أيها الشاب! حاول وأنت الحكم [الحلقة الثانية]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

أيها الأحبة: إنني في مقدمة هذا اللقاء أقول: لعل أحبابنا اختاروا عنواناً وهو سابقٌ لمسمىً سلف: أيها الشاب! حاول وأنت الحكم.. محاضرة كانت في المعهد المهني لفئةٍ يقتضي الخطاب توجيه الحديث إليها على النحو الذي سمعتموه، ولعل من بين أحبابنا وشبابنا من يحتاج إلى تكرار الخطاب بلغة أخرى، وعبارة مختلفة، وفكرة متجددة، وما القصد إلا ابتغاء وجه الله جل وعلا، وما الغاية إلا الدعوة إليه بالحسنى، فنسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم السداد في القول والإخلاص في العمل، أسأله جل وعلا ألا يفتنا، وألا يفتن بنا، وألا يجعلنا وإياكم فتنةً للظالمين.

أيها الشاب! أيها الأخ الحبيب! من منطلق الحرص أتحدث إليك، والله من منطلق النصيحة أتكلم بين يديك، كلاماً من القلب خالصاً عساه يصل إلى قلبك مخلصاً، وإياك واحذر أن تجعل بيني وبين قلبك شهوات تحول، أو شيطان يشكك، أو ريبة تتردد، فحينئذٍ يحال بينك وبين الموعظة والنصيحة.

أيها الشاب! قد أقسو عليك في هذه العبارة، وما قسوت إلا حباً لك.

قسا ليزدجروا ومن يكُ راحماً     فليقس أحياناً على من يرحم

وقد أعاتبك وتعاتبني

لعل عتبك محمود عواقبه     فربما صحت الأبدان بالعلل

أيها الشاب: إنها دقائق ستمضي هذا اليوم من عمري وعمرك، وتذكر أنا وإياك في هذا المسجد أننا سنمضي ساعةً، أو ما يزيد على الساعة، وتأمل أن غيرك من الشباب بعضهم يداعب أوتار عوده، والآخر يطبل على جلد طبلته، والثالث يترنم على أنغام موسيقاه، والرابع يقلب البصر في صورته، والخامس يردد النظر في شاشة فيها فيلم خليع، أو أمر رقيع، أو شيء لا يليق.. إنها ساعة مضت عليك في هذا المسجد، ومضت على غيرك سواءً على رصيف، أو في غرفة، أو في غفلة، أو في سر أو علانية.

وإني في بداية هذا المحاضرة أدعوكم لكي نسكت دقيقةً واحدةً على سبيل المثال، وأريد من كل واحد منكم أن يذكر الله خلال هذه الدقيقة، وسأبدؤها موقتاً هذه الساعة من الآن لكي نذكر الله سبحانه وتعالى، فاذكروه سبحانه لكي نصل إلى نتيجة معينة.

لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، اللهم أنت ربنا لا إله إلا أنت خلقتنا ونحن عبيدك، ونحن على عهدك ووعدك ما استطعنا، نعوذ بك من شر ما صنعنا، ونبوء لك بنعمك علينا، ونبوء بذنوبنا، فاغفر لنا فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، اللهم اجعل لنا من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلوى عافيةً، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، نستغفرك اللهم ونتوب إليك، نستغفرك اللهم ونتوب إليك، نستغفرك اللهم ونتوب إليك، لا إله إلا أنت، سبحان الله عدد خلقه، ورضى نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.

أيها الأحبة: انتهت هذه الدقيقة، وقصدت بذلك ضرب المثال أن هذه الدقيقة سجلت علينا وعليكم، وكتبت لنا ولكم، وسطرت بين أيدينا وبين أيديكم بإذن الله ومنه وفضله ومشيئته ورحمته في موازين أعمال صالحة، وفي كفة حسنات، ولقد مرت هذه الدقيقة على قوم يغتابون، أو قوم يزنون، أو قوم يسرقون، أو على اللهو يتفرجون، أو إلى الباطل ينظرون، أو إلى الغناء والخنا يستمعون، هكذا العمر أيامٌ وساعاتٌ ودقائقٌ وثوان، فإنها دقيقةٌ أودعتها كنزاً من عمل صالح؛ من تسبيح وتهليل وتذكر، ثم مضت وكتبتها الملائكة الكرام الكاتبون، وأودعتها، وستجدها وتلقاها: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ [آل عمران:30] وسيلقى الغافلون في تلك الدقيقة التي صمتنا فيها ذاكرين، سيلقون ما كانوا يعملون، وسيجزون ما كانوا يكسبون.

أيها الأحبة: أيها الشباب! اعلم أن الخير فينا وفيك أصيل، اعلم أنك خلقت على الحنيفية السمحة، وفطرت على الإسلام، قال صلى الله عليه وسلم: (ما من مولودٍ إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو يمجسانه، أو ينصرانه)، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: (قال الله عز وجل: خلقت عبادي كلهم حنفاءً، فاجتالتهم الشياطين).

أيها الشاب: خلقت مفطوراً على الإسلام، خلقت حنيفاً مكرماً طيباً صالحاً، ولكن ما الذي أغواك؟ وما الذي أهواك؟ وما الذي أضلك؟ وما الذي غيرك؟ ما الذي سخر سمعك وبصرك وأذنك للحرام؟ ما الذي جعل رجلك تمشي إلى الحرام، ويدك تقبض وتبطش بالحرام؟

أيها الشاب: في بداية هذا اللقاء أقول: إني -والله- سعيد بالحديث إليك، عسى أن تكون هذه المحاضرة سبباً في الاتصال الدائم بيننا على هداية وتوبة، ولعلها أن تكون ليلة تاريخية بها فرقت بين الحق والباطل، واتجهت من الضلالة إلى الهدى، ومن الزيغ إلى الاستقامة، ومن الانحراف إلى الهداية، لعلها أن تكون ليلةً طلقت فيها كل ما يغضب الله وكل ما خالفت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولتكون بداية لترتفع بنفسك ولتسمو بأخلاقك، ولتزهو بإيمانك .. لتشرف فيما فضلك الله به، واحذر أن تكون ممن اتبع خطوات الشيطان، فضل وأضل، ونأى عن سواء السبيل.

