عمدة الفقه - كتاب الحدود [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، اللهم زدنا علماً وعملاً وهدى وتقوى يا رب العالمين، وبعد:

فسوف نشرح في هذه الجلسات كتاب الحدود.

وكتاب الحدود هو من الكتب التي يقل فيها الخلاف عند الفقهاء؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى قد حدها وقدرها، والعقوبات منها ما قُدرت في الشرع ومنها ما لم تُقدر، فالتي قُدرت في الشرع هي الحدود وهي ستة والسابع مما اختلف فيه الفقهاء، وهي: أي الحدود: حد السرقة، وحد الزنا، وحد الحرابة، وحد القذف، وحد السُكر، وحد الردة، والسابع: حد البُغاة، والمالكية ورواية عند الحنابلة يزيدون فيها: حد الغيلة، وإن كانت الغيلة داخلة في الحرابة عند الجمهور.

وعلى هذا فالخلاف إن وجد فهو في بعض التفصيلات التي يذكرها الفقهاء رحمهم الله، والإمام ابن قدامة رحمه الله في كتابه هذا حاول أن يختار الراجح عندهم من مجموع الروايات التي رويت عن الإمام أحمد رحمه الله، واختيارات ابن قدامة أحياناً تكون مخالفة لما هو في كتب المتأخرين مثل كتاب: زاد المستقنع؛ لأن البهوتي في الروض أو الحجاوي في الزاد قد يختار ما هو مخالف لما اختاره ابن قدامة في كتابه المقنع؛ لأنه قد يذكر في المسألة روايتين.

وابن قدامة رحمه الله ألف هذا الكتاب كما تعلمون انطلاقة للفقيه في مشوار حياته العلمية.

قال المؤلف رحمه الله: [كتاب الحدود: ولا يجب الحد إلا على مكلف عالم بالتحريم، ولا يقيمه إلا الإمام أو نائبه إلا السيد فإن له إقامته بالجلد خاصة على رقيقه القن؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها )، وليس له قطعه في السرقة، ولا قتله في الردة، ولا جلد مكاتبه ولا أمته المزوجة، وحد الرقيق في الجلد نصف حد الحر، ومن أقر بحد ثم رجع عنه سقط].

تعريف الحد في اللغة والاصطلاح

قول المؤلف رحمه الله: (كتاب الحدود)، الحدود في اللغة: جمع حد وهو المنع، وحدود الله هي محارمه، وكل لفظ في القرآن فيه حدود الله فليس المراد به العقوبات ولكن المراد به محارم الله، فيكون من باب ذكر الخاص ببعض أفراد العام، وحدود الله هي محارمه سبحانه وتعالى سواء كانت عقوبات مقدرة أو غير مقدرة كالتعزيرات.

والحدود في الاصطلاح لم يُعرفها المؤلف، وهذا فائدة أن الأئمة المتقدمين لا يهتمون بتعريفات المصطلحات، وإنما تكون تعريفاتهم كما يقول علماء المنطق والأصول: تعريفات بالرسم، التي نسميها أحياناً بالمثال، فأما تعريف على طريقة المناطقة وهو أن يكون جامعاً مانعاً فهذا قل أن تجده في كتب المتقدمين من العلماء رحمهم الله، خاصة إذا كان الباب معروفاً مشهوراً فهم ليسوا بحاجة إلى ذكر تعريفه، ولهذا أراد المؤلف رحمه الله في هذا الكتاب أن يُبين للطالب عدم اهتمامه كثيراً بالتعريفات بأكثر مما هو من مُجمل مسائله وبعض تفصيلاته.

لكن بسبب الطريقة المعتادة نقول: إن الحدود في الاصطلاح هي: عقوبة مقدرة شرعاً لحق الله تعالى في معصية لتمنع الوقوع في مثلها، وهذا التعريف فيه فائدة كما قال ابن تيمية رحمه الله قال: والحدود صادرة عن رحمة الخلق والإحسان إليهم، ولهذا ينبغي لمن يُعاقب الناس على ذنوبهم أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة بهم، كما يقصد الوالد تأديب ولده، وكما يقصد الطبيب معالجة المريض. انتهى كلامه رحمه الله.

