شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [12]


الحلقة مفرغة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ فإن أسبغ بأقل أو نوى بغسله الحدثين أجزأه، ويسن لجنب غسل فرجه والوضوء لأكل ونوم ومعاودة وطء.

باب التيمم:

وهو بدل طهارة الماء، إذا دخل وقت فريضة أو أبيحت نافلة وعدم الماء، أو زاد على ثمنه كثيراً أو ثمن يعجزه، أو خاف باستعماله، أو طلبه ضرر بدنه، أو رفيقه، أو حرمته، أو ماله بعطش أو مرض أو هلاك ونحوه شرع التيمم، ومن وجد ماء يكفي بعض طهره تيمم بعد استعماله، ومن جرح تيمم له وغسل الباقي، وبجب طلب الماء في رحله وقربه وبدلاله، فإن نسي قدرته عليه وتيمم أعاد، وإن نوى بتيممه أحداثاً أو نجاسةً على بدنه تضره إزالتها، أو عدم ما يزيلها، أو خاف برداً، أو حبس في مصر فتيمم، أو عدم الماء والتراب صلى ولم يعد].

تقدم ما يتعلق بموجبات الغسل، وذكرنا أن من هذه الموجبات: خروج المني، وذكرنا أن خروج المني ينقسم إلى قسمين: إما أن يكون في حال اليقظة، وإما أن يكون في حال النوم، وذكرنا تفصيل كل حالة من هذه الحالات، وكذلك من موجباته: الجماع، وخروج دم الحيض، وخروج دم النفاس، وكذلك الموت، وهل من موجباته انتقال الماء أو ليس من موجباته؟ تقدم الكلام على ذلك.

ثم بعد ذلك تكلم المؤلف رحمه الله تعالى عن صفة الغسل وكيفيته، وأن الغسل له صفتان:

الصفة الأولى: صفة كاملة.

والصفة الثانية: صفة مجزئة.

وتكلمنا عن كل من الصفتين.

قال رحمه الله: (أو نوى بغسله الحدثين أجزأه).

من صور النية في الغسل هذه الصورة التي ذكرها المؤلف رحمه الله وهي الصورة الأولى: أن ينوي بغسله الحدثين، يعني: اغتسل وهو ينوي رفع الحدث الأكبر والحدث الأصغر، فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: يجزئه؛ لحديث عمر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ).

الصورة الثانية: أن ينوي رفع الحدث ويطلق، يعني: لا يقيده بالحدث الأكبر، ولا يقيده بالحدث الأصغر، وإنما نوى رفع الحدث، فنقول: إذا نوى رفع الحدث وأطلق فإنه يرتفع حدثاه، يعني: نوى رفع الحدث الذي عليه وأطلق ثم بعد ذلك اغتسل فنقول: يرتفع الحدث الأصغر ويرتفع الحدث الأكبر.

الصورة الثالثة: أن ينوي بغسله استباحة شيء لا يباح إلا بالغسل، أو لا يباح إلا بالوضوء والغسل، وهذا مثل: الصلاة، ومثل: مس المصحف، فإذا نوى أمراً تشترط له الطهارة فنقول: يرتفع حدثاه.

الصورة الرابعة: أن ينوي رفع الحدث الأكبر، فظاهر كلام المؤلف رحمه الله تعالى أنه إذا نوى رفع الحدث الأكبر فإنه لا يرتفع الحدث الأصغر، يعني: يبقى عليه الوضوء.

والصواب في هذه المسألة: أنه إذا نوى رفع الحدث الأكبر فإنه يرتفع الحدث الأصغر، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وابن القيم ، والشيخ السعدي ، ويدل لذلك قول الله عز وجل: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6]، وحديث عمران الثابت في الصحيح في قصة الرجل الذي أصابته جنابة واعتزل الصلاة، فلما حضر الماء قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( خذ هذا فأفرغه عليك ).

وتقدم لنا أيضاً من صور النية أنه إذا نوى غسلاً واجباً فإنه يجزئ عن مسنون، وإذا نوى غسلاً مسنوناً فإنه يجزئ عن واجب، فتكون الصور خمس صور.

عند الأكل

قال رحمه الله تعالى: (ويسن لجنب غسل فرجه والوضوء لأكل).

يستحب للجنب وكذلك للمرأة إذا انقطع عنها دم الحيض أو دم النفاس، قبل أن يغتسل، إذا أراد أن يأكل أو يشرب أن يغسل فرجه، وأن يتوضأ وضوءه للصلاة، ويدل لذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ( رخص النبي صلى الله عليه وسلم للجنب إذا أراد أن يأكل أو أن يشرب أن يتوضأ وضوءه للصلاة )، رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وإسناده صحيح، ولو فعل ذلك فلا يقال بالكراهة لكنه ترك الاستحباب، يعني: لو أكل أو شرب وهو جنب ولم يتوضأ فنقول: فعله هذا لا كراهة فيه.