أخي الحبيب: أيها الشاب! ما هي أمنيتك؟ وما هي أهدافك؟ وما هي غاياتك؟ هل لك هدف في حياتك، أم أنك من الذين يسيرون في الدنيا بلا هدف؟ هل لك غايةٌ في حياتك، أم من الذين يسعون في الحياة بلا غاية؟ هل لك طموحات؟ وهل لك آمال؟ وهل لك مشاعر بها تفكر؟ وهل لك عقل به تتدبر؟ أم أنت خالٍ من هذا كله؟

إن الذي يسير في هذه الحياة بلا غاية، وبلا أمنية، وبلا هدف؛ فهو كالبهيمة التي تأكل وتعلف، وتشرب وتخرج، ولا تدري متى تنحر، أما العاقل الذي ميزه الله بعقل، وكرمه الله بحجىً ولب، فهو ذلك الذي يخطط لحياته، وينظر إلى غاية ويسعى إليها.

فيا أيها الشاب: إلى متى الغفلة؟ وإلى متى البعد؟ وإلى متى الإعراض عن طاعة الله؟ .. أتأبى أن تكون من المهتدين؟ أترفض أن تكون من الصالحين؟ أتمانع أن تكون من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟ أتصر على أن تكون من الغافلين؟ أتصر على أن تكون من الغاوين؟ أتكابر حتى تبقى ظالماً لنفسك؟ أتكابر حتى تبقى على صراط من الشيطان قد زين به شهوة، وذلل به غواية، ونأى بك عن هداية؟

أخي الحبيب: أتريد أن تكون من أهل الجنة أم تأبى؟ قال صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله! ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى).

من ربح الله فماذا خسر؟ ومن خسر الله فماذا ربح؟

أيها الشاب: اعلم أنك إما رابحٌ أو خاسرٌ، وإما تاجرٌ أو فقيرٌ، وإما عزيزٌ أو حقيرٌ، وإما قويٌ أو ضعيفٌ، وإما متمكنٌ أو ذليلٌ، فإن حصلت لك طاعة الله ورضي الله عنك، وتاب عليك، وسجلت ملائكته عنك في صحيفتك أعمالاً صالحةً؛ فاعلم أنك من التجار ومن الأثرياء والأكابر والعظماء .. إذا خسرت الدنيا بكل ما فيها، وفزت بطاعة الله، ونلت رضى الله، فأنت من الفائزين، ومن الأثرياء الرابحين، وإن حصلت لك الدنيا بكل ما فيها وما عليها، وخسرت الآخرة، فأنت مغبونٌ، ومعاذ الله أن تكون من المغضوب عليهم أو الضالين!

أيها الشاب: اعلم أن كل من تزخرفت له دنياه، وزانت له حياته، وتذللت له سبل الرفاهية، مهما كان في أنعم عيش وأرق فراش وأطيب طعام وألذ شراب، إن كان طول حياته منذ أن ولد إلى أن يموت على هذه الحياة المنعمة المدللة، فليعلم أن ذلك كله لا يساوي لحظة يجابه ويواجه ويقابل فيها ملائكة الموت يوم تحل به، وتقبض روحه، ويوم يعيش أول ليلة في قبره، ويوم يغمس غمسة إما في جنة وإما في نار.

قال صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في جهنم صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم! هل رأيت خيراً قط؟ هل مرَّ بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغةً، فيقال له: يا ابن آدم! هل رأيت بؤساً قط؟ هل مرَّ بك شدةٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مرَّ بي بؤس قط، ولا رأيت شدةً قط).

تأمل -أيها الشاب- هذا الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم رحمه الله، أن من عاش الدنيا كلها في لذة، ولكن ثانية من العذاب تنسيه كل لذات الدنيا، وأن من عاش الدنيا في فقر ونكد وضنك في حياته ومعيشته، ثم ذاق ثانية من نعيم في الجنة، فإن هذه الثانية تنسيه كل البلايا والمصائب وكل الشدة والنصب.

ما ضرَّ من كانت الفردوس مسكنه     ماذا تجرع من بوسٍ وإقتارِ

تراه يمشي كئيباً خائفاً وجـلاً     إلى المساجد يمشي بين أطمارِ

يا نفس مالك من صبرٍ على النار     قد حان أن تقبلي من بعد إدبار

أيها الشاب: إلى متى تظل أسيراً في يد عدوك يسوقك إلى الهزيمة والخسارة كيفما شاء؟

أيها الشاب.. هل ترضى أن تعيش كبهيمة تأكل وتشرب وتنكح بدون هدف في هذه الحياة؟

إلى متى -يا أخي الحبيب- والشهوة تسوقك، والشيطان يقودك، والأغنية تنسيك، والصورة تؤجج شهوتك، وتشعل غرائزك؟

أخي الحبيب: تخيل نفسك وقد فاز الفائزون، ونجح الناجحون، وسبق السابقون، وتخيل نفسك وأنت ترى أنه قد هلك الهالكون، وسقط الساقطون، ورسب الراسبون، وخسر المبطلون، فيومئذٍ مع من ستكون؟!

