عنوان الفتوى : أحكام من زنا بمتزوجة وتاب
إذا زنت الزوجة مرة واحدة، وتابت، وستر عليها الزوج. وإذا تاب العشيق الذي زنا بها. فأين حق الزوج في الدنيا والآخرة؟
وإذا منعت الفضيحةُ الانتقامَ من العشيق، فهل الدعاء عليه جائز، وهو دليل ضعف؟
وشكرا لحضراتكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الزنا بالمتزوجة مما يعظم به الذنب، فإضافة إلى ما فيه من حق الله -عز وجل- فهنالك حق زوجها.
قال ابن القيم في "الجواب الكافي": فالزاني بالمرأة التي لها زوج أعظم إثمًا من التي لا زوج لها؛ إذ فيه انتهاك حرمة الزوج، وإفساد فراشه، وتعليق نسب عليه لم يكن منه، وغير ذلك من أنواع أذاه، فهو أعظم إثمًا وجرمًا من الزنا بغير ذات البعل. اهـ.
وإذا تاب الزاني في جانب حق الله تعالى، بقي عليه حق الزوج، ولذلك من تمام توبته أن يستسمح الزوج في قول بعض أهل العلم، أو يكثر من الدعاء له، والاستغفار في قول آخرين؛ عسى الله أن يرضيه عنه.
جاء في حواشي تحفة المحتاج في شرح المنهاج: ثُمَّ رَأَيْت الْغَزَالِيَّ قَالَ فِيمَنْ خَانَهُ فِي أَهْلِهِ، أَوْ وَلَدِهِ أَوْ نَحْوِهِ: لَا وَجْهَ لِلِاسْتِحْلَالِ وَالْإِظْهَارِ, فَإِنَّهُ يُوَلِّدُ فِتْنَةً وَغَيْظًا, بَلْ يَفْزَعُ إلَى اللهِ تَعَالَى لِيُرْضِيَهُ عَنْهُ. اهـ.
والدعاء عليه جائز، ولكن العفو عنه أفضل، وخاصة وأنه قد تاب، وفي العفو من الأجر العظيم ما فيه، كما سبق بيانه في الفتوى 27841.
وليس العفو بدليل ضعف، بل هو دليل قوة إيمان، ولذلك جعله الله سبحانه من صفات المتقين حيث قال: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران134:133}.
والله أعلم.