فقه المواريث - الحجب [2]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين! اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين! سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك! سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك! اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد إخوتي الكرام! كنا نتدارس باب الحجب، وقد تقدم معنا تعريف الحجب لغة واصطلاحاً، وأهمية هذا المبحث في علم الفرائض، ثم تدارسنا بعد ذلك أقسام الحجب وأنواعه, وقلت: ينقسم إلى قسمين, إلى حجب بالوصف، وتقدم معنا الكلام عليه، وقلت: الكلام عليه موجز مختصر: أن يكون في الوارث مانع من موانع الإرث، فهذا حجب بالوصف، وقلت: له ثلاث خصائص:

الخصيصة الأولى: يدخل على جميع الورثة.

الثانية: لا يحجب غيره أبداً.

والثالثة: لا يكون الحجب به إلا حرماناً.

والنوع الثاني من أنواع الحجب: حجب بالشخص، وينقسم أيضاً إلى: حجب حرمان وحجب نقصان.

وكنا نتكلم في حجب الحرمان بالشخص, وهو حجب الوارث عن الميراث بالكلية بسبب وارث مع قيام الأهلية في الوارث، أي: يوجد وارث أولى منه حجبه ومنعه من الإرث.

الورثة في هذا النوع من الحجب على قسمين: صنف لا يحجبون أبداً, وهم ستة أصناف فقط: أبوان وزوجان وولدان، وبعبارة مختصرة: كل من أدلى إلى الميت بنفسه إلا المعتق، وهكذا المعتقة، ومن عدا هؤلاء بقي معنا تسعة عشر وارثاً, يرثون تارة ويحجبون أخرى على حسب ما سيأتي معنا من التفصيل، قبل أن نتدارس تفصيل هؤلاء الورثة الذين هم تسعة عشر صنفاً قلت: لابد من قاعدتين في حجب الحرمان بالشخص:

القاعدة الأولى: كل من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة، وهذا تقدمت معنا الإشارة إليه عند مبحث الجدات، وقلت هناك: من أدلى بواسطة حجب بها، وعليه فأم الأب تحجب بالأب.

والإمام ابن تيمية قيد القاعدة كما تقدم معنا, وقال: القاعدة على إطلاقها غير مسلمة لا طرداً ولا عكساً، إنما ينبغي أن نقول: كل من أدلى بواسطة وتلك الواسطة ترث ميراثه وهو يرث ميراثها -فالإرث بينهما واحد- فالواسطة تلك تحجب من أدلى بها، أما إذا كان الإرث يختلف كحال الإخوة لأم مع الأم, فلا تنطبق القاعدة عليهم.

والذين أطلقوها استثنوا أيضاً صنفين، فعاد الأمر بعد ذلك إلى خلاف لفظي، فكل من أدلى بواسطة يحجب بها, إلا في حق الصنفين: الإخوة لأم لا يحجبون بالأم بالإجماع، وبقي معنا الجدة المدلية بالأب والجدة المدلية بالجد هل تحجبان بوجود ابنيهما؟ هذا حوله خلاف تقدم معنا، فتحجب عند الجمهور إلا الحنابلة. هذه القاعدة الأولى.

والقاعدة الثانية: تكون في العصبات, وقد تكون مع أصحاب الفروض, ومع أصحاب الفروض والعصبات، أولاً تقديم الجهة, ثم تقديم الدرجة, ثم تقديم القوة، جهة ودرجة وقوة. وهذا ما سنفصل الكلام عليه - كما قلت- عند مدارسة أصناف الورثة الذين يحجبون تارة حجب حرمان بالشخص ويرثون تارة، وغالب ظني أننا ذكرنا صنفين ممن تقدم في حالتين:

الحالة الأولى: الأجداد والجدات، وتقدم معنا أن الأجداد يحجبون بالأب، وكل جد قريب يحجب الجد الذي هو أبعد منه، وهكذا الجدات يحجبن بالأم، وكل جدة قريبة تحجب البعيدة, فقلنا: إذا كانت الجهة واحدة لا خلاف في ذلك، وهكذا الجدة القريبة من جهة الأم, لا خلاف في ذلك. بقي معنا الجدة القريبة من جهة الأب والبعيدة من جهة الأم، وفي ذلك تفصيل تقدم معنا الكلام عليه.

ثم ذكرنا الصنف الثاني بعد ذلك: وهم أولاد البنين من أبناء وبنات (ابن ابن بنت ابن)، قلنا: يحجبون بالبنين إجماعاً، وكل ابن ابن قريب يسقط ابن الابن البعيد.

ثم بعد ذلك زيادة في الشق الثاني: بنات الابن يسقطن باستكمال البنات الثلثين, قلت: إلا إذا وجد معهن ذكر في درجتهن أو أنزل منهن, يعصبهن ابن الابن أو مهما نزل.

ووصلنا إلى الثالث، وهو الذي سنتدارسه وما بعده إن شاء الله.

التطبيق الثالث لقاعدتي حجب الحرمان بالشخص

التطبيق الثالث يتعلق بالإخوة:

الشق الأول منهم: الأشقاء والشقيقات:

أولاً: الأشقاء ذكوراً أو إناثاً يحجبون بالبنين مهما نزلوا؛ والابن خاص بالولد الذكر، أي الابن وابن الابن، وليس هذا بالأولاد، بل بالبنين مهما نزلوا. هذا الحاجب الأول.

وثانياً: يحجبون بالأب.

وثالثاً: يحجبون بالجد على خلاف وتفصيل في ذلك سيأتينا إن شاء الله عند مبحث الجد والإخوة، فـأبو حنيفة جعل الجد في منزلة الأب مهما علا, فحجب الإخوة.

إذاً: الأشقاء والشقيقات يحجبهم ثلاثة أصناف: الأبناء مهما نزلوا, وهو الفرع الوارث الذكر، والأب الأقرب الأدنى, وهو الذي له عليك الولادة مباشرة، والجد على خلاف وتفصيل سيأتينا الكلام فيه إن شاء الله.

الشق الثاني من الإخوة: الإخوة لأب والأخوات لأب: وهؤلاء يحجبون بمن تقدم على التفصيل المتقدم، يعني: بالأبناء مهما نزلوا .. بالأب الأدنى .. بالجد على خلاف وتفصيل سيأتينا ذكره إن شاء الله.

ويزيد هؤلاء أنهم يحجبون أيضاً بحاجب رابع, وهم الإخوة الأشقاء، ويراد من الإخوة الأشقاء هنا الذكور لا الإناث، وكذلك الشقيقة إذا كانت عصبة.

انتبه الآن! نحن الآن نريد الأخت لأب مثلاً أو الأخ لأب فنحجبه بالشقيقة, مثلاً: مات عن زوجة وبنت ابن وأخت شقيقة وأخ لأب، الزوجة لها الثمن لوجود الفرع الوارث، بنت الابن لها النصف، الأخت الشقيقة عصبة مع الغير، والأخ لأب محجوب، المسألة الآن من ثمانية، ثمنها واحد, ونصفها أربعة، بقي ثلاثة للأخت الشقيقة, والأخ لأب سقط, مع أنها أنثى وأسقطته؛ لأنه تقدم معنا مراراً أن الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة تنزل منزلة الأخ الشقيق.

