شرح متن الورقات [21]


الحلقة مفرغة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

قال المؤلف رحمه الله: [وينقسم إلى مرسل ومسند].

تقدم أن الخبر ينقسم إلى أقسام:

القسم الأول: باعتبار وصوله إلينا.

القسم الثاني: باعتبار انقطاعه واتصاله، فيقول المؤلف رحمه الله: (ينقسم إلى مرسل ومسند). المرسل ينقسم إلى أقسام، والمسند ينقسم إلى أقسام، وهذه سنتعرض لها إن شاء الله في الإجمال.

قال المؤلف رحمه الله: [فالمسند: ما اتصل إسناده، والمرسل: ما لم يتصل إسناده].

تعريف الخبر المسند

المسند في اللغة: اسم مفعول من الإسناد، وهو الضم، يعني: ضم جسم إلى آخر، ثم استعمل في المعاني، فيقال: أسند فلان الخبر إلى فلان.

وفي الاصطلاح يقول المؤلف رحمه الله: (ما اتصل إسناده)، لكن تعريف المؤلف رحمه الله بقوله: (ما اتصل إسناده) هذا يشمل كل الإسناد، فمثلاً: المسند للتابعي إذا اتصل إسناده بالتابعي فهذا يسمى مسنداً، والمسند للصحابي إذا اتصل إسناده بالصحابي فهذا يسمى مسنداً، والمسند للنبي عليه الصلاة والسلام إذا اتصل إسناده بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولكن المراد هنا بالمسند: هو ما اتصل إسناده إلى النبي عليه الصلاة والسلام.

تعريف الخبر المرسل

المرسل في اللغة: مأخوذ من الإرسال وهو الإطلاق.

وأما في الاصطلاح فقال المؤلف رحمه الله في تعريفه: (ما لم يتصل إسناده)، وبهذا التعريف يشمل المرسل في اصطلاح المحدثين، ويشمل أيضاً المنقطع، ويشمل المعضل، ويشمل مرسل الصحابي وغير ذلك، فيقول المؤلف رحمه الله: (المرسل: ما لم يتصل إسناده)، وهذا عند أهل الأصول: أنه الذي لم يتصل إسناده، فيشمل ما سقط منه راوي سواء كان هذا الراوي الصحابي أو غيره، ويشمل أيضاً ما إذا سقط واحد أو أكثر من واحد.

وفي اصطلاح المحدثين المرسل: هو ما رفعه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

أقسام المراسيل

المراسيل يقسمها العلماء رحمهم الله إلى قسمين:

القسم الأول: مراسيل الصحابة، فهذه حجة؛ وذلك بأن يسقط الصحابي صحابياً آخر؛ يعني: يرويها الصحابي عن صحابي آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لا يذكر الواسطة، فهذا الصحابي لا يذكر الصحابي الآخر، فهو يرويه عن النبي عليه الصلاة والسلام مباشرةً، وهذا كثير جداً.

فـابن عباس رضي الله تعالى عنه من المكثرين برواية الحديث، ومع ذلك قيل: إنه لم يرو عن النبي عليه الصلاة والسلام مباشرة إلا خمس عشرة أو نحو ذلك وأحاديثه بالآلاف، كلها يأخذها من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

فمرسل الصحابي هذا حجة عند جمهور أهل العلم من الأصوليين والمحدثين؛ لأن جهالة الصحابي لا تضر؛ لأنهم وكلهم عدول بالاتفاق.

ومن أمثلته: حديث ابن عباس ، وفيه قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة )، فـابن عباس في الأصل أخذه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه. وأيضاً من أمثلته: حديث عائشة : ( أول ما بدئ الوحي بالرسول صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة )، فـعائشة رضي الله تعالى عنها لا شك أنها أخذته من الصحابة رضي الله تعالى عنها؛ لأنها في بدء الوحي كانت صغيرة.

فنقول: مرسل الصحابي: ما رواه الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لم يسمعه من النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يشاهده من النبي عليه الصلاة والسلام إما لصغر سنه، أو لتأخر إسلامه، أو غير ذلك من الأمور، وهذا المرسل حجة بالاتفاق. فهذا مرسل عند الجمهور من المحدثين والأصوليين، وعليه العمل، يعني: الخلاف في ذلك ضعيف جداً، وإلا لأدى ذلك إلى إبطال كثير من السنة، إلا أنه كما ذكرنا أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم عدول بتعديل الله عز وجل لهم.

القسم الثاني: مرسل التابعي: وهو ما رفعه التابعي إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فهذا اختلف فيه أهل العلم رحمهم الله هل هو حجة أو ليس بحجة؟ مثل: أن يقول سعيد بن المسيب : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الحسن البصري ، أو مكحول ، أو سعيد بن جبير أو غير ذلك من التابعين رحمهم الله، يقول: قال النبي عليه الصلاة والسلام أو أمر أو فعل، فيرفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام.

فالمؤلف ذكر أن المرسل ليس حجة إلا أنه استثنى مراسيل سعيد بن المسيب ، قال: لأنها فتشت فوجد أنه لا يرسل إلا عن ثقة.

حجية الحديث المرسل

المرسل هذا اختلف فيه العلماء رحمهم الله هل هو حجة أو ليس حجة؟ على آراء:

الرأي الأول: أنه ليس حجة، وهذا ما عليه الأئمة من المحدثين، وهذا اختيار البخاري رحمه الله، وكذلك أيضاً الإمام مسلم رحمه الله، ورجحه ابن عبد البر وابن الصلاح وابن حجر في شرح النخبة.

والعلة في ذلك أن التابعي يحتمل أنه أسقط الصحابي، ويحتمل أنه أسقط غير الصحابي، فهذا المسقط مجهول وهذا المسقط يحتمل أنه ثقة ويحتمل أنه ضعيف، وإذا قلنا: بأنه ثقة فيحتمل أن هذا الثقة قد رواه عن ضعيف، فهو محتمل بأن يكون صحابياً، ومحتمل أيضاً بأن يكون تابعياً، فإن كان تابعياً فهذا التابعي يحتمل أنه ضعيف، وإذا قلنا: بأنه ثقة فيحتمل أنه رواه عن ضعيف، فهذا الرأي الأول.

الرأي الثاني: أن المرسل حجة، وهذا منسوب للأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وهذا نسب إليهم، وبعض العلماء رحمه الله يقول: إن في نسبته لهم نظر، فهم يذكرون من أصول مذهب الإمام أحمد الاحتجاج بالحديث المرسل، ولكن بعض العلماء يقول: إن في نسبته لهم نظر، وإنما احتجوا ببعض المراسيل فقط.

ودليل من قال: بأن المرسل حجة استدلوا على ذلك قالوا: بأن التابعي الثقة يستحيل أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا سمعه من ثقة، لكن هذا فيه نظر؛ يعني: وجدت بعض المراسيل ضعيفة.

الرأي الثالث: أن المرسل يقبل بشروط:

الشرط الأول: أن يكون المرسل من كبار التابعين.

الشرط الثاني: أنه إذا سمى من أرسل عنه سمى ثقةً.

الشرط الثالث: أنه إذا شاركه حفاظ مأمونون فلا يخالفونه.

الشرط الرابع: أنه لا بد أن ينضم إلى خبره ما يلي:

أولاً: أن يوافق قول الصحابة.

ثانياً: أن يفتي بمقتضاه أكثر أهل العلم.

ثالثاً: أن يروى من وجه آخر مسنداً.

رابعاً: أن يروى من وجه آخر مرسلاً أرسله من أخذ العلم عن غير رجال المرسل الأول.

فإذا توفرت هذه الشروط فعلى الرأي الثالث يكون حجة، وتقدم لنا أن المرسل في اصطلاح الأصوليين: هو الذي لم يتصل إسناده وهذا يشمل المنقطع والمعضل وأيضاً المرسل كمرسل الصحابي ومرسل التابعي، ولكن قلنا: بأن مرسل الصحابي حجة، أما مرسل التابعي فهذا فيه خلاف للجهالة من جهة الساقط، لا ندري من هذا الساقط, فيحتمل أنه تابعي، وهذا التابعي إذا قلنا: بأنه ثقة يحتمل أنه أخذ عن ضعيف.

فعند أهل الحديث المرسل: ما رفعه التابعي إلى النبي عليه الصلاة والسلام.

أما المنقطع عند أهل الحديث: فهو ما سقط من وسط إسناده راو، أو سقط من إسناده راويان لا على سبيل التوالي.

والمعضل: ما سقط من وسط إسناده راويان على سبيل التوالي، فهذا بالنسبة عند أهل المصطلح.

أقسام الخبر المسند

بالنسبة لخبر الآحاد كما تقدم باعتبار اتصاله وانقطاعه ينقسم إلى مرسل ومسند، والمسند هذا يقسمه العلماء رحمهم الله إلى أقسام: وهذه الأقسام هي: أن يكون صحيحاً، أو أن يكون ضعيفاً، أو أن يكون حسناً.

أما الصحيح فهو عند أهل المصطلح: ما رواه عدل تام الضبط بسند متصل عن مثله وخلا من الشذوذ والعلة في القدح، فهذا صحيح.

والحسن: ما رواه عدل خفيف الضبط؛ يعني أن يخف ضبطه فهذا يسمونه حسناً.

والضعيف: ما اختل فيه شرط من شروط الصحة، ويقسمون الصحيح إلى صحيح لغيره، وصحيح لذاته, والحسن كذلك أيضاً يقسمونه إلى حسن لذاته, وحسن لغيره.

المسند في اللغة: اسم مفعول من الإسناد، وهو الضم، يعني: ضم جسم إلى آخر، ثم استعمل في المعاني، فيقال: أسند فلان الخبر إلى فلان.

وفي الاصطلاح يقول المؤلف رحمه الله: (ما اتصل إسناده)، لكن تعريف المؤلف رحمه الله بقوله: (ما اتصل إسناده) هذا يشمل كل الإسناد، فمثلاً: المسند للتابعي إذا اتصل إسناده بالتابعي فهذا يسمى مسنداً، والمسند للصحابي إذا اتصل إسناده بالصحابي فهذا يسمى مسنداً، والمسند للنبي عليه الصلاة والسلام إذا اتصل إسناده بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولكن المراد هنا بالمسند: هو ما اتصل إسناده إلى النبي عليه الصلاة والسلام.

المرسل في اللغة: مأخوذ من الإرسال وهو الإطلاق.

وأما في الاصطلاح فقال المؤلف رحمه الله في تعريفه: (ما لم يتصل إسناده)، وبهذا التعريف يشمل المرسل في اصطلاح المحدثين، ويشمل أيضاً المنقطع، ويشمل المعضل، ويشمل مرسل الصحابي وغير ذلك، فيقول المؤلف رحمه الله: (المرسل: ما لم يتصل إسناده)، وهذا عند أهل الأصول: أنه الذي لم يتصل إسناده، فيشمل ما سقط منه راوي سواء كان هذا الراوي الصحابي أو غيره، ويشمل أيضاً ما إذا سقط واحد أو أكثر من واحد.

وفي اصطلاح المحدثين المرسل: هو ما رفعه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح متن الورقات [3] 2754 استماع
شرح متن الورقات [11] 2359 استماع
شرح متن الورقات [23] 2272 استماع
شرح متن الورقات [15] 2233 استماع
شرح متن الورقات [7] 2069 استماع
شرح متن الورقات [2] 2041 استماع
شرح متن الورقات [18] 2025 استماع
شرح متن الورقات [17] 1970 استماع
شرح متن الورقات [20] 1940 استماع
شرح متن الورقات [25] 1924 استماع