عمدة الفقه - كتاب النكاح [2]


الحلقة مفرغة

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها المشاهدون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وأهلاً ومرحباً بكم إلى هذا الدرس ضمن دروس الأكاديمية الإسلامية التي تأتيكم على قناة المجد العلمية, حيث يسرنا وبترحاب بالغ أن نرحب بصاحب الفضيلة الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي , وكيل المعهد العالي للقضاء لشئون الدورات والتدريب بالمملكة العربية السعودية, أهلاً ومرحباً بكم شيخ عبد الله !

الشيخ: حياكم الله، ومرحباً بالإخوة المستمعين والمستمعات!

المقدم: ترحيبنا موصول بكم أيها الأحبة وبالإخوة الحضور معنا في هذا الدرس المبارك, ونسعد كثيراً بتواصلكم معنا من خلال إجاباتكم على الأسئلة التي سيطرحها الشيخ عبد الله في نهاية كل حلقة, وكذلك من خلال تلقينا لأسئلتكم التي تبعثون بها عبر البريد الإلكتروني على موقع الأكاديمية, وكذلك عبر اتصالاتكم الهاتفية على أرقام الهواتف التي تظهر أمامكم تباعاً على الشاشة, نرحب بكم مرة أخرى شيخ عبد الله .

الشيخ: حياكم الله!

المقدم: وكنتم قد طرحتم في الدرس الماضي سؤالاً, وطلبتم من الإخوة المشاهدين الإجابة عليه, وقد تلقى بريد البرنامج مجموعة كبيرة من الإجابات, دعنا نستأذنكم في استعراضها.

المسائل التي يرخص فيها للخاطب على خطبة أخيه

الشيخ: تفضل.

المقدم: كان السؤال في الحلقة الماضية عن المسائل التي يرخص فيها للخاطب على خطبة أخيه المسلم, فكان من الإجابات إجابة الأخت خديجة من المغرب تقول فيها:

أولاً: أن يأذن الخاطب الأول.

ثانياً: أن يترك الخاطب الأول، يقول: كنت قد خطبت بنت فلان والآن تركتها.

ثالثاً: ألا يسكن إليها، بمعنى أنهم ما زالوا في التفاوض, ولم يقبلوا به, فلا بأس للخاطب الثاني أن يخطب.

ثم ذكرت تعليقاً تقول: عند الشافعية وابن تيمية رحمه الله قول آخر: بأنه لا يجوز للإنسان أن يخطب بعد وجود الخطبة من الخاطب الأول, وفصلت في هذا الأمر!

ورابعاً: أن يجهل الخاطب الثاني الحال, فإن جهل الحال فلا حرج أن يخطب.

الشيخ: جميل.

المقدم: هذه إجابة الأخت خديجة من المغرب, وهناك إجابة أيضاً من الأخت أم إبراهيم من السعودية قريبة من هذه الإجابة, ونستعرض الإخوة الذين شاركونا, ونشكرهم على هذا التواصل، وهم:

الأخ عبد الرحيم المغراوي من المغرب أيضاً بعث بإجابة, نبيل إبراهيم السيد حجازي من السعودية, الأخت حفيدة الصحابة أيضاً من السعودية, ذكرت هذه الحالات الأربع, طلحة من السعودية, بو العراس عبد الرفيق من الجزائر.

وأيضاً الأخت فوزية من الكويت, و طالب العلم الشرعي من المغرب, و السعدية أم عبد الرحمن من المغرب أيضاً.

وأيضاً إجابات الأخت رياحين من مصر, ذكرت نفس التفصيل, والأخت مريم من السعودية, والمفكرة من السعودية, وغيرها من الإجابات كثيرة ولله الحمد.

الشيخ: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقهم لما يحب ويرضاه, وأن يجعلهم من طلبة العلم الذين يوفقهم الله سبحانه وتعالى في دينهم ودنياهم.

المقدم: آمين بإذن الله تعالى.

الشيخ: تفضل.

المقدم: كان السؤال في الحلقة الماضية عن المسائل التي يرخص فيها للخاطب على خطبة أخيه المسلم, فكان من الإجابات إجابة الأخت خديجة من المغرب تقول فيها:

أولاً: أن يأذن الخاطب الأول.

ثانياً: أن يترك الخاطب الأول، يقول: كنت قد خطبت بنت فلان والآن تركتها.

ثالثاً: ألا يسكن إليها، بمعنى أنهم ما زالوا في التفاوض, ولم يقبلوا به, فلا بأس للخاطب الثاني أن يخطب.

