الشباب والرياضة


الحلقة مفرغة

الحمد لله الذي نصر عباده المؤمنين بإعلاء كتابه وسنة نبيه، أحمده سبحانه حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل عن الشبيه والند والمثيل والنظير: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].

معاشر المؤمنين! منذ ثلاثة أسابيع تقريباً مرَّ على الساحة حدث رياضي أشغل الأمة شغلاً عجيباً، وكانت نتائجه مخزية -والله- أمام الله، وليس الاعتراض أو المناقشة على المباراة أو على الدوري، فالكلام في هذا في مناسبة أو في مقام أو مكان آخر، وليس حقاً أن نفرد هذه المباراة، أو هذا الموضوع بالمناقشة ونترك ما قبله أو ما بعده سليماً منها، لكن الذي نناقشه ونطرحه أمام إخواننا المسلمين ليأخذوا العظة والعبرة والدرس هو ما نجم عن ذلك الحدث، فكم أشغلت سيارات الإسعاف في تلك الليلة، وكم أشغلت أجهزة الأمن في تلك الليلة؟ وكم ارتكب من معصية في تلك الليلة؟ وكم حدث، وكم صار، وكم مضى، وكم وكم..؟ وزد وقل ما شئت فوق ذلك من أمور لا يليق هذا المقام بذكرها، ولولا أن يخشى الإنسان أن يقع في قول الله جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا [النور:19] لسردنا عليكم أقوالاً وأحداثاً سمعنا بها، ولولا ما قيل أنه: (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع) لسمعتم من ذلك المزيد والمزيد، ولكن:

يكفي اللبيب إشارةٌ مرمـوزةٌ     وسواه يدعى بالنداء العالي

سوء تصرف الشباب

أيها الأحبة في الله! لقد امتلأت الأسواق، وازدحمت الطرقات، وأوذي المسلمون من قبل فئة قليلة من الشباب هداهم الله، وردهم إلى الحق رداً جميلاً، وليس عجيباً من أولئك، وليس بدعاً في سلوكهم، وليس غريباً في تصرفاتهم، فلا يأتينك من وادٍ إلا سيله، وكل إناء بالذي فيه ينضح، والألسنة مغاريف القلوب، فما سمعتم من الصيحات والأهازيج والهتافات إنما ذاك أمرٌ أخرجته الألسنة، وقد كان موفوراً قابعاً في الصدور والقلوب، وما رأيتم من التصرفات والأفعال، فذاك مبلغ أفعالهم، ومبلغ ما يدور بخلد الكثير منهم.

إذاً.. يا عباد الله! لا ننتظر من أولئك الذين أشغلوا عباد الله ليالي معدودة يدورون بالطبول والأعلام، ويجوبون الشوارع والطرقات بالأهازيج والصيحات، بل وأشد من ذلك يعتدون على الأبرياء من الذين لا ساغية لهم ولا راغية، ولا ناقة لهم في هذا الأمر ولا جمل، فهذا هو العجب، وهذا هو الخطر، وهذا هو عين المصيبة.

هل بلغ بالشباب جنون الكرة إلى حدٍ تغلق فيه الطرقات؟! هل بلغ بالشباب جنون الكرة إلى حدٍ توقف فيه السيارات في الشوارع؟! والله يا عباد الله! إن هذا أمر لا يليق السكوت عليه ولا يجوز ولا ينبغي؛ لأن العاقبة التي بعده وخيمة، ولأن خطر السكوت أعظم، يقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:24] فما حال هؤلاء مع الاستجابة؟ أترون الاستجابة لله ولرسوله أن تكون بهذا الأسلوب، أو بتلك الوسيلة، أو بهذه الطريقة: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الأنفال:24] ثم يقول الله جل وعلا: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25].

والله، ثم والله، ثم والله، إن لكل حسنة ثواباً، ولكل سيئة عقاباً، فلا يستبعدن أقوامٌ عاقبة هذه الأفعال الشنيعة، ولا يستبعدون قرب حدوثها ما لم يراجعوا ربهم، وما لم يتوبوا، وما لم نأخذ جميعاً على أيدي الظالمين، وعلى أيدي المستهترين من أولئك الشباب.

أيها الإخوة! لو كانت عقوبة الأفعال والجرائم تنزل خاصة بهم، لكان الأمر هيناً ميسوراً، لكن العقوبة إذا نزلت عمت، ويبعث الناس على نياتهم يوم القيامة.