عند النوم

قال رحمه الله: (ونوم).

أي: يستحب إذا أراد أن ينام أن يغسل فرجه، ويتوضأ وضوءه للصلاة، ويدل لذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وغسل فرجه أو غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة ) خرجاه في الصحيحين.

وقد ذكر العلماء رحمهم الله تعالى أنه يكره أن ينام على جنابة ولم يتوضأ، وإذا اغتسل فهو أفضل، ويدل لذلك حديث عمر رضي الله تعالى عنه ( أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ )، وهذا اختيار شيخ الإسلام، يعني: الجنب يكره له أن يترك الوضوء للنوم، أما إن أراد أن يأكل أو يشرب فهذا لا كراهة، وإنما ترك الأفضلية.

عند معاودة الوطء

قال رحمه الله: (ومعاودة وطء).

يعني: إذا أراد أن يجامع مرةً أخرى فإنه يستحب له أن يغسل فرجه، وأن يتوضأ وضوءه للصلاة، ويدل لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءاً ). رواه مسلم ، ولو أنه ترك ذلك فإنه لا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل ذلك فقال: ( فإنه أنشط للعود )، يعني: هذا يدل على الاستحباب، فكونه يتوضأ بينهما وضوءاً هذا أنشط للجماع مرةً أخرى، وأيضاً النبي صلى الله عليه وسلم جامع نساءه بغسل واحد، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بين كل جماعين، فهذا مستحب ولو تركه لم يقع في الكراهة، لكن يقع في الكراهة فيما يتعلق بالنوم؛ ولأن النائم يستحب له أن ينام على طهارة، وأن يقرأ بعض الآيات التي تشرع عند النوم.

قال رحمه الله تعالى: (ويسن لجنب غسل فرجه والوضوء لأكل).

يستحب للجنب وكذلك للمرأة إذا انقطع عنها دم الحيض أو دم النفاس، قبل أن يغتسل، إذا أراد أن يأكل أو يشرب أن يغسل فرجه، وأن يتوضأ وضوءه للصلاة، ويدل لذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ( رخص النبي صلى الله عليه وسلم للجنب إذا أراد أن يأكل أو أن يشرب أن يتوضأ وضوءه للصلاة )، رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وإسناده صحيح، ولو فعل ذلك فلا يقال بالكراهة لكنه ترك الاستحباب، يعني: لو أكل أو شرب وهو جنب ولم يتوضأ فنقول: فعله هذا لا كراهة فيه.

قال رحمه الله: (ونوم).

أي: يستحب إذا أراد أن ينام أن يغسل فرجه، ويتوضأ وضوءه للصلاة، ويدل لذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وغسل فرجه أو غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة ) خرجاه في الصحيحين.

وقد ذكر العلماء رحمهم الله تعالى أنه يكره أن ينام على جنابة ولم يتوضأ، وإذا اغتسل فهو أفضل، ويدل لذلك حديث عمر رضي الله تعالى عنه ( أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ )، وهذا اختيار شيخ الإسلام، يعني: الجنب يكره له أن يترك الوضوء للنوم، أما إن أراد أن يأكل أو يشرب فهذا لا كراهة، وإنما ترك الأفضلية.

قال رحمه الله: (ومعاودة وطء).

يعني: إذا أراد أن يجامع مرةً أخرى فإنه يستحب له أن يغسل فرجه، وأن يتوضأ وضوءه للصلاة، ويدل لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءاً ). رواه مسلم ، ولو أنه ترك ذلك فإنه لا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل ذلك فقال: ( فإنه أنشط للعود )، يعني: هذا يدل على الاستحباب، فكونه يتوضأ بينهما وضوءاً هذا أنشط للجماع مرةً أخرى، وأيضاً النبي صلى الله عليه وسلم جامع نساءه بغسل واحد، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بين كل جماعين، فهذا مستحب ولو تركه لم يقع في الكراهة، لكن يقع في الكراهة فيما يتعلق بالنوم؛ ولأن النائم يستحب له أن ينام على طهارة، وأن يقرأ بعض الآيات التي تشرع عند النوم.

تعريف التيمم ومشروعيته

قال رحمه الله تعالى: (باب التيمم).

