خطب ومحاضرات
شرح زاد المستقنع - كتاب الصيام [3]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويجب تعيين النية من الليل لصوم كل يوم واجب، لا نية الفرضية، ويصح النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده، ولو نوى إن كان غداً من رمضان فهو فرضي لم يجزه، ومن نوى الإفطار أفطر.
باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة:
من أكل أو شرب أو استعط أو احتقن أو اكتحل بما يصل إلى حلقه، أو أدخل إلى جوفه شيئاً من أي موضع كان غير إحليله أو استقاء أو استمنى أو باشر فأمنى أو أمذى أو كرر النظر فأنزل، أو حجم أو احتجم وظهر دم عامداً ذاكراً لصومه فسد، لا ناسياً أو مكرهاً، أو طار إلى حلقه ذباب أو غبار أو فكر فأنزل، أو احتلم أو أصبح في فيه طعام فلفظه، أو اغتسل أو تمضمض أو استنثر أو زاد على الثلاث أو بالغ فدخل الماء حلقه لم يفسد].
تقدم لنا شروط من يجب عليه الصوم، وذكر المؤلف رحمه الله أن الصوم يجب على كل مسلمٍ مكلف قادر، وتكلمنا عن مسألة ما إذا وجد شرط الوجوب في أثناء الشهر أو في أثناء النهار، وكذلك أيضاً ما إذا انتفى المانع وما يترتب على ذلك، وكذلك أيضاً تكلم المؤلف رحمه الله عن المريض الذي لا يرجى برؤه، وتكلم أيضاً عن الكبير، وتكلم أيضاً عن حكم الحامل والمرضع إذا أفطرتا، وتحدث أيضاً عن المجنون إذا جن في أثناء النهار، أو جن جميع النهار، وكذلك تحدثنا أيضاً عن حكم المغمى عليه، وذكرنا أن المغمى عليه يجب عليه القضاء بالاتفاق.
حكم نية صيام رمضان
النية في الجملة شرط من شروط صحة الصوم؛ لأن الإنسان عندما يمسك عن المفطرات، قد يقصد بذلك الصيام الذي هو عبادة لله عز وجل، وقد يقصد مجرد الحمية، فلا بد من النية التي تميز بين العبادة والعادة، ودليل ذلك حديث عمر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
لكن ما هو وقت النية؟
وقت نية صيام رمضان
الصيام بالنسبة للنية لا يخلو من أمرين: الأمر الأول: أن يكون واجباً، والأمر الثاني: أن يكون مستحباً.
فإذا كان واجباً فإن المؤلف رحمه الله تعالى يقول: النية تكون من الليل، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، ومذهب الشافعية أنه يجب أن ينوي من الليل، من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا كله وقت للنية، وأيضاً يجب عليه أن ينوي كل ليلة، سواء نوى في أول الليل من غروب الشمس أو نوى في آخر الليل عند طلوع الفجر، هذا كله مجزئ.
ودليلهم على ذلك حديث حفصة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له)، وهذا الحديث رواه أبو داود والترمذي والدارمي والإمام أحمد والطحاوي والطبراني وغيرهم.
وأيضاً حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له)، رواه الدارقطني ، وهذا الحديث ضعيف، وحديث حفصة يصح موقوفاً، أما كونه مرفوعاً فإنه لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يثبت موقوفاً على الصحابة.
الرأي الثاني في المسألة وهو رأي الإمام مالك رحمه الله تعالى؛ بأن النية تكون في جميع الليل، إلا أنه عند المالكية لا يشترط أن ينوي كل ليلة، وإنما يكتفى بنية واحدة في أول الشهر، لكن إذا قطع الصيام بسفر أو مرض فإنه يجب عليه أن يجدد النية.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأن النية تكون في الليل، لكن إذا لم يعلم بالوجوب، أو لم يتحقق شرط الوجوب إلا في أثناء النهار فإنه ينوي كما تقدم، كحصول البلوغ، أو حصول الإسلام أو حصول العقل في أثناء النهار، فإنه يصح أن ينوي من النهار، كما تقدم في حديث سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه.
