خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/129"> الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/129?sub=66143"> سلسلة شرح أخصر المختصرات
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح أخصر المختصرات [41]
الحلقة مفرغة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وعلى المؤجر كل ما جرت به عادةٌ وعرفٌ، كزمام مركوب وشد، ورفع وحط، وعلى مكترٍ نحو محمل ومظلة، وتعزيل نحو بالوعة إن تسلمها فارغةً، وعلى مكرٍ تسليمها كذلك.
فصلٌ: وهي عقدٌ لازمٌ، فإن تحول مستأجرٌ في أثناء المدة بلا عذر فعليه كل الأجرة، وإن حوله مالكٌ فلا شيء له، وتنقضي بتلف معقود عليه، وموت مرتضع، وانقلاع ضرس أو برئه ونحوه.
ولا يضمن أجيرٌ خاص ما جنت يده خطأً، ولا نحو حجام، وطبيب، وبيطار عرف حذقهم إن أذن فيه مكلفٌ أو ولي غيره ولم تجن أيديهم، ولا راعٍ ما لم يتعدَّ أو يفرط.
ويضمن مشتركٌ ما تلف بفعله لا من حرزه ولا أجرة له.
والخاص: من قدر نفعه بالزمن، والمشترك بالعمل.
وتجب الأجرة بالعقد ما لم تؤجل، ولا ضمان على مستأجر إلا بتعد أو تفريط، والقول قوله في نفيهما.
فصلٌ: وتجوز المسابقةُ على أقدام وسهام وسفن ومزاريق، وسائر حيوان لا بعوض، إلا على إبل، وخيل، وسهام.
وشرط تعيين مركوبين، واتحادهما، وتعيين رماة، وتحديد مسافة، وعلم عوض، وإباحته، وخروجٌ عن شبه قمار، والله أعلم].
قد عرفنا شروط الإجارة، ومنها معرفة المنفعة كسكنى دار، وكون المنفعة مباحة، ومعرفة الأجرة.
وذكرنا أن الإجارة ضربان: إجارة عين، وعقدٌ على منفعة، وأن المنفعة: هي ما يتقبله الأجير في ذمته، كأن يلتزم خياطة ثوب، أو بناء حائط، أو طحن خبز، أو دبغ جلد، أو خرازة قربة، فهو عمل معين في الذمة يشترط تقديره أو تحديده بمدة، كبناء دار وخياطة، وشرط معرفة ذلك وضبطه، وشرط كون الأجير آدمياً جائز التصرف، وشرط كون العمل لا يختص صاحبه أن يكون من أهل القربة؛ لأن القربات يتقرب بها إلى الله، ولا يؤخذ عليها أجر.
وهنا نذكر ما يلزم المؤجر وما يلزم المستأجر، فالمؤجر إذا أجر دابةً، والتزم أن يسوقها -مثلاً: استأجره إنسان- فعليه ما جرت به العادة والعرف كزمام مركوب، وهو الحبل الذي يقاد به البعير، وشد: يعني رفع المتاع حتى يشده على ظهر البعير، وحط: إذا أنيخ البعير، فأجير المؤجر هو الذي يحط الرحل.
وأما المكتري فعليه المحمل والمظلة، كانوا إذا استأجروا بعيراً لركوب امرأةٌ فيه، عملوا لها محملاً ومظلة، وتسمى عمارية إذا كانت فوق البعير. وتسمى هودجاً، تستتر فيه المرأة إذا ركبت على البعير، وقد يجعل على البعير هودجين عن يمينه وعن يساره، في كل واحد امرأة تدخل في وسطه ولا يراها أحد، وفي هذه الأزمنة المكري -المؤجر- مثل قائد السيارة، عليه وقودها، وعليه إصلاحها إذا خربت، وعليه قيادتها، وأما حط الرحل وشده وتنزيله فالعادة والعرف الآن أنه على صاحبه، وإذا كان العادة أنه يظلل السيارة، واحتيج إلى تظليل فإنه على حسب الشروط والعادات.
وإذا استأجره -مثلاً- لبناء حائط فالعادة أن اللبن، والطين، والإسمنت، والحديد، والأدوات الكهربائية تكون على صاحب المال -المؤجر-، وأما الأجير -الذي هو العامل- فعليه في العادة الأدوات التي يعمل بها، مثل: الأخشاب التي يصب عليها، ومثل الأدوات التي يرفع بها البلك إلى السطح، ومثل الخلاطة التي تخلط وتصب فوق السطح، فهذه على الأجير العامل، وهذا على حسب العرف والعادة.
وإذا استأجره لحفر؛ فإن الأدوات على الأجير -العامل-، فهو الذي يأتي بالحفار، ويأتي بالحبال وبالزنابيل التي يخرج بها التراب، وبالأدوات التي يحفر بها الأرض على حسب العادة.
وهكذا: إذا استأجره لخياطة فالماكنة على الخياط، وإذا استأجره لطحن فالماكنة التي تطحن على العامل، وهكذا..
