عمدة الفقه - كتاب الحدود [6]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، اللهم زدنا علماً وعملاً وهدى وتقوى يا رب العالمين، وبعد:

فقد قال المؤلف رحمه الله: [ باب حد السرقة: ومن سرق ربع دينار من العين أو ثلاثة دراهم من الورق أو ما يساوي أحدهما من سائر المال فأخرجه من الحرز قطعت يده اليمنى من مفصل الكف وحسمت، فإن عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب وحسمت، فإن عاد حبس ولا يقطع غير يد ورجل.

ولا تثبت السرقة إلا بشهادة عدلين أو اعتراف مرتين، ولا يقطع حتى يطالب المسروق منه بماله، وإن وهبها للسارق أو باعه إياها قبل ذلك سقط القطع، وإن كان بعده لم يسقط.

وإن نقصت عن النصاب بعد الإخراج لم يسقط القطع، وإن كان قبله لم يجب، وإذا قطع فعليه رد المسروق إن كان باقياً أو قيمته إن كان تالفاً ].

تعريف السرقة وضابطها

قول المؤلف رحمه الله: (باب حد السرقة)، السرقة: هي أخذ المال على وجه الخفية والاستتار من مالكه أو نائبه، وإن شئت قل: أخذ مال محترم على وجه الخفية والاستتار من مالكه أو نائبه بشرطه، يعني: بالشروط الواجب توفرها، وقولنا: أخذ مال يُخرج بذلك غير المال، فلو أن رجلاً خطف حراً بأن دخل بيت حر وأخذه، فهذا ليس بسرقة، وقولنا: على وجه الخفية والاستتار يُخرج بذلك المنتهب والمختلس، فالمنتهب: هو الذي يأخذ المال جهرة من الناس معتمداً على قوته، والمختلس: هو الذي يأخذ الشيء خفية من غير حرزه على وجه السرعة والغفلة، يعني: تكون يده خفيفة فيختلس الشيء والناس لا يدرون، كأن يدخل محل الطيب وفيه عطور معروضة ولسرعة يده أخذ هذه الجرة التي تساوي سبعمائة ريال مثلاً ووضعها في جيبه، فهذه ليست سرقة، بل نقول: إنه اختلاس، والمنتهب والمختلس ليس عليهما قطع في قول عامة الفقهاء، وقد جاء الحديث -وإن كان في سنده ضعف- عند أهل السنن: ( ليس على المنتهب ولا على المختلس ولا على الخائن قطع ).

شروط تطبيق حد السرقة

المؤلف رحمه الله لم يذكر شروط السرقة إنما ذكرها على سبيل الإجمال، ونقول: إن شروط السرقة ستة:

الشرط الأول: أن يكون الشيء مسروقاً، وعلى هذا فالمختلس والمنتهب ليس بسارق، والسرقة: هو أخذ مال على وجه الخفية والاستتار.

الشرط الثاني: أن يكون المسروق نصاباً، وهذا ما أشار إليه المؤلف بقوله: ( ومن سرق ربع دينار من العين أو ثلاثة دراهم من الورق )، والعين هو الذهب، ويُطلق العين على الذهب والورق، وإطلاقه على الذهب تغليباً، قال: (أو ما يساوي أحدهما من سائر المال)، يعني: من العروض مثل ما لو سرق مِجن -آلة من آلات الحرب التي يتقي بها المحارب- فإذا بلغ قيمة المجن ثلاثة دراهم أو ربع دينار فإنه تُقطع يده، ولو سرق مشلحاً من المشالح الغالية من حرزه فإنه إذا كان قيمته أكثر من ربع دينار أو ربع دينار فإنه تقطع يده، فالنصاب في السرقة ربع دينار، واستدلوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين من حديث عائشة : ( لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً )، وروى ابن عمر رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في رجل سرق مجناً ثمنه ثلاثة دراهم )، والدرهم من الفضة، والدينار من الذهب.

