لأن الستة يدخل عليه الأحوال الثلاثة، النقص والعدل والعول، أما اثنا عشر وأربعة وعشرون فيمكن أن تعول، ويمكن أن تكون ناقضة، لكن لا يمكن أن تكون عادلة، بينما ستة تكون عادلة وعائلة وناقصة، وعليه اثنا عشر وأربعة وعشرون عائلة، أو ناقصة، ولا يكونان عادلين أبداً.

إذا كان أصل المسألة اثنا عشر فأنت بين أمرين إما أن تنقص الفروض عن أصل المسألة أو أن تزيد، ما يمكن أن تساوي الأصل، وهكذا أربعة وعشرون إما أن تنقص وإما أن تزيد، إما أن تدخل في النقص وهو في مسائل الرد وإما في العول، وعليه يمكن أن يقال:

أولاً: أصل المسألة يمكن أن يكون عادلاً، إذا كان ستةً واثنين وثلاثة؛ لأنه تقدم معنا أن الستة يطرأ عليه الأحوال الثلاثة، والاثنان والثلاثة يكونان عادلان وناقصان، إذاً: الستة والاثنان والثلاثة أصول عادلة.

ثانياً: يمكن أن يكون أصل المسألة ناقصاً، وهذا في جميع الأصول بلا استثناء، لكن يتعين النقص في أصلين لا يفارقهما هما: أربعة وثمانية.

ثالثاً: الأصول العائلة، يمكن أن يكون الأصل عائلاً، هذا لثلاثة أصول فقط، وهي ستة واثنا عشر وأربعة وعشرون.

إذاً: جميع الأصول السبعة يمكن أن تكون ناقصة، وثلاثة منها يمكن أن تكون عائلة، وثلاثة منها يمكن أن تكون عادلة.

ضابط الأصول التي تعول

للأصول التي تعول ضابطان كل منهما معتبر عند أئمتنا الكرام:

أول الضابطين وأيسرهما: كل ما له سدس صحيح من الأصول السبعة يعول، وليس عندنا من هذه الأصول السبعة ما له سدس صحيح إلا ثلاثة أعداد: السدس له السدس، والاثنا عشر له السدس اثنان، والأربعة وعشرون له السدس أربعة، ما عدا هذا الثمن ليس له السدس، ومن باب أولى ما دون الستة من أربعة وثلاثة واثنين.

الضابط الثاني: كل ما كان عدداً تاماً من الأصول يعول، والعدد التام هو إذا جمعت أجزاؤه الصحيحة غير المكررة ساوته أو زادت عليه، كالستة، خذ أجزاءها الصحيحة: لها سدس وهو واحد، ولها النصف ثلاثة، ولها ثلث اثنان، اجمع الأعداد: ستة، فهنا ساوت الأصل.

أما اثنا عشر وأربعة وعشرون ستزيد، فاثنا عشر لها نصف ستة، ولها ثلث أربعة، ولها ربع ثلاثة، ولها سدس اثنان، النتيجة زائدة.

وكذلك أربعة وعشرون، لها نصف اثنا عشر، ولها ثلث ثمانية، ولها ربع ستة، ولها سدس أربعة، ولها ثمن ثلاثة، زادت.

خذ واحدة من الأصول الأخرى التي لا تعول، مثلاً ثمانية، الثمانية لها نصف، أربعة، ولها ربع اثنان، وليس لها أجزاء أخرى، صارت ستة، الستة لا تعول.

الورثة الذين يدخل عليهم العول

بقي معنا جزئية ترتبط بما سبق وهي: الورثة الذين يدخل عليهم العول.

أما من الرجال فهم أربعة فقط، وهم: الأب، والجد والزوج والأخ لأم، غير هؤلاء لا يمكن أن تعول المسألة وفيها وارث ذكر.

وأما النساء فيمكن أن يدخل العول على جميع النساء، إلا واحدة وهي لا يمكن أن تكون وارثة في مسألة فيها عول؛ لأنها لا ترث إذا كان هناك عول، بل تسقط وهي المعتقة عصبة، وإذا بقي شيء أخذته دون أن تعول المسألة، وعليه تسع نسوة يدخل عليهن العول، وأربعة رجال.

انتهينا من هذا المبحث الثاني في بيان حال الفرائض مع فروضها وما يتعلق به.

القسم الأول: ما يتصور فيه الأمور الثلاثة: العدل والنقص والعول، يعني: يكون عادلاً وعائلاً وناقصاً، وهذا أصل واحد فقط من الأصول السبعة، وهو أصل ستة فقط، يكون عائلاً، وقد سبق التمثيل على العول والنقص، أما العدل فما أكثره، مثل: مات عن أم، وأخوين لأم، أخ لأم، صارت المسألة من ستة، التركة، لأنه هناك سدساً وهنا ثلثاً، ضع الآن أختاً شقيقة أو أختاً لأب، الأم لها السدس، والأخوان لأم لهما الثلث، والأخت الشقيقة لها النصف، المسألة من ستة؛ لأن بين الاثنين والثلاثة والستة تداخل، نكتفي بالأكبر، سدسها واحد، وثلثها اثنان، ونصفها ثلاثة، اجمع تراها عادلة، ساوت الفروض أصل المسألة.




استمع المزيد من الشيخ عبد الرحيم الطحان - عنوان الحلقة اسٌتمع
فقه المواريث - الحجب [1] 3819 استماع
فقه المواريث - الرد على الزوجين [1] 3588 استماع
فقه المواريث - حقوق تتعلق بالميت 3570 استماع
فقه المواريث - ميراث الخنثى [1] 3534 استماع
فقه المواريث - توريث ذوي الأرحام 3481 استماع
فقه المواريث - المسألة المشتركة 3436 استماع
فقه المواريث - أدلة عدم توريث ذوي الأرحام 3346 استماع
فقه المواريث - متى يسقط الجدات ومن يحجبهن 3307 استماع
فقه المواريث - أصحاب الفروض 3257 استماع
فقه المواريث - الجد والإخوة [7] 3222 استماع