قوله: (وتعزيل نحو بالوعة إن تسلمها فارغة): عادةً أنهم إذا كان في الدار بالوعة -وهي ما يسمى الآن بالبيارة- فإن صاحب الدار يفرغها من الماء والأوساخ التي فيها ثم يسلمها، والأجير -أيضاً- إذا انتهى من الأجرة وأراد الرحيل فإنه يفرغها بأن ينزف ما فيها من الماء الذي حصل بسببه.
وكذلك أيضاً: الكنيف الذي عادةً أنهم يجعلونه محلاً لقضاء الحاجة، إذا تسلمه فارغاً فإنه يفرغه عند خروجه من الدار، وكذلك قمامة الدار إذا تسلمها وهي نظيفة، فلابد أنه يخرج ما فيها من القمامة.
ما حكم الإجارة؟
الإجارة عقدٌ لازم لا يجوز فسخه، لازم مثل عقد البيع، ولكن فيه خيار المجلس كما تقدم في البيع، فإذا تعاقد على أن يستأجر الدار بعشرة آلاف، واتفقا على ذلك، وسلمت الأجرة، ثم ندم أحدهما في المجلس فإنه يملك الفسخ، وله أن يقول: رد علي دراهمي، يمكن أن أحصل على أقل من هذا، أو يقول: خذ دراهمك ورد علي المفاتيح، يمكن أن أحصل على أجرة أحسن، أو أنا محتاج.
وهكذا خيار الشرط إذا اشترطاه يومين أو ثلاثة أيام، سواء اشترطه المؤجر أو المستأجر، ثم بدا لأحدهما فله أن يفسخ، ولكن إذا اشترطه مدة طويلة فلا يجوز إلا إذا كانت تنقضي قبل انقضاء مدة الإجارة، فلو كان البيت -مثلاً- فيه مستأجر، وتنقضي مدته بعد شهر، ثم استأجرته أنت، وقلت: لي الخيار هذا الشهر، وقال المالك: لي الخيار هذا الشهر، صح ذلك؛ فلكل منهما أن يفسخ في هذه المدة قبل أن يخرج المستأجر، وأما أن يكون البيت فارغاً، ويسلم مفاتحه، ويقول: لي الخيار شهراً فهذا لا يجوز، لماذا؟
لأنه يضيع على المالك مدة شهر كامل يذهب عليه بدون أجرة، ولو استأجره -مثلاً- ثلاثة أشهر وقال: لي الخيار التسعة الأشهر الباقية أو عشرة أشهر إلا قليل، فله ذلك، وسبب ذلك: أنها لا تنقص من المدة التي استأجرها؛ لأنها تنقضي مدة الشرط قبل أن تبدأ مدة الإجارة، فعرف بذلك أن الإجارة عقدٌ لازم، متى حصل الافتراق، ولم يكن هناك شرط؛ لم يتمكن أحدهما أن يفسخ، إلا إذا أذن له الآخر وأقاله.
فلو -مثلاً- سكنه المستأجر شهراً، ثم انتقل وتركه وكانت الإجارة سنة، لزمته أجرة الباقي أحد عشر شهراً، وإن لم يسكن فيها، ويطالبه المالك ويقول: العقد قد انتهى بيني وبينك، وهو سنةٌ بعشرة آلاف، فأعطني العشرة الآلاف، واصنع بالبيت ما تصنع، اسكنه أو اتركه مغلقاً أو أجّره أو أسكن فيه من تريد؛ فالبيت ملكك في هذه السنة.
وإن تغاضى صاحب الدار وأقاله، ورد عليه أجرة الباقي، فهو أفضل.
أما لو استأجره -مثلاً- بعشرة آلاف، ثم سكنه أحد عشر شهراً، ثم إن المالك استكرهه وأخرجه كرهاً، فإنه يطالبه بالأجرة كاملة، ولو ما بقي له إلا شهر، فيطالبه بالأجرة كاملة، ولا يستحق عليه شيئاً.
وإذا خرّجه المالك قبل تمام المدة فلا شيء للمالك ولو لم يبقَ إلا أقل المدة، وما ذاك إلا أنه ملك البيت هذه السنة؛ فليس له أن يخرجه قبل تمامها، ويقال كذلك في سائر الأعيان التي تؤجر، كخيمة -مثلاً- استأجرها شهراً، ولما بقي خمسة أيام جاء صاحبها وقلعها، فللمستأجر المطالبة بالأجرة كلها، ولا يقول: أعطني أجرة خمسة الأيام، بل له الأجرة كاملة؛ لأنه يضطر إلى أن يستأجر أخرى بقية هذه المدة.
وكذلك: لو استأجر -مثلاً- قدراً ليطبخ فيه مدة يوم، وفي نفس اليوم جاء صاحبه وانتزعه؛ فلا يستحق أجرة، وإذا استأجره يوماً واكتفى منه بثلاث ساعات ورده؛ فلصاحب القدر أن يطالب بالأجرة كاملة.
