شرح أخصر المختصرات [29]


الحلقة مفرغة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [فصل:

الربا نوعان: ربا فضل، وربا نسيئة، فربا الفضل: يحرم في كل مكيل وموزون بيع بجنسه متفاضلاً ولو يسيراً لا يتأتى، ويصح به متساوياً، وبغيره مطلقاً، بشرط قبض قبل تفرق، لا مكيل بجنسه وزناً، ولا عكسه، إلا إذا علم تساويهما في المعيار الشرعي.

وربا النسيئة يحرم فيما اتفقا في علة ربا فضل؛ كمكيل بمكيل، وموزون بموزون نساء، إلا أن يكون الثمن أحد النقدين فيصح، ويجوز بيع مكيل بموزون وعكسه مطلقاً، وصرف ذهب بفضة وعكسه، وإذا افترق متصارفان فصل العقد فيما لم يقبض].

تعريفه

الربا في اللغة: الزيادة، يقال: ربا هذا الشيء؛ يعني: زاد، قال الله تعالى: فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ [الحج:5] يعني: ربت وزادت بالنبات، وارتفعت عن مستواها، وكذلك قال تعالى: وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ [المؤمنون:50] والربوة هي: المكان المرتفع الزائد عن مستوى الأرض، هذا تعريفه في اللغة.

وفي الشرع: هو زيادة في أشياء مخصوصة.

أدلة تحريمه

الربا حرمه الله تعالى، وورد الوعيد الشديد في تحريمه، فمن ذلك قول الله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ [البقرة:275] فتوعد الله المرابين بأنهم في الآخرة يقوم أحدهم ثم يسقط مثل المجنون الذي يمشي قليلاً ثم يصرع، شبههم بالذي قد لامسه مس من الجن، والعادة أنه يمشي ثم يصرع ثم يقوم فيمشي ثم يسقط، فهكذا المرابون يقومون إذا بعثوا، وفي بعض الآثار أنهم يعرفون بانتفاخ بطونهم، وورد في حديث سمرة الذي في البخاري في ذكر الرؤيا: (أنه مر برجلين أحدهما يسبح في دم، والآخر على طرف الشط عنده حجارة، كلما أتى إليه فتح فمه وألقى فيه حجراً) وفسره بأنه آكل الربا.

وقد اتفق العلماء على أن الربا من كبائر الذنوب، واستدلوا على ذلك بالوعيد الشديد في القرآن؛ قال الله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275] أي: من عاد إلى تعاطيه، ولم يتب منه، واستعمله وأكله، فإنه متوعد بهذا الوعيد الشديد. ثم قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا [البقرة:278] أي: اتركوا ما بقي من الربا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278-279].

ذكر بعض السلف أنه يقال لآكل الربا يوم القيامة: قم حارب الله ورسوله! أي: كأنه قد استعد أن يحارب الله ورسوله! وماذا يفعل؟ وماذا تنتهي به قوته في هذه المحاربة؟!

ويقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً [آل عمران:130] ولاشك أن النهي يدل على التحريم، وقد ورد الوعيد عليه في الحديث الذي في الصحيح عن جابر وغيره: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله، وشاهديه وكاتبه، وقال: هم سواء) فاللعن دليل على التحريم، ويحرم التعاون عليه، فالشاهدان لما شهدا على هذا الحرام وأكداه بشهادتهما دخلا في الوعيد، والكاتب لما علم أنه ربا وكتبه دخل في الوعيد، والآكل: هو الذي يربحه، والموكل: هو الذي يدخله على الآكل، فكلهم عليهم الوعيد.

كذلك ثبت أنه صلى الله عليه وسلم عده من السبع الموبقات كما في الحديث الذي في الصحيح عن أبي هريرة : (اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله! وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات) فجعله من جملة هذه المحرمات، وسماها موبقات، يعني: مهلكات.

ووردت أحاديث أخرى فيها وعيد شديد، ولكن يظهر أنها من القُصاص، ولو كانت أسانيدها مقاربة؛ مثل الحديث الذي فيه: (درهم ربا أشد إثماً من ست وثلاثين زنية) فهذا الحديث إسناده مقارب، لكن يظهر أنه من أحاديث القصاص الذين يتساهلون في الرواية، وكذلك حديث آخر بلفظ: (الربا سبعون باباً، أهونها مثل أن ينكح الرجل أمه) فهذا أيضاً من أحاديث القصاص، ويظهر أنها ليست صحيحة، فقد كان هناك قصاص يأخذون ما وجدوا، فربما يسمعون الحديث من أحد العامة فيروونه ويجعلونه حديثاً، فيسمعهم من يرويه ويصدق به.

