أرشيف المقالات

وجهت المستشارة الأسرية الأستاذة أفراح الحربي رسالة إلى كل زوج وزوجة بأن يكون شعارهما هو الوصول إلى السعادة بالتعاون فيما اتفقا عليه والتماس العذر فيما اختلفا فيه.
وقالت الحربي في حوار مع (أسرتي): إن الحياة أقصر من أن يملؤها الزوجان بالحزن والهموم والتدقيق على أمور لا تستحق منهما التضخيم.
وأشارت الأستاذة أفراح إلى أن السعادة تأتي من التعلق بالله وبحبله المتين ومعرفة أساسيات الدين وترتيب وتنظيم الوقت لأداء الواجبات والأعمال.
وذكرت الحربي تجربتها كفتاة وانطلاقتها في تطوير ذاتها وعضويتها بعدد من الجمعيات، وقدمت مجموعة من النصائح المهمة والوصايا للفتيات المسلمات..
فإلى نص الحوار:

* أحببت العمل الاجتماعي فأبدعت فيه وانطلقت تقطفين من بستان الخير والعمل الإنساني أطايب الثمار..
فمن خلال عملك مستشارة أسرية ما أهم المشكلات التي تواجه الزوجين في هذه الأيام؟
- لو نظرنا أولاً إلى معنى المشكلة الزوجية ما هي؟ لوجدناها تعني وجود تضارب في وجهات النظر من قبل الزوجين تجاه بعض الأمور التي تخص أيا منهما أو تخصهما كليهما..
بحيث تستثير الغضب أو السلوك الانتقامي أو التفكير فيه..
فيظهر بشكل نقد أو سخرية أو مناقشات كلامية حادة ثم قد تتطور الأمور إلى أن تصل في بعض الحالات إلى الطلاق وهو الظاهرة المنتشرة الآن ولعل غالبيتنا ترجع الأسباب إلى عدم اهتمام الزوج بالزوجة وإساءة معاملتها أو تدخل الأقارب بين الزوجين أو وجود خيانة زوجية..
وأحيانا ترجع إلى اختلاف المستوى التعليمي بين الطرفين أو مشكلات جسدية ونفسية أو غيرة وشك أو سحر أو تكون مشكلات مالية بحيث لا يستطيع الزوج القدرة على الإنفاق وهكذا..
ولكن من المهم لكلا الزوجين أن يبحث دائماً عن السبب الذي أثار المشكلة ويعمل جاهداً إلى حلها والتفكير بها بشكل عقلاني..
كي يسهل عليه التعامل مع مشكلته بمرونة وسلاسة.

* ما دور الأسرة في التواصل مع أبنائها في عصر الإنترنت وثورة المعلومات؟
- عادة الأسرة يكون لها أحد دورين فهناك أسر تتعامل مع أبنائها بطريقة مفيدة فتوظف هذه التقنيات بطريقة إيجابية بوضع قوانين في الأسرة لها أهميتها بحيث تحترم وجهات النظر وتقبل التطور ولكن وفق ضوابط معينة على سبيل المثال: يعطى وقت محدد للابن في استخدام النت وأيضاً يصاحبه نوع من المراقبة والتوجيه البسيط في استخدامه بطريقة تفرض على الابن تقبل واحترام وجهة نظر الأسرة وأن يكون استخدام هذه التقنيات في مكان يراه جميع أفراد الأسرة، فالتطوير والتقنيات اليوم مفيدة ونحتاجها وسهلت كثيرا من الأمور لمن وفق للتعامل معها بالطريقة الصحيحة لأن بها ما هو مفيد وكذلك ما هو ضار..
وهناك للأسف بعض الأسر قد تجلب لأبنائها الانحراف والفساد..
فلا رقابة ولا توجيه، بل إن الابن قد يغلق على نفسه باب غرفته ويمكث بالساعات دون علم الأهل أو السؤال حتى عنه..
وهنا أقول: كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته فالأبناء أمانة في أعناقنا ولا بد أن نكون نحن المسلمين أهلاً لها.


