بدعة المولد ومحنة مقدونيا


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

قال تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً [الفتح:8-9] وهكذا أمرنا الله سبحانه وتعالى بتعظيم نبينا صلى الله عليه وسلم وتضمنت الشهادة التي يدخل بها الإنسان الإسلام توحيدين:

الأول: توحيد العبادة لله سبحانه وتعالى.

والثاني: توحيد الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم فينبغي أن نؤمن به وأن نتبعه وأن نوقره وأن ننصره صلى الله عليه وسلم فحرمته عظيمة، ومحبته من أركان الدين، وهذه المحبة التي تسابق الصحابة لبذلها لنبيهم حتى قال علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن حبه: [كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ] وخبيب رضي الله عنه لما سئل: هل يسرك أن محمداً عندنا الآن مكانك وأنت في أهلك -وكان مصلوباً أمامهم ليقتلوه- قال: [والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي] فشهد أبو سفيان بعد ذلك عند ملك الروم بقوله: ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمدا، وهكذا بذلوا النفوس لحمايته، وكانوا يتسابقون للموت بين يديه كما مات منهم تسعة متتاليين في غزوة أحد ، وهكذا حكموه في أنفسهم وأموالهم، وقالوا: هذه أموالنا بين يديك، فاحكم فيها بما شئت، وهذه نفوسنا بين يديك لو استعرضت بنا البحر لخضناه نقاتل بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك، فنشهد أن لا إله إلا الله ونشهد أن محمداً رسول الله، كيف كانت محبتهم رضوان الله عليهم لنبيهم؟ قدموه على كل أحدٍ من البشر وكان الواحد يقول: فداك أبي وأمي. إن الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم -أيها الإخوة- شيء عظيم، وخصوصاً عندما نثني عليه ونصلي إذا ذكر؛ لأن البخيل من ذكر عنده النبي عليه الصلاة والسلام فلم يصلِّ عليه، والإكثار من ذكره والتأدب معه عند ذكره، وحتى في مسجده وعند قبره وتوقير حديث النبي صلى الله عليه وسلم كما كان المحدثون يجلسون في مجالس الحديث على وضوء تامٍ ونظافة وطهارة خشعاً؛ لأجل التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ومر مالك بن أنس على أبي حازم وهو يحدث فجازه وقال: إني لم أجد موضعاً أجلس فيه، فكرهت أن آخذ الحديث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قائم.

وكان محمد بن سيرين يتحدث فيضحك فإذا جاء الحديث خشع.

وكان مجلس عبد الرحمن بن مهدي مملوءاً بالوقار، لا يبرى فيه قلم، ولا يبتسم فيه أحدٌ، ولا يتكلم أحدٌ؛ لأجل الحديث الذي يقوله عن النبي صلى الله عليه وسلم.

بيان المحبة والتعظيم الحقيقي للنبي صلى الله عليه وسلم

أيها المسلمون! إن المحبة الحقيقية في تصديقه صلى الله عليه وسلم بما أخبر وعدم الشك فيما جاء به واتباعه وطاعته والتأسي بسنته، وليس ترك السنة ولا الإعراض عنها ومخالفتها، فالعجب كل العجب من هؤلاء الذي يزعمون محبة النبي عليه الصلاة والسلام في الموالد ثم ترى أشكالهم لا تتفق مع سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وترى أفعالهم فيها من المعاصي والمخالفات لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

عباد الله: إن التحاكم إلى السنة أمرٌ مهم جداً، والرضوخ لحديث النبي عليه الصلاة والسلام أمرٌ مهم جداً، والذب عن سنة النبي عليه الصلاة والسلام واجب علينا، والذب عن أصحابه من محبته: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:29] وهكذا الترضي عنهم: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ [الحشر:10] والاهتداء بهدي الصحابة من توقير النبي صلى الله عليه وسلم والذب عن زوجاته عليه الصلاة والسلام من محبته: وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ [النور:26] نخل السنة مما علق بها من الأحاديث الموضوعة، وكذلك التنبيه على الأحاديث الضعيفة ونشرها نقية بين الناس، وعقد الدروس لأجل ذلك من حق النبي صلى الله عليه وسلم علينا.

أيها الإخوة! إن الاتباع الحقيقي للنبي صلى الله عليه وسلم الاتباع فيما جاء به وعدم الابتداع ولتعلم أن الحذر من الخروج عن السنة، وعن المخالفة أمرٌ في غاية الأهمية، فلذلك لا نزيد عليها لا قدراً ولا كماً ولا كيفاً ولا عدداً.

أيها الإخوة! إننا نرضى بحكم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإننا كذلك نحترم نصوصه التي جاء بها من الله تعالى ولا نعتدي عليها بتحريفٍ ولا تعطيل ولا نطعن فيها، ولا نقول: إن العقل لا يقبل هذا، أو لا يقبل هذا، فلا يمكن أن نقدم عقلاً على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك فإننا لا يمكن أن نقدم كلام رجلٍ من الرجال على محبة النبي صلى الله عليه وسلم أبداً.

