فستذكرون ما أقول لكم


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعــد:

فإن أول ما أحب أن أذكر نفسي وإخواني به في هذه القضية، أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يقدِّر في هذا الكون إلا ما هو خير، وإن كان فيه ضررٌ أو شرٌ لأناس مؤمنين أو كافرين من وجه من الوجوه، وفي الجملة الشر ليس إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وما يقع منه -عز وجل- فهو خير.

ولكن يجب علينا أن نعتبر ونتعظ ونستفيد من الأحداث؛ لتكون خيراً لنا، من جميع الوجوه، وإن اشتملت على ضرر، فإن الأمور بنهاياتها.

ونحن الآن في أول المشكلة، فلا تتصوروا أن ما حدث يمكن أن يحل في أسبوع أو أسبوعين أو شهر أو شهرين!

هذه مشكلة ستطول، ونهايتها لا يعلمها إلا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى!!

فلا يمكن أن تنتهي كما قد يبدو للبعض بأيامٍ معدودات؛ فالغرب بدأ يتكالب ويأتي من كل وجهة!

بعض أساطيله إلى الآن لم تتحرك، وبعضها تحرك قبل عدة أيام، ويحتاج إلى شهرين في البحر حتى يصل، ثم بعد الشهرين وبعد الوصول: ماذا سيكون...؟! الله تعالى أعلم!

إن الأمر سيطول! وليست هذه المشكلة خارجة بأي شكل من الأشكال عن مشكلتنا الأساسية الأولى في حياتنا نحن أمة الإسلام.

وهي مشكلة دائمة نعيشها، وهي: ضعف قربنا من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وضعف تمسكنا بكتابه جل وعلا؛ فقد يسلطهم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- علينا إن عصيناه وانحرفنا، أو ينصرنا ويؤيدنا ويجعل الدولة لنا على أعدائنا إن تمسكنا واستقمنا، هذه قاعدة في جميع العصور، وفي جميع مراحل التاريخ.

جاءت موجة التتار، وجاءت موجة الصليبيين في مراحلها الأولى، ثم جاءت الصليبية في شكل استعمار، ثم جاءت الصليبية الجديدة؛ فكلها صليبية وإلى الآن فالمعركة التي نعيشها معركة صليبية؛ لأن حزب البعث صليبي، والغرب صليبي، فالقضية كلها صليبية.

وأهم شيء يجب أن نتحلى به: أن تكون لدينا القاعدة الإيمانية، التي لا يجوز أن نتناسها بأي شكل من الأشكال، لأن هناك سنَّة من سنن الله في الأمم وفي المجتمعات وهي: أنهم إذا عصوا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أو خالفوا أمره، جاءهم العذاب، ثم إنهم يتضرعون إلى الله.

انصراف الأمة الإسلامية عن القرآن

أقول: عجيبٌ أن يصدر هذا عن أمة القرآن وأمة الإيمان وأمة الإسلام، التي جعل الله لها في كل مشكلة، وفي كل أمر، وفي كل ضائقة، وفي كل نازلةٍ حلاً في كتابه وفي سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والحل موجود، وقد تكلم عنه كثير من دعاة الحق -والحمد لله- لكن لم نجد إلى الآن أية إشارة واضحة إلى أننا فعلنا الحل الذي في كتاب الله عز وجل، وأننا امتثلنا الحل الذي أمر به الله، كما قال:- فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنعام:43] قسوة القلوب كهذه التي نعاني منها.

توزع حالياً أخبار عن المبيدات والأسلحة الكيماوية والغازات الكيماوية أثارت الرعب والهلع في نفوس الناس، وأنا لا أتكلم عنها، وأنا جازم وواثق أنها ليست رسمية، وليس عليها ختم رسمي، وهي في حقيقتها صحيحة، فما تضمنته من أثر هذه الغازات السامة صحيح وواقع، بل في الحقيقة هناك أنواع أخطر من ذلك بكثير.

ولكن ليست هذه هي القضية؛ القضية هي: لماذا عندما لا ينسب مثل هذا الكلام الذي ليس له أصل ولا مستند رسمي، فلم يقل للناس: " خذوا أقنعة أو احتاطوا" رسمياً وإنما هذه أوراق وإشاعات، الله أعلم بمن وراءها، وما مصدره، فهو قول غير مؤكد وغير معروف، ومع ذلك ذعر الناس وهلعوا، وكل إنسان بدأ يفكر جدياً، فيما يصنعه؟

وهل منطقته بعيدة عن الأحداث أو قريبة؟

ويفكر ماذا سيصنع إذا جاء الغاز فعلاً.