وقال بعضهم وهو القول الثاني: إن النصاب لا حد له، بدليل ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده، ويسرق البيضة فتقطع يده )، قالوا: والحبل والبيضة بأقل من ربع دينار، فهذا يدل على أن السارق تقطع يده في القليل والكثير، والراجح هو القول الأول لما جاء في حديث عائشة وحديث ابن عمر السابق، ولما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الطويل: ( أن رجلاً من مُزينة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الثمار، يعني: عن سرقة الثمار، فقال: من أخذ بفيه ولم يتخذ خُبنة )، الخُبنة: ما تحمله في حضنك مثل الجيب المُخباة، قال: ( من أخذ بفيه ولم يتخذ خُبنة فلا شيء عليه )، يعني: دخلت مزرعة أناس فبدأت تأكل فلا شيء عليك، ( ومن احتمل فعليه ثمنه مرتين )، يعني: من أخذ فعليه ثمنه مرتين عقوبة وغرامة، ( وضرب ونِكال )، يعني: يُجلد تعزيراً، قال: ( ومن أخذ من الجرين ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن )، الجرين يسمونه البيدر الذي يداس فيه الطعام، فالتمر يوضع في مكان حتى يُرص، كان في السابق يوضع في البيدر الجرين ويوضع عليه خشبة ويقوم الرجل يطأ هذا الجرين، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا بلغ الجرين هذا حرزه، العوام يسمونه الجرة أو الجصة أو غير ذلك، والآن هي المخازن التي يُخزن فيها التمر، فقوله: ( فبلغ ما يؤخذ ثمن المجن ) دليل على أن العبرة بمقدار النصاب.

وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده، ويسرق البيضة فتقطع يده )، فله معان:

المعنى الأولى: قالوا: معناه إن الحبل هنا حبل السفينة، وحبل السفينة عريض فهو يساوي أكثر من ثمن المجن، وأما البيضة فليست البيضة هي البيضة التي تُخرج من الدجاجة، ولكن البيضة هنا السلاح فالسلاح يُسمى البيضة، والبيضة مجموعة الأسلحة أكثر من ثمن المجن، هذا المعنى الأول لتفسير هذا الحديث.

المعنى الثاني: قالوا: ويتوجه حمل الحديث على أن من سرق الحبل الصغير أو البيضة الصغيرة فإن مآله إلى أن يعتاد السرقة فربما سرق الكبير فتقطع يده، وأياً كان المعنيين فكلاهما قويان، والله أعلم.

الشرط الثالث: أن يكون المسروق مالاً محترماً أو مالاً معصوماً، فخرج بذلك ما ليس بمال، فالحر ليس بمال سواء كان صغيراً أو كبيراً، فالذين يسرقون الأولاد الصغار أو يخطفونهم من بيوتهم في الليل هذا لا يسمى سرقة وإن كان يسمى نوعاً من الحرابة والغيلة.

وأيضاً قولنا: (معصوماً) فلو سرق مال الذمي فإنها تقطع يده، لكن لو سرق مال الحربي فلا تقطع يده، وقولنا: محترماً، فلو سرق شخص آلة لهو أو كلباً فإنه لا تقطع يده؛ لأن الكلب ليس بمال على قول الجمهور خلافاً لبعض أصحاب أبي حنيفة و مالك .

الشرط الرابع: أن يخرجه من حرزه، وهذا قول أكثر أهل العلم، وقال ابن قدامة : لا نعلم في ذلك خلافاً إلا عن الحسن و النخعي ، وحرز كل شيء على حسبه، والحرز يُعرف بالعُرف، وكل ما أتى ولم يُحدد بالشرع كالحرز فبالعُرف فحدد.