نعم الله عليك لا تسخرها في معصيته جل وعلا

أيها الشاب: إن نعم الله عليك تترى، والله لو كنت أعمى ما عصيت الله بنظر في حرام، ولو كنت أصماً لا تسمع ما عصيت الله بسمعٍ في حرام، ولو كنت مشلولاً ما مشيت على رجليك خطوة إلى حرام، ولو كنت معوقاً ما مددت يدك لتقبض حراماً، أو لتبذل حراماً.

أيها الشاب: من الذي آتاك السمع؟ ومن الذي خلق فيك البصر؟ ومن الذي جعل لك الفؤاد؟ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ * قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [الملك:23-24] إليه ستردون وستعودون، وسيحاسبكم على ما أنعم عليكم: أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً [القيامة:36].

أيها الشاب: أخُلق فيك السمع والبصر والفؤاد والجوارح من أجل أن تجعلها في لذات حرمها الله، أو شهوات منعها الله سبحانه وتعالى؟! لا، والله ستسأل عن هذا كله.. أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً [القيامة:36]، أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ [المؤمنون:115].

أيها الشاب! أما آن لك أن ترجع

أيها الشاب: هل تحررت من قيود الشهوة، وعبودية الغفلة، فهل تقولها صريحة؟ من منا أيها الشباب يعلنها صريحة لوجه الله، لا خوفاً من شرطي أو بوليس، ولا خوفاً من سلطان، ولا خوفاً من كبير أو صغير، نعم.. إن الشباب قد يتحدى كل قوة، ويصارع كل قوة، ويعاند كل قوة، ولكن قوة الشباب إذا نظر بها إلى عظمة الله وقوته وجبروته وملكوته، وما ينبغي لوجه الله وجلاله، وإكرامه وخشيته، فإن الشاب يعلنها صريحة إذا كان له في الإيمان حظ، وفي الهداية نصيب.. فهل تتحرر من قيود شهوتك؟ وهل تتخلص من أسر جلسائك؟ فهل تعلنها صريحة، فتقول: كل باطل ولهو وغفلة وشهوة ومعصية وموبقة حرام، كلها عدو لي إلا رب العالمين، الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء:78-82]؟

أتقولها بجرأة؟ أتقولها بقوة؟ أتعلنها بصراحة؟ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ [البقرة:63]، يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ [مريم:12].

أيها الشاب: اعلم أن نعمة الله عليك في الإسلام عظيمة، ولو شاء الله لكنت هندوسياً ممن يتعبدون للأصنام والأوثان، أو بوذياً ممن يتقلب تحت أذناب ورجل بوذا، أو كنت مجوسياً، أو صابئياً ممن يعبدون الشمس والكواكب، أو كنت نصرانياً ممن يقول: إن الله ثالث ثلاثة، أو كنت يهودياً ممن لعنهم الله وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، لو شاء الله لكنت واحداً من أولئك، لقد منَّ الله عليك بالإسلام، فكيف ترضى أن تجعل الإسلام خلفك ظهرياً؟! لقد منَّ الله عليك بالإيمان، فكيف تترك الصراط وتبتعد عنه بعيداً؟ لقد منَّ الله عليك بالإسلام، فهل تكون من جنود هذا الدين، أم تكون من جنود أعداء دينك؟

اكفر بمبدأ من قال: لست أدري

أيها الشاب: إذا كنت تسير إلى غاية، وتعرف هدفك في الحياة، فتقول: أنا لله وبالله، وإلى الله وعلى الله ولله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإن كنت ممن اتبع هواه، وركن إلى نفسه، وغره الغارون، ومدحه في معصيته المادحون، فهو ممن يسير في الدنيا ويجهل غايته، بل يجهل بدايته ونهايته.

لقد ضل ضال من الضلال، وقالها واحد من الحائرين، قال مسكيناً جاهلاً تافهاً في فكره وقوله، قال:

جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت

ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت

وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيت

كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟ لست أدري

ولماذا لست أدري؟ لست أدري

إن الذين أعرضوا عن الدين يعيشون بمثل هذا المنطق لا يدرون فيما يعيشون، ولم يعيشون، وكيف يعيشون، وإلى أي غاية يسيرون، وإلى أي هدف يسعون، أولئك أقوامٌ مبدؤهم لست أدري، وغايتهم لست أدري.

والكلام في هذه المحاضرة ليس للشاب وحده، بل للشاب والشابة، للذكر والأنثى، للرجل والمرأة، للفتى والفتاة.. يقول أحد الضلال الذين أدبروا عن الإسلام، وجعلوا الإسلام خلفهم ظهرياً، يقول:

أجديد أم قديمٌ أنا في هذا الوجود

هل أنا حرٌ طليقٌ، أم أسير في قيود؟

هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود؟

أتمنى أنني أدري ولكن لست أدري.

نعم.. عندما بعد عن طاعة الله، وعن كلام الله وسنة رسول الله، فهو لا يدري، وسوف تقف عليه الملائكة في قبره، ويأتيه ملكان عظيمان، فيجلسانه ويقولان له: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟، فيقول: هاه .. هاه لا أدري، فيقولان: لا دريت ولا تليت، ويضربانه بمطرقة من حديد يصرخ بعدها صرخة يسمعه كل من على الأرض إلا الثقلين .. هذا الجاهل وهذا الضال الذي استدبر الهدف، وولى بعيداً عن طريق الهداية، يتكلم عن طريقه فيقول:

وطريقي ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟

هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور؟

أأنا السائر في الدرب أم الدرب يسير؟

أم كلانا واقف والدهر يجري؟ لست أدري

أوراء القبر بعد الموت بعث ونشور؟

فحياةٌ فخلودٌ أمم فناءٌ فدثور؟

أكلام الناس صدقٌ أم كلام الناس زور؟

أصحيح أن بعض الناس يدري لست أدري

نعم.. عندما أعرض عن الله، وعن كلام الله، وأعرض عن مجالس يذكر فيها الله، وأعرض عن حلق يتلى فيها كلام الله، بات لا يدري، وسيظل لا يدري، وربما خرج من الوجود وهو لا يدري.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا [الأنعام:122].