قال المصنف رحمه الله: (وتنفسخ بتلف معقود عليه): إذا استأجر البعير ليحمل عليه، أو ليسني عليه، وكانت المدة شهراً، فمات البعير في نصف الشهر، انفسخت الإجارة في الباقي، وكذا: لو استأجر أرضاً فيها بئرٌ، ثم إن البئر نشف ماؤها، ولم يبقَ فيها ماء؛ انفسخت الإجارة في الباقي؛ لأن المستأجر يتضرر، ويموت شجره، ففي هذه الحال يعطيه نصف الأجرة إذا كانت نصف المدة قد مضت.
وكذلك: إذا استأجروا ظئراً -مرضعةً- ترضع طفلاً لمدة سنتين، وبعد سنة أو بعد أشهر مات الرضيع، انفسخت الإجارة في الباقي؛ لأنها استأجرت للإرضاع، ولم يبقَ هناك رضيع.
وكذلك أيضاً: اقتلاع ضرس، فإذا اتفق مع الطبيب بأجرة -مثلاً- مائة، على أن يقلع هذا الضرس، ثم إن صاحبه -مثلاً- قلعه بيده، فلا أجرة له والحال هذه؛ وذلك لأنه ما بقي عملٌ يعمله الطبيب.
وكذلك: لو أحس ببرئه -برئ الضرس- وقال: لا حاجة لي إلى قلعه فقد برئ، وأشباه ذلك إذا لم يبقَ حاجةٌ إلى تلك العين المؤجرة.
وفي كل حال: لو مات أحد الأجيرين فإنها لا تنفسخ، فلو استأجر الدار وتمت الأجرة، وقبل أن يسكنها مات المستأجر، فورثته يقومون مقامه، فيؤجرونها أو يسكنونها، ولو مات المؤجر الذي هو المالك، وقال الورثة: نحن بحاجة إلى بيتنا، لم يملكوا ذلك، ويملك المستأجر أخذها ولو مات المالك, ولو امتنع الورثة، فلا تنفسخ بموت أحدهما.
بعد ذلك ذكر المصنف أن الأجير ينقسم إلى قسمين:
أجيرٌ خاص، وأجير مشترك.
والفرق بينهما: أن الأجير الخاص: هو الذي تملك منفعته اليوم كله، أو الشهر كله، أو السنة كلها، ولا يعمل عند غيرك، وقد استأجرته لعمل، ويعم ذلك كل الأعمال التي يستأجر لها العمال، فإذا استأجرته شهراً لبناء في بيتك فإنه يعمل عندك هذا الشهر، ولا يعمل عند غيرك، إلا إذا عمل في وقت الراحة، فمثلاً إذا اتفقتما على أن يعمل عندك كل يوم عشر ساعات، وتريحه أربع عشرة ساعة؛ فله أن يعمل فيها لنفسه أو لغيره.
وهكذا: إذا استأجرته خياطاً، وأنت الذي أثثت المكان، واشتريت مكائن الخياطة على أن يعمل فيها -مثلاً- في النهار سبع ساعات، وفي الليل خمس ساعات، فإنه يعتبر أجيراً خاصاً يعمل عندك بالأجرة، والأجرة التي يأخذها من أصحاب الثياب لك، وأنت تعطيه مرتباً حتى ولو لم يأتِه أحد، ولو بقي يوماً أو أياماً ليس لديه عمل فراتبه ماضٍ.
وهكذا: إذا استأجرته راعياً لغنمك أو إبلك، فهو أجيرٌ خاص، أو استأجرته عاملاً في حرثك، يسقي الحرث -مثلاً- ويحرث الأرض ويلقح ويصرم ويجز ويحصد، ويجري الماء ولا يعمل إلا عندك؛ فإنه أجيرٌ خاص.
وهكذا: بقية الأعمال اليدوية ونحوها، فإذا استأجرت دكاناً للحلاقة -حلاقة الرءوس مثلاً- واستأجرته ليحلق، فالأجرة لك وله راتبه، أو كذلك مغسلة سيارات، أو مغسلة ثياب، فإنه يعمل عنك بالشهر، ويكون أجيراً خاصاً، أو في ورشة إصلاح السيارات، فأنت الذي استأجرت الورشة، وأنت الذي عندك الأدوات، وهو يعمل بيده ويصلح السيارات، وما يدفع أصحاب السيارات فهو لك، وله مرتبه، ويعتبر أجيراً خاصاً، وهكذا: بقية الأعمال اليدوية التي يمكن أن يستأجرها إنسان.
الأجير الخاص لا يضمن ما جنت يده
وهكذا -مثلاً-: إذا كان يصلح الساعات التي هي لك أنت، وأخطأ وخربت واحدة؛ فإنك لا تضمِّنه، وهكذا بقية الأعمال، فلو أحرق الثوب الذي يكويه وهو لك، لم يضمن ما جنت يده خطأً.