سبحان الله! القرآن كلام الله رب العالمين سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يحدثنا عن عذاب جهنم.. يحدثنا عن دخان جهنم، أين هذه الغازات من دخان جهنم؟!

أين هي من ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ * لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ [المرسلات:30-31] أين هي من لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ [الأعراف:41].

أين، أين، آيات كثيرة، فأين هذا من هذا؟!

وهو كلام رب العالمين وهو حق وصدق، ولا يمكن أن يقع إلا في حق من توعده الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بذلك، وذكر الله تعالى أسبابه، وهي المعاصي والذنوب، فهل اتخذنا وقاية من هذه الذنوب؟!

قال تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً [مريم:71] كل إنسان واردها، كل إنسان سيعبر الجسر المنصوب على متن جهنم، كما أخبر بذلك الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهل أعددنا وقاية من عذاب الله؟!

هل أصابنا الخوف من الله؟

كما أصابنا الخوف من البشر والهلع والذعر؟!

وقد ضربت هذا المثال لتعلموا لماذا أصبنا بهذه النكبة، ولماذا حلت بنا هذه المصيبة؛ وذلك لأننا لم نعد نخاف من الله، ولم نعد نخاف من وعيده ولا عذابه سبحانه، لأننا لم نعد نستمع إلى آيات القرآن، وما كان فيها من وعد أو وعيد، ومن استمعوا فهم يستمعون وقلوبهم غافلة لاهية إلا من رحم ربك.

منكرات لم تغيرها الأمة

ننتظر متى نكف عن الغناء واللهو والطرب في وسائل الإعلام أو في خارجها، وما كففننا! ننتظر هل سيمنع الربا، هل سيخفف الربا، هل سيتقلص...، فما تغير شيء من هذا! قلنا: لعل التبرج ينتهي من الأسواق ومن الشواطئ ومن المنتزهات، فلم يتغير شيء!

سبحان الله العظيم...! محلات يسمونها التخسيس وصوالين التجميل، ومشاغل الخياطة، وما فيها من فساد، هل أوقفت؟

هل منعت؟

هل انقطعت؟

هل ضعفت؟

والله ما صار شيء من هذا...!

هل أعيدت صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

وهل وضع لها اعتبار وقوة؟

والآن هذا وقت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لعل الله أن يرحمنا ويرفع عنا العذاب، لم نصنع شيئاً من هذا!

هل أعدنا وضع مدارس تحفيظ القرآن إلى وضعها الطبيعي؟

نقول: علينا أن نستغفر الله؛ لعل الله سلطهم علينا بذنوبنا، إذاً وجب أن نعيد لها اعتبارها، وتأخذ من الطلاب ما تشاء، وتكون كما كانت، لكننا ما فعلنا شيئاً من هذا!

الرقابة الإعلامية:

كل ما حدث في السوق، هو أننا سلمنا من شرور المجلات والصحف الكويتية، وهذا من عند الله ليس من عند أنفسنا، هل قلنا ما دامت أن هذه الصحف عوقبت على فسادها وإلحادها وكفرها الذي كنا نتحدث عنه، إذاً فلنمنع الصحف الباقية، هل مُنع منها شيء؟!

وأنا لا أدري، ولكن أنا أقول فيما أرى.

وضعنا هو مثل الذي لا يصلي قبل الأحداث ولا يصلي بعدها!

سبحان الله! الذي لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر لا يزال على ما كان عليه إلا من رحم الله! لا اعتبار! لا اتعاظ! لا ضراعة! لا رجوع إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى! لم لا نحاسب أنفسنا ونقول: كان هذا حراماً واستبحناه!

فلنتجنبه، كان هذا واجباً وتركناه! إذاً فلنفعله... لكن ما حدث شيء من هذا! إذاً ماذا نتوقع؟!

كيف ندفع العذاب؟!

الغفلة عن أسباب دفع العذاب

لقد بين الله لنا كيف ندفع العذاب، وبين لنا أن التضرع سبب من أسباب دفع العذاب كما في آية المؤمنون والأنعام والأعراف وغيرها، يقول تعالى: وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ [المؤمنون:76] ويقول تعالى: فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:43] وفي سورة الأعراف يقول تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ [الأعراف:74] إلى أن يقول: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ [الأعراف:96-97] وهذا ما حدث في الكويت!

