مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [4]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

وبعد:

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: التغليظ في المرور بين يدي المصلي.

حدثني بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسله إلى أبي جهيم رضي الله عنه يسأله: ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي؟ قال أبو جهيم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه ) قال أبو النضر : لا أدري قال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنة؟ ]

هذا الحديث متفق عليه.

خطورة المرور بين يدي المصلي

وفي الحديث مسائل:

منها المسألة الأولى: عظم خطورة المرور بين يدي المصلي، يعني: أنه لا بد أن يكون بين المصلي وبين القبلة سترة، وهذا يدل على أن المار قد وقع في إثم لكن هل هذه تعد كبيرة؟

المعروف عن كثير من السلف كما روي عن ابن عباس وهو قول سفيان الثوري وهو مذهب الإمام أحمد و أبي العباس بن تيمية أن كل ما ختم الله سبحانه وتعالى فيه من الوعيد بلعنة أو غضب أو نار فإن ذلك يعد كبيرة، وهذا هو مذهب الشافعية أيضاً، وعلى هذا فإنه جاء في غير رواية الصحيحين: ( ماذا عليه من الإثم ) وهذا يدل على أنها كبيرة، وبعضهم يقول: إنها ما زالت صغيرة لأنه لم يحدد ذاك الإثم، والذي يظهر والله أعلم أنه قد وقع في جرم عظيم، ولا أدل على ذلك من أنه يقاتل كما جاء في حديث أبي سعيد وغيره: ( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليمنعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ).

حالات المرور بين يدي المصلي

المسألة الثانية: أن مرور الشخص بين يدي المصلي لا يخلو من أحوال:

الحالة الأولى: إذا لم يكن بين المصلي وبين القبلة سترة فهل يمنع من المرور لأنه هو الذي لم يؤد ذلك الواجب؟ الذي يظهر أنه لا يحق للمار أن يمر قبل مسافة ثلاثة أذرع من أصل رجل المصلي؛ وذلك لأن هذه المسافة حقه، وقد استدل العلماء على ذلك بما جاء في حديث ابن عمر أنه سأل بلال بن رباح : (أخبرني عن مكان صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الكعبة؟ فقال: هنا، قال ابن عمر: فقدرت ما بين موضع قدمه إلى الجدار مسافة ثلاثة أذرع)، فقال العلماء: إن هذا حقه، وما زاد فليس للمصلي حق، والله أعلم.

الحالة الثانية: إذا وضع المصلي سترة بعد أكثر من ثلاثة أذرع، فهل يحق للمار أن يمر بين الثلاثة أذرع وبين السترة؟ الذي يظهر أن له ذلك؛ لأنه ليس للمصلي حق فيما زاد على ثلاثة أذرع.

وقال بعضهم: ليس للمصلي حق فيما زاد على موضع الجبهة؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها)، وقد كان بين مصلاه وبين القبلة ممر شاة، ومعنى مصلاه: موضع سجوده، وأنت ترى أنه إذا كان بين موضع سجوده وبين القبلة ممر شاة فإن الذي يظهر أن ما بين قدميه إلى السترة ثلاثة أذرع وهذا حق للمصلي، وما زاد فليس له حق فيه هذا أظهر والله أعلم.

الحالة الثالثة: أن المرور بين يدي المصلي ولو وضع سترة موضع النقاش فيها إذا أمكن للمار أن يجد طريقاً غير هذا، فأما إذا لم يجد طريقاً غير هذا فإنه يرفع عنه الإثم؛ لأن غاية الواجبات تسقط مع العجز وعدم الإمكان، مثل الذين يصلون في صحن الحرم، فالراجح أنه ليس لخصوصية الحرم وإنما لخصوصية الزحام، فدل ذلك على أنه متى ما وجد زحام ولو في غير الحرم لدخل في حكمه، والله أعلم.

وعلى هذا: فإن كان المصلي قد صلى في مكان يشق على المارة أن يمتنعوا من المرور وهو قادر على أن يصلي في غيره فهو آثم والمار غير آثم، فإن لم يجد مكاناً إلا ذاك جاز للمار المرور وجاز للمصلي الصلاة، والله أعلم.