أيها الشاب: إن كنت مسلماً فتبرأ من هذا الذي قال: لست أدري، وقل: بلى أدري.. وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] بلى أدري.. إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156]، بلى أدري.. يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ [آل عمران:30]، بلى أدري أن الله سيضع الموازين.. وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47]، قل: بلى أدري.. وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49]، قل: بلى أدري، وستدري وتعلم إذا أنت استفدت من عقلك، واستفدت من سمعك وبصرك، أما إن كنت من الذي قال الله عنهم: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا [الأعراف:179]، معاذ الله، ونعوذ بالله أن نكون منهم وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].

لهم أبصار تبصر بدرجة ستة على ستة من قوة ودقة الإبصار، لكنها رأت صورة خليعة، وفتنة عظيمة، ومجلة رقيعة، وشهوة محرمة.. لكنها ما رأت ملكوت السماوات والأرض، ما تدبرت في خلق الله، ترى شيئاً من البنيان فتتعجب، وما تتعجب وتتفكر من سماء رفعها الله بغير عمد.. تجد أمتاراً قد حفرت في الأرض فتتعجب، ولكنها لا تعجب من جبال ينسفها الله يوم القيامة، فيذرها قاعاً صفصفاً، لا تتعجب من جبال لو سخرت فيها جيوش الدنيا ما حركتها من مواقعها، ولكنها بأمر من الله وبكلمة (كن) من الله جل وعلا، يجعلها الله كالعهن المنفوش، يجعلها الله هباءً منثوراً، يجعلها الله تمشي وتسير.. وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ [النمل:88].

أيها الشاب: إن كنت صادقاً فإياك أن تقول: لا أدري، ولن أدري، وسأظل لا أدري، ولكن قل: دريت وعلمت، واستقمت وسمعت وأطعت.. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا [البقرة:104]، أطيعوا الله جل وعلا.

أيها الشاب: اعلم أنك إما رابحٌ أو خاسرٌ، وإما تاجرٌ أو فقيرٌ، وإما عزيزٌ أو حقيرٌ، وإما قويٌ أو ضعيفٌ، وإما متمكنٌ أو ذليلٌ، فإن حصلت لك طاعة الله ورضي الله عنك، وتاب عليك، وسجلت ملائكته عنك في صحيفتك أعمالاً صالحةً؛ فاعلم أنك من التجار ومن الأثرياء والأكابر والعظماء .. إذا خسرت الدنيا بكل ما فيها، وفزت بطاعة الله، ونلت رضى الله، فأنت من الفائزين، ومن الأثرياء الرابحين، وإن حصلت لك الدنيا بكل ما فيها وما عليها، وخسرت الآخرة، فأنت مغبونٌ، ومعاذ الله أن تكون من المغضوب عليهم أو الضالين!

أيها الشاب: اعلم أن كل من تزخرفت له دنياه، وزانت له حياته، وتذللت له سبل الرفاهية، مهما كان في أنعم عيش وأرق فراش وأطيب طعام وألذ شراب، إن كان طول حياته منذ أن ولد إلى أن يموت على هذه الحياة المنعمة المدللة، فليعلم أن ذلك كله لا يساوي لحظة يجابه ويواجه ويقابل فيها ملائكة الموت يوم تحل به، وتقبض روحه، ويوم يعيش أول ليلة في قبره، ويوم يغمس غمسة إما في جنة وإما في نار.

قال صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في جهنم صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم! هل رأيت خيراً قط؟ هل مرَّ بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغةً، فيقال له: يا ابن آدم! هل رأيت بؤساً قط؟ هل مرَّ بك شدةٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مرَّ بي بؤس قط، ولا رأيت شدةً قط).

تأمل -أيها الشاب- هذا الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم رحمه الله، أن من عاش الدنيا كلها في لذة، ولكن ثانية من العذاب تنسيه كل لذات الدنيا، وأن من عاش الدنيا في فقر ونكد وضنك في حياته ومعيشته، ثم ذاق ثانية من نعيم في الجنة، فإن هذه الثانية تنسيه كل البلايا والمصائب وكل الشدة والنصب.

ما ضرَّ من كانت الفردوس مسكنه     ماذا تجرع من بوسٍ وإقتارِ

تراه يمشي كئيباً خائفاً وجـلاً     إلى المساجد يمشي بين أطمارِ

يا نفس مالك من صبرٍ على النار     قد حان أن تقبلي من بعد إدبار

أيها الشاب: إلى متى تظل أسيراً في يد عدوك يسوقك إلى الهزيمة والخسارة كيفما شاء؟

أيها الشاب.. هل ترضى أن تعيش كبهيمة تأكل وتشرب وتنكح بدون هدف في هذه الحياة؟

إلى متى -يا أخي الحبيب- والشهوة تسوقك، والشيطان يقودك، والأغنية تنسيك، والصورة تؤجج شهوتك، وتشعل غرائزك؟

أخي الحبيب: تخيل نفسك وقد فاز الفائزون، ونجح الناجحون، وسبق السابقون، وتخيل نفسك وأنت ترى أنه قد هلك الهالكون، وسقط الساقطون، ورسب الراسبون، وخسر المبطلون، فيومئذٍ مع من ستكون؟!