وكذلك الحجام الذي عُرف حذقه وإحسانه للحجامة لا يضمن، فلو أنه -مثلاً- لما حجم إنساناً سمم الجرح ومات ذلك المحجوم، فلا يضمن الحجام؛ لأنه معروف ومشهود له بالذكاء وبالحذق.
وكذلك الطبيب المشهود له بالطب والحذق، فإذا طبب إنساناً ومات، أو عاب أحد أعضائه، أو عالج العين -مثلاً- فعميت، أو عالج الأذن فصمت، أو عالج يداً فشلت، أو عالج لساناً فشل، أو ضرساً فانقلعت الأضراس، أو ما أشبه ذلك؛ فلا ضمان عليه إذا عرف حذقه، وأما إذا كان غير حاذق، فإنه يضمن، وقد ورد في ذلك حديث: (من تطبب ولم يعرف بطبٍ فهو ضامن) أي: إذا كان ليس أهلاً للتطبب -أي: ليس أهلاً للعلاج-، وليس معه مؤهلات العلاج، وعالج عيناً أو صدراً أو ظهراً أو يداً أو قدماً؛ فحصل شلل أو حصل فقد حاسةٍ كبصر أو كلام أو شم، أو فقد عضواً كعين أو أصبع، فإنه يضمن.
قوله: (وبيطار) أي: وكذلك: البيطار: وهو الطبيب الذي يعالج الدواب، فهناك من يتخصصون في علاج البقر أو الإبل أو الخيل، ومنهم من يكون حاذقاً مجرباً عارفاً، وقد يحصل أن الشاة التي عالجها تموت -مثلاً- أو أن الفرس تتعيب بسبب علاجه، فلا يضمن إذا كان حاذقاً معروفاً، بشرط أن يأذن له في العلاج الولي أو إنسان مكلف، فلو أن البيطار تطبب في طفل -ولو كان حاذقاً- ولم يأذن وليه، فإنه يضمن؛ وذلك لأنه لا يحق له أن يعالج بغير إذن الولي.
أما إذا كان المريض مكلفاً حراً، بالغاً رشيداً، وطلب من الطبيب أن يعالجه، فإنه يعتبر علاجه مأذوناً فيه، فلا يضمن الطبيب.
وهكذا كل من يعمل عملاً مأذوناً فيه، -فمثلاً- الختّان لو عرف بحذقه، وقطع بعض الذكر خطأ؛ فلا يضمن إذا كان حاذقاً.
والحلاق إذا جرح الرأس، وحصل تسممٌ في تلك الجروح أو حصل الموت؛ فإنه لا يضمن إذا كان معروفاً بإحسان الصنعة.
وكذلك: لو خرج في الإنسان -مثلاً- خراج -وهي القروح والبثور التي تكون في البدن- ثم تطبب طبيب وشق الجلد ليشق تلك الخروق، فتسمم الجرح؛ فإنه لا يضمن إذا كان من أهل الحذق.
ثم اشترط المصنف أيضاً شرطاً فقال: (ولم تجن أيديهم) أي: أما إذا جنت اليد -يعني: تعدت- فإنه يضمن، فمثلاً: الحجام معروف أنه بحجامته يجرح جروحاً يسيرة، ولكن لو أنه بالغ في الجرح، فشق الجلد إلى أن وصل -مثلاً- إلى العظم، فهذه جناية مضمونة، وكذلك الطبيب والبيطار لو قدر -مثلاً- أنه عمل جناية فيها شيء من التعدي فإنه يضمن.
يقول: (ولا راعٍ ما لم يتعدَ أو يفرط) الراعي: راعي الغنم أو البقر أو الإبل أجير خاص يعمل بالأجرة، فلا يضمن، فلو عدى الذئب -مثلاً- وافترس شاةً فلا يضمن.
وكذلك: لو جاء إليه لصوص وغصبوه فأخذوا من الدواب شيئاً، ولم يقدر على مقاومتهم؛ فإنه لا يضمن، أما إذا تعدى أو فرّط فإنه يضمن.
وقد عرفنا أن التعدي هو: الاستعمال، وأن التفريط هو: الإهمال، فإذا تعدى بأن ربط شاةً ليحلبها فجاء السبع ولم تستطع الهرب، فإنه يضمن؛ لأنه قيدها.
وكذلك: لو حمل على البعير أكثر مما يطيق فعقر فإنه يضمن، وهكذا: لو فرط بأن نام وضاعت الدواب، أو غفل وتركها تذهب فضاعت أو افترست فإنه يضمن؛ لأن هذا تفريط.
الأجير العام يضمن ما جنت يده
ومثله أيضاً: الغسال: يأتيه هذا بثيابه ليغسلها، وهذا بعمائمه، وهذا بسراويله، وهذا.. وهذا.. فيشترك في نفعه أكثر من واحد.