وفي الحديث مسائل:

منها المسألة الأولى: عظم خطورة المرور بين يدي المصلي، يعني: أنه لا بد أن يكون بين المصلي وبين القبلة سترة، وهذا يدل على أن المار قد وقع في إثم لكن هل هذه تعد كبيرة؟

المعروف عن كثير من السلف كما روي عن ابن عباس وهو قول سفيان الثوري وهو مذهب الإمام أحمد و أبي العباس بن تيمية أن كل ما ختم الله سبحانه وتعالى فيه من الوعيد بلعنة أو غضب أو نار فإن ذلك يعد كبيرة، وهذا هو مذهب الشافعية أيضاً، وعلى هذا فإنه جاء في غير رواية الصحيحين: ( ماذا عليه من الإثم ) وهذا يدل على أنها كبيرة، وبعضهم يقول: إنها ما زالت صغيرة لأنه لم يحدد ذاك الإثم، والذي يظهر والله أعلم أنه قد وقع في جرم عظيم، ولا أدل على ذلك من أنه يقاتل كما جاء في حديث أبي سعيد وغيره: ( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليمنعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ).

المسألة الثانية: أن مرور الشخص بين يدي المصلي لا يخلو من أحوال:

الحالة الأولى: إذا لم يكن بين المصلي وبين القبلة سترة فهل يمنع من المرور لأنه هو الذي لم يؤد ذلك الواجب؟ الذي يظهر أنه لا يحق للمار أن يمر قبل مسافة ثلاثة أذرع من أصل رجل المصلي؛ وذلك لأن هذه المسافة حقه، وقد استدل العلماء على ذلك بما جاء في حديث ابن عمر أنه سأل بلال بن رباح : (أخبرني عن مكان صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الكعبة؟ فقال: هنا، قال ابن عمر: فقدرت ما بين موضع قدمه إلى الجدار مسافة ثلاثة أذرع)، فقال العلماء: إن هذا حقه، وما زاد فليس للمصلي حق، والله أعلم.

الحالة الثانية: إذا وضع المصلي سترة بعد أكثر من ثلاثة أذرع، فهل يحق للمار أن يمر بين الثلاثة أذرع وبين السترة؟ الذي يظهر أن له ذلك؛ لأنه ليس للمصلي حق فيما زاد على ثلاثة أذرع.

وقال بعضهم: ليس للمصلي حق فيما زاد على موضع الجبهة؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها)، وقد كان بين مصلاه وبين القبلة ممر شاة، ومعنى مصلاه: موضع سجوده، وأنت ترى أنه إذا كان بين موضع سجوده وبين القبلة ممر شاة فإن الذي يظهر أن ما بين قدميه إلى السترة ثلاثة أذرع وهذا حق للمصلي، وما زاد فليس له حق فيه هذا أظهر والله أعلم.

الحالة الثالثة: أن المرور بين يدي المصلي ولو وضع سترة موضع النقاش فيها إذا أمكن للمار أن يجد طريقاً غير هذا، فأما إذا لم يجد طريقاً غير هذا فإنه يرفع عنه الإثم؛ لأن غاية الواجبات تسقط مع العجز وعدم الإمكان، مثل الذين يصلون في صحن الحرم، فالراجح أنه ليس لخصوصية الحرم وإنما لخصوصية الزحام، فدل ذلك على أنه متى ما وجد زحام ولو في غير الحرم لدخل في حكمه، والله أعلم.

وعلى هذا: فإن كان المصلي قد صلى في مكان يشق على المارة أن يمتنعوا من المرور وهو قادر على أن يصلي في غيره فهو آثم والمار غير آثم، فإن لم يجد مكاناً إلا ذاك جاز للمار المرور وجاز للمصلي الصلاة، والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: منع المار بين يدي المصلي.

عن أبي صالح السمان قال: عن أبي سعيد رضي الله عنه يصلي يوم الجمعة إلى شيء يستره من الناس، إذ جاء رجل شاب من بني أبي معيط أراد أن يجتاز بين يديه فدفع في نحره، فنظر فلم يجد مساغاً إلا بين يدي أبي سعيد ، فعاد فدفع في نحره أشد من الدفعة الأولى، فمثل قائماً فنال من أبي سعيد ثم زاحم الناس فخرج، فدخل على مروان فشكر إليه ما لقي، قال: ودخل أبو سعيد على مروان ، فقال له مروان : ما لك ولابن أخيك؟ جاء يشكوك. فقال أبو سعيد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه في نحره، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان ) ].