عباد الله! لا ننتظر من أولئك الشباب أن يعظوا الناس في المساجد، فالكلاب لا تجيد غير النباح، ولا ننتظر من أولئك الشباب أن يكونوا أئمةً أو هداةً مهتدين في ذلك الوقت؛ لأن القطط لا تجد غير المواء، لكن المصيبة أن يسكت كل واحدٍ منا، وألا يمسك بتلابيب من يراه من الشباب مخوفاً له بالله ألا تتق الله، ألا تخشى الله في نعمة الله، شبابك، قوتك، سلطتك، أيديك، وأرجلك، أعينك، وسمعك، وبصرك، أكل هذا الذي خلقه الله تسخره في معصية الله؟ فما حالك لو سلب منك شيء واحد من هذا؟

اتخاذ آيات الله هزواً ولعباً بعد الحدث

أيها الأحبة! إن الأمر الذي هو أدهى وأمر أن اتخذت آيات الله هزواً ولعباً بعد هذا الحدث الرياضي: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7] تقال وترفع هذه الآية فوق تهنئة بالفوز في هذا الحدث الرياضي، متى أصبحت آيات الله هزواً ولعباً؟! قولوا ما شئتم، تكلموا كيفما شئتم إلا كلام الله الذي نزل من فوق سبع سماوات، إلا كلام الله الذي يكفر من استهزأ به، إلا كلام الله الذي يكفر من جحد حرفاً واحداً منه، إلا كلام الله الذي يكفر من غالطه أو عانده، إلا كلام الله الذي نزل به أجل الأملاك جبرائيل على نبينا عليه الصلاة والسلام، إلا أفضل الذكر الذي حفظه الله، إلا هذا الكتاب الذي جعله الله تبياناً لكل شيء، فلا وألف لا، لا يوضعن على تهنئة بفوز، ولا في حدث رياضي، فهذا كتاب الله، وهذه سنة نبيه جاءت لتنقذ أمةً عميا، ولتبصر أمةً ضالةً، وجاءت لترفع شعوباً ذليلةً، ولتحكم العدل في الأمم المظلومة، ما جاءت لأحداث رياضية، أو لمناسبات كهذه، أفلا يتقي الله من يستشهد بهذا، أفلا يخشى الله من يستشهد بهذا.

على أية حال أيها الإخوة: لا عجب ولا غرابة إذا كان الذي يضع هذه الآية فوق هذا الإعلان ممن لا حظ لهم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

فلا تجنين من شوكٍ عنباً     وإن من زرع شيئاً حصده

نحن أيها الشباب! نحن أيها الإخوة! نحن أيها المسلمون! ما الذي زرعناه في شبابنا حتى نجني منهم هذه الهتافات، وهذا التصفيق والإزعاج، وهذا الذهاب والإياب في الطرقات والشوارع، وإيذاء المسلمين، وانتهاك بعض حرماتهم.

أسأل الله جل وعلا أن يكفينا شر العقوبة، أسأل الله جل وعلا أن يحسن لنا ولكم الخاتمة، أسأل الله جل وعلا ألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

أيها الأحبة في الله! لقد امتلأت الأسواق، وازدحمت الطرقات، وأوذي المسلمون من قبل فئة قليلة من الشباب هداهم الله، وردهم إلى الحق رداً جميلاً، وليس عجيباً من أولئك، وليس بدعاً في سلوكهم، وليس غريباً في تصرفاتهم، فلا يأتينك من وادٍ إلا سيله، وكل إناء بالذي فيه ينضح، والألسنة مغاريف القلوب، فما سمعتم من الصيحات والأهازيج والهتافات إنما ذاك أمرٌ أخرجته الألسنة، وقد كان موفوراً قابعاً في الصدور والقلوب، وما رأيتم من التصرفات والأفعال، فذاك مبلغ أفعالهم، ومبلغ ما يدور بخلد الكثير منهم.

إذاً.. يا عباد الله! لا ننتظر من أولئك الذين أشغلوا عباد الله ليالي معدودة يدورون بالطبول والأعلام، ويجوبون الشوارع والطرقات بالأهازيج والصيحات، بل وأشد من ذلك يعتدون على الأبرياء من الذين لا ساغية لهم ولا راغية، ولا ناقة لهم في هذا الأمر ولا جمل، فهذا هو العجب، وهذا هو الخطر، وهذا هو عين المصيبة.

هل بلغ بالشباب جنون الكرة إلى حدٍ تغلق فيه الطرقات؟! هل بلغ بالشباب جنون الكرة إلى حدٍ توقف فيه السيارات في الشوارع؟! والله يا عباد الله! إن هذا أمر لا يليق السكوت عليه ولا يجوز ولا ينبغي؛ لأن العاقبة التي بعده وخيمة، ولأن خطر السكوت أعظم، يقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:24] فما حال هؤلاء مع الاستجابة؟ أترون الاستجابة لله ولرسوله أن تكون بهذا الأسلوب، أو بتلك الوسيلة، أو بهذه الطريقة: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الأنفال:24] ثم يقول الله جل وعلا: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25].