ثم يقول تعالى: أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:98-99].

أين الضراعة التي ذكرها الله في القرآن؟

أم أننا لسنا في حاجة إليها؟!

لا ضراعة! لا استكانة! لا توبة! لا إنابة؟

حالنا كأنه لم يحدث شيء.

من أين جاءنا الأمان والارتياح؟

من أين؟!

لما قيل: إن الغربيين الكفار سيدفعون عنا عذاب الله، فارتحنا واطمئننا!!

أهكذا أمة الإيمان؟!

أهذه أمة التوحيد التي في كل ركعة تقول: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]؟!

أهذا حالها؟!

أهذا شأنها؟!

أقول: عجيبٌ أن يصدر هذا عن أمة القرآن وأمة الإيمان وأمة الإسلام، التي جعل الله لها في كل مشكلة، وفي كل أمر، وفي كل ضائقة، وفي كل نازلةٍ حلاً في كتابه وفي سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والحل موجود، وقد تكلم عنه كثير من دعاة الحق -والحمد لله- لكن لم نجد إلى الآن أية إشارة واضحة إلى أننا فعلنا الحل الذي في كتاب الله عز وجل، وأننا امتثلنا الحل الذي أمر به الله، كما قال:- فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنعام:43] قسوة القلوب كهذه التي نعاني منها.

توزع حالياً أخبار عن المبيدات والأسلحة الكيماوية والغازات الكيماوية أثارت الرعب والهلع في نفوس الناس، وأنا لا أتكلم عنها، وأنا جازم وواثق أنها ليست رسمية، وليس عليها ختم رسمي، وهي في حقيقتها صحيحة، فما تضمنته من أثر هذه الغازات السامة صحيح وواقع، بل في الحقيقة هناك أنواع أخطر من ذلك بكثير.

ولكن ليست هذه هي القضية؛ القضية هي: لماذا عندما لا ينسب مثل هذا الكلام الذي ليس له أصل ولا مستند رسمي، فلم يقل للناس: " خذوا أقنعة أو احتاطوا" رسمياً وإنما هذه أوراق وإشاعات، الله أعلم بمن وراءها، وما مصدره، فهو قول غير مؤكد وغير معروف، ومع ذلك ذعر الناس وهلعوا، وكل إنسان بدأ يفكر جدياً، فيما يصنعه؟

وهل منطقته بعيدة عن الأحداث أو قريبة؟

ويفكر ماذا سيصنع إذا جاء الغاز فعلاً.

سبحان الله! القرآن كلام الله رب العالمين سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يحدثنا عن عذاب جهنم.. يحدثنا عن دخان جهنم، أين هذه الغازات من دخان جهنم؟!

أين هي من ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ * لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ [المرسلات:30-31] أين هي من لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ [الأعراف:41].

أين، أين، آيات كثيرة، فأين هذا من هذا؟!

وهو كلام رب العالمين وهو حق وصدق، ولا يمكن أن يقع إلا في حق من توعده الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بذلك، وذكر الله تعالى أسبابه، وهي المعاصي والذنوب، فهل اتخذنا وقاية من هذه الذنوب؟!

قال تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً [مريم:71] كل إنسان واردها، كل إنسان سيعبر الجسر المنصوب على متن جهنم، كما أخبر بذلك الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهل أعددنا وقاية من عذاب الله؟!

هل أصابنا الخوف من الله؟

كما أصابنا الخوف من البشر والهلع والذعر؟!

وقد ضربت هذا المثال لتعلموا لماذا أصبنا بهذه النكبة، ولماذا حلت بنا هذه المصيبة؛ وذلك لأننا لم نعد نخاف من الله، ولم نعد نخاف من وعيده ولا عذابه سبحانه، لأننا لم نعد نستمع إلى آيات القرآن، وما كان فيها من وعد أو وعيد، ومن استمعوا فهم يستمعون وقلوبهم غافلة لاهية إلا من رحم ربك.

ننتظر متى نكف عن الغناء واللهو والطرب في وسائل الإعلام أو في خارجها، وما كففننا! ننتظر هل سيمنع الربا، هل سيخفف الربا، هل سيتقلص...، فما تغير شيء من هذا! قلنا: لعل التبرج ينتهي من الأسواق ومن الشواطئ ومن المنتزهات، فلم يتغير شيء!

سبحان الله العظيم...! محلات يسمونها التخسيس وصوالين التجميل، ومشاغل الخياطة، وما فيها من فساد، هل أوقفت؟

هل منعت؟

هل انقطعت؟

هل ضعفت؟

والله ما صار شيء من هذا...!