أيها المسلمون! إن المحبة الحقيقية في تصديقه صلى الله عليه وسلم بما أخبر وعدم الشك فيما جاء به واتباعه وطاعته والتأسي بسنته، وليس ترك السنة ولا الإعراض عنها ومخالفتها، فالعجب كل العجب من هؤلاء الذي يزعمون محبة النبي عليه الصلاة والسلام في الموالد ثم ترى أشكالهم لا تتفق مع سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وترى أفعالهم فيها من المعاصي والمخالفات لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

عباد الله: إن التحاكم إلى السنة أمرٌ مهم جداً، والرضوخ لحديث النبي عليه الصلاة والسلام أمرٌ مهم جداً، والذب عن سنة النبي عليه الصلاة والسلام واجب علينا، والذب عن أصحابه من محبته: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:29] وهكذا الترضي عنهم: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ [الحشر:10] والاهتداء بهدي الصحابة من توقير النبي صلى الله عليه وسلم والذب عن زوجاته عليه الصلاة والسلام من محبته: وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ [النور:26] نخل السنة مما علق بها من الأحاديث الموضوعة، وكذلك التنبيه على الأحاديث الضعيفة ونشرها نقية بين الناس، وعقد الدروس لأجل ذلك من حق النبي صلى الله عليه وسلم علينا.

أيها الإخوة! إن الاتباع الحقيقي للنبي صلى الله عليه وسلم الاتباع فيما جاء به وعدم الابتداع ولتعلم أن الحذر من الخروج عن السنة، وعن المخالفة أمرٌ في غاية الأهمية، فلذلك لا نزيد عليها لا قدراً ولا كماً ولا كيفاً ولا عدداً.

أيها الإخوة! إننا نرضى بحكم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإننا كذلك نحترم نصوصه التي جاء بها من الله تعالى ولا نعتدي عليها بتحريفٍ ولا تعطيل ولا نطعن فيها، ولا نقول: إن العقل لا يقبل هذا، أو لا يقبل هذا، فلا يمكن أن نقدم عقلاً على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك فإننا لا يمكن أن نقدم كلام رجلٍ من الرجال على محبة النبي صلى الله عليه وسلم أبداً.

ولما ثقلت السنة على بعض الناس وخالفت أهواءهم أرادوا من منطلق الانسحاب النفسي وإراحة أنفسهم بزعمهم أن يكون لهم رمزٌ يعبرون به عن محبتهم هذه المزعومة دون أن يتمسكوا بالسنة الثقيلة على أنفسهم، وتداخلت قضية الابتداع بالدين، مع شيء من الرغبات النفسية المنحرفة، مع شيءٍ من التشبه بالنصارى، مع شيءٍ من مكائد الباطنية الذين كانوا في بعض بلاد المسلمين وأرادوا إلهاء المسلمين بمناسبات ابتدعوها، تداخلت هذه الأمور لتولد في القرن السادس أو السابع الهجري بدعة وهي بدعة الاحتفال بمولده عليه الصلاة والسلام، فجاءت هذه البدعة لتغطي على تقصير أولئك في السنة بزعمهم، ولكي تريحهم شيئاً ما نفسياً من تقصيرهم طوال العام بهذه الحفلة التي يعملونها، كما يعمل الكفار اليوم في عيد الأم فيقذفون على أمهاتهم بهدية في يومٍ في السنة وهم يعقونها بقية العام ويريحون ضمائرهم بزعمهم بعيد الأم ثم يعصونها ويهجرونها بقية العام فلا يتذكرونها إلا في ذلك اليوم يوم الأم وعيد الأم كما يزعمون.

وهكذا قام المبتدعة في المسلمين بإحياء هذه الاحتفالات نتيجة لهذه العوامل المتداخلة، وخرجوا علينا بأن هذا الاحتفال عبادة يعظمون به النبي عليه الصلاة والسلام؛ لكن أيهم أشد تعظيماً للنبي عليه الصلاة والسلام أهؤلاء أم أصحابه؟! هل احتفلوا إذاً بمولده أصحابه؟ ولماذا لم يحتفلوا بما هو أعظم كالبعثة والهجرة؟ أليست البعثة والهجرة مناسبتين أعظم من المولد؛ لأن التغيير الذي ترتب على البعثة والهجرة في التاريخ أشد بل لا يقارن بالتغيير الذي حصل بمجرد مولده، بل إنك لا تكاد تجد تغييراً واضحاً بمجرد مولده، لكنك تجد التغيير بهجرته وبعثته، فلماذا إذاً جعلوها في مولده بالذات؟!

