القواعد لابن اللحام [21]


الحلقة مفرغة

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

وصلنا إلى القاعدة الرابعة والثلاثين.

الملقي: قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة الرابعة والثلاثون: (حتى) في اللغة للغاية، ومواضعها متعددة، وهي في قوله تعالى: حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة:230] كذلك، ومعناها: انتهاء التحريم الثابت بطلاق الزوج الأول عند وطء الثاني، فيعود الحل الذي كان قبل الطلاق بعقد جديد. وقال أبو حنيفة: معناها الرفع والقطع؛ كقوله تعالى: حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء:43] أي: ترفعوا الجنابة، وتقطعوا حكمها، فمعناه في الآية: حتى يرفع الزوج الثاني آثار النكاح الأول ويقطع أحكامه، وما قاله أبو حنيفة من جهة اللغة لا أصل له. وفرع بعضهم على هذا الخلاف، الخلاف في مسألة هدم الطلاق؛ وهي: أن من طلق زوجته دون الثلاث وتزوجت، ثم عادت إليه بنكاح جديد، فإنها تعود على ما بقي من نكاحها الأول عندنا على الصحيح من الروايتين عن أحمد ؛ لأن النكاح الثاني علم على انتهاء علة التحريم، فلا مدخل له في هدم الطلاق. وعند أبي حنيفة تعود بطلاق كامل؛ لأن الزوج رفع آثار العقد الأول وقطع حكمه].

اختلاف علماء الأصول في معنى (حتى) وذكر بعض المسائل في ذلك

الشيخ: ما زال المؤلف يتحدث عن بعض حروف الجر التي لها معان كثيرة في لغة العرب، وقد اختلف علماء الأصول فيها، ومن ذلك (حتى)، فـ(حتى) المعروفة تكون بمعنى الغاية، فقوله تعالى: حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230]، اختلف الفقهاء في معنى هذه الآية، فعلى المعنى الأول وهو قول أكثر الفقهاء أن معنى حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230]، معناها: إلى غاية انتهاء التحريم الثابت بطلاق الزوج الأول عند وطء الثاني، وعلى هذا قالوا: فيعود الحل الذي كان قبل الطلاق بعقد جديد.

بمعنى: أن الزوج الثاني لا يبيح للزوج الأول أن يعود إلا بانتهاء غايته، وانتهاء غايته لا يتحقق إلا بعقد جديد، ويحصل معه المتعة.

وأبو حنيفة رحمه الله قال: إن (حتى) تأتي بمعنى الرفع، كقوله تعالى: حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء:43] يعني: حتى ترفعوا عنكم الجنابة، فكأن معنى: حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230] قال: حتى يرفع الزوج الثاني آثار النكاح الأول.

إذاً ما الفرق بين الأمرين؟

الفرق أن أبا حنيفة يرى أن وجود الزوج الثاني يرفع آثار العقد الأول.

أما القول الثاني فإنه يقول: لا، إن الزوج الثاني يبيح للزوجة أن ترجع للزوج الأول دون علاقة بآثار النكاح الأول، بمعنى: أن الرجل لو طلق امرأته ثلاثاً مثلاً فإنها لا تباح للزوج الذي طلقها حتى تنكح زوجاً غيره، ولهذا قال العلماء: إن كلمة النكاح كلها تطلق في القرآن والسنة بمعنى العقد إلا في هذه الآية فإنها تطلق بمعنى الوطء.

قال الجمهور: إن معنى حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230]، حتى ينتهي التحريم الثابت بالرجوع إلى الزوج الأول، أو بطلاق الزوج الأول عند وطء الثاني.

أبو حنيفة يقول: لا، الحكم أن الزوج الثاني يرفع جميع آثار الزوج الأول.

ارتباط معنى (حتى) باختلاف العلماء في مسألة هدم الطلاق

وعلى هذا وقع الخلاف في مسألة هدم الطلاق، صورة المسألة: لو أن زيداً تزوج فاطمة، ثم طلقها تطليقتين ولم يراجعها حتى انتهت عدتها جاز لها أن تنكح أي زوج، فلو أنها تزوجت علياً، فهل زواجها بعلي يهدم الطلاق الذي وقع عليها من زوجها الأول؟

بمعنى: هل يرفع آثار العقد الأول، أم أن وقوع الطلاق الأول والثاني لم يزل باقياً؟ فلو فرض أن علياً -الزوج الثاني- طلقها تطليقة واحدة حتى انتهت عدتها جاز لها أن ترجع إلى زوجها الأول؛ لأنها لم تحرم عليه وقد تزوجت.