هل أعيدت صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

وهل وضع لها اعتبار وقوة؟

والآن هذا وقت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لعل الله أن يرحمنا ويرفع عنا العذاب، لم نصنع شيئاً من هذا!

هل أعدنا وضع مدارس تحفيظ القرآن إلى وضعها الطبيعي؟

نقول: علينا أن نستغفر الله؛ لعل الله سلطهم علينا بذنوبنا، إذاً وجب أن نعيد لها اعتبارها، وتأخذ من الطلاب ما تشاء، وتكون كما كانت، لكننا ما فعلنا شيئاً من هذا!

الرقابة الإعلامية:

كل ما حدث في السوق، هو أننا سلمنا من شرور المجلات والصحف الكويتية، وهذا من عند الله ليس من عند أنفسنا، هل قلنا ما دامت أن هذه الصحف عوقبت على فسادها وإلحادها وكفرها الذي كنا نتحدث عنه، إذاً فلنمنع الصحف الباقية، هل مُنع منها شيء؟!

وأنا لا أدري، ولكن أنا أقول فيما أرى.

وضعنا هو مثل الذي لا يصلي قبل الأحداث ولا يصلي بعدها!

سبحان الله! الذي لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر لا يزال على ما كان عليه إلا من رحم الله! لا اعتبار! لا اتعاظ! لا ضراعة! لا رجوع إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى! لم لا نحاسب أنفسنا ونقول: كان هذا حراماً واستبحناه!

فلنتجنبه، كان هذا واجباً وتركناه! إذاً فلنفعله... لكن ما حدث شيء من هذا! إذاً ماذا نتوقع؟!

كيف ندفع العذاب؟!

لقد بين الله لنا كيف ندفع العذاب، وبين لنا أن التضرع سبب من أسباب دفع العذاب كما في آية المؤمنون والأنعام والأعراف وغيرها، يقول تعالى: وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ [المؤمنون:76] ويقول تعالى: فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:43] وفي سورة الأعراف يقول تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ [الأعراف:74] إلى أن يقول: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ [الأعراف:96-97] وهذا ما حدث في الكويت!

ثم يقول تعالى: أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:98-99].

أين الضراعة التي ذكرها الله في القرآن؟

أم أننا لسنا في حاجة إليها؟!

لا ضراعة! لا استكانة! لا توبة! لا إنابة؟

حالنا كأنه لم يحدث شيء.

من أين جاءنا الأمان والارتياح؟

من أين؟!

لما قيل: إن الغربيين الكفار سيدفعون عنا عذاب الله، فارتحنا واطمئننا!!

أهكذا أمة الإيمان؟!

أهذه أمة التوحيد التي في كل ركعة تقول: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]؟!

أهذا حالها؟!

أهذا شأنها؟!

أمتنا في وقت الشدة لا تلجأ إلى الله ولا تتوب ولا تستغفر ولا تتضرع... وإنما تلجأ إلى الكفار! وتجعل ثقتها بالكفار، في كل مجلس تقريباً، يقول الناس: ما دام أمريكا موجودة فلا مشكلة! لا أحد يقول: ما دام الله معنا!!

هل إلى هذا الحد وصل بنا الأمر من ضعف العقيدة وكل وقتنا إنما كنا نقول فيه العقيدة.. العقيدة.. العقيدة.. إذاً فقد كان هذا مجرد شعارات فقط!! وإلا فأين أثر الإيمان الحقيقي؟!

وأين هذه العقيدة؟!

نأمن ونطمئن بالكفار؛ لأن الكفار سينصروننا.. هكذا نعتقد وننسى وعد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى! وننسى أن الله يقول: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ [الحج:38].

من هم المؤمنون الذين يدافع الله عنهم؟

قال بعد ذلك: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج:39] إلى أن قال بعد ذلك: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج:41]

هؤلاء يدافع الله عنهم، هؤلاء ينصرهم الله (إنه قوي عزيز)، فهكذا ينصرنا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وليس الكفار هم الذين ينصروننا...!

ما يترتب على اللجوء إلى الكفار

أنا أقول هذا من باب اللجوء وتوجه القلوب، ولا أتكلم عن الواقع؛ من حيث ضرورته أو عدم ضرورته، بل من حيث التوجه القلبي، وهذه المسألة مشكلة خطيرة، وأرجو أن تكون هكذا عند كل أخ منكم يقرأ كتاب الله.