مناسبة هذا الباب لما قبله أن المؤلف رحمه الله تعالى لما ذكر الطهارة الأصلية وهي رفع الحدث الأصغر أو الأكبر بالماء ذكر الطهارة البدنية، وهي رفع الحدث الأصغر أو الأكبر بالتراب أو نقول: بالصعيد الطيب.

والتيمم في اللغة: القصد، وأما في الاصطلاح: فهو التعبد لله سبحانه وتعالى بمسح الوجه والكفين بالصعيد على وجه مخصوص.

والتيمم دل له القرآن والسنة وإجماع المسلمين؛ لقول الله عز وجل: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43].

وأما السنة فكما في حديث جابر وحديث عمار والأحاديث في ذلك كثيرة، والإجماع منعقد على ذلك.

التيمم من خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم

والتيمم من خصائص هذه الأمة، يعني ما يتعلق بالطهارة الأصلية، الطهارة بالماء: الوضوء والغسل هذا ليس من خصائص هذه الأمة، لكن الذي هو من خصائص هذه الأمة هو التيمم، وكذلك أيضاً التحجيل من خصائص هذه الأمة كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء )، والغرة: هي البياض الذي يكون في وجه الفرس، والتحجيل: هو البياض الذي يكون في يديه ورجليه، فشبه النبي صلى الله عليه وسلم النور الذي يكون للمتوضئ يوم القيامة؛ يكون في وجهه ويكون في يديه وفي رجليه، بالبياض الذي يكون في وجه الفرس وفي رجليه وفي يديه.

والخلاصة: أن من خصائص هذه الأمة التيمم لحديث جابر في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، وذكر منها: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ).

وكذلك التحجيل كما في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه في صحيح مسلم : ( ليست لأحد غيركم ) يعني: الغرة والتحجيل، فهذا الذي من خصائص هذه الأمة، أما ما عدا ذلك من الوضوء والغسل فليس من خصائص هذه الأمة.

قيام التيمم مقام الماء

قال رحمه الله تعالى: (وهو بدل طهارة الماء إذا دخل وقت الفريضة).

يقول لك المؤلف رحمه الله: التيمم بدل عن طهارة الماء، لكن هذا البدل هل له حكم المبدل في كل شيء أو نقول: بأن هذا البدل ليس له حكم المبدل في كل شيء؟ هذا موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله، فالمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله وقول مالك والشافعي: أن التيمم لا يأخذ حكم الماء في كل شيء؛ لأنهم يرونه طهارة ضرورة، فهم يقولون: التيمم مبيح وليس رافعاً.

والرأي الثاني: رأي أبي حنيفة رحمه الله: أن التيمم رافع للحدث كالماء.

ولكل منهم دليل؛ فمن أدلة الجمهور الذين قالوا: التيمم مبيح وليس رافعاً حديث أبي ذر وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجده فليتق الله وليمسه بشرته )، قالوا: هذا دليل على أنه مبيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فليتق الله وليمسه بشرته )، ولو كان رافعاً كالماء تماماً ما احتيج إلى أن يتوضأ إذا وجد الماء.

وكذلك استدلوا بحديث عمرو بن العاص وفيه: أنه تيمم وقد أصابته جنابة في شدة برد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( صليت بأصحابك وأنت جنب )، فسماه جنباً، فهذا يدل على أن التيمم مبيح.

والذين قالوا: بأنه رافع كالماء تماماً استدلوا بأن الله سبحانه وتعالى سماه مطهراً فقال: وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ [المائدة:6]، وقال صلى الله عليه وسلم: ( الصعيد الطيب وضوء المسلم) -وفي رواية-: (طهور المسلم).

وأما حديث أبي ذر : ( فليتق الله وليمسه بشرته ) فنقول: هو رافع لكن رفعه رفع مؤقت، يعني: هو يرفع الحدث إلى أن يوجد الماء، فهو يرفع لكن هذا الرفع رفع مؤقت، فإذا وجد الماء بطل، وهذا هو الفرق بين التيمم وبين الماء، فالماء يرفع الحدث رفعاً مطلقاً إلى أن يوجد ناقض من نواقض الوضوء أو موجب من موجبات الغسل، أما بالنسبة للتيمم أو طهارة التراب فإنها ترفع الحدث رفعاً مؤقتاً إلى أن يوجد الماء أو أن يقدر على استعماله، أو أن يوجد ناقض من نواقض الطهارة، أو موجب من موجبات الغسل.

الأوقات التي يشرع فيها التيمم

قال رحمه الله: (إذا دخل وقت فريضة).