ثم ذكرت تعليقاً تقول: عند الشافعية وابن تيمية رحمه الله قول آخر: بأنه لا يجوز للإنسان أن يخطب بعد وجود الخطبة من الخاطب الأول, وفصلت في هذا الأمر!

ورابعاً: أن يجهل الخاطب الثاني الحال, فإن جهل الحال فلا حرج أن يخطب.

الشيخ: جميل.

المقدم: هذه إجابة الأخت خديجة من المغرب, وهناك إجابة أيضاً من الأخت أم إبراهيم من السعودية قريبة من هذه الإجابة, ونستعرض الإخوة الذين شاركونا, ونشكرهم على هذا التواصل، وهم:

الأخ عبد الرحيم المغراوي من المغرب أيضاً بعث بإجابة, نبيل إبراهيم السيد حجازي من السعودية, الأخت حفيدة الصحابة أيضاً من السعودية, ذكرت هذه الحالات الأربع, طلحة من السعودية, بو العراس عبد الرفيق من الجزائر.

وأيضاً الأخت فوزية من الكويت, و طالب العلم الشرعي من المغرب, و السعدية أم عبد الرحمن من المغرب أيضاً.

وأيضاً إجابات الأخت رياحين من مصر, ذكرت نفس التفصيل, والأخت مريم من السعودية, والمفكرة من السعودية, وغيرها من الإجابات كثيرة ولله الحمد.

الشيخ: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقهم لما يحب ويرضاه, وأن يجعلهم من طلبة العلم الذين يوفقهم الله سبحانه وتعالى في دينهم ودنياهم.

المقدم: آمين بإذن الله تعالى.

حكم تكرار نظر الخاطب إلى المخطوبة

الشيخ: بداية أرحب بالإخوة الحضور, وبالإخوة المستمعين والمستمعات, وبقي بعض المسائل في موضوع الخطبة, لم يسعفنا الوقت لتدارك شرحها.

المسألة الأولى: حكم التكرار في نظر الخاطب لمخطوبته, يعني يأتي الخاطب إلى المخطوبة وربما يعتريه بعض الحياء, فينظر إليها لكن ليس نظر تأمل وتدقيق, فهل له أن ينظر مرة ثانية؟ أي: لو أنه نظر وخرجت المرأة فهل له أن يطلب مرة ثانية أن ينظر إليها؟

نقول: نعم, لا بأس أن ينظر مرة, ومرتين، وثلاثاً حتى يسكن إليها, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ), كما جاء عند أهل السنن من حديث المغيرة بن شعبة .

والثاني: ألا يكون قصده التطفل والحرج, هذان شرطان للتكرار في النظر.

حكم الحديث مع المخطوبة عند وجود محرم لها

الشيخ: مسألة أخرى: هل للخاطب أن يتحدث مع مخطوبته مع وجود محرمها؟

فأحياناً الخاطب يطلب الحديث مع المخطوبة مع وجود المحرم, أولاً: لكي يعرف هل فيها عي أم ليس فيها عي؟ وهذا لا بأس به أيضاً؛ لأنه ربما يمنعه عيها من الارتياح والمودة التي تكون في القلب, فلا حرج أن يتحدث الخاطب مع مخطوبته مع وجود محرمها, فمثلاً يسألها: تدرسين في أي مكان؟ ما هوايتك؟ بحيث يعرف ما هي طريقة حديثها.

الشيخ: بداية أرحب بالإخوة الحضور, وبالإخوة المستمعين والمستمعات, وبقي بعض المسائل في موضوع الخطبة, لم يسعفنا الوقت لتدارك شرحها.

المسألة الأولى: حكم التكرار في نظر الخاطب لمخطوبته, يعني يأتي الخاطب إلى المخطوبة وربما يعتريه بعض الحياء, فينظر إليها لكن ليس نظر تأمل وتدقيق, فهل له أن ينظر مرة ثانية؟ أي: لو أنه نظر وخرجت المرأة فهل له أن يطلب مرة ثانية أن ينظر إليها؟

نقول: نعم, لا بأس أن ينظر مرة, ومرتين، وثلاثاً حتى يسكن إليها, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ), كما جاء عند أهل السنن من حديث المغيرة بن شعبة .

والثاني: ألا يكون قصده التطفل والحرج, هذان شرطان للتكرار في النظر.