فالقبض والحرز أطلق فيه الشارع، يقول ابن تيمية رحمه الله: والمسميات منها ما يُعرف باللغة كالشمس والقمر، ومنها ما يُعرف على لسان الشارع كالصلاة والزكاة، ومنها ما لا حد له لا في اللغة ولا في الشارع فيُحد بالعرف كالحرز والقبض، وهذا كما قلنا: هو قول عامة أهل العلم، وعليه فمن سرق إبلاً من معاطنها فيُعد سارقاً، ومن سرق غنماً من مرابضها فيُعد سارقاً إذا كان في الليل، وهل إذا سرق السيارة يُعد سارقاً أم لا؟ الحقيقة إلى الآن ما في نتيجة قوية في هذا، ولكني أقول: لو أدخل الرجل السيارة في البيت ووضع فيها علامة التحذير ووضع فيها وسائل الحماية والأمان فسرقها فهذا يعتبر أخذها من حرز والله أعلم؛ لأن صفوان بن أمية لبس بُردة في المسجد وهو نائم فجاء رجل فأخذها منه، فأمسك به صفوان وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعدما علم أن هذه البُردة تساوي أكثر من ثلاثة دراهم قال: ( القطع القطع، قال صفوان : يا رسول الله! تقطعه ببردة هي له صدقة، قال: هلّا كان ذلك قبل أن يأتيني يا صفوان ! فقطع يده )، وقد روى في الصحيح من حديث ابن عمر : ( أن مخزومية كانت تأخذ العارية وتجحدها، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع يدها )، سؤال: أكانت المرأة التي تجحد العارية أو الرجل الذي أخذ البردة من صفوان أكان أخف أم أشد من الرجل الذي أدخل سيارته وأقفل عليها بابه ووضع فيها وسائل الأمان البشري، أكان هذا أشد أم أخف؟ الواقع أنه أشد فلهذا أرى أنه يُعد سرقة، لكن السيارات التي تكون في الشوارع فهذا لو قيل: إن هذا حرزها لم يكن بعيداً، ولكن الحدود تدرأ بالشبهات، لكن لو ظهر هذا الأمر وبين عقوبة ذلك وانتشر لرأيت الناس يرتدعون عن سرقة مثل هذه الأشياء.

الشرط الخامس: أن تنتفي الشبهة عن السارق، فلا قطع بسرقة مال الوالد من الولد، أو بسرقة مال الزوجة، فمثلاً: شخص عنده زوجة معها ذهب وأحياناً يحتاج شيئاً فيأخذه وهي لا تعلم، فهذا لا قطع فيه، وقد روى سعيد بن منصور عن سعيد عن عمر : أن غلام الحضرمي سرق من مال زوجته فقال عمر : هذا غلامكم أو خادمكم أخذ متاعكم، ولم يأمر بقطع يده، وعلى هذا فالزوج لا تقطع يده إذا سرق على زوجته وكذا العكس.

الشرط السادس: ثبوت السرقة، وتثبت السرقة بالإقرار أو الشهادة، فعلى هذا لا تثبت بالقرائن، فلو وجدت بصمات شخص فأنكر والمال مأخوذ، فيُطالب بالمال ولكن لا تقطع يده، لأنه لم يعترف، فالقرائن لا يقام بها الحدود، وهذا قول الجمهور إن لم يكن عامة الفقهاء.

القول الثاني: قالوا: إن القرائن إذا كانت قوية لا يعتريها شك وليس المقصود من الحد الستر فإنه يقام عليه، والقرائن القوية مثل: حمض dna، فهذا قوي لكنه إن كان في الزنا فالمقصود من الشارع الستر، ولهذا اشترط أربعة شهود، أما السرقة فليس المقصود فيها الستر بخلاف الزنا، وعلى هذا فقالوا: يقام حد السرقة بالقرائن، وقد حاول ابن القيم في الطرق الحكمية أن يقوي هذا أو أشار إليه.

قول المؤلف رحمه الله هنا في الاعتراف: (أو اعتراف مرتين) استدلوا بحديث رواه أبو داود وفي سنده ضعف: ( أن رجلاً سرق فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا أخالك سرقت؟ قال: بلى قد سرقت، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم كيف سرق، فأعاد عليه مرتين فأقر )، والأقرب والله أعلم هو قول الجمهور أنه يكفي مرة واحدة.