وعليه: الأخ لأب والأخت لأب يحجبون بالثلاثة الأصناف المتقدمة ذكرها في الإخوة الأشقاء: بالبنين وبالأب وبالجد على خلاف وتفصيل، ويزيدون فيحجبون بالإخوة الأشقاء الذكور مطلقاً، متى ما وجد أخ شقيق لا ترث أخت لأب ولا أخ لأب، ويحجبون بالأخت الشقيقة إذا صارت عصبة.

فانتبه لهذا! لو الآن هنا بدل أخ لأب أخت لأب فهل نعطيها السدس؟ ما لها فرض على الإطلاق، فلا يشتبه عليك أن الأخت لأب مثلاً مع الأخت الشقيقة ينبغي أن تأخذ السدس، فلا يوجد الآن هنا فرض على الإطلاق؛ لأن هذه نزلت منزلة أخيها الشقيق.

وعليه خمسة أصناف يحجبون الإخوة لأب: الثلاثة الذين تقدم ذكرهم، والإخوة الأشقاء الذكور، والأخت الشقيقة بشرط: أن تكون عصبة، فإذا لم تكن عصبة لا تحجب.

انتبه الآن! زوجة .. أخت شقيقة .. أخت لأب .. عم، الزوجة لها الربع لعدم الفرع الوارث، والأخت الشقيقة لها النصف، والأخت لأب لها السدس تكملة للثلثين، والعم له الباقي، المسألة من اثني عشر, ربعها ثلاثة, ونصفها ستة, وسدسها اثنان، بقي معنا واحد للعم, وهو العاصب، فهنا ورثت؛ لأن الأخت الشقيقة ليست عصبة.

بدل الأخت الشقيقة اجعل أخاً شقيقاً، نفس المسألة: زوجة .. أخ شقيق .. أخت لأب .. عم، الزوجة لها الفرض وهو الربع، الأخ الشقيق عصبة، الأخت لأب محجوبة، العم محجوب، المسألة من أربعة: الزوجة واحد, والأخ الشقيق ثلاثة, وسقط العم والأخت لأب؛ لأنه وجد أخ شقيق.

الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة حجبت الإخوة لأب ذكوراً أو إناثاً إخوة أو أخوات، أما الأخ الشقيق فيحجب الإخوة لأب والأخوات لأب بنفسه, دون أن يكون عصبة مع غيره؛ لأنه عاصب بالنفس.

إذاً: عندنا الإخوة على مرحلتين: الأشقاء ولأب، الإخوة الأشقاء في الشق الأول من المسألة يحجبهم ثلاثة أصناف: أبناء مهما نزلوا، الأب الأدنى بالإجماع، بقي معنا الجد على خلاف وتفصيل سيأتينا إن شاء الله.

الإخوة لأب وهم الصنف الثاني من الإخوة الذين يدلون بذكر، هؤلاء يحجبهم من تقدم ذكرهم في حجب الإخوة الأشقاء، ويزيد هؤلاء فيحجبون بالإخوة الأشقاء مطلقاً إذا كانوا ذكوراً، ويحجبون بالأخت الشقيقة بشرط أن تكون عصبة مع الغير. هذه الضوابط لا بد منها، وإذا ضبطت فلن يشكل عليك شيء في الفرائض.

قبل أن ننتقل للصنف الرابع نقول: ويزيد الأخوات لأب في الحجب بالشقيقات إذا استوفى الشقيقات الثلثين، إلا إذا كان مع الأخوات لأب ذكر -أي: أخ لأب- فيعصبهن, فحكم الأخوات لأب مع الأشقاء ذكور وإناث كحكم بنات الابن مع الأولاد من بنين وبنات، فإذا وجد ابن حجب بنات الابن، وإذا وجدت بنات يحجبن بنات الابن إذا أخذن الثلثين، إلا إذا كان مع بنات الابن معصب، وهنا إذا وجد شقيق وأخوات لأب مهما كثرن سقطن، وإذا وجدت شقيقات لا يسقطن إلا إذا استوفى الشقيقات الثلثين، وعليه: الأخت الشقيقة تسقط الأخت لأب في حالتين: إن كانت عصبة, وإذا استوفى الأخوات الشقيقات الثلثين, إلا إذا كان مع الأخوات لأب عاصب يعصبهن.

ومثال لإيضاح ذلك: تقدم معنا أن الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة تسقط الإخوة والأخوات لأب مطلقاً، يعني: صارت كأنها أخ شقيق، ويزيد أن الأخوات لأب يسقطن بصنف آخر، وهذا يصبح معنا الآن سادس بالنسبة للأخوات، وهذا الصنف هو الأخوات الشقيقات، إذا استوفين الثلثين سقط الأخوات لأب, إلا في حالة واحدة، فمثلاً: مات عن أم وشقيقتان وأخت لأب وعم، الأم لها السدس؛ لوجود جمع من الإخوة، أختان لهما ثلثان، أخت لأب سقطت؛ لأن حظ الأخوات استوفي، العم عاصب، المسألة من ستة، سدسها واحد، ثلثاها أربعة، اثنان اثنان، بقي واحد للعم.

الحالة التي سترث فيها الأخت لأب: نفس المسألة لكن بدلاً عن أخت لأب أضف أخاً لأب: جدة وأخت شقيقة وأخت شقيقة وأخت لأب وأخ لأب، الجدة لها السدس، أختان شقيقتان ثلثان، أخت لأب مع أخ لأب هذا القريب المبارك عصبها، لولاه لسقطت، المسألة من ستة، سدسها واحد، ثلثاها أربعة، اثنان اثنان، بقي واحد والرءوس ثلاثة لا ينقسم، ثلاثة في ستة ثمانية عشر، واحد في ثلاثة ثلاثة، ثم 2×3=6، ثم 2×3=6، ثم 1×3=3، للأخت لأب واحد، وللأخ اثنان.

إذاً: إذا أردت أن تعرف الآن أحوال الأخت لأب في الحجب فالأخت لأب يحجبها الابن، ويحجبها الأب الأدنى، والجد على خلاف وتفصيل، ويحجبها الإخوة الأشقاء، تحجبها الشقيقة إذا كانت عصبة مع الغير، وتحجبها الشقيقات إذا استوفين الثلثين, إلا إذا كان مع الأخت لأب عاصب فلا تسقط، بل يعصبها الأخ لأب.

أما الأخ لأب فلا يوجد أخوات شقيقات يسقطنه مهما كثرن إلا إذا صرن عصبة، وعليه هذا الصنف السادس سيحذف في حق الإخوة لأب، فيحجبه الابن والأب والجد على خلاف وتفصيل، والأشقاء الذكور مطلقاً، والأخت الشقيقة إذا صارت عصبة فقط، أما إذا استوفى الشقيقات الثلثين فلا يسقط.

وعليه لو مات وترك أختين شقيقتين وأخاً لأب, الأختان الشقيقتان لهما ثلثان، والأخ لأب عاصب فله الثلث الباقي، فهو لا يسقطه الأخوات إلا إذا صرن عصبة؛ لأن الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة تنزل منزلة الأخ الشقيق, فتحجب الأخ لأب، وإذا لم تكن عصبة لا تحجبه، بل تأخذ فرضها وبعد ذلك هو يأخذ ما بقي.

لأنه لا يمكن أن نجعل عاصبين، فإذا صارت الشقيقة هي عاصبة وهو عاصب من سيأخذ الباقي؟ فهي أقوى أي: أن الجهة واحدة, والدرجة واحدة, لكن هي تدلي بقرابتين، فبما أنها أدلت بقرابتين تقدم عليه, فتأخذ الباقي, وهو يحجب بها.