رسالة سامية
* حدثينا عن دورات تطوير الذات ومدى إقبال الفتيات عليها؟
- الدورات التطويرية من واقع تجربتي كفتاة كانت بعد الله هي أول انطلاقتي حيث أذكر أنها كانت دورة مجانية قدمت بمعهد البيان من قبل صندوق التنمية البشرية للتأهيل العملي بالقطاعات الخاصة..
فلقد تعلمنا وقتها كيف نكتشف ذواتنا ونطور قدراتنا بكل ثقة وإقدام إلى الأفضل.. وأن يكون لكل فتاة منا كيانها واسمها بالمجتمع..
وهذا ما زادني رغبة وقوة في تبصير أخواتي من بنات مجتمعنا في أن أوصل لهن رسالة سامية تساعدهن على تطوير ذواتهن لأن الانطلاقة تبدأ من ذواتهن قال تعالى: { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد: 11] وهذا ما ألاحظه الآن في فتياتنا إقبال متزايد منهن لمجرد حضور إحداهن دورة واحدة تطويرية..
فأنا أوجه رسالتي لكل فتاة أن تعمل على تطوير نفسها بالعلم والاطلاع واستثمار أوقاتها بما يعود عليها بالنفع فهناك طاقات بداخل كل واحدة منهن عليها اكتشافها وإيقاظ ما بداخلها من قدرات ومواهب وميول ولا بد أن تستشعر كل واحدة أهمية وجودها بالحياة فهي ليست مجرد كائن حي ينبض قلبه إنما هي كائن حي يستشعر عظمة وجوده في هذه الحياة..


المثيرات
* في ظل المثيرات الخارجية وتأثيرها كيف تقدمون برامجكم التدريبية وما مدى تأثر المراهقات بها؟
- البرامج التدريبية جدير أن يكون لها دورها الفعال في التوجيه الصحيح في كيفية التعامل مع المثيرات الخارجية المتمثلة في عصر العولمة والقنوات الفضائية والتقنيات العصرية المختلفة والتي أصبح لها تأثيرها على فئة المراهقات لدرجة أن البعض منهن قد تقتدي بإحدى الفنانات أو الفنانين ويصبح هاجسها الوحيد وكل تفكيرها وتتخذهم قدوة لها في كل صفاتهم أو تتأثر بالمسلسلات والأفلام الهادمة للأخلاق والتي قد تستثير غرائز فتياتنا إلى طريق لا يحمد عقباه..
فنحن هنا نقوم بنشر ثقافة الوعي عن طريق الحوارات الهادفة التي تنمي لديهن الثقة بالنفس وتعديل السلوك الصادر منهن بالإقناع الإيجابي بعد استنتاجها سلبيات الفكرة وإيجابياتها..
ففي هذا السن هم يحتاجون منا الحب والأمان واحترام ذواتهم وتقدير مكانتهم الاجتماعية بالتوجيه الإيجابي فعلينا جميعاً التحلي بالصبر وتفهم طبيعة مرحلتهم بسبب التغيرات الجسمية والانفعالية والحركية لهم..
أيضا لابد أن نبصرهم بمبادئ التربية الإسلامية بتكثيف الإرشاد الديني كمنهج للحياة بالقدوة لا بالقوة ونوضح لهم خطورة العلاقات غير الشرعية وقيمة المحافظة على الشرف في رفع مكانتهن.


دور فعال
* كيف تقيمين دور القسم النسائي بجمعية مراكز الأحياء؟
- هي جمعية فعالة وذات نشاط هادف يرتقي بأهل مكة المكرمة تلك البقعة الطاهرة ومهبط الوحي فهذه الجمعية تحمل رسالة اجتماعية تتمثل في إحداث تغيير اجتماعي مقصود في أسلوب حياة الأسرة السعودية والمشاركة في الارتقاء بمستوى الحي والعلاقات الاجتماعية فيه وذلك باعتماد مبدأ المشاركة الفاعلة من قبل سكان الحي بأسلوب علمي ومنظم وهادف..
فتقوم الجمعية بتقديم الدورات التطويرية والمحاضرات الدينية وغيرها من الأنشطة المفيدة..
والتي تلاقي حضورا مميزا من النساء .


ثقافة الحرف المهنية
* من خلال عضويتك في الجمعية الحرفية المهنية كيف تقيمين نظرة الفتاة السعودية للعمل المهني؟
أن ما تقوم به هذه الجمعية في نشر ثقافة الحرف في المجتمع ودورها في زيادة الدخل للأسر..
يستدعينا أن نقيم مدى إقبال الفتاة السعودية على العمل المهني وكيفية وضعها لهدف سامٍ تحقق به ذاتها بالاعتماد على نفسها وصناعة مستقبلها..
وهذا ما وجدناه من بناتنا ولله الحمد وهو الإقبال المتزايد منهن والذي تكلل بإبداعات وقدرات ومواهب تستحق منا العناية والتشجيع وتوفير كل الفرص المساندة لهن.