وبكل حال: الوعيد شديد، وقد صحح بعضهم بعض هذه الأحاديث كما في منظومة ابن عبد القوي :

وإياك إياك الربا فلدرهم أشد عقاباً من زناك بنهّد

ولكن يكفي أنه من السبع الموبقات، إلى آخر ما ورد فيه.

أنواع الربا

الربا نوعان: ربا فضل، وربا نسيئة، وربا الفضل أخف؛ وذلك لأن فيه خلافاً عن بعض السلف، فقد روي عن ابن عباس وغيره أنهم أباحوا ربا الفضل، ولكن ذكروا أن ابن عباس رجع عنه، وإن كان قد تبعه على ذلك بعض تلامذته وقالوا بقوله، وذكر بعضهم أنه لم يرجع عن إباحته، واستدل له بحديث أسامة في الصحيح: (لا ربا إلا في النسيئة) أو: (إنما الربا في النسيئة) فأخذوا من هذا أنه لا يحرم ربا الفضل، ولكن فسره بعضهم بقوله: لا ربا أشد ولا ربا أعظم من ربا النسيئة.

بدأ المؤلف بربا الفضل، واختار هنا أنه في كل مكيل وموزون بيع بجنسه متفاضلاً، فيحرم ربا الفضل في كل مكيل وموزون بيع بجنسه متفاضلاً ولو يسيراً لا يتأتى، وفي الحاشية قال: كتمرة بتمرتين، وهذا هو المشهور عن الإمام أحمد أن علة الربا: الكيل والوزن، فكل ما يكال أو يوزن فإنه يعتبر ربوياً، فكل مكيل بيع بجنسه، فلابد أن يكون متساوياً ولا يصح متفاضلاً، والمكيلات هي: ما كان أهل المدينة يبيعونه بالكيل؛ كالتمر، والزبيب، والبر، والشعير، والذرة، والدخن، والأرز، وكذلك ما كان مكيلاً ولو لم يكن قوتاً، مثل: القهوة، والهيل، والقرنفل، والزنجبيل، وكذلك ما ليس بمأكول ولا مطعوم؛ كزهر الورد، والصابون -مثل: التايت الآن-، يقولون: كل ما يباع بالكيل لا يجوز صاع بصاعين من نفس الجنس، مثل صاع بر بصاعين، هذا ربا، ولا صاع شعير بصاعين، ولا صاع بر بصاع وحفنة، ولا صاع تمر بصاعين، لا يجوز هذا، ودليله أن بلالاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر جيد، فسأله: (أكل تمر خيبر هكذا؟ فقال: لا يا رسول الله، والله إنا لنشتري الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال: أوه أوه! عين الربا، لا تفعل، بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنيباً) أي: إذا أردت أن تشتري تمراً جيداً وعندك تمر رديء، فالتمر الرديء بعه بدراهم، ثم اشتر بالدراهم تمراً جيداً من الذي تريد، فأما أن تقول: يا صاحب الجيد! أعطني صاعاً بصاعين، أو صاعين بثلاثة، أو صاعين بأربعة، فهذا لا يجوز، وهو عين الربا كما ورد في هذا الحديث.

الأصناف الربوية المنصوص عليها

عن عبادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح؛ مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)، فنص هذا الحديث على ستة أصناف ربوية، فلا يباع تمر بتمر إلا مثلاً بمثل، ولا يباع بر ببر إلا مثلاً بمثل ولو اختلفت القيمة، ومعلوم أن القيمة تختلف؛ وذلك لأن هناك نوعاً من التمر جيد غال رفيع الثمن، كالذي يسمى بالسكري أو البرني، فثمنه رفيع، وهناك تمر رخيص كالذي يسمى بالخضري، أو بالصفري، قد يكون الكيلو من السكري بعشرين، والكيلو من هذا بريال أو بريالين، ولو تفاوتت قيمته فإنه لا يجوز بيع بعضه ببعض إلا مثلاً بمثل.

وإذا أراد إنسان عنده تمر دقلي أو روحاني أو عجوة أو نحو ذلك أن يشتري تمراً آخر، فإنه يبيع التمر الذي عنده بدراهم، ثم يشتري بالدراهم من التمر الذي يريد جيداً أو رديئاً، فأما أن يقول: أعطني صاعاً بصاعين فهذا ربا، أو صاع بصاع ونصف فهذا ربا، كما في حديث بلال الذي ذكرنا.

وهكذا البر يختلف أيضاً؛ فهناك بر اسمه صمع، وبر اسمه الشارعي، وبر اسمه الحباب، وبر اسمه اللقيمي، وهذه تختلف قيمتها، فبعضها صاعه بأربعة، وبعضه صاعه بستة، وبعضها صاعه بثلاثة، فإذا كان الإنسان عنده بر رديء، ويريد أن يشتري جيداً، باع الرديء بالدراهم، واشترى بالدراهم جيداً، وكذلك بالعكس، ولا يكون الصاع بصاعين، أو الصاعين بثلاثة، بل هذا من الربا.