المشكلة والخطورة ليست في أننا عملياً قد نلتجئ للكفار أو نستعين بهم، وهل يجوز هذا وقت الضرورة أم لا يجوز.. ليست هذه هي القضية؛ لأننا يمكن أن نبحث هذه المسألة أو أن نفعل هذا العمل، وقلوبنا مطمئنة بالإيمان وبالثقة والتوكل على الله، ونجعل هذا سبباً من الأسباب، لكن ليست هذه هي المشكلة... المشكلة: هي أن القلوب انصرفت إلى غير الله، وانصرفت إلى الكفار الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، وتعلقت الآمال بهم في سلامتنا وفي نجاتنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

أنا أريد أن نتناول هذه القضية من جانبها الإيماني، ومن جانبها القلبي الإذعاني، وننبه إخواننا وأنفسنا وأهلنا وكل أحد، إلى أن عذاب الله قد يأتينا في أشكال لا نعلمها، وهذا جزء منه ونذير: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُو [المدثر:31].

قد يأتينا في أشكال منها الموت، فقد يأتي أي واحد منا قبل أن تأتيه الغازات التي نسمع عنها، فيلقى الله، فيسأله الله: ماذا عملت؟

ماذا قدمت؟

وما من دارٍ إلا الجنة أو النار! فأين نحن من هذا التفكير؟

أين الدعاة والخطباء والعلماء لإيقاظ الناس إلى هذه المسألة المهمة؟

قبل أن نبحث الأسباب وقبل أن ننظر في واقعنا، وماذا نفعل؟

نبحث هذه القضية من جذورها وأساسها!

وقد وردت إشارة في بيان مجلس القضاء الأعلى إلى أنه يجب على الناس أن يكثروا من الاستغفار والتوبة، وبعد ذلك انظر إلى وسائل الإعلام، وانظر ماذا يبثون!

نريد أن نجد هذا التفكير فلا نجده وهو الأساس والأصل، وهو الذي امتنَّ الله علينا به، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي هو بالمؤمنين رءوف رحيم، وهو أرأف وأرحم بنا في أية مشكلة تقع قد دلنا عليه وبينه لنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومع ذلك لا نجد من يتمثله؛ بل في ساعات النصر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما دخل مكة وهو منتصر، دخل في ذلةٍ واستكانةٍ لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مطأطئ الرأس حتى كاد رأسه أن يمس رحله، وهو داخل مكة بالفتح العظيم الذي وعده الله تعالى به، وكان في هذه الحال من الاستكانة إلى الله والذل له. ونحن في حالة الخوف والذعر والهلع ومع ذلك لا ضراعة، ولا استكانة، ولا إنابة، ولا خوف من الله عز وجل... إنما تعلق بالمخلوقين، وتعلق بالعدو اللدود، الذي عداوتنا به لا تنتهي إلى قيام الساعة.

قدم العداوة مع الغرب

هذه العداوة ليست من عندنا، ولا هي تحليلات سياسية، فنقول: إن أمريكا هي أعدى عدو للإسلام والمسلمين أو الغرب هو أعدى عدو للإسلام والمسلمين، التحليلات السياسية والصحفية تخطئ وتصيب، لكن هذا كلام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذا خبر منه وهو الصادق المصدوق عندما قال: {تقوم الساعة والروم أكثر الناس} حديث صحيح.

وقال: {لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بـالأعماق} وهناك ستكون الملحمة.

أحاديث الدجال تتضمن في جملتها ذلك، أحاديث نزول عيسى عليه السلام كلها تتضمن ذلك إذا جمعتها، وأعظم ما يقوم به عيسى عليه السلام هو محاربة هؤلاء النصارى الروم.

أيضاً هذه الأخبار الصريحة في الروم وأنها آخر ما يفتح، قال عليه الصلاة والسلام: {تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله لكم، ثم تغزون فارس فيفتحها الله لكم، ثم تغزون الروم فيفتحها الله لكم}. والمعركة -والحمد لله- كما بينها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سوف تنتهي لصالح المسلمين ضد الروم وهذا حتى لا نخاف، ولا نيئس، لكن أين المسلمون؟!

إن حالات الذل تمر بالأمم كما تمر بها حالات القوة، حالات الخذلان تمر بها بسبب الذنوب، كما تمر بها حالات التوفيق إذا اتقت ورجعت إلى الله.