الشيخ: مسألة أخرى: هل للخاطب أن يتحدث مع مخطوبته مع وجود محرمها؟

فأحياناً الخاطب يطلب الحديث مع المخطوبة مع وجود المحرم, أولاً: لكي يعرف هل فيها عي أم ليس فيها عي؟ وهذا لا بأس به أيضاً؛ لأنه ربما يمنعه عيها من الارتياح والمودة التي تكون في القلب, فلا حرج أن يتحدث الخاطب مع مخطوبته مع وجود محرمها, فمثلاً يسألها: تدرسين في أي مكان؟ ما هوايتك؟ بحيث يعرف ما هي طريقة حديثها.

الخُطبة -بالضم- قبل العقد

الشيخ: ندخل في المسألة: وهي قول المؤلف: (ويستحب أن يخطب قبل العقد), وقد قرأت يا شيخ ياسر هذا الباب كاملاً إلى باب ولاية النكاح, فلعلنا نشرح من غير قراءة؛ لأننا قرأنا بالأمس.

المقدم: تفضل يا شيخ!

الشيخ: المؤلف يقول: (ويستحب أن يخطب قبل العقد بخطبة ابن مسعود ).

ابن مسعود رضي الله عنه روى أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم الخطبة في التشهد، وعلمهم الخطبة عند الحاجة، وقال: ( إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ), ثم قرأ الثلاث الآيات المذكورة في المتن.

وبالمناسبة نلاحظ أن كثيراً من الخطباء والمتحدثين والأدباء, يزيدون في هذا الحديث قول: (ونستهديه), وهذه الزيادة لم تكن موجودة في الروايات, والبقاء على النص مطلب, ولا حرج في زيادتها, لكنها ليست من عند النبي صلى الله عليه وسلم.

المؤلف يقول: إنه يستحب أن يخطب بهذا قبل العقد, وهذا قول عامة أهل العلم، أنه يستحب للإنسان إذا أراد أن يعقد بين الزوج وزوجته أن يقول مأذون الأنكحة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه.. الحديث, فهو من المستحبات, وهذا كما قلنا قول عامة أهل العلم, خلافاً لـداود الذي قال بالوجوب.

إيقاع العقد مساء يوم الجمعة

الشيخ: ومن المستحبات التي ذكرها بعض أهل العلم: أن يعقد مساء يوم الجمعة, وقد فعله بعض الصحابة كـضمرة وغيره, وقالوا: لأن مساء يوم الجمعة فيه دعوة مستجابة, كما جاء عند أهل السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم قائم يصلي إلا استجيب له ).

فقالوا: يستحب أن يعقد بعد صلاة العصر مساء يوم الجمعة, كي يوافق هذه الدعوة, ولكننا نقول: ما الدليل على ذلك؟ إذا فعل الصحابة أو بعض الصحابة أمراً فهو دليل على الجواز, أما الاستحباب فلا بد له من دليل, وقد جاء في بعض الروايات من حديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من صلى يوم الجمعة وصام يومه, وعاد مريضاً وشهد نكاحاً وجبت له الجنة ), ولكن هذا الحديث لم يسعفنا؛ لأنه ضعيف بمرة, فيه محمد بن حفص الوصابي وهو ضعيف كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم.

وعلى هذا فنقول: إن تخصيص يوم الجمعة جائز، ولكنه ليس بمستحب, ولم نقل: (بدعة) لأنه كما يقول أبو العباس بن تيمية : كل فعل فعله الصحابة رضي الله عنهم فلا يوصف بالبدعية.

إعلان النكاح

الشيخ: المؤلف يقول: (ويستحب إعلان النكاح والضرب عليه بالدف للنساء), في هذا الكلام مسائل:

المسألة الأولى: استحباب إعلان النكاح, وهذا قول عامة أهل العلم, أنه يستحب إعلان النكاح, ومعنى إعلان النكاح هو إظهاره وإشهاره, إما بالأفراح, وإما بالذكر والإعلان بأن يقال: فلان بن فلان تزوج فلانة بنت فلان, أو يذكر في فرح ويدعى الناس, ويجتمعون, فهذا نوع من الإعلان.

وهذا قول عامة أهل العلم أنه يستحب الإعلان, بل قال الزهري : كل نكاح ليس فيه إعلان, وطلب من الشهود أن يكتموه، فإنه نكاح سر لا يصح, من شدة أهمية الفرق بين النكاح والسفاح.