* من خلال خبرتك في مركز التنمية الاجتماعية حدثينا عن الدور الذي تقومين به؟
- تتمثل أنشطتي بتقديم دورات تطويرية بما يختص بالرعاية النهارية لدى مركز التنمية الاجتماعية بمكة المكرمة لأهالي الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة..
فهو مركز نهاري أسس عام 1420هـ يهتم بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة وتدريبهم وتعليمهم على متطلبات الحياة اليومية وتوفير ما يساعدهم لتحدي إعاقتهم من الناحية التوجيهية والتعليمية..
ويعتمد المنهج على دراسة مهارات الطفل في الحياة اليومية وينقسم الى فئتين: فئة القابلين للتعليم، فئة القابلين للتدريب، أما اهتمامات المركز فتتمثل فيما يلي:
- الرقي بمستوى الطفل الاجتماعي والمهاري والتعليمي.
- تأهيل الأطفال الملتحقين بالمركز للالتحاق بالتربية الفكرية.
- علاج عيوب وصعوبات النطق لدى الأطفال.
- تعليم الطفل القابل للتعليم للكتابة والقراءة والقرآن الكريم وحفظ الأدعية.
- تعليم الأطفال الاعتماد على النفس وترك الاتكال على الغير.


همم وقمم
* وما هي أهم الأنشطة والبرامج التي تقدمها مؤسسة كافل لرعاية الأيتام؟
- تهدف مؤسستنا إلى مساعدة الأيتام ومن في حكمهم من ذوي الظروف الخاصة، فيقوم القسم بالإشراف على البرامج والمناشط الخاصة بالأرامل من توعية وتثقيف وتهيئة وتأهيل ومواساة من جميع الجوانب النفسية والاجتماعية والثقافية المعرفية والصحية والتربوية..
ففي شهر شعبان ورمضان الماضيين قمنا بتفعيل برنامج نادي القراء تحت شعار (كتابي ثروة بلا حدود)، فهو نادٍ لفتيات مؤسسة كافل له فروع عدة بمؤسستنا ويهتم بالقراءة الحرة اللامنهجية بشتَّى المجالات والفنون..
ويتخلل هذا النادي إقامة عدد من الأنشطة من لقاءات وكذلك محاضرات دينية ودورات تطويرية وصحية ومسابقات ثقافية..
وينتهي هذا البرنامج بإقامة معرض يضم المواهب والإبداعات التي تنتجها الأسر بعد تفعيل القراءة بتوظيفها في اكتشاف نقاط القوة لدى كل منهن..
أيضاً يقوم القسم بتفعيل برنامج تدبر القرآن الكريم الذي أصبح له أثره في نفوس الأسر لدينا لما له من آثار دينية وصحية وفكرية وتربوية وتعليمية لوحظت على أرض الواقع بفضل من الله ومنة..
بل إنه سهل حفظ القرآن الكريم عليهن فكما قال تعالى {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } [محمد: 24]، وفي هذا أذكر قصة امرأة في مدينة الرياض حفظت القرآن الكريم في عمر 84 سنة وعندما سألتها إحدى الأخوات: كيف استطعتي حفظ القرآن الكريم في هذا السن أجابتها يا ابنتي لا بد من التدبر إن الذي يسمع بقلبه لا بد أن يفهم ويتدبر ويحفظ..
فما أجمل هذه الهمم التي لا تعرف إلا القمم.


استثمار الوقت
* من خلال عضويتك في أكثر من جمعية ونشاطك الاجتماعي المتميز كيف تستطيعين التوفيق بين هذه الأنشطة المختلفة؟
- أولاً أقول هذا من فضل ربي..
وثانياً تحديدي لهدف واضح في حياتي أسعى بكل حب وإصرار وعزيمة إلى تحقيقه..
وهو تواصلي مع ذاتي في الارتقاء بها نحو الأفضل ثم سؤالي الدائم لنفسي ماذا قدمت للإسلام والمسلمين..
فلا يتم ذلك إلا بالتخطيط السليم لمسيرتي..
بحيث أقوم بعمل موازنة لحياتي، فعلى سبيل المثال:
أولاً جانب التطوير الشخصي اخصص له ساعتين كل يوم للقراءة والاطلاع خارج نطاق عملي الوظيفي في فترة الصباح..
وجانب الأسرة أوليه عناية بما يقارب ساعة أو نصف ساعة للسؤال عنهم أو إفادتهم بعلم اكتسبته.. ولدي يوم بالأسبوع خاص لتقديم الاستشارات الأسرية..
كذلك جانب الترفيه له يوم الخميس غالباً أما جانب العلاقات الاجتماعية فله وقت لدي يقارب ساعة بالأسبوع أما بالنسبة للدورات التطويرية فأقوم بتقديمها مرتين بالشهر أو حسب وقت فراغي كذلك الجانب المالي متابعته كل يوم لمدة ساعة ونصف..
والجانب الديني فلدي كل يوم بعد صلاة العشاء قراءة صفحة من القرآن ويوم الجمعة اذهب مع الأسرة للحرم بعد صلاة العصر..
أما الجانب الصحي فيوم بالأسبوع أو نصف ساعة على الأقل لرياضة المشي أو متابعة ظرف صحي يستدعي أن أوليه اهتمامي..
فلكي ينجح الإنسان من المهم أن يعمل على ترتيب وتنظيم يومه بعمل موازنة وتخطيط سليم يضم أهم الأولويات بحياته فالأهم ثم المهم..
فهنا قمت بناءً على ذلك بعمل ورقة لا أتحرك إلا بها تضم خلالها جدولاً على مدى 15 أسبوعاً أسجل به أهم المهام التي يتطلب إنجازها.


عزلة وغربة
* ما نصائحك للفتاة السعودية لاستغلال أوقاتها لتطوير ذاتها؟
على كل فتاة سعودية ومسلمة أن تعي أهمية وجودها بالحياة فأمس مضى واليوم مازال باليد وأفضل وصول للمستقبل هو صناعته..
فاليوم أصبحت المرأة بين (عزلة وعزبة) أي أن الفتاة في الماضي ليست مثل اليوم ففي الماضي كانت الحياة شاقة والمرأة كثيرة الانشغال بالكد والتعب أما اليوم فالمرأة تنجز مهام البيت في وقت وجيز..
أما من جهة أنها عزبة أي كثر وجود الفتيات اللواتي لم يتزوجن أو ممن خاضت تجربة لم توفق بها فإن لم يستغل وقت الفراغ لأصبح عدوها في فتح أبواب الأوهام واليأس والقلق والاكتئاب فأوصي كل فتاة ببعض الوصايا التي تفيدها:

* تعلقي بالله عزَّ وجلَّ وتعرفي على أساسيات دينك الإسلامي تسعدي.
* حافظي على الإحساس المبتسم.
* قدري ذاتك وشدي الهمة لتطويرها.
* احترمي الآخرين وتقبليهم كما هم.
* ليكن لديكِ ثقافة وانفتاح فكري.
* ركزي على الإيجابيات وأهملي السلبيات.
* اتقني فن الحوار وامتلكي القلوب به.
* وظفي الفشل للتعلم لا للإحباط واليأس.
* قدّري الصداقة ولكن حافظي على مساحة معقولة للأمان.


رسالة للزوجين
* ما الرسالة التي توجهيها للزوجين من أجل إرساء دعائم السعادة الزوجية؟
- إن الحياة أقصر من أن نملؤها بالحزن والهموم والتدقيق على أمور لو عدنا لها لوجدناها لا تستحق منا تضخيمها..
فما أجمل أن يكون شعار كل زوجين للوصول إلى السعادة (أن نتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه..).
فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئاً، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه ويقول: نعم أنت) رواه مسلم.

فلا تجعلوا للشيطان مسلكاً على حياتكم الزوجية في أن يهدمها..
وإن أصابتكم مشكلة أحسنوا التعامل معها من خلال علاجها ومعرفة أسبابها ثم باحتوائها وإيجاد مهارات الحلول لها.
فتمنياتي للجميع بحياة زوجية هانئة وكريمة يتحقق بها الطمأنينة كما كان في بيوت النبوة.