لكن رجوعها إلى الزوج الأول هل يبقي عليها طلقة أم يهدم زواجها بالثاني جميع آثار الطلاق الأول؟ وللتوضيح أكثر: نضرب مثالاً: الآن تزوجت إبراهيم فطلقها إبراهيم تطليقتين حتى مضت ثلاثة قروء، الآن كم يبقى لها من زوجها الأول؟ طلقة واحدة، لكنها تزوجت زوجاً ثانياً، الزوج الثاني طلقها تطليقة واحدة حتى انتهت عدتها، فيجوز لها أن ترجع إلى الزوج الأول؛ لكن رجوعها إلى الزوج الأول هل جميع آثار الطلاق الأول الذي هو الطلقتين يهدمها زواجها بالثاني؟ أم لا يهدم الزواج بالثاني آثار الطلاق، بمعنى أنها لو رجعت إلى الأول يبقى لها طلقة واحدة؟

جماهير أهل العلم وجماهير السلف يرون أن الزواج الثاني لا يهدم آثار الزوج وآثار الطلاق الأول، وهذا قول عامة أهل العلم، وهو قول ابن عباس وروي عن علي بن أبي طالب .

والقول الثاني في المسألة: وقد روي عن ابن عباس وهو قول لـأبي حنيفة و أبي يوسف خلافاً لـمحمد بن الحسن قالوا: بأن الزوج الثاني يهدم آثار طلاق الزوج الأول، ويفتي به الآن بعض طلاب العلم، والواقع أن هذا القول ليس بجيد، وليس له حظ من الأثر ولا ما يسنده من اللغة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: ( أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا، حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته )، لو كانت المسألة مسألة هدم لكان عليه الصلاة والسلام لم يمانع من رجوعها إلى زوجها الأول، يعني: أنه حينما علق رجوعها إلى الزوج الأول الذي طلقها آخر ثلاث تطليقات بزواجها من الثاني، دل على أن زواجها من الثاني قبل انتهاء الطلقات الثلاث دليل على أنها باقيات في الحكم، ولم يستثن منها إلا ثلاث تطليقات، هذا الذي يظهر، والله أعلم.

و أبو حنيفة يقول: لما جاز لها أن ترجع إلى زوجها الأول بعد وطء الثاني إذا طلقها ثلاث تطليقات وتبدأ بعقد جديد، دل على أن الزواج الثاني يهدم الطلاق، والواقع أنه لا يهدم الطلاق إلا بعد وقوع الثلاث، وأما قبل ذلك فلا، والله أعلم.

الشيخ: ما زال المؤلف يتحدث عن بعض حروف الجر التي لها معان كثيرة في لغة العرب، وقد اختلف علماء الأصول فيها، ومن ذلك (حتى)، فـ(حتى) المعروفة تكون بمعنى الغاية، فقوله تعالى: حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230]، اختلف الفقهاء في معنى هذه الآية، فعلى المعنى الأول وهو قول أكثر الفقهاء أن معنى حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230]، معناها: إلى غاية انتهاء التحريم الثابت بطلاق الزوج الأول عند وطء الثاني، وعلى هذا قالوا: فيعود الحل الذي كان قبل الطلاق بعقد جديد.

بمعنى: أن الزوج الثاني لا يبيح للزوج الأول أن يعود إلا بانتهاء غايته، وانتهاء غايته لا يتحقق إلا بعقد جديد، ويحصل معه المتعة.

وأبو حنيفة رحمه الله قال: إن (حتى) تأتي بمعنى الرفع، كقوله تعالى: حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء:43] يعني: حتى ترفعوا عنكم الجنابة، فكأن معنى: حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230] قال: حتى يرفع الزوج الثاني آثار النكاح الأول.

إذاً ما الفرق بين الأمرين؟

الفرق أن أبا حنيفة يرى أن وجود الزوج الثاني يرفع آثار العقد الأول.

أما القول الثاني فإنه يقول: لا، إن الزوج الثاني يبيح للزوجة أن ترجع للزوج الأول دون علاقة بآثار النكاح الأول، بمعنى: أن الرجل لو طلق امرأته ثلاثاً مثلاً فإنها لا تباح للزوج الذي طلقها حتى تنكح زوجاً غيره، ولهذا قال العلماء: إن كلمة النكاح كلها تطلق في القرآن والسنة بمعنى العقد إلا في هذه الآية فإنها تطلق بمعنى الوطء.

قال الجمهور: إن معنى حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230]، حتى ينتهي التحريم الثابت بالرجوع إلى الزوج الأول، أو بطلاق الزوج الأول عند وطء الثاني.

أبو حنيفة يقول: لا، الحكم أن الزوج الثاني يرفع جميع آثار الزوج الأول.