أنا أقول هذا من باب اللجوء وتوجه القلوب، ولا أتكلم عن الواقع؛ من حيث ضرورته أو عدم ضرورته، بل من حيث التوجه القلبي، وهذه المسألة مشكلة خطيرة، وأرجو أن تكون هكذا عند كل أخ منكم يقرأ كتاب الله.

المشكلة والخطورة ليست في أننا عملياً قد نلتجئ للكفار أو نستعين بهم، وهل يجوز هذا وقت الضرورة أم لا يجوز.. ليست هذه هي القضية؛ لأننا يمكن أن نبحث هذه المسألة أو أن نفعل هذا العمل، وقلوبنا مطمئنة بالإيمان وبالثقة والتوكل على الله، ونجعل هذا سبباً من الأسباب، لكن ليست هذه هي المشكلة... المشكلة: هي أن القلوب انصرفت إلى غير الله، وانصرفت إلى الكفار الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، وتعلقت الآمال بهم في سلامتنا وفي نجاتنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

أنا أريد أن نتناول هذه القضية من جانبها الإيماني، ومن جانبها القلبي الإذعاني، وننبه إخواننا وأنفسنا وأهلنا وكل أحد، إلى أن عذاب الله قد يأتينا في أشكال لا نعلمها، وهذا جزء منه ونذير: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُو [المدثر:31].

قد يأتينا في أشكال منها الموت، فقد يأتي أي واحد منا قبل أن تأتيه الغازات التي نسمع عنها، فيلقى الله، فيسأله الله: ماذا عملت؟

ماذا قدمت؟

وما من دارٍ إلا الجنة أو النار! فأين نحن من هذا التفكير؟

أين الدعاة والخطباء والعلماء لإيقاظ الناس إلى هذه المسألة المهمة؟

قبل أن نبحث الأسباب وقبل أن ننظر في واقعنا، وماذا نفعل؟

نبحث هذه القضية من جذورها وأساسها!

وقد وردت إشارة في بيان مجلس القضاء الأعلى إلى أنه يجب على الناس أن يكثروا من الاستغفار والتوبة، وبعد ذلك انظر إلى وسائل الإعلام، وانظر ماذا يبثون!

نريد أن نجد هذا التفكير فلا نجده وهو الأساس والأصل، وهو الذي امتنَّ الله علينا به، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي هو بالمؤمنين رءوف رحيم، وهو أرأف وأرحم بنا في أية مشكلة تقع قد دلنا عليه وبينه لنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومع ذلك لا نجد من يتمثله؛ بل في ساعات النصر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما دخل مكة وهو منتصر، دخل في ذلةٍ واستكانةٍ لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مطأطئ الرأس حتى كاد رأسه أن يمس رحله، وهو داخل مكة بالفتح العظيم الذي وعده الله تعالى به، وكان في هذه الحال من الاستكانة إلى الله والذل له. ونحن في حالة الخوف والذعر والهلع ومع ذلك لا ضراعة، ولا استكانة، ولا إنابة، ولا خوف من الله عز وجل... إنما تعلق بالمخلوقين، وتعلق بالعدو اللدود، الذي عداوتنا به لا تنتهي إلى قيام الساعة.

هذه العداوة ليست من عندنا، ولا هي تحليلات سياسية، فنقول: إن أمريكا هي أعدى عدو للإسلام والمسلمين أو الغرب هو أعدى عدو للإسلام والمسلمين، التحليلات السياسية والصحفية تخطئ وتصيب، لكن هذا كلام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذا خبر منه وهو الصادق المصدوق عندما قال: {تقوم الساعة والروم أكثر الناس} حديث صحيح.

وقال: {لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بـالأعماق} وهناك ستكون الملحمة.

أحاديث الدجال تتضمن في جملتها ذلك، أحاديث نزول عيسى عليه السلام كلها تتضمن ذلك إذا جمعتها، وأعظم ما يقوم به عيسى عليه السلام هو محاربة هؤلاء النصارى الروم.

أيضاً هذه الأخبار الصريحة في الروم وأنها آخر ما يفتح، قال عليه الصلاة والسلام: {تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله لكم، ثم تغزون فارس فيفتحها الله لكم، ثم تغزون الروم فيفتحها الله لكم}. والمعركة -والحمد لله- كما بينها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سوف تنتهي لصالح المسلمين ضد الروم وهذا حتى لا نخاف، ولا نيئس، لكن أين المسلمون؟!