وهاتان القاعدتان لو طبقتموهما الآن على من تقدم معنا! قلنا: الإخوة الأشقاء يحجبون بالبنين، فلماذا؟ هنا ما أدلوا بالبنين, لكن يوجد عندنا جهة، جهة البنوة تقدم على الإخوة.

ويحجبون بعد ذلك بالأب، وهنا عندنا أمران: جهة وإدلاء؛ لأنهم أدلوا به، ومن أدلى بالأب يحجب بوجود الأب، فأدلوا به فحجبوا بسببه، وأيضاً جهة الأبوة أقرب من جهة الأخوة.

أما الجد مع الإخوة ففيهما خلاف, لأن الجد أبو الأب، والأخ ابن الأب، والأصل إذا اجتمع الأب والابن لا حجب بينهما، الابن وارث, يعني: يرث الصنفان, لكن كيفية الإرث اختلفوا فيه في مسائل الجد والإخوة, كما سيأتينا إيضاح ذلك.

هذه ثلاثة أصناف تحجب الأشقاء وصنف رابع وهو الأبناء الذكور.

أما الأخ لأب يضاف إليه كما تقدم معنا أخ شقيق، بعدها نقول: الجهة واحدة والدرجة واحدة, لكن الشقيق أقوى، فالقاعدتان نطبقهما على كل ما سيأتي معنا في أصناف من فيها حجب الحرمان بالشخص.

التطبيق الرابع لقاعدتي حجب الحرمان بالشخص

ننتقل إلى الصنف الرابع: الإخوة لأم من ذكور وإناث: أخ لأم وأخت لأم، وتقدم معنا أنه لا تفريق في الفرائض بين ذكرهم وأنثاهم، فيحجبون بصنفين:

الصنف الأول: الأصل الوارث من الذكور، يدخل فيه أب وجد مهما علا.

الصنف الثاني: الفرع الوارث مطلقاً، يدخل فيه ابن وابن ابن وبنت وبنت ابن.

فهؤلاء ستة أصناف يحجبون الإخوة لأم: أب وجد، ابن وابن ابن، بنت وبنت الابن، هذه ستة أصناف، لتختصر الستة، قل: أصل وارث من الذكور وفرع وارث مطلقاً.

لا تقل: فرع وارث من الذكور، إن قلت: (من الذكور) يفسد المطلوب، بل فرع وارث مطلقاً، من بنت وبنت ابن وابن وابن ابن مهما نزلوا.

وأصل وارث خصه أيضاً بقول: من الذكور؛ لأنك لو قلت: أصل وارث ولم تقل: (من الذكور) دخلت الأم والجدة، وقلنا: لا يحجب الإخوة لأم بالأم بالإجماع مع أنهم أدلوا بها، وهي الواسطة في قربهم وإرثهم, وهذه من الأحكام الخمسة التي يخالف فيها الإخوة لأم بقية الورثة كما تقدم معنا.

إذاً: ستة أصناف يحجبون الإخوة لأم, نجمعهم في قاعدتين: أصل وارث من الذكور، فرع وارث مطلقاً.

وانتبه لأن باب الإخوة لأم لعله من أصعب شيء على الطلبة في حل مسائل الفرائض، لأنه يأتي فلا ينتبه لحاجبه, فلا يحجبه الأخ الشقيق، ولا يحجبه الأخ لأب. لكن الأخ لأب يدلي بسبب الأب فيحجب بالشقيق، أما الأخ لأم فلا يحجبه، فيأتي الطالب أحياناً أخ شقيق وأخ لأم، فيعطي المال للأخ الشقيق, ويحجب الأخ لأم, وهذا باطل.

ويأتيه أحياناً جد وأخ لأم، فيفرض للأخ لأم السدس, وللجد الباقي, وهذا باطل. فانتبه لهذا! لأنه لا بد له من انتباه.

الأخ لأم يحجب بصنفين، وينقسم الصنفان بعد ذلك إلى ستة أصناف: فرع وارث من بنين وبنات مهما نزلوا، وأصل وارث من الذكور فقط. فما يأتي يقول: الأخ لأب هو أقوى قرابة من الأخ لأم وحجب بالأخ الشقيق، نقول: هذا موضوع آخر. هذا لا يحجبه إلا هذان الصنفان, فانتبه له!

أخ لأم يحجب بالأصل الوارث من الذكور، لو أردت أن تطبق القاعدة: الأصل الوارث من الذكور يحبجه لقرب الجهة، لأنه إذا حجب الأخ الشقيق والأخ لأب بالأب فمن باب أولى أن يحجب الأخ لأم بالأب، فإن قيل: الجد لمَ لم يجر فيه خلاف؟ نقول: لا، هناك الإخوة الأشقاء والإخوة لأب أدلوا بأب، فعند عدم الأب حلوا محله، والجد أدلى بأب, عند عدمه الآن حل محله، فصار الإخوة الأشقاء أو لأب مع الجد يدلون بوارث غير موجود، كل واحد يقول: أنا أريد نصيبه، أما الأخ لأم فلا يدلي لا بأب ولا بجد، فالوارث من الذكور مطلقاً يحجبه بالإجماع.

الأخ لأم يحجب بالجد, وليس كذلك الأخ الشقيق والأخ لأب، وهذا هو السبب؛ لأن ذاك أدلى بأب، وأما هذا قرابته بمحض الأنوثة، متى ما وجد أحد في جهة الأبوة مهما علا نقول: قدم قرب الجهة، وجهة الأبوة تقدم معنا تقدم على الأخوة.

فإن قيل لنا: هناك جدودة، نقول: هناك جدودة وأخوة، فالجد أبو الأب والأخ ابن الأب، فالأصل أن لا يحجب أحدهما الآخر، بل يشتركان في الإرث بكيفية سيأتي تفصيلها، إلا أبو حنيفة فقال: الأصل أن الجد أب, فيحجب الإخوة مطلقاً. هذا موضوع آخر سيأتينا.

أما الإخوة لأم فهذا محل اتفاق، لأننا نأتي بالقاعدة، وعندنا القاعدة الثانية؛ لأن الأخ لأم ما أدلى بالجد، فلا تنطبق القاعدة الأولى عليه، لكن عندنا قرب الجهة: لكن ليست بنوة لتحجبه، بل أبوة, فالأبوة تحجب الإخوة، فالأخ لأم محجوب بالأبوة والجدودة.

الحاجب الثاني هو الفرع الوارث مطلقاً، فنطبق القاعدة الثانية، فالبنون والبنات أقرب إلى الميت من الأخ لأم، وتقدم معنا أن القاعدة الثانية وهي قرب الجهة ثم الدرجة ثم القوة تكون ما بين العصبات وما بين أصحاب الفروض والعصبات، وتكون مع أصحاب الفروض لكن بقلة، فالبنت صاحبة فرض, والأخ لأم صاحب فرض, والأخت لأم صاحبة فرض، فحجب صاحب فرض بصاحب فرض مع قرب الجهة.

يعني: قلنا: الأصل أن تكون القاعدة الثانية في حجب الحرمان بالشخص الأصل أن تكون بين العصبات.

فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا

قلنا: وقد تكون بين أصحاب الفروض والعصبات, وقد تكون بين أصحاب الفروض فقط، فالبنت صاحبة فرض, لكنها أقرب الجهتين، والأخ لأم صاحب فرض, لكنه أبعد الجهتين، فحجب صاحب فرض بصاحب فرض بهذه القاعدة.