أما الحنفية رحمهم الله تعالى فيقولون: إن النية في رمضان تمتد إلى الضحوة الكبرى.
والخلاصة في هذه المسألة أن نقول: عندنا مسألتان:
المسألة الأولى: هل يجب عليه أن ينوي كل ليلة أو نكتفي بنية واحدة في أول الشهر؟
هذا موضع خلاف، وكما تقدم أن مذهب الشافعية والحنابلة أنه يجب أن ينوي كل ليلة، وعند المالكية أنه يكتفى بنية واحدة في أول الشهر، وهذا هو الصواب، أننا نكتفي بنية واحدة في أول الشهر؛ لأن الشهر عبادة واحدة فيكتفى بنية واحدة، مالم يقطع الصيام بمرض أو سفر، فإن قطع الصيام بمرضٍ أو سفر فإنه يجب عليه أن يجدد النية، أو المرأة قطعته لحيض ونحو ذلك، فإنه يجب تجديد النية.
المسألة الثانية: النية، هل تجب من الليل أو يصح أن تكون في النهار؟
نقول: النية لابد كونها من الليل؛ لأن الصيام يبدأ من طلوع الفجر، فلابد أن تكون النية موجودة قبل طلوع الفجر، وأيضاً كما تقدم في حديث عائشة : (من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له)، لكن نستثني من ذلك ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما إذا وجد شرط الوجوب في أثناء النهار فإن النية تصح من النهار، كما إذا أسلم الكافر في أثناء النهار نقول: ينوي الآن، لكن على المذهب ومذهب الشافعية ما يصح الصيام، بل يجب عليه أن يقضي ذلك اليوم؛ لأنه لم ينو من الليل، وكذلك لو عقل المجنون أو بلغ الصبي أو قامت البينة في أثناء النهار، يعني إذا وجد شرط الوجوب في أثناء النهار فالصحيح أنه يكتفى بالنية عند العلم بالوجوب، كما تقدم أن النية تتبع العلم، وأن الوجوب يتبع العلم بالوجود.
ودليل ذلك ما سلف لنا من حديث سلمة بن الأكوع ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإمساك في أثناء النهار، ولم يوجب النبي صلى الله عليه وسلم القضاء، مع أن صيام يوم عاشوراء في أول الإسلام كان واجباً.
حكم تبييت النية في صيام النفل
هذا القسم الثاني: أن يكون الصيام صيام نفل، ويقول رحمه الله: (ويصح النفل بنية من النهار) يعني: إذا نوى بالنهار صح ذلك بشرط ألا يكون تناول مفطراً، فإذا أصبح ممسكاً ولم ينو الصيام في الليل فله أن ينويه في النهار، ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وقال: (هل عندكم شيء؟ قالت: لا، قال: إذاً أصوم)، فقوله: (إذاً أصوم) يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم قبل ذلك.
والرأي الثاني رأي المالكية، يقولون: النية لابد أن تكون من الليل؛ لما تقدم من حديث حفصة رضي الله تعالى عنها.