هذا الحديث متفق عليه.

انقطاع الصلاة بالمرور أمام المصلي وما يلزم المصلي إذا مر أحد بين يديه

هذا الحديث يفيد أن الإنسان إذا صلى إلى شيء يستره من الناس فإنه يجب عليه أن يمنع من يمر بين يديه، والمنع يكون لعموم الأشخاص ذكوراً كانوا أم إناثاً، عقلاء أم غير عقلاء، بهائم أم غير بهائم، وهذا ليس معناه الخوف من قطع الصلاة وإنما الخوف من نقصان الصلاة، فإنما نقصانها يكون بالقطع على قول من قال: إن مرور المرأة البالغ والحمار والكلب الأسود يقطع الصلاة، أما سبب النقصان فهو إذا كان المار ذكراً.

وقد اختلف العلماء في قطع الصلاة بالمرور بين يدي المصلي إذا كان بين يديه سترة، وهذه المسألة حقيقة من أشكل مسائل العبادات؛ وذلك لأنه يشكل خلاف الصحابة في هذه المسألة، ومن الغرائب أن الترمذي حينما ذكر هذا الحديث أو غيره، قال: والعمل في هذا عند أكثر أهل العلم أنه يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود، فنسبه إلى جمهور أهل العلم، و الخطابي في معالم السنن حينما ذكر هذه المسألة وذكر حديث أبي سعيد : ( لا يقطع الصلاة شيء، وادرءوا ما استطعتم ) قال: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، فالمشكلة ما هو قول أكثر العلماء؛ ولهذا فالذي يظهر بمصطلح والله أعلم أن المسألة تشكل، وإن كان في الظاهر أن جمهور الصحابة على أنه لا يقطع الصلاة شيء.

المراد بمصطلح (الجمهور)

أنا دائماً إذا كان في المسألة قول للصحابة خاصة إذا اشتهر عنهم فإني لا أعول على غيره، حتى إن كانت ظاهر النصوص تقوي خلافه، فإنه بعد التأمل والتروي والتأني تجد أن هذه النصوص ضعيفة، أو لها تأويل مستساغ غير متكلف؛ وذلك لأن الله حفظ دينه بصحابة النبي صلى الله عليه وسلم حفظاً وأداءً وفهماً؛ ولهذا لا ينبغي للإنسان أن يخالف جماهير السلف، وقول جماهير السلف ليس بالمصطلح الذي عرف عند طلبة العلم اليوم، حيث ينظر في مذاهب المتأخرين من أصحاب المذاهب، فإن وافق الشافعي مالكاً ورواية عند الإمام أحمد نسب القول للجمهور، وإن وافق أبو حنيفة مالكاً ورواية عند الإمام أحمد قال: هو مذهب الجمهور، ليس هكذا يعرف قول الجمهور، بل يعرف مذهب الجمهور بالكتب المتقدمة في معرفة الخلاف، مثل كتاب اختلاف الفقهاء للإمام محمد بن نصر المروزي ، وكتاب التمهيد والاستذكار لـأبي عمر بن عبد البر ، وكتاب الإقناع والإشراف على مذاهب العلماء، والأوسط وكل الثلاثة لـابن المنذر ، وكذلك كتاب المحلى لـابن حزم ، فإن هذه الكتب تعرف أقوال السلف ومذاهب جماهير أهل العلم، وكذلك المغني لـابن قدامة أو المجموع للنووي ، وإن كان كلا الكتابين ينقلان من كتاب الاستذكار والتمهيد أو كتب ابن المنذر .

فأنا أحب دائماً لطالب العلم أن يجعل همته في الاستنباط، وسبب قول العلماء في هذه المسألة، كما قال الإمام الذهبي : لا يكاد الحق يخرج عن قول جمهور أهل العلم، لا أقول: إن ذلك حجة ولكن أقول: لا يكاد يخرج الحق عنهم؛ ولهذا ينبغي لطالب العلم أن يتروى ثم يتأنى ثم يتعظ إن كان يريد مخالفة جمهور السلف، والله أعلم.