صفة قطع يد السارق

إذا ثبت هذا فقال المؤلف: ( قطعت يده اليمنى من مفصل الكف وحُسمت )، وهذا إجماع قال به أبو بكر و عمر ، وتقطع يده اليمنى لأنها هي التي تسرق في الغالب، وقوله هنا: (وحُسمت)، قال في الروض: (حُسمت وجوباً)، والحسم: هو أن توضع في زيت مغلي حتى تحبس العروق من نزف الدم الكثير، وقال صاحب الشرح: استحباباً، والأقرب أن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما قال: ( اقطعوه واحسموه )، أن هذا من باب الوقاية، فإذا وجدت في الطب ما هو مثل الحسم في الزيت أو أعظم فإنه يُعامل به؛ لأن الحسم ليس مقصوداً به إلا حفظ بقاء نفس السارق خوفاً من أن يؤدي القطع إلى إزهاق الروح.

عقوبة السارق إن عاد للسرقة بعد قطع يده

قول المؤلف رحمه الله: (فإن عاد قُطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب وحُسمت)، فالآن إذا سرق المرة الأولى تقطع يده اليمنى وإذا سرق مرة ثانية تقطع رجله اليسرى فأجمعوا على أن تُقطع في الأولى يده والثانية رجله، أما السرقة الثالثة والرابعة والخامسة فقد اختلف العلماء فيها، فذهب المؤلف وهو قول علي بن أبي طالب إلى أنه إذا سرق في الثالثة فإنه يُحبس ولا تقطع يده، وقال علي رضي الله عنه حينما أتي برجل سرق الثالثة: إني لأستحيي من الله ألا أدع له يداً يبطش بها ولا رجلاً يمشي عليها، وهذا الحديث أخرجه البيهقي بسند جيد.

وقال بعضهم: إذا سرق في الثالثة قُطعت يده اليسرى، وإذا سرق في الرابعة قطعت رجله اليمنى، وإذا سرق في الخامسة قتل، يقول ابن القيم رحمه الله في هذا: وأشار ابن تيمية إلى هذا القول، قال: ولأنه لا حاجة في بقائه؛ لأنه مُضر، فإذا كان في الخمر إذا شرب الرابعة أو الخامسة يقتل، فهذا أولى، أو كلمة نحو ذلك.

وأقول: إن القول الراجح: أن القطع في المرة الثالثة والرابعة راجح إلى اجتهاد الإمام، والله أعلم، فالراجح هو أن قول علي دليل على الاجتهاده وعلى قبول الاجتهاد، ولو قطع أيضاً إنما هو لاجتهاد الإمام، ويكون هذا من باب التعزير وإلا فالظاهر أن الله يقول: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38]، فإذا ثبتت سرقته فإنه يقام عليه الحد، وكما أنه لو شرب الخمر فجُلد ثم شرب الخمر فجُلد فإنه يقام عليه الحد، فكذلك يقال في السرقة إلا أن قول علي رضي الله عنه يدل على أن بعد الثانية للإمام حق في الاجتهاد، والله أعلم.

ارتباط إقامة حد السرقة بمطالبة المسروق منه بماله

قول المؤلف رحمه الله: (ولا يقطع حتى يُطالب المسروق منه بماله)، فلو لم يطالب المسروق فإنه لا تقطع يده؛ لأنه جائز أن يكون السارق قد سرق مال الغير وقد وهبه له الغير فلا يكون سرقة، ولهذا قلنا: من مال معصوم، فيكون هذا له أن يأخذه وتنتفي الشبهة، إلا أن المؤلف قال: (وإن وهبها للسارق أو باعه إياها قبل ذلك)، يعني: قبل أن يُرفع للإمام، مثال ذلك: لو أن شخصاً سرق مالاً لفلان من الناس، فرآه الجيران وقالوا: إن فلاناً سرق مالك، وشهد اثنان، فقال: لا، لم يسرق؛ لأن مالي له، وكان ذلك قبل أن يرفع إلى الإمام، فهنا لا تقطع يده، لكنه إذا رُفع إلى الإمام فإنه لا يقبل ولهذا قال المؤلف: (وإن كان بعده لم يسقط)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـصفوان : ( هلا كان ذلك قبل أن تأتيني ).