وفصّل بعض العلماء فقال: إن كان النفل مطلقاً فيصح من النهار، وإن كان النفل معيناً كصيام يوم عاشوراء، أو صيام يوم عرفة أو صيام يوم الإثنين كما سيأتينا إن شاء الله؛ فهذا لابد أن تكون النية من الليل، لماذا؟ لأن هذا الصوم المعين رُتب عليه أجر خاص، فلكي تنال هذا الأجر الخاص لابد أن يكون ذلك من أول اليوم؛ لأن الشارع رتب هذا الأجر الخاص على صيام جميع اليوم، وأنت لم تنو إلا في أثناء النهار، لكن إذا قلنا بالنسبة للصيام المعين: لابد أن ينويه من الليل، ليس معنى هذا أنك إذا نويت من النهار أن الصيام لا يصح، لا، نقول: لو نويت صيام يوم عرفة من النهار صح صيامك، لكنه يكون ناقص الأجر. ويسمى نفلاً مطلقاً، نقول: إن نويته في الليل حزت الأجر المرتب على ذلك، وكان صوماً معيناً، وإن نويته من النهار -هذا الصيام المعين- كان نفلاً مطلقاً، وهذا التفصيل يبين التفريق بين النفل المطلق والنفل المقيد، وهذا من اختيارات الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
ويصح في النفل المطلق، وحتى في المعين، لكن إذا نويت المعين من النهار فإنه يكون نفلاً مطلقاً، يصح أن تنوي قبل الزوال وبعد الزوال، حتى لو بقي على الغروب لحظة واحدة يصح أن تنوي الصيام وأن تصوم، فلو فُرض أن شخصاً كان نائماً ولم يستيقظ إلا بعد العصر، قبل الغروب بلحظات، فنوى الصيام نقول: يصح ذلك، لكن بشرط ألا يكون قد تناول مفطراً، فإن تناول مفطراً فإنه لا يصح.
وسبق أيضاً أن تكلمنا عن مسألة وهي ما ذهب إليه المالكية رحمهم الله؛ أنه يكتفى بنية واحدة في أول الشهر خلافاً للشافعية والحنابلة الذين قالوا: لابد من نية لكل يوم، يعني كل ليلة لابد أن تنوي، ماذا يترتب على ذلك؟
يترتب على ذلك ما لو نام الإنسان، ولنفرض أنه نام من العصر إلى أن طلع عليه الفجر، فعلى رأي المالكية يكون حكم صيامه صحيحاً؛ لأنهم يرون أنه يكتفى بنية واحدة في أول الشهر، وعلى رأي الشافعية والحنابلة أنه لا يصح؛ لأنه لابد أن ينوي من الليل ولكل ليلة.
التردد في صيام الغد إذا كان من رمضان
لو أنه لم يعلم برمضان في ليلة الثلاثين من شعبان، وقال: إن كان غداً من رمضان فأنا صائم فرضاً، وإن لم يكن غداً فأنا مفطر، يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (لم يجزه) لأنه لم يجزم بالنية، وهذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله.
والرأي الثاني: أن صيامه صحيح؛ لأن التردد هنا ليس تردداً في النية، وإنما هو تردد بناء على الواقع، إذا كان رمضان فهو ناوٍ صيامه، لكن التردد هذا بناء على الواقع، لا يدري هل هو رمضان أو ليس برمضان؟ وهذا التردد صحيح، فالصواب في ذلك أنه يجزئه، وهذا يحصل، فإن كثيراً من الناس لا يدري! ربما أنه يبادر بالنوم، ويقول: إن كان غداً رمضان فأنا صائم مع الناس، وإن كان ليس من رمضان فأنا لست صائماً، نقول: التردد هنا بناء على التردد في الواقع، وليس لعدم جزمه بالنية كما قال المؤلف أو كما يقول الحنابلة رحمهم الله.
حكم من نوى الإفطار
لأنه قطع نية الصوم، والنية شرط من شروط صحة الصوم؛ لما تقدم من حديث عمر : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لك امرئ ما نوى)، فإذا نوى الإفطار نقول: إنه أفطر.
قال رحمه الله: (ويجب تعيين النية).
النية في الجملة شرط من شروط صحة الصوم؛ لأن الإنسان عندما يمسك عن المفطرات، قد يقصد بذلك الصيام الذي هو عبادة لله عز وجل، وقد يقصد مجرد الحمية، فلا بد من النية التي تميز بين العبادة والعادة، ودليل ذلك حديث عمر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
لكن ما هو وقت النية؟
قال رحمه الله: (يجب تعيين النية من الليل لصوم كل يوم واجب لا نية الفرضية).