هذه من المسائل التي تترتب على الخلاف بين الحنفية والجمهور فإذا قلنا بأنه مبيح فإنه ليس له أن يتيمم حتى يدخل وقت الفريضة، وعلى هذا؛ لو أنه لم يجد الماء بعد المغرب فلا يتيمم لصلاة العشاء حتى يدخل وقت صلاة العشاء، فيغيب الشفق الأحمر، ولو تيمم قبل دخول وقت صلاة العشاء فإن تيممه غير صحيح.

قال رحمه الله: (أو أبيحت نافلة).

يعني: لو أراد أن يصلي ركعتين تطوعاً لله عز وجل، وتيمم بعد العصر وقال: أنا أتيمم بعد العصر فإذا خرج وقت النهي وغربت الشمس صليت لله عز وجل تطوعاً ركعتين، فنقول: هذا التيمم غير صحيح؛ لأنه ما دخل وقت هذه النافلة حتى الآن، ولا يدخل وقت هذه النافلة حتى يخرج وقت النهي، فيقول لك المؤلف رحمه الله: لا بد من دخول وقت الفريضة أو أن تباح النافلة، يعني: إذا تيممت في وقت ينهى فيه عن هذه النافلة فإن هذا التيمم غير صحيح، وهذا مبني على أن التيمم مبيح وليس رافعاً، لكن إذا قلنا: هو رافع فلا حاجة إلى هذا الكلام.

وكذلك أيضاً من المسائل المترتبة على هذا: إذا خرج الوقت هل يبطل التيمم أو لا يبطل؟ فإذا قلنا بأنه مبيح وخرج وقت المغرب بطل التيمم، يعني: إذا تيممنا لصلاة المغرب وبعد غروب الشمس غاب الشفق الأحمر وخرج وقت صلاة المغرب، ونريد أن نصلي العشاء فلا بد أن نعيد التيمم مرةً أخرى، لكن إذا قلنا بأنه رافع فلا حاجة إلى إعادة التيمم مرةً أخرى.

وكذلك أيضاً من المسائل إذا قلنا بأنه مبيح فلا بد أن نعين ما يتيمم له من العبادات، هل يتيمم لفرض أم يتيمم لنافلة؟ وهذا سيأتينا إن شاء الله، فإذا تيممت لفريضة فيجوز أن تستبيح به هذه الفريضة، ومثلها ودونها، وإذا تيممت لعبادة أقل من الفريضة فإنك لا تستبيح به ما كان أعلى من هذه العبادة، فإذا تيممت لنافلة فلا تستبح بهذا التيمم فريضة؛ ولهذا يرتبون العبادات فيجعلون فرض العين ثم بعده فرض الكفاية.

قال رحمه الله تعالى: (باب التيمم).

مناسبة هذا الباب لما قبله أن المؤلف رحمه الله تعالى لما ذكر الطهارة الأصلية وهي رفع الحدث الأصغر أو الأكبر بالماء ذكر الطهارة البدنية، وهي رفع الحدث الأصغر أو الأكبر بالتراب أو نقول: بالصعيد الطيب.

والتيمم في اللغة: القصد، وأما في الاصطلاح: فهو التعبد لله سبحانه وتعالى بمسح الوجه والكفين بالصعيد على وجه مخصوص.

والتيمم دل له القرآن والسنة وإجماع المسلمين؛ لقول الله عز وجل: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43].

وأما السنة فكما في حديث جابر وحديث عمار والأحاديث في ذلك كثيرة، والإجماع منعقد على ذلك.

والتيمم من خصائص هذه الأمة، يعني ما يتعلق بالطهارة الأصلية، الطهارة بالماء: الوضوء والغسل هذا ليس من خصائص هذه الأمة، لكن الذي هو من خصائص هذه الأمة هو التيمم، وكذلك أيضاً التحجيل من خصائص هذه الأمة كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء )، والغرة: هي البياض الذي يكون في وجه الفرس، والتحجيل: هو البياض الذي يكون في يديه ورجليه، فشبه النبي صلى الله عليه وسلم النور الذي يكون للمتوضئ يوم القيامة؛ يكون في وجهه ويكون في يديه وفي رجليه، بالبياض الذي يكون في وجه الفرس وفي رجليه وفي يديه.

والخلاصة: أن من خصائص هذه الأمة التيمم لحديث جابر في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، وذكر منها: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ).

وكذلك التحجيل كما في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه في صحيح مسلم : ( ليست لأحد غيركم ) يعني: الغرة والتحجيل، فهذا الذي من خصائص هذه الأمة، أما ما عدا ذلك من الوضوء والغسل فليس من خصائص هذه الأمة.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2816 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2730 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2676 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2643 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2638 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2556 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2553 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2526 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2520 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2497 استماع