أيها الشاب: إن نعم الله عليك تترى، والله لو كنت أعمى ما عصيت الله بنظر في حرام، ولو كنت أصماً لا تسمع ما عصيت الله بسمعٍ في حرام، ولو كنت مشلولاً ما مشيت على رجليك خطوة إلى حرام، ولو كنت معوقاً ما مددت يدك لتقبض حراماً، أو لتبذل حراماً.

أيها الشاب: من الذي آتاك السمع؟ ومن الذي خلق فيك البصر؟ ومن الذي جعل لك الفؤاد؟ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ * قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [الملك:23-24] إليه ستردون وستعودون، وسيحاسبكم على ما أنعم عليكم: أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً [القيامة:36].

أيها الشاب: أخُلق فيك السمع والبصر والفؤاد والجوارح من أجل أن تجعلها في لذات حرمها الله، أو شهوات منعها الله سبحانه وتعالى؟! لا، والله ستسأل عن هذا كله.. أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً [القيامة:36]، أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ [المؤمنون:115].

أيها الشاب: هل تحررت من قيود الشهوة، وعبودية الغفلة، فهل تقولها صريحة؟ من منا أيها الشباب يعلنها صريحة لوجه الله، لا خوفاً من شرطي أو بوليس، ولا خوفاً من سلطان، ولا خوفاً من كبير أو صغير، نعم.. إن الشباب قد يتحدى كل قوة، ويصارع كل قوة، ويعاند كل قوة، ولكن قوة الشباب إذا نظر بها إلى عظمة الله وقوته وجبروته وملكوته، وما ينبغي لوجه الله وجلاله، وإكرامه وخشيته، فإن الشاب يعلنها صريحة إذا كان له في الإيمان حظ، وفي الهداية نصيب.. فهل تتحرر من قيود شهوتك؟ وهل تتخلص من أسر جلسائك؟ فهل تعلنها صريحة، فتقول: كل باطل ولهو وغفلة وشهوة ومعصية وموبقة حرام، كلها عدو لي إلا رب العالمين، الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء:78-82]؟

أتقولها بجرأة؟ أتقولها بقوة؟ أتعلنها بصراحة؟ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ [البقرة:63]، يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ [مريم:12].

أيها الشاب: اعلم أن نعمة الله عليك في الإسلام عظيمة، ولو شاء الله لكنت هندوسياً ممن يتعبدون للأصنام والأوثان، أو بوذياً ممن يتقلب تحت أذناب ورجل بوذا، أو كنت مجوسياً، أو صابئياً ممن يعبدون الشمس والكواكب، أو كنت نصرانياً ممن يقول: إن الله ثالث ثلاثة، أو كنت يهودياً ممن لعنهم الله وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، لو شاء الله لكنت واحداً من أولئك، لقد منَّ الله عليك بالإسلام، فكيف ترضى أن تجعل الإسلام خلفك ظهرياً؟! لقد منَّ الله عليك بالإيمان، فكيف تترك الصراط وتبتعد عنه بعيداً؟ لقد منَّ الله عليك بالإسلام، فهل تكون من جنود هذا الدين، أم تكون من جنود أعداء دينك؟

أيها الشاب: إذا كنت تسير إلى غاية، وتعرف هدفك في الحياة، فتقول: أنا لله وبالله، وإلى الله وعلى الله ولله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإن كنت ممن اتبع هواه، وركن إلى نفسه، وغره الغارون، ومدحه في معصيته المادحون، فهو ممن يسير في الدنيا ويجهل غايته، بل يجهل بدايته ونهايته.

لقد ضل ضال من الضلال، وقالها واحد من الحائرين، قال مسكيناً جاهلاً تافهاً في فكره وقوله، قال:

جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت

ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت

وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيت

كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟ لست أدري

ولماذا لست أدري؟ لست أدري

إن الذين أعرضوا عن الدين يعيشون بمثل هذا المنطق لا يدرون فيما يعيشون، ولم يعيشون، وكيف يعيشون، وإلى أي غاية يسيرون، وإلى أي هدف يسعون، أولئك أقوامٌ مبدؤهم لست أدري، وغايتهم لست أدري.

والكلام في هذه المحاضرة ليس للشاب وحده، بل للشاب والشابة، للذكر والأنثى، للرجل والمرأة، للفتى والفتاة.. يقول أحد الضلال الذين أدبروا عن الإسلام، وجعلوا الإسلام خلفهم ظهرياً، يقول:

أجديد أم قديمٌ أنا في هذا الوجود

هل أنا حرٌ طليقٌ، أم أسير في قيود؟

هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود؟

أتمنى أنني أدري ولكن لست أدري.

نعم.. عندما بعد عن طاعة الله، وعن كلام الله وسنة رسول الله، فهو لا يدري، وسوف تقف عليه الملائكة في قبره، ويأتيه ملكان عظيمان، فيجلسانه ويقولان له: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟، فيقول: هاه .. هاه لا أدري، فيقولان: لا دريت ولا تليت، ويضربانه بمطرقة من حديد يصرخ بعدها صرخة يسمعه كل من على الأرض إلا الثقلين .. هذا الجاهل وهذا الضال الذي استدبر الهدف، وولى بعيداً عن طريق الهداية، يتكلم عن طريقه فيقول:

وطريقي ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟

هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور؟

أأنا السائر في الدرب أم الدرب يسير؟

أم كلانا واقف والدهر يجري؟ لست أدري

أوراء القبر بعد الموت بعث ونشور؟

فحياةٌ فخلودٌ أمم فناءٌ فدثور؟

أكلام الناس صدقٌ أم كلام الناس زور؟

أصحيح أن بعض الناس يدري لست أدري

نعم.. عندما أعرض عن الله، وعن كلام الله، وأعرض عن مجالس يذكر فيها الله، وأعرض عن حلق يتلى فيها كلام الله، بات لا يدري، وسيظل لا يدري، وربما خرج من الوجود وهو لا يدري.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا [الأنعام:122].