وهنا ليس هذا عن طريق التعصيب، لأننا قلنا القاعدة الثانية تكون عن طريق التعصيب غالباً، هي بين العصبات جهة ودرجة وقوة، وقد تكون فيما بين العصبات وأصحاب الفروض, وقد تكون في ما بين أصحاب الفروض فقط.

أما القاعدة الأولى فقلنا: من أدلى بواسطة حجب به، سواء كانا صاحبي فرض أو صاحبي عصبة أو صاحب فرض وعصبة أيضاً، لكن القاعدة الثانية قلنا: هي موضوعة أصالة لحجب العصبات ببعضهم، لكن يمكن أن تنطبق على أصحاب الفروض بقلة, أو على أصحاب الفروض والعصبات. هذا تقدم معنا أيضاً.

فهنا الآن عندما تقول: أخ لأم حجب بابن وهو ما أدلى به، فنطبق القاعدة الثانية، فيكون حجبه بسبب قرب الجهة، يعني: قرب الجهة هنا حصل فيها عاصب يحجب صاحب فرض، صاحب فرض يحجب صاحب فرض، أوليس كذلك؟

فهذا هو الأمر، بخلافه الآن عندما تقول: أخ لأب يحجب بأخ شقيق، هناك تقول: قدم بالقوة.

خلاصة الكلام: الأخ لأم يحجب بالأصل الوارث من الذكور, والفرع الوارث مطلقاً ذكراً أو أنثى.

الأخ لأم عندما سنسقطه نحجبه بالأب مهما علا, وبالولد مطلقاً من ابن وبنت وابن ابن وبنت ابن مهما نزل، أي: الفرع الوارث مطلقاً. السبب في الحجب في الحالتين سواء بالآباء أو بالأولاد الوارثين هو: قرب الجهة، لكن هذه الجهة قد لا يوجد فيها عاصب يحجب عاصباً على الإطلاق؛ لأن الأخ لأم ليس بعاصب في الأصل, ولا يكون عصبة بحال، فبقي إما أن يحجب صاحب فرض بصاحب فرض, أو صاحب فرض بعصبة، فإن حجبت الأخ لأم بالابن فهو عاصب حجب صاحب فرض، وإن حجبته ببنت فهو صاحب فرض حجب صاحب فرض، القاعدة هي هي, أن الجهة تقدم، لكن قلنا: هذه الجهة موضوعة أصالة لحجب العصبات ببعضهم، وتنسحب على أصحاب الفروض فيما بينهم, أو على أصحاب الفروض والعصبات كما تقدم معنا، وهذا تمثيل لها.

التطبيق الخامس لقاعدتي حجب الحرمان بالشخص

ويتعلق هذا التطبيق بأبناء الإخوة.

الشق الأول لهذه الحالة: أبناء الإخوة الأشقاء يحجبون ويسقطون بالأبناء مهما نزلوا، ويحجبون ثانياً بالأب مهما علا (أب وجد) هذا أيضاً محل إجماع.

أبناء الإخوة ليس حالهم كحال الإخوة، هناك خلاف وتفصيل، أما ابن الأخ فإنه ابتعد درجة، فأبناء الإخوة الأشقاء يحجبون بالأب مهما علا، أب .. ج, هذا محل اتفاق.

ويحجبون ثالثاً بالأخ الشقيق, ويلحق به الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة؛ لأنها تنزل منزلته.

ويحجبون رابعاً بالأخ لأب, ويلحق به الأخت لأب إذا صارت عاصبة.

إذاً: أبناء الإخوة الأشقاء لا يسقطون إلا في هذه الأحوال:

الحالة الأولى: أن يوجد أبناء، يعني: فرع وارث ذكر, فيحجب ولا يرث أبداً، لأن جهة الابن مقدمة.

فإذاً: أبناء الإخوة الأشقاء يسقطون بالبنين مهما نزلوا، ويسقطون بالأب مهما علا، هذا محل اتفاق، يسقطون بالإخوة الأشقاء؛ لأنه أدلى به بالنسبة للشقيق، وبالنسبة للأب أدلى به أيضاً، والواسطة في قربه؛ لأنه أبوه، ثم الجد, ويأتي بعد ذلك الأصل، يعني: الأخ الشقيق أب للابن الشقيق، والأخ الشقيق هو ولد الأب بخلاف الابن، ابن الأخ الشقيق لم يدل به، لكن قرب الجهة.

بالنسبة للأخ الشقيق القاعدتان تنطبق عليه، فإنه أدلى به، ولقرب الجهة، فجهة الأخوة تقدم على جهة أبناء الإخوة، وعليه الأخ الشقيق يحجبه، وينزل منزلته الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة.

ثم يحجبه الأخ لأب؛ لأن الأخوة جهتها تقدم على أبناء الإخوة، وعليه الأخ الشقيق أو لأب يحجب أبناء الإخوة الأشقاء.

أما الآن لو كان الفرع الوارث ليس بذكر فلا يحجب ابن الأخ الشقيق، فمثلاً: مات وترك بنتاً وبنت ابن وابن أخ شقيق، البنت لها النصف، بنت الابن لها السدس تكملة للثلثين، وابن الأخ الشقيق عاصب، لا يوجد ما يحجبه، وعليه: المسألة من ستة، نصفها ثلاثة، وسدسها واحد، بقي اثنان لابن الأخ الشقيق.

انتبه كيف ستختلف المسألة الآن: بنت، ابن ابن، ابن أخ شقيق، البنت لها النصف، وابن الابن عاصب.

وابن الأخ محجوب، وهو ما أدلى به، لكن هنا قرب الجهة، فالمسألة من اثنين، واحد واحد، وابن الأخ الشقيق ليس له شيء.

طبق مسألة على الجد كيف سيحجبه، جد وابن أخ شقيق فقط, ماذا نعمل؟ الجد عاصب وابن الأخ الشقيق محجوب بالإجماع، هذا لا خلاف فيه، فالمال كله للجد.

إذاً: أبناء الإخوة الأشقاء يحجبهم الأبناء، ويحجبهم الآباء مهما علوا، يحجبهم الإخوة الأشقاء، وكذلك الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة لأنها ملحقة بالشقيق، والصنف الرابع إخوة لأب, ويلحق بهم الأخت لأب إذا صارت عصبة، وإذا لم تكن عصبة فلا تحجب، وعليه لو مات وترك أختاً لأب وابن أخ شقيق فتلك لها فرضها ولا يعتدى عليها, أخذت النصف فله الباقي. أما إذا مات وترك بنت ابن وأختاً لأب وابن أخ شقيق، فبنت الابن لها النصف، والأخت لأب عصبة، وابن الأخ الشقيق محجوب يسقط، فالمسألة من اثنين، واحد واحد.

الشق الثاني للمسألة: أبناء الإخوة لأب يحجبهم من تقدم ذكرهم، ويزيدون فيحجبون بأبناء الإخوة الأشقاء، يعني: كل من تقدم ذكرهم يحجبهم، أبناء .. آباء .. إخوة أشقاء، وشقيقة صارت عصبة .. إخوة لأب، وأخت لأب صارت عصبة، يأتي صنف خامس الآن, وهو: ابن الأخ الشقيق.