وعلى كل فإن مسألة قطع الصلاة مشكلة، فالحنابلة الذين يرون قطع الصلاة إنما يرون قطع الصلاة فقط بالكلب الأسود البهيم، ويخرجون المرأة لحديث عائشة ، والحمار لحديث الأتان الذي مر بين يدي الناس، وإن كان له تخريج وهو أنه مر بين يدي المصلين ولم يمر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.

على كل حال جمهور أهل العلم على أن المرأة والحمار لا يقطعان الصلاة، حتى عند المذهب، فهو قول الأئمة الأربعة في المشهور عنهم، وإنما الخلاف في الكلب الأسود البهيم، والخلاف معروف؛ ولهذا أنا دائماً لا أحبذ مخالفة جماهير السلف، والله أعلم.

هذا الحديث يفيد أن الإنسان إذا صلى إلى شيء يستره من الناس فإنه يجب عليه أن يمنع من يمر بين يديه، والمنع يكون لعموم الأشخاص ذكوراً كانوا أم إناثاً، عقلاء أم غير عقلاء، بهائم أم غير بهائم، وهذا ليس معناه الخوف من قطع الصلاة وإنما الخوف من نقصان الصلاة، فإنما نقصانها يكون بالقطع على قول من قال: إن مرور المرأة البالغ والحمار والكلب الأسود يقطع الصلاة، أما سبب النقصان فهو إذا كان المار ذكراً.

وقد اختلف العلماء في قطع الصلاة بالمرور بين يدي المصلي إذا كان بين يديه سترة، وهذه المسألة حقيقة من أشكل مسائل العبادات؛ وذلك لأنه يشكل خلاف الصحابة في هذه المسألة، ومن الغرائب أن الترمذي حينما ذكر هذا الحديث أو غيره، قال: والعمل في هذا عند أكثر أهل العلم أنه يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود، فنسبه إلى جمهور أهل العلم، و الخطابي في معالم السنن حينما ذكر هذه المسألة وذكر حديث أبي سعيد : ( لا يقطع الصلاة شيء، وادرءوا ما استطعتم ) قال: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، فالمشكلة ما هو قول أكثر العلماء؛ ولهذا فالذي يظهر بمصطلح والله أعلم أن المسألة تشكل، وإن كان في الظاهر أن جمهور الصحابة على أنه لا يقطع الصلاة شيء.

أنا دائماً إذا كان في المسألة قول للصحابة خاصة إذا اشتهر عنهم فإني لا أعول على غيره، حتى إن كانت ظاهر النصوص تقوي خلافه، فإنه بعد التأمل والتروي والتأني تجد أن هذه النصوص ضعيفة، أو لها تأويل مستساغ غير متكلف؛ وذلك لأن الله حفظ دينه بصحابة النبي صلى الله عليه وسلم حفظاً وأداءً وفهماً؛ ولهذا لا ينبغي للإنسان أن يخالف جماهير السلف، وقول جماهير السلف ليس بالمصطلح الذي عرف عند طلبة العلم اليوم، حيث ينظر في مذاهب المتأخرين من أصحاب المذاهب، فإن وافق الشافعي مالكاً ورواية عند الإمام أحمد نسب القول للجمهور، وإن وافق أبو حنيفة مالكاً ورواية عند الإمام أحمد قال: هو مذهب الجمهور، ليس هكذا يعرف قول الجمهور، بل يعرف مذهب الجمهور بالكتب المتقدمة في معرفة الخلاف، مثل كتاب اختلاف الفقهاء للإمام محمد بن نصر المروزي ، وكتاب التمهيد والاستذكار لـأبي عمر بن عبد البر ، وكتاب الإقناع والإشراف على مذاهب العلماء، والأوسط وكل الثلاثة لـابن المنذر ، وكذلك كتاب المحلى لـابن حزم ، فإن هذه الكتب تعرف أقوال السلف ومذاهب جماهير أهل العلم، وكذلك المغني لـابن قدامة أو المجموع للنووي ، وإن كان كلا الكتابين ينقلان من كتاب الاستذكار والتمهيد أو كتب ابن المنذر .