أيها الشاب: إن كنت مسلماً فتبرأ من هذا الذي قال: لست أدري، وقل: بلى أدري.. وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] بلى أدري.. إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156]، بلى أدري.. يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ [آل عمران:30]، بلى أدري أن الله سيضع الموازين.. وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47]، قل: بلى أدري.. وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49]، قل: بلى أدري، وستدري وتعلم إذا أنت استفدت من عقلك، واستفدت من سمعك وبصرك، أما إن كنت من الذي قال الله عنهم: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا [الأعراف:179]، معاذ الله، ونعوذ بالله أن نكون منهم وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].

لهم أبصار تبصر بدرجة ستة على ستة من قوة ودقة الإبصار، لكنها رأت صورة خليعة، وفتنة عظيمة، ومجلة رقيعة، وشهوة محرمة.. لكنها ما رأت ملكوت السماوات والأرض، ما تدبرت في خلق الله، ترى شيئاً من البنيان فتتعجب، وما تتعجب وتتفكر من سماء رفعها الله بغير عمد.. تجد أمتاراً قد حفرت في الأرض فتتعجب، ولكنها لا تعجب من جبال ينسفها الله يوم القيامة، فيذرها قاعاً صفصفاً، لا تتعجب من جبال لو سخرت فيها جيوش الدنيا ما حركتها من مواقعها، ولكنها بأمر من الله وبكلمة (كن) من الله جل وعلا، يجعلها الله كالعهن المنفوش، يجعلها الله هباءً منثوراً، يجعلها الله تمشي وتسير.. وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ [النمل:88].

أيها الشاب: إن كنت صادقاً فإياك أن تقول: لا أدري، ولن أدري، وسأظل لا أدري، ولكن قل: دريت وعلمت، واستقمت وسمعت وأطعت.. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا [البقرة:104]، أطيعوا الله جل وعلا.

أيها الشاب: من أي أقسام الشباب أنت؟ إن هناك أصنافاً وأقساماً وأنواعاً من الشباب.. فمن الشباب من طموحه سيارة فخمة، ومنهم من طموحه شهوة عارضة، ومنهم من طموحه قطعة من أرض، ومنهم من طموحه زوجة جميلة، ومنهم من تتعدى طموحاته إلى أمر عجيب؛ لأن همته عالية، ولأن أمانيه عالية جداً، فمن الشباب من يطمح أن يرى عزة الإسلام، ونصر المسلمين، ومنهم من يطمح أن يكون داعيةً، أو عالماً، أو مجاهداً، تأمل هذين المثلين!

تأمل فرقاً بين الهداية والغواية، بين الغاية والنهاية، شابٌ يقتل شهيداً في سبيل الله، والآخر يقتل قد طبق عليه حد الحرابة، أو حد القصاص، أو حدٌ لجريمة أو فاحشة، أو أمر من الأمور الخطيرة العظيمة، إن النهاية واحدة هي القتل، لكن هذا قتل شهيداً في سبيل الله، وذلك قتل قصاصاً من ظلم ارتكبه .. إن ذاك قتل لكي يغفر له عند أول قطرة من دمه، وأما ذاك فقتل في حال ليكون عبرة للمعتبرين .. إن هذا قتل ورأى مقعده من الجنة، وشفع في سبعين من أهل بيته، وأمن فتنة القبر ومنكر ونكير ، وهولاً عظيماً، والآخر قتل وما كان قتله إلا في نهاية مرحلة طويلة من الشهوات والسيئات والمعاصي والمنكرات، وكم طرق أذنه من المواعظ والنصائح، ولكن كان عنها بعيداً.

أيها الشاب: من أي أقسام الشباب أنت؟ شابٌ يسهر الليل يتقلب على فراشه أسفاً وحزناً لواقع الأمة الإسلامية، التي أصبحت تئن تحت مطارق أعداء المسلمين؛ من صرب ومجوس وهندوس وملاحدة، ومن يهود ونصارى، وشابٌ تترقرق دموعه على خده؛ لأن حبيبته هجرته وما كلمته .. شابٌ يسهر يفكر في أمر الإسلام والمسلمين، وآخر يسهر ينتظر مكالمة من عشيقته .. شابٌ يسهر يفكر كيف يخدم دينه، وآخر يسهر ينتظر شهوةً محرمةً .. شابٌ يسهر يفكر كيف يعتق نفسه من عذاب الله، تجده سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ، وأما الآخر، فقد أوبق نفسه.. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:10]، وقد أذلها وأغواها بكثير من المعاصي .. تأمل شاباً تنفرج أسارير وجهه، وتبرق ملامح وجهه فرحاً وغبطةً وأنساً وتكبيراً وتهليلاً يوم أن انتصر الإسلام في موقعة من المواقع، أو أسلم كافرٌ من الكفار، أو اهتدى ضالٌ من الضلال، أو عاد إلى الحق وقد كان بعيداً عنه، أو رجع إلى الصلاة من هجر المسجد، أو عاد إلى البر والصلة من ارتكب القطيعة والعقوق، وآخر تجد أساريره تنفرج لأن فريقاً هزم فريقاً، وتجده يتهلل ويلتفت، وربما أتبع ذلك نعيقاً وصياحاً وصراخاً؛ لأن فريقاً هزم فريقاً.. فيا ضيعة الأعمار تمضي سبهللاً!

شباب يسافرون، فمنهم من يدعو إلى الله، ومنهم من يسير في سبيل الله، ومنهم من يسعى لحج بيت الله، ومنهم من يشد الرحال إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخر يسافر ليرى غانية أو باغية، أو كأساً من خمر، أو سيجارة من حشيش، أو شيئاً من عقاقير المخدرات، فشتان بين هذا وهذا.