سبب حجبه له هو القوة؛ لأنهم في درجة واحدة، ابن أخ وابن أخ فالجهة واحدة والدرجة واحدة، لكن هذا يدلي بقرابتين, وهذا يدلي بقرابة، فصار ابن الأخ الشقيق مع ابن الأخ لأب كالأخ الشقيق مع الأخ لأب، أدلى بقرابتين, وذاك أدلى بقرابة, فنقدم القوة.

فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا

التطبيق السادس لقاعدتي حجب الحرمان بالشخص

الصنف السادس: العم.

الشق الأول فيها والفرع الأول فيها: العم الشقيق:

يحجب بالابن مهما نزل (ابن وابن ابن) والجهة واضحة، جهة البنوة تقدم على جهة العمومة.

ثانياً: بالأب مهما علا (أب وجد)، هذا أيضاً محل إجماع، ليس هنا جد وإخوة حولها خلاف، فجهة الأبوة والجدودة مهما علا تقدم على العمومة.

ثالثاً: بالأخ الشقيق, ويلحق به الشقيقة إذا صارت عصبة، أيضاً لقرب الجهة.

رابعاً: الأخ لأب, ويلحق به الأخت لأب إذا صارت عصبة.

خامساً: أبناء الإخوة الأشقاء.

سادساً: أبناء الإخوة لأب.

هؤلاء ستة أصناف يحجبون العم الشقيق، ويمكن أن تزيد في تفصيلها، يعني: عندما تقول (أب) تقول: (وجد)، فهذان صنفان، ابن وابن ثم مهما نزل, صاروا أربعة، أخ شقيق وأخت شقيقة, صاروا ستة، أخ لأب وأخت لأب, صاروا ثمانية، بقي ابن أخ شقيق .. ابن أخ لأب, فصاروا عشرة أصناف.

الشق الثاني للمسألة: العم لأب, يحجبه من تقدم ذكرهم، ويزيدون هنا بأنهم يحجبون بالعم الشقيق.

التطبيق السابع لقاعدتي حجب الحرمان بالشخص

الصنف السابع: ابن العم الشقيق: يحجبه من يحجب العم لأب من الأصناف المتقدمة الماضية, ويزيد بأنه يحجب بالعم لأب.

أبناء العم الشق الثاني لها: أبناء العم لأب, يحجبهم من يحجب أبناء العم الأشقاء, ويزيدون بأنهم يحجبون بأبناء العم الأشقاء؛ لقوة قرابتهم.

وعليه: عد الآن من يحجب مثلاً ابن العم لأب: يحجب بالابن وابن الابن مهما نزل، وبالأب والجد مهما علا، وبالأخ الشقيق والأخت الشقيقة إذا صارت عصبة، وبالأخ لأب والأخت لأب إذا صارت عصبة، وبالعم الشقيق والعم لأب، وبابن العم الشقيق.

التطبيق الثامن لقاعدتي حجب الحرمان بالشخص

الصنف الثامن وهو آخر الأصناف: العصبة السببية تحجب بالنسبية:

متى ما وجد عاصب من النسب لا ترث العصبة السببية، والعصبة النسبية أي عصبة بالنفس .. بالغير .. مع الغير.

لو مات وترك بنتاً وأختاً لأب ومعتقاً، البنت لها النصف، والأخت لأب عصبة مع الغير، والمعتق يحجب.

لو مات وترك ابن عم لأب ومعتقاً فالمال كله لابن العم لأب، فلا ترث العصبة السببية مع وجود العصبة النسبية.

ثم العصبة السببية يكون حالها في حجب بعضها كالآتي، يعني: عصبة سببية ستحجب بعصبة سببية، لأنه لا يوجد عاصب من النسب، فعصبات المعتق يحجبون بالمعتق، يعني: مات وترك معتقة وابن معتقة، المال للمعتق قطعاً، وعصباته لا يرثون.

إذاً: عصبات المعتق تحجب بالمعتق، ومعتق المعتق ثانياً يحجب بالمعتق وبعصبات المعتق كما تقدم معنا؛ لأن المعتق يتقدم، فإذا لم يوجد تأتي عصبات، إذا لم يوجد نأتي لمن أعتق المعتق، وعليه لا يرث معتق المعتق مع وجود عصبات المعتق, كما تقدم معنا في المسائل عند التعصيب بالسبب.

وعصبات معتق المعتق يحجبون بالمعتق، وبمعتق المعتق.

عصبات معتق المعتق يحجبون به, يعني: بمعتق المعتق، على القاعدة التي تقدمت معنا:

فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعده التقديم بالقوة اجعلا

فالمعتق إذا وجد لا يرث عصباته، وجدت عصبات ومعتق لا يرث معتق المعتق، معتق المعتق وجد لا ترث عصبات معتق المعتق، عصبات معتق المعتق تحجب بمعتق المعتق على التفصيل الذي تقدم معنا في العصبات.

التطبيق الثالث يتعلق بالإخوة:

الشق الأول منهم: الأشقاء والشقيقات:

أولاً: الأشقاء ذكوراً أو إناثاً يحجبون بالبنين مهما نزلوا؛ والابن خاص بالولد الذكر، أي الابن وابن الابن، وليس هذا بالأولاد، بل بالبنين مهما نزلوا. هذا الحاجب الأول.

وثانياً: يحجبون بالأب.

وثالثاً: يحجبون بالجد على خلاف وتفصيل في ذلك سيأتينا إن شاء الله عند مبحث الجد والإخوة، فـأبو حنيفة جعل الجد في منزلة الأب مهما علا, فحجب الإخوة.

إذاً: الأشقاء والشقيقات يحجبهم ثلاثة أصناف: الأبناء مهما نزلوا, وهو الفرع الوارث الذكر، والأب الأقرب الأدنى, وهو الذي له عليك الولادة مباشرة، والجد على خلاف وتفصيل سيأتينا الكلام فيه إن شاء الله.

الشق الثاني من الإخوة: الإخوة لأب والأخوات لأب: وهؤلاء يحجبون بمن تقدم على التفصيل المتقدم، يعني: بالأبناء مهما نزلوا .. بالأب الأدنى .. بالجد على خلاف وتفصيل سيأتينا ذكره إن شاء الله.

ويزيد هؤلاء أنهم يحجبون أيضاً بحاجب رابع, وهم الإخوة الأشقاء، ويراد من الإخوة الأشقاء هنا الذكور لا الإناث، وكذلك الشقيقة إذا كانت عصبة.

انتبه الآن! نحن الآن نريد الأخت لأب مثلاً أو الأخ لأب فنحجبه بالشقيقة, مثلاً: مات عن زوجة وبنت ابن وأخت شقيقة وأخ لأب، الزوجة لها الثمن لوجود الفرع الوارث، بنت الابن لها النصف، الأخت الشقيقة عصبة مع الغير، والأخ لأب محجوب، المسألة الآن من ثمانية، ثمنها واحد, ونصفها أربعة، بقي ثلاثة للأخت الشقيقة, والأخ لأب سقط, مع أنها أنثى وأسقطته؛ لأنه تقدم معنا مراراً أن الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة تنزل منزلة الأخ الشقيق.

وعليه: الأخ لأب والأخت لأب يحجبون بالثلاثة الأصناف المتقدمة ذكرها في الإخوة الأشقاء: بالبنين وبالأب وبالجد على خلاف وتفصيل، ويزيدون فيحجبون بالإخوة الأشقاء الذكور مطلقاً، متى ما وجد أخ شقيق لا ترث أخت لأب ولا أخ لأب، ويحجبون بالأخت الشقيقة إذا صارت عصبة.