إن حالات الذل تمر بالأمم كما تمر بها حالات القوة، حالات الخذلان تمر بها بسبب الذنوب، كما تمر بها حالات التوفيق إذا اتقت ورجعت إلى الله.

تذكرون محاضرة "مستقبل العالم الإسلامي في ظل الوفاق الدولي"، ثم محاضرة "الحروب الصليبية"، من هذا المنطلق كنا نتوقع ونعلم -دون معرفة التفاصيل- أن هذا الوفاق سيؤدي إلى أن الغرب سيتكتل ويتألب ويتكالب علينا، وأنهم سيجتمعون علينا، وأنه سيأتي إلى هذه المنطقة، لكن كيف...؟

الله تعالى أعلم! لا ندري، المهم أنه سيأتي.

هل هذه فرصة أتاحها لهم حزب البعث الصليبي نفسه، وقدمها لهم على طبق من ذهب؟

أم أنهم رتبوها بأنفسهم؟

أم رتبوها بعضهم مع بعض؟

أم أنها جاءت فرصة ذهبية؟

لا ندري! لكن المهم أن أمريكا منذ عام (1980م) أي عام (1400هـ) وهي تعد العدة وتدرب الجيش!

أكثر من مائتين وخمسين ألف جندي أمريكي يتدربون في صحراء نيفادا، وهي صحراء في وسط أمريكا قاحلة على أجواء مشابهة لأجواء الصحراء العربية، والمعركة الآن يسمونها درع الصحراء، يتدربون هناك على الإنزال في الخليج!

وآخر خبر أذكركم به ما قيل عندما حدث الإنزال في بنما، وذلك -من ضمن التحليلات العسكرية لعملية الإنزال في بنما- قيل فيه: إن من أهدافها الاستراتيجية التمرين والتعود على الإنزال في الخليج! وهذه العملية ما بيننا وبينها إلا بضعة أشهر، أي: أن الأمر مبيت عندهم ووارد، وهذه فرصة قدمها لهم أعداء الإسلام.

جاءت فجاءوا من كل حدبٍ وصوب، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الذي لا ينطق عن الهوى: (تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها) من كل أفق، من كل المناطق، جاءوا إلينا بحجة أنهم يحموننا!

ولابد أن تعملوا أنه مما نشر من المائتين وخمسين ألفاً ما لا يقل عن ثلاثين ألف امرأة برتبة ضابط ونقيب ورقيب.

هؤلاء جاءوا بنسائهم ليحموا أبناء خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعمر، وأبناء الأبطال الذين فتحوا فارس والروم بعدد أقل من عددهم اليوم، وبعدة أقل من عدتهم اليوم!

ولو كنا كما أمر الله متقين له وقائمين على أمره عز وجل، لفتحنا البلاد بما عندنا من عدد، وبما عندنا من قوة، فما كلفنا الله ما لا نطيق، كما قال: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60] فقال: (ما استطعتم) فإذا كنا لا نقدر إلا على هذا، فقد أعذرنا إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

أسوء ما يمكن -وهذا واقع- أن يتكالب علينا أعداء الله ولا نستطيع أن ندفعهم، فماذا نفعل؟

بين أيدينا سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسنة الخلفاء الراشدين وقادة الإسلام في كيفية التعامل مع العدو وهناك عدة وسائل:

- قد نصالحهم فإن أبوا إلا على شيء من المال فإننا نعطيهم، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد أن يعطي الأحزاب لما تكالبوا عليه من ثمر المدينة كما تعلمون.

- قد نصالحهم على شيء من الأرض.

- قد نقول: لا بد أن نحاربهم.

وهناك وسائل وبدائل أخرى؛ فما جعلنا الله تعالى في ضيق أو في حرج، إما هذا، أو هذا كما يظن كثير من الناس اليوم.

كثير من الناس -في المجالس وفيما أسمع- يقولون: ما عندنا إلا الموت أو التعلق بالغرب!

من قال لك: إنه ليس عندنا إلا هذان البديلان، ولا ثالث لهما.

يمكن أن يكون هناك عشرة بدائل لو فكرنا وتأملنا، وندفع الشر بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فالمشكلة الأساس هي مشكلتنا مع الله، مشكلتنا أننا لم نصطلح معه بل نحاربه، فألب الله تبارك وتعالى علينا وأرسل علينا هؤلاء، كما أرسل على بني إسرائيل الفرس-بختنصر وجيشه- قال تعالى: وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا [الإسراء:8] هذه ليست فقط لبني إسرائيل، حتى هذه الأمة إن عادت عاد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالعقوبة قال تعالى: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14].