تأمل -أيها الشاب- أن هناك فرقاً بين من إذا ذكر أثنت عليه المجالس، وحمدت مناقبه، ودعت له بظهر الغيب، وتمنى القوم أن يكون أبناؤهم مثله، وبين شاب إذا ذكر لم يذكر عند اسمه إلا العصيان والتمرد والغفلة والجريمة، فأي الفريقين أحق بالأمن من هؤلاء؟ ومن أي الشباب أنت؟ هل أنت ممن يحمد أو يذم؟ وهل أنت ممن يحمد على أمر، أم يذم على فاحشة ولا حول ولا قوة إلا بالله؟!

أيها الشاب: تأمل هذا الفرق وأنت الحكم بين الفريقين، فأما من سخط الله عليه فكل شيء عنده سبب في شقائه.. سيارته .. أشرطته .. ماله وعلاقاته، وكل ما عنده سببٌ في شقائه، وأما شابٌ آخر، فلو حرم كل شيء فلن يعجز أن يجد ما يصل به إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى، نعم، هؤلاء شباب الأمة.. مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ [الأعراف:168] صنفٌ تراهم: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [النور:36] وآخرون في المنتزهات، وآخرون يتسكعون في الطرقات، وآخرون في أماكن اللهو، وآخرون يعيشون حياة الضياع.

أيها الإخوة: عودٌ على بدء والعود أحمد.. فإذا تأملت أحوال الشباب بخلاصة ما ذكرت لك، فتجدهم إما شابٌ مستقيم، وإما شابٌ منحرف، أو شابٌ متحيرٌ بين بين.

فيا أخي الكريم: إياك أن تكون من المنحرفين، وإن كنت من المتذبذبين فعد، وإن كنت من المترددين فاجزم على الحق، وإن كنت من المستقيمين فاثبت.

شاب مستقيم

أما الشاب المستقيم فهو مؤمن بكل معنى الإيمان، مؤمن بإيمانه، فخورٌ بدينه، مغتبطٌ بإيمانه، يرى أن الظفر بالإسلام، والحرمان هو البعد عن هذا الدين، يعبد ربه وحده لا شريك له، تجده يفتخر أن يتبع محمداً صلى الله عليه وسلم، لم يقلد كافراً، ولم يفتخر أن كان قريباً من ضال من الضلال.. يقيم الصلاة ويرجو رحمة ربه.. يجني الفوائد والمصالح، وينفع مجتمعه.. يصوم شهره، ويؤدي فريضته.. يسافر حتى ولو بعدت الشقة لأجل الله ومرضاته، فذاك شابٌ مؤمنٌ بخالقه رب السماوات والأرض، مؤمنٌ بأركان الإيمان كلها، يدين بالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله وأئمة المسلمين وعامتهم، يدعو إلى ربه على بصيرة، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يحب الخير للمسلمين، ويشعر بمسئولية عظيمة.

قد هيئوك لأمرٍ إن فطنت لـه     فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

تجد هذا الشاب المؤمن مجاهداً في سبيل الله، وحريصاً على دين الله.. أخلاقه مهذبة، لين الجانب، رحب الصدر، كريم النفس، طيب القلب، هذا الشاب مفخرة الأمة، ورمز حياتها وسعادتها، وهو الشاب الذي نسأل الله أن يصلح به ما فسد من أحوال المسلمين، وأن ينير به الطريق للسالكين.

شاب منتكس ضال والعياذ بالله!

أما القسم الثاني من الشباب: فشابٌ مسكينٌ مسكينٌ مسكينٌ، ضعيفٌ في عقيدته، متهورٌ في سلوكه، مغرورٌ بنفسه، منغمرٌ في رذيلته، لا يقبل الحق من غيره، ولا يمتنع عن باطل في نفسه، أنانيٌ في تصرفاته، لا أثر في سلوكه، عنيدٌ، لا يلين للحق، ولا يقلع عن الباطل، لا تنفع فيه المواعظ، ولا ينـزجر بالنصائح، لا يبالي بما ضيع من حق الله، أو حقوق الآدميين، فوضويٌ فاقد الاتزان في تفكيره وفي سلوكه، وفاقد الاتزان في جميع تصرفاته، معجبٌ برأيه، كأنما الحق على لسانه، وربما رأى أنه معصومٌ من الزلل، وأما غيره فعرضة للخطأ ما دام مخالفاً لما يراه.. فذاك شابٌ مسكينٌ ناكبٌ عن الصراط، ناكبٌ عن كل خلق حميد، ولكنه قد زين له الشيطان سوء عمله فرآه حسناً، فهو من الأخسرين أعمالاً: الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً [الكهف:104].

يقضى على المرء في أيام محنتـه     حتى يرى حسناً ما ليس بالحسنِ

فمثل هذا الشاب شؤمٌ على نفسه، ونكبةٌ على مجتمعه، وبليةٌ على أمته، يجر بيته ويجر من حوله إلى أسفل سافلين، ويحول بينهم وبين العزة والكرامة، مثل ذلك الشاب الذي أصر وكابر ومضى واستمر وعاند على المعصية جرثومةٌ وبيئة قتالة صعبة العلاج إلا أن يشاء الله، والله على كل شيء قدير.

