عنوان الفتوى : نصائح لمن أسرف على نفسه في العلاقات النسائية
أنا في الظاهر إنسان سوي و محبوب، ولي عند أقاربي ومعارفي هيبة ووقار، ووزن لكلماتي وآرائي، ومعروف عني مشاركتي دائما في أعمال الخير، والظاهر عني التدين، ولست كذلك، وأنا مفرط في الصلوات، ومذنب بشكل لا يمكنني الجهر به، وذنوبي وصلت مرحلة قسوة القلب. ووالله إنني أحب الله ورسوله، وعندي من الوازع الديني ما لو التزمت به لكنت في مرتبة ترضي الله عني، ولكنني ضعيف أمام نفسي الأمارة بالسوء، ومشكلتي الأكبر هي النساء، فأنا متزوج ولدي أطفال، ولكن لي علاقات متعددة، ما من أنثى أعجبت بها إلا ووصلت معها إلى علاقة كاملة -منهن المتزوجة، والمطلقة، والأرملة، والتي لم يسبق لها الزواج.
فكم أنا سيئ، أسأل الله أن لا يكتب ذلك على أحد من شباب المسلمين، ودائما أتوق إلى الصلاة، والالتزام، ولكنني -كما قلت- ضعيف، أعاهد، وأخلف، أتوب، وأرجع، أرجو رضى الله، وأخاف أن يرفع الله ستره عني، وأعلم يقينا أن كل ما أفعل ديون سيستردها الله مني عاجلا أم آجلا. وأريد أن أتوب، لكن قساوة قلبي. وقد ضاعت مني نعمة الخشوع في الصلاة، حتى في رمضان أصلي التراويح، والتهجد أحيانا، وأنتظر لحظة الدعاء حتى يحن قلبي، وأحيانا أفرط في البكاء، وأتمنى أن لا ينقطع عني هذا الرجاء، وأحيانا أجد قلبي يمرر هذا الشعور مرور الكرام، وحين ييسر لي الله صلاة الجمعة، وأدخل المسجد أجد من أصحابي القدامى من التزم، وصار من رواد المساجد، فأقول يا ليتني بينهم، ونكون كما كنا سابق عهدنا في القرآن، والصلاة، والذكر، ولكن أصبح لكل منا همه، وفي العام الماضي سعيت لأداء الحج رغبة في الله، ورجاء رضى الله، ولكن الله لم يكتب لي الحج، بسبب تعثري المادي، أو أن الله رأى أنني لست مؤهلا للقائه، فكيف أكفر عن ذنوبي؟ وماذا أفعل؟ فقد خببت امرأة على زوجها، وعلقت أخريات بي، وفعلت من الفاحشة ما فعلت.
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأنت -أيها الأخ- على خطر عظيم، وماذا يفيدك علمك الذي لا يصحبه عمل؟ بل هو حجة الله عليك، وماذا تفيد رغبتك التي لا يصحبها عزم مصمم، وسير صادق في طريق الاستقامة؟
إن الواجب عليك هو أن تبادر بتوبة نصوح، عاجلة غير آجلة، فتحافظ على صلواتك كلها، فإن ترك الصلاة الواحدة أعظم من الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وقتل النفس، وانظر الفتوى: 130853
وعليك أن تقطع فورا جميع علاقاتك المحرمة، واعلم أن الزنا من أعظم الذنوب عاقبة، وأوخمها مآلا، وانظر الفتوى: 156719
واستغفر كثيرا لمن أفسدت عليهم أزواجهم، ويرجى أن يكفيك ذلك، كما ذهب إليه بعض العلماء.
ويعينك على تلك التوبة التفكر في القيامة وأحوالها، والنار وأهوالها، وأنه لا قبل لأحد بمقاومة تلك النار، ولا الصبر عليها، وأنت لو قربت يدك من الموقد المشتعل لتبين لك شدة حرها، فكيف بنار الآخرة التي حرها شديد، وقعرها بعيد، ومقامعها حديد، نار وقودها الناس، والحجارة، كل نار الدنيا التي يوقدها الناس جزء واحد من سبعين جزءا منها -أعاذنا الله منها برحمته- ويعينك على التوبة أيضا أن تتفكر في عاقبة المعاصي، وخطر الذنوب، وأنها ماحقة للبركات، وسبب كل ما يصيب العبد من شرور في عاجله، وآجله، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ {الشورى: 30}.
وطالع لزاما لمعرفة طرف من آثار المعاصي كتاب الداء والدواء لابن القيم، وعليك بمصاحبة الصالحين، ولزوم مجالسهم، ومداومة ملازمتهم، والانتفاع بهم، فإن ذلك من أعون شيء على الاستقامة، والزم الذكر، وألح في الدعاء، والتضرع لله تعالى، عسى أن يرحمك برحمته، ويقيل عثرتك، ويجبر كسرك، فإنك متى صدقت في دعائه، واللجأ إليه، فإنه لا يخيب سائلا، ولا يرد طالبا، وجاهد نفسك مجاهدة صادقة، وقد يصعب الأمر في أوله، لكنك ستذوق حلاوة تلك المجاهدة، ولذة تلك الطاعة ولا شك، ومن أدمن طرق الباب ولج، قال الله: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت: 69}.
وانظر الفتوى: 139680
نسأل الله أن يهديك، ويتوب عليك.
والله أعلم.