الصيام بالنسبة للنية لا يخلو من أمرين: الأمر الأول: أن يكون واجباً، والأمر الثاني: أن يكون مستحباً.
فإذا كان واجباً فإن المؤلف رحمه الله تعالى يقول: النية تكون من الليل، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، ومذهب الشافعية أنه يجب أن ينوي من الليل، من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا كله وقت للنية، وأيضاً يجب عليه أن ينوي كل ليلة، سواء نوى في أول الليل من غروب الشمس أو نوى في آخر الليل عند طلوع الفجر، هذا كله مجزئ.
ودليلهم على ذلك حديث حفصة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له)، وهذا الحديث رواه أبو داود والترمذي والدارمي والإمام أحمد والطحاوي والطبراني وغيرهم.
وأيضاً حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له)، رواه الدارقطني ، وهذا الحديث ضعيف، وحديث حفصة يصح موقوفاً، أما كونه مرفوعاً فإنه لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يثبت موقوفاً على الصحابة.
الرأي الثاني في المسألة وهو رأي الإمام مالك رحمه الله تعالى؛ بأن النية تكون في جميع الليل، إلا أنه عند المالكية لا يشترط أن ينوي كل ليلة، وإنما يكتفى بنية واحدة في أول الشهر، لكن إذا قطع الصيام بسفر أو مرض فإنه يجب عليه أن يجدد النية.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأن النية تكون في الليل، لكن إذا لم يعلم بالوجوب، أو لم يتحقق شرط الوجوب إلا في أثناء النهار فإنه ينوي كما تقدم، كحصول البلوغ، أو حصول الإسلام أو حصول العقل في أثناء النهار، فإنه يصح أن ينوي من النهار، كما تقدم في حديث سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه.
أما الحنفية رحمهم الله تعالى فيقولون: إن النية في رمضان تمتد إلى الضحوة الكبرى.
والخلاصة في هذه المسألة أن نقول: عندنا مسألتان:
المسألة الأولى: هل يجب عليه أن ينوي كل ليلة أو نكتفي بنية واحدة في أول الشهر؟
هذا موضع خلاف، وكما تقدم أن مذهب الشافعية والحنابلة أنه يجب أن ينوي كل ليلة، وعند المالكية أنه يكتفى بنية واحدة في أول الشهر، وهذا هو الصواب، أننا نكتفي بنية واحدة في أول الشهر؛ لأن الشهر عبادة واحدة فيكتفى بنية واحدة، مالم يقطع الصيام بمرض أو سفر، فإن قطع الصيام بمرضٍ أو سفر فإنه يجب عليه أن يجدد النية، أو المرأة قطعته لحيض ونحو ذلك، فإنه يجب تجديد النية.
المسألة الثانية: النية، هل تجب من الليل أو يصح أن تكون في النهار؟
نقول: النية لابد كونها من الليل؛ لأن الصيام يبدأ من طلوع الفجر، فلابد أن تكون النية موجودة قبل طلوع الفجر، وأيضاً كما تقدم في حديث عائشة : (من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له)، لكن نستثني من ذلك ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما إذا وجد شرط الوجوب في أثناء النهار فإن النية تصح من النهار، كما إذا أسلم الكافر في أثناء النهار نقول: ينوي الآن، لكن على المذهب ومذهب الشافعية ما يصح الصيام، بل يجب عليه أن يقضي ذلك اليوم؛ لأنه لم ينو من الليل، وكذلك لو عقل المجنون أو بلغ الصبي أو قامت البينة في أثناء النهار، يعني إذا وجد شرط الوجوب في أثناء النهار فالصحيح أنه يكتفى بالنية عند العلم بالوجوب، كما تقدم أن النية تتبع العلم، وأن الوجوب يتبع العلم بالوجود.