ولكننا نقول: إذا توفرت الشروط فإنه يجوز ولكنه يكره, وقد قال أبو العباس بن تيمية رحمه الله: إن الإعلان أولى من الإشهاد, فلو وجد إعلان للنكاح من غير إشهاد لصح, أما لو وجد إشهاد من غير إعلان, يعني يأتي شهود فيشهدون ويكتمون هذا النكاح, يقول ابن تيمية : فهذا ينظر فيه, وأما إذا لم يوجد إشهاد ولا إعلان, فهذا باطل عند عامة أهل العلم, فهذا يدل على أهمية الإعلان.

ودليل هذا ما رواه أهل السنن من حديث عائشة رضي الله عنها, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أعلنوا هذا النكاح، واضربوا عليه بالغربال ), وهذا الحديث في سنده خالد بن إياس وهو ضعيف كما أشار إلى ذلك البيهقي رحمه الله.

وأحسن منه ما رواه يحيى بن أبي سليم عن محمد بن حاطب , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والضرب بالدف ), وهذا الحديث إسناده جيد.

وعلى هذا فنقول: إن الإعلان والصوت -والصوت المراد به الإعلان, بأن يتحدث الناس بأن هذا زواج فلان بن فلان- مستحب.

الضرب بالدف في النكاح

الشيخ: المؤلف قال: (والضرب عليه), يعني أشار إلى أنه يستحب الضرب بالدف, وهذا مذهب الحنابلة أن الضرب بالدف مستحب, واستدلوا على ذلك بحديث عائشة : ( أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالغربال ), وقلنا: إن الحديث ضعيف.

وذهب الشافعية إلى أن الإعلان إذا وجد فإن الضرب بالدف مباح, وهو مباح بقول عامة أهل العلم, لكن النظر في الاستحباب, قال الشافعية: هو مباح وليس بمستحب؛ لأن الأصل في الدف المنع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم عليه بأنه مزمار أو أقر أبا بكر بقوله: (أمزمار من مزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: دعهما فإنه يوم عيد), قالوا: فإذا رخص من حظر, دل على أنه ليس بسنة ولكنه مباح, وهذا القول قوي.

وعلى هذا فنقول: يباح الضرب بالدف في النكاح, وقد قال أبو مسعود , وفي رواية ابن مسعود كما ذكر ذلك ابن أبي شيبة في المصنف: أن أحد التابعين رأى أبا مسعود -وفي رواية ابن مسعود- في نكاح، وإذا بين يديه الجواري الإماء يضربون بالدف, فقال: أنتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: إنه رخص في الأعراس, والرخصة دليل على الجواز.

الشيخ: ندخل في المسألة: وهي قول المؤلف: (ويستحب أن يخطب قبل العقد), وقد قرأت يا شيخ ياسر هذا الباب كاملاً إلى باب ولاية النكاح, فلعلنا نشرح من غير قراءة؛ لأننا قرأنا بالأمس.

المقدم: تفضل يا شيخ!

الشيخ: المؤلف يقول: (ويستحب أن يخطب قبل العقد بخطبة ابن مسعود ).

ابن مسعود رضي الله عنه روى أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم الخطبة في التشهد، وعلمهم الخطبة عند الحاجة، وقال: ( إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ), ثم قرأ الثلاث الآيات المذكورة في المتن.

وبالمناسبة نلاحظ أن كثيراً من الخطباء والمتحدثين والأدباء, يزيدون في هذا الحديث قول: (ونستهديه), وهذه الزيادة لم تكن موجودة في الروايات, والبقاء على النص مطلب, ولا حرج في زيادتها, لكنها ليست من عند النبي صلى الله عليه وسلم.

المؤلف يقول: إنه يستحب أن يخطب بهذا قبل العقد, وهذا قول عامة أهل العلم، أنه يستحب للإنسان إذا أراد أن يعقد بين الزوج وزوجته أن يقول مأذون الأنكحة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه.. الحديث, فهو من المستحبات, وهذا كما قلنا قول عامة أهل العلم, خلافاً لـداود الذي قال بالوجوب.

الشيخ: ومن المستحبات التي ذكرها بعض أهل العلم: أن يعقد مساء يوم الجمعة, وقد فعله بعض الصحابة كـضمرة وغيره, وقالوا: لأن مساء يوم الجمعة فيه دعوة مستجابة, كما جاء عند أهل السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم قائم يصلي إلا استجيب له ).