وقوله: (مثلاً بمثل) ولو اختلفت القيمة إذا كان الاسم واحداً، هذا تمر وهذا تمر، هذا نوع وهذا نوع، فالاسم يعم؛ ولكن الكلمة تحتها أنواع، فالتمر تحته أنواع: الثلج نوع، والروحاني نوع، والنيفي نوع، والصفري نوع، والجميع تمر، فالجنس تمر، وتحته أنواع.

والبر جنس، يسمى براً، ويسمى قمحاً، ويسمى: حنطة، كل هذه مسميات لاسم واحد، ولكن تحته أنواع فالصمعي نوع، والشارعي نوع، وأشباه ذلك، فإذا أراد أن يشتري نوعاً بنوع فلا يجوز إلا مثلاً بمثل.

خلاف العلماء في إلحاق غير الأصناف الستة بها

الحديث فيه ستة أصناف، وهي: الذهب، والفضة، والبر، والشعير، والتمر، والملح، فاختلف العلماء: هل يلحق بها غيرها أو لا يلحق بها غيرها؟

ذهب ابن حزم والظاهرية أنه لا يلحق بها غيرها، بل يقتصر على هذه الستة، ولا يجوز أن يلحق بها غيرها، والجمهور قالوا: يلحق بها غيرها، ويقاس عليها، فإنه ما ذكر هذه الستة إلا ليلحق بها غيرها.

واختلفوا ما العلة التي نلحق بها ما كان مثلها؟

مذهب أحمد في الربويات

عند الإمام أحمد وأبي حنيفة أن كل ما يكال أو يوزن فإنه يلحق بالستة، وجعلوا علة الربا: الكيل والوزن، هكذا اختار الإمام أحمد.

يقول المؤلف: (في كل مكيل وموزون) فكل مكيل لا يباع إلا بجنسه مثلاً بمثل، وكل موزون لا يباع بجنسه إلا مثلاً بمثل، فالمكيلات في العهد النبوي هي الحبوب، والثمار، والسوائل، هذه كلها مكيلة، فمثلاً: التمر مكيل، والدهن مكيل يباع بالكيل، واللبن مكيل، والأرز مكيل، والقهوة مكيل، وكذا القرنفل والزنجبيل، وكذا ما ليس بمطعوم أو ما ليس بقوت مثل حب الرشاد، وما يسمى: بالحب الحار وأشباهها، هذه كلها تباع كيلاً، فعلى هذا تكون ربوية، فلا يجوز أن يباع حب الرشاد مثلاً بصاع ونصف؛ يعني: رشاد برشاد، أو الحب صاع بصاع وربع، ما يجوز إلا مثلاً بمثل، وكذلك القهوة، فلو كانت عندك قهوة رديئة وأردت أن تشتري جيدة فلا تبعها إلا مثلاً بمثل، صاعاً بصاع، وإذا أردت الجيد فإنك تبيع الرديء بالدراهم، ثم تشتري بالدراهم جيداً مما تريد، وهكذا الهيل مثلاً يتفاوت، منه ما هو جيد ومنه ما هو رديء، فإذا أراد شخص أن يشتري جيداً وعنده رديء، باع الرديء بالدراهم واشترى بالدراهم جيداً، أما أن يقول: أعطني صاعاً بصاعين من هذا الرديء فلا يجوز، وهذا يدخل في الربا.

يدخل في الربا كل المكيلات قديماً، فالدهن مثلاً كان يباع بالكيل، ولكن يرجع فيه إلى أصله، فدهن الغنم يسمى جنس، فلا يباع منه صاع بصاعين، أو صاع بصاع ونصف من دهن الغنم، والغنم سواء كان ضأناً أو معزاً يعتبر جنساً واحداً، وأما دهن غنم ودهن إبل فإنه يختلف، فيجوز أن يباع صاع من دهن الغنم بصاعين من دهن الإبل؛ وذلك لأنه ليس مثله، هذا له أصل، وهذا له أصل، ولكن لابد أن يكون يداً بيد، لابد من التقابض.

وكذلك الألبان، لبن الإبل أرخص من لبن الغنم، فيجوز أن يباع صاع من لبن الغنم بصاعين من لبن الإبل، ولكن يداً بيد، وأما لبن غنم بلبن غنم فلابد فيه من شرطين: لابد من التماثل، ولابد من التقابض، صاعاً بصاع، وكذا الأقط، يباع أيضاً كيلاً، فلا يجوز أن يباع أقط الغنم بجنسه إلا صاعاً بصاع أو صاعين بصاعين مثلاً بمثل، ويجوز صاع من أقط الغنم بصاعين من أقط الإبل؛ وذلك لاختلاف الأصل.