نقصان المسروق أو زيادته بعد السرقة

قول المؤلف رحمه الله: (وإن نقصت عن النصاب بعد الإخراج لم يسقط القطع، وإن كان قبله لم يجب)، يعني: سرقة السارق المال من حرزه إذا كان مالاً يُنظر: إن كان حين أخذه أقل من النصاب فلما خرج وجلس أياماً ارتفعت قيمته فإنه لا تقطع يده؛ لأنه أخذه من حرزه وهو أقل من نصاب السرقة، ولو أخذه وهو أكثر من النصاب فلما سرقه نقصت قيمته فصار أقل من النصاب فإنه تقطع يده، وصاحب الروض يقول: ولو سرق ماشية قيمتها ربع دينار وقبل أن يسرقها قتلها، القتل هنا تنقص به قيمتها، فلما قتلها أو ذبحها أخذ لحمها، فإن كان ثمنها بعد ذبحها أقل من ربع دينار فإنه لا تقطع يده، ومثله لو كان هناك بيض نعام كسرها وأخرجها وكانت أقل من ثمن المجن فإنه لا تقطع يده، وهذا فيه إشكال واحتمال أن يكون فيه تلاعب، وإلا لو قال مثلاً: أنا ما لقيت إلا واحدة فكيف يثبت صاحب البيض، لأن السارق يمكن أن يكون قد أخذ عشر بيضات، واحدة كُسرت والباقي لم تكسر.

رد المسروق أو قيمته أو مثله بعد تطبيق الحد

قول المؤلف رحمه الله: (وإذا قطع فعليه رد المسروق إن كان باقياً، أو قيمته إن كان تالفاً)، يعني: إذا سرق الإنسان فيجب عليه أن يرد ما سرقه سواء كان موجوداً أو غير موجود، فإن كان موجوداً فيجب رده، وإن كان غير موجود فإنه يجب عليه أن يرد قيمته، هذا المذهب.

القول الثاني: أن يرد مثله ولو كان غير مثلي، والمثلي أي الذي تتساوى أجزاؤه كالحبوب، والقيمي الذي لا تتساوى أجزاؤه، والراجح وهو اختيار ابن تيمية أن له أن يرد ولو كان غير مثلي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( طعام بطعام وصحفة بصحفة ).

نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

قول المؤلف رحمه الله: (باب حد السرقة)، السرقة: هي أخذ المال على وجه الخفية والاستتار من مالكه أو نائبه، وإن شئت قل: أخذ مال محترم على وجه الخفية والاستتار من مالكه أو نائبه بشرطه، يعني: بالشروط الواجب توفرها، وقولنا: أخذ مال يُخرج بذلك غير المال، فلو أن رجلاً خطف حراً بأن دخل بيت حر وأخذه، فهذا ليس بسرقة، وقولنا: على وجه الخفية والاستتار يُخرج بذلك المنتهب والمختلس، فالمنتهب: هو الذي يأخذ المال جهرة من الناس معتمداً على قوته، والمختلس: هو الذي يأخذ الشيء خفية من غير حرزه على وجه السرعة والغفلة، يعني: تكون يده خفيفة فيختلس الشيء والناس لا يدرون، كأن يدخل محل الطيب وفيه عطور معروضة ولسرعة يده أخذ هذه الجرة التي تساوي سبعمائة ريال مثلاً ووضعها في جيبه، فهذه ليست سرقة، بل نقول: إنه اختلاس، والمنتهب والمختلس ليس عليهما قطع في قول عامة الفقهاء، وقد جاء الحديث -وإن كان في سنده ضعف- عند أهل السنن: ( ليس على المنتهب ولا على المختلس ولا على الخائن قطع ).




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
عمدة الفقه - كتاب الحج [3] 2649 استماع
عمدة الفقه - كتاب البيع [1] 2531 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [1] 2447 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [17] 2394 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [4] 2312 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [16] 2166 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [5] 2163 استماع
عمدة الفقه - كتاب البيع [4] 2125 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [2] 2108 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [21] 2103 استماع