فقالوا: يستحب أن يعقد بعد صلاة العصر مساء يوم الجمعة, كي يوافق هذه الدعوة, ولكننا نقول: ما الدليل على ذلك؟ إذا فعل الصحابة أو بعض الصحابة أمراً فهو دليل على الجواز, أما الاستحباب فلا بد له من دليل, وقد جاء في بعض الروايات من حديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من صلى يوم الجمعة وصام يومه, وعاد مريضاً وشهد نكاحاً وجبت له الجنة ), ولكن هذا الحديث لم يسعفنا؛ لأنه ضعيف بمرة, فيه محمد بن حفص الوصابي وهو ضعيف كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم.

وعلى هذا فنقول: إن تخصيص يوم الجمعة جائز، ولكنه ليس بمستحب, ولم نقل: (بدعة) لأنه كما يقول أبو العباس بن تيمية : كل فعل فعله الصحابة رضي الله عنهم فلا يوصف بالبدعية.

الشيخ: المؤلف يقول: (ويستحب إعلان النكاح والضرب عليه بالدف للنساء), في هذا الكلام مسائل:

المسألة الأولى: استحباب إعلان النكاح, وهذا قول عامة أهل العلم, أنه يستحب إعلان النكاح, ومعنى إعلان النكاح هو إظهاره وإشهاره, إما بالأفراح, وإما بالذكر والإعلان بأن يقال: فلان بن فلان تزوج فلانة بنت فلان, أو يذكر في فرح ويدعى الناس, ويجتمعون, فهذا نوع من الإعلان.

وهذا قول عامة أهل العلم أنه يستحب الإعلان, بل قال الزهري : كل نكاح ليس فيه إعلان, وطلب من الشهود أن يكتموه، فإنه نكاح سر لا يصح, من شدة أهمية الفرق بين النكاح والسفاح.

ولكننا نقول: إذا توفرت الشروط فإنه يجوز ولكنه يكره, وقد قال أبو العباس بن تيمية رحمه الله: إن الإعلان أولى من الإشهاد, فلو وجد إعلان للنكاح من غير إشهاد لصح, أما لو وجد إشهاد من غير إعلان, يعني يأتي شهود فيشهدون ويكتمون هذا النكاح, يقول ابن تيمية : فهذا ينظر فيه, وأما إذا لم يوجد إشهاد ولا إعلان, فهذا باطل عند عامة أهل العلم, فهذا يدل على أهمية الإعلان.

ودليل هذا ما رواه أهل السنن من حديث عائشة رضي الله عنها, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أعلنوا هذا النكاح، واضربوا عليه بالغربال ), وهذا الحديث في سنده خالد بن إياس وهو ضعيف كما أشار إلى ذلك البيهقي رحمه الله.

وأحسن منه ما رواه يحيى بن أبي سليم عن محمد بن حاطب , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والضرب بالدف ), وهذا الحديث إسناده جيد.

وعلى هذا فنقول: إن الإعلان والصوت -والصوت المراد به الإعلان, بأن يتحدث الناس بأن هذا زواج فلان بن فلان- مستحب.

الشيخ: المؤلف قال: (والضرب عليه), يعني أشار إلى أنه يستحب الضرب بالدف, وهذا مذهب الحنابلة أن الضرب بالدف مستحب, واستدلوا على ذلك بحديث عائشة : ( أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالغربال ), وقلنا: إن الحديث ضعيف.

وذهب الشافعية إلى أن الإعلان إذا وجد فإن الضرب بالدف مباح, وهو مباح بقول عامة أهل العلم, لكن النظر في الاستحباب, قال الشافعية: هو مباح وليس بمستحب؛ لأن الأصل في الدف المنع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم عليه بأنه مزمار أو أقر أبا بكر بقوله: (أمزمار من مزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: دعهما فإنه يوم عيد), قالوا: فإذا رخص من حظر, دل على أنه ليس بسنة ولكنه مباح, وهذا القول قوي.

وعلى هذا فنقول: يباح الضرب بالدف في النكاح, وقد قال أبو مسعود , وفي رواية ابن مسعود كما ذكر ذلك ابن أبي شيبة في المصنف: أن أحد التابعين رأى أبا مسعود -وفي رواية ابن مسعود- في نكاح، وإذا بين يديه الجواري الإماء يضربون بالدف, فقال: أنتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: إنه رخص في الأعراس, والرخصة دليل على الجواز.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
عمدة الفقه - كتاب الحج [3] 2648 استماع
عمدة الفقه - كتاب البيع [1] 2531 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [1] 2446 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [17] 2392 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [4] 2311 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [16] 2164 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [5] 2163 استماع
عمدة الفقه - كتاب البيع [4] 2124 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [2] 2106 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [21] 2102 استماع