شاب بين الهداية والانتكاس

وأما القسم الثالث: وما أكثر أهل هذا القسم الثالث! وأكثر شباب أمتنا من هذا النوع، النوع الحائر المتردد على مفترق الطرق، عرف الحق واطمئن به، وعاش في مجتمع محافظ، إلا أنه انفتحت عليه أبواب الشر من كل جانب.. هناك من يشكك له في عقيدته، وآخر يدعوه إلى الانحراف في سلوكه، وثالث يدعوه إلى الفساد في عمله، وآخر يجرئه أن يخرج على المعروف من تقاليد وعادات أمته التي بها تتفاخر بكل حق وهدى، وجهات تدعوه إلى الباطل بتيارات متنوعة، فمثل هذا الشاب في دوامة فكرية ونفسية، وقف حيراناً أمام هذه التيارات، وله أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا، ولكن حيرته جعلته لا يدري هل الحق بين يديه أم الحق خلفه؟ هل الحق فيما عنده أم الحق مما وصل إليه من هذه التيارات والمبادئ والمسالك؟

ومثل هذا الشاب الذي بقي متردداً نقول له: حاول وأنت الحكم، وعد وأنت القادر بإذن الله جل وعلا على أن تدفع الهوى والشهوة والغفلة، فمثل هؤلاء الشباب الذين ترددوا واحتاروا، ربما وجدت بعضهم سلبياً في حياته، يحتاج إلى من يدعوه، يحتاج إلى من يقوده، يحتاج إلى من ييسر له الطريق، يحتاج إلى من يأخذ بيده ويرمي له حبلاً لينقذه من لجج البحر وأمواجه العاصفة المتلاطمة.

أيها الشاب: هل تستسلم؟

أيها الشاب: هل تنسحب من الساحة؟

أيها الشاب: هل تسلم العرين لخصمك؟

أيها الشاب: هل تعلن أن الشيطان غلبك، وأن أعداءك صرعوك، وأن شهوتك سحقتك، وأن نفسك غلبتك، وأن كل صغير وكبير أقدر من إرادتك عليك؟ إنها أخبار وأمور تتردد حولك، فمنها ما تعلق بالوسوسة والشبهات التي تدور في رأسك.

أما الشاب المستقيم فهو مؤمن بكل معنى الإيمان، مؤمن بإيمانه، فخورٌ بدينه، مغتبطٌ بإيمانه، يرى أن الظفر بالإسلام، والحرمان هو البعد عن هذا الدين، يعبد ربه وحده لا شريك له، تجده يفتخر أن يتبع محمداً صلى الله عليه وسلم، لم يقلد كافراً، ولم يفتخر أن كان قريباً من ضال من الضلال.. يقيم الصلاة ويرجو رحمة ربه.. يجني الفوائد والمصالح، وينفع مجتمعه.. يصوم شهره، ويؤدي فريضته.. يسافر حتى ولو بعدت الشقة لأجل الله ومرضاته، فذاك شابٌ مؤمنٌ بخالقه رب السماوات والأرض، مؤمنٌ بأركان الإيمان كلها، يدين بالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله وأئمة المسلمين وعامتهم، يدعو إلى ربه على بصيرة، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يحب الخير للمسلمين، ويشعر بمسئولية عظيمة.

قد هيئوك لأمرٍ إن فطنت لـه     فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

تجد هذا الشاب المؤمن مجاهداً في سبيل الله، وحريصاً على دين الله.. أخلاقه مهذبة، لين الجانب، رحب الصدر، كريم النفس، طيب القلب، هذا الشاب مفخرة الأمة، ورمز حياتها وسعادتها، وهو الشاب الذي نسأل الله أن يصلح به ما فسد من أحوال المسلمين، وأن ينير به الطريق للسالكين.

أما القسم الثاني من الشباب: فشابٌ مسكينٌ مسكينٌ مسكينٌ، ضعيفٌ في عقيدته، متهورٌ في سلوكه، مغرورٌ بنفسه، منغمرٌ في رذيلته، لا يقبل الحق من غيره، ولا يمتنع عن باطل في نفسه، أنانيٌ في تصرفاته، لا أثر في سلوكه، عنيدٌ، لا يلين للحق، ولا يقلع عن الباطل، لا تنفع فيه المواعظ، ولا ينـزجر بالنصائح، لا يبالي بما ضيع من حق الله، أو حقوق الآدميين، فوضويٌ فاقد الاتزان في تفكيره وفي سلوكه، وفاقد الاتزان في جميع تصرفاته، معجبٌ برأيه، كأنما الحق على لسانه، وربما رأى أنه معصومٌ من الزلل، وأما غيره فعرضة للخطأ ما دام مخالفاً لما يراه.. فذاك شابٌ مسكينٌ ناكبٌ عن الصراط، ناكبٌ عن كل خلق حميد، ولكنه قد زين له الشيطان سوء عمله فرآه حسناً، فهو من الأخسرين أعمالاً: الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً [الكهف:104].

يقضى على المرء في أيام محنتـه     حتى يرى حسناً ما ليس بالحسنِ

فمثل هذا الشاب شؤمٌ على نفسه، ونكبةٌ على مجتمعه، وبليةٌ على أمته، يجر بيته ويجر من حوله إلى أسفل سافلين، ويحول بينهم وبين العزة والكرامة، مثل ذلك الشاب الذي أصر وكابر ومضى واستمر وعاند على المعصية جرثومةٌ وبيئة قتالة صعبة العلاج إلا أن يشاء الله، والله على كل شيء قدير.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة اسٌتمع
أيها الشاب! حاول وأنت الحكم [الحلقة الأولى] 2463 استماع
أيها الشاب! من أنت؟! 2221 استماع
الشباب اللاهثون 2194 استماع
كلمة الشباب 1995 استماع
الشباب والرياضة 1691 استماع
الشباب بين الشهوة والشبهة 1675 استماع
الشباب بين الواقع والأمل 1667 استماع
شباب مشغولون بلا مهمة 1568 استماع
الشباب والتجدد 1311 استماع
الشباب بين فقه الطيور والجهاد 1145 استماع