أرشيف المقالات

أدبنا القرآن مع أنبياء الله عليهم السلام

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
أَدَّبَنَا القرآنُ مَعَ أَنْبِياءِ اللهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ
 
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾[1].
 
تأمَّلْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ المؤمنينَ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ: ﴿ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ﴾، لِتَعْلَمَ أَنَّ أكثَرَ الأُمَمِ توقيرًا للأَنْبِياءِ، وَأَشَدَّهُم حُبًّا لَهُم، وَأَصْدَقَهُم إيمانًا بِهِمْ جَمِيعًا، هُمْ المؤمنونَ مِنَ هذِهِ الأُمَّةِ.
 
وَلِمَ لَا؟ وَقَدْ أَدَّبَنَا القرآنُ مَعَ أَنْبِياءِ اللهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ ﴿ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ﴾.
 
وَأَدَّبَنَا رَسُولُنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنْبِياءِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ، قَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى العَالَمِينَ، فَقَالَ اليَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى العَالَمِينَ، فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَطَمَ وَجْهَ اليَهُودِيِّ، فَذَهَبَ اليَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمَ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ العَرْشِ، فَلاَ أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ، فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ»[2].
 
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى»[3].
 
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ: ﴿ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾ [البقرة: 260]»، قَالَ: «وَيَرْحَمُ اللهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ»[4].
 
وَمِنْ مَحَبَتِنَا لأَنْبِياءِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَمِنْ مُوَالَاتِنَا لَهُم، أَنَّنَا نَشْهَدُ لَهُم يَومَ القِيَامَةِ أَنَّهُمْ قَدْ بَلَّغُوا عَنِ اللهِ تَعَالَى؛ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ»[5].



[1] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَة/ 84.


[2] رواه البخاري ومسلم.


[3] رواه البخاري - كِتَابُ أَحَادِيثِ الأَنْبِيَاءِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ ﴾ [الصافات: 139] ، حديث رقم: 3416، ومسلم - كِتَابُ الْفَضَائِلِ، بَابٌ فِي ذِكْرِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى»، حديث رقم: 2376.


[4] رواه البخاري - كِتَابُ أَحَادِيثِ الأَنْبِيَاءِ، بَابُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ ﴾ [الحجر: 52]، حديث رقم: 3372، ومسلم- كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ زِيَادَةِ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِتَظَاهُرِ الْأَدِلَّةِ، حديث رقم: 151.


[5] رواه البخاري - بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143]، حديث رقم: 4487.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