إن هذا الفسق والفجور والطغيان والترف الذي كنا نعيشه، هل يمكن لأي عاقل ولأي ناظر في كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصدق أن هذا يستمر إلى الأبد بدون عقوبات؟

مع أنه لا توبة ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر؟!

لا يمكن.

بل نهلك وفينا الصالحون إذا كثر الخبث كما بين ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فكان المفروض أن ننظر إلى كل هذه الأمور من خلال كتاب الله ومن خلال سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن نحمد الله على هذه الأحداث؛ وذلك لأن فيها عبراً عظيمة تعطى لنا وتهدى لنا من كل جهة.

هل تظنون أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وهو الذي أخبرنا عن نفسه وعن رحمته للمؤمنين، وما أعد لهم وما يبشرهم به لا يظلم الكفار ويظلم المؤمنين، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [يونس:44]؟!

هل يظلمنا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ونحن ندفع إلى صدام حسين الملايين والمليارات طوال عشر سنوات، ثم ترتد أموالنا علينا! هل يظلمنا الله بذلك...؟!

لا والله لا يظلمنا! لكنه ظلمنا لأنفسنا نحن، وتعلقنا بالأسباب المادية! والذين هاجمهم اليوم وقاتلهم من منهم لم يحسن إليه ولم يعطه ولم يساعده، هل هذا من ظلم الله لنا؟

نفعل هذا الإحسان، وهذا الخير، وهذا العطاء، ثم يظلمنا؟

لا والله.

الاستقامة سبيل العزة

لو كنا مستقيمين على أمر الله، ولا ننفق إلا حيث أمر الله أن ننفق، ولا نمنع إلا من أمر الله أن نمنع، وإذا أنفقنا فللدعوة إلى الله وفي سبيل الله، وخالصة لوجه الله، عندها سينصرنا الله ويذل أمريكا نفسها، وتأتي راكعة ذليلة، وقد أذل من هو أعظم شأناً منها، وليس ذلك عليه بعزيز أن يذلها لنا، ونحن أمة الإيمان والتوحيد.

وقد أذلها لـكوبا، وأذلها لغيرها، ولا تستطيع أن تفعل شيئاً ضدها؟

والآن هي المحتاجة إلينا، وهي المضطرة إلينا، فإذا اتقينا الله كفانا الله ذلك كله، وإذا خفنا الله أخاف الله منا كل أحد، وإذا لم نخف الله أخافنا الله من كل أحد، وأتانا الذعر والرعب في قلوبنا، وأصبحت هذه الأمور تهزنا وتحركنا وتخوفنا.

قضيتنا نحن المسلمين ليست في أنك ستموت أو أموت! أنا واثق أني سأموت، لكن المشكلة عندنا نحن هي أن نموت على ماذا، ونلقى الله تعالى بماذا، فالأمريكي أيضاً يموت، وليس فقط نحن، حتى أصحاب الكمامات يموتون، وغيرهم يموتون، ولو كنا في بروج مشيدة فلابد أن نموت.

التوبة واللجوء إلى الله

الفرق بيننا وبين الذين ينظرون للأمور نظرة مادية بحتة، وبالحسابات المادية المجردة، يقولون: مائة دبابة إما أن يقابلها مائة دبابة أو الهزيمة! من قال هذا؟!

إن هذه نظريات مادية، ونحن عندنا قضايا أساسية مذكورة في كتاب ربنا، فإذا تبنا واستغفرنا وتضرعنا ولجأنا إلى الله، فإنَّ الله سوف يسلط على عدونا جنداً من عنده يدفعهم عنا، وقد دفع عنا شرورهم وهم أعظم ما يكونون ونحن أضعف ما نكون، لكننا لا نقرأ التاريخ.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور سفر الحوالي - عنوان الحلقة اسٌتمع
المناهج 2595 استماع
(قاعدة أهل السنة في معاملة الأمة) لابن تيمية 2573 استماع
العبر من الحروب الصليبية 2505 استماع
محبة الرسول صلى الله عليه وسلم 2458 استماع
إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول 2345 استماع
من أعمال القلوب: (الإخلاص) 2261 استماع
العبر من الحروب الصليبية [1، 2] 2254 استماع
الممتاز في شرح بيان ابن باز 2247 استماع
خصائص أهل السنة والجماعة 2196 استماع
الشباب مسئولية من؟ 2164 استماع