وكذلك في كل المكيلات، ولو كان كيلها غير معتاد، فالبصل يباع بالكيل في الأصل، فعلى هذا لا يباع إلا صاعاً بصاع ولو اختلف المسمى، ولو كان هذا طويلاً وهذا عريضاً، فيباع صاع بصاع، ومن كان عنده رديء باعه بدراهم، واشترى جيداً بدراهم. هذه أمثلة للمكيل.

أما الموزون فهو الذي لا يتأتى كيله؛ مثل: اللحوم، فإنها تباع بالوزن، ولكنها أجناس، فلحم الغنم جنس، ولحم البقر جنس، ولحم الإبل جنس، ولحم السمك جنس، ولحم الطيور جنس، ومن العلماء من قال: الطيور عدة أجناس، فلحم الدجاج جنس، ولحم الحمام جنس، ولحم العصافير جنس، ولحم الحبارة جنس، ومنهم من قال: إنها كلها جنس. فاللحوم تباع بالوزن، فلا يجوز أن يباع مثلاً كيلو لحم بقر باثنين كيلو لحم بقر، ولو كان هذا سميناً وهذا هزيلاً؛ لأن الاسم واحد (لحم بقر)، وكذلك لحم الغنم، ولا فرق على الصحيح بين الضأن والمعز، بل كلاهما جنس، فعلى هذا: لا يجوز أن يباع كيلو لحم باثنين كيلو لحم من الغنم، ولو كان هذا سميناً دسماً وهذا هزيلاً، ومن كان عنده لحم هزيل وأراد سميناً باع الهزيل بالدراهم، واشترى بالدراهم سميناً، فأما أن يقول: أعطني كيلو باثنين كيلو، فهذا عين الربا.

ويجوز أن يشتري مثلاً كيلو لحم غنم باثنين كيلو لحم إبل لأنه أرخص؛ وذلك لأنهما جنسان، هذا جنس وهذا جنس، واللحم الأحمر كله جنس؛ وإن كان منه لحم الظهر ولحم الفخذ ولحم العضد، وأما البواطن فإنها أجناس، فالكبد جنس، والطحال جنس، والرئة جنس، والكلية جنس، والقلب جنس، والأمعاء جنس، والكرش جنس، هذه أجناس لا تتفق، فعلى هذا يجوز أن يباع مثلاً اللسان بالقلب ولو اختلف الوزن؛ وذلك لأنها متفاوتة.

فاللحوم من الموزونات، وبعض العلماء جعلها أربعة، فقال: السمك جنس، وبهيمة الأنعام جنس، والصيد جنس، والطيور جنس، وبعضهم اعتبرها أجناساً، وهذا هو الأقرب، فالإبل جنس، والبقر جنس، والغنم جنس، والظباء جنس، وكذلك الطيور تتفاوت، فلحم الدجاج جنس، ولحم الحبار جنس .. إلى آخره، إلا أن اللحوم إذا تقاربت فإنها تكون جنساً، فالضأن والمعز جنس، والبقر والجواميس جنس، والإبل والبخاتي جنس.

هذا نوع من الموزونات وهي كثيرة، ومن الموزونات: القطن، والحديد، والنحاس، والرصاص، والصوف، والشعر.. وأشباه هذه، فهذه لا تباع بالكيل إنما تباع بالوزن، فلابد فيها من التماثل، فإذا باع قطناً بقطن فلابد أن يكون كيلو بكيلو ولو اختلفت القيمة، وإذا باع صوفاً بصوف فلابد أن يكون مثلاً بمثل، وإذا باع حديداً بحديد فيكون مثلاً بمثل، وإذا باع رصاصاً برصاص فيكون مثلاً بمثل، فهذه هي الأصناف الربوية عند الإمام أحمد.

قوله: (في كل مكيل وموزون) يخرج الذي لا يكال ولا يوزن، مثل المعدود أو المذروع، فمثل هذا ليس بربوي، فيجوز أن تبيع شاة بشاتين، وبعيراً ببعيرين، فقد روي أن علياً رضي الله عنه باع جملاً له يسمى عصيفيراً بعشرين بعيراً إلى أجل؛ وذلك لارتفاع قيمته، فيجوز فيه النساء، ويجوز فيه التفاضل، فيجوز أن يبيع عبداً بعبدين، وفرساً بفرسين، وشاة بشاتين؛ لأنها لا تكال ولا توزن ما دامت حية.

وكذلك ما يذرع، يجوز أن تبيع جلداً بجلدين أو بعشرة جلود، ويجوز ثوباً بثوبين أو بخمسة ثياب، ويجوز فيه أيضاً النساء، فيجوز أن تقول مثلاً: أبيعك هذا الثوب بثوبين جديدين تعطينيهما بعد شهر أو بعد عام، لا بأس بالمفاضلة، ولا بأس بالنساء. ومثله أيضاً: ما يباع بالعدد، إن كانوا يبيعون الخضار بالعدد لا بالوزن، فالتفاح والبيض يباعا بالعدد، لا يوزنا ولا يكالا، فعلى هذا يجوز أن تبيع بيضتين بأربع، وأن تبيع تفاحتين بأربع، أو بطيختين بثلاث، وكذلك القرع، والباذنجان، والكوسة، والخيار، والقثاء.

وكذلك أيضاً ما يباع بالصرة كالخس والفجل وأشباهها، فهذه ليست مكيلة ولا موزونة، فيجوز التفاضل فيها، وهو واقع من الناس، يجوز أن تبيع حبة بحبتين من القرع، أو من الباذنجان، أو ما أشبه ذلك؛ لأن هذا يباع بالعدد، وإذا قلت: إن التفاح الآن يباع بوزن، وكذلك البرتقال، وغيرهما من الفواكه!

نقول: إن العبرة بالأصل.

وبعض الفواكه كان قديماً يباع بالكيل، وهو ما يكون صغيراً مثل المشمش، والخوخ، والتين، فهذه تلحق بالمكيلات فتكون ربويةً، فالناس كانوا يكيلون المشمش بالصاع، وكذلك الخوخ والتين، كما أنهم يكيلون الزبيب.

فالحاصل: أن الثياب مثلاً يجوز بيعها ثوباً بثوبين، أو ذراعاً بذراعين، ولو من قماش واحد، ويجوز فيه النساء، أي: أن تبيع ثوبين بخمسة ثياب مؤجلة، لا بأس بالنساء فيه، ولا بأس بالتفاضل.

إذاً: اختيار الإمام أحمد أن الربا يختص بما يكال ويوزن.

مذهب مالك في الربويات

الإمام مالك يرى أن العلة في الربا هي القوت، فكل شيء يصلح قوتاً فإنه ربوي، وإلا فليس بربوي، ويلحق بذلك ما ليس قوتاً لكنه يصلح القوت، فيقول: ورد الشرع بأربعة من القوت: البر، والشعير، والتمر، والرابع الملح الذي يصلح به القوت، فعنده الرز ربوي؛ لأنه قوت، وكذلك الدخن والذرة؛ لأنهما قوت، ويلحق بذلك ما يصلح به القوت أو ما يتبع القوت، مثل الخضار التي يصلح بها القوت، فعنده أن الطماطم ربوي، وكذلك القرع؛ لأنه يصلح به القوت أو يخلط به، وكذلك جميع ما يحتاج إلى طبخ مثل الجزر والبيض فيكونان قوتاً، وكذلك بعض الفواكه مثل العنب الذي يكون زبيباً؛ لأن الزبيب قوت، فعلى مذهب مالك لا يجوز بيع الدباء إلا مثلاً بمثل، وهكذا الأترج والتفاح؛ لأنه يمكن أن يكون قوتاً، والموز عنده قوت؛ لأنه يصلح أن يقتات، فيكون ما يقتات أو يصلح القوت ربوياً.

وأما ما ليس بقوت كالقهوة والهيل والقرنفل، والحلب، وحب الرشاد، وما أشبه ذلك، فهذه عند مالك ليست ربوية، فيجوز أن تبيع صاعاً من القهوة بصاعين، أو صاعاً من الهيل بصاعين، إذا كان يداً بيد؛ لأنها ليست قوتاً، ولأنها ليست مما يصلح به القوت، ويقول: اللحوم قوت، فجميع اللحوم عنده ربوية، وأما الحديد فليس بربوي.

اختلاف العلماء في علة الذهب والفضة

اختلفوا في علة الذهب والفضة، فالإمام أحمد وأبو حنيفة يقولان: العلة فيهما كونهما يوزنان، فالذهب يباع بالوزن، والفضة تباع بالوزن، فألحقنا بهما الرصاص؛ لأنه يباع بالوزن، وكذا الحديد يباع بالوزن، والصفر يباع بالوزن، وكذلك أيضاً الصوف والقطن وما أشبه ذلك، فهذه تباع بالوزن، فألحقناها بالذهب والفضة.

وأما الإمام مالك فيقول: العلة في الذهب والفضة أنهما أثمان؛ فلذلك نلحق بهما ما كان ثمناً، فنلحق بهما ما يسمى الآن: بالهلل، وكذا الأوراق النقدية؛ لأنها أثمان بجميع أنواعها، فلا يباع جنسها بجنسها إلا مثلاً بمثل، لا يباع ريال بريالات سعودية إلا مثلاً بمثل، فلا يباع ريال بريال، أو خمسة بخمسة، إلا إذا اتفق الاسم واختلفت القيمة مثلاً، فيجعل العلة في الذهب والفضة كونهما أثماناً للسلع؛ فأنت مثلاً إذا قلت: بكم هذا الكتاب؟ سيقولون مثلاً: بعشرة ريالات، وهذا يدل على أنها أثمان، أي: قيم للسلع، فيجعل العلة هي الأثمان، فعند الإمام مالك يجوز في الحديد أن يباع كيلو باثنين كيلو، وكذا القطن؛ لأنهما ليسا قوتاً وليسا أثماناً، فالعلة عنده القوت.

مذهب الشافعي في الربويات

الإمام الشافعي يقول: العلة هي الطعم، وقال: العلة في الذهب والفضة: الثمنية كما قال مالك، فعند الإمام الشافعي أن كل شيء يطعم ولو لم يكن قوتاً فإنه ربوي، وما ليس بمطعوم فإنه ليس بربوي، نأتي بأمثلة:

عندنا مثلاً الحناء، هذا ربوي عند الإمام أحمد ؛ لأنه مكيل، وليس ربوياً عند الشافعي ؛ لأنه ليس بمطعوم، ولا عند الإمام مالك ؛ لأنه ليس بقوت، وكذلك مثلاً زهر الورد ليس ربوياً إلا عند الإمام أحمد ؛ لأنه يكال، وكذلك الصابون الذي يغسل به ليس ربوياً عند الإمام الشافعي ؛ لأنه ليس بمطعوم، وليس بربوي عند مالك ؛ لأنه ليس بقوت، ولكنه مما يكال، فهو ربوي عند الإمام أحمد ، كذلك الأشنان الذي كانوا يغسلون به، هو ربوي عندنا دون مذهب الإمام مالك والشافعي، وكذلك النورة التي يطلى بها وما أشبهها، فهذه ربوية عندنا، وليست ربوية عند الشافعي ؛ لأنها ليست مطعومة، ولا عند الإمام مالك ؛ لأنها ليست بقوت.

أما القهوة فهي عندنا ربوية؛ لأنها مكيلة، وربوية عند الشافعي ؛ لأنها مطعومة، وليست ربوية عند مالك ؛ لأنها ليست قوتاً، وكذلك الزنجبيل، وحب الرشاد، والقرنفل، والحب الحار وما أشبهها، فهذه ربوية عند الشافعي ؛ لأنها مطعومة، وربوية عندنا؛ لأنها مكيلة، وليست ربوية عند مالك ؛ لأنها ليست قوتاً، فهذه تعليلات الأئمة فيما هو ربوي من ربا الفضل.

نعود فنقول: إذا بيع مكيل بمكيل، أو موزون بموزون فلابد من شرطين:

1- التماثل؛ صاع بصاع، أو كيلو بكيلو.

2- التقابض؛ يداً بيد، ولا تجوز الزيادة فيه ولو يسيراً، كتمرة بتمرتين، أو حفنة بحفنتين، لا نَساء ولا حالاً، فلا يصح إلا متساوياً، صاع بصاع، أو كيلو بكيلو، أو حفنة بحفنة.

أما إذا بيع بغيره فإنه يصح بشرط: قبض قبل تفرق، وصورة ذلك: بر بشعير، ماذا يشترط فيه؟ يشترط فيه التقابض دون التساوي، فيجوز صاع بر بصاعين شعير، ولكن لابد من التقابض، يداً بيد؛ لأنه قال في الحديث: (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) مثلاً صاع زبيب بصاعين تمر ماذا يشترط فيه؟

يشترط فيه التقابض دون التساوي، صاع بصاعين يجوز؛ لأنه قد يكون الزبيب أغلى، فيقال: صاع زبيب بصاعين تمر.

هذا معنى قوله: (وبغيره مطلقاً) يعني: ويجوز في غيره أن يباع مكيل بموزون، أو أن يباع جنس بغير جنسه؛ لأنه قال هناك: (بيع لجنسه)، وتفطن لكلمة (جنسه)، تمر بتمر جنس بجنس، وأما تمر بزبيب فجنس بجنس آخر ليس بجنسه، فيشترط فيما بيع بغير جنسه التقابض قبل التفرق، ويجوز التفاوت كصاع بصاعين.

قوله: (لا يجوز أن يباع المكيل بجنسه وزناً ولا عكسه)

ذكروا أنه لا يجوز أن يباع الشيء بجنسه وزناً ولا عكسه، فيقولون مثلاً: التمور مكيلة، فلا يباع تمر وزناً بتمر كيلاً، وذلك لعدم تحقق التساوي، فلا يباع مكيل بجنسه إلا كيلاً، ولا موزون بجنسه إلا وزناً، فلا يباع صاع تمر باثنين كيلو تمر؛ لعدم معرفة التماثل، أو صاع زبيب بثلاثة كيلو زبيب، ما يجوز، فلا يباع إلا كيلاً، والصحيح: أنه يجوز وزناً؛ لأن الوزن أضبط بالمثلية، كما هو اليوم واقع الناس، فالتمر أصبح موزوناً، والزبيب أصبح موزوناً، والدهن أصبح موزوناً، فيجوز أن يباع مثلاً تمر بتمر كيلو بكيلو، ولو اختلف النوع؛ ولذلك قال: ( ولا عكسه إلا إذا علم تساويهما في المعيار الشرعي) والمعيار الشرعي في المكيلات هو: الصاع، وفي الموزونات: هو ما يعرف بالرطل قديماً، وما يعرف الآن بالكيلو، وهو المعيار الذي تقدر به المقدرات، وقد توسعوا في ذكر الأمثلة؛ لذلك قالوا: لابد من التحقق في التماثل، ثبت أنه صلى الله عليه وسلم سئل: هل يباع الرطب بالتمر؟ فقال: (هل ينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم) وهو يعرف أنه ينقص؛ لأنه إذا كان رطباً يزيد بهذه الرطوبة، فإذا يبس وجف خف وزنه، وخف كيله، فقال: (لا يباع إلا مثلاً بمثل) يعني: لا يباع الرطب باليابس لعدم تحقق التساوي، أما الدقيق مثلاً فيباع وزناً ولا يباع كيلاً؛ لأن العادة أنه إذا طحن انتشرت أجزاؤه، فأنت مثلاً تأتي بالصاع من البر تطحنه، وإذا كلته وجدته قد زاد، وأصبح الصاع صاعاً وربع أو صاعاً وثلث.

ففي هذه الحال: لا يباع صاع دقيق بصاع بر؛ لعدم تحقق التساوي، لكن بالوزن يتحقق التساوي، فإذا بيع كيلو دقيق بكيلو بر فلا بأس بذلك.

وكذلك العصيرات تلحق بأصولها، فعصير العنب يعتبر مثل العنب، فلا يباع إلا بجنسه مثلاً بمثل، ودبس التمر يلحق بالتمر، فلا يباع دبس بدبس إلا متساوياً متماثلاً، أما إذا خرج عن جنسه فالصحيح أنه يجوز التفاضل فيه، مثاله: الخبز، فالخبز أصبح غير مكيل ولا موزون، أصبح يباع بالعدد، مع أن هناك من يزنه، ففي هذه الحال يجوز أن تشتري رغيفاً برغيفين ولو كان أصلهما براً، ويجوز فيه النساء أيضاً، يجوز أن تقول: بعني رغيفاً وأعطيك رغيفين غداً، والرغيف هو الواحدة من الخبز، وكذلك أيضاً إذا كانت هناك خبزة كبيرة، فتقول: بعني هذه الخبزة بأربع صغيرات، أو بثلاث، فيجوز ذلك؛ لأنه خرج عن أصله، وأصبح غير مكيل ولا موزون، أصبح يباع بالعدد كما هو مشاهد، وأما إذا كان باقياً على أصله أو ملحقاً بأصله كالدبس ونحوه، فإنه باق على ما هو عليه.

ربا النسيئة

ربا النسيئة: هو ربا الجاهلية الذي ورد فيه الوعيد الشديد، كان أهل الجاهلية إذا كان عند أحد لإنسان دين، مثلاً عشرة آلاف، جاء إليك وقال: أعطني ديني وإلا زدت عليك فيه، وأخرتك، ويعبرون بقولهم: إما أن تعطي وإما أن تربي، إما أن تعطيني ديني الذي في ذمتك، وإما أن تربي، ما معنى تربي؟ أي: نزيد في الدين، ونزيد في الأجل، الدين عشرة آلاف، نجعلها خمسة عشر ألفاً ونؤخرك سنة، فإذا تمت السنة جاء إليك وقال: عندك لي خمسة عشر ألفاً، إما أن تعطيني إياها وإما أن أزيد وأؤخرها، فيؤخرك سنة ويجعلها مثلاً عشرين ألفاً، فإذا حلت العشرون جاء وقال: أعطني العشرين وإلا زدت فيها وأجلتك سنة، فيجعلها مثلاً ثلاثين، ويقول: أؤخرها سنة، فإذا حلت الثلاثون جاء وقال: أعطني الثلاثين وإلا زد فيها وأؤخرك، فيجعلها أربعين، وهكذا تتضاعف، وهذا معنى قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً [آل عمران:130] ولما جاء الإسلام كان أناس عندهم عشرات الألوف وهي ربا، فجاء الإسلام بإبطالها فقال النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم: (كل ربا الجاهلية موضوع تحت قدمي، وأول ربا أضعه ربا العباس)، فوضع الربا الذي كان العباس يتعاطاه عند كثير من المرابين، وأنزل الله تعالى قوله: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:279]، إذا كان رأس مالك عشرة آلاف ثمن السلع التي بعتها، فتقتصر عليها، والزيادات التي ضاعفتها إلى أن وصلت إلى أربعين ألفاً أو مائة ألف كل هذه أسقطها، وليس لك إلا رأس مالك.

والنساء: هو التأخير، نسأه يعني: أخره، قال تعالى: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ [التوبة:37] ونسيء الجاهلية هو تأخير بعض الشهور المحرمة، وقرأ بعض القراء قول الله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسئها) أي: نؤخرها.

فالنساء هو التأخير، ومعنى ذلك أنهم كانوا يقولون: نؤخرك بالمطالبة ونزيد في الدين، الدين الذي هو عشرة، ننسئه أي: نؤخره ثم نجعله زائداً عما كان عليه؛ لذلك يحرم ربا النسيئة فيما اتفق عليه في علة ربا الفضل، كمكيل بمكيل، وموزون بموزون نساءً.

وذكرنا في ربا الفضل أنه لا يجوز النساء فيما كان جنساً بجنس، إذا اتفقا في علة واحدة، فمثلاً: شعير ببر صاع بصاعين ماذا يشترط فيه؟

يشترط فيه التقابض، ولا يجوز فيه النساء، ومثلاً: كيلو لحم غنم باثنين كيلو لحم إبل يجوز، ولكن لابد فيه من التقابض، ولا يجوز فيه النساء؛ وذلك لأن العلة فيه واحدة، وهو أن هذا موزون وهذا موزون، وكذلك مثلاً إذا بيع حديد أو رصاص باللحم، ماذا يشترط فيه؟

يشترط فيه التقابض، ولا يجوز فيه النساء، ولا يجوز التفرق قبل التقابض، فيحرم ربا النسيئة إذا ما اتفق في علة ربا فضل كمكيل بمكيل، مثل: بر بشعير، ولا يجوز النساء يعني: التأخير، ويجوز صاع بصاعين في موزون بموزون، كحديد بقطن، أو حديد بلحم، أو لحم بقطن أو بصوف، لكن لا يجوز إلا يداً بيد، ولا يجوز النساء.

واستثنوا إذا كان الثمن أحد النقدين، فعندنا أن العلة في النقد الوزن، فالريالات قديماً كانت من فضة، والجنيهات كانت من الذهب، وكانوا يتعاملون بالدراهم الفضة المضروبة، أو بالذهب الذي هو الدنانير المضروبة، ففي هذه الحال: يجوز النساء إذا كان الثمن أحد النقدين، يعني: من النقود، فيجوز مثلاً أن تشتري لحماً بدراهم غائبة، أو تشتري قطناً بدراهم غائبة، أو تشتري قطناً غائباً أو لحماً غائباً بدراهم حاضرة، وهو ما يسمى بالسلم، فلو منع ذلك لانسد السلم في الموزونات، فيجوز بيع مكيل بموزون وعكسه موزون بمكيل مطلقاً.

الربا في اللغة: الزيادة، يقال: ربا هذا الشيء؛ يعني: زاد، قال الله تعالى: فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ [الحج:5] يعني: ربت وزادت بالنبات، وارتفعت عن مستواها، وكذلك قال تعالى: وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ [المؤمنون:50] والربوة هي: المكان المرتفع الزائد عن مستوى الأرض، هذا تعريفه في اللغة.

وفي الشرع: هو زيادة في أشياء مخصوصة.


استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح أخصر المختصرات [21] 2741 استماع
شرح أخصر المختصرات [28] 2718 استماع
شرح أخصر المختصرات [72] 2609 استماع
شرح أخصر المختصرات [87] 2572 استماع
شرح أخصر المختصرات [37] 2486 استماع
شرح أخصر المختصرات [68] 2350 استماع
شرح أخصر المختصرات [81] 2342 استماع
شرح أخصر المختصرات [58] 2334 استماع
شرح أخصر المختصرات [9] 2321 استماع
شرح أخصر المختصرات [22] 2271 استماع