فانتبه لهذا! لو الآن هنا بدل أخ لأب أخت لأب فهل نعطيها السدس؟ ما لها فرض على الإطلاق، فلا يشتبه عليك أن الأخت لأب مثلاً مع الأخت الشقيقة ينبغي أن تأخذ السدس، فلا يوجد الآن هنا فرض على الإطلاق؛ لأن هذه نزلت منزلة أخيها الشقيق.

وعليه خمسة أصناف يحجبون الإخوة لأب: الثلاثة الذين تقدم ذكرهم، والإخوة الأشقاء الذكور، والأخت الشقيقة بشرط: أن تكون عصبة، فإذا لم تكن عصبة لا تحجب.

انتبه الآن! زوجة .. أخت شقيقة .. أخت لأب .. عم، الزوجة لها الربع لعدم الفرع الوارث، والأخت الشقيقة لها النصف، والأخت لأب لها السدس تكملة للثلثين، والعم له الباقي، المسألة من اثني عشر, ربعها ثلاثة, ونصفها ستة, وسدسها اثنان، بقي معنا واحد للعم, وهو العاصب، فهنا ورثت؛ لأن الأخت الشقيقة ليست عصبة.

بدل الأخت الشقيقة اجعل أخاً شقيقاً، نفس المسألة: زوجة .. أخ شقيق .. أخت لأب .. عم، الزوجة لها الفرض وهو الربع، الأخ الشقيق عصبة، الأخت لأب محجوبة، العم محجوب، المسألة من أربعة: الزوجة واحد, والأخ الشقيق ثلاثة, وسقط العم والأخت لأب؛ لأنه وجد أخ شقيق.

الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة حجبت الإخوة لأب ذكوراً أو إناثاً إخوة أو أخوات، أما الأخ الشقيق فيحجب الإخوة لأب والأخوات لأب بنفسه, دون أن يكون عصبة مع غيره؛ لأنه عاصب بالنفس.

إذاً: عندنا الإخوة على مرحلتين: الأشقاء ولأب، الإخوة الأشقاء في الشق الأول من المسألة يحجبهم ثلاثة أصناف: أبناء مهما نزلوا، الأب الأدنى بالإجماع، بقي معنا الجد على خلاف وتفصيل سيأتينا إن شاء الله.

الإخوة لأب وهم الصنف الثاني من الإخوة الذين يدلون بذكر، هؤلاء يحجبهم من تقدم ذكرهم في حجب الإخوة الأشقاء، ويزيد هؤلاء فيحجبون بالإخوة الأشقاء مطلقاً إذا كانوا ذكوراً، ويحجبون بالأخت الشقيقة بشرط أن تكون عصبة مع الغير. هذه الضوابط لا بد منها، وإذا ضبطت فلن يشكل عليك شيء في الفرائض.

قبل أن ننتقل للصنف الرابع نقول: ويزيد الأخوات لأب في الحجب بالشقيقات إذا استوفى الشقيقات الثلثين، إلا إذا كان مع الأخوات لأب ذكر -أي: أخ لأب- فيعصبهن, فحكم الأخوات لأب مع الأشقاء ذكور وإناث كحكم بنات الابن مع الأولاد من بنين وبنات، فإذا وجد ابن حجب بنات الابن، وإذا وجدت بنات يحجبن بنات الابن إذا أخذن الثلثين، إلا إذا كان مع بنات الابن معصب، وهنا إذا وجد شقيق وأخوات لأب مهما كثرن سقطن، وإذا وجدت شقيقات لا يسقطن إلا إذا استوفى الشقيقات الثلثين، وعليه: الأخت الشقيقة تسقط الأخت لأب في حالتين: إن كانت عصبة, وإذا استوفى الأخوات الشقيقات الثلثين, إلا إذا كان مع الأخوات لأب عاصب يعصبهن.

ومثال لإيضاح ذلك: تقدم معنا أن الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة تسقط الإخوة والأخوات لأب مطلقاً، يعني: صارت كأنها أخ شقيق، ويزيد أن الأخوات لأب يسقطن بصنف آخر، وهذا يصبح معنا الآن سادس بالنسبة للأخوات، وهذا الصنف هو الأخوات الشقيقات، إذا استوفين الثلثين سقط الأخوات لأب, إلا في حالة واحدة، فمثلاً: مات عن أم وشقيقتان وأخت لأب وعم، الأم لها السدس؛ لوجود جمع من الإخوة، أختان لهما ثلثان، أخت لأب سقطت؛ لأن حظ الأخوات استوفي، العم عاصب، المسألة من ستة، سدسها واحد، ثلثاها أربعة، اثنان اثنان، بقي واحد للعم.

الحالة التي سترث فيها الأخت لأب: نفس المسألة لكن بدلاً عن أخت لأب أضف أخاً لأب: جدة وأخت شقيقة وأخت شقيقة وأخت لأب وأخ لأب، الجدة لها السدس، أختان شقيقتان ثلثان، أخت لأب مع أخ لأب هذا القريب المبارك عصبها، لولاه لسقطت، المسألة من ستة، سدسها واحد، ثلثاها أربعة، اثنان اثنان، بقي واحد والرءوس ثلاثة لا ينقسم، ثلاثة في ستة ثمانية عشر، واحد في ثلاثة ثلاثة، ثم 2×3=6، ثم 2×3=6، ثم 1×3=3، للأخت لأب واحد، وللأخ اثنان.

إذاً: إذا أردت أن تعرف الآن أحوال الأخت لأب في الحجب فالأخت لأب يحجبها الابن، ويحجبها الأب الأدنى، والجد على خلاف وتفصيل، ويحجبها الإخوة الأشقاء، تحجبها الشقيقة إذا كانت عصبة مع الغير، وتحجبها الشقيقات إذا استوفين الثلثين, إلا إذا كان مع الأخت لأب عاصب فلا تسقط، بل يعصبها الأخ لأب.

أما الأخ لأب فلا يوجد أخوات شقيقات يسقطنه مهما كثرن إلا إذا صرن عصبة، وعليه هذا الصنف السادس سيحذف في حق الإخوة لأب، فيحجبه الابن والأب والجد على خلاف وتفصيل، والأشقاء الذكور مطلقاً، والأخت الشقيقة إذا صارت عصبة فقط، أما إذا استوفى الشقيقات الثلثين فلا يسقط.

وعليه لو مات وترك أختين شقيقتين وأخاً لأب, الأختان الشقيقتان لهما ثلثان، والأخ لأب عاصب فله الثلث الباقي، فهو لا يسقطه الأخوات إلا إذا صرن عصبة؛ لأن الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة تنزل منزلة الأخ الشقيق, فتحجب الأخ لأب، وإذا لم تكن عصبة لا تحجبه، بل تأخذ فرضها وبعد ذلك هو يأخذ ما بقي.

لأنه لا يمكن أن نجعل عاصبين، فإذا صارت الشقيقة هي عاصبة وهو عاصب من سيأخذ الباقي؟ فهي أقوى أي: أن الجهة واحدة, والدرجة واحدة, لكن هي تدلي بقرابتين، فبما أنها أدلت بقرابتين تقدم عليه, فتأخذ الباقي, وهو يحجب بها.