فأنا أحب دائماً لطالب العلم أن يجعل همته في الاستنباط، وسبب قول العلماء في هذه المسألة، كما قال الإمام الذهبي : لا يكاد الحق يخرج عن قول جمهور أهل العلم، لا أقول: إن ذلك حجة ولكن أقول: لا يكاد يخرج الحق عنهم؛ ولهذا ينبغي لطالب العلم أن يتروى ثم يتأنى ثم يتعظ إن كان يريد مخالفة جمهور السلف، والله أعلم.

وعلى كل فإن مسألة قطع الصلاة مشكلة، فالحنابلة الذين يرون قطع الصلاة إنما يرون قطع الصلاة فقط بالكلب الأسود البهيم، ويخرجون المرأة لحديث عائشة ، والحمار لحديث الأتان الذي مر بين يدي الناس، وإن كان له تخريج وهو أنه مر بين يدي المصلين ولم يمر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.

على كل حال جمهور أهل العلم على أن المرأة والحمار لا يقطعان الصلاة، حتى عند المذهب، فهو قول الأئمة الأربعة في المشهور عنهم، وإنما الخلاف في الكلب الأسود البهيم، والخلاف معروف؛ ولهذا أنا دائماً لا أحبذ مخالفة جماهير السلف، والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: ما يستر المصلي.

عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: ( كنا نصلي والدواب تمر بين أيدينا، فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مثل مؤخرة الرحل تكون بين يدي أحدكم، ثم لا يضره ما مر بين يديه ) ].

هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه.

وهذا الحديث يفيد أن السترة إنما وضعت لأجل أن لا ينشغل الإنسان بما وراء ذلك، ولأجل أن يحترم المار قدر المصلي، وهذا يفيد أنه لا ينبغي أن يشغل المصلي بشيء، ولذلك ذهب أهل العلم إلى أن السنة عدم السلام على المصلي، وذلك كما جاء في حديث جابر الذي فيه: ( إنك سلمت آنفاً وأنا أصلي ) وهو موجه وجهه قبل المشرق، يعني: أنه ما كان لك أن تسلم، يعني: ( إن في الصلاة لشغلاً )، كما جاء في حديث ابن مسعود في الصحيح، والله أعلم.

وقوله: ( مثل مؤخرة الرحل تكون بين يدي أحدكم، ثم لا يضره ما مر بين يديه ) وهذا يفيد أن مرور المار بين يدي المصلي حتى ولو قلنا لا يقطع الصلاة فإن فيها نقصاً والله أعلم؛ لأن عدم وجود السترة وحدوث المرور ضرر، وهذا يسمى: مفهوم المخالفة أو دليل الخطاب كما هو مذهب الجمهور في الجملة خلافاً لـأبي حنيفة.

قال المؤلف رحمه الله: [ باب: الصلاة إلى حربة.

عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر فمن ثم اتخذها الأمراء)].

هذا الحديث متفق عليه.

مشروعية السترة للمصلي ولو تيقن عدم المرور من أمامه

هذا الحديث فيه مسائل:

المسألة الأولى: أنه لا بد للإنسان أن يضع بين يديه سترة، ولو غلب على ظنه أو تيقن أنه لم يمر أحد بين يديه؛ وذلك لأن وضع السترة سنة وهو قول عامة السلف والخلف، وإن كان ابن حزم أو بعض الظاهرية يرون وجوب ذلك وهو اختيار الشوكاني ، والذي يظهر والله أعلم أنه ليس بواجب؛ والصارف عن الوجوب أمور عدة هي:

الأول: أن الحكمة من وضعها معلومة، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: ( مثل مؤخرة الرحل تكون بين يدي أحدكم، ثم لا يضره ما مر بين يديه )، هي لأجل أن لا يتضرر الإنسان إذا مر أحد بين يديه.

الثاني: أن السترة خارج الصلاة، وليست هي من شرطها وماهيتها، ومثل ذلك لا ينبغي أن يوجب إلا بشيء صريح، وهذه قرائن تفيد عدم الوجوب.

الثالث: أنه إن كانت الحكمة من ذلك عدم الانشغال فإن الإنسان إذا جلس أحد بعد السترة فإنه ربما ينشغل أكثر من انشغال المار؛ ولهذا فإن الذي يظهر هو عدم الوجوب، والله أعلم.

وأما أحاديث ( صلى يوم عيد إلى غير جدار ) أو غير ذلك فهذه لا تفيد شيئاً؛ لأن هذه الرواية فيها كلام عند أهل العلم.

الصمود إلى السترة في الصلاة

المسألة الثانية: بعض العلماء يرى أن الإنسان إذا نصب شيئاً استحب له ألا يصمد إليه، بل ينحرف ذات اليمين أو ذات الشمال، وقد جاء في ذلك حديث رواه الإمام أحمد ، وقد ذكره أبو العباس بن تيمية كما في اقتضاء الصراط المستقيم، والراجح أن الحديث ضعيف، وأن للإنسان أن يصمد بين يدي السترة، وحديث ابن عمر يفيد ذلك: ( كانت السترة توضع بين يديه فيصلي، فمن ثم اتخذها الأمراء ).

وبعضهم يرى أن الحربة سنة وهذا ليس بصحيح، ولكن السنة هي وضع شيء مثل مؤخرة الرحل، وقد ذكر النووي أن مؤخرة الرحل قدرها ذراع أو ثلثي ذراع، والله أعلم.

هذا الحديث فيه مسائل:

المسألة الأولى: أنه لا بد للإنسان أن يضع بين يديه سترة، ولو غلب على ظنه أو تيقن أنه لم يمر أحد بين يديه؛ وذلك لأن وضع السترة سنة وهو قول عامة السلف والخلف، وإن كان ابن حزم أو بعض الظاهرية يرون وجوب ذلك وهو اختيار الشوكاني ، والذي يظهر والله أعلم أنه ليس بواجب؛ والصارف عن الوجوب أمور عدة هي:

الأول: أن الحكمة من وضعها معلومة، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: ( مثل مؤخرة الرحل تكون بين يدي أحدكم، ثم لا يضره ما مر بين يديه )، هي لأجل أن لا يتضرر الإنسان إذا مر أحد بين يديه.

الثاني: أن السترة خارج الصلاة، وليست هي من شرطها وماهيتها، ومثل ذلك لا ينبغي أن يوجب إلا بشيء صريح، وهذه قرائن تفيد عدم الوجوب.

الثالث: أنه إن كانت الحكمة من ذلك عدم الانشغال فإن الإنسان إذا جلس أحد بعد السترة فإنه ربما ينشغل أكثر من انشغال المار؛ ولهذا فإن الذي يظهر هو عدم الوجوب، والله أعلم.

وأما أحاديث ( صلى يوم عيد إلى غير جدار ) أو غير ذلك فهذه لا تفيد شيئاً؛ لأن هذه الرواية فيها كلام عند أهل العلم.

المسألة الثانية: بعض العلماء يرى أن الإنسان إذا نصب شيئاً استحب له ألا يصمد إليه، بل ينحرف ذات اليمين أو ذات الشمال، وقد جاء في ذلك حديث رواه الإمام أحمد ، وقد ذكره أبو العباس بن تيمية كما في اقتضاء الصراط المستقيم، والراجح أن الحديث ضعيف، وأن للإنسان أن يصمد بين يدي السترة، وحديث ابن عمر يفيد ذلك: ( كانت السترة توضع بين يديه فيصلي، فمن ثم اتخذها الأمراء ).

وبعضهم يرى أن الحربة سنة وهذا ليس بصحيح، ولكن السنة هي وضع شيء مثل مؤخرة الرحل، وقد ذكر النووي أن مؤخرة الرحل قدرها ذراع أو ثلثي ذراع، والله أعلم.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [1] 2407 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [2] 2046 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الحيض 2029 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [7] 2027 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [8] 1886 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [5] 1884 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [11] 1844 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [9] 1701 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الجنائز 1587 استماع
مختصر صحيح مسلم - كتاب الوضوء 1555 استماع