ومثله: كل من يعملون بالأجرة كالدباغين والخرازين، فيأتي هذا بجلده ليخرزه دبةً، وهذا ليخرزه سقاءً، وهذا ليخرزه جراباً، وكذلك الحذَّاء الذي يعمل الأحذية، يأتيه هذا بجلد فيقول: اعمل لي حذاء، وهذا.. وهذا..
وكذلك: الخبازون: يأتيه هذا -مثلاً- بعجينه ليخبزه، وهذا بعجينه ليخبزه، وهكذا....
وكذلك الطحانون: يأتيه هذا بحنطته، وهذا بكيسه، ويسمى هؤلاء مشتركين، فالأجير المشترك هو الذي يشترك في منفعته أكثر من واحد، والأجير المشترك يضمن ما تلف بفعله، فلو أنه مزق الثوب لما فصله، أخذ يشقه بالمقراض من هنا ومن هنا، فأصبح غير صالح؛ فإنه يضمن.
وكذلك: لو أحرق الخبز، أهمله -مثلاً- وأحرقه، ولم يعد يصلح للأكل؛ فإنه يضمن، وهكذا الجزارون، والطباخون، إذا طبخ -مثلاً- وأضاعه، فإنه يضمن.
وكثيراً ما نسمع: أن إنساناً يأتيه بخروف فيقول: اذبحه واطبخه، ثم يأتيه آخر، فيعطيه خروفك خطأً، ويضيع عليك طعامك، أو يخطئ فيعطي لهذا ذبيحة هذا، وذبيحة هذا للآخر؛ فإنه يضمن والحال هذه، وهكذا لو طبخه، ولكنه أخطأ في طبخه إما بأن تركه نيئاً، وإما بأن أحرقه، وبقي غير مستساغ؛ فيضمن والحال هذه، ويسمى هذا: أجيراً مشتركاً.
وكذلك أصحاب الورش: إذا استأجره ليصلح سيارته، ولكنه خربها؛ بأن ركب فيها ما ليس بصالحٍ أو استعملها للنظر؛ فتلف منها شيء من الأدوات بفعله، فإنه يضمن، وهكذا: بقية العمال الذين يعملون بالأجرة في أماكنهم.
فالحاصل: أن هذا يسمى أجيراً مشتركاً، فما تلف بفعله فإنه يضمنه، وإذا أفسد -مثلاً- الجلد الذي يدبغه أو الذي يخرزه فإنه يضمنه، أما ما تلف من حرزه فإنه لا يضمنه، فلو احترق دكان الخياط فإننا لا نضمِّنه جميع ما احترق؛ لأنه ما فرط، أو جاءه لصوص وسرقوا ما فيه، فإنه لا يضمن.
مثلاً: احترقت الورشة وفيها سيارات، فأصحابها لا يضمنون، ولكن هل يعطون الأجرة؟
لا أجرة لهم؛ لأنهم لا يستحقون الأجرة إلا إذا سلَّم العين التي استؤجر لأجلها، وهاهنا ما سلم الثوب -مثلاً- بل احترق أو سرق قبل أن يغسله أو قبل أن يخيطه، أو احترق المخبز كله، واحترقت ماكنة الطحان؛ فلا يضمن، ولكن لا يستحق أجرة.
وقد عرفوا الأجير الخاص بأنه: من قدر نفعه بالزمن، والمشترك: من قدر نفعه بالعمل، فمن قدر نفعه بالزمن فإنه أجير خاص، كأن يقول المستأجر: لك في الشهر ألف، فهذا يسمى أجيراً خاصاً.
وأما المشترك فيقدر نفعه بالعمل: يعني: كل ما خطت الثوب فلك كذا، وكلما غسلته فلك كذا، وكل سيارة تصلحها فلك كذا، أو هذه السيارة إصلاحها أو غسيلها بعشرة أو مائة، فيقدر نفعه بالعمل.
ومثله أيضاً: من يعمل عملاً بدون تحديد مدة، فإذا قلت مثلاً: لك على هذا الحائط مائة، سواء عَمَرَهُ في يوم أو في شهر، فإن هذا مقدر نفعه بالعمل.
قال المصنف رحمه الله: (ولا يضمن أجير خاص ما جنت يده خطأً): مثلاً: لو أخطأ في تفصيل الثوب فلا يضمن، إذا كان -مثلاً- يخيط لك ثياباً تختص بك أنت، أو أخطأ في سقي الأشجار فمات بعضها؛ فلا يضمن ما تلف بيده.
وهكذا -مثلاً-: إذا كان يصلح الساعات التي هي لك أنت، وأخطأ وخربت واحدة؛ فإنك لا تضمِّنه، وهكذا بقية الأعمال، فلو أحرق الثوب الذي يكويه وهو لك، لم يضمن ما جنت يده خطأً.
وكذلك الحجام الذي عُرف حذقه وإحسانه للحجامة لا يضمن، فلو أنه -مثلاً- لما حجم إنساناً سمم الجرح ومات ذلك المحجوم، فلا يضمن الحجام؛ لأنه معروف ومشهود له بالذكاء وبالحذق.