وهاتان القاعدتان لو طبقتموهما الآن على من تقدم معنا! قلنا: الإخوة الأشقاء يحجبون بالبنين، فلماذا؟ هنا ما أدلوا بالبنين, لكن يوجد عندنا جهة، جهة البنوة تقدم على الإخوة.

ويحجبون بعد ذلك بالأب، وهنا عندنا أمران: جهة وإدلاء؛ لأنهم أدلوا به، ومن أدلى بالأب يحجب بوجود الأب، فأدلوا به فحجبوا بسببه، وأيضاً جهة الأبوة أقرب من جهة الأخوة.

أما الجد مع الإخوة ففيهما خلاف, لأن الجد أبو الأب، والأخ ابن الأب، والأصل إذا اجتمع الأب والابن لا حجب بينهما، الابن وارث, يعني: يرث الصنفان, لكن كيفية الإرث اختلفوا فيه في مسائل الجد والإخوة, كما سيأتينا إيضاح ذلك.

هذه ثلاثة أصناف تحجب الأشقاء وصنف رابع وهو الأبناء الذكور.

أما الأخ لأب يضاف إليه كما تقدم معنا أخ شقيق، بعدها نقول: الجهة واحدة والدرجة واحدة, لكن الشقيق أقوى، فالقاعدتان نطبقهما على كل ما سيأتي معنا في أصناف من فيها حجب الحرمان بالشخص.

ننتقل إلى الصنف الرابع: الإخوة لأم من ذكور وإناث: أخ لأم وأخت لأم، وتقدم معنا أنه لا تفريق في الفرائض بين ذكرهم وأنثاهم، فيحجبون بصنفين:

الصنف الأول: الأصل الوارث من الذكور، يدخل فيه أب وجد مهما علا.

الصنف الثاني: الفرع الوارث مطلقاً، يدخل فيه ابن وابن ابن وبنت وبنت ابن.

فهؤلاء ستة أصناف يحجبون الإخوة لأم: أب وجد، ابن وابن ابن، بنت وبنت الابن، هذه ستة أصناف، لتختصر الستة، قل: أصل وارث من الذكور وفرع وارث مطلقاً.

لا تقل: فرع وارث من الذكور، إن قلت: (من الذكور) يفسد المطلوب، بل فرع وارث مطلقاً، من بنت وبنت ابن وابن وابن ابن مهما نزلوا.

وأصل وارث خصه أيضاً بقول: من الذكور؛ لأنك لو قلت: أصل وارث ولم تقل: (من الذكور) دخلت الأم والجدة، وقلنا: لا يحجب الإخوة لأم بالأم بالإجماع مع أنهم أدلوا بها، وهي الواسطة في قربهم وإرثهم, وهذه من الأحكام الخمسة التي يخالف فيها الإخوة لأم بقية الورثة كما تقدم معنا.

إذاً: ستة أصناف يحجبون الإخوة لأم, نجمعهم في قاعدتين: أصل وارث من الذكور، فرع وارث مطلقاً.

وانتبه لأن باب الإخوة لأم لعله من أصعب شيء على الطلبة في حل مسائل الفرائض، لأنه يأتي فلا ينتبه لحاجبه, فلا يحجبه الأخ الشقيق، ولا يحجبه الأخ لأب. لكن الأخ لأب يدلي بسبب الأب فيحجب بالشقيق، أما الأخ لأم فلا يحجبه، فيأتي الطالب أحياناً أخ شقيق وأخ لأم، فيعطي المال للأخ الشقيق, ويحجب الأخ لأم, وهذا باطل.

ويأتيه أحياناً جد وأخ لأم، فيفرض للأخ لأم السدس, وللجد الباقي, وهذا باطل. فانتبه لهذا! لأنه لا بد له من انتباه.

الأخ لأم يحجب بصنفين، وينقسم الصنفان بعد ذلك إلى ستة أصناف: فرع وارث من بنين وبنات مهما نزلوا، وأصل وارث من الذكور فقط. فما يأتي يقول: الأخ لأب هو أقوى قرابة من الأخ لأم وحجب بالأخ الشقيق، نقول: هذا موضوع آخر. هذا لا يحجبه إلا هذان الصنفان, فانتبه له!

أخ لأم يحجب بالأصل الوارث من الذكور، لو أردت أن تطبق القاعدة: الأصل الوارث من الذكور يحبجه لقرب الجهة، لأنه إذا حجب الأخ الشقيق والأخ لأب بالأب فمن باب أولى أن يحجب الأخ لأم بالأب، فإن قيل: الجد لمَ لم يجر فيه خلاف؟ نقول: لا، هناك الإخوة الأشقاء والإخوة لأب أدلوا بأب، فعند عدم الأب حلوا محله، والجد أدلى بأب, عند عدمه الآن حل محله، فصار الإخوة الأشقاء أو لأب مع الجد يدلون بوارث غير موجود، كل واحد يقول: أنا أريد نصيبه، أما الأخ لأم فلا يدلي لا بأب ولا بجد، فالوارث من الذكور مطلقاً يحجبه بالإجماع.

الأخ لأم يحجب بالجد, وليس كذلك الأخ الشقيق والأخ لأب، وهذا هو السبب؛ لأن ذاك أدلى بأب، وأما هذا قرابته بمحض الأنوثة، متى ما وجد أحد في جهة الأبوة مهما علا نقول: قدم قرب الجهة، وجهة الأبوة تقدم معنا تقدم على الأخوة.

فإن قيل لنا: هناك جدودة، نقول: هناك جدودة وأخوة، فالجد أبو الأب والأخ ابن الأب، فالأصل أن لا يحجب أحدهما الآخر، بل يشتركان في الإرث بكيفية سيأتي تفصيلها، إلا أبو حنيفة فقال: الأصل أن الجد أب, فيحجب الإخوة مطلقاً. هذا موضوع آخر سيأتينا.

أما الإخوة لأم فهذا محل اتفاق، لأننا نأتي بالقاعدة، وعندنا القاعدة الثانية؛ لأن الأخ لأم ما أدلى بالجد، فلا تنطبق القاعدة الأولى عليه، لكن عندنا قرب الجهة: لكن ليست بنوة لتحجبه، بل أبوة, فالأبوة تحجب الإخوة، فالأخ لأم محجوب بالأبوة والجدودة.

الحاجب الثاني هو الفرع الوارث مطلقاً، فنطبق القاعدة الثانية، فالبنون والبنات أقرب إلى الميت من الأخ لأم، وتقدم معنا أن القاعدة الثانية وهي قرب الجهة ثم الدرجة ثم القوة تكون ما بين العصبات وما بين أصحاب الفروض والعصبات، وتكون مع أصحاب الفروض لكن بقلة، فالبنت صاحبة فرض, والأخ لأم صاحب فرض, والأخت لأم صاحبة فرض، فحجب صاحب فرض بصاحب فرض مع قرب الجهة.

يعني: قلنا: الأصل أن تكون القاعدة الثانية في حجب الحرمان بالشخص الأصل أن تكون بين العصبات.

فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا

قلنا: وقد تكون بين أصحاب الفروض والعصبات, وقد تكون بين أصحاب الفروض فقط، فالبنت صاحبة فرض, لكنها أقرب الجهتين، والأخ لأم صاحب فرض, لكنه أبعد الجهتين، فحجب صاحب فرض بصاحب فرض بهذه القاعدة.

وهنا ليس هذا عن طريق التعصيب، لأننا قلنا القاعدة الثانية تكون عن طريق التعصيب غالباً، هي بين العصبات جهة ودرجة وقوة، وقد تكون فيما بين العصبات وأصحاب الفروض, وقد تكون في ما بين أصحاب الفروض فقط.