لما احتفل النصارى بميلاد عيسى واتبع هؤلاء ملة النصارى في هذه القضية مصداقاً لما أخبر به عليه الصلاة والسلام: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة) وأقام هؤلاء الموالد واحتجوا بأن أكثر المسلمين يفعلونها، فمتى كانت الأكثرية دليلاً على الحق؟

وقد قال الله: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116] وقالوا: نحيي ذكراه، فنقول: هو حيٌ في قلوب المؤمنين الصادقين على مدار العام، فكل يومٍ يذكرونه ويصلون عليه، ويسمعونه في النداء، وقد قرن الله اسمه باسمه في الأذان للصلاة: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح:4] وهكذا يحيون سنته ويروون أحاديثه يومياً، فمتى كان جعل يوماً في السنة مغنياً؟ ومتى كان إحداث هذا العيد دليلاً على المحبة؟ إذا كانت المحبة واجبة في جميع أيام السنة، وإذا نظرنا فلم نجد في أصحاب النبي عليه الصلاة السلام ولا في السلف من فعل ذلك وإنما هي على أحسن الحالات استحسانات قام بها بعض الجهلة.

عباد الله: لا شك أن معرفة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام أمرٌ مهمٌ جداً، ولكن لماذا تخصيص قراءة السيرة في هذا اليوم بالذات يوم المولد؟! أليس الصادق في المحبة يقرأ سيرته ويتداول سيرته على مدار العام صلى الله عليه وسلم؟! إذاً ينبغي أن تكون الذكرى حية على مدار العام وليس أن تحصر في يوم من أيام العام.

مفاسد الاحتفال بالمولد

لقد صار الاحتفال بالمولد فيه من المفاسد الأمور العظيمة، ومن ذلك ما يرتزق به تجار الحلوى، ومؤجرو الألعاب والملاهي، والباعة الجوالون، والقصاصون والمداحون والمغنون، وأخيراً الراقصون والراقصات، والمغنون والمغنيات في إقامة الحفلات الغنائية، وربما أحياناً بالمجان صدقة لأجل المولد ومشاركة بالأغاني والمعاصي والمحرمات مشاركة وهبة لأجل المولد، وأتيحت الفرصة أمام الفساق والفجار وصارت التعمية على بعض المهرجانات والممارسات المعادية للدين الحق.

إن نابليون -أيها الإخوة- قد أمر بإقامة الاحتفال بالمولد وأعطى شيخاً ثلاثمائة ريال فرنسي وأمره بتعليق الزينات وحضر حفل المولد من أوله إلى آخره، وكشف أحد مؤرخي مصر العظماء وهو عبد الرحمن الرافعي حيلة نابليون وقال عن ذلك: إنه يريد أن يعلن للعالم الإسلامي أنه صديق للإسلام والمسلمين خدعة وكذباً ليتوصل من وراء احتلاله إلى توطيد أركان ذلك الاحتلال بين المسلمين، ودغدغة عواطفهم، هكذا إذاً يشارك حتى الكفرة في هذه القضية ويعلنونها ويشجعون عليها ويحضرونها وينشرونها ويطالبون بها.

فالسنة السنة يا عباد الله، والحرص الحرص على توحيد الله، وكذلك المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم.

اللهم اجعلنا من أهل سنتك، واجعلنا ممن يحب صاحبها ويقدم محبته على كل بشر إنك سميع مجيب.

اللهم اجعلنا من أهل شفاعته يوم الدين، واجعلنا ممن رافقه في يوم الدين؛ إنك سميع مجيب.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

لقد صار الاحتفال بالمولد فيه من المفاسد الأمور العظيمة، ومن ذلك ما يرتزق به تجار الحلوى، ومؤجرو الألعاب والملاهي، والباعة الجوالون، والقصاصون والمداحون والمغنون، وأخيراً الراقصون والراقصات، والمغنون والمغنيات في إقامة الحفلات الغنائية، وربما أحياناً بالمجان صدقة لأجل المولد ومشاركة بالأغاني والمعاصي والمحرمات مشاركة وهبة لأجل المولد، وأتيحت الفرصة أمام الفساق والفجار وصارت التعمية على بعض المهرجانات والممارسات المعادية للدين الحق.

إن نابليون -أيها الإخوة- قد أمر بإقامة الاحتفال بالمولد وأعطى شيخاً ثلاثمائة ريال فرنسي وأمره بتعليق الزينات وحضر حفل المولد من أوله إلى آخره، وكشف أحد مؤرخي مصر العظماء وهو عبد الرحمن الرافعي حيلة نابليون وقال عن ذلك: إنه يريد أن يعلن للعالم الإسلامي أنه صديق للإسلام والمسلمين خدعة وكذباً ليتوصل من وراء احتلاله إلى توطيد أركان ذلك الاحتلال بين المسلمين، ودغدغة عواطفهم، هكذا إذاً يشارك حتى الكفرة في هذه القضية ويعلنونها ويشجعون عليها ويحضرونها وينشرونها ويطالبون بها.

فالسنة السنة يا عباد الله، والحرص الحرص على توحيد الله، وكذلك المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم.

اللهم اجعلنا من أهل سنتك، واجعلنا ممن يحب صاحبها ويقدم محبته على كل بشر إنك سميع مجيب.

اللهم اجعلنا من أهل شفاعته يوم الدين، واجعلنا ممن رافقه في يوم الدين؛ إنك سميع مجيب.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.