وكذلك الطبيب المشهود له بالطب والحذق، فإذا طبب إنساناً ومات، أو عاب أحد أعضائه، أو عالج العين -مثلاً- فعميت، أو عالج الأذن فصمت، أو عالج يداً فشلت، أو عالج لساناً فشل، أو ضرساً فانقلعت الأضراس، أو ما أشبه ذلك؛ فلا ضمان عليه إذا عرف حذقه، وأما إذا كان غير حاذق، فإنه يضمن، وقد ورد في ذلك حديث: (من تطبب ولم يعرف بطبٍ فهو ضامن) أي: إذا كان ليس أهلاً للتطبب -أي: ليس أهلاً للعلاج-، وليس معه مؤهلات العلاج، وعالج عيناً أو صدراً أو ظهراً أو يداً أو قدماً؛ فحصل شلل أو حصل فقد حاسةٍ كبصر أو كلام أو شم، أو فقد عضواً كعين أو أصبع، فإنه يضمن.
قوله: (وبيطار) أي: وكذلك: البيطار: وهو الطبيب الذي يعالج الدواب، فهناك من يتخصصون في علاج البقر أو الإبل أو الخيل، ومنهم من يكون حاذقاً مجرباً عارفاً، وقد يحصل أن الشاة التي عالجها تموت -مثلاً- أو أن الفرس تتعيب بسبب علاجه، فلا يضمن إذا كان حاذقاً معروفاً، بشرط أن يأذن له في العلاج الولي أو إنسان مكلف، فلو أن البيطار تطبب في طفل -ولو كان حاذقاً- ولم يأذن وليه، فإنه يضمن؛ وذلك لأنه لا يحق له أن يعالج بغير إذن الولي.
أما إذا كان المريض مكلفاً حراً، بالغاً رشيداً، وطلب من الطبيب أن يعالجه، فإنه يعتبر علاجه مأذوناً فيه، فلا يضمن الطبيب.
وهكذا كل من يعمل عملاً مأذوناً فيه، -فمثلاً- الختّان لو عرف بحذقه، وقطع بعض الذكر خطأ؛ فلا يضمن إذا كان حاذقاً.
والحلاق إذا جرح الرأس، وحصل تسممٌ في تلك الجروح أو حصل الموت؛ فإنه لا يضمن إذا كان معروفاً بإحسان الصنعة.
وكذلك: لو خرج في الإنسان -مثلاً- خراج -وهي القروح والبثور التي تكون في البدن- ثم تطبب طبيب وشق الجلد ليشق تلك الخروق، فتسمم الجرح؛ فإنه لا يضمن إذا كان من أهل الحذق.
ثم اشترط المصنف أيضاً شرطاً فقال: (ولم تجن أيديهم) أي: أما إذا جنت اليد -يعني: تعدت- فإنه يضمن، فمثلاً: الحجام معروف أنه بحجامته يجرح جروحاً يسيرة، ولكن لو أنه بالغ في الجرح، فشق الجلد إلى أن وصل -مثلاً- إلى العظم، فهذه جناية مضمونة، وكذلك الطبيب والبيطار لو قدر -مثلاً- أنه عمل جناية فيها شيء من التعدي فإنه يضمن.
يقول: (ولا راعٍ ما لم يتعدَ أو يفرط) الراعي: راعي الغنم أو البقر أو الإبل أجير خاص يعمل بالأجرة، فلا يضمن، فلو عدى الذئب -مثلاً- وافترس شاةً فلا يضمن.
وكذلك: لو جاء إليه لصوص وغصبوه فأخذوا من الدواب شيئاً، ولم يقدر على مقاومتهم؛ فإنه لا يضمن، أما إذا تعدى أو فرّط فإنه يضمن.
وقد عرفنا أن التعدي هو: الاستعمال، وأن التفريط هو: الإهمال، فإذا تعدى بأن ربط شاةً ليحلبها فجاء السبع ولم تستطع الهرب، فإنه يضمن؛ لأنه قيدها.
وكذلك: لو حمل على البعير أكثر مما يطيق فعقر فإنه يضمن، وهكذا: لو فرط بأن نام وضاعت الدواب، أو غفل وتركها تذهب فضاعت أو افترست فإنه يضمن؛ لأن هذا تفريط.
الأجير المشترك: هو الذي يعمل لأكثر من واحد، فهذا يشترك الناس في منفعته، مثل: الخياطين، فالخياط: يأتيه هذا بثوبه، وهذا بسراويل، وهذا بقلنسوة، وهذا بفنيلة، وهذا بكوت، فيعمل لعدد، وأجرة الثوب بكذا، وأجرة السراويل بكذا، وأجرة القلنسوة بكذا.
ومثله أيضاً: الغسال: يأتيه هذا بثيابه ليغسلها، وهذا بعمائمه، وهذا بسراويله، وهذا.. وهذا.. فيشترك في نفعه أكثر من واحد.
ومثله: كل من يعملون بالأجرة كالدباغين والخرازين، فيأتي هذا بجلده ليخرزه دبةً، وهذا ليخرزه سقاءً، وهذا ليخرزه جراباً، وكذلك الحذَّاء الذي يعمل الأحذية، يأتيه هذا بجلد فيقول: اعمل لي حذاء، وهذا.. وهذا..
وكذلك: الخبازون: يأتيه هذا -مثلاً- بعجينه ليخبزه، وهذا بعجينه ليخبزه، وهكذا....
وكذلك الطحانون: يأتيه هذا بحنطته، وهذا بكيسه، ويسمى هؤلاء مشتركين، فالأجير المشترك هو الذي يشترك في منفعته أكثر من واحد، والأجير المشترك يضمن ما تلف بفعله، فلو أنه مزق الثوب لما فصله، أخذ يشقه بالمقراض من هنا ومن هنا، فأصبح غير صالح؛ فإنه يضمن.
وكذلك: لو أحرق الخبز، أهمله -مثلاً- وأحرقه، ولم يعد يصلح للأكل؛ فإنه يضمن، وهكذا الجزارون، والطباخون، إذا طبخ -مثلاً- وأضاعه، فإنه يضمن.
وكثيراً ما نسمع: أن إنساناً يأتيه بخروف فيقول: اذبحه واطبخه، ثم يأتيه آخر، فيعطيه خروفك خطأً، ويضيع عليك طعامك، أو يخطئ فيعطي لهذا ذبيحة هذا، وذبيحة هذا للآخر؛ فإنه يضمن والحال هذه، وهكذا لو طبخه، ولكنه أخطأ في طبخه إما بأن تركه نيئاً، وإما بأن أحرقه، وبقي غير مستساغ؛ فيضمن والحال هذه، ويسمى هذا: أجيراً مشتركاً.
وكذلك أصحاب الورش: إذا استأجره ليصلح سيارته، ولكنه خربها؛ بأن ركب فيها ما ليس بصالحٍ أو استعملها للنظر؛ فتلف منها شيء من الأدوات بفعله، فإنه يضمن، وهكذا: بقية العمال الذين يعملون بالأجرة في أماكنهم.
فالحاصل: أن هذا يسمى أجيراً مشتركاً، فما تلف بفعله فإنه يضمنه، وإذا أفسد -مثلاً- الجلد الذي يدبغه أو الذي يخرزه فإنه يضمنه، أما ما تلف من حرزه فإنه لا يضمنه، فلو احترق دكان الخياط فإننا لا نضمِّنه جميع ما احترق؛ لأنه ما فرط، أو جاءه لصوص وسرقوا ما فيه، فإنه لا يضمن.
مثلاً: احترقت الورشة وفيها سيارات، فأصحابها لا يضمنون، ولكن هل يعطون الأجرة؟
لا أجرة لهم؛ لأنهم لا يستحقون الأجرة إلا إذا سلَّم العين التي استؤجر لأجلها، وهاهنا ما سلم الثوب -مثلاً- بل احترق أو سرق قبل أن يغسله أو قبل أن يخيطه، أو احترق المخبز كله، واحترقت ماكنة الطحان؛ فلا يضمن، ولكن لا يستحق أجرة.
وقد عرفوا الأجير الخاص بأنه: من قدر نفعه بالزمن، والمشترك: من قدر نفعه بالعمل، فمن قدر نفعه بالزمن فإنه أجير خاص، كأن يقول المستأجر: لك في الشهر ألف، فهذا يسمى أجيراً خاصاً.
وأما المشترك فيقدر نفعه بالعمل: يعني: كل ما خطت الثوب فلك كذا، وكلما غسلته فلك كذا، وكل سيارة تصلحها فلك كذا، أو هذه السيارة إصلاحها أو غسيلها بعشرة أو مائة، فيقدر نفعه بالعمل.
ومثله أيضاً: من يعمل عملاً بدون تحديد مدة، فإذا قلت مثلاً: لك على هذا الحائط مائة، سواء عَمَرَهُ في يوم أو في شهر، فإن هذا مقدر نفعه بالعمل.
قال المصنف رحمه الله: (وتجب الأجرة بالعقد ما لم تؤجل) أي: أجرة العامل يستحقها بالعقد، هذا هو الأصل، فإذا تعاقد اثنان على حفر هذه البئر، أو على بناء هذا الجدار، أو على خياطة هذا الثوب، أو إصلاح هذه السيارة، أو على سكنى هذه الدار، فإن هذا العقد يستحق به الأجرة من حين يتم العقد، وتجب الأجرة بالعقد ما لم تؤجل أو تقدر، فالمسلمون على شروطهم.
وفي هذه الأزمنة في هذه البلاد العادة أنه إذا استأجر داراً دفع نصف الأجرة مقدماً، والنصف الثاني بعد نصف سنة، يعني: في مبدأ النصف الثاني يسلم نصف الأجرة المتبقية، وأصبح هذا عرفاً، وفي بعض البلاد يدفع أجرة السنة كلها مقدماً قبل أن يستلم الدار، وهذا هو الأقرب: أنه يملك المالك الأجرة بنفس العقد، وإن اتفقا على أن يؤجره، ويعطيه كل شهر قسطاً جاز ذلك، وإن منعه وقال: لا أعطيك حتى تنتهي من العمل مخافة التهاون والتأخير فله ذلك، فيقول للأجير المشترك: تخيط هذا الثوب في يومين، فقال: أعطني الأجرة، فقال: أخشى إذا أعطيتك أن تتساهل ويبقى عندك الثوب أسبوعاً أو عشرة أيام، فأمسكها عندي حتى تنتهي منه بسرعة، أو نجارة هذا الباب، أو إصلاح هذا الباب من حديد، أو هذه النافذة -مثلاً- في أربعة أيام، فإذا منعه من الأجرة حتى ينهي العمل، وقال له: لا أسلمك الأجرة مخافة التساهل فله ذلك.
والحاصل: أن الأجرة تملك في الأصل بالعقد ما لم تؤجل، وإن كان مقدراً بالعمل فإنها تكون عند نهاية العمل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)؛ وذلك لأنه عرق جبينه؛ ولأنه عمل يديه، فلا يجوز تأخير أجرته عنه، ونسمع أن كثيراً من أهل المؤسسات ونحوهم يؤخرون أجرة العمال، فيستأجر بعضهم كل عامل بستمائة أو ثمانمائة ليعملون له، ثم يمضي عليهم شهران وثلاثة أشهر أو خمسة أشهر وربما أكثر وهو لا يعطيهم أجرتهم، وربما يعطيهم كل شهر -مثلاً- خمسين ريالاً، ويقول: لحاجاتكم الضرورية، وإذا قيل له: لماذا لا تعطيهم؟ يقول: أخشى أن يهربوا، إنهم جاءوا على كفالتي وتحت مسئوليتي، وقد يجدون من يغريهم، ويقول: أنا أعطيكم في الشهر ألف ريال أو أكثر، فيأخذهم علي، ويعملون عنده بدون رخصة، فأنا أحبس الأجرة، فهل هذا يجوز؟!
الجواب: هذا حرامٌ عليك، فأنت تعرف أنهم فقراء، وما جاءوا إلا لفقرهم وحاجتهم، وقد يكون وراءهم أرامل وعوائل وذريات بحاجةٍ إلى من ينفق عليهم، وقد يكونون أيضاً: مدينين، فبعضهم يستدين حتى يأتي إلى هذه البلاد، وربما يستدين ألفاً أو خمسة آلاف حتى يعطيها لصاحب المكتب، فحرامٌ عليكم أن تؤخروا أجرتهم وأنتم تعلمون حاجتهم، وإذا هربوا فإنهم لا يقدرون على العمل، فجوازاتهم عندكم قد أمسكتموها، لا يقدرون على الهرب ولا على السفر إلا بها، وقد منعت الحكومة أن يعمل أحد عند غير كفيله، ومن عثر عليه وهو يعمل عند غير كفيله فإنه يستحق الجزاء، فلذلك أنت آمن من أن يهربوا، وأنت ظالم لتأخير أجرتهم عنهم، بل أعطهم أجرتهم شهرياً كما هو الاتفاق بينك وبينهم.
قال المصنف رحمه الله: (ولا ضمان على مستئجر إلا بتعد أو تفريط، والقول قوله في نفيهما):
العين المستأجرة أمانة عند المستئجر، فإذا تلفت فإنه لا يضمنها، فإذا استأجر ثوباً ليلبسه فتلف فلا يضمنه، أو حذاءً ليلبسه، أو قدراً ليطبخ فيه، أو مسحاةً ليحفر بها، أو سكيناً ليقطع بها، أو فأساً ليقطع بها شجراً، أو موساً ليحلق به، فكل هذا أمانةٌ في يديه، فإذا تلف فلا ضمان عليه إلا بتعدٍ أو تفريط.
والتعدي هو: الاستعمال، والتفريط هو: الإهمال، فإذا استعمل -مثلاً- السكين في غير ما استعملت له، فأخذ يقطع بها خشباً أو يقطع بها حجارة فإنه يضمن، وكذلك الفأس إذا استأجره ليقطع به الشجر، ولكنه أخذ يقطع به حجارة، فتكسر فإنه يضمن؛ لأن هذا تعدٍ، وكذلك الإهمال: إذا أهمل الفأس أو المسحاة -مثلاً- في الطريق؛ فسرقت، فإنه يضمن.
(والقول قوله في نفيهما) فيحلف أنني ما فرطت وأنني لم أتعدَ.
وهنا نهاية باب الإجارة، والفصل الذي بعده، يقال له: باب السبق أو السباق.