أما القاعدة الأولى فقلنا: من أدلى بواسطة حجب به، سواء كانا صاحبي فرض أو صاحبي عصبة أو صاحب فرض وعصبة أيضاً، لكن القاعدة الثانية قلنا: هي موضوعة أصالة لحجب العصبات ببعضهم، لكن يمكن أن تنطبق على أصحاب الفروض بقلة, أو على أصحاب الفروض والعصبات. هذا تقدم معنا أيضاً.

فهنا الآن عندما تقول: أخ لأم حجب بابن وهو ما أدلى به، فنطبق القاعدة الثانية، فيكون حجبه بسبب قرب الجهة، يعني: قرب الجهة هنا حصل فيها عاصب يحجب صاحب فرض، صاحب فرض يحجب صاحب فرض، أوليس كذلك؟

فهذا هو الأمر، بخلافه الآن عندما تقول: أخ لأب يحجب بأخ شقيق، هناك تقول: قدم بالقوة.

خلاصة الكلام: الأخ لأم يحجب بالأصل الوارث من الذكور, والفرع الوارث مطلقاً ذكراً أو أنثى.

الأخ لأم عندما سنسقطه نحجبه بالأب مهما علا, وبالولد مطلقاً من ابن وبنت وابن ابن وبنت ابن مهما نزل، أي: الفرع الوارث مطلقاً. السبب في الحجب في الحالتين سواء بالآباء أو بالأولاد الوارثين هو: قرب الجهة، لكن هذه الجهة قد لا يوجد فيها عاصب يحجب عاصباً على الإطلاق؛ لأن الأخ لأم ليس بعاصب في الأصل, ولا يكون عصبة بحال، فبقي إما أن يحجب صاحب فرض بصاحب فرض, أو صاحب فرض بعصبة، فإن حجبت الأخ لأم بالابن فهو عاصب حجب صاحب فرض، وإن حجبته ببنت فهو صاحب فرض حجب صاحب فرض، القاعدة هي هي, أن الجهة تقدم، لكن قلنا: هذه الجهة موضوعة أصالة لحجب العصبات ببعضهم، وتنسحب على أصحاب الفروض فيما بينهم, أو على أصحاب الفروض والعصبات كما تقدم معنا، وهذا تمثيل لها.

ويتعلق هذا التطبيق بأبناء الإخوة.

الشق الأول لهذه الحالة: أبناء الإخوة الأشقاء يحجبون ويسقطون بالأبناء مهما نزلوا، ويحجبون ثانياً بالأب مهما علا (أب وجد) هذا أيضاً محل إجماع.

أبناء الإخوة ليس حالهم كحال الإخوة، هناك خلاف وتفصيل، أما ابن الأخ فإنه ابتعد درجة، فأبناء الإخوة الأشقاء يحجبون بالأب مهما علا، أب .. ج, هذا محل اتفاق.

ويحجبون ثالثاً بالأخ الشقيق, ويلحق به الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة؛ لأنها تنزل منزلته.

ويحجبون رابعاً بالأخ لأب, ويلحق به الأخت لأب إذا صارت عاصبة.

إذاً: أبناء الإخوة الأشقاء لا يسقطون إلا في هذه الأحوال:

الحالة الأولى: أن يوجد أبناء، يعني: فرع وارث ذكر, فيحجب ولا يرث أبداً، لأن جهة الابن مقدمة.

فإذاً: أبناء الإخوة الأشقاء يسقطون بالبنين مهما نزلوا، ويسقطون بالأب مهما علا، هذا محل اتفاق، يسقطون بالإخوة الأشقاء؛ لأنه أدلى به بالنسبة للشقيق، وبالنسبة للأب أدلى به أيضاً، والواسطة في قربه؛ لأنه أبوه، ثم الجد, ويأتي بعد ذلك الأصل، يعني: الأخ الشقيق أب للابن الشقيق، والأخ الشقيق هو ولد الأب بخلاف الابن، ابن الأخ الشقيق لم يدل به، لكن قرب الجهة.

بالنسبة للأخ الشقيق القاعدتان تنطبق عليه، فإنه أدلى به، ولقرب الجهة، فجهة الأخوة تقدم على جهة أبناء الإخوة، وعليه الأخ الشقيق يحجبه، وينزل منزلته الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة.

ثم يحجبه الأخ لأب؛ لأن الأخوة جهتها تقدم على أبناء الإخوة، وعليه الأخ الشقيق أو لأب يحجب أبناء الإخوة الأشقاء.

أما الآن لو كان الفرع الوارث ليس بذكر فلا يحجب ابن الأخ الشقيق، فمثلاً: مات وترك بنتاً وبنت ابن وابن أخ شقيق، البنت لها النصف، بنت الابن لها السدس تكملة للثلثين، وابن الأخ الشقيق عاصب، لا يوجد ما يحجبه، وعليه: المسألة من ستة، نصفها ثلاثة، وسدسها واحد، بقي اثنان لابن الأخ الشقيق.

انتبه كيف ستختلف المسألة الآن: بنت، ابن ابن، ابن أخ شقيق، البنت لها النصف، وابن الابن عاصب.

وابن الأخ محجوب، وهو ما أدلى به، لكن هنا قرب الجهة، فالمسألة من اثنين، واحد واحد، وابن الأخ الشقيق ليس له شيء.

طبق مسألة على الجد كيف سيحجبه، جد وابن أخ شقيق فقط, ماذا نعمل؟ الجد عاصب وابن الأخ الشقيق محجوب بالإجماع، هذا لا خلاف فيه، فالمال كله للجد.

إذاً: أبناء الإخوة الأشقاء يحجبهم الأبناء، ويحجبهم الآباء مهما علوا، يحجبهم الإخوة الأشقاء، وكذلك الأخت الشقيقة إذا صارت عصبة لأنها ملحقة بالشقيق، والصنف الرابع إخوة لأب, ويلحق بهم الأخت لأب إذا صارت عصبة، وإذا لم تكن عصبة فلا تحجب، وعليه لو مات وترك أختاً لأب وابن أخ شقيق فتلك لها فرضها ولا يعتدى عليها, أخذت النصف فله الباقي. أما إذا مات وترك بنت ابن وأختاً لأب وابن أخ شقيق، فبنت الابن لها النصف، والأخت لأب عصبة، وابن الأخ الشقيق محجوب يسقط، فالمسألة من اثنين، واحد واحد.

الشق الثاني للمسألة: أبناء الإخوة لأب يحجبهم من تقدم ذكرهم، ويزيدون فيحجبون بأبناء الإخوة الأشقاء، يعني: كل من تقدم ذكرهم يحجبهم، أبناء .. آباء .. إخوة أشقاء، وشقيقة صارت عصبة .. إخوة لأب، وأخت لأب صارت عصبة، يأتي صنف خامس الآن, وهو: ابن الأخ الشقيق.

سبب حجبه له هو القوة؛ لأنهم في درجة واحدة، ابن أخ وابن أخ فالجهة واحدة والدرجة واحدة، لكن هذا يدلي بقرابتين, وهذا يدلي بقرابة، فصار ابن الأخ الشقيق مع ابن الأخ لأب كالأخ الشقيق مع الأخ لأب، أدلى بقرابتين, وذاك أدلى بقرابة, فنقدم القوة.

فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا