شرح عمدة الفقه - كتاب البيع [9]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله: (وإن وجد أحدهما بما اشترى عيباً لم يكن علمه فله رده أو أخذ أرش العيب).

تقدم هذا، وهو القسم الثالث من أقسام الخيارات، وهو خيار العيب، وذكرنا أن العيب في اللغة: النقص، وأما في الاصطلاح: فهو ما ينقص قيمة المبيع في عرف التجار، وقال بعض العلماء في تعريفه: هو ما ينقص قيمة المبيع عند التجار أو يفوت غرضاً صحيحاً، وهذا تعريف الشافعية رحمهم الله.

وذكرنا أن من وجد عيباً في السلعة فهو بين أمرين: إما أن يفسخ ويرد السلعة ويأخذ ما دفعه، وإما أن يمسك ويأخذ الأرش، وتكلمنا عن تقدير الأرش فيما تقدم، وذكرنا أن بعض العلماء أيضاً قال: ليس لمن وجد عيباً أن يأخذ الأرش إلا برضا الآخر الذي سيدفع الأرش.

ملكية النماء في فترة خيار العيب

ثم قال المؤلف رحمه الله: [وما كسبه المبيع أو حدث فيه من نماء منفصل قبل علمه بالعيب فهو له].

ما حصل من نماء في العين المبيعة إذا تبين بها عيب، فإن كان ذلك قبل علمه بالعيب فالنماء لمالك العين، لمن اشتراها، يعني إذا وجد المشتري في السلعة عيباً، ولم يكن علمه قبل، وحصل كسب بهذه السلعة، مثلاً نفرض أن هذه السلعة سيارة، وعمل عليها المشتري واكتسب، فنقول: بأن الكسب هنا يكون للمشتري؛ لأنه كسب ملكه، فالسيارة ملك له.

وكذلك أيضاً: لو أن المبيع كان حيواناً ثم ولد هذا الحيوان، حمل وولد عند المشتري، ثم تبين أن فيه عيباً فنقول: بأن الولد يكون للمشتري؛ لأنه نماء ملكه؛ لأنه بالعقد ينتقل الملك للمشتري، ملك السلعة ينتقل للمشتري، وملك الثمن يكون للبائع، ويدل لهذا قول النبي عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع)، فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم أن مال هذا الرقيق يكون للبائع، دل ذلك على أن الرقيق أصبح الآن للمشتري، (من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع).

وإذا كانت السلعة المباعة انتقلت إلى ملك المشتري، فما حصل فيها من نماء فإنه يكون للمشتري، حتى ولو فسخ المشتري لوجود عيب نقول: النماء له لأن الملك ملكه، كما أنه لو حصل فيها نقص يكون الضمان على المشتري، الخراج بالضمان، والنفقة تكون على المشتري، الخراج بالضمان، الغنم بالغرم، وعلى هذا فقس.

وقول المؤلف رحمه الله: (أو حدث فيها من نماء منفصل قبل علمه بالعيب).

قوله: نماء منفصل يفهم من كلامه أنه إذا كان النماء متصلاً يكون للبائع، يكون للمالك الأول، والصحيح أنه لا فرق بين النماء المنفصل والنماء المتصل، وأن الجميع يكون لمن انتقلت إليه العين، فالسلعة انتقلت الآن للمشتري فنقول: إذا حصل فيها نماء هذا النماء سواء كان متصلاً أو كان منفصلاً فإنه يكون للمشتري، هذا الصواب، ولا فرق.

وقول المؤلف رحمه الله: (قبل علمه).

يفهم منه أنه إذا علم بالعيب وأراد أن يفسخ فإن النماء يكون للبائع.

قال: [فهو له لأن الخراج بالضمان].

هذا لفظ حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الخراج بالضمان)، ما معنى الخراج بالضمان؟

يعني أن من له خراج شيء فعليه ضمانه، ومن عليه ضمانه فله خراجه، الغنم بالغنم، والخراج هو ما يكون من العين، مثل الكسب، مثل الأجرة، مثل اللبن، مثل الصوف، مثل الشعر، مثل الولد... إلى آخره.

فخراج الشاة مثلا ما يحصل من الولد واللبن والصوف ونحو ذلك، وخراج السيارة ما يحصل من الانتفاع بها والكسب, وهكذا الخراج بالضمان، هذا الرجل الآن الذي اشترى هذه السلعة ثم تبين فيها عيب نقول: لك الخراج لأن عليك الضمان، فهذا الرجل مثلاً الذي اشترى هذه الشاة ثم بعد ذلك حلبها أو حملت وولدت عنده نقول: هذا الولد للمشتري، لك هذا الخراج لأن عليك الضمان، لو ماتت هذه الشاة وهي عنده الضمان يكون على المشتري, لو تعيبت عيباً آخر نقول: العيب هنا من ضمان المشتري، فكما أن عليك الضمان لك الخراج، وهذا هو مقتضى العدل، مقتضى العدل الخراج بالضمان، فمن له خراج شيء عليه ضمانه.

متى يتعين أرش العيب

قال: [وإن تلفت السلعة أو أعتق العبد أو تعذر رده فله أرش العيب].

ذكر المؤلف أن من وجد فيما انتقل إليه عيباً أنه مخير بين أمرين: إما أن يمسك ويأخذ الأرش، وإما أن يفسخ ويأخذ الثمن.

هنا ذكر مسائل يتعين فيها الأرش، ما فيه رد وأخذ الثمن، وإنما الرد هنا يتعذر ويتعين الأرش .

قال: (وإن تلفت السلعة)، تلفت السلعة سواء كان بإتلاف المشتري، أو بتلف من أجنبي، أو من قبل الله عز وجل, فنقول: هنا يتعين الأرش، مثال ذلك: رجل اشترى أرزاً، اشترى الأرز وأكله، لما أكل الأرز تبين أن فيه عيباً، هنا هل يتمكن من رد الرز أو ما يتمكن؟ ما يتمكن من رده؛ لأنه تلف الآن، ما نقول له؟ نقول: الآن لك الأرش، تعين لك الأرش.

اشترى سيارة ثم بعد ذلك احترقت السيارة، أو صار عليها حادث وتلفت ثم تبين أن فيها عيباً، نقول: للمشتري الأرش؛ لأنه يتعذر الآن أن ترد، فهذه المسألة الأولى إذا تلفت السلعة، سواء كان التلف من قبل آدمي، أو مما لا صنع للآدمي فيه.

قال: (أو أعتق العبد).

هذه المسألة الثانية، إذا انتقل الملك عن المشتري نقول الآن: ليس لك إلا الأرش، هذا رجل اشترى سيارة، فلما اشترى السيارة ذهب وباعها، أو ذهب وأوقفها، قال: هذه في سبيل الله لطلبة العلم أو لمن يحفظ القرآن ونحو ذلك، الآن انتقل الملك أو وهبها، ثم بعد ذلك تبين أن فيها عيباً، نقول هنا: له الأرش، ما يتمكن الآن من الفسخ.

ومثله أيضاً إذا كان عنده رقيق ثم أعتقه، اشترى من زيد رقيقاً، وهو لا يدري أن فيه عيباً، ثم بعد ذلك أعتق الرقيق، لما أعتق الرقيق تبين أن فيه العيب، نقول له: لك الأرش، المهم المسألة الثانية: إذا انتقل الملك عن المشتري فإنه يتعين له الأرش.

المسألة الثالثة قال: (أو تعذر رده).

هذه هي المسألة الثالثة التي يتعين فيها الأرش، إذا تعذر رده، كما لو لم يتمكن من الرد، مثلا اشترى سيارة، وهذه السيارة سُرقت، ثم تبين أن فيها عيباً، ما يتمكن الآن أنه يرد السيارة، أو مثلاً الحيوان هرب، وتبين أن فيه عيباً، ما يتمكن الآن من الرد، فنقول: لك الأرش.

ثم قال المؤلف رحمه الله: [وما كسبه المبيع أو حدث فيه من نماء منفصل قبل علمه بالعيب فهو له].

ما حصل من نماء في العين المبيعة إذا تبين بها عيب، فإن كان ذلك قبل علمه بالعيب فالنماء لمالك العين، لمن اشتراها، يعني إذا وجد المشتري في السلعة عيباً، ولم يكن علمه قبل، وحصل كسب بهذه السلعة، مثلاً نفرض أن هذه السلعة سيارة، وعمل عليها المشتري واكتسب، فنقول: بأن الكسب هنا يكون للمشتري؛ لأنه كسب ملكه، فالسيارة ملك له.

وكذلك أيضاً: لو أن المبيع كان حيواناً ثم ولد هذا الحيوان، حمل وولد عند المشتري، ثم تبين أن فيه عيباً فنقول: بأن الولد يكون للمشتري؛ لأنه نماء ملكه؛ لأنه بالعقد ينتقل الملك للمشتري، ملك السلعة ينتقل للمشتري، وملك الثمن يكون للبائع، ويدل لهذا قول النبي عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع)، فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم أن مال هذا الرقيق يكون للبائع، دل ذلك على أن الرقيق أصبح الآن للمشتري، (من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع).

وإذا كانت السلعة المباعة انتقلت إلى ملك المشتري، فما حصل فيها من نماء فإنه يكون للمشتري، حتى ولو فسخ المشتري لوجود عيب نقول: النماء له لأن الملك ملكه، كما أنه لو حصل فيها نقص يكون الضمان على المشتري، الخراج بالضمان، والنفقة تكون على المشتري، الخراج بالضمان، الغنم بالغرم، وعلى هذا فقس.

وقول المؤلف رحمه الله: (أو حدث فيها من نماء منفصل قبل علمه بالعيب).

قوله: نماء منفصل يفهم من كلامه أنه إذا كان النماء متصلاً يكون للبائع، يكون للمالك الأول، والصحيح أنه لا فرق بين النماء المنفصل والنماء المتصل، وأن الجميع يكون لمن انتقلت إليه العين، فالسلعة انتقلت الآن للمشتري فنقول: إذا حصل فيها نماء هذا النماء سواء كان متصلاً أو كان منفصلاً فإنه يكون للمشتري، هذا الصواب، ولا فرق.

وقول المؤلف رحمه الله: (قبل علمه).

يفهم منه أنه إذا علم بالعيب وأراد أن يفسخ فإن النماء يكون للبائع.

قال: [فهو له لأن الخراج بالضمان].

هذا لفظ حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الخراج بالضمان)، ما معنى الخراج بالضمان؟

يعني أن من له خراج شيء فعليه ضمانه، ومن عليه ضمانه فله خراجه، الغنم بالغنم، والخراج هو ما يكون من العين، مثل الكسب، مثل الأجرة، مثل اللبن، مثل الصوف، مثل الشعر، مثل الولد... إلى آخره.

فخراج الشاة مثلا ما يحصل من الولد واللبن والصوف ونحو ذلك، وخراج السيارة ما يحصل من الانتفاع بها والكسب, وهكذا الخراج بالضمان، هذا الرجل الآن الذي اشترى هذه السلعة ثم تبين فيها عيب نقول: لك الخراج لأن عليك الضمان، فهذا الرجل مثلاً الذي اشترى هذه الشاة ثم بعد ذلك حلبها أو حملت وولدت عنده نقول: هذا الولد للمشتري، لك هذا الخراج لأن عليك الضمان، لو ماتت هذه الشاة وهي عنده الضمان يكون على المشتري, لو تعيبت عيباً آخر نقول: العيب هنا من ضمان المشتري، فكما أن عليك الضمان لك الخراج، وهذا هو مقتضى العدل، مقتضى العدل الخراج بالضمان، فمن له خراج شيء عليه ضمانه.

قال: [وإن تلفت السلعة أو أعتق العبد أو تعذر رده فله أرش العيب].

ذكر المؤلف أن من وجد فيما انتقل إليه عيباً أنه مخير بين أمرين: إما أن يمسك ويأخذ الأرش، وإما أن يفسخ ويأخذ الثمن.

هنا ذكر مسائل يتعين فيها الأرش، ما فيه رد وأخذ الثمن، وإنما الرد هنا يتعذر ويتعين الأرش .

قال: (وإن تلفت السلعة)، تلفت السلعة سواء كان بإتلاف المشتري، أو بتلف من أجنبي، أو من قبل الله عز وجل, فنقول: هنا يتعين الأرش، مثال ذلك: رجل اشترى أرزاً، اشترى الأرز وأكله، لما أكل الأرز تبين أن فيه عيباً، هنا هل يتمكن من رد الرز أو ما يتمكن؟ ما يتمكن من رده؛ لأنه تلف الآن، ما نقول له؟ نقول: الآن لك الأرش، تعين لك الأرش.

اشترى سيارة ثم بعد ذلك احترقت السيارة، أو صار عليها حادث وتلفت ثم تبين أن فيها عيباً، نقول: للمشتري الأرش؛ لأنه يتعذر الآن أن ترد، فهذه المسألة الأولى إذا تلفت السلعة، سواء كان التلف من قبل آدمي، أو مما لا صنع للآدمي فيه.

قال: (أو أعتق العبد).

هذه المسألة الثانية، إذا انتقل الملك عن المشتري نقول الآن: ليس لك إلا الأرش، هذا رجل اشترى سيارة، فلما اشترى السيارة ذهب وباعها، أو ذهب وأوقفها، قال: هذه في سبيل الله لطلبة العلم أو لمن يحفظ القرآن ونحو ذلك، الآن انتقل الملك أو وهبها، ثم بعد ذلك تبين أن فيها عيباً، نقول هنا: له الأرش، ما يتمكن الآن من الفسخ.

ومثله أيضاً إذا كان عنده رقيق ثم أعتقه، اشترى من زيد رقيقاً، وهو لا يدري أن فيه عيباً، ثم بعد ذلك أعتق الرقيق، لما أعتق الرقيق تبين أن فيه العيب، نقول له: لك الأرش، المهم المسألة الثانية: إذا انتقل الملك عن المشتري فإنه يتعين له الأرش.

المسألة الثالثة قال: (أو تعذر رده).

هذه هي المسألة الثالثة التي يتعين فيها الأرش، إذا تعذر رده، كما لو لم يتمكن من الرد، مثلا اشترى سيارة، وهذه السيارة سُرقت، ثم تبين أن فيها عيباً، ما يتمكن الآن أنه يرد السيارة، أو مثلاً الحيوان هرب، وتبين أن فيه عيباً، ما يتمكن الآن من الرد، فنقول: لك الأرش.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [22] 2512 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الزكاة [1] 2460 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الطهارة [4] 2434 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [12] 2420 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [2] 2393 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [14] 2348 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الطهارة [2] 2347 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب النكاح [1] 2309 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [23] 2302 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الزكاة [6] 2297 استماع