مقدمة في علم التوحيد - منزلة علم التوحيد [1]


الحلقة مفرغة

الميزان الذي به تعرف منزلة العلوم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحَزْن إذا شئت سهلاً, سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.

اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً، بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين, سبحانك اللهم وبحمدك، على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك.

اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

المبحث الرابع من المقدمة: فضل علم التوحيد ومنزلة علم التوحيد:

علم التوحيد أشرف العلوم رتبة، وأرفعها منزلة، وأعلاها درجة، وإذا أراد الإنسان أن يتحقق من قيمة كل علم من العلوم فينبغي أن يضعه في الميزان الشرعي المؤلف من خمسة أمور ليعرضه على هذه الأمور الخمسة، فإذا وجده يحقق الدرجة الأولى الكاملة في كل أمر في هذه الأمور الخمسة فهو أعلى العلوم وأفضلها، وإذا نقص شيء من هذه الأمور الخمسة تنقص منزلة العلم بمقدار ما ينقص من هذه الأمور الخمسة في ذلك العلم.

هذه الأمور الخمسة ذكرها أئمتنا لبيان منزلة العلم مفرقة وجمعتها أنا، وانظروها -إخوتي الكرام- في كتاب بصائر ذوي التميز في لطائف الكتاب العزيز، والكتاب في ست مجلدات لصاحب القاموس، وهو الفيروزآبادي عليه رحمة الله، ذكر هذه الأمور في المجلد الأول من (ص:44-45).

وتعرض لهذه الأمور الخمسة الإمام الراغب الأصفهاني في كتابه: الذريعة إلى مكارم الشريعة (ص:121)، والكتاب جزء واحد فقط في حدود ثلاثمائة صفحة، وهو نافع مفيد.

وتعرض لهذا المبحث الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين في مبحث معيار العلوم ووزنها وبيان رتبتها (1/35-50).

الكلام على كتاب الإحياء للغزالي

وبالنسبة لإحياء علوم الدين -من باب التعليق على الكتاب كلمة مختصرة- هو كالبحر، فيه لآلئ وفيه جيف، ولذلك لا بد من صياد ماهر ليصطاد اللؤلؤ ويبتعد عن الجيف الفاسدة المنتنة، حقيقة كتاب الإحياء بحر متلاطم، وفوائده كثيرة زاخرة، لكن فيه أيضاً بلايا مهلكة قاتلة، ولذلك لا يجوز للإنسان في بداية أمره أن يقرأ فيه، خشية أن يتعثر من حيث لا يدري، نعم يقرأ إذا مهر فصار حاله كمن يتقن السباحة، أما من لا يعرف السباحة ويسبح في البحر، فحتماً خلال ثواني سيغرق، وهكذا إذا أراد أن يهجم على الإحياء دون أن يمهر في العلوم، وأن يعرف عقيدة أهل الحق، والأحاديث الصحيحة من الموضوعة، والخرافات من القصص الثابتة المحكمة، يهلك، ففيه طامات ورزايا وبلايا.

وكان أئمتنا يقولون: عندما يتكلم في علم التصوف ويُدخل شقشقة الكلام في علوم الشريعة، حاله كحال من أتى بعدو للمسلمين وألبسه لباس المسلمين، فعمى عليهم أمره وخبره.

لو أتينا بنصراني وألبسناه لباس المسلمين وكان له لحية، وبدأ يمشى في الشارع، فالناس سيقولون: هذا شيخ من شيوخ الإسلام، وهو كافر من أتباع الشيطان! وهكذا عندما أدخل الإمام الغزالي اصطلاحات الصوفية وترهاتهم وشناعات الفلاسفة وأباطيلهم، عندما أدخلها في الإحياء ولبَّسها لباس الشرع، كمن أخذ عدواً للمسلمين وألبسه لباسهم، لكن من باب بيان منزلة الكتاب أصاب وأجاد في أمور كثيرة، ولذلك أرى لكم أن تتمهلوا في قراءته وأن تتريثوا، وإذا قُدِّر أنكم رجعتم إلى شيء فيه فاعرضوا ذلك مباشرة على من تثقون بعلمه ودينه، لبيان منزلة ما فيه هل هو في هذه الناحية مصيب أو مخطئ؟ فما أريد أن أستعرض الأخطاء التي وقع فيها، وسيأتينا الإشارة إلى هذا إن شاء الله عندما نتحدث عن مصادر علم التوحيد، ومن أين يُؤخذ، ونذكر بعد ذلك علماء الكلام ونناقشهم فيما ابتدعوه من ضلالات، ونعرج بعد ذلك على ضلالات المتكلمين التي وقعوا فيها، ثم بعد ذلك تاب كثير منهم منها.

والكتاب الرابع الذي تعرض لبعض هذه الأمور الإمام ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله (2/36)، وكنت أشرت إلى هذا الكتاب سابقاً، وقلت: إن الكتاب في جزأين وهو مجلد كبير، وطالب العلم ينبغي أن يقتنيه لأنه يتعلق بموضوعه وعلمه وبحثه.

هذه الكتب ذكرت المعيار والميزان الذي يبين منزلة أي علم كان، ضعه في هذا الميزان لتعرف درجته.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحَزْن إذا شئت سهلاً, سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.

اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً، بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين, سبحانك اللهم وبحمدك، على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك.

اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

المبحث الرابع من المقدمة: فضل علم التوحيد ومنزلة علم التوحيد:

علم التوحيد أشرف العلوم رتبة، وأرفعها منزلة، وأعلاها درجة، وإذا أراد الإنسان أن يتحقق من قيمة كل علم من العلوم فينبغي أن يضعه في الميزان الشرعي المؤلف من خمسة أمور ليعرضه على هذه الأمور الخمسة، فإذا وجده يحقق الدرجة الأولى الكاملة في كل أمر في هذه الأمور الخمسة فهو أعلى العلوم وأفضلها، وإذا نقص شيء من هذه الأمور الخمسة تنقص منزلة العلم بمقدار ما ينقص من هذه الأمور الخمسة في ذلك العلم.

هذه الأمور الخمسة ذكرها أئمتنا لبيان منزلة العلم مفرقة وجمعتها أنا، وانظروها -إخوتي الكرام- في كتاب بصائر ذوي التميز في لطائف الكتاب العزيز، والكتاب في ست مجلدات لصاحب القاموس، وهو الفيروزآبادي عليه رحمة الله، ذكر هذه الأمور في المجلد الأول من (ص:44-45).

وتعرض لهذه الأمور الخمسة الإمام الراغب الأصفهاني في كتابه: الذريعة إلى مكارم الشريعة (ص:121)، والكتاب جزء واحد فقط في حدود ثلاثمائة صفحة، وهو نافع مفيد.

وتعرض لهذا المبحث الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين في مبحث معيار العلوم ووزنها وبيان رتبتها (1/35-50).

وبالنسبة لإحياء علوم الدين -من باب التعليق على الكتاب كلمة مختصرة- هو كالبحر، فيه لآلئ وفيه جيف، ولذلك لا بد من صياد ماهر ليصطاد اللؤلؤ ويبتعد عن الجيف الفاسدة المنتنة، حقيقة كتاب الإحياء بحر متلاطم، وفوائده كثيرة زاخرة، لكن فيه أيضاً بلايا مهلكة قاتلة، ولذلك لا يجوز للإنسان في بداية أمره أن يقرأ فيه، خشية أن يتعثر من حيث لا يدري، نعم يقرأ إذا مهر فصار حاله كمن يتقن السباحة، أما من لا يعرف السباحة ويسبح في البحر، فحتماً خلال ثواني سيغرق، وهكذا إذا أراد أن يهجم على الإحياء دون أن يمهر في العلوم، وأن يعرف عقيدة أهل الحق، والأحاديث الصحيحة من الموضوعة، والخرافات من القصص الثابتة المحكمة، يهلك، ففيه طامات ورزايا وبلايا.

وكان أئمتنا يقولون: عندما يتكلم في علم التصوف ويُدخل شقشقة الكلام في علوم الشريعة، حاله كحال من أتى بعدو للمسلمين وألبسه لباس المسلمين، فعمى عليهم أمره وخبره.

لو أتينا بنصراني وألبسناه لباس المسلمين وكان له لحية، وبدأ يمشى في الشارع، فالناس سيقولون: هذا شيخ من شيوخ الإسلام، وهو كافر من أتباع الشيطان! وهكذا عندما أدخل الإمام الغزالي اصطلاحات الصوفية وترهاتهم وشناعات الفلاسفة وأباطيلهم، عندما أدخلها في الإحياء ولبَّسها لباس الشرع، كمن أخذ عدواً للمسلمين وألبسه لباسهم، لكن من باب بيان منزلة الكتاب أصاب وأجاد في أمور كثيرة، ولذلك أرى لكم أن تتمهلوا في قراءته وأن تتريثوا، وإذا قُدِّر أنكم رجعتم إلى شيء فيه فاعرضوا ذلك مباشرة على من تثقون بعلمه ودينه، لبيان منزلة ما فيه هل هو في هذه الناحية مصيب أو مخطئ؟ فما أريد أن أستعرض الأخطاء التي وقع فيها، وسيأتينا الإشارة إلى هذا إن شاء الله عندما نتحدث عن مصادر علم التوحيد، ومن أين يُؤخذ، ونذكر بعد ذلك علماء الكلام ونناقشهم فيما ابتدعوه من ضلالات، ونعرج بعد ذلك على ضلالات المتكلمين التي وقعوا فيها، ثم بعد ذلك تاب كثير منهم منها.

والكتاب الرابع الذي تعرض لبعض هذه الأمور الإمام ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله (2/36)، وكنت أشرت إلى هذا الكتاب سابقاً، وقلت: إن الكتاب في جزأين وهو مجلد كبير، وطالب العلم ينبغي أن يقتنيه لأنه يتعلق بموضوعه وعلمه وبحثه.

هذه الكتب ذكرت المعيار والميزان الذي يبين منزلة أي علم كان، ضعه في هذا الميزان لتعرف درجته.

علم التوحيد الآن سنسبر غوره، ونتعرف على مكانته.

أولاً: موضوع العلم، كل علم إذا أردت أن تعرف منزلته فانظر إلى موضوعه، إذا كان موضوعه جليلاً نبيلاً فالعلم جليل نبيل، وإذا كان موضوع العلم تافهاً فالعلم تافه قطعاً وجزماً، فمثلاً الذي يبحث في علم السحر، فهل الموضوع نافع أو تافه؟ تافه حرام، وهذا من الموبقات، فالعلم تافه، وكذلك في موضوع الغناء وقلة الحياء وتخنث الرجال، قال: نتعلم علم الغناء والدق على العود وغير ذلك، هذا الموضوع موضوع نافع أو موضوع خسيس؟ لا يتعلق به إلا المخنثون من الرجال، وإذا كان الأمر كذلك فهذا العلم علم خسيس خبيث؛ لأن الموضوع خسيس خبيث.

فعلم التوحيد من ناحية الموضوع هو أشرف العلوم موضوعاً، كيف لا وقد تقدم معنا أن موضوع علم التوحيد يدور على أمور ثلاثة: ذات الله من حيث ما يتصف به وما يتنزه عنه وحقه على عباده، ذوات الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام من حيث ما يتصفون به ويتنزهون عنه، وما يجب لهم وما يجب عليهم من القيام به، ما يجب لهم من قبل أممهم، من طاعتهم واتباعهم وتقديم محبتهم على محبة النفس فما دونها، الأمر الثالث: السمعيات، وهي: ما يكون في الآخرة من نعيم وعذاب أليم.

إذاً: موضوع علم التوحيد يتعلق برب العالمين وعباده المرسلين، وبمآل العباد من جنة أو نعيم، حقيقة هذا أشرف الموضوعات، فتعلمه إذاً أشرف أنواع التعلم، وهذا العلم هو أشرف العلوم موضوعاً.

لابد -إخوتي الكرام- أن ننظر في موضوع كل علم لنعرف مكانته ومنزلته، فعلم الأنساب موضوعه معرفة القبائل، وهو علم لا ينفع والجهل به لا يضر، يعني لو لم تعرف أن قبيلة كذا تنتمي إلى كذا فهل يضرك هذا؟ لا يضرك هذا، وإذا علمت لا تنتفع شيئاً، ولذلك خذ من علم الأنساب ما ينفعك، تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، أي: لتعرف قرابتك: جدك، خالك، عمك، ثم هذه القبيلة قبيلة -مثلاً- قحطان، قبيلة عنيزة، قبيلة كذا، إلى أي قبيلة تنتمي؟ وما أصولها في الجاهلية؟ ومن آباؤها؟ ومن تسحب شجرة النسب إلى نبي الله نوح على نبينا وعليه صلوات الله سلامه، فأي فائدة من هذا؟ علم لا ينفع وجهل لا يضر.

كثير من العلوم التي يتعلمها الناس ولا ترتبط مصالحهم بها، وأكثر مناهج الدراسة في هذه الأيام علم لا ينفع وجهل لا يضر، إن لم يكن علماً يضر ولا ينفع.

التوسع في مباحث الجغرافيا، وأن قارة كذا فيها كذا ويُستخرج منها كذا، ويُزرع منها كذا ويُربى فيها كذا، يُعلم هذا للبنين والبنات في البلدان الإسلامية بمحاضرات كثيرة، فما فائدة تعلم البنات أن قارة أستراليا يربى فيها المواشي بنسبة كذا وفيها كذا؟ ما فائدة هذا؟ وهن يجهلن سورة المائدة، ويجهلن سورة الأنعام، يعني يتعلمن تربية الأنعام في أستراليا ويجهلن سورة الأنعام في القرآن، هذا عار حقيقة، لكن يراد لجيلنا في هذه الأيام أن يعيش جيلاً خاوياً، لا يُرجى منه فائدة لا في دين ولا في دنيا.

تعليم اللغات من إنجليزية وفرنسية وغير ذلك، لا أقول إنه حرام فلنقف عند حدنا، الموضوع الحرام نقول عنه حرام، الغناء موضوعه حرام وتعلمه حرام، السحر موضوعه حرام وتعلمه حرام، أما تعلم اللغة فليس بحرام، لكن لا بد من وعي هذه القضية، الأمة بقضها وقضيضها كبيرها وصغيرها ذكرها وأنثاها تتعلم اللغة الإنجليزية والفرنسية ولا تتقن اللغة العربية لمَ؟ وتقول له: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [الضحى:3]، ما معنى (وما قلى)؟ يقول: لا أعلم، وهو يدعي أنه عربي؛ ولكن بعبارة أدق كما قلت لكم: انقطوا العين المهملة دائماً، بدل عربي (غربي)، والبلاد ليست عربية بل (غربية)، قل لمن يدعي أنه عربي: ما معنى (وما قلى)؟ يقول: لا أعلم، وترى لسانه بعد كالمقص في اللغة الإنجليزية والفرنسية، فلمَ هذا؟

لا مانع أن يتعلم أفراد في الأمة، ولا مانع أن تجُعل معاهد لمن يريد أن يتعلم هذه اللغة إذا احتاج إليها، أما أن يفرض هذا على الجيل بكامله فسفاهة ما بعدها سفاهة، وحماقة لا يعدلها حماقة، وهذه حماقة البلاد العربية في هذه الأيام.

والخطة الآن التي قُررت بعد أن اقتُرحت، فأسأل الله أن ينتقم ممن اقترحها وممن قررها، أن تعليم اللغة الإنجليزية يُكلف به الطلاب والطالبات في المرحلة الابتدائية، يعني: من سنة أولى ابتدائي، ولا زال الطالب لا يعرف الإمساك بالقلم، ولا يعرف أن يرسم الحروف العربية، يُكلف بتعلم اللغة الإنجليزية، بمحاضرات تأخذ كما يقال حصة الأسد من المنهج من أجل -ما يقال في البلاد العربية- أن المستقبل للغة الإنجليزية، خسئتم! فالمستقبل للقرآن وللغة القرآن: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38].

إذا جحدتم لغة القرآن وأعرضتم عنه، وصرفتم بعد ذلك عبوديتكم للإنجليز والأمريكان، فسيستبدل الله قوماً غيركم عما قريب ولا يكونون أمثالكم، اللغة الإنجليزية تُقرر، هذا قُرر ونُفذ على طلاب المرحلة الابتدائية.

وأنا أقول: إن إلزام الناس بتعلم اللغة الإنجليزية في مرحلة من المراحل حرام حرام حرام -انتبه- فالإلزام حرام، والتعلم جائز جائز جائز، وشتان بين التعلم والإلزام، تُفتح معاهد للغة الإنجليزية والفرنسية والعبرية وأي لغة على وجه الأرض لا مانع، ومن شاء تعلمها، أما أن يُلزم الجيل بها رغم أنفه فلا؛ لمَ؟

الدليل الأول على تحريم إلزام الناس بتعلم اللغة الأجنبية

أولاً: إيجاب ما لم يوجبه الله، هل أوجب الله علينا هذا؟ ما أوجب الله على الناس إلا أن يتعلموا لغة واحدة وهي اللغة الإسلامية، لا تقل: عربية، حتى لا يغضب إخواننا العجم؛ لأن هذه لغة القرآن، نعم هي عربية الأصل لكنها صارت إسلامية، ونحن لا نتعلمها إكراماً لـأبي جهل ولا لـأبي لهب ، لا نتعلمها إلا لأنه نزل بها كلام الرب، ولذلك قداستها جاءت من قداسة الدين، لا من أجل أنها لغة العرب في الجاهلية، لا علاقة بيننا وبين العرب في مفهوم من المفاهيم إلا على حسب ما شرعه رب العالمين، فهذه صارت لغة إسلامية.

يقول الإمام الشافعي في كتابه الرسالة: أوجب الله على كافة الخلق أن يتعلموا لغة العرب؛ لأنها لغة القرآن، فلا يمكن فهم القرآن إلا بها فهي لغة إسلامية تعلمناها تعظيماً لله.

إذاً: إلزام الناس بلغة أخرى إيجاب ما لم يوجبه الله، وهذا حرام.

الدليل الثاني على تحريم إلزام الناس بتعلم اللغة الأجنبية

الأمر الثاني: إن إلزام الناس بلغة من اللغات وإيجاب ذلك عليهم، سيحول بينهم وبين تعلم العلوم النافعة، فعندما تكلف هذا الجيل أن يتقن اللغة الإنجليزية ولا مصلحة له فيها، امرأة ستتزوج بعد ثلاث سنوات وستكون ربة بيت وأميرة بيت وملكة في هذا البيت والمنزل، ما دخلها بهذه الرطانة وهذه اللغات من إنجليزية وفرنسية؟

لمَ لا تعلم القرآن وحديث النبي عليه الصلاة والسلام؟

هل نريد لبناتنا أن يذهبن إلى بريطانيا؟ نعم، من فرض هذه اللغة يريد هذا، يريد أن يفسد الجيل، هو ما علَّم الجيل هذه اللغة إلا ليتخلق بأخلاق أهلها، ونحن نقول من الوجهة الشرعية: بما أن تعلم هذه اللغة سيكون على حساب تعلم العلوم النافعة فإذاً هي ضارة.

الدليل الثالث على تحريم إلزام الناس بتعلم اللغة الأجنبية

الأمر الثالث: تعلم هذه اللغة في حق الجيل على سبيل العموم والإلزام مضيعة لا يُرجى منها منفعة، بالمائة تسعين بل تسعة وتسعين على أقل تقدير، أن من يتعلمون اللغة في بلدان المسلمين لا يستفيدون منها، إن استفاد منهم منها واحد بالمائة فهذه نسبة كبيرة، والباقي لا يجاوز سور بلاده ولا يخرج عنها، فما احتاج إلى هذه اللغة، لكن نحن استُعمرنا حتى في البلاد العربية التي تريد أن تسلك مسلك البلاد الغربية.

يُكتب الآن في كثير من الأمور باللغة الإنجليزية، يعني عندما تذهب إلى مكتب الطيران لتقطع تذكرة لتسافر من الرياض إلى المدينة المنورة، أو من دمشق إلى مصر، أو من الأردن إلى اليمن، فهذه بلاد عربية، لكن يُكتب فيها باللغة الإنجليزية، لمَ؟ سيركب في طائرة كما تقولون عربية، وأنتم عرب، وهو عربي، لمَ لا تكتبون بلغة القرآن؟ يعني: اللغة امتُهنت إلى هذا الحد، هذه اللغة إن أتقنها عُشر ركاب الطائرة فهذا كثير، والحقيقة أنه لا يتقنها من ركاب الطائرة إلا خمسة أو أقل، والبقية لا يتقنون اللغة، فعلامَ تكتبون اسم الراكب وتذكرته وجواز سفره باللغة الإنجليزية؟!

هذا هو الاستعمار لكن في صورة استقلال، قيل لنا: أنتم مستقلون، أي استعمار أشنع من أن يُستعمل لغة عدونا في بلادنا ولا يُكتب باللغة العربية؟ هذا في البلاد العربية.

ولذلك لو قالت عن نفسها غربية لربما خف العتب عليها، عربية لا تكتب بلغتها، أنا لا أعلم أن البريطانيين يكتبون بلغة العرب؛ لكن نحن ما أرخص ديننا ولغتنا وقيمنا علينا! وما أعز كفر أولئك عليهم! سرعان ما نذوب ونتخلى عن كل فضيلة فينا ونقلد من غضب عليهم ربنا، وأما هم فلا يتبعوننا حتى في الفضائل، فعلامَ نتبعهم في الرذائل؟ صاروا قدوة لنا في الرذيلة بدلاً من أن نكون قدوة لهم في كل فضيلة، لكن نحن دسسنا أنفسنا وامتهناها فعاقبنا الله بما نستحقه: وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ [الحج:18] .

إذاً إخوتي الكرام! كل علم ننظر إلى موضوعه، فهل يوجد موضوع علم من العلوم أشرف من موضوع علم التوحيد؟ حتماً لا، موضوعه -كما قلت- ذات رب العالمين، وذوات رسل الله الطيبين الطاهرين عليهم صلوات الله وسلامه، والسمعيات من حيث اعتقادها مما يكون في الآخرة من نعيم وعذاب أليم.

أولاً: إيجاب ما لم يوجبه الله، هل أوجب الله علينا هذا؟ ما أوجب الله على الناس إلا أن يتعلموا لغة واحدة وهي اللغة الإسلامية، لا تقل: عربية، حتى لا يغضب إخواننا العجم؛ لأن هذه لغة القرآن، نعم هي عربية الأصل لكنها صارت إسلامية، ونحن لا نتعلمها إكراماً لـأبي جهل ولا لـأبي لهب ، لا نتعلمها إلا لأنه نزل بها كلام الرب، ولذلك قداستها جاءت من قداسة الدين، لا من أجل أنها لغة العرب في الجاهلية، لا علاقة بيننا وبين العرب في مفهوم من المفاهيم إلا على حسب ما شرعه رب العالمين، فهذه صارت لغة إسلامية.

يقول الإمام الشافعي في كتابه الرسالة: أوجب الله على كافة الخلق أن يتعلموا لغة العرب؛ لأنها لغة القرآن، فلا يمكن فهم القرآن إلا بها فهي لغة إسلامية تعلمناها تعظيماً لله.

إذاً: إلزام الناس بلغة أخرى إيجاب ما لم يوجبه الله، وهذا حرام.

الأمر الثاني: إن إلزام الناس بلغة من اللغات وإيجاب ذلك عليهم، سيحول بينهم وبين تعلم العلوم النافعة، فعندما تكلف هذا الجيل أن يتقن اللغة الإنجليزية ولا مصلحة له فيها، امرأة ستتزوج بعد ثلاث سنوات وستكون ربة بيت وأميرة بيت وملكة في هذا البيت والمنزل، ما دخلها بهذه الرطانة وهذه اللغات من إنجليزية وفرنسية؟

لمَ لا تعلم القرآن وحديث النبي عليه الصلاة والسلام؟

هل نريد لبناتنا أن يذهبن إلى بريطانيا؟ نعم، من فرض هذه اللغة يريد هذا، يريد أن يفسد الجيل، هو ما علَّم الجيل هذه اللغة إلا ليتخلق بأخلاق أهلها، ونحن نقول من الوجهة الشرعية: بما أن تعلم هذه اللغة سيكون على حساب تعلم العلوم النافعة فإذاً هي ضارة.