ودليل ذلك ما سلف لنا من حديث سلمة بن الأكوع ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإمساك في أثناء النهار، ولم يوجب النبي صلى الله عليه وسلم القضاء، مع أن صيام يوم عاشوراء في أول الإسلام كان واجباً.
قال رحمه الله: (ويصح النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده).
هذا القسم الثاني: أن يكون الصيام صيام نفل، ويقول رحمه الله: (ويصح النفل بنية من النهار) يعني: إذا نوى بالنهار صح ذلك بشرط ألا يكون تناول مفطراً، فإذا أصبح ممسكاً ولم ينو الصيام في الليل فله أن ينويه في النهار، ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وقال: (هل عندكم شيء؟ قالت: لا، قال: إذاً أصوم)، فقوله: (إذاً أصوم) يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم قبل ذلك.
والرأي الثاني رأي المالكية، يقولون: النية لابد أن تكون من الليل؛ لما تقدم من حديث حفصة رضي الله تعالى عنها.
وفصّل بعض العلماء فقال: إن كان النفل مطلقاً فيصح من النهار، وإن كان النفل معيناً كصيام يوم عاشوراء، أو صيام يوم عرفة أو صيام يوم الإثنين كما سيأتينا إن شاء الله؛ فهذا لابد أن تكون النية من الليل، لماذا؟ لأن هذا الصوم المعين رُتب عليه أجر خاص، فلكي تنال هذا الأجر الخاص لابد أن يكون ذلك من أول اليوم؛ لأن الشارع رتب هذا الأجر الخاص على صيام جميع اليوم، وأنت لم تنو إلا في أثناء النهار، لكن إذا قلنا بالنسبة للصيام المعين: لابد أن ينويه من الليل، ليس معنى هذا أنك إذا نويت من النهار أن الصيام لا يصح، لا، نقول: لو نويت صيام يوم عرفة من النهار صح صيامك، لكنه يكون ناقص الأجر. ويسمى نفلاً مطلقاً، نقول: إن نويته في الليل حزت الأجر المرتب على ذلك، وكان صوماً معيناً، وإن نويته من النهار -هذا الصيام المعين- كان نفلاً مطلقاً، وهذا التفصيل يبين التفريق بين النفل المطلق والنفل المقيد، وهذا من اختيارات الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
ويصح في النفل المطلق، وحتى في المعين، لكن إذا نويت المعين من النهار فإنه يكون نفلاً مطلقاً، يصح أن تنوي قبل الزوال وبعد الزوال، حتى لو بقي على الغروب لحظة واحدة يصح أن تنوي الصيام وأن تصوم، فلو فُرض أن شخصاً كان نائماً ولم يستيقظ إلا بعد العصر، قبل الغروب بلحظات، فنوى الصيام نقول: يصح ذلك، لكن بشرط ألا يكون قد تناول مفطراً، فإن تناول مفطراً فإنه لا يصح.
وسبق أيضاً أن تكلمنا عن مسألة وهي ما ذهب إليه المالكية رحمهم الله؛ أنه يكتفى بنية واحدة في أول الشهر خلافاً للشافعية والحنابلة الذين قالوا: لابد من نية لكل يوم، يعني كل ليلة لابد أن تنوي، ماذا يترتب على ذلك؟
يترتب على ذلك ما لو نام الإنسان، ولنفرض أنه نام من العصر إلى أن طلع عليه الفجر، فعلى رأي المالكية يكون حكم صيامه صحيحاً؛ لأنهم يرون أنه يكتفى بنية واحدة في أول الشهر، وعلى رأي الشافعية والحنابلة أنه لا يصح؛ لأنه لابد أن ينوي من الليل ولكل ليلة.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] | 2816 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] | 2730 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] | 2676 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] | 2643 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] | 2638 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] | 2556 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] | 2553 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] | 2526 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] | 2520 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] | 2497 استماع |