وهذا الكلام فيه فائدة عظيمة وهي: أن الله سبحانه وتعالى حينما قدر هذه الحدود وقدر عقوباتها أراد بها تأديب الخلق لا التشفي والانتقام، معاذ ربي فهو أرحم بالخلق، وعلى هذا فيجب على نواب الخالق -كما يقول صاحب الروض- أن يرحموا الخلق في هذا الأمر، ولهذا تجدون في كتب الاعتقاد أن أهل السنة والجماعة هم أرحم الخلق بالخلق، ولهذا إذا أراد الإمام أو القاضي أن يُصدر العقوبة على صاحب المعصية فلا بد أن يستشعر النية في ذلك، هذا أولاً، ثانياً: أن يستشعر أن هذا ليس مقصوداً به الانتقام والتشفي إنما المقصود به الإحسان إليه والرحمة به، ولهذا تجدون بعض الإخوة أحياناً في بعض المنكرات إذا أراد أن يضرب صاحب المنكر يبالغ في ذلك كأنه يريد أن يتشفى لنفسه وهذا خطأ بل لا بد من استحضار النية الصالحة في مثل هذه العقوبات، سواء كانت مقدرة أم غير مقدرة كالتعزيرات التي يُجريها القاضي أو الإمام أو نائبهما مثل بعض رجال الحسبة وغير ذلك.

أدلة ثبوت الحدود

والحدود ثابتة بالشرع؛ بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة:

أما الكتاب فكل آية فيها حد السرقة أو الزنا أو ما ذكرناه فإنها تدل على إثبات الحدود.

وأما السنة فنقول: كل حديث ثبت فيه عقوبة الزنا أو القذف أو غير ذلك فإنه دليل على ثبوت الحدود.

وأما الإجماع فقد نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم على ثبوت الحدود.

قول المؤلف رحمه الله: (كتاب الحدود)، الحدود في اللغة: جمع حد وهو المنع، وحدود الله هي محارمه، وكل لفظ في القرآن فيه حدود الله فليس المراد به العقوبات ولكن المراد به محارم الله، فيكون من باب ذكر الخاص ببعض أفراد العام، وحدود الله هي محارمه سبحانه وتعالى سواء كانت عقوبات مقدرة أو غير مقدرة كالتعزيرات.

والحدود في الاصطلاح لم يُعرفها المؤلف، وهذا فائدة أن الأئمة المتقدمين لا يهتمون بتعريفات المصطلحات، وإنما تكون تعريفاتهم كما يقول علماء المنطق والأصول: تعريفات بالرسم، التي نسميها أحياناً بالمثال، فأما تعريف على طريقة المناطقة وهو أن يكون جامعاً مانعاً فهذا قل أن تجده في كتب المتقدمين من العلماء رحمهم الله، خاصة إذا كان الباب معروفاً مشهوراً فهم ليسوا بحاجة إلى ذكر تعريفه، ولهذا أراد المؤلف رحمه الله في هذا الكتاب أن يُبين للطالب عدم اهتمامه كثيراً بالتعريفات بأكثر مما هو من مُجمل مسائله وبعض تفصيلاته.

لكن بسبب الطريقة المعتادة نقول: إن الحدود في الاصطلاح هي: عقوبة مقدرة شرعاً لحق الله تعالى في معصية لتمنع الوقوع في مثلها، وهذا التعريف فيه فائدة كما قال ابن تيمية رحمه الله قال: والحدود صادرة عن رحمة الخلق والإحسان إليهم، ولهذا ينبغي لمن يُعاقب الناس على ذنوبهم أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة بهم، كما يقصد الوالد تأديب ولده، وكما يقصد الطبيب معالجة المريض. انتهى كلامه رحمه الله.

وهذا الكلام فيه فائدة عظيمة وهي: أن الله سبحانه وتعالى حينما قدر هذه الحدود وقدر عقوباتها أراد بها تأديب الخلق لا التشفي والانتقام، معاذ ربي فهو أرحم بالخلق، وعلى هذا فيجب على نواب الخالق -كما يقول صاحب الروض- أن يرحموا الخلق في هذا الأمر، ولهذا تجدون في كتب الاعتقاد أن أهل السنة والجماعة هم أرحم الخلق بالخلق، ولهذا إذا أراد الإمام أو القاضي أن يُصدر العقوبة على صاحب المعصية فلا بد أن يستشعر النية في ذلك، هذا أولاً، ثانياً: أن يستشعر أن هذا ليس مقصوداً به الانتقام والتشفي إنما المقصود به الإحسان إليه والرحمة به، ولهذا تجدون بعض الإخوة أحياناً في بعض المنكرات إذا أراد أن يضرب صاحب المنكر يبالغ في ذلك كأنه يريد أن يتشفى لنفسه وهذا خطأ بل لا بد من استحضار النية الصالحة في مثل هذه العقوبات، سواء كانت مقدرة أم غير مقدرة كالتعزيرات التي يُجريها القاضي أو الإمام أو نائبهما مثل بعض رجال الحسبة وغير ذلك.

والحدود ثابتة بالشرع؛ بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة:

أما الكتاب فكل آية فيها حد السرقة أو الزنا أو ما ذكرناه فإنها تدل على إثبات الحدود.

وأما السنة فنقول: كل حديث ثبت فيه عقوبة الزنا أو القذف أو غير ذلك فإنه دليل على ثبوت الحدود.

وأما الإجماع فقد نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم على ثبوت الحدود.