والله، ثم والله، ثم والله، إن لكل حسنة ثواباً، ولكل سيئة عقاباً، فلا يستبعدن أقوامٌ عاقبة هذه الأفعال الشنيعة، ولا يستبعدون قرب حدوثها ما لم يراجعوا ربهم، وما لم يتوبوا، وما لم نأخذ جميعاً على أيدي الظالمين، وعلى أيدي المستهترين من أولئك الشباب.

أيها الإخوة! لو كانت عقوبة الأفعال والجرائم تنزل خاصة بهم، لكان الأمر هيناً ميسوراً، لكن العقوبة إذا نزلت عمت، ويبعث الناس على نياتهم يوم القيامة.

عباد الله! لا ننتظر من أولئك الشباب أن يعظوا الناس في المساجد، فالكلاب لا تجيد غير النباح، ولا ننتظر من أولئك الشباب أن يكونوا أئمةً أو هداةً مهتدين في ذلك الوقت؛ لأن القطط لا تجد غير المواء، لكن المصيبة أن يسكت كل واحدٍ منا، وألا يمسك بتلابيب من يراه من الشباب مخوفاً له بالله ألا تتق الله، ألا تخشى الله في نعمة الله، شبابك، قوتك، سلطتك، أيديك، وأرجلك، أعينك، وسمعك، وبصرك، أكل هذا الذي خلقه الله تسخره في معصية الله؟ فما حالك لو سلب منك شيء واحد من هذا؟

أيها الأحبة! إن الأمر الذي هو أدهى وأمر أن اتخذت آيات الله هزواً ولعباً بعد هذا الحدث الرياضي: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7] تقال وترفع هذه الآية فوق تهنئة بالفوز في هذا الحدث الرياضي، متى أصبحت آيات الله هزواً ولعباً؟! قولوا ما شئتم، تكلموا كيفما شئتم إلا كلام الله الذي نزل من فوق سبع سماوات، إلا كلام الله الذي يكفر من استهزأ به، إلا كلام الله الذي يكفر من جحد حرفاً واحداً منه، إلا كلام الله الذي يكفر من غالطه أو عانده، إلا كلام الله الذي نزل به أجل الأملاك جبرائيل على نبينا عليه الصلاة والسلام، إلا أفضل الذكر الذي حفظه الله، إلا هذا الكتاب الذي جعله الله تبياناً لكل شيء، فلا وألف لا، لا يوضعن على تهنئة بفوز، ولا في حدث رياضي، فهذا كتاب الله، وهذه سنة نبيه جاءت لتنقذ أمةً عميا، ولتبصر أمةً ضالةً، وجاءت لترفع شعوباً ذليلةً، ولتحكم العدل في الأمم المظلومة، ما جاءت لأحداث رياضية، أو لمناسبات كهذه، أفلا يتقي الله من يستشهد بهذا، أفلا يخشى الله من يستشهد بهذا.

على أية حال أيها الإخوة: لا عجب ولا غرابة إذا كان الذي يضع هذه الآية فوق هذا الإعلان ممن لا حظ لهم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

فلا تجنين من شوكٍ عنباً     وإن من زرع شيئاً حصده

نحن أيها الشباب! نحن أيها الإخوة! نحن أيها المسلمون! ما الذي زرعناه في شبابنا حتى نجني منهم هذه الهتافات، وهذا التصفيق والإزعاج، وهذا الذهاب والإياب في الطرقات والشوارع، وإيذاء المسلمين، وانتهاك بعض حرماتهم.

أسأل الله جل وعلا أن يكفينا شر العقوبة، أسأل الله جل وعلا أن يحسن لنا ولكم الخاتمة، أسأل الله جل وعلا ألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة اسٌتمع
أيها الشاب! حاول وأنت الحكم [الحلقة الأولى] 2463 استماع
أيها الشاب! من أنت؟! 2223 استماع
الشباب اللاهثون 2194 استماع
كلمة الشباب 1995 استماع
الشباب بين الشهوة والشبهة 1676 استماع
الشباب بين الواقع والأمل 1668 استماع
شباب مشغولون بلا مهمة 1568 استماع
الشباب والتجدد 1311 استماع
الشباب بين فقه الطيور والجهاد 1146 استماع
الشباب بين غرور النفس واحتقار